الوَاحِدُ : أَوَّلُ عَدَدِ الحِسَابِ . وفي المصباح : الوَاحِدُ : مُفْتَتَحُ العَدَدِ وقد يُثَنَّى . أَنشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ
فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَاحِدَيْنِ عَلَوْتُهُ ... بِذِي الكَفِّ إِنِّي لِلْكُمَاةِ ضَرُوبُ وقد أَنكَر أَبو العباس تَثْنِيَتَه كما نَقلَه عنه شيخُنا . قلت : وسيأْتي قريباً ومَرَّ للمصنِّف بِعَيْنِه في أَ ح د ج واحِدُونَ ونَقَلَ الجَوهرِيُّ عن الفَرَّاءِ يقال : أَنتم حَيٌّ واحِدٌ وحَيٌّ واحِدُونَ كما يُقَال شِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وأَنشد للكميت :
فَضَمَّ قَوَاصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ ... فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ وَاحِدِينَا الواحد : المُتَقَدِّم في عِلْم أَو بأْسٍ أَو غَيْرِ ذلك كأَنه لا مِثْلَ له فهو وَحْدَه لذلك قال أَبو خِرَاشٍ
أَقْبَلْتُ لاَ يَشْتَدُّ شَدِّي وَاحِدٌ ... عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرَابِ وُحْدَانٌ وأُحْدانٌ كرَاكبٍ ورُكْبَان ورَاعٍ ورُعْيَانٍ قال الأَزهريُّ يقال في جَمْعِ الواحدِ أُحْدَانٌ والأَصْل وُحْدَانٌ فقُلِبت الواوُ هَمزةً لانْضِمامِها قال الهُذَلِيُّ :
" يَحْمِي الصَّرِيمَةَ أُحْدَانُ الرِّجَالِ لَهُصَيْدٌ ومُجْتَرِىءٌ بِاللَّيْلِ هَمَّاسُ قال ابن سِيده : فأَمَّا قَوْلُه :
" طَارُوا إِلَيْهِ زُرَافَاتٍ وَأُحْدَانَا
فقد يجوز أَن يَعْنِيَ : أَفْرَاداً وهو أَجْوَدُ لقوله : زُرَافَات وقد يَجُوز أَن يَعْنِيَ به الشُّجْعَانَ الذين لا نَظِيرَ لهم في البَأْسِ . الواحِدُ بمَعنَى الأَحَدِ همزتُه أَيضاً بَدَلٌ من الواو وروَى الأَزهَرِيُّ عن أَبي العبّاسِ أَنه سُئِل عن الآحاد أَهِي جَمْعُ الأَحَدِ ؟ فقال : معاذَ اللهِ ليس للأَحَدِ جَمْعٌ ولكن إِن جُعِلَتْ جَمْعَ الواحِد فهو مُحْتَمَلٌ مثلُ شَاهِدٍ وأَشْهَادٍ قال : وليس للواحِدِ تَثْنِيَة ولا للاثْنينِ واحِدٌ مِن جِنْسِه وقال أَو إِسحاقَ النحويُّ : الأَحَدُ أَصلُه الوَحَدُ وقال غيرُه : الفَرْقُ بين الوَاحِد والأَحَدِ أَن الأَحَدَ شيْءٌ بُنِيَ لِنَفْيِ ما يُذْكَر مَعَه مِن العَدَدِ والواحِدُ اسم لِمُفْتَتَحِ العَددِ وأَحَدٌ يَصْلُح في الكلامِ في مَوْضِع الجُحُودِ وواحدٌ في موضِع الإِثباتِ يقال : ما أَتاني منهم أَحَدٌ فمعناه : لاوَاحِدٌ أَتَانِي ولا اثنانِ وإِذا قلتَ جاءَني منهم واحِدٌ فمعناه أَنه لم يَأْتِنِي منهم اثنانِ فهذا حَدُّ الأَحَدِ ما لم يُضَفْ فإِذا أُضِيف قَرُبَ من مَعْنَى الواحِدِ وذلك أَنك تقولُ : قال أَحَدُ الثلاثةِ كَذَا وكَذَا وأَنت تُرِيد واحِداً من الثلاثةِ والواحِدُ بُنِيَ على انْقِطَاعِ النَّظِيرِ وعَوَزِ المِثْلِ والوَحِيدُ بُنِيَ عَلَى الوَحْدَةِ والانْفِرَادِ عن الأَصْحابِ مِنْ طَرِيقِ بَيْنُونَتِه عنْهمْ . وَحدَ كعَلِمَ وكَرُمَ يَحِدُ فيهما قال شيخُنَا : كِلاَهما مما لاَ نَظِيرَ له ولم يَذْكُرْهُ أَئِمَّةُ اللغة والصَّرْفِ فإِن وَحِدَ كعَلِم يَلْحَقُ بباب وَرِث ويُسْتَدْرَك به على الأَلفاظِ التي أَوْرَدَهَا الشيخُ ابنُ مالكٍ في مُصَنَّفاتِه الكافِيَةِ والتَّسْهِيلِ وأَشارَ إِليها في لامِيَّةِ الأَفعال الثمانِيةَ واسْتَدْرَك الشيخُ بَحْرَقٌ في شَرْحِها عليه أَلْفاظاً مِن القَاموسِ وأَغْفَلَ هذا اللفْظَ مع أَنَّه أَوْضَحُ مما استدْرَكه عليه لوْ صَحَّ لأَن تلك فيها لُغاتٌ تثخَرَّجُ على التَّداخُلِ وأَما هذا فهو من بابِها نَصًّا على ما قاله ولو وَزَنَه بِوَرِث لكان أَقْرَب للصِّنَاعَةِ وأَجْرَى عَلى قَوَاعِدِه وأَمَّا اللُّغَةُ الثانِيةُ فلا تُعْرَف ولا نَظِير لَها لأَن فَعُلَ بالضمّ قد تَقَرَّرَ أَنّ مُضَارِعه إِنما يكون على يَفْعُل بالضَّمّ وشذَّ منه لَبُبَ بالضم يَلْبَبُ بالفتح ومع ذلك أَنْكَرُوه وقالوا هو من التَّدَاخُلِ كما ذَكَرْنَا هنالك أَمَّا فَعُلَ بالضمّ يَكونُ مُضَارِعه يَفْعِل بالكسر فهذا من الغرائب التي لم يَقُلْهَا قائِلٌ ولا نَقَلَها ناقِلٌ نعم وَرَدَ عَكْسُه وهو فَعِل بالكسر يَفْعُلُ بِالضم في فَضِلَ بِالكسر يَفْضُل بالضمّ ونَعِمَ يَنْعُمُ لاثالث لهما كما قاله ابنُ القُوطِيَّةِ وغيرُه فَصَوَّبَ الأَكثرونَ أَنه من التَّدَاخُل وبما قَرَّرنَاه يُعْلَم أَن كلامَ المُصنِّف فيه مُخَالَفَةٌ لكلامِ الجُمهورِ مِن وُجوه فتَأَمَّلْ وفي المحكم وَحِدَ ووَحُدَ وَحَادَةً كسَحَابَةٍ ووُحُودَةً ووُحُوداً بضمهما ولم يذكرهما ابنُ سِيدَه ووَحْداً بفتح فسكون ذكرَه ابنُ سيده ووُحْدَةً بالضمّ لم يذكره ابنُ سيده وحِدَةً كِعدَةٍ ذكره ابنُ سِيده : بَقِيَ مُفْرَداً كتَوَحَّدَ . والذي يَظهر لي أَن لفظة فيهما يَجِب إِسقاطُها فيعتَدِلُ كلامُ المصنِّف ويُوافِقُ الأُصولَ والقواعِدَ وذلك لأن اللغتينِ ثابِتتانِ في المُحْكم وفي التكملةِ وَحِدَ ووَحُدَ ونَظَّرَه الصاغانيُّ فقال : وكذلك فَرِدَ وَفَرُدَ وَفَقِهَ وفَقُهَ وسَقِمَ وسَقُمَ وسَفِهَ وسَفُهَ . قلت : وهو نصُّ اللِّحيانيّ في نوادِرِه وزاد : فَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ وقال في تفسيره : أَي بَقِي وَحْدَه انتهى فتأَمَّلْ وفي حديث ابنِ الحَنْظَلِيَّةِ وكان رَجُلاً مُتَوَحِّداً أَي مُنْفَرِداً لا يُخَالِط الناسَ ولا يُجَالِسهم . ووَحَّدَه تَوْحِيداً : جعَلَه وَاحِداً وكذا أَحَّدَهُ كما يُقَال ثَنَّاهُ وثَلَّثَه قال ابنُ سِيده : ويطَّرِدُ إِلى العَشَرةِ عن الشيبانيّ . ورجُلٌ وَحَدٌ وأَحَدٌ مُحَرَّكتينِ ووَحِدٌ ككَتِفٍ ووَحِيدٌ كأَميرٍ ووَحْدٌ : كعَدْلٍ ومُتَوَحِّدٌ أَي مُنْفَرِدٌورَجُلُ وَحِيدٌ : لا أَحَدَ مَعَه يُؤْنِسُه وأَنكر الأَزهريُّ قولهم رَجُلٌ أَحَدٌ فقال لا يُقَال رَجُلٌ أَحَدٌ ولا دِرْهَمٌ أَحَدٌ كما يقال رَجُلٌ واحِدٌ أَي فَرْدٌ لأَن أَحَداً مِن صفاتِ الله عَزَّ وجَلَّ التي استَخْلَصها لِنَفْسه ولا يَشْرَكُه فيها شيءٌ وليس كقولك : اللهُ وَاحِدٌ وهذا شيءٌ واحِدٌ ولا يقالُ شَيْءٌ أَحَدٌ وإِن كانَ بعضُ اللغَويِّينَ قال : إِن الأَصْل في الأَحَدِ وَحَدٌ . وهي أَي الأُنْثى وَحِدَةٌ بفتح فكسر فقط ولذا عَدَلَ عن اصطلاحِه وهو قولُه وهي بِهاءٍ لأَنه لو قال ذلك لاحْتَمَل أَو تَعَيَّن أَن يَرْجِعَ للأَلفاظ التي تُطْلَق على المُذَكَّر مُطْلَقاً قاله شيخُنا قلت : وهذا حكاه أَبو عَلِيٍّ في التَّذْكِرَةِ وأَنشد : َجُلُ وَحِيدٌ : لا أَحَدَ مَعَه يُؤْنِسُه وأَنكر الأَزهريُّ قولهم رَجُلٌ أَحَدٌ فقال لا يُقَال رَجُلٌ أَحَدٌ ولا دِرْهَمٌ أَحَدٌ كما يقال رَجُلٌ واحِدٌ أَي فَرْدٌ لأَن أَحَداً مِن صفاتِ الله عَزَّ وجَلَّ التي استَخْلَصها لِنَفْسه ولا يَشْرَكُه فيها شيءٌ وليس كقولك : اللهُ وَاحِدٌ وهذا شيءٌ واحِدٌ ولا يقالُ شَيْءٌ أَحَدٌ وإِن كانَ بعضُ اللغَويِّينَ قال : إِن الأَصْل في الأَحَدِ وَحَدٌ . وهي أَي الأُنْثى وَحِدَةٌ بفتح فكسر فقط ولذا عَدَلَ عن اصطلاحِه وهو قولُه وهي بِهاءٍ لأَنه لو قال ذلك لاحْتَمَل أَو تَعَيَّن أَن يَرْجِعَ للأَلفاظ التي تُطْلَق على المُذَكَّر مُطْلَقاً قاله شيخُنا قلت : وهذا حكاه أَبو عَلِيٍّ في التَّذْكِرَةِ وأَنشد :
" كَالبَيْدَانَةِ الوَحِدَهْقال الأَزهريُّ : وكذلك فَرِيدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ . وأَوْحدَه للأَعْدَاءِ : تَرَكَه أَوْحَدَ اللهُ تَعَالَى جانِبَه أَي بَقِيَ وَحْدَه في الأَساس : أَوْحَدَ اللهُ فلاناً : جَعَلَه واحِدَ زَمَانِه أَي بِلا نَظِيرٍ وفُلانٌ واحِدُ دَهْرِه أَي لا نَظِيرَ له وكذا أَوْحَدُ أَهلِ زَمانِه . أَوْحَدَتِ الشَّاةُ : وضَعَتْ وَاحِدَةً مِثْل أَفَذَّتْ وأفْرَدَتْ وهي مُوحِدٌ ومُفِذٌّ ومُفْرِدٌ إِذا كانت تلد واحداً ومنه حديث عائشةَ تَصِف عُمَر رضي الله عنهما للهِ أُمٌّ حفَلَتْ عليه ودَرَّتْ لقدْ أَوْحَدَتْ به أَي ولَدَتْه وَحِيداً فَرِيداً لا نَظِيرَ له . يقال دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ بفتح الميمِ والحاءِ وأُحَادَ أُحادَ أَي فَرَادَى واحِداً واحِداً مَعدولٌ عنه أَي عن واحِدٍ واحِدٍ اختصاراً قال سيبويهِ . فَتَحُوا مَوْحَد إِذا كانَ اسْماً موضوعاً ليس بمصْدَرٍ ولا مَكَانٍ ويقال جاءُوا مَثْنَى مَثْنَى ومَوْحَدَ مَوْحَدَ وكذلك جاءُوا ثُلاثَ وثُنَاءَ وأُحَادَ وفي الصّحاح : وقولُهم أُحَادَ ووُحَادَ ومَوْحَدَ غيرُ مَصْرُوفاتٍ للتعْلِيلِ المذكورِ في ثُلاثَ . ورَأَيْتُه والذي في المحكم : ومرَرْت به وَحْدَه مَصْدَرٌ لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع ولا يُغَيَّرُ عن المصدَرِ وهو بمنزلة قولِك إِفْرَاداً . وإِن لم يُتَكَلَّمْ به وأَصلُه أَوْحَدْتُه بِمرُوري إِيحاداً ثم حُذِفَتْ زِيَادَاتُه فجاءَ على الفِعْل ومثلُه قولُهم : عَمْرَكَ اللهَ إِلاَّ فَعَلْتَ أي عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً . قال أَبو بكر : وَحْدَه مَنْصُوبٌ في جَمِيع كلامِ العَربِ إِلاَّ في ثلاثةِ مَواضِعَ تقول . لا إِله إِلاَّ اللهُ وَحْدَه لا شَرِيكَ له ومررْتُ بزيدٍ وَحْدَه وبالقَوْم وَحْدِي قال : وفي نَصْبِ وَحْدَه ثلاثةُ أَقوالٍ : نَصْبُه على الحَالِ وهذا عند البَصْرِيِّينَ قال شيخُنا المدابِغِيّ في حَاشِيَةِ التحرير : وَحْدَه مَنْصُوبٌ على الحالِ أَي مُنْفَرِداً بذلك وهو في الأَصْلِ مَصْدَرٌ مَحذُوفُ الزوائِد يقال أَوْحَدْتُه إِيحاداً أَي أَفْرَادْتُه . لا عَلَى المَصْدَرِ وأَخْطَأَ الجَوْهَرِيُّ أَي في قولِه : وعند أَهلِ البصْرَةِ على المَصْدَرِ في كُلِّ حالٍ كأَنك قُلْتَ أَوحَدْتُه بِرُؤْيتِي إِيحاداً أَي لمْ أَرَ عيرَه . وهذه التَّخْطِئَةُ سبقَه بها ابنُ بَرِّيٍّ كما يَأْتِي النَّقْلُ عنه ويُونُسُ مِنْهُم يَنْصِبُهُ على الظَّرْف بإسْقاطِ علَى فوحْدَه عنده بمنزِلَة عِنْدَه وهو القولُ الثاني والقولُ الثالث أَنه مَنْصُوبٌ على المَصْدَرِ وهو قَوْلُ هِشَامٍ قال ابنُ بَرِّيٍّ عند قَولِ الجوهَرِيّ رأَيْتُه وَحْدَه مَنْصُوب على الظَّرْفِ عندَ أَهْلِ الكُوفَةِ وعِنْد أَهْلِ البَصْرَةِ قال : أَمَّا أَهْلُ البَصْرَة فيَنْصِبُونَه على الحَالِ وهو عِنْدَهم اسمٌ واقِعٌ مَوْقِعَ المَصدَر المُنْتَصِب على الحالِ مثل جاءَ زَيْدٌ رَكْضًا أَي راكِضاً قال : ومن البصريِّينَ مَن يَنْصِبه على الظَّرْفِ قال : وهو مَذْهَب يُونُسَ قال : فليس ذلك مُخْتَصًّا بالكُوفِيِّينَ كما زَعَمَ الجوهَرِيُّ قال : وهذا الفَصْلُ له بابٌ في كُتُب النَّحوِيِّينَ مُسْتَوفًى فيه بيَانُ ذلك أَوْ هُو اسْمٌ مُمَكَّنٌ وهو قول ابن الأَعرابيّ جعل وحده اسماً ومكَّنَه فيقال جَلَسَ وَحْدَه وعلى وَحْدِه وجلسَا عَلى وَحْدِهِمَا على وَحْدَيْهِمَا وجَلسوا على وَحْدِهِم . وفي التهذيب : والوَحْدُ خَفِيفٌ : حِدَةُ كُلِّ شَيْءٍ يقال : وَحَدَ الشيءُ فهو يَحِدُ حِدَةً وكلُّ شيْءٍ على حِدَة فَهو ثَانِي آخَرَ يقال : هذا على حِدَتِه وهما على حِدَتِهما وهم على حِدَتِهِم . وعَلى وَحْدِه أَي تَوَحُّده . وفي حديث جابرٍ ودَفْنِ ابْنِه فَجَعَلَه في قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ أَي مُنْفَرِداً وَحْدَه وأَصْلُها من الواو فحُذِفَت من أَوَّلها وعُوِّضَتْ منها الهاءُ في آخِرِها كعِدَة وزِنَةٍ من الوَعْد والوَزْنِ . وحِدَةُ الشيْءِ : تَوَحُّدُه قالَه ابنُ سيدَه وحكَى أَبو زيد : قُلْنَا هذا الأَمْرَ وحْدِينا وقَالَتَاه وَحْدَيْهِمَا والوَحَدُ مِن الوَحْشِ : المُتَوَحِّدُ . الوَحَدُ : رَجُلٌ لا يُعْرَفُ نَسَبُه وأَصْلُه . وقال الليثُ : الوَحَدُ : المُتَفَرِّدُرَجُلٌ وَحَدٌ وثَوْرٌ وَحَدٌ وتَفْسِيرُ الرجُلِ الوَحَدِ أَن لا يُعْرَف لهُ أَصْلٌ قال النابِغَةُ : َجُلٌ وَحَدٌ وثَوْرٌ وَحَدٌ وتَفْسِيرُ الرجُلِ الوَحَدِ أَن لا يُعْرَف لهُ أَصْلٌ قال النابِغَةُ :
" بِذِي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ والتَّوٍحِيدُ : الإِيمانُ باللهِ وَحْدَه لا شَرِيكَ له . واللهُ الوَاحِدُ الأَوْحَدُ الأَحَدُ والمُتَوَحِّدُ : ذُو الوَحْدَانِيَّةِ والتَّوَحُّدِ قال أَبو منصورٍ : الواحِدُ مُنْفَرِدٌ بالذّات في عَدَمِ المِثْلِ والنَّظِيرِ والأَحَدُ مُنْفَرِدٌ بالمعنَى وقيل : الوَاحِدُ : هو الذي لا يَتَجَزَّأُ ولا يُثنَّى ولا يَقْبَلُ الانْقِسَام ولا نظِيرَ له ولا مِثْلَ ولا يَجْمَعُ هذَيْنِ الوَصْفَيْنِ إِلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ . وقال ابنُ الأَثيرُ : في أَسْمَاءِ اللهِ تعالى الوَاحِدُ قال : هو الفَرْدُ الذي لم يَزَلْ وَحْدَه ولم يَكُنْ مَعَه آخَرُ وقال الأَزهريُّ والواحِدُ مِن صفاتِ الله تَعَالى مَعْنَاه أَنَّه لا ثَانِيَ له ويَجوز أَن يُنْعَتَ الشيْءُ بأَنَّه واحِدٌ فأَمَّا أَحَدٌ فلا يُنْعَتُ به غَيْرُ اللهِ تَعالى لِخُلُوصِ هذا الاسمِ الشرِيفِ له جَلَّ ثَنَاؤه . وتقول : أَحَدْتُ الله ووَحَّدْتُه وهو الوَاحِدُ الأوحَدُ وفي الحديث أَن الله تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالوَحْدَانِيَّةِ لأَحَدٍ غَيْرِهُ شَرُّ أُمَّتِي الوَحْدَانِيُّ المُعْجِبُ بِدِينِه المُرائِي بَعَمَلِه يريد بالوَحْدَانِي المُفَارِقَ الجَمَاعَةِ المُتَفَرِّدَ بِنَفْسِهِ وهو منسوب إِلى الوَحْدَةِ : الانْفِرَادِ بزيادة الأَلَفِ النُّون للمبالغَةِ . وإِذَا رَأَيْتَ أَكَمَاتٍ مُنْفَرِدَاتِ كُلُّ واحِدةٍ بائِنَةٌ كذا في النسخ وفي بعضها : نائِيَةٌ . بالنون والياءِ التَّحِيَّة عن الأُخْرَى فتِلْكَ مِيحَادٌ بالكسر الجمعُ مَوَاحِيدُ وقد زَلَّتْ قَدَمُ الجَوهرِيّ فقال : المِيحَادُ مِن الوَاحِدِ كالمِعْشِارِ مِن العَشَرَةِ هذا خِلاَفُ نَصِّ عِبارته فإِنه قال : والمِيحَادُ من الواحِدِ كالمِعْشَارِ وهو جُزْءٌ واحِد كما أَنَّ المِعْشَارَ عُشْرٌ . ثُمَّ بيَّنَ المُصَنِّف وَجْهَ الغَلَطِ فقال : لأَنَّه إِن أَرادَ الاشتقاقَ وبَيَانَ المَأْخَذِ كما هو المتبادِرُ إِلى الذِّهْنِ فَمَا أَقَلَّ جَدْوَاهُ وقد يقال : إِن الإِشارَةَ لِبَيَانِ مِثْلِه ليس ممَّا يُؤاخَذُ عليه خُصُوصاً وقد صَرَّح به الأَقْدَمُونَ في كُتبهم وإِن أَرادَ أَنَّ المِعْشَارَ عَشَرَةٌ عَشَرةٌ كما أَنَّ المِيحَادَ فَرْدٌ فَرْدٌ فَغَلَطٌ وفي التكملة : فقد زَلَّ لأَنَّ المِعْشَارَ والعُشْرِ واِحِدٌ مِن العَشَرةِ ولا يُقال في المِيحَادِ وَاحِدٌ مِن الواحِدِ هكذا أَوْرَدَه الصاغانيُّ في تَكْمِلَته وقَلَّدَه المُصنِّف على عادَتِه وأَنت خَبِيرٌ بأَنَّ ما ذَكره المُصنِّف ليس مَفْهُومَ عِبَارَتِه التي سُقْنَاهَا عنه ولا يَقُولُ به قائلٌ فَضْلاً عن مثْل هذا الإِمامِ المُقْتَدى به عند الأَعلام . والوَحِيدُ : بِعَيْنِه عن كُرَاع وذكره ذو الرُّمَّة فقال :
أَلاَ يَادَارَ مَيَّةَ بِالوَحِيد ... كأَنَّ رُسُومَها قِطَعُ البُرُودِ وقال السُّكَرِيّ : نَقاً بالدَّهْنَاءِ لبنِي ضَبَّةَ قاله في شَرْحِ قولِ جَريرٍ :
أَسَاءَلْتَ الوَحِيدَ وجَانِبَيْه ... فَمَا لَكَ لا يُكَلِّمُكَ الوَحِيدُ وذَكَر الحَفْصِيُّ مَسافَةَ ما بَيْنَ اليَمَامَةِ والدَّهْنَاءِ ثم قال : وأَوَّلُ جَبَلٍ بالدَّهْنَاءِ يُقَال له الوَحِيدُ وهو ماءٌ من مِيَاه بني عُقَيْلٍ يُقَارِب بلادَ بَنِي الحارث بن كَعْبٍ . والوَحِيدَانِ : مَاءَانِ بِبِلادِ قَيْسٍ مَعْرُوفانِ قاله أَبو منصورٍ وأَنشد غيرُه لابنِ مُقْبِلٍ :
فَأَصْبَحْنَ مِنْ مَاءِ الوَحِيدَيْنِ نُقْرَةً ... بِمِيزَانِ رَغْمٍ إِذْ بَدَا صَدَوَانِ ويُرْوَى الوَجِيدَانِ بالجيم والحاءِ قاله الأَزْدِيُّ عن خالِدٍ . والوَحِيدَةُ : من أَعْرَاضِ المَدِينَة على مُشْرِّفها أَفضْلُ الصلاةِ والسلامِ بَيْنَها وبينَ مَكَّة زِيدَتْ شَرَفاً قال ابنُ هَرْمَةَ :أَدَارَ سُلَيْمَى بِالوَحِيدَةِ فَالغَمْرِ أَبِينِي سَقَاكِ القَطْرُ مِنْ مَنْزِلٍ قَفْرِ يقال : فَعَلَه مِنْ ذاتِ حِدَتِه وعلى ذاتِ حِدَتِه ومن ذِي حِدَتِه أَي مِن ذاتِ نَفْسِه وذاتِ رَأْيِه قاله أَبو زيد تقول : ذلك أَمْرٌ لَسْتُ فيه بِأَوْحَدَ أَي لا أُخَصُّ به وفي التهذيب : أَي لَسْتُ عَلَى حِدَةٍ وفي الصحاح : ويقال : لَسْتُ في هذا الأَمْرِ بأَوْحَدَ ولا يُقَال للأُنْثَى وَحْدَاءُ انتهى : وقيل : أَي لَسْتُ بِعَادِمٍ فيه مِثْلاً أَو عِدْلاً وأَنْشَدَنا شيخُنَا المَرحوم مُحمّد بن الطيِّب قال : أَنْشدَنَا أَبو عبد الله مُحَمّد بن المسناويّ قال : مما قَالَه الإِمامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مُعَرِّضاً بأَنّ الإِمَامَ أَشْهَبَ رحمه الله يَتَمَنَّى مَوْتَه :
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ فَإِنْ أَمُتْ ... فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيها بِأَوْحَدِ
" فَقُلْ لِلَّذِي يَبْغِي خِلاَف الَّذِي مَضَىتَهَيَّأْ لأُخْرَى مِثْلِهَا فكَأَنْ قَدِ قلتُ : ويُجْمَع الأَوْحَدُ على أُحْدَانٍ مثل أَسْوَدَ وسُودَانٍ قال الكُمَيْت :
" فَبَاكَرَهُ والشَّمْسُ لَمْ يَبْدُ قَرْنُهَابِأُحْدَانِه المُسْتَوْلِغَاتِ المُكَلِّبُ يَعْنِي كِلابَه التي لا مِثْلُهَا كِلاَبٌ أي هي واحِدَةُ الكِلابِ . في المحكم : وفُلاَنٌ لا وَاحِدَ له أَي لا نَظِيرَ له . ولا يَقُوم لهذا الأَمْرِ إِلاَّ ابْنُ إِحْدَاها يقال : هو ابنُ إِحْدَاهَا إِذا كان كَرِيم الآباءِ والأُمَّهَاتِ مِن الرِّجَالِ والإِبِلِ وقال أَبو زيد : لا يَقُومُ بهذا الأَمْرِ إِلاَّ ابنُ إِحْدَاها أَي الكَرِيمُ مِن الرِّجَالِ . وفي النوادر : لا يَستطيعُها إِلاَّ ابنُ إِحْدَاتِها يعني إِلاَّ ابْنُ وَاحِدةَ منها . وَوَاحِدُ الآحَادِ وإِحدى الإِحَدِ وواحد الأَحَدِينَ وأَن أَحَداً تَصغيره أُحَيْد وتَصْغِير إِحْدَى أُحَيْدَى مَرَّ ذِكْرُه في أَ ح د واختار المُصنِّف تَبعاً لشيخِه أَبي حَيَّان أَن الأَحَدِ مِن مادة الوَحْدَة كما حَرَّرَه وأَن التفرِقَة إِنما هي في المَعاني وجَزَم أَقوامٌ بأَن الأَحَدَ من مادَّة الهَمزة وأَنه لا بَدَلَ قاله شيخُنا . وَنَسِيجُ وَحْدِه مَدْحٌ وعُيَيْرُ وَحْدِه وجُحَيْشُ وَحْدِه كلاهما ذَمٌّ الأَوَّل كأَمِيرٍ والاثنانِ بعْدَه تَصْغِيرُ عَيْرٍ وجَحْش وكذلك رُجَيْلُ وَحْدِه وقد ذكرَ الكُلَّ أَهْلُ الأَمْثَال وكذلك المصنِّف فقد ذَكَرَ كُلَّ كَلِمَةٍ في بَابِها وكُلُّهَا مَجَازٌ كما صَرَّحَ به الزمخشريُّ غيرُه قال الليثُ : الوَحْدُ في كُلِّ شيْءٍ مَنصوبٌ جَرَى مَجْرَى المَصْدَرِخارِجاً مِن الوَصْفِ ليس بِنَعْتٍ فيَتْبَع الاسْمَ ولا بِخَبَرٍ فيُقْصَد إِليه فكانَ النَّصْب أَوْلَى به إِلاّ أَنّ العَرَب أَضافَتْ إِليه فقالَتْ هو نَسِيجُ وَحْدِه وهما نَسِيجاً وَحْدِهما وهُمْ نَسِيجُو وَحْدِهم وهي نَسِيجَةُ وَحْدِهَا وهُنَّ نَسَائِجُ وَحْدِهِنَّ وهو الرَّجُلُ المُصِيبُ الرَّأْيِ قال : وكذلك قَرِيعُ وَحْدِه وهو الذي لا يُقَارِعُه في الفَضْلِ أَحدٌ . وقال هِشَامٌ والفَرَّاءُ : نَسيجُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه ووَاحِدُ أُمِّهِ نَكِرَاتٌ الدَّليلُ على هذا أَنَّ العَرَب تقولُ : رُبَّ نَسِيجِ وَحْدِه قد رأَيْتُ ورُبَّ وَاحِدِ أُمِّه قَدْ أَسَرْت قال حاتِمٌ :
أَماوِيَّ إِنِّي رُبَّ وَاحِدِ أُمِّهِ ... أَخَذْتُ وَلاَ قَتْلٌ عَلَيْهِ ولا أَسْرُوقال أَبو عُبَيْدٍ في قولِ عائشَةَ وَوَصْفِها عُمَرَ رضي الله عنهما كَان وَاللهِ أَحْوَذِيًّا نَسِيجَ وَحْدِه تَعْنِي أَنَّه ليس له شِبْهٌ في رَأْيِه وجَمِيعِ اُمورِه . قال : والعرب تَنْصِبُ وَحْده في الكلام كُلِّه لا تَرْفَعُه ولا تَخْفِضُه إِلا في ثَلاَثَةِ أَحْرُفٍ : نَسِيجُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه وجُحَيْشُ وَحْدِه قال شَمِرٌ : أَمَّا نَسِيجُ وَحْدِه فَمَدْحٌ وأَمّا جُحَيْشُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه فمَوْضوعانِ مَوْضِعَ الذَّمِّ وهما اللذانِ لا يُشَاوِرَانِ أَحَداً ولا يُخَالِطَانِ وفيهما مع ذلِك مهَانَةٌ وضَعْفٌ وقال غيرُه : معنَى قَوْلِه نَسِيجُ وَحْدِه أَنَّه لا ثَانِيَ له وأَصْلُه الثَّوْبُ الذي لا يُسْدَى على سَدَاه لِرِقَّتِه غَيْرُهُ مِن الثِّيَابِ وعن ابنِ الأَعْرَابيّ : يقال : هو نَسِيجُ وَحْدِه وعُيَيْرُ وَحْدِه ورُجَيْلُ وَحْدِه وعن ابن السِّكِّيت : تقول : هذا رَجُلٌ لا وَاحِدَ له كما تقول : هو نَسِيجُ وَحْدِه وفي حَدِيث عُمَرَ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى نَسِيجِ وَحْدِه . وإِحْدَى بَنَاتِ طَبَقٍ : الدَّاهِيَةُ وقيل : الحَيَّةُ سُمِّيَتْ بذلك لِتَلَوِّيها حتى تَصِيرَ كالطَّبَقِ . في الصّحاح : بنُو الوَحِيدِ : قَوْمٌ من بني كِلاَب بن رَبيعةَ بن عامِرِ بن صَعْصَعَةَ . والوُحْدَانُ بالضمِّ : أَرْضٌ وقيل رِمَالٌ مُنْقَطِعَةٌ قال الراعي :
حَتَّى إِذا هَبَطَ الوُحْدَانُ وَانْكَشَفَتْ ... عَنْهُ سَلاَسِلُ رَمْلٍ بَيْنَها رُبَدُ وتَوَحَّدَه اللهُ تَعالى بِعِصْمَتِه أي عَصَمَه ولم يَكِلْهُ إِلى غَيْرِه . وفي التهذيب : وأَما قولُ الناسِ تَوَحَّدَ اللهُ بالأَمْرِ وتَفَرَّدَ فإِنه وإِن كان صحيحاً فإِني لا أُحِبّ أَن أَلْفِظَ به في صِفَةِ الله تعالى في المَعْنَى إِلاَّ بما وَصَفَ بِه نَفْسَه في التَّنْزِيلِ أَو في السُّنَّةِ ولم أَجِد المُتَوَحِّدَ في صِفَاتِه ولا المُتَفَرَّدَ وإِنّمَا نَنْتَهِي في صِفَاته إِلى ما وَصَفَ به نَفسَه ولانُجَاوِزُهُ إِلى غيرِه لمَجَازِه في العَرَبِيَّةِ . ومما يستدرك عليه : الأُحْدَانُ بالضَّمّ : السِّهَامُ الأَفْرَادُ التي لا نَظائرَ لها وبه فسّر قول الشاعِر :
لِيَهْنِيءْ تُرَاثِي لاِمْرِيءٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ ... صَنَابِرُ أُحْدَانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَرِيعَاتُ مَوْتٍ رَيِّثَاتُ إِفَاقَةٍ ... إِذَا مَا حُمِلْنَ حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ والصَّنابِر : السِّهَام الرِّقَاق وحكَى اللحيانيُّ : عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفْرَاداً ووِحَاداً قال : وقال بعضُهم : أَعْدَدْت الدَّراهِمَ أَفرَاداً وَوِحَاداً ثم قال لا أَدْرِي أَعْدَدْتُ أَمِنَ العَدَدِ أَم من العُدَّةِ . وقال أَبو مَنْصُور : وتقول : بَقِيتُ وَحِيداً فَرِيداً حَرِيداً بمعنًى واحدٍ ولا يُقَال بقيتُ أَوْحَدَ وأَنت تُريدُ فَرْداً وكلامُ العَرَبِ يَجِيءُ على مَا بُنِيَ عليه وأُخِذَ عَنْهُمْ ولا يُعْدَّى به مَوْضِعُه ولا يَجُوز أَن يَتَكَلَّمَ به غيرُ أَهلِ المَعرِفة الراسخينَ فيه الذين أَخَذُوه عن العَرَبِ أَو عمّن أَخَذَ عنهم من ذَوِي التَّمْييزِ والثَّقَة . وحكى سيبويهِ : الوَحْدَةُ في معنى التَّوَحُّد . وتَوَحَّدَ بِرَأْيِهِ : تَفَرَّدَ به . وأَوْحَدَه النَّاسُ : تَرَكُوه وَحْدَهُ وقال اللِّحْيَانيُّ : قال الكسائيُّ : ما أَنْتَ مِن الأَحَدِ أَي من الناسِ وأَنشد :
وَلَيْسَ يَطْلُبُنِي في أَمْرِ غَانِيَةٍ ... إِلاَّ كعَمْرٍو وَمَا عَمْرٌو مِنَ الأَحَدِ قال : ولو قلْتَ : ما هُو مِنَ الإِنسانِ تُرِيد ما هُو مِن النَّاسِ أَصْبَتَ وبنو الوَحَدِ قَوْمٌ من تَغْلِبَ حكاه ابنُ الأَعْرَابيّ وبه فسّر قوله :
" فَلَوْ كُنْتُمُ مِنَّا أَخَذْنَا بِأَخْذِكُمْوَلكِنَّهَا الأَوْحَادُ أَسْفَلُ سَافِلِأَراد بني الوَحَدِ من بني تَغْلِبَ : جعل كُلَّ واحِدٍ منهم أَحَداً . وابنُ الوَحِيدِ الكاتبُ صاحِبُ الخَطِّ المَنْسُوبِ هو شَرَفُ الدينِ محمد ابن شَرِيف بن يوسف تَرْجَمه الصَّلاَح الصَّفَدِيُّ في الوافي بالوَفَيَاتِ . ووَحْدَةُ من عَمَلِ تِلِمْسَانَ منها أَبو محمّد عبد الله بن سعيد الوَحْديّ وَلِىَ قَضَاءَ بَلَنْسِيةَ وكان من أَئِمَّة المالِكِيّةَ توفِّيَ سنة 510 . والواحِدِيُّ معروف من المُفَسِّرِين . وأَبو حَيَّان عليّ بن محمّد بن العبَّاس التَّوْحِيدِيّ نِسبة لِنَوْعٍ من التَّمْرِ يقال له التَّوْحِيد وقيل هو المُرَاد من قَوْلَ المَتَنَبِّي :
" هُوَ عِنْدِي أَحْلَى مِنَ التَّوْحِيدِ وقيل : أَحْلَى مِن الرَّشْفَةِ الوَاحِدَةِ وقال ابنُ قاضِي شَهْبَةَ وإِنما قيل لأَبي حَيَّانَ : التَّوْحِيديُّ لأَن أَباه كان يَبِيع التًّوْحِيدِ ببغدَادَ وهو نَوْعٌ من التَّمْر بالعِراقِ . وواحِدٌ : جَبَلٌ لِكَلْبٍ قال عَمْرُو بنُ العَدَّاءِ الأَجْدَارِيُّ ثم الكَلْبِيُّ :
" أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةًبِإِنْبِطَ أَوْ بِالرَّوْضِ شَرْقِيَّ وَاحِدِ
بِمَنْزِلَةٍ جَادَ الرَّبِيعُ رِيَاضَهَا ... قَصِيرٌ بِهَا لَيْلُ العَذَارَى الرَّوَافِدِ
وحَيْثُ تَرَى جُرْدَ الجِيَادِ صَوَافِناً ... يُقَوِّدُهَا غِلْمَانُنَا بِالقَلائِدِ كذا في المعجم . تَذيِيل . قال الرّاغِبُ الأَصْبهانيّ في المُفْرَدَات : الواحِد في الحَقِيقَة هو الشيءُ الذي لا جُزْءَ له البَتَّةَ ثم يُطْلَقُ على كُلَِ موجودٍ حتى أَنَّه ما مِن عَدَدٍ إِلاَّ ويَصِحُّ وَصْفُه به فيقال عَشَرَةٌ واحِدَةٌ ومائةٌ واحِدَةٌ فالوَاحِدُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُسْتَعْمَل على سِتَّةِ أَوْجُهٍ . الأَوّل ما كان واحِداً في الجِنْسِ أَو في النَّوْعِ كقولِنا الإِنسان والفَرس واحِدٌ في الجِنْس وزَيْدٌ وعَمْرٌو واحِدٌ في النَّوْعِ . الثاني ما كان واحِداً بالاتّصال إِما من حَيْثُ الخِلْقَةُ كقولك شَخْصٌ واحِدٌ وإِما من حيثُ الصّنَاعَةُ كقولك حِرْفَةٌ واحدة . الثالث ما كان واحِداً لِعَدَم نَظيرِه . إِما في الخِلْقَةِ . كقولك الشَّمْسُ واحِدَةٌ وإِما في دَعْوَى الفَضِيلَة كقَولك فُلانٌ واحِدُ دَهْرِه وكقولك نَسِيجُ وُجْدِه . الرابِع : ما كانَ واحِداً لاِمْتِنَاع التَّجَزِّي فيه إِمَّا لِصِغَرِه كالهَبَاءِ وإِما لِصَلاَبَتِه كالمَاسِ . الخَامِس للمَبْدَإِ إِمّا لِمَبْدَإِ العَدَدِ كقولِك واحِد اثنانِ وإِما لمبدإِ الخَطِّ كقولِك : النُّقْطَة الواحِدَة . والوَحْدَة في كُلِّهَا عَارِضَةٌ وإِذا وُصِف اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالوَاحِدِ فمَعْنَاهُ هو الذي لا يَصِحُّ عَلَيْه التَّجَزِّي ولا التكثُّر . ولصُعوبةِ هذه الوَحدَةِ قال الله تعالى : " وإّذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ . . " الآية هكذا نقلَه المُصَنِّف في البصائر وقد أَسْقَطَ ذِكْرَ الثالِث والسادِس فلعلَّه سَقَطَ من الناسِخ فليُنْظَرْ . تَكميل : التَّوْحِيدُ تَوْحِيدَانِ . تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة وتَوْحِيدُ الأِلهيَّة . فصاحِبُ تَوْحِيد الرَّبَّانِيَّةِ يَشْهَد قَيُّومِيَّةَ الرَّبِ فَوْقَ عَرْشِه يُدَبِّرُ أَمْرَ عِبَادِه وَحْدَه فلا خالِقَ ولا رَازِقَ ولا مُعْطِيَ ولا مَانِعَ ولا مُحْيِىَ ولا مُمِيتَ ولا مُدَبِّرَ لأَمْرِ المَمْلَكَةِ ظَاهِراً وباطِناً غيرُه فما شاءَ كانَ وما لم يَشَأْ لم يَكُنْ ولا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ إِلاَّ بإِذْنِه ولا يَجُوز حادِثٌ إِلاَّ بِمَشِيئَتِه ولا تَسْقُط وَرَقَةٌ إِلاَّ بِعِلْمِه ولا يَعْزُب عنه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّموات ولا في الأَرْضِ ولا أَصْغَرُ مِن ذلك ولا أَكْبَرُ إِلاَّ وقد أَحْصَاها عِلْمُه وأَحاطتْ بها قُدْرَتُه ونَفَذَتْ فيها مَشِئَتُه واقْتَضَتْهَا حِكْمَتُه . وأَمّا تَوْحِيدُ الإِلهِيَّة فهو أَن يُجْمِعَ هِمَّتَه وقَلْبَه وعَزْمَه وإِرادَتَه وحَرَكاتِه على أَداءِ حَقِّه والقيامِ بِعُبُودِيَّتِهِ . وأَنشَدَ صاحِبُ المنَازِل أَبياتاً ثلاثَةً ختَم بها كِتَابَه :
مَا وَحَّدَ الوَاحِدَ مِنْ وَاحِدٍ ... إِذْ كُلُّ مَنْ وَحَّدَه جَاحِدُتَوْحِيدُ مَنْ يَنْطِقُ عَنْ نَفْسِهِ ... عَارِيَةٌ أَبْطَلَهَا الوَاحِدُ
تَوْحِيدُهُ إِيَّاهُ تَوْحِيدُهُ ... ونَعْتُ مَنْ يَنْعَتُه لاَحِدُ وحاصِل كلامِه وأَحْسَنُ ما يُحْمَلُ عليه أَن الفَنَاءَ في شُهُودِ الأَزَلِيَّةِ والحُكْمِ يَمْحُو شُهُودَ العَبْدِ لِنَفْسِه وصِفَاتِه فَضْلاً عن شُهُودِ غَيْرِه فلا يَشْهَدُ مَوْجُوداً فاعِلاً على الحَقِيقَةِ إِلا اللهَ وَحْدَه وفي هذا الشُّهودِ تَفْنَى الرسُومُ كُلُّهَا فَيَمْحَقُ هذا الشُّهُودُ مِن القَلْبِ كُلَّ مَا سِوَى الحَقِّ إِلاَّ أَنه يَمْحَقُه مِن الوُجُودِ وحينئذٍ يَشْهَد أَنَّ التَّوْحِيدَ الحَقِيقيَّ غيرَ المُسْتَعَارِ هو تَوْحِيدُ الرَّبِّ تَعَالَى نَفْسِه وتَوْحِيدُ غَيْرِه له عارِيَةٌ محْضَةٌ أَعَارَهُ إِيَّاه مالِكُ المُلُوكِ والعَوَارِي مَرْدُودَة إِلى مَن تُرَدُّ إِليه الأُمُورُ كُلُّهَا . " ثُمَّ رُدُّوا إِلى اللهِ مَوْلاَهُم الحَقِّ " . وقد استَطْرَدْنَا هذا الكلامَ تَبرُّكاً به لئلاً يَخْلُوَ كِتَابُنَا مِن بَرَكَاتِ أَسْرَارِ آثارِ التَوْحِيد والله يَقولُ الحَقَّ وَهْوَ يَهْدِي سَوَاءَ السَّبِيلِ