الطَّبَق مُحرَّكة : غِطاءُ كلّ شيء لازِمٌ عليه يُقال : وضَع الطّبَقَ على الحُبِّ وهو قِناعُه ج : أطْباقٌ وأطبِقة . الأخير غَريبٌ لم أجِدْه في أمّهات اللّغَة ولعلّ الصواب : وأطْبَقَه وطبّقَه تطْبيقاً : غطّاه فانْطَبَق وقد يُقال : لو كانَ كذا ما احْتاج الى إعادَة قوْله : وأطْبَقَه فتطبّقَ إلاّ أنْ يُقال : إنّه إنّما أعادَه ليُعْلَم أن الانْطِباق مُطاوِعُ الإطْباق والتّطْبيق والتّطبُّق مطاوع الإطْباقِ وحْدَه وفيه تأمُّلٌ . ومنه قولُهم : لو تطبّقَت السّماءُ على الأرضِ ما فعَلتُ كذا . والطّبَقُ أيضاً من كلّ شيء : ما ساوَاه والجمْع أطْباقٌ . وقولُه :
" ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أطْباقْ
معْناه أنّ بعضَه طبَقٌ لبَعْض أي : مُساوٍ له وجمَع لأنّه عَنَى الجِنْس وقد يجوزُ أن يكونَ من نعتِ اللّيلةِ أي : بعضُ ظُلَمِها مُساو لبعْضٍ فيكون كجُبّةِ أخلاقٍ ونحوِها . وقد طابَقَه مُطابَقة وطِباقاً : وافقَه وساواه . والطّبَقُ : وجهُ الأرضِ وهو مَجازٌ . والطّبَقُ : الذي يؤكَل عليه وفيه وأيضاً لِما توضَع عليه الفَواكِهُ كما في المُفرداتِ . ومن المَجازِ : الطَّبَق : القَرْن : من الزّمان . ومنه قولُ العبّاسِ - رضيَ اللهُ عنه - يمدحُ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم :
تُنقَل من صالَبٍ الى رَحِمٍ ... إذا مَضى عالَمٌ بدَا طَبَقُأي : إذا مضَى قَرْنٌ بَدا قرْنٌ . وقيلَ للقَرْن : طَبَق ؛ لأنّهم طبَقٌ للأرض ثم ينقَرِضون ويأتي طبَقٌ آخرُ . وقال ابنُ عرَفَة : يُقال : مَضَى طبَقٌ وجاءَ طبَق أي : مضَى عالَمٌ وجاءَ عالَمٌ . وقال ابنُ الأعرابيّ : الطَّبَقُ : الأمّة بعدَ الأمّة . أو الطَّبَق : عِشْرون سنَة والذي في كتابِ الهَجَريِّ عن ابنِ عبّاس : الطّبَقةَ : عشرونَ سنةً . والطّبَق من النّاس ومن الجَرادِ : الكَثير أو الجَماعَةُ كالطِّبْق بالكَسْر . قال الأصمعي : الطِّبْق بالكسْر : الجَماعةُ من النّآس . وقال ابنُ سِيدَه : الطَّبَق : الجماعَةُ من الناس يعدِلون جَماعةً مثلَهم . وفي الحديث : أنّ مَريَم عليها السّلام جاعَتْ فجاءَها طبَقٌ من جَراد فصادَتْ منه أي : قَطيعٌ من الجَراد . ومن المَجاز : الطَّبَق : الحال على اخْتِلافِها عن ابنِ الأعرابي . ومنه قولُه تعالى : ( لتَرْكَبُنّ طَبَقاً عن طَبَقٍ ) أي : حالاً بعد حالِ ومنزِلَةً بعد منزِلة كما في الأساس . وفي الصِّحاح حالاً عن حالٍ يوْمَ القيامةِ . قلتُ : ويقَع عن موقِع بعْدَ كَثيراً مثْل قوْلهم : ورِثَه كابِراً عن كابِرٍ أي : بعْدَ كابرٍ قالَه أبو عليّ . وقال أبو بكر : معْناه لتَركَبُنّ السّماءَ حالاً بعْدَ حالٍ ؛ لأنّها تكون في حالٍ كالمُهْلِ ثم كالفَرَسِ الوَرْدِ وفي حال كالدِّهان . قال الصاغانيّ : وإنّما قيلَ للحال : طبَقٌ ؛ لأنّها تمْلأُ القُلوبَ أو تُشارِفُ ذلِك . وقال الرّاغِب : معنى الآية : أي تَرْقَى منزِلاً عن منْزِل وذلِك إشارة الى أحوالِ الإنسانِ من ترَقّيه في أحْوال شتّى في الدُنْيا نحْو ما أشار إليهِ بقوله : ( واللهُ خلَقكُم من تُرابٍ ثمّ من نُطْفَةٍ ) وأحوال شتّى في الآخرَةِ : من النُّشورِ والبَعْثِ والحِسابِ وجوازِ الصِّراطِ الى حينِ المُسْتَقَرِّ في أحدِ الدّارينِ . ونقَل شيخُنا عن ابنِ أبي الحَديد في شرْح نهْج البلاغةِ ما نصّه : الطَّبَقُ : المشقّة ومنه : ( لتركَبُنّ طبَقاً عن طَبَق ) انتهى . قلت : هذا قد نقَله الأزْهريّ عن ابنِ عبّاس وقال : المَعْنى لتَصيرنّ الأمورُ حالاً بعدَ حالٍ في الشّدّةِ . قال : والعَربُ تقولُ : وقَع فلانٌ في بَناتِ طَبَق : إذا وقَع في الأمر الشّديد . وقرأ ابنُ كَثير والكوفيّون غيْر عاصمٍ : لتَرْكَبَنّ بفتح الباءِ أي لترْكَبَنّ يا مفحمّد طبَقاً من أطْباقِ السّماءِ نقله الزّجّاجُ والصّاغانيّ وقرأ ابنُ عبّاس وابنُ مسعود رضي الله عنهم لتِرْكَبُنّ بكسر التاءِ وهي لُغة تَميم وقَيْس وأسَد وربيعة يكْسِرون أولَ حرْفٍ من حُروفِ المُستقبل إلا أن يكونَ أولُه ياءً فإنّهم لا يَكْسِرونَها . قال ابنُ مسعود : والمَعْنى : لتَرْكَبُنّ السّماءَ حالاً بعد حالٍ وقد تقدّم ذلِك عن أبي بكر . وقال مَسْروقٌ : لتَرْكَبُنّ حالاً بعدَ حال زادَ الزّجاجُ : حتى تَصيروا الى الله من إحياءٍ وإماتة وبعْثٍ . وقرأ عُمر رضي اللهُ عنه : ليَرْكَبَنّ بالياءِ وفتح الباء وفيه وجْهان : أحدُهما : أن يكونَ المُرادُ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلم بلَفْظِ الإخبارِ عنه . والثّاني : أن يكونَ الضّميرُ راجعاً على لفْظِ قولِه تعالَى : ( وأمّا مَنْ أوتيَ كِتابَهُ وراءَ ظهْرِه ) الى قوْله : بَصيرا على الإفرادِ . كذلك ليَرْكَبَنّ السّماءَ طَبقاً عنْ طَبَقٍ يعني هذا المذكور ليكونَ اللّفظُ واحِداً والمَعْنى الجَمْع . وقال الزّجّاجُ على قِراءَة أهْلِ المَدينةِ : لتَرْكَبُنّ طَبَقاً يعْني النّاس عامةً والتّفْسيرُ الشّدّة والجمْع أطْباقٌ . ومنه حديثُ عَمْرو بن العاص : إنّي كُنتُ على أطْباقٍ ثَلاث أي : أحْوال . والطَّبَقُ : عظْمٌ رَقيقٌ يفصِلُ بين كلّ فَقارَيْنِ قال الشاعر :
ألا ذهَبَ الخِداعُ فلا خِلاعا ... وأبْدى السّيفُ عن طبَقٍ نُخاعاومنه حديث ابنِ مسْعودٍ رضي الله عنه : وتبْقى أصْلابُ المُنافِقين طَبَقاً واحِداً أي تصيرُ الفِقَر كلها فَقْرةً واحدة نقله أبو عُبَيْد عن الأصمعي وقيلَ : الطّبَق : فَقار الصُّلبِ أجْمع وقيل : الفَقْرة حيثُ كانت . ومن المجاز : الطّبَقُ من المطَر : العامُّ نقَله الصّاغانيُّ والأصمعي وإنّما سُمّي طبَقاً لأنه غِشاءٌ للأرضِ ومنه حديث الاستِسْقاءِ : اللهمَّ اسقِنا غيْثاً مُغيثاً طبَقاً أي مالِئاً للأرضِ مغَطِّياً لها يقالُ : غيْث طبَق أي : عامّ واسِع وقال امرؤ القَيْس :
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وطَفٌ ... طبَقُ الأرضِ تحرّى وتَدُرّْ والطّبَق : ظهْرُ فرْجِ المرأة عن ابنِ عبّاد وهو مجاز . والطّبَقُ من اللّيل ومن النّهار : معظَمُهُما . يقال : مضَى طبَق من اللّيل وطبَق من النّهار أي : بَعض منهُما . وفي المُفردات : طبَق اللّيلِ والنّهارِ : ساعاتُه المُطابِقَة . ومن المجاز : هذه بِنْتُ طَبَقٍ وإحدى بَنات طَبَق وهي الدّواهِي وفي المثل : إحْدى بَناتِ طبَق وأصلُها من الحَيّاتِ وذكرَ الثّعالبيّ أنّ طبَقاً حيّةٌ صفراءُ . وقال غيره : قيل للحَيّة : أمّ طبَق وبِنت طَبقَ لتَرَحِّيها وتَحَوِّيها وأكثَرُ التَّرَحِّي للأفْعى وقيل : إنّما قيلَ للحَيّات : بَناتُ طَبَق لإطْباقِها على مَنْ تلْسَعه وقيل : لأنّ الحَوّاءَ يُمْسِكُها تحت أطْباقِ الأسْفاطِ المُجلَّدَة . وقال الزّمَخْشَريُّ : لأنّها تُشْبِه الطّبَق إذا استدارَت . وتَزعُم العَربُ أنّ بِنْت طبَقٍ : سُلَحْفاةٌ تَبيضُ تِسْعاً وتِسعين بيضَة كُلُّها سَلاحِفُ وتَبيضُ بيْضَةً تنقُفُ عن حيّةٍ وفي الصِّحاح : عن أسْوَدَ . وطَبَقَةُ مُحرَّكةً : امرأةٌ عاقِلَة تزوّج بها رجُلٌ عاقِلٌ من دُهاةِ العَرَب ولهما قِصّة ذكَرها الصاغانيُّ في العُباب . قال : قال الشّرْقيُّ بنُ القُطامِيِّ : كانَ رجُلٌ من دُهاة العرَب وعُقلائِهِم يُقال له : شَنٌّ فقال : واللهِ لأطوفَنّ حتى أجِدَ امْرأةً مِثْلي فأتزوّجَها فبينما هو في بعضِ مَسيرِه إذ رافقَه رجُلٌ في الطّريق فسألَه شنٌّ : أتَحْمِلُني أم أحمِلُك ؟ فقال له الرّجل : يا جاهِلُ أنا راكِبٌ وأنتَ راكِبٌ فكيفَ أحْمِلُك أو تحمِلُني ؟ فسكت عنه شنٌّ وسارَ حتى إذا قرُبا من القَرْيةِ إذا هما بزَرْعٍ قد استَحْصَد فقال شَنٌّ : أتُرى هذا الزّرْعَ أُكِل أم لا ؟ فقال له الرّجلُ : يا جاهلُ تَرى مُستَحصِداً فتَقول : أُكِلَ أم لا ؟ فسكتَ عنه شنّ حتى إذا دَخلا القَريةَ لقِيتْهُما جَنازة فقال شنٌّ : أتُرى صاحبَ هذا النّعْشِ حيّاً أو مَيِّتاً ؟ فقال له الرّجل : ما رأيتُ أجْهَلَ منْك ! تَرى جِنازةً تسألُ عنها : أميِّتٌ صاحِبُها أم حيّ ؟ فسكَتَ عنه شنٌّ فأرادَ مفارقَته فأبى ذلك الرّجلُ أن يتْرُكَه حتى يَسيرَ به الى منْزِله فمضَى معه وكانَ للرّجل بنْتٌ يُقالُ لها : طَبَقةُ فلمّا دخَل عليها أبوها سألَتْه عن ضَيْفِه فأخْبَرَها بمُرافقَته إيّاه وشَكا إليها جهْلَه وحدّثها بحَديثِه فقالتْ : يا أبَتِ ما هذا بجاهِلٍ . أما قولُه : أتَحْمثلُني أم أحْمِلُك ؟ فأرادَ أتُحدّثُني أ مأحدّثُك حتى نقْطَعَ طريقَنا وأما قولُه : أتُرى هذا الزّرعَ أُكِل أم لا ؟ فإنّما أرادَ هلْ باعَهُ أهلُه فأكَلوا ثمنه أم لا وأمّا قولُه في الجِنازة : فأرادَ هل ترَكَ عَقِباً يحيا بهم ذِكْرُه أم لا فخرَج الرّجُلُ فقَعَدَ مع شنٍّ فحادَثَه ساعةً ثم قال : أتُحِبُّ أن أفسِّرَ لك ما سألْتَني عنه ؟ قال : نعَم ففسّره فقال شنٌّ : ما هذا من كَلامِك فأخْبِرْني عن صاحِبِه . فقال : ابنةٌ لي فخطبَها إليه وزوّجَها له وحملَها الى أهلِه . ومنه قولُه : وافقَ شنٌّ طبَقَة وكذا : صادَفَ شنٌّ طَبَقَةَ . أو هُم قَوْم كان لهُم وِعاءُ أدَم فتشنّنَ فجعلوا له طَبَقاً فوافقَه فقِيل ذلك قالَه الأصمعي ونقله أبو عُبيْد هكذا وفسّره . أو طَبَق : قَبيلةٌ من إيادِ كانت لا تُطاقُ وكانت شَنّ لا يُقام لها فأوقَعَتْ بها شنٌّ وهو ابنُ أفصَى بن عبدِ القَيْس فانتصَفَتْ منها وأصابت فيها فضُرِبتْ مثَلاً للمُتّفِقين في الشّدّةِ وغيرها وقيل : وافق شنٌّ طَبَقَه وافقَه فاعتَنَقه قاله ابنُ الكَلبي . وقال الشّاعر :
لقِيَتْ شَنٌّ إياداً بالقَنا ... طَبَقاً وافَقَ شَنٌّ طَبقَهقال ابنُ سِيدَه : وليس الشّنُّ هُنا القِربَة لأن القِرْبَةَ لا طَبَق لها . وقيل : يُضرَبُ لكُلّ اثْنَينِ - أو أمْرَين - جمَعَتْهُما حالةٌ واحدة اتّصَفَ بها كُلٌّ منهما وقيلَ : هما حيّانِ اتّفَقوا على أمرٍ فقيلَ لهما ذلك لأنّ كلَّ واحِدٍ منهما قِيلَ له ذلِك لمّا وافقَ شكلَه ونَظيرَه . وطابَقَ بين قَميصَين : لبِسَ أحدَهما فوقَ الآخر وكذلك صافَقَ بينهما وطارَقَ . والسّمواتُ طِباقٌ ككِتاب في قوله تعالى : ( ألم تَرَوْا كيْفَ خلَقَ الله سَبْعَ سَمواتٍ طِباقاً ) سُمّيت بذلِك لمُطابَقَة بعْضِها بعْضاً أي : بعضها فوقَ بعض وقِيلَ : لأنّ بعضَها مُطْبِقٌ على بعضٍ وقيل : الطِّباقُ : مصدرُ طوبِقَت طِباقاً . وقال الزّجّاج : أي : مُطبِقٌ بعضُها علَى بعْضٍ . قال : ونَصَب طِباقاً علي وجْهَيْن أحدهما : مُطابَقةً طِباقاً والآخر : من نَعْت سَبْعٍ أي : خلَقَ سَبْعاً ذات طِباقٍ . وقال اللّيثُ : السّموات طِباقٌ بعضُها على بعضٍ وكُلُّ واحد من الطِّباق طَبَقَة ويُذَكَّر فيُقال : طَبَق . وطبّقَ الشّيءُ تَطْبيقاً : عمّ . وطبّق السّحابُ الجَوَّ : إذا غشّاه . ومنه سَحابَةٌ مُطبِّقَة . وطبّق الماءُ وجْهَ الأرْضِ : إذا غطّاه . ويُقال : هذا مطَر طبّقَ الأرضَ : إذا عمّها . والطُّبّاق كزُنّار : شجَرٌ . قال أبو حَنيفة : أخْبَرَني بعضُ أزْدِ السَّراة قال : هو نحْوُ القامَةِ يَنْبُت مُتجاوِراً لا تَكادُ تُرَى منه واحدَةٌ منفردَة وله ورقٌ طوالٌ دِقاقٌ خُضْر تتلزّجُ إذا غُمِزَتْ يُضمَدُ بها الكسرُ فيُجْبَرُ وله نَوْرٌ أصفَرُ مُجْتَمِعٌ ولا تأكلُه الإبِلُ ولكن الغَنم ومَنابِتُه الصّخْرُ مع العَرْعَر والنّحْلُ تجْرِسُه والأوعالُ أيضاً ترْعاه وأنشد :
وأشْعَثَ أنسَتْه المنيّةُ نفْسَه ... رَعى الشّثَّ والطُّبّاقَ في شاهِقٍ وعْرِ انتهى كلامُ أبي حَنيفة . وقال تأبّط شرّاً :
كأنّما حثْحَثوا حُصّاً قوادِمُه ... أو أُمَّ خِشْفٍ بذي شَثٍّ وطُبّاقِ وفي حَديثِ محمّدِ بنِ الحَنَفيّةِ - رحمه اللهُ تعالى - وذكَر رجُلاً يَلي الأمرَ بعدَ السُّفْيانيّ فقال : حَمْش الذِّراعينِ والسّاقَين مُصفَّح الرّأْس غائِر العَيْنَيْن يكون بينَ شَثٍّ وطُبّاقٍ وهما شجَرتان معْروفتان بنَواحي جِبال مَكّة . أرادَ أنّ مُقامَه أو مَخْرَجَه يكونُ بالحِجاز نافِعٌ للسّموم شُرْباً وضِماداً ومن الجَرَب والحِكّة والحُمياتِ العَتيقَة والمَغَص واليَرَقان وسُدَدِ الكَبِد شَديدُ الإسْخان . ومن المَجاز : جَمَلٌ طَباقاءُ انْطَبَق عليه فهو عاجِزٌ عن الضِّراب . ورجُلٌ طَباقاءُ مُعْجم ينطَبِق أي : ينعَجِمُ عليه الكَلامُ وينغَلِقُ وقيلَ : هو الذي لا ينْكِحُ . أو الطّباقاءُ : ثَقيلٌ يُطْبِقُ على المرْأةِ بصَدْرِه لثِقَلِه أو عَيِيٌّ ثَقيل يُطبِقُ على الطّرُوقَة أو المرأةِ بصَدْرِه لصِغَرِه قال جميلُ بنُ مَعْمَر :
طَباقاءُ لم يشْهَدْ خُصوماً ولم يُنِخْ ... قِلاصاً الى أكْوارِها حينَ تُعْكَفُ ويُرْوى : عَياياء وهُما بمَعْنىً . قال ابنُ بَرّيّ : ومثلُه قولُ الآخَر :
طَباقاءُ لم يشْهَدْ خُصوماً ولم يعِشْ ... حَميداً ولم يشْهَدْ حَلالاً ولا عِطْراوفي حَديثِ أمِّ زَرْعٍ : فقالت : زَوْجي عَياياءُ طَباقاءُ وكُلُّ داءٍ له داءٌ قال الأصمعي : الطَّباقاءُ : الأحمَقُ الفَدْم . وقال ابنُ الأعرابيّ : هو المُطْبَق عليه حُمْقاً . وقيلَ : هو الذي أُمورُه مُطبَقَة عليه أي مُغَشّاة . وقيل : هو الذي يعجِز عن الكَلامِ فتُطبَق شَفَتاه . والطّابِق كهاجَر وصاحِب هكذا حكاهُ اللِّحيانيُّ عن الكِسائيّ بكَسْر الباءِ وفتْحِها : الآجُرُّ الكَبير فارسيٌّ معرَّب تابَه كالطاباق وهذه عن الفَرّاء . وقال ثَعْلَب : الطابَق والطابِق : العُضْوُ من أعضاءِ الإنسانِ كاليَدِ والرِّجْل ونحْوِهما . وفي حَديث عليّ رضِي الله عنه : إنّما أُمر في السّارِق بقَطْعِ طابِقِه أي : يدِه . وفي حَديث عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه : أنّ غُلاماً له أبَقَ فقال : لئنْ قدَرْتُ عليه لأقْطَعَنّ منه طابِقاً يُريدُ عُضْواً . أو الطّابَِق : نِصْفُ الشّاةِ أو مِقدارُ ما يأكُل منه اثْنان أو ثَلاثة ومنه الحَديثُ : فخبَزْتُ خُبْزاً وشوَيْتُ طابَقاً من شَاة . والطّابَق بفتح الباءِ : ظرْفٌ من حَديد أو نُحاس يُطْبَخُ فيهِ فارسيّ معرَّب تابَهْ ج : طَوابِقُ وطَوابيقُ قال سيبَوَيْه : أما الّذين قالوا طَوابيق فإنّما جعلوه تَكْسيرَ فاعال وإن لم يكن في كَلامِهم كما قالوا : ملامِح . والعِمّةُ الطابِقِيّة : هي الاقْتِعاط . وقال ابنُ الأعرابيّ : جاءَ فلانٌ مُقْتَعِطاً أي جاءَ مُتَعَمِّماً طابِقيّاً وقد نُهِيَ عنها . وقال ابنُ دُرَيْد : الطِّبْقُ بالكسْرِ في بعضِ اللُغات : الدِّبْق الذي يُصادُ به ومثلُه عن ابنِ الأعرابيّ . وهو أيضاً : حمْلُ شجَر بعَيْنِه . وكُلُّ ما أُلزِق بهِ شيءٌ فهو طِبْق . والطِّبْقُ : من حَبائِلِ الطّيْرِ مثلُ الفِخاخ كالطِّبَقِ كعِنَب واحِدُهُما طِبْقَة بالكسر نقله ابنُ عبّاد . قال : والطِّبْقُ : السّاعَة من النّهار كالطِّبْقة بالكسر : يُقال : أقَمْتُ عندَه طِبْقاً من النّهار وطِبْقَة . والطَّبيق كأمِير : السّاعةُ من اللّيلِ . وفي اللِّسان : يُقال : أتانا بعدَ طِبْقٍ من اللّيْلِ وطَبيقٍ أي : بعدَ حين . وكذلك من النّهارِ ج : طُبْقٌ بالضّمِّ . وقال ابنُ عبّاد : طِبْقاً بالكَسْر وطَبِيقاً كأميرٍ أي : مَليّاً عن ابنِ عبّاد . وقال ابنُ الأعرابي : يُقال : هذا الشيءُ طِبْقُه بالكَسر والتّحريك وطِباقُه ككِتاب وأمِير أي : مُطابِقُه وكذلك وَفْقُه ووِفاقُه وطابَقُه ومُطْبِقُه وقالَبُه وقالِبُه كلُّ ذلِك بمعنىً واحد كذا في النّوادِر . ويقال : ما أطْبَقَه لكذا أي : ما أحْذَقَه عن ابنِ عبّادٍ . قال : ويقولون : طَبِقَ يَفْعَل كذا كفَرِح : في مَعنى طَفِقَ . ومن المَجازِ : طَبِقَتْ يَدُه طَبْقاً بالفتحِ ويُحرَّك فهو من حَدَّيْ نصَ وفرِحَ فهي طَبِقَة كفَرِحة : إذا لزِقَت بالجَنْب ولا تَنْبَسط . وأطْبَقه إطْباقاً : غطّاه وجعَلَه مُطْبِقاً عليه فانْطَبَق وهذا قد تقدّم له في أوّل التّركيبِ فهو تكرار . ومنه الجُنونُ المُطبِقُ كمُحْسِن الذي يُغَطِّي العَقْل وقد أطْبَق عليه الجُنون . والحُمّى المُطْبِقَة : هي الدائِمةُ التي لا تُفارِق ليْلاً ولا نَهاراً وقد أطبَقَت عليه وهو مجاز . ومن المَجازِ : أطْبَقَ القومُ علَى الأمرِ : إذا أجْمَعوا عليه . وأطبَقَت النّجومُ : كثُرتْ وظهَرَتْ كأنّها لكَثْرتِها طَبَقةٌ فوْقَ طبَقَةٍ . والحُروفُ المُطْبَقَةُ أربعة : الصّادُ الى الظّاءِ تجْمَعُها أوائل : صِلْ ضَريراً طالَ ظُلْمُه . وما سِوَى ذلِك فمَفْتوحٌ غيرُ مُطْبَقٍ . والإطْباقُ : أن ترْفَع ظهْرَ لِسانِك الى الحَنَك الأعلى مُطْبِقاً له . ولولا الإطْباقُ لصارَت الطّاءُ دالاً والصّادُ سِيناً والظّاءُ ذالاً ولخَرجَتِ الضّادُ من الكلام لأنّه ليسَ من موضِعِها شَيْءٌ غيرُها تَزولُ الضّادُ إذا عدِمَ الإطْباق البَتّة . والتّطْبيقُ في الصّلاةِ : جعْلُ اليَدَيْن بينَ الفَخِذَين في الرّكُوع وكذلك في التّشهُّد كما رَواه المُنْذِريّ عن الحَرْبيّ وكان ذلك في أوّل الأمرِ ثم نُهُوا عن ذلِك وأُمِروا بإلقام الكَفّينِ رأسَ الرّكبَتَيْن . وكان ابنُ مَسعودٍ مُستَمِراً على التّطْبيقِ لأنه لم يكُنْ علِمَ الأمرَ الآخَر . والتّطْبيقُ : إصابةُ السّيْفِ المَفْصِل حتى يَبينَ العُضوُ . قال الفَرَزْدَقُ يمْدَحُ الحجّاجَ ويشبِّهُهبالسّيف : ّيف :
وما هُو إلاّ كالحُسامِ مجَرّداً ... يُصَمِّمُ أحياناً وحِيناً يُطبِّقُ والتّصْميم : أن يمضيَ في العَظْم . ويُقال : طبّق السّيفُ : إذا وقعَ بينَ عظْمَين . والتّطبيقُ : تقريب الفَرَس في العَدْو . وقال الأصْمَعيّ : هو أن يَثِبَ البَعيرُ فتقَعَ قوائِمُه بالأرضِ معاً ومنه قولُ الرّاعي يَصِف ناقةً نَجيبةً :
حتّى إذا ما اسْتَوى طبّقَتْ ... كما طبّقَ المِسْحَلُ الأغْبَرُ يقولُ : لمّا اسْتَوى الرّاكبُ عليها طبّقَتْ . قال الأصمعي : وأحْسَنَ الرّاعي في قوله :
وهِيَّ إذا قامَ في غَرزِها ... كمِثْلِ السّفينةِ أو أوْقَر لأنّ هذا من صِفَةِ النّجائب ثم أساءَ في قولِه : طبّقَت لأنّ النّجيبةَ يُستَحَبُّ لها أن تُقدِّمَ يَداً ثم تُقدّم الأخرى فإذا طبّقَت لم تُحْمَد . قال : وهو مثلُ قوله :
" حتّى إذا ما اسْتَوى في غرزِها تثِبُ والتّطْبيقُ : تَعْميم الغَيْمِ بمطَرِه الأرضَ وقد طبّق وهذا قد تقدّم آنفاً فهو تكرار ومنه : سَحابةٌ مطَبِّقة . ومن المجاز : المُطَبِّقُ كمُحدِّث مَنْ يُصيبُ الأمورَ برأْيهِ . ومنه قولُ ابنِ عبّاس لأبي هُريرة - رضي الله عنهم - حين بلَغه فُتْياهُ في المُطلَّقة ثَلاثاً غيرَ مدْخول بها . إنّها لا تحِلُّ له حتى تنْكِح زَوْجاً غيرَه . فقال له : طبَّقْتَ . قال أبو عُبيد : أي أصَبْتَ وَجْه الفُتْيا ؛ وأصلُه إصابةُ السّيف المَفْصِل . وقيل : ويُقال للّذي يُصيبُ الحُجّة : إنّه يُطبِّقُ المَفصِل . وقال أبو زَيد : يُقالُ للبَليغ من الرِّجال : قد طبّقَ المَفْصِلَ وردّ قالَب الكَلام ووضَع الهِناءَ مواضِعَ النُّقَبِ . والمُطابَقَة : المُوافَقَة وقد طابَقَه مُطابَقة وطِباقاً . وقال الرّاغِب : المُطابَقَة : من الأسْماءِ المُتضايِفَة ؛ وهو أن يُجعَلَ الشّيءُ فوقَ آخر بقَدْره ومنه : طابَقْتُ النّعْلَ قال الشاعر :
إذا لاوَذَ الظِّلَّ القَصيرَ بخُفّه ... فكان طِباقَ الخُفِّ أو قَلَّ زائِدا ثم يُستَعْمل الطِّباقُ في الشّيءِ الذي يكونُ فوقَ الآخَر تارةً وفيما يُوافِق غيرَه تارةً كسائِرِ الأشياءِ الموضوعة لمعْنَيَيْن ثم يُستَعمَلُ في أحدِهما من دونِ الآخر كالكأسِ والرّاوِية ونحوهما . ومن المَجاز : المُطابَقة : مَشْيُ المُقَيَّد وهو مُقارَبَةُ الخَطْو . وهو مأخوذٌ من قولِهم : المُطابَقَة هو وضْعُ الفَرَس رِجْلَيْهِ موضِع يَدَيْه وهو الأحَقُّ من الخَيْلِ وكذلِك البَعير كما في الأساسِ . ومما يُسْتَدرَك عليه : تطابَق الشّيئانِ : تَساوَيا واتّفَقا . وطابَقْتُ بيْن الشّيْئَين : إذا جعَلْتَهما على حَذْوٍ واحدٍ وألزَقْتَهما . وهذا الشّيءُ مُطْبَقُه كمُكْرَم وطابَقهُ كهاجَر أي : وَفْقه عن ابنِ الأعرابي . وأصبَحَت الأرضُ طَبَقاً واحِداً : إذا تغشّى وجهُها بالماءِ . وطِباقُ الأرضِ وطِلاعُها سَواءٌ بمعنى مِلْئِها . وفي الحَديث : قُرَيْشٌ الكَتَبة الحَسَبَة مِلْحُ هذِه الأمّةِ عِلْمُ عالِمِهم طِباقُ الأرضِ كأنّه يعُمُّ الأرضَ فيكونُ طَبَقاً لها . وفي رواية : عِلْمُ عالِمِ قُريْش طَبَقُ الأرض . وفي حَديث آخر : للّه مائَةُ رَحْمَة كُلُّ رَحْمَةٍ منها كطِباقِ الأرضِ أي : تُغَشِّي الأرضَ كُلَّها . وفي حَديث أشْراطِ السّاعة : توصَلُ الأطْباقُ وتُقطَعُ الأرْحام يعنِي بالأطْباقِ البُعَداءَ والأجانِبَ . وطابَقَه علَى الأمْرِ : جامَعَهُ ومالأَه . وقيلَ : عاونَه . وطابَقَت المرْأةُ زوجَها : إذا واتَتْه . وطابَقَ على العَمَل : مارَن . وطابَقَت النّاقةُ والمرْأةُ : انْقادَت لمُريدِها . والطِّبْقُ بالكَسْرِ والمُطبَّق كمعَظَّم : شَيءٌ يُلصَق به قِشرُ اللّؤلُؤ فيَصيرُ مثلَه . وجاءَت الإبلُ طَبَقاً واحِداً بالتّحْريك أي : على خُفٍّ واحِد . ويُقال : باتَ يرْعَى طَبَقَ النّجومِ أي : حالَها في مَسيرِها وهو مَجازٌ . والطَّبَقَة : الحالُ والجَمْع الطّبَقات . والمُطْبِقاتُ : الدّواهي والشّدائِد عن أبي عَمْرو . ويُقالُ للسَّنَة الشّديدةِ : المُطبِقَةُ وهو مَجاز . قال الكُمَيتُ :
وأهلُ السّماحة في المُطبِقات ... وأهلُ السّكينة في المَحْفَلِويكون المُطبَق بمعنى المُطْبِق . وولدَتِ الغَنَمُ طَبَقاً وطَبْقاً : إذا نُتِج بعضُها بعْد بعْضٍ . وقال الأمويُّ : إذا وُلِدَتِ الغنَمُ بعضُها بعدَ بعضٍ قيلَ : قد ولّدْتُها الرُّجَيْلاءَ وولّدْتُها طَبَقاً وطَبَقةً . والطّبَقات : المَنازِل والمَراتِب . والطّبَقَة من الأرض : شِبْه المَشارَة . وقال الأصمعيّ : كلُّ مَفصِل طَبَق والجمْع أطْباقٌ . والطّبَقُ : الدَّرَكُ من أدْراكِ جهنّم أعاذَنا اللهُ منْها . وقال ابنُ الأعرابيّ : الطَّبْقُ بالفَتْح : الظُّلْم بالباطِل . وقال ابنُ شُمَيْل : يُقال : تحلَّبوا على فُلان طَباقاءَ بالمَدّ أي : تجمّعوا كُلُّهم عليه . وأطْباقُ الرّأْس : عِظامُه ؛ لتطابُقِها مع بعضِها واشْتِباكِها . وقال ابنُ عبّاد : بِئْرٌ ذاتُ طابقٍ إذا كانَت فيها حُروفٌ نادرَةٌ . قال : وكُتُبُه لي طَبَقَة أي : مُتواتِرة . والمُطْبَقُ عليه بفَتْح الباءِ : المُغْمَى عليه . وطابَقَ لي بحَقّي : إذا أذْعنَ وأقرّ . وهذا جوابٌ يُطابِقُ السّؤالَ . وأطبَقْتُ الرّحَى : إذا وضَعتَ الطّبَقَ الأعلَى على الأسْفلِ . وجَرادٌ مُطبِّقٌ : عامٌّ . وأطْبِق شَفَتيْك : أي اسكُت . وأطبَقَ الغَيمُ السّماءَ كطبَّقَها . والمُطبِقُ كمُحْسِن : سِجْنٌ تحتَ الأرضِ . وبيتٌ مُطبَقٌ : انتَهى عَروضُه في وسَط الكلمةِ . ولامِيّةُ عَبيدٍ كُلُّها مُطْبَقَة إلا بَيتاً واحِداً نقَله الزّمخْشَريّ . وأطْبَقَ الرّاكعُ : مثل طبّق . وطبّقَت الإبِلُ الطريقَ : قطعَتْه غيرَ مائِلةٍ عن القَصْدِ وهو مجاز . والإطْباقَةُ : قَرية بمِصْر من أعمالِ الغرْبِيّة