وأَنشد ابن بري لابن مقبل : قَرِيساً ومَغْشِيّاً عليه ، كأَنَّه خُيوطةُ مارِيٍّ لَواهُنَّ فاتِلُهْ وخاطَ الثوبَ يَخِيطُه خَيْطاً وخِياطةً ، وهو مَخْيوطٌ ومَخِيطٌ ، وكان حدّه مَخْيوطاً فلَيَّنُوا الياء كما لَيَّنُوها في خاطٍ ، والتقى ساكنان : سكون الياء وسكون الواو ، فقالوا مَخِيط لالتقاء الساكنين ، أَلقوا أَحدهما ، وكذلك بُرٌّ مَكِيل ، والأَصل مَكْيُولٌ ، قال : فمن ، قال مَخْيوط أَخرجه على التمام ، ومن ، قال مخيط بناه على النقص لنقصان الياء في خِطْتُ ، والياء في مَخِيط هي واو مفعول ، انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وإِنما حرك ما قبلها لسكونها وسكون الواو بعد سقوط الياء ، وإِنما كسر ليعلم أَنّ الساقط ياء ، وناس يقولون إِنّ الياء في مخيط هي الأَصلية والذي حذف واو مفعول ليُعرف الواويّ من اليائيّ ، والقولُ هو الأَوّل لأَنّ الواو مزيدة للبناء فلا ينبغي لها أَن تحذف ، والأَصليّ أَحقُّ بالحذف لاجتماع الساكنين أَو علَّةٍ توجب أَن يحذف حرف ، وكذلك القول في كل مفعول من ذوات الثلاثة إِذا كان من بنات الياء ، فإِنه يجيء بالنقصان والتمام ، فأَما من بنات الواو فلم يجئ على التمام إِلا حَرْفان : مِسْك مَدْوُوفٌ ، وثوب مَصْوُون ، فإِنَّ هذين جاءا نادرين ، وفي النحويين من يقيس على ذلك فيقول قَوْلٌ مَقْوُول ، وفرس مَقْوُودٌ ، قياساً مطرداً ؛ وقول المتنخل الهذلي : كأَنَّ على صَحاصِحِه رِياطاً مُنَشَّرةً ، نُزِعْنَ من الخِياطِ إِما أَن يكون أَراد الخِياطةَ فحذف الهاء ، وإِما أَن يكون لغة . وخَيَّطَه : كخاطَه ؛
قال : فهُنَّ بالأَيْدِي مُقَيِّساتُه ، مُقَدِّراتٌ ومُخَيِّطاتُه والخِياطُ والمِخْيَطُ : ما خِيطَ به ، وهما أَيضاً الإِبرَةُ ؛ ومنه قوله تعالى : حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ ؛ أَي في ثَقْبِ الإِبرة والمِخْيَطِ . قال سيبويه : المِخْيَطُ ونظيره مما يُعْتَمل به مكسورُ الأَول ، كانت فيه الهاء أَو لم تكن ، قال : ومثل خِياطٍ ومِخْيَطٍ سِرادٌ ومِسْرَدٌ وإِزارٌ ومِئْزَرٌ وقِرامٌ ومِقْرَمٌ . وفي الحديث : أَدُّوا الخِياطَ والمِخْيَطَ ؛ أَراد بالخِياط ههنا الخَيْطَ ، وبالمِخْيَطِ ما يُخاطُ به ، وفي التهذيب : هي الإِبرة . أَبو زيد : هَبْ لي خِياطاً ونِصاحاً أَي خَيْطاً واحداً . ورجل خائطٌ وخَيَّاطٌ وخاطٌ ؛ الأَخيرة عن كراع . والخِياطةُ : صِناعةُ الخائِط . وقوله تعالى : حتى يتَبَيَّنَ لكم الخيْطُ الأَبيضُ من الخيطِ الأَسودِ من الفجر ؛ يعني بياضَ الصبحِ وسوادَ الليل ، وهو على التشبيه بالخَيْطِ لدِقَّته ، وقيل : الخيطُ الأَسود الفجر المستطيل ، والخيط الأَبيض الفجر المُعْتَرِضُ ؛ قال أَبو دُواد الإِيادي : فلمَّا أَضاءتْ لَنا سُدْفةٌ ، ولاحَ من الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنار ؟
قال أَبو إِسحق : هما فَجْرانِ ، أَحدهما يبدو أَسود مُعْترضاً وهو الخيط الأَسود ، والآخر يبدو طالعاً مستطيلاً يَمْلأُ الأُفق فهو الخيط الأَبيض ، وحقيقته حتى يتبين لكم الليلُ من النهار ، وقول أَبي دواد : أَضاءت لنا سدفة ، هي ههنا الظُّلمة ؛ ولاحَ من الصبح أَي بَدا وظهر ، وقيل : الخيْطُ اللَّوْنُ ، واحتج بهذه الآية . قال أَبو عبيد : يدل على صحة قوله ما ، قاله النبي ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، في تفسير الخَيْطَيْنِ : إِنما ذلك سوادُ الليلِ وبياضُ النهار ؛ قال أُمَيَّةُ بن أَبي الصلت : الخَيْطُ الأَبْيَضُ ضَوْء الصُّبْحِ مُنْفَلِقٌ ، والخِيْطُ الأَسْودُ لوْنُ الليلِ مَرْكُومُ
ويروى : مَكْتُومُ . وفي الحديث : أَنَّ عَدِيّ بن حاتم أَخذَ حَبْلاً أَسودَ وحبلاً أَبيضَ وجعلهما تحت وِسادِه لينظر إِليهما عند الفجر ، وجاء إِلى رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، فأَعلمه بذلك فقال : إِنك لعَريصُ القَفا ، ليس المعنى ذلك ، ولكنه بياضُ الفجرِ من سوادِ الليلِ ، وفي النهاية : ولكنه يريد بياضَ النهار وظلمة الليل . وخَيَّطَ الشيبُ رأْسَه وفي رأْسِه ولِحْيَتِه : صار كالخُيوطِ أَو ظهر كالخُيوطِ مثل وخَطَ ، وتَخَيَّطَ رأْسهُ كذلك ؛ قال بدر بن عامر الهذلي : تاللّهِ لا أَنْسَى مَنِيحةَ واحدٍ ، حتى تَخَيَّطَ بالبَياضِ قُرون ؟
قال ابن بري :، قال ابن حبيب إِذا اتصل الشيبُ في الرأْس فقد خَيَّطَ الرأْسَ الشيبُ ، فجعل خَيَّطَ مُتعدِّياً ، قال : فتكون الرواية على هذا حتى تُخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني ، وجُعِل البياضُ فيها كأَنه شيء خِيطَ بعضُه إِلى بعض ، قال : وأَمّا من ، قال خَيَّطَ في رأْسِه الشيبُ بمعنى بَدا فإِنه يريد تُخَيَّطُ ، بكسر الياء ، أَي خَيَّطَتْ قُروني ، وهي تُخَيَّطُ ، والمعنى أَن الشيب صار في السواد كالخُيوطِ ولم يتصل ، لأَنه لو اتصل لكان نَسْجاً ، قال : وقد روي البيت بالوجهين : أَعني تُخَيَّطُ ، بفتح الياء ، وتُخَيِّطُ ، بكسرها ، والخاء مفتوحة في الوجهين . وخَيْطُ باطِلٍ : الضَّوْء الذي يدخُل من الكُوَّةِ ، يقال : هو أَدَقُّ من خَيْطِ باطِلٍ ؛ حكاه ثعلب ، وقيل : خَيْطُ باطِلٍ الذي يقال له لُعابُ الشمس ومُخاطُ الشيطان ، وكان مَرْوانُ بن الحَكَمِ يُلَقَّب بذلك لأَنه كان طويلاً مُضْطَرِباً ؛ قال الشاعر : لَحى اللّهُ قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطِلٍ على الناس ، يُعْطِي مَن يَشاءُ ويَمْنَعُ وقال ابن بري : خَيْطُ باطِل هو الخيط الذي يخرج من فَمِ العَنْكَبوتِ . أَحمد بن يحيى : يقال فلان أَدَقُّ من خَيْطِ الباطل ، قال : وخَيْطُ الباطل هو الهَباء المَنْثور الذي يدخل من الكوّة عند حَمْي الشمس ، يُضْرَبُ مَثَلاً لمن يَهُون أَمرُه . والخَيْطةُ : خَيْطٌ يكون مع حَبْل مُشْتارِ العسل ، فإِذا أَراد الخَلِيَّةَ ثم أَراد الحبل جَذَبه بذلك الخيط وهو مَرْبُوط إِليه ؛ قال أَبو ذؤيب : تَدَلَّى عليها بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ بجَرداء ، مثلِ الوَكْفِ ، يَكْبُو غُرابُها وأَورد الجوهري هذا البيتَ مستشهداً به على الوَتدِ . وقال أَبو عمرو : الخَيْطةُ حبل لطيف يتخذ من السَّلَبِ ؛
وأَنشد في التهذيب : تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطةٍ شَديدُ الوَصاةِ ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ وقال :، قال الأَصمعي السِّبُّ الحبل والخَيْطةُ الوَتِدُ . ابن سيده : الخيْطة الوتِد في كلام هُذيل ، وقيل الحبل . والخَيْطُ والخِيطُ : جماعة النَّعامِ ، وقد يكون من البقر ، والجمع خِيطانٌ . والخَيْطى : كالخِيطِ مثل سَكْرى ؛ قال لبيد : وخَيْطاً من خَواضِبَ مُؤْلَفاتٍ ، كأَنَّ رِئالَها ورَقُ الإِفالِ وهذا البيت نسبه ابن بري لشبيل ، قال : ويجمع على خِيطانٍ وأَخْياطٍ . الليث : نَعامة خَيْطاء بَيِّنَةُ الخَيَطِ ، وخَيَطُها : طُولُ قَصَبِها وعُنُقِها ، ويقال : هو ما فيها من اخْتِلاطِ سوادٍ في بياض لازِمٍ لها كالعَيَسِ في الإِبل العِراب ، وقيل : خَيَطُها أَنها تَتقاطَرُ وتَتَّابعُ كالخَيْطِ الممدود . ويقال : خاطَ فلان بعيراً ببعير إِذا قَرَن بينهما ؛ قال رَكّاضٌ الدُّبَيْرِي : بَلِيدٌ لم يخِطْ حَرْفاً بعَنْسٍ ، ولكنْ كان يَخْتاطُ الخِفاء أَي لم يقْرُن بعيراً ببعير ، أَراد أَنه ليس من أَرْباب النَّعَم . والخِفاء : الثوبُ الذي يُتَغَطَّى به . والخَيْطُ والخِيطُ : القِطْعةُ من الجراد ، والجمع خِيطانٌ أَيضاً . ونَعامةٌ خَيْطاء بَيّنةُ الخَيطِ : طويلة العُنق . وخَيْطُ الرَّقَبة : نُخاعُها . يقال : جاحَش فلان عن خَيْطِ رقَبته أَي دافَع عن دََمِه . وما آتِيك إِلا الخَيْطةَ أَي الفَيْنةَ . وخاطَ إِليهم خَيْطةً : مرّ عليهم مرّة واحدة ، وقيل : خاط إِليهم خَيْطةً واخْتاطَ واخْتَطى ، مقلوب : مرّ مَرّاً لا يكاد ينقطع ؛ قال كراع : هو مأْخوذ من الخَطْوِ ، مقلوب عنه ؛ قال ابن سيده : وهذا خطَأٌ إِذ لو كان كذلك لقالوا خاطَه خَوْطةً ولم يقولوا خَيْطةً ، قال : وليس مثل كراع يُؤمَن على هذا . الليث : يقال خاط فلان خَيْطةً واحدة إِذا سار سَيْرة ولم يَقطع السير ، وخاطَ الحَيّةُ إِذا انساب على الأَرض ، ومَخِيطُ الحَيّةِ : مَزْحَفُها ، والمَخيطُ : المَمَرُّ والمَسْلَكُ ؛ قال ذو الرمة : وبينَهما مَلْقى زِمامٍ كأَنّه مَخِيطُ شُجاعٍ ، آخِرَ الليلِ ، ثائر
ويقال : خاطَ فلان إِلى فلان أَي مرّ إِليه . وفي نوادر الأَعراب : خاط فلان خَيْطاً إِذا مَضى سريعاً ، وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً مثله ، وكذلك مَخَطَ في الأَرض مَخْطاً . ابن شميل : في البطن مَقاطُّه ومَخِيطُه ، قال : ومخيطه مجتمع الصِّفاقِ وهو ظاهر البطن . "