المِثْل بالكَسْر والتحريك وكأَميرٍ : الشِّبْه يقال : هذا مِثْلُه وَمَثَلُه كما يقال : شِبهُه وَشَبَهُه . قال ابنُ بَرِّي : الفرقُ بين المُماثَلةِ والمُساواةِ أنّ المساواةَ تكونُ بين المُختَلِفَيْنِ في الجِنسِ والمُتَّفِقَيْن ؛ لأنّ التساويَ هو التكافُؤُ في المِقدارِ لا يزيدُ ولا يَنْقُصُ وأمّا المُماثَلةُ فلا تكونُ إلاّ في المُتَّفِقَيْن تقول : نَحْوُه كَنَحْوِه وفِقهُه كفِقْهِه وَلَوْنُه كَلَوْنِه وَطَعْمُه كَطَعْمِه فإذا قيل : هو مِثلُه على الإطلاق فمعناه أنّه يَسُدُّ مَسَدَّه وإذا قيل : هو مثلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جِهةٍ دونَ جِهةٍ انتهى . وقرأتُ في الرِّسالةِ البغداديّةِ للحاكمِ أبي عَبْد الله النَّيْسابوريِّ - وهي عندي - ما نَصُّه : أنّ ممّا يَلْزَمُ الحَدِيثِيَّ من الضبطِ والإتقانِ إذا ذَكَرَ حديثاً وساقَ المَتْنَ ثمّ أَعْقَبَه بإسْنادٍ آخَرَ أن يَفْرُقَ بين أن يقول : مِثلُه أو نَحْوُه فإنّه لا يحِلُّ له أن يقول : مِثلُه إلاّ بعدَ أن يَقِفَ على المَتنَيْنِ والحديثِ جميعاً فيعلمَ أنّهما على لفظٍ واحدٍ فإذا لم يُميِّزْ ذلك حَلَّ له أن يقول : نَحْوُه فإنّه إذا قالَ نَحْوُه فقد بيَّنَ أنّه مِثلُ مَعانيه وقَوْله تَعالى : " لَيْسَ كمِثلِه شيءٌ وهو السميعُ البَصير " أرادَ لَيْسَ مِثلَه لا يكونُ إلاّ ذلك ؛ لأنّه إنْ لم يقُلْ هذا أَثْبَتَ له مِثْلاً تعالى اللهُ عن ذلك ونَظيرُه ما أنشدَ سيبويه :
" لَواحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ وقولُهم : فلانٌ مُسْتَرادٌ لمِثلِه وفلانٌ مُسْتَرادةٌ لمِثلِها : أي مِثلُه يُطلَبُ ويُشَحُّ عليه وقيل : معناه مُسْتَرادٌ مِثلُه أو مِثلُها واللامُ زائدةٌ . والمَثَل مُحَرَّكَةً : الحُجّةُ وأيضاً : الحديثُ نَفْسُه وقولُه عزَّ وجلَّ : " وللهِ المَثَلُ الأعْلى " جاءَ في التفسيرِ أنّه قولُ : لا إله إلاّ الله وتأويلُه أنّ اللهَ أَمَرَ بالتوحيدِ ونَفْيِ كلِّ إله سِواه وهي الأمْثال . وقد مَثَّلَ به تَمْثِيلاً وامْتَثلَه وَتَمَثَّلَه وَتَمَثَّلَ به قال جَريرٌ :
والتَّغْلَبِيُّ إذا تَنَحْنَحَ للقِرَى ... حَكَّ اسْتَه وَتَمَثَّلَ الأمْثالاعلى أنّ هذا قد يجوزُ أن يريدَ به تمَثَّلَ بالأَمْثالِ ثمّ حَذَفَ وأَوْصَلَ . المَثَلُ أيضاً : الصِّفة كما في الصِّحاح قال ابنُ سِيدَه : ومنه قَوْله تَعالى : " مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون " قال الليثُ : مثَلُها هو الخبَرُ عنها وقال أبو إسحاق : معناهُ صِفةُ الجنّةِ قال عُمرُ بنُ أبي حَنيفة : سَمِعْتُ مُقاتِلاً صاحبَ التفسيرِ يَسْأَلُ أبا عَمْرِو بنَ العلاءِ عن هذه الآيةَ فقالَ ما مثَلُها ؟ فقال : " فيها أَنْهَارٌ من ماءٍ غيرِ آسِنٍ " قال : ما مَثَلُها ؟ فَسَكَتَ أبو عمروٍ قال : فَسَأَلتُ يونُسَ عنها فقال : مَثَلُها : صِفَتُها قال محمد بن سَلاّمٍ : ومِثْلُ ذلك قولُه : " ذلك مثَلُهم في التَّوراةِ وَمَثَلُهم في الإنجيل " أي صِفتُهم قال الأَزْهَرِيّ : ونحوُ ذلك رُوِيَ عن ابنِ عبّاسٍ وأمّا جوابُ أبي عمروٍ حينَ سألَه ما مثَلُها فقال : " فيها أَنْهَارٌ من ماءٍ غيرِ آسِنٍ " ثمّ تَكْرِيرُه السُّؤال : ما مثَلُها ؟ وسُكوتُ أبي عمروٍ عنه فإنّ أبا عمروٍ أجابه جواباً مُقنِعاً ولمّا رأى نَبْوَةَ فَهْمِ مُقاتِلٍ سَكَتَ عنه لِما وَقَفَ من غِلَظِ فَهْمِه وذلك أنّ قَوْله تَعالى : " مَثَلُ الجنَّة " تَفْسِيرٌ لقولِه تعالى : " إنّ اللهَ يُدخِلُ الذينَ آمنوا وعَمِلوا الصالِحاتِ جَنّاتٍ تجري من تَحْتِها الأنهار " وَصَفَ تلكَ الجنّاتِ فقال : مثَلُ الجنَّةِ التي وَصَفْتُها وذلك مِثلُ قولِه : " مثَلُهُم في التَّوراةِ ومثَلُهم في الإنجيل " أي ذلك صِفةُ محمد صلّى الله تعالى عليه وسلَّم وأصحابِه في التَّوْراة ثمّ أعلمَهُم أنّ صِفتَهم في الإنجيلِ كَزَرْعٍ قال الأَزْهَرِيّ : وللنحويين في قَوْله تَعالى : " مثَلُ الجنّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون " قولٌ آخَرُ قاله محمد بن يَزيدَ المُبَرِّدَ في كتابِ المُقْتَضَبِ قال : التقديرُ : فيما يُتلى عليكُم مثَلُ الجنّةِ ثمّ : فيها وفيها قال : وَمَنْ قالَ : إنّ معناه صِفةُ الجنّةِ فقد أَخْطَأَ لأنّ مَثَل لا يُوضَعُ في مَوْضِعِ صِفة إنّما يقال : صِفةُ زَيْدٍ أنّه ظَريفٌ وأنّه عاقِلٌ ويقال : مثَلُ زَيدٍ مثَلُ فُلانٍ إنّما المثَلُ مأخوذٌ من المِثال والحَذْوِ والصِّفةُ تَحْلِيَةٌ وَنَعْتٌ انتهى . قلت : ومِثْلُ ذلك لأبي عليٍّ الفارسيِّ فإنّه قال : تَفْسِيرُ المثَلِ بالصِّفةِ غيرُ معروفٍ في كلامِ العرب إنّما معناه التَّمْثيل قال شيخُنا : ويمكنُ أن يكونَ إطْلاقُه عليها من قَبيلِ المَجازِ لعلاقَةِ الغَرابة . وامْتَثلَ عندَهم مَثَلاً حَسَنَاً وكذا : امْتَثلَهُم مَثَلاً حَسَنَاً . وَتَمَثَّلَ : أي أنشدَ بَيْتَاً ثمّ آخَرَ ثمّ آخَرَ وهي الأُمْثولَة بالضَّمّ . وَتَمَثَّلَ بالشيءِ : ضَرَبَه مثَلاً يقال : هذا البيتُ مثَلٌ يَتَمَثَّلُه وَيَتَمثَّلُ به . والمِثال بالكَسْر : المِقْدار وهو من الشِّبَهِ والمِثْلِ ما جُعِلَ مِثالاً أي مِقداراً لغَيرِه يُحذى عليه والجمعُ أَمْثِلَةٌ ومُثُلٌ ومنه أَمْثِلَة الأفعالِ والأسماءِ في بابِ التصريف . قال أبو زيدٍ : المِثال : القِصاص وهو اسمٌ من أَمْثَلَه إمْثالاً كالقِصاصِ اسمٌ من أَقَصَّه إقْصاصاً . المِثال : صفَةُ الشيءِ . أيضاً : الفِراش ومنه حديثُ عَبْد الله بن أبي نَهيك : أنّه دَخَلَ على سَعدٍ رَضِيَ الله تَعالى عنه وعندَه مِثالٌ رَثٌّ . أي : فِراشٌ خَلَقٌ . وفي حديثٍ آخَر : فاشْترى لكلِّ واحدٍ منهم مِثالَيْن قال جَريرٌ : قلتُ للمُغيرَةِ ما مِثالان ؟ قال : نَمَطَان والنَّمَط : ما يُفْتَرَشُ من مَفارِشِ الصُّوفِ المُلَوَّنةِ قال الأعشى :
بكُلِّ طُوالِ السّاعِدَيْن كأنّما ... يرى بسُرى اللَّيْلِ المِثالِ المُمَهَّداج : أَمْثِلَةٌ ومثُلٌ بضمَّتَيْن وإنْ شِئتَ خَفَّفْت . وتماثَلَ العَليلُ : قارَبَ البُرْءَ فصارَ أَشْبَه بالصحيحِ من العَليلِ المَنْهوك وقيل : هو من المُثُولِ وهو الانتصاب كأنّه هَمَّ بالنهوضِ والانتصابِ وفي الصِّحاح : تَماثَلَ من عِلَّتِه : أي أَقْبَلَ . والأَمْثَل : الأَفْضَل يقال : هو أَمْثَلُ قَوْمِه : أي أَفْضَلُهم وقال أبو إسحاق : الأَمْثَل : ذو العَقلِ الذي يَسْتَحِقُّ أن يُقال هو أَمْثَلُ بضني فلانٍ وفي الحديث : " أشَدُّ الناسِ بَلاءً الأنبياءُ ثمّ الأَمْثَلُ فالأَمْثَل " أي الأشْرَفُ فالأشرف والأعلى فالأعلى في الرُّتبَةِ والمَنزِلة . وفي حديثِ التَّروايح : " لَكانَ أَمْثَلَ " أي أَوْلَى وأَصْوَب ج : أماثِل . وقال الجَوْهَرِيّ : فلانٌ أَمْثَلُ بَني فلانٍ : أي أَدْنَاهم للخَير وهؤلاءِ أماثِلُ القومِ : أي خِيارُهم . والمَثَالَة : الفَضْل وقد مَثُلَ ككَرُمَ مَثالَةً أي صارَ فاضِلاً ويقال : من ذَوي مَثالَتِهم . المُثْلَى : تأنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأنيث الأقْصى قاله الأخفشُ وقَوْله تَعالى : " وَيَذْهَبا بطَريقَتِكُمُ المُثْلَى " أي بجماعَتِكُم الأَفْضَلِين . وقيل : الطريقةُ المُثْلى : التي هي الأشْبَهُ بالحقِّ . قَوْله تَعالى : " إذ يقولُ أَمْثَلُهم طريقةً " معناه : أَعْدَلُهم وأَشْبَهُهم بالحقِّ أو أَعْلَمهُم عند نَفْسِه بما يقول . قاله الزّجّاج . المَثيل كأَميرٍ : الفاضِل وإذا قيل : مَن أَمْثَلُكم ؟ قلتَ : كلُّنا مَثيلٌ حكاه ثعلبٌ وإذا قيل : مَن أَفْضَلُكم ؟ قلتَ : كلُّنا فاضِلٌ أي أنّك لا تقول : كلُّنا فَضيلٌ كما تقول : كلُّنا مَثيلٌ . والتَّمْثال بالفَتْح : التَّمْثيل وهو مصدرُ مَثَّلْتُ تَمْثِيلاً وتَمْثَالاً وذِكرُ الفتحِ مُسْتَدرَكٌ ؛ إذ قولُه فيما بعد : وبالكَسْر الصُّورَةُ يُغْني عنه وهي الشيءُ المَصنوعُ مُشَبَّهاً بخَلقٍ من خَلْقِ اللهِ عزَّ وجلَّ وأصلُه من مَثَّلْتُ الشيءَ بالشيءِ : إذا قَدَّرْتَه على قَدْرِه والجمعُ التَّماثيل ومنه قَوْله تَعالى : " ما هذه التَّماثيلُ " أي الأصنام وقَوْله تَعالى : " من مَحارِيبَ وتَماثِيلَ " هي صُوَرُ الأنبياءِ عليهم السَّلام وكانَ التَّمْثيلُ مُباحاً في ذلك الوقت . التِّمْثال : سَيْفُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ رَضِيَ الله تَعالى عنه وهو القائلُ فيه :
" قَتَلْتُ وَتْرِيَّ معاً وسِنْجالْ
" فقد تَوافَتْ حِمَمٌ وآجالْ
" وفي يَميني مَشْرَفِيٌّ قَصّالْ
" أسماؤُهُ المَلْك اليَمانِي تِمْثالْ ومثَّلَه له تَمْثِيلاً : صوَّرَه له بكتابةٍ أو غيرِها حتى كأنّه ينظرُ إليه . وامْتَثلَه هو : أي تَصَوَّرَه فهو مُطاوِعٌ قال الله تَعالى : " فَتَمَثَّلَ لها بَشَرَاً سَوِيّاً " أي تصَوَّر . يقال : امْتَثلَ مِثالَ فلانٍ : إذا احْتَذى حَذْوَه وَسَلَكَ طريقَتَه . وامْتَثلَ طريقَتَه : تَبِعَها فلم يَعْدُها . وفي الصِّحاح : امْتَثلَ أَمْرَه : أي احْتَذاه . امْتَثلَ منه : اقْتَصَّ قال :
إنْ قَدَرْنا يَوْمَاً على عامِرٍ ... نَمْتَثِلْ منهُ أو نَدَعْهُ لكمْ وفي حديثِ سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّنٍ : امْتَثِلْ منه فَعَفَا أي : اقتَصَّ منه كَتَمَثَّلَ منه كذا في المُحْكَم . وَمَثَلَ الرجلُ بَيْنَ يَدَيْه يَمْثُلُ مُثولاً : قامَ مُنتَصِباً ومنه الحديث : " فَمَثَلَ قائِماً " كمَثُلَ بالضَّمّ أي من حَدِّ كَرُمَ مُثولاً بالضَّمّ فهو ماثِلٌ . مَثَلَ : أي لَطَأَ بالأرضِ وهو ضِدٌّ نقله الجَوْهَرِيّ وأنشدَ لزُهَيرٍ :
تحَمَّلَ منها أَهْلُها وَخَلَتْ لها ... رُسومٌ فمِنها مُسْتَبينٌ وماثِلُ وقال زُهَيْرٌ : أيضاً في الماثِلِ بمعنى المُنتَصِب :
يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمسِ ماثِلاً ... على الجِذْلِ إلاّ أنّه لا يُكَبِّرُمَثَلَ : زالَ عن مَوْضِعِه قال أبو عمروٍ : كانَ فلانٌ عندَنا ثمّ مَثَلَ : أي ذَهَبَ . يقال : مَثَلَ فلاناً فلاناً ومَثَلَه به : شبَّهَه به وسَوّاه به . مَثَلَ فلانٌ فلاناً : صارَ مِثلَه أي يَسُدُّ مَسَدَّه . مَثَلَ بفلانٍ مَثْلاً ومَثْلَةً بالضَّمّ وهذه عن ابْن الأَعْرابِيّ : نكَّلَ تَنْكِيلاً بقَطعِ أطرافِه والتشويهِ به وَمَثَلَ بالقَتيل : جَدَعَ أَنْفَه وأُذُنَه أو مَذاكِيرَه أو شيئاً من أطرافِه وفي الحديثِ : " من مَثَلَ بالشَّعَرِ فليسَ له عند اللهِ خَلاقٌ يومَ القيامةِ " أي حَلَقَه من الخُدود أو نَتَفَه أو غَيَّرَه بالسّوادِ ورُوِيَ عن طاوس أنّه قال : جَعَلَه اللهُ طُهْرَةً فَجَعَله نَكالاً . وفي حديثٍ آخَر : " أنّه نهى عن المُثْلَةِ " كمَثَّلَ تَمْثِيلاً التشديدُ للمُبالغةِ وفي الحديث : " نَهَى أن يُمَثَّلَ بالدّوابِّ وأنْ تُؤكَلَ المَمْثولُ بها " وهو أن تُنصَبَ فتُرمى أو تُقَطَّعَ أَطْرَافُها وهي حَيَّةٌ . وهي المَثُلَةُ بضمِّ الثاءِ وسُكونِها هكذا في سائرِ النسخ أي مع فَتْحِ الميمِ وفي الصِّحاح المَثُلَة بفتحِ الميمِ وضمِّ الثاء : العُقوبة وزادَ الصَّاغانِيّ : والمُثُلَة بضمّتَيْن والمُثْلَة بالضَّمّ فهي ثلاثُ لغاتٍ اقتصرَ الجَوْهَرِيّ منها على الأُولى ولم أرَ أَحَدَاً ضَبَطَها بسكونِ الثاءِ مع الفتحِ كما هو مُقتَضى عبارَتِه فتأمَّلْ ذلك وقولُه ج : مُثُولاتٌ ومَثُلاتٌ هكذا في النسخِ وهو غلَطٌ ؛ والصحيحُ أنّ مَثُلاتٍ - بضمِّ الثاء - جمعُ مَثُلَةٍ ومن قال : مُثُلَة - بضمّتَيْن - قال في جَمْعِه مُثُلاتٍ بضمّتَيْن أيضاً ومن قال مُثْلَة - بالضَّمّ - قال في جَمْعِه مُثْلات بالضَّمّ أيضاً وأيضاً مُثُلاتٌ بضمّتَيْن وأيضاً مُثَلاتٌ بالتحريك وأمّا مُثُولات الذي ذَكَرَه المُصَنِّف فلم أَرَهُ في كتابٍ فاعْرِفْ ذلك وقال الزّجّاج : الضمُّ في المَثُلاتِ عِوَضٌ عن الحذفِ ورَدَّ ذلك أبو عليٍّ وقال : هو من بابِ شاةٌ لَجِبَةٌ وشِياهٌ لَجِبَاتٌ قالوا في تفسيرِ قولِه : " وقد خَلَتْ من قَبْلِهم المَثُلات " أي وقد علِموا ما نَزَلَ من عقوبتنا بالأُمَمِ الخاليةِ فلم يعتبروا بهم وقال بعضُهم : أي وقد تقدّمَ من العذابِ ما فيه مُثْلَةٌ ونَكالٌ لهم لو اتَّعَظوا وكأنّ المَثْلَ مأخوذٌ من المَثَلِ ؛ لأنّه إذا شَنَّعَ في عقوبتِه جَعَلَه مَثَلاً وَعَلَماً ونقل الصَّاغانِيّ عن ابنِ اليَزيديِّ أنّ المُرادَ بالمَثُلاتِ هنا الأمْثال والأشْباه . وفي كتابِ المُحتَسبِ لابنِ جِنِّي : قراءةُ عيسى الثَّقَفيِّ وَطَلْحةَ بنِ سُلَيْمان : " المَثْلات " وقرأ : " المُثْلات " يحيى بنُ وَثّابٍ وقراءةُ الناس : " المَثُلات " رَوَيْناه عن أبي حاتمٍ قال : روى زائدةُ عن الأعمَشِ عن يحيى : " المَثْلاتُ " بالفَتْح والإسْكان قال : وقال زائِدَةُ : ربّما ثَقَّلَ سُلَيْمانُ - يعني الأعمَشَ - يقولُ : " المَثُلات " وأصلُ هذا كلُّه المَثُلات بفتحِ الميمِ وضمِّ الثاء فأمّا من قَرَأَ : " المَثُلات " فعلى أصلِه كالسَّمُراتِ جمع سَمُرَةٍ . ومن قال : " المُثْلات " بضمِّ الميم وسكونِ الثاءِ احتملَ عندنا أَمْرَيْن : إمّا أنّه أرادَ المَثُلات ثمّ آثَرَ إسْكانَ الثاءِ اسْتِثقالاً للضمّةِ فَفَعَلَ ذلك إلاّ أنّه نَقَلَ الضمّةَ إلى الميمِ فقال : المُثْلات أو أنّه خَفَّفَ في الواحدِ فصارتْ مَثُلَة إلى مُثْلَةٍ ثمّ جَمَعَ على ذلك فقال : المُثْلات . ثمّ قال بعد توجيهِ كلام : وَرَوَيْنا عن قُطْرُب أنّ بعضُهم قَرَأَ : " المُثُلات " بضمّتَيْن فهذا إمّا عامَلَ الحاضِرَ معه فثَقُلَ عليه وإمّا فيها لغةٌ أُخرى وهي مُثُلَة - كبُسُرَة فيمن ضمَّ السينَ - وإمّا فيها لغةٌ ثالثةٌ وهي مُثْلَة كغُرْفَةٍ . وأمّا من قال : المَثْلات بفتحِ الميمِ وسكونِ الثاءِ فإنّه أَسْكَنَ عَيْنَ المَثُلاتِ اسْتِثقالاً لها فَأَقَرَّ الميمَ مَفْتُوحةً وإن شِئتَ قلتَ : أَسْكَنَ عَيْنَ الواحدةَ فقال : مَثْلَة ثمّ جَمَعَ وأقرَّ السكونَ بحالِه ولم يَفْتَحْ الثاءَ كما يقال في جَفْنَةٍ وتَمْرَةٍ جَفَنَاتٌ وتَمَرَاتٌ لأنّها ليستْ في الأصلِ فَعْلَة وإنّما هي مُسَكَّنةٌ من فَعُلَةٍ فَفَصَل بذلك بين فَعْلَةٍ مُرتَجِلَةٍ وفَعْلَةٍ مصنوعة مَنْقُولةٍ منفَعُلَةٍ كما ترى وإن شِئتَ قلتَ : قد أَسْكَنَ الثاءَ تخفيفاً فلم يرَ مُراجعةَ تحريكِها إلاّ بحركَتِها الأصليّةِ لها وقد يُمكنُ أيضاً أن يكونَ من قال : " المَثُلات " ممّن يرى إسْكانَ الواحدِ تخفيفاً فلمّا صارَ إلى الجمعِ وآثَرَ التحريكَ في الثاءِ عاوَدَ الضمّةَ ؛ لأنّها هي الأصلُ لها ولم يَرْتَجِلْ لها فَتْحَةً أَجْنَبيّةً عنها كلُّ ذلك جائزٌ انتهى . وأَمْثَلَه من صاحبِه إمْثالاً : قَتَلَه بقَوَدٍ يقولُ الرجلُ للحاكمِ أَمْثِلْني من فلانٍ وأَقِصَّني وأَقِدْني بمعنىً واحدٍ والاسمُ المِثالُ والقِصاصُ والقَوْدُ . قالوا : مِثْلٌ ماثِلٌ : أي جَهدٌ جاهِدٌ عن ابْن الأَعْرابِيّ وأنشد : كما ترى وإن شِئتَ قلتَ : قد أَسْكَنَ الثاءَ تخفيفاً فلم يرَ مُراجعةَ تحريكِها إلاّ بحركَتِها الأصليّةِ لها وقد يُمكنُ أيضاً أن يكونَ من قال : " المَثُلات " ممّن يرى إسْكانَ الواحدِ تخفيفاً فلمّا صارَ إلى الجمعِ وآثَرَ التحريكَ في الثاءِ عاوَدَ الضمّةَ ؛ لأنّها هي الأصلُ لها ولم يَرْتَجِلْ لها فَتْحَةً أَجْنَبيّةً عنها كلُّ ذلك جائزٌ انتهى . وأَمْثَلَه من صاحبِه إمْثالاً : قَتَلَه بقَوَدٍ يقولُ الرجلُ للحاكمِ أَمْثِلْني من فلانٍ وأَقِصَّني وأَقِدْني بمعنىً واحدٍ والاسمُ المِثالُ والقِصاصُ والقَوْدُ . قالوا : مِثْلٌ ماثِلٌ : أي جَهدٌ جاهِدٌ عن ابْن الأَعْرابِيّ وأنشد :
" مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلَةِ المَعاوِلا
" يَلْقَ منَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا
" وإن تشَكَّى الأَيْنَ والتّلاتِلا والماثُول : ع بالمدينةِ من نواحيها على ساكنِها أفضلُ الصلاةِ والسلام . والماثِلَة : مَنارةُ المِسْرَجةِ هكذا هو بكسرِ الميمِ من المِسْرَجَةِ في نسخِ الصِّحاح بخطِّ الجَوْهَرِيّ والصوابُ بفتحِها نبَّه عليه المُحَشُّون وفي العُباب : الماثِلَة : المَسْرَجةُ لانتِصابِها . والماثِلُ من الرُّسوم : ما ذَهَبَ أثَرُه وَدَرَسَ وشاهدُه قَوْلُ جَريرٍ السابق :
" ... . فمِنها مُسْتَبينٌ وماثِلُ قال الجَوْهَرِيّ : المُستَبين : الأَطْلال والماثِل : الرُّسوم وهو بعَينِه بمعنى اللاطِئ بالأرضِ فإنّها إذا ذَهَبَ أثَرُها فقد لَطِئَتْ بالأرضِ فتأمَّلْ ذلك . وبالكَسْر : المِثْلُ بنُ عِجْلِ بنِ لُجَيْمِ بنِ صَعْبِ بن بَكْرِ بنِ وائلٍ مَلِكُ اليمن وصَحَّفَ عبدُ الملِكِ بنُ مَرْوَانَ فقال - لقومٍ من اليمن - : ما الميلُ منكم ؟ فقالوا : يا أميرَ المُؤمنين كانَ ملِكٌ لنا يقال له : المِثْلُ فخَجِلَ عبدُ الملِك وعرفَ أنّه وَقَعَ في التَّصحيف وهذا من حُسنِ الأدَبِ في الجَواب . وبَنو المِثْلِ بنِ مُعاوِيَة : قبيلةٌ من العربِ منهم أبو الشَّعْثاءِ يزيدُ بنُ زيادٍ الكِنْديُّ وقال أبو عمروٍ : هو من بني أسَدٍ . المُثْل بالضَّمّ : ع بفَلْجٍ ويقال له رَحى المُثْلِ أيضاً قال مالكُ بنُ الرَّيْب :
فيا لَيْتَ شِعري هل تغَيَّرَتِ الرَّحى ... رَحى المُثْل أو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَاوالأَمْثال : أَرَضونَ مُتشابِهةٌ أي يُشبهُ بعضُهم بعضاً ولذلك سُمِّيتْ أمْثالاً ذاتُ جبالٍ قُربَ البَصرةِ على لَيْلَتَيْن نقله ياقوت . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : قال أبو حنيفة : المِثال : قالَبٌ يُدخَلُ عَيْنُ النَّصْلِ في خَرْقٍ في وسَطِه ثمّ يُطرَقُ غِراراهُ حتى يَنْبَسِطَ والجمعُ أَمْثِلَةٌ . وامْتَثلَه غَرَضَاً : نَصَبَه هَدَفَاً لسِهامِ المَلامِ وهو مَجاز . ويقال : المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أي أحسنُ مُثولاً وانتِصاباً ثمّ جُعِلَ صفةً للإقبالِ وقال الأَزْهَرِيّ : معناه أحسنُ حالاً من حالةٍ كانتْ قَبْلَها وهو من قولِهم : هو أَمْثَلُ قَوْمِه . وقال ابنُ بَرِّي : المَثالَة : حُسنُ الحالِ ومنه قولُهم : كلّما ازْدَدْتَ مَثالَةً : زادكَ اللهُ رَعالَةً والرَّعالَة : الحُمق . وقال أبو الهيثَم : قولُهم : إنّ قومي مُثُلٌ بضمّتَيْن : أي ساداتٌ ليسَ فَوْقَهم أحَدٌ كأنّه جمعُ الأَمْثَل . وفي الحديث : أنّه قالَ بعدَ وَقْعَةِ بَدرٍ : " لو كانَ أبو طالبٍ حَيّاً لرأى سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل " قال الزَّمَخْشَرِيّ : معناه اعتادَتْ واسْتَأْنسَتْ بالأَماثِل . وماثَلَه : شابَهَه . وفي الحديث : " قامَ مُمَثِّلاً " ضُبِطَ كمُحدِّثٍ ومُعظَّمٍ : أي مُنتَصِباً قائماً قال ابنُ الأثير : هكذا شُرِحَ قال : وفيه نظَرٌ من جهةِ التَّصريف . ويُجمَعُ ماثِلٌ على مَثَلٍ كخادِمٍ وَخَدَمٍ ومنه قَوْلُ لَبيدٍ :
ثمّ أَصْدَرْناهما في وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ كالمَثَلْ ويقال : المَثَلُ بمعنى الماثِل . والمُثول : الزَّوالُ عن الموضع قال أبو خِراشٍ الهُذَليُّ :
يُقَرِّبُه النَّهْضُ النَّجيحُ لِما يرى ... فمنهُ بُدُوٌّ تارةً ومُثولُ و أَمْثَلَه : جَعَلَه مُثْلَةً . وأَمْثَلَ السلطانُ فلاناً : أرادَه . وَتَمَثَّلَ بين يَدَيْه : قامَ مُنتَصِباً . والعربُ تقول : هو مُثَيْلُ هذا ومُثَيْلُ هاتِيَّا وهم أُمَيْثالُهُم يريدونَ أنّ المُشَبَّه به حَقيرٌ كما أنّ هذا حَقيرٌ كما في الصِّحاح . وَمَثَولِي بفتحِ الميمِ والثاءِ وكسرِ اللامِ : مَدينةٌ بالهِند