الغَدْرُ : ضِدُّ الوَفاءِ بالعَهْدِ ؛ قالهُ ابنُ سِيدَه في المُحْكَم . وقال غيرُه : الغَدْر : تَرْك الوَفَاءِ وقيل : هو نَقْضُ العَهْدِ . وفي البصائر للمُصَنّف : الغَدْرُ : الإِخْلالُ بالشَّيْءِ وتَرْكُه . وقال ابنُ كَمال باشا : الوَفاءُ : مُرَاعَاةُ العَهْد والغَْدُر : تَضْيِيعُه كما أَنَّ الإِنْجَازَ مراعَاةُ الوَعْد والخُلْفُ تَضْيِيعُه فالوَفَاءُ والإِنْجازُ في الفِعْل كالصِّدْقِ في القَوْل والغَدْرُ والخُلْفُ كالكَذِب فيه . غَدرَهُ وغَدرَ بِهِ أَي مُتَعَدِّيا بنَفْسِه وبالباءَ كنَصَر وضَرَبَ وسَمِعَ الأَوّلان ذَكَرَهُمَا ابنُ القَطّاع وابنُ سِيدَه واقْتَصَر على الأَوّل أَكثرُ الأَئِمّة والثالِثَة عن اللّحْيَانِيّ قال ابنُ سِيدَه : ولَسْتُ منه على ثِقَةٍ يَغْدِرُ غَدْراً بالفَتْح مصدرُ البابَيْن الأَوَّلَيْن وغَدَراً وغَدَراناً مُحَرّكة فِيهما وهُمَا مَصْدَرُ البابِ الثالِث على ما نَقَلَه اللّحْيَانيّ وأَنْكَرَه ابنُ سِيدَه . وهي غَدُورٌ كصَبُورٍ وغَدّارٌ وغَدّارَةٌ بالتَّشْدِيد فيهما وهو غادِرٌ وغَدّارٌ ككَتّانٍ وغَدِّير وغَدُورٌ كسِكّيتٍ وصَبُورٍ وغُدَرٌ كصُرَدٍ وأَكْثَرُ ما يُسْتَعْمَل هذا الأَخيرُ في النِّداءِ في الشَّتْمِ يُقَالُ : يا غُدَرُ . وفي حديث الحُدَيْبِيَّة : قال عُرْوَةُ بنُ مَسْعُود للمُغِيرَة : يا غُدَرُ وهَلْ غَسَلْتُ غَدْرَتَكَ إِلاَّ بالأَمْسِ ؟ وفي حديث عائِشَةَ : قالت للقَاسِم : اجْلِسْ غُدَرُ أَي يا غُدَر فحَذَفَت حَرْفَ النّداءِ . ويُقَالُ في الجَمْعِ : يالَ غُدَرَ مثل يالَ فُجَرَ . وفي المُحْكَم : قال بعضُهُم يُقَال للرَّجُلِ : يا غُدَرُ ويا مَغْدِرُ كمَقْعَدٍ ومَنْزِل وكذا يا ابْنَ مَغْدَرٍ بالوَجْهَيْن مَعارِفَ . قال : ولا تقولُ العَرَب : هذا رَجُلٌ غُدَرُ لأَنّ الغُدَرَ في حالِ المَعْرِفة عندهم . وقال شَمِرٌ : رجل غُدَرٌ أَي غادِرٌ ورَجُلٌ نُصَرٌ أَي ناصِرٌ ورَجُلٌ لُكَعٌ أَي لَئيمٌ . قال الأَزهريّ : نَوَّنَها كلَّها خِلافَ ما قالَ اللَّيْث وهو الصَّواب إِنَّمَا يُتْرَكُ صَرْفُ باب فُعَل إِذا كان اسماً معرفَةً مثل عُمَرَ وزُفَرَ . وقال ابنُ الأَثِيرِ : غُدَر معدولٌ عن غادِرٍ للمُبَالَغَة ويُقَال للذَّكَرِ : يا غُدَرُ ولها : يا غَدَارِ كقَطامِ وهما مُخْتَصّان بالنّداءِ في الغالِب . وأَغْدَرَهُ : تَرَكَهُ وبَقّاهُ . حَكَى اللّحيانيّ : أَعانَنِي فُلانٌ فأَغْدَرَ لَه ذلك في قَلْبِي مَوَدَّةً أَي أَبْقاهَا . وفي حديث بَدْرٍ فخَرَجَ رَسُولُ الله صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم في أَصْحَابِه فَبَلَغَ قَرْقَرَةَ الكُدْرِ فأَغْدَرُوه أَي تَرَكُوه وخَلَّفوه . وفي حديث عُمَرَ وذَكر حُسْنَ سِيَاسَتهِ فقال : ولوْلا ذلك لأَغْدَرْتُ بعضَ ما أَسُوقُ أَي خَلَّفْت شَبَّه نَفْسَه بالرّاعِي ورَعِيَّتَه بالسَّرْحِ . ورُوِىَ لَغَدَّرْتُ أَي لأَلْقَيتُ الناسَ في الغَدَر وهو مكانٌ كثيرُ الحِجَارَة . كغَادَرَة مُغَادَرَةً وغِدَاراً ككِتَابٍ . وفي قول الله عَزَّ وجلَّ : لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرةً . أَي لا يَتْرُكُ . وقال المُصَنّف : أَي لا يُخِلّ . وفي الحَدِيث أَنّه صلَّى الله تعالَى عليه وسَلّم قال : لَيْتَنِي غُوْدِرْتُ مع أَصْحَابِ نُحْصِ الجَبَل . قال أَبو عُبَيْد : مَعْنَاه يا لَيْتَنِي اسْتُشْهِدْت معهم . النُّحْصُ : أَصْلُ الجَبَلِ وسَفْحُه وأَراد بأَصْحاب النُّحْصِ قَتْلَى أُحُدٍ أَو غَيْرَهُم من الشهداءِ . والغُدْرَة بالضّمّ والكَسْر : ما أُغْدِرَ من شَئٍ أَي تُرِكَ وبَقِيَ كالغُدَارَةِ بالضمّ قال الأَفْوَهُ :
في مُضَرَ الحَمراءِ لَمْ يَتَّرِكْ ... غُدَارَةً غَيْرَ النساءِ الجُلُوسْ وكذلِكَ الغَدَرَةُ والغَدَرُ محرَّكَتَيْن يُقَال : عَلَى بَنِي فُلانٍ غَدَرضةٌ من الصَّدَقَةِ وغَدَرٌ أَي بَقِيَّةٌ . وجَمْعُ الغَدَرِ غُدُورٌ وج الغُدْرَة بالضّمّ غُدْرَاتٌ بالضّمّ أَيضاً . ونقل الصاغانيّ عن ابنِ السِكّيت : يثقَال على فلان غِدَرٌ من الصَّدَقَة بالكَسْرِ مِثَالُ عِنَب أَي بَقَايَا منها الواحِدَة غِدْرَة وتُجْمَع غِدَرَات . قال الأَعْشَى :وأَحْمَدْتَ أَنْ أَلْحَقْتَ بالأَمْسِ صِرْمَةً ... لَهَا غِدَرَاتٌ واللَّوَاحِقُ تَلْحَقُ انْتَهَى . وقال أَبو مَنْصُورٍ : واحِدَة الغِدَرِ غِدْرَةٌ وتُجْمَع غِدَراً وغِدَرَاتٍ . ورَوَى بيتَ الأَعْشَى . ففي كلام المُصَنّف نَظَرٌ مِن وُجُوهٍ . والغُدَرُ كصُرَدٍ القِطْعَةُ من الماءِ يُغادِرُهَا السَّيْلُ أَي يَتْرُكها ويُبْقِيهَا كالغَدِير هكذا في سائر الأُصول المُصَحَّحة . ولم أضجِدْ أَحَداً من الأَئمةِ ذَكَرَ الغُدَرَ بمعنَى الغَدِيرِ مع كَثْرَة مُرَاجَعَة الأُمّهاتِ اللُّغَوِيّة . ولم أَزَلْ أُجِيلُ قِدَاحَ النَّظَر في عِبَارَة المصنِّف ومَأْخَذها حَتّى فَتَحَ الله وَجْهَ الصَّواب فيها . وهُوَ أَنّا قَدَّمْنَا آنِفاً النَّقْلَ عن ابنِ السِكّيتِ وعن أَبي مَنْصُورٍ فجاءَ المُصَنّف أَخَذَ من عِبَارَتَيْهِما بطَرِيق المَزْجِ على عادَته فأَخَلَّ بالمَقْصُود ولم يَدُلّ على المُرَادِ عَلَى الوَجْه المَعْهُود . فالصَّوابُ في عِبَارَته أَن يَقُول : والغُدْرَة بالضَّمّ وكَعِنَبٍ : ما أُغْدِرَ من شئٍ كالغُدَارَةِ بالضَّمّ والغَدَرَةِ والغَدَرِ - مُحَرَّكَتَيْن - جمعُه غِدَرَات كعِنَبَاتٍ وبالضّمّ وكصُرَدٍ فيكونُ الجَمْعَانِ الأَخِيرَانِ للغُدْرَة بالضّمّ أَو الاقْتِصارُ على الجَمْع الأَوّل كما اقْتَصَرَ غيرُهُ ثم يقول : والغَدِيرُ : القِطْعَة من الماءِ يُغَادِرُهَا السَّيْلُ . هذا هو الصَّواب الذي تَقْتَضِيه نُقُول الأَئمة في هذا المَقَامِ . ومَن راجَعَ التَّكْمِلَةَ واللّسَانَ زالَ عنه الإِبْهام والله أَعلم . ثم قولُه ج كصُرَدٍ وتُمْرانٍ يَدُلّ على ما صوّبْناهُ ويُبَيِّنُ ما أَوْرَدْنَاه فإِنَّ الغَدِيَر جَمْعُه غُدْرَانٌ وغُدَرٌ كما ذَكَرَه على المَشهور صَحِيحٌ ثابِتٌ . فيُقَال : ما جَمْعُ غُدَرٍ كصُرَدٍ الذي أَوْرَدَه مُفْرَداً فيحتاج أَن يقولَ غِدْرانٌ بالكسر كصِرْدانٍ أَو يَقُولُ إِنّهُ يُسْتَعْمَل هكذا مُفْرَداً وجَمْعاً . وكُلّ ذلك لم يَصِحّ ولَمْ يَثْبُت فتأَمَّلْ . ثم ثَبَتَ في الأُصول المُصَحَّحَةِ من النِّهَايَة واللّسَان أَنَّ جَمْعَ الغَدِير غُدُرٌ بضمَّتَيْن كطَريق وطُرُق وسَبِيلٍ وسُبُل ونَجِيب ونُجُب وهو القِياسُ فيه وقد يُخَفَّف أَيضاً بالتَّسْكِين . ففي قولِ المُصَنّف كصُرَدٍ نَظَرٌ أَيضاً فَتَأَمَّلْ . وقولُه في مَعْنَى الغَدير : القِطْعَةُ من الماءِ يُغَادِرها السَّيْلُ قال ابنُ سِيدَه : هو قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ فهُوَ إِذاً فَعِيلٌ في معنَى مَفْعُولٍ على اطِّراح الزائد . وقد قِيلَ : إِنّه من الغَدْرِ لأَنّه يَخُون وُرّادَه فيَنْضُب عَنْهُم ويَغْدِرُ بأَهْلِه فَينْقَطِع عند شِدَّة الحاجَة إِلَيْه . ويُقوِّي ذلك قولُ الكُميت :
ومِنْ غَدْرِه نَبَزَ الأَوَّلُونَ ... بأَنْ لَقَّبُوه الغَدِيرَ الغَدِيرَاأَراد من غَدْرِهِ نَبَزَ الأَوّلُون الغَدِيرَ بِأَنْ لَقَّبُوه الغَدِيرَ فالغَدِيرُ الأَوّل مَفْعول نَبَزَ والثَّاني مفْعُولُ لَقَّبُوه . وقال اللّحْيَانِيّ : الغَدِيرُ اسمٌ ولا يُقَال هذا ماءٌ غَدِير . وقال اللَّيْث : الغَدِيرُ : مُسْتَنْقَعُ الماءِ ماءِ المطرِ صغيراً كانَ أَو كَبِيراً غيرَ أَنّه لا يَبْقَى إِلَى القَيْظ إِلاّ ما يَتَّخِذه الناسُ من عِدٍّ أَو وَجْذٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْرِيج أَو حائِر . قال أَبو مَنْصُورٍ : العِدّ : المَاءُ الدائم الذي لا انْقطاع له ولا يُسمَّى المَاءُ الّذي يُجمَع في غَدِيرٍ أَو صِهْرِيج أو صِنْع عِدّاً لأَنّ العِدَّ ما يَدُومُ مِثْل ماءِ العَيْنِ والرَّكِيَّة . واسْتَغْدَرَ المَكَانُ : صارَتْ فيه غُدْرانٌ فالسّين هنا للصَّيْرُورَة . ومن سَجَعَات الأَسَاس : اسْتَغْزَرَت الذِّهَابُ واسْتَغْدَرَت اللِّهَابُ . قال : الذِّهْبَة : مَطْرَةٌ شَدِيدَةٌ سَرِيعَةُ الذَّهَاب . واللَّهْبُ : مُهْواةُ ما بَينَ الجَبَلَيْن . وفي الحَدِيث أَنّ قادِماً قَدم عَلَى النَّبِيّ صلَّى الله عليه وسلّم فَسَأَلَه عن خِصْبِ البِلاد . فحَدَّث أَنَّ سَحابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّت لها الأَرْضُ فيها غُدْرٌ تَنَاخَسُ والصَّيْدُ قد ضَوَى إِلَيْهَا قال شَمِرٌ : قولُه : غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبُّ بعضُهَا في إِثْرِ بَعْض . ومن المَجَازِ الغَدِيرُ : السَّيْفُ على التَّشْبِيه كما يقال له اللُّجّ . والغَدِيرُ : اسمُ رَجُل هكذا ذَكَرُوه . قلتُ : وهو اسْمُ والِدِ بَشامَةَ الشاعِر من بَنِي غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوْفِ ابنِ سَعْدِ بنِ ذُبْيَانَ ووالدُ عَلِيٍّ الشاعر مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدِ بنِ عَوْفِ ابنِ كَعْبِ بنِ جِلاّنَ بن غَنْمِ ابنِ غَنِىٍّ . وغَدِيرٌ : وادٍ بديار مُضَرَ نَقَلَه الصاغانيّ . والغَدِيرِ والغدِيرَة بهاءٍ : القِطْعَة من النَّبَات على التَّشْبيه أَيضاً ج غُدْرانٌ بالضمّ لا غير . والغَدِيرَةُ : الذُّؤَابَةُ قال اللَّيْث : كلُّ عَقِيصَةٍ غَدِيرَةٌ . والغَديرَتانِ : الذُؤابَتانِ اللَّتَان تَسْقُطَان على الصَّدْرِ ج غَدائِرُ وقِيل : الغَدَائِرُ لِلنِّساءِ وهي المَضْفُورَة والضَّفَائِرُ للرِّجال . وقال امرُؤ القَيس :
غَدائِرُه مُسْتَشْزَرَاتٌ إِلى العُلاَ ... تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنىً ومُرْسَلِ والغَدِيرَةُ : الرَّغِيدَةُ عن الفَرّاءِ واغْتَدَر : اتَّخَذَ غَدِيرَةً إِذا جَعَلَ الدَّقِيقَ في إِنَاءٍ وصَبَّ عَلَيْه اللَّبَن ثمّ رَضَفَه بالرِّضاف . وقال الصّاغانيّ : الغَدِيرَةُ : هي اللَّبَن الحَلِيبُ يُغْلَى ثم يُذَرّ عليه الدَّقِيقُ حَتَّى يَخْتَلِطَ فيَلْعَقَه الغُلامُ لَعْقاً . والغَدِيرَةُ : الناقَةُ تَرَكها الرّاعِي وقد أَغْدَرَها . قال الراجِز :
فَقَلَّمَا طارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا ... وَسْطَ الغُبَارِ خَرَباً مُجَوَّرَاوإِنْ تَخَلَّفَتْ عن الإِبِلِ هي بنَفْسها فلَمْ تَلْحَقْ فغَدُورٌ كصَبُورِ وفي بعض النُّسخ : فغَدُورَةٌ بزيادة الهاءِ والأُولى الصَّواب . وغَدَر كضَرَبَ : شَرِبَ ماءَ الغَدِيرِ وهو المُجْتَمِع من السَّيْلِ ومن ماءِ السَّمَاءِ . وكفَرِحَ : شَرِبَ ماءَ السَّمَاءِ هكذا في سائر النُّسَخ والأُصول المُصَحَّحَة وفي التَّهْذِيب : قال المُؤَرّج : غَدَرَ الرَّجُلُ يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شَرِبَ من ماءِ الغَدِيرِ . قال الأَزهريّ : والقِيَاسُ غَدِرَ يَغْدَرُ بهَذا المَعْنَى لا غَدَر مِثْل كَرِعَ إِذا شَرِبَ الكَرَع ؛ وهكذا نقله الصاغانيّ ولكنّه زاد بعد قوله الكَرَع : وهو ماءُ السَّمَاءِ . قلتُ : فقولُه : وهو ماءُ السماءِ راجِعٌ إِلى الكَرَع لا أَنَّه معنى غَدِرَ كفَرِحَ . وظَنّ المصنّف أَنّه من جُمْلَة مَعانِي غَدِرَ وهو وَهَمٌ صَرِيحٌ . ثم إِنّه فَرَّقَ بَيْنَ ماءِ الغَدِير وماءِ السماءِ مع أَنَّ الغَدِيرَ هو مُسْتَنْقَع ماءِ السماءِ كما تَقَدَّم عن اللَّيث وهذا غَرِيبٌ مع أَنّ الأَزهريّ أَزالَ الإِشْكَالَ بقوله : بهذا المَعْنَى . فَتَأَمَّل ولا تَغْتَرّ بقول المُصَنّف فقد عَرَفْتَ مِنْ أَيْنَ أَخَذ ؟ وكيف أَخَذَ ؟ واللهُ يَعْفُو عَنّا وعَنْه . وغَدِرَ اللَّيْلُ كفَرِحَ يَغْدَرُ غَدَراً وأَغْدَرَ - ذَكَره ابنُ القَطّاع ومثلْهُ في اللسان . فالعَجَبُ من المُصَنّف كَيْفَ تَرَكَه - : أَظْلَمَ أَو اشْتَدَّ ظَلامُه كما قاله ابنُ القَطّاع فهِيَ أَي اللَّيْلَة غَدِرَة كفَرِحَةٍ يُقَال : لَيْلَةٌ غَدِرَة بَيِّنَةُ الغَدَر ومُغْدِرَة كمُحْسِنَةٍ : شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ تَحْبِسُ الناسَ في مَنَازِلِهم وكِنِّهم فيَغْدِرُون أَي يَتَخَلَّفُون . وفي الحديث : مَنْ صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعةٍ في اللَّيْلَةِ المُغْدِرَة فقد أضوْجَبَ . وقيل إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُغْدِرَةً لِطَرْحها مَنْ يَخْرُج فيها في الغَدَرِ وهي الجِرَفَة . وفي حَدِيث كَعْبٍ : لَوْ أَنَّ امْرَأَةً من الحُورِ العِينِ اطَّلَعَتْ إِلى الأَرْضِ في لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ لأَضاءَتْ ما عَلَى الأَرْض . وغَدِرَتِ الناقَةُ عن الإِبِلِ غَدَراً : تَخَلَّفَتْ عن اللُّحُوق وكذا الشاةُ عن الغَنَمِ . ولو ذكره عند قَوْله : وإشنْ تَخَلَّفَتْ هي فغَدُورٌ وقال : وقد غَدِرَتْ بالكَسْرِ كان أَخْصَرَ . وغَدِرَت الغَنَمُ غَدَراً : شَبِعَتْ في المَرْتَع . وفي المحكم : في المَرْجِ في أَوَّلِ نَبْتِه . وغَدِرَتِ الأَرْضُ : كَثُر بها الغَدَرُ فهِيَ غَدْرَاءُ ؛ قاله ابنُ القَطَّاع . والغَدَرُ مُحَرَّكةً : كُلُّ ما وَارَاكَ وسَدَّ بَصَرَكَ . وقِيلَ : هُوَ كُلُّ مَوْضِع صَعْبٍ لا تَكَادُ الدَّابَّةُ تَنْفُذ فيه . وقِيلَ : الغَدَرُ : الأَرْضُ الرَّخْوَةُ ذات اللَّخاقِيقِ . وقال اللِّحْيَانِيّ : الغَدَرُ الحِجَرَةُ بكَسْرٍ ففَتْح والجِرَفَةُ واللَّخاقِيقُ وفي بعض النُّسَخ : الأَخاقيقُ من الأَرْضِ . وقولُه : المُتَعَاديِةَ ُ صِفَة اللَّخاقيقِ لا الأّرْض فلذا لو قَدّضمَه كما هُوَ في نَصّ اللّحْيَانِيّ كانَ أَصْوَبَس كما لا يَخْفَى والجَمْعُ أَغْدَارٌ كسَبَب وأَسْبَابٍ وقيل : الغَدَرُ : الحِجَارَةُ مع الشَّجَرِ وكذلك الجَرَلُ والنَّقَلُ وهو قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ وابنِ القَطّاع . وقِيلَ : الغَدَرُ : المَوْضِعُ الظَّلِفُ الكَثِيرُ الحِجَارَةِ . وقال العَجّاج :
سَنابِكُ الخَيْلِ يُصَدِّعْنَ الأَيَرْ ... من الصَّفَا القاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْومن المَجَازِ : رَجثلٌ ثَبْتُ الغَدَِر محرّكة إِذا كانَ يَثْبُتُ في مَواضِع القِتَالِ والجَدَل والكَلامِ . قال الزَّمَخْشَرِيّ : وأَصلُ الغَدَرِ اللَّخَاقِيقُ . ويُقَال أَيضاً : إِنَّه لثَبْتُ الغَدَرِ : إِذا كان ثاِبتاً في جَمِيع ما يَأْخُذ فيه ويُقَالُ : ما أَثْبَتَ غَدَرَهُ أَي ما أَثْبَتَه في الغَدَر يُقَال ذلك للفَرَسِ وللرَّجُلِ إِذا كانَ لِسَانُه يَثْبُتُ في مَوْضِعِ الزَّلَلِ والخُصُومَةِ . وقال اللَّحْيَانيّ : مَعْنَاهُ ما أَثْبَتَ حُجَّتَه وأَقَلَّ ضَرَرَ الزَّلَقِ والعِثَارِ عليه . قال : وقال الكِسَائِيّ : ما أَثْبَتَ غَدَرَ فلانٍ أَي ما بَقِيَ مِنْ عَقْلِه . قال ابنُ سِيدَه : ولا يعجبني . وقال الأَصمعيّ : الغَدَرُ الجِحَرةُ والجِرَفة والأَخَاقِيقُ في الأَرض : فتقولُ : ما أَثْبَتَ حُجَّتَه وأَقَلَّ زَلَقَه وعِثَارَه . وقال ابن بُزُرْجِ : إِنَّه لثَبَتْ ُالغَدَرِ إِذا كانَ ناطَقَ الرِّجالَ ونازَعَهم كان قوِياً . وفَرَسٌ ثَبْتُ الغَدَرِ : يَثْبُتُ في مَوْضِع الزَّلَل . فاتَّضَحَ بهذه النُّصُوص أَنَّه ليس بمُخْتَصٍّ بالإِنْسَان بل يُسْتَعْمَل في الفَرَسِ أيضاً . والغَدْرَةُ بالفَتح هكذا في سائر النُّسَخ والصَّوابُ الغَيْدَرَة كحَيْدَرَة : الشَّرُّ عن كُراع كذا في اللِّسَان وهو لُغَةٌ في الغَيْذَرَةِ بالغَيْن والذال المُعْجَمَتَيْن كما وهو أَيضاً التَّخْلِيطُ وكَثْرَةُ الكَلام . والغَيْدارُ بالفَتْح : الرَّجُلُ السَّيِّئُ الظَّنِّ فيَظُنُّ هكذا في النُّسَخ بالفاءِ وصَوابُه : يَظُنُّ فيُصِيبُ كما في اللّسَان وغيره . وآلُ غُدْرَانٍ بالضَّمّ : بَطْنٌ من العَرَبِ . ويُقَال : خَرَجْنَا في الغَدْرَاء أَي الظُّلْمَة . والغَدْرَاءُ أَيضاً : اللَّيْلَة المُظْلِمَة ؛ قاله ابنُ القَطّاع . وغَدْرٌ بالفتح ة بالأَنْبَار قلتُ : وإِليها نُسِبَ أَحمدُ بنُ محمّدِ بنِ الحُسَيْنِ الغَدْرِيُّ ؛ ذكره المَالِينِيّ . وغُدَرُ كزُفَرَ : مِخْلافٌ باليَمَنِ فيه ناعِط وهو حِصْنٌ عَجِيبٌ قيل : هو مَأْخُوذٌ من الغَدَر وهو المَوْضِع الكَثِيرُ الحِجَارَة الصَّعْبُ المَْسلك ويُصَحَّف بعُذَر كذا في مُعْجَم ما اسْتَعجم . وممّا يُستدرك عليه : سِنُونَ غَدّارَةٌ إِذا كثُرَ مَطَرُهَا وقَلَّ نَباتُهَا فَعّالَة من الغَدْر أَي تُطمِعُهُم في الخِصْب بالمَطَرِ ثمّ تُخْلِفُ فجَعلَ ذلك غَدْراً منها وهو مَجاز . وفي الحديث أَنّه مَرَّ بأَرْضٍ يُقَال لها : غَدِرَة فسَمَاهَا خَضِرَة كأَنّها كانت لا تَسْمَحُ بالنَّبَات أَو تُنْبِت ثمّ تُسْرِع إِليه الآفَة فشُبِّهَتْ بالغادِرِ لأَنّه لا يَفِي . وقالوا : الذِّئْب غادِرٌ أَي لا عَهْدَ له كما قالوا : الذِّئب فاجِرٌ . وأَلقَتِ الناقَةُ غَدَرَهَا محرَّكَةً أَي ما أَغْدَرَتْه رَحِمُهَا من الدَّمِ والأَذَى . وأَلْقَتِ الشاةُ غُدُورَها وهي بَقَايَا وأَقْذَاءٌ تَبْقَى في الرَّحِم تُلْقِيهَا بَعْد الوِلادَة . وبه غادِرٌ من مَرَضٍ وغابِرٌ أَي بَقِيَّة . وأَغْدَرَهُ : أَلْقاهُ في الغَدَرِ . وغَدِرَ فُلانٌ بَعْدَ إِخْوَته أَي ماتُوا وبَقِيَ هو . وغَدِرَ عن أَصْحَابه كفَرِحَ : تَخَلَّفَ . وقال اللّحيانيّ : ناقَةٌ غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرَةٌ إِذا كانَت تَخَلَّفُ عن الإِبل في السَّوْق . وفي النَّهْرِ غَدَرٌ محرّكةً هو أَن يَنْضَبَ الماءُ ويَبْقَى الوَحلُ . وعن ابن الأَعرابيّ : المَغْدَرَة : البِئْر تُحْفَر في آخِرِ الزَّرْعِ لتَسْقِى مَذَانِبَه . وتَغدَّرَ : تَخَلَّفَ ؛ قاله الأَصمعيّ وأَنشد قولَ امْرِئ القَيْس :
عَشِيَّةَ جَاوَزْنا حَماةَ وسَيْرُنَا ... أَخُو الجَهْدِ لا نَلْوِى عَلَى مَنْ تَغَدَّرَا ويُرْوَى : تَعَذَّرا أَي احْتَبَسَ لِمَا يُعْذَر به . وغَدَرَتِ المَرْأَةُ وَلَدَها غَدْراً : مثل دَغَرَتْهُ دَغْراً . وغُدْرٌ بالضَّمّ : مَوْضِعٌ وله يَوْمٌ وفيه يقولُ حارِثَةُ بنُ أَوْسِ بنِ عَبْدِ وَدٍّ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ بنِ زَيْد اللاّتِ وهَزَمَتْهم يومئذ بَنُو يَرْبُوع :
ولَوْلاَ جَرْىُ حَوْمَلَ يَومَ غُدْرٍ ... لمَزَّقَنِي وإِيّاهَا السِّلاحُأَوْرَدَه ابنُ الكَلْبِيّ في أَنْسَابِ الخَيْل . والغادِرِيَّةُ : طائفةٌ من الخَوَارِج ؛ قاله الحافِظُ . والغَدْرُ بالفَتْح : مَحَلّة بمِصْر . وعَبْدُ الله بنُ رِفَاعَةَ بنِ غَدِيرٍ السَّعْدِيّ صاحِبُ الخِلَعيّ مُحَدِّث مشهور . وغَدِيرُ خُمّ : سيأْتي في المِيمِ