" الغِشُّ : نقيض النُّصْح وهو مأْخوذ من الغَشَش المَشْرَب الكدِر ؛ أَنشد ابن الأَعرابي : ومَنْهَل تَرْوَى به غير غَشَشْ أَي غير كدر ولا قليل ، قال : ومن هذا الغشُّ في البياعات . وفي الحديث : أَن النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، قال : ليس منَّا من غَشّا :، قال أَبو عبيدة : معناه ليس من أَخْلافِنا الغِش ؛ وهذا شبيه بالحديث الآخر : المؤمِنُ يُطْبَع على كل شيء إِلا الخيانة . وفي رواية : مَنْ غَشَّنا فليس مِنَّا أَي ليس من أَخلاقنا ولا على سُنَّتنا . وفي حديث أُم زرع : ولا تَمْلأُ بَيْتَنا تَغْشِيشاً ؛ قال ابن الأَثير : هكذا جاء في رواية وهو من الغِشِّ ، وقيل : هو من النميمة ، والرواية بالمهملة . وقد غَشَّه غِشّاً : لم يَمْحَضْه النَّصيحة ؛ وشيء مَغْشُوش . ورجل غُشَّ : غاشٌّ ، والجمع غُشّونَ ؛ قال أَوس بن حجر : مُخَلّفون ، ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ ، غُشُّو الأَمانةِ صُنْبُورٌ لِصُنْبُور ؟
قال : ولا أَعرف له جمعاً مكسّراً ، والرواية المشهورة : غُسّو الأَمانةِ . واستَغَشّه واغْتَشّه : ظن به الغِشَّ ، وهو خلافُ اسْتَنْصَحَه ؛ قال كُثيِّر عزة : فقُلْتُ ، وأَسْرَرْتُ النَّدامَةَ : لَيْتَنِي ، وكُنْت امرَأً أَغْتَشُّ كلَّ عَذُولِ ، سَلَكْتُ سَبيلَ الرائِحات عَشِيّةً مَخارِمَ نِسعٍ ، أَو سَلَكْنَ سَبِيلي واغْتَشَشْتُ فلاناً أَي عَدَدْته غاشًّا ؛ قال الشاعر : أَيا رُبَّ من تَغتَشُّه لك ناصحٌ ، ومُنْتصِحٍ بالغَيْبِ غيرُ أَمِينِ (* قوله « ومنتصح » في الأساس ومؤتمن .) وغَشَّ صدْرُه يَغِشُّ غِشّاً : غَلَّ . ورجل غَشٌّ : عظيمُي السُّرّة ؛ قال : ليس بغَشٍّ ، هَمُّه فيما أَكَلْ وهو يجوز أَن يكون فَعْلاً وأَن يكون كما ذهب إِليه سيبويه في طَبٍّ وبَرٍّ من أَنهما فَعِلٌ . والغِشَاش : أَوّلُ الظُّلْمَة وآخرُها . ولقيه غِشَاشاً وغَشَاشاً أَي عند الغروب . والغَشَاش والغِشَاش : العَجَلةُ . يقال : لقيتُهُ على غِشَاشٍ وغَشَاشٍ أَي على عَجَلة ؛ حكاها قطرب وهي كِنانيّة ؛
وأَنشدتْ محمودةُ الكلابية : وما أَنْسَى مَقالَتَها غِشَاشاً لنا ، والليلُ قد طرَدَ النهارَا وصَاتَكَ بالعُهود ، وقد رَأَيْنا غُرابَ البَيْن أَوْكَبَ ، ثم طارَا الأَزهري : يقال لقيتُه غَشاشاً وغِشاشاً ، وذلك عند مُغَيْرِبان الشمس ؛ قال الأَزهري : هذا باطل وإِنما يقال لقيته غَشَاشاً وغِشَاشاً ، وعلى غَشَاشٍ وغِشَاشٍ إِذا لقيته على عجلة ؛ وقال القَطامي . على مكانٍ غِشَاشٍ ما يُنيحُ به إِلا مُغَيِّرُنا ، والمُسْتَقِي العَجِل وقال الفرزدق : فمَكَّنْتُ سَيْفِي من ذَواتِ رِماحِها غِشَاشاً ، ولم أَحْفَلْ بُكَاءَ رُعائِيا وروي : مكانَ رعائيا . وشُرْبٌ غِشاشٌ ونوْمٌ غِشَاشٌ ، كلاهما : قليلٌ . قال الأَزهري : شُرْبٌ غِشَاشٌ غير مَرِيءٍ لأَن الماء ليس بصافٍ ولا عَذْب ولا يَسْتَمْرِئُه شاربُه . والغَشَشُ : المَشْرب الكدِرُ ؛ عن ابن الأَنباري ، إِما أَن يكون من الغِشَاش الذي هو القليل لأًن الشُّرْب يقل منه لكَدَرِه ، وإِما أَن يكون من الغشّ الذي هو ضد النصيحة . "