الأَباءةُ كَعَباءةٍ : القَصَبَةُ أو هو أَجَمَةُ الحَلْفاءِ والقَصَبِ خاصَّةً كذا قاله ابنُ بَرِّيٍّ أَباءٌ بالفتْحِ والمَدِّ . وقرأتُ في مُشْكِلِ القرآنِ لابن قُتَيْبَةَ في باب الاستعارةِ قولَ الهُذَلِيِّ وهو أَبو المُثَلَّمِ :
وأَكْحُلْكَ بالصَّابِ أَوْ بالجَلا ... فَفَتِّحْ لكُحْلِكَ أَوْ أَغْمِضِ
وأَسْعُطْكَ في الأَنْفِ ماءَ الأَبا ... ءِ ممَّا يُثَمَّلُ بالمِخْوَضِ قالَ : الأَباءُ : القَصَبُ وماؤُه شَرّ المياه ويقال : الأَباءُ هنا : الماءُ الَّذي يَبولُ فيه الأَرْوَى فيشرَبُ منه العَنْزُ فيمرَضُ وسيأتي في المعتل إن شاء الله تعالى هذا موضِعُ ذِكْرِهِ أي في الهمزة كما حكاه الإِمامُ أَبو الفَتْحِ ابنُ جِنِّي وارتضاه في كتابه سرِّ الصِّناعة نقلاً عن إمام اللغة سيبَوَيْهِ . وقال ابنُ بِرِّيٍّ : وربَّما ذُكِرَ هذا الحَرْفُ في المُعْتَلِّ وليس بمذهب سيبويه لا في باب المُعْتَلّ يائِيًّا أَو واوِيًّا على اختلافٍ فيه كما توهَّمه الجَوهرِيُّ الإِمامُ أَبو نصرٍ وغيرُه يعني صاحبَ العَيْنِ . وقرأتُ في كتابِ المُعْجَمِ لعُبَيْدِ الله ياقوتٍ ما نَصُّهُ : فأَمَّا أَباءةٌ فذَهَبَ أَبو بكر مُحمَّدُ بنُ السَّرِيِّ فيما حدَّثني به أَبو عليٍّ عنه إلى أنَّها من ذَواتِ الياءِ من أَبَيْتُ فأَصلُها عندَه أَبَايَةٌ ثمَّ عُمِلَ فيها ما عُمِلَ في عَبايَةٍ وصَلايَةٍ وعَظايَةٍ حتَّى صِرْنَ عَباءةً وصَلاءةً وعَضاءةً في قَوْلِ من هَمَز ومن لم يَهْمِزْ أَخرجهُنَّ على أُصولِهِنَّ وهو القياسُ القويُّ وإنَّما حَمَلَ أَبا بكرٍ على هذا الاعتقاد في أَباءةٍ أَنَّها من أَبَيْتُ وذلك أنَّ الأَباءةَ هي الأَجَمَةُ وهي القَصَبَةُ والجمْعُ بينها وبين أَبَيْتُ أَنَّ الأَجَمَةَ مُمتنِعةٌ بما يَنْبُتُ فيها من القَصَبِ وغيرِهِ من السُّلوكِ والتَّطَرُّقِ وخالَفَتْ بذلك حُكْمَ البَرَاحِ والبَرَازِ وهو النَّقِيُّ من الأَرضِ فكأَنَّها أَبَتْ وامتنَعَتْ على سالِكِها فمن هُنا حَمَلَها أَبو بكرٍ على أَبَيْتُ وسيأْتي المَزيدُ لذلك في أَشَى . وأَبَأْتُهُ بسَهْمٍ : رَمَيْتُهُ به فالهمزةُ فيه أصلِيَّةٌ بخلافِ أَثأْتُهُ كما سيأْتي