خَضَعَ للهِ عَزَّ وجَلَّ كَمَنَعَ يَخْضَعُ خُضُوعاً : ذَلَّ وتَطامَنَ وتَوَاضَع ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى : " فظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ " أَيْ مُنْقَادِينَ . وفِي إِتْيَانِ خاضِعينَ مع ذِكْرِ الأَعْنَاقِ كَلامٌ وَاسِعٌ لِلْعُلَمَاءِ كأَبِي عَمْروٍ والكِسَائِيّ والفَرّاءِ وجَعَلَهُ بَعْضُهُم بَدَلَ غَلَطٍ . والَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْه أَنَّهُ لَمّا لَمْ يَكُنِ الخُضُوعُ إِلاَّ خُضُوعَ الأَعْنَاقِ جازَ أَنْ يُخْبِرَ عن المُضَافِ إِلَيْهِ كاخْتَضَعَ قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيم :
يَظَلُّ مُخْتَضعاً يَبْدُو فَتُنْكِرُهُ ... حَالاً ويَسْطَعُ أَحْيَاناً فَيَنْتَسِبُ أَي مُطَأْطِئاً . ويَسْطَعُ : يَنْتَصِبُ . وخَضَعَ : سَكَنَ وانْقادَ وأَيْضاً سَكَّنَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ . يُقَالُ : خَضَعْتُهُ فخَضَعَ أَي سَكَّنْتُهُ فسَكَنَ فمِن الّلازِمِ قَوْلُه تَعالَى : " فَلا تَخْضَعْنَ بالقَوْلِ " أَيْ لا تَلِنَّ وقَالَ جَرِيرٌ في تَعْدِيَةِ خَضَعَ :
أَعَدَّ اللهُ لِلشُّعَرَاءِ مِنِّي ... صَوَاعِقَ يَخْضَعُونَ لَهَا الرِّقابَا وخَضَعَ فُلاناً إِلَى السُّوءِ هكَذَا في النسخِ وصَوَابُهُ إِلى السَّوْأَةِ أَيْ دَعَاهُ فهو خاضِعٌ وكذلِكَ خَنَعَ فهو خانِعٌ ومنهُ قَوُلُهُم : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْوذُ بِكَ مِن الخُنُوعِ والخُضُوعِ . ومِنَ المَجَازِ : خَضَعَ النَّجْمُ أَيْ مَالَ لِلْغُرُوبِ وفي الصّحاح : للمَغِيبِ . وكذلِكَ خَضَعَت الشَّمْسُ كما قِيلَ : ضَرَعَتْ وضَجَعَتْ والنُّجُومُ خَوَاضِعُ وضَوَارِعُ وضَوَاجعُ كما في الأَسَاسِ وقالَ ابنُ أحْمَرَ :
تَكَادُ الشمَس تخْضَعُ حين تَبْدو ... لَهُنَّ وما وُبِدْنَ ومالُحِينا وقال ذُو الرُّمَّة :
" إِذَا جَعَلَت أَيْدِي الكَوَاكِبِ تَخْضَعُ ومن المَجَازِ : خَضَعَتِ الإِبِلُ إِذا جَدَّتْ في سَيْرِهَا وهُنَّ خَوَاضِعُ لأَنَّهَا إِذا جَدَّت طَامَنَتْ أَعْنَاقَها قال الكُمَيْتُ :
خَوَاضِعُ في كُلِّ دَيْمُومَةٍ ... يَكَادُ الظَّلِيمُ بِهَا يَنْحَل وقَالَ جَرِيرٌ :
ولَقَدْ ذَكْرْتُكِ والمَطِيُّ خَوَاضِعٌ ... وكَأَنَّهُنَّ قَطَاً فَلاةٍ مَجْهَلِ والخُضَعَة كهُمَزة : مَنْ يَخْضَع لكل أَحَدٍ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيّ . وقال أَبو عَمْروٍ : الخُضَعَةُ : نَخْلَة تَنْبُتُ من النَّواةِ لُغَةُ بَنِي حَنِيفَةَ . والخُضَعَةُ : مَنْ يَقْهَرُ أَقْرَانَه ويُخْضِعُهُمْ ويُذِلُّهُمْ
والخَضُوعُ كصَبُورٍ : الخاضِع ج : خُضُعٌ ككُتُبٍ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلْفَرَزْدَقِ يَمْدَح يَزِيدَ بنَ المُهَلَّبِ :
وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيْتَهُمْ ... خَضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبْصَارِ
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : الخَضُوعُ : المَرْأَةُ الَّتِي لخَوَاصِرِهَا صَوْتٌ . وقَالَ ابنُ فارِسٍ : كخَضَيعَةِ الفَرَسِ وأَنْشَدَ لِجَنْدَلٍ :
" لَيْسَتْ بِسَوْدَاءَ خَضُوعِ الأَعْفَاجْ
" سِرْدَاحَةٍ ذَاتِ إِهَابٍ مَوَّاجْ قال الصّاغَانِيّ : لَمْ أَجِدِ المَشْطُورَيْنِ في جِيمِيَّةِ جَنْدِلٍ المُقَيَّدَةِ . والخَضِيعَةُ كسَفِينةَ : صَوْتٌ يُسْمعُ مِن بَطْنِ الفَرَسَ إِذا جَرَى . وقالَ ثَعْلَبٌ : هو صَوْتُ قُنْبِ الفَرَسِ الجَوَادِ وأَنْشَدَ لامْرِئ القَيْسِ :
كَأَنَّ خَضِيعَةَ بَطْنِ الجَوَا ... دِ وَعْوَعَةُ الذِّئْبِ بِالفَدْفَدِ قال الجَوْهَرِيّ : ولا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ . وقَال غَيْرُهُ : هو صَوْتُ الأَجْوَفِ مِنْهَا . وقَال أَبُو زَيْدٍ : هو صَوْتٌ يَخْرُجُ مِن قُنْبِ الفَرَسِ الحِصَانِ وهو الوَقِيبُ . وقالَ ابنُ بَرِّيّ : الخَضِيعَةُ والوَقِيبُ : الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ بَطْنِ الفَرَسِ ولا يُعْلَمُ ما هُوَ . ويُقَالُ : هو تَقَلْقُلُ مِقْلَمِ الفَرَسِ في قُنْبِه ويُقَالُ لِهذَا الصَّوْتِ أَيْضاً الذُّعَاقُ وهُوَ غَرِيبٌ . أَو الخَضِيعَتانِ : لَحْمَتَانِ مُجَوَّفَتَانِ في بَطْنِ الفَرَسِ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُمَا . نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ . قالَ : والخَضِيعَةُ : صَوْتُ السَّيْلِ
وقالَ عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ : الخَيْضَعَةُ كحَيْدَرَة : اخْتِلافُ كَذَا في النُّسَخِ وفي بَعْضِهَا : الْتِفَافُ وفي بَعْضِهَا : اخْتِلاطُ الأَصْوَاتِ في الحَرْبِ وبه فُسِّرَ قَوْلُ لَبِيدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ :
" نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَرْبَعَهْ
" ونَحْنُ خَيْرُ عامِرِ بنِ صَعْصَعَهْ
" المُطْعِمُون الجَفْنَة المُدَعْدَعَهْ
" والضارِبُونَ الهامَ تَحْتَ الخَيْضَعَهْ وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ الشَّطْرَ الأَخِيرَ من الرَّجَزِ وقالَ : إِنّ أَبَا عُبَيْدٍ حَكَى عَن الفَرّاءِ أَنَّهَا البَيْضَة . وَحَكَى سَلَمَةُ عَن الفَرّاءِ أَنّهُ الصَّوْتُ في الحَرْبِ . انْتَهَى
قُلْتُ : وقالَ أَبُو حاتِمٍ : إِنَّمَا قالَ لَبِيدُ : تَحْتَ الخَضَعَة . فزَادُوا الياءِ فِرَاراً من الزِّحافِ
وقيلَ الخَيْضَعةُ : ا لغُبَارُ في الحَرْبِ . وقِيلَ : المَعْرَكَةُ نَفْسُهَا حَيْثُ يَخْضَع الأَقْرانُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ . وقَال كُرَاع : لأَنَّ الكُمَاةَ يَخْضَعُ بَعضُهَمُ لبَعْضٍ وأَنْكَرَ عَلِيُّ ابنُ حَمْزَةَ أَنَ يَكُونَ المُرَادُ بالخَيْضَعَةِ في قُوْلِ لَبِيدٍ - البَيْضَة . والأَخْضَعُ : الرّاضِي بالذُّلِّ وهي خَضْعَاءُ قالَهُ اللَّيْثُ وأَنْشَدَ لِلْعَجّاجِ :
" وصِرْتُ عَبْداً للْبَعُوضِ أَخْضَعَاً
" تَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعَا وكذلِكَ أَنْشَدَهُ الأَزْهَرِيُّ في التَّهْذِيب وابنُ فارِسٍ في المَقَايِيسِ . قال الصّاغَانِيّ : وللْعَجَّاجِ أُرْجُوزَة عَيْنِيَّةٌ أَوْلُهَا :
" أَمْسَى حُمَانٌ كالرَّهِينِ مُشْرَعَاً وهِيَ اثْنَا عَشَرَ مَشْطُوراً ولَيْسَ ما ذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِيها ولا فِي عَيْنِيَّةِ رُؤْبَةَ الَّتِي أَوْلُهَا :
" هاجَتْ ومِثْلِي نَوْلُه أَنْ يَرْبَعَا وهِي مائتان وثَمَانِيَةُ مَشَاطِيرَ . والأَخْضَعُ : مَنْ في عُنَقِه خُضُوعٌ وتَطَامُنٌ خِلْقَةً وَقَدْ خَضِعَ يَخْضَعُ خَضَعاً . وقال عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ : كانَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ طَوِيلاً أَزْرَقَ أَخْضَعَ أَشْعَرَ ورُبَّمَا أَخَذْتُ - وأَنا غُلامٌ - بشَعرِ كَتِفَيْهِ حَتَّى أَقُومَ تَخُطُّ رِجْلاهُ إِذا رَكِبَ الدَّابَّةَ نُفُجَ الحَقِيبَةِ . وخَضَعَةُ الكِبَرُ خَضْعاً وخُضُوعاً وأَخْضَعَهُ : جَعَلَهُ كذلِكَ أَيْ حَنَاهُ فخَضَع هو وأَخْضَعَ أَيْ انْحَنَى قَالَهُ الزَّجَّاج . وأَخْضَعَ الرَّجُلُ : لاَنَ كَلامُهُ لِلْمَرْأَةِ هكَذَا هو في العُبَابِوفي اللِّسَان : خَضَعَ الرجلُ وأَخْضَعَ : أَلانَ كلامَه للمرأَة ومنه حديثُ عمرَ - رَضِيَ اللهُ عنه - أَن رجلاً مرَّ برجلٍ وامرأَةٍ قد خضَعا بينهما حديثاً فضربه حَتَّى شجَّه فرُفع إِلى عمرَ - رضي اللهُ عنه - فأَهدره أَي لَيَّنَا بينهما الحديثَ وتكلَّما بمَا يُطْمِعُ كلاًّ منهما في الآخر كخاضَعَها . مخَاضَعَةً إِذا خَضَع لها بكَلامِهِ وخَضَعَتْ له وتطَمَّعَ فيها عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ
والتَّخْضِيعُ : تَقْطِيعُ اللَّحْمِ قالَهُ ابنُ فارِسٍ . واخْتَضَعَ الرَّجُلُ : خَضَعَ وقد تَقَدَّمَ هذا قَرِيباً كاخْضَوْضَعَ نَقَلَه الصّاغَانِيّ . واخْتَضَعَ : مَرَّ سَرِيعاً وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ - في صِفَةِ فَرَسٍ سَرِيعَةٍ - :
إِذَا اخْتَلَطَ المَسِيحُ بِهَا تَوَلَّتْ ... بسَوْمٍ بَيْنَ جَرْىٍ واخْتِضَاعِ يَقُولُ : إِذا عَرِقَتْ أَخْرَجَتْ أَفانِينَ جَرْيِهَا . واخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ : سَانَّهَا نَقَلَه الصّاغَانِيّ . وفي الأَسَاسِ : اخْتَضَعَ الفَحْلُ النَّاقَةَ بكَلْكَلِهِ : أَرادَ الضِّرَاب . وَسَمَّوْا مَخْضَعَةَ كمَسْعَدةً
وممّا يُسْتَدْرِكُ عَلَيْه : الخَضْعُ كالمَنْعِ والخُضْعانُ بالضَّمِّك كِلاهُمَا مَصْدَرُ خَضَع يَخْضَعُ كمَنَعَ . ومِنْهُ حَدِيثُ اسْتِراقِ السَّمْعِ خُضْعاناً لقَوْلهِ وهو كُغْفْرَانٍ ويُرْوَى بالكَسْرِ كالوِجْدَانِ ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ خَاضِع وفي رِوَايَةٍ : خُضَّعاً لِقَوْلِهِ : جَمْع خاضِع . والخُضَّعُ : كرُكَّعٍ : اللَّوَاتِي قَدْ خَضَعْنَ بالقَوْلِ ومِلْنَ . عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ويُقَالُ : فُرَسٌ أَخْضَعُ بَيِّنُ الخَضَع وكَذلِكَ البَعيرُ والظَّلِيمُ والظِّبَاءُ . وأَخْضَعَتْنِي إِلَيْكَ الحَاجَةُ نُقَلَه الجَوْهَرِيّ ولمْ يُفَسِّرْه وهو قَوْلُ الزَّجّاج . أَرادَ : أَلْجَأَتْنِي وأَحْوَجَتِنِي . ومِنْكبٌ خَاضِعٌ وأَخْضَعَ : مُطْمَئنٌّ . ونَعَامٌ خَوَاضِعُ وكذلِكَ الظِّبَاءُ أَي مُمِيلاَت رُؤُوسَهَا إِلَى الأَرْضِ في مَرَاعِيهَا . ونَبَاتٌ خَضِعٌ ككَتِفِ : مُتَثَنٍّ مِن النَّعْمَةِ كأَنَّهُ مُنْحَنٍ . قالَ ابنُ سِيدَه : وهو عِنْدِي علَى النَّسَبِ لأَنَّهُ لا فِعْلَ له يَصْلُح أَنْ يَكُون خَضِعٌ مَحْمُولاً عَلَيْه . ومنه قَوْلُ أَبِي فَقْعَسٍ يَصِفُ الكَلأَ : خَضِعٌ مَضِعٌ ضافٍ رَتِعٌ كَذا حَكَاهُ ابنُ جِنِّى
واخْتَضَع الصَّقْرُ : طَامَنَ رَأْسَهُ للانْقِضَاضِ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ
وفي الصّحاح : قَوْلُهُم : سَمِعْت للسِّياط خَضْعَةً وللسُّيُوفِ بِضَعَةً فالخَضْعَةُ : وَقْعُ السِّيَاطِ والبَضْعَةُ : القَطْعُ . انْتَهَى ومِثْلُه في الأَسَاسِ وقد ضَبَطاهَما بالفَتْحِ
وفي اللِّسَان : الخَضَعَةُ بالتَّحْرِيك السِّياط لانْصِبَابِهَا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْه وقِيلَ : الخَضْعَةُ السُّيُوفُ ويُقَالُ : للسُّيوف خَضْعَةٌ وهو صَوْتُ وَقْعِهَا . وقالَ ابْنُ بَرّيّ : الخَضْعَةُ : أَصْواتُ السُّيُوفِ . والبَضْعَةُ : أَصْوَاتُ السِّيَاطِ وقَدْ جاءِ في الشِّعْرِ مُحَرَّكاً كما قال :
" أَرْبَعَةٌ وأَرْبَعَهْ
" اجْتَمَعا بالبَلْقَعَهْ
" لِمَالِكِ بنِ بَرْذَعَهْ
" وللسُّيُوفِ خَضَعَهْ
" وللسِّياطِ بَضَعَهْ وَسَمَّوْا مَخْضَعاً كمَقْعَدٍ