" عَمَتَ الصُّوفُ والوَبَرَ يَعْمِتُه عَمْتاً : لَفَّ بعضه على بعض مستطيلاً ومستديراً حَلْقةً فغزله ؛ وقال الأَزهري : كما يفعله الغَزَّالُ الذي يَغْزِلُ الصُّوفَ ، فيُلْقيه في يده ؛ قال : والاسم العَمِيتُ ؛ وأَنشد : يَظَّلُّ في الشَّاءِ يَرْعاها ويَحْلُبها ، ويَعْمِتُ الدَّهْرَ ، إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِدُ
ويقال : عَمَّتَ العَمِيتَ يُعَمِّته تَعْمِيتاً ؛ قال الشاعر : فَظَّلَ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجلةٍ ، ويَكْفِتُ الدَّهْرَ ، إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِد ؟
قال : يَعْمِتُ يَغْزِلُ ، من العَميتَة ، وهي القِطْعة من الصُّوف . ويَكْفِتُ : يَجْمَع ويَحْرِصُ ، إِلا ساعةَ يَقْعُد يَطْبُخُ الهَبِيدَ . والراجلة : كَبْشُ الراعي ، يَحْمِلُ عليه مَتاعَه ؛ وقال أَبو الهيثم : عَمَتَ فلانٌ الصوفَ يَعْمِتُه عَمْتاً إِذا جَمَعه بعدما يَطْرُقُه ويَنْفِشُه ، ثم يَعْمِتُه ليَلْوِيَه على يده ، ويَغْزِلَه بالمَدَرة ؛ قال : وهي العَمِيتة ؛ والعَمائتُ جماعةٌ . والعَمْتُ والعَمِيتةُ : ما غُزِلَ ، فجعل بعضه على بعض ، والجمع أَعْمِتَةٌ وعُمُتٌ ، هذه حكاية أَهل اللغة ؛ قال ابن سيده : والذي عندي أَن أَعْمِتَةً جمعُ عَميتٍ ، الذي هو جمعُ عَمِيتةٍ ، لأَن فَعِيلةً لا تُكَسَّرُ على أَفْعِلةٍ ؛ والعَمِيتةُ من الوبر : كالقَليلة من الشعر ؛ ويقال : عَمِيتةٌ من وَبَر أَو صُوفٍ ، كما يقال : سَبِيخَةٌ من قُطْنٍ ، وسَليلةٌ من شَعَر : وعَمَتَ الرجلُ حَبْلَ القَتِّ ، فهو مَعْموتٌ وعَمِيتٌ : قَتَلَه ولَوَاه ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي : وقِطَعاً من وَبَرٍ عَمِيتا يجوز أَن يكون عَمِيتاً حالاً مِن وَبَر ، وأَن يكون جمع عَمِيتةٍ ، فيكون نعتاً لقِطَع . ورجلٌ عَمِيتٌ : ظَريفٌ ، جَريء ؛ وقال الأَزهري : العَمِيتُ الحافظ العالم الفَطِنُ ؛
قال : ولا تَبَغَّ الدَّهْرَ ما كُفِيتا ، ولا تُمارِ الفَطِنَ العَمِيت ؟
قال : والعِمِّيتُ ، بالتشديد ، الرَّقيبُ الظريفُ ، ويقال : الجاهل الضعيف ؛ قال الشاعر : كالخُرْسِ العَمامِيت والعِمِّيتُ أَيضاً : الذي لا يَهْتَدي لجهةٍ . وفلانٌ يَعْمِتُ أَقرانه إِذا كان يَقْهَرْهم ويَلُفُّهم ، يقال ذلك في الحَرْب ، وجَودة الرأي ، والعلم بأَمر العَدُوِّ وإِثْخَانِه ؛ ومن ذلك يقال للفَائف الصُّوف : عُمُتٌ ، لأَِنها تُعْمَتُ أَي تُلَفُّ . "
المعجم: لسان العرب
عمي
" العَمَى : ذهابُ البَصَر كُلِّه ، وفي الأزهري : من العَيْنَيْن كِلْتَيْهِما ، عَمِيَ يَعْمَى عَمًى فهو أَعْمَى ، واعمايَ يَعْمايُ (* قوله « وعمى الموت إلخ » برفع الموت فاعلاً كما في الاصول هنا ، وتقدم لنا ضبطه في مادة عسر بالنصب والصواب ما هنا ، وقوله ويروى : وعمى عليه الموت بابي طريقه يعني عينيه إلخ هكذا في الأصل والمحكم هنا ، وتقدم لنا في مادة عسر أيضاً : ويروى يأبى طريقه يعني عيينة ، والصواب ما هنا .) يعني بالموت السنانَ فهو إذاً بدلٌ من الموت ، ويروى ، وعَمَّى عليه الموت بابَيْ طَريقه يعني عَيْنَيْه . ورجل عَمٍ إذا كان أَعْمَى القَلْبِ . ورجل عَمِي القَلْب أَي جاهلٌ . والعَمَى : ذهابُ نَظَرِ القَلْبِ ، والفِعْلُ كالفِعْلِ ، والصِّفةُ كالصّفةِ ، إلاَّ أَنه لا يُبْنَى فِعْلُه على افْعالَّ لأَنه ليس بمَحسوسٍ ، وإنما هو على المَثَل ، وافْعالَّ إنما هو للمَحْسوس في اللَّوْنِ والعاهَةِ . وقوله تعالى : وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصير ولا الظُّلُماتُ ولا النُّورُ ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ ؛ قال الزجاج : هذا مَثَل ضَرَبه اللهُ للمؤمنين والكافرين ، والمعنى وما يَسْتَوي الأَعْمَى عن الحَق ، وهو الكافِر ، والبَصِير ، وهو المؤمن الذي يُبْصِر رُشْدَهُ ، ولا الظُّلماتُ ولا النورُ ، الظُّلماتُ الضلالات ، والنورُ الهُدَى ، ولا الظلُّ ولا الحَرورُ أَي لا يَسْتَوي أَصحابُ الحَقِّ الذينَ هم في ظلٍّ من الحَقّ ولا أَصحابُ الباطِلِ الذين هم في حَرٍّ دائمٍ ؛ وقول الشاعر : وثلاثٍ بينَ اثْنَتَينِ بها يُرْ سلُ أَعْمَى بما يَكيِدُ بَصيرَا يعني القِدْحَ ، وجَعَله أَعْمى لأَنه لا بَصَرَ لَهُ ، وجعله بصيراً لأَنه يُصَوِّب إلى حيثُ يَقْصد به الرَّامِي . وتَعامَى : أَظْهَر العَمَى ، يكون في العَين والقَلب . وقوله تعالى : ونَحشُرُه يومَ القيامة أَعْمَى ؛ قيلٍ : هو مثْلُ قوله : ونحشرُ المُجْرِمِينَ يومئذٍ زُرْقًا ؛ وقيل : أَعْمَى عن حُجَّته ، وتأْويلُه أَنَّه لا حُجَّة له يَهْتَدي إلَيْها لأَنه ليس للناس على الله حجةٌ بعد الرسُل ، وقد بَشَّر وأَنْذَر ووَعَد وأَوْعَد . وروي عن مجاهد في قوله تعالى :، قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وقد كُنْتُ بصيراً ، قال : أَعْمَى عن الحُجَّة وقد كنتُ بصيراً بها . وقال نَفْطَوَيْه : يقال عَمِيَ فلانٌ عن رُشْدِه وعَمِيَ عليه طَريقُه إذا لم يَهْتَدِ لِطَرِيقه . ورجلٌ عمٍ وقومٌ عَمُونَ ، قال : وكُلَّما ذكرَ الله جل وعز العَمَى في كتابه فَذَمَّه يريدُ عَمَى القَلْبِ . قال تعالى : فإنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى القُلوبُ التي في الصدورِ . وقوله تعالى : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ، هو على المَثَل ، جَعَلهم في ترك العَمَل بما يُبْصِرُون ووَعْي ما يَسْمعُون بمنزلة المَوْتى ، لأَن ما بَيّن من قدرتِه وصَنعته التي يَعْجز عنها المخلوقون دليلٌ على وحدانِيَّته . والأعْمِيانِ : السَّيْلُ والجَمَل الهائِجُ ، وقيل : السَّيْلُ والحَرِيقُ ؛ كِلاهُما عن يَعقوب . قال الأَزهري : والأَعْمَى الليلُ ، والأَعْمَى السَّيْلُ ، وهما الأَبهمانِ أَيضاً بالباء للسَّيْلِ والليلِ . وفي الحديث : نَعُوذُ بالله مِنَ الأَعْمَيَيْن ؛ هما السَّيْلُ والحَريق لما يُصيبُ من يُصيبانِهِ من الحَيْرَة في أَمرِه ، أَو لأَنهما إذا حَدَثا ووَقَعا لا يُبْقِيان موضِعاً ولا يَتَجَنَّبانِ شيئاً كالأَعْمَى الذي لا يَدْرِي أَينَ يَسْلك ، فهو يَمشِي حيث أَدَّته رجْلُه ؛
وأَنشد ابن بري : ولما رَأَيْتُك تَنْسَى الذِّمامَ ، ولا قَدْرَ عِنْدَكَ للمُعْدِمِ وتَجْفُو الشَّرِيفَ إذا ما أُخِلَّ ، وتُدْنِي الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ وَهَبْتُ إخاءَكَ للأَعْمَيَيْن ، وللأَثْرَمَيْنِ ولَمْ أَظْلِمِ أُخِلَّ : من الخَلَّة ، وهي الحاجة . والأَعْمَيانِ : السَّيْل والنارُ . والأَثْرَمان : الدهْرُ والموتُ . والعَمْيَاءُ والعَمَايَة والعُمِيَّة والعَمِيَّة ، كلُّه : الغَوايةُ واللَّجاجة في الباطل . والعُمِّيَّةُ والعِمِّيَّةُ : الكِبرُ من ذلك . وفي حديث أُم مَعْبَدٍ : تَسَفَّهُوا عَمايَتَهُمْ ؛ العَمايةُ : الضَّلالُ ، وهي فَعالَة من العَمَى . وحكى اللحياني : تَرَكْتُهم في عُمِّيَّة وعِمِّيَّة ، وهو من العَمَى . وقَتيلُ عِمِّيَّا أَي لم يُدْرَ من قَتَلَه . وفي الحديث : مَنْ قاتَلَ تحتَ راية عِمِّيَّة يَغْضَبُ لعَصَبَةٍ أَو يَنْصُرُ عَصَبَةً أَو يَدْعو إلى عَصَبَة فقُتِلَ ، قُتِلَ قِتْلَةً جاهلِيَّةً ؛ هو فِعِّيلَةٌ من العَماء الضَّلالِة كالقتالِ في العَصَبِيّةِ والأَهْواءِ ، وحكى بعضُهم فيها ضَمَّ العَيْن . وسُئل أَحْمدُ بن حَنْبَل عَمَّنْ قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ ، قال : الأَمرُ الأَعْمَى للعَصَبِيَّة لا تَسْتَبِينُ ما وجْهُه . قال أَبو إسحق : إنما مَعنى هذا في تَحارُبِ القَوْمِ وقتل بعضهم بعضاً ، يقول : مَنْ قُتِلَ فيها كان هالكاً . قال أَبو زيد : العِمِّيَّة الدَّعْوة العَمْياءُ فَقَتِيلُها في النار . وقال أَبو العلاء : العَصَبة بنُو العَمِّ ، والعَصَبيَّة أُخِذَتْ من العَصَبة ، وقيل : العِمِّيَّة الفِتْنة ، وقيل : الضَّلالة ؛ وقال الراعي : كما يَذُودُ أَخُو العِمِّيَّة النَّجدُ يعني صاحبَ فِتْنَةٍ ؛ ومنه حديث الزُّبَير : لئلا يموتَ مِيتَةَ عِمِّيَّةٍ أَي مِيتَةَ فِتْنَةٍ وجَهالَةٍ . وفي الحديث : من قُتِلَ في عِمِّيّاً في رَمْيٍ يكون بينهم فهوخطأٌ ، وفي رواية : في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيًّا تكون بينهم بالحجارة فهو خَطَأٌ ؛ العِمِّيَّا ، بالكسر والتشديد والقصر ، فِعِّيلى من العَمَى كالرِّمِّيَّا من الرَّمْي والخِصِّيصَىمن التَّخَصُّصِ ، وهي مصادر ، والمعنى أَن يوجَدَ بينهم قَتِيلٌ يَعْمَى أَمرُه ولا يَبِينُ قاتِلُه ، فحكمُه حكْمُ قتيلِ الخَطَإ تجب فيه الدِّية . وفي الحديث الآخر : يَنزُو الشيطانُ بينَ الناس فيكون دَماً في عَمياء في غَير ضَغِينَة أَي في جَهالَةٍ من غير حِقْدٍ وعَداوة ، والعَمْياءُ تأْنيثُ الأَعْمَى ، يُريدُ بها الضلالة والجَهالة . والعماية : الجهالة بالشيء ؛ ومنه قوله : تَجَلَّتْ عماياتُ الرِّجالِ عن الصِّبَا وعَمايَة الجاهِلَّيةِ : جَهالَتها . والأعماءُ : المَجاهِلُ ، يجوز أن يكون واحدُها عَمىٌ . وأَعْماءٌ عامِيَةٌ على المُبالَغة ؛ قال رؤبة : وبَلَدٍ عَامِيةٍ أَعْماؤهُ ، كأَنَّ لَوْنَ أَرْضِه سَماؤُهُ يريد : ورُبَّ بَلَد . وقوله : عامية أَعْماؤُه ، أَراد مُتَناهِية في العَمَى على حدِّ قولِهم ليلٌ لائلٌ ، فكأَنه ، قال أَعْماؤُه عامِيَةٌ ، فقدَّم وأَخَّر ، وقلَّما يأْتون بهذا الضرب من المُبالَغ به إلا تابعاً لِما قَبْلَه كقولهم شغْلٌ شاغلٌ وليلٌ لائلٌ ، لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم وأَخَّر . قال الأَزهري : عامِيَة دارِسة ، وأَعْماؤُه مَجاهِلُه . بَلَدٌ مَجْهَلٌ وعَمًى : لا يُهْتدى فيه . والمَعامِي : الأَرَضُون المجهولة ، والواحدة مَعْمِيَةٌ ، قال : ولم أَسْمَعْ لها بواحدةٍ . والمعامِي من الأَرَضين : الأَغْفالُ التي ليس بها أَثَرُ عِمارَةٍ ، وهي الأَعْماءُ أَيضاً . وفي الحديث : إنَّ لنا المَعامِيَ ؛ يُريدُ الأَراضِيَ المجهولة الأَغْفالَ التي ليس بها أَثَرُ عِمارةٍ ، واحدُها مَعْمًى ، وهو موضِع العَمَى كالمَجْهَلِ . وأَرْضٌ عَمْياءُ وعامِيةٌ ومكانٌ أَعْمَى : لا يُهْتَدَى فيه ؛ قال : وأَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي : وماءٍ صَرىً عافِي الثَّنايا كأَنَّه ، من الأَجْنِ ، أَبْوالُ المَخاضِ الضوارِبِ عَمٍ شَرَكَ الأَقْطارِ بَيْني وبَيْنَه ، مَرَارِيُّ مَخْشِيّ به المَوتُ ناضِ ؟
قال ابن الأَعرابي : عَمٍ شَرَك كما يقال عَمٍ طَريقاً وعَمٍ مَسْلَكاً ، يُريدُ الطريقَ ليس بيّن الأَثَر ، وأَما الذي في حديث سلمان : سُئِلَ ما يَجِلُّ لنا من ذمّتِنا ؟ فقال : من عَماك إلى هُداكَ أَي إذا ضَلَلْتَ طريقاً أَخَذْتَ منهم رجُلاً حتى يَقِفَكَ على الطريق ، وإنما رَخّص سَلْمانُ في ذلك لأَنَّ أَهلَ الذمَّة كانوا صُولِحُوا على ذلك وشُرِطَ عليهم ، فأَما إذا لم يُشْرَط فلا يجوزُ إلاَّ بالأُجْرَة ، وقوله : من ذِمَّتِنا أَي من أَهلِ ذِمَّتِنا . ويقال : لقيته في عَمايَةِ الصُّبحِ أَي في ظلمته قبل أن أَتَبَيَّنَه . وفي حديث أَبي ذرّ : أَنه كان يُغِيرُ على الصِّرْمِ في عَمايةِ الصُّبْحِ أَي في بقيَّة ظُلمة الليلِ . ولقِيتُه صَكَّةَ عُمَيٍّ وصَكَّةَ أَعْمَى أَي في أَشدَّ الهاجِرَةِ حَرّاً ، وذلك أَن الظَّبْيَ إذا اشتَدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناسَ وقد بَرَقَتْ عينُه من بياضِ الشمسِ ولَمعانِها ، فيَسْدَرُ بصرُه حتى يَصُكَّ بنفسِه الكِناسَ لا يُبْصِرُه ، وقيل : هو أَشدُّ الهاجرة حرّاً ، وقيل : حين كادَ الحَرُّ يُعْمِي مِن شدَّتِه ، ولا يقال في البرْد ، وقيل : حين يقومُ قائِمُ الظَّهِيرة ، وقيل : نصف النهار في شدَّة الحرّ ، وقيل : عُمَيٌّ الحَرُّ بعينه ، وقيل : عُمَيٌّ رجلٌ من عَدْوانَ كان يُفتي في الحجِّ ، فأَقبل مُعْتَمِرًا ومعه ركبٌ حتى نَزَلُوا بعضَ المنازل في يومٍ شديدِ الحَرِّ فقال عُمَيٌّ : من جاءتْ عليه هذه الساعةُ من غَدٍ وهو حرامٌ لم يَقْضِ عُمْرَتَه ، فهو حرامٌ إلى قابِلٍ ، فوثَبَ الناسُ يَضْرِبون حتى وافَوُا البيتَ ، وبَينهم وبَينَه من ذلك الموضِع ليلتانِ جوادان ، فضُرِبَ مَثلاً . وقال الأزهري : هو عُمَيٌّ كأَنه تصغيرُ أَعْمى ؛ قال : وأَنشد ابن الأعرابي : صَكَّ بها عَيْنَ الظَّهِيرة غائِراً عُمَيٌّ ، ولم يُنْعَلْنَ إلاّ ظِلالَها وفي الحديث : نَهى رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن الصلاة نصفَ النهار إذا قام قائم الظهيرة صَكَّةَ عُمَيٌّ ؛ قال : وعُمَيٍّ تصغير أَعْمى على التَّرْخيم ، ولا يقال ذلك إلا في حَمارَّة القَيْظِ ، والإنسان إذا خَرَج نصفَ النهارِ في أَشدّ الحرِّ لم يَتَهَيّأْ له أَن يَمْلأَ عينيه من عَين الشمس ، فأَرادُوا أَنه يصيرُ كالأَعْمَى ، ويقال : هو اسم رجلٍمن العَمالِقةِ أَغارَ على قومٍ ظُهْراً فاسْتَأْصَلَهم فنُسِبَ الوقتُ إِليه ؛ وقولُ الشاعر : يَحْسَبُه الجاهِلُ ، ما كان عَمَى ، شَيْخاً ، على كُرْسِيِّهِ ، مُعَمَّمَا أَي إِذا نظَرَ إِليه من بعيد ، فكأَنَّ العَمَى هنا البُعْد ، يصف وَطْبَ اللَّبن ، يقول إِذا رآه الجاهلُ من بُعْدٍ ظَنَّه شيخاً معَمَّماً لبياضه . والعَماءُ ، ممدودٌ : السحابُ المُرْتَفِعُ ، وقيل : الكثِيفُ ؛ قال أَبو زيد : هو شِبهُ الدُّخانِ يركب رُؤوس الجبال ؛ قال ابن بري : شاهِدُه قولُ حميدِ بن ثورٍ : فإِذا احْزَأَلا في المُناخِ ، رأَيتَه كالطَّوْدِ أَفْرَدَه العَماءُ المُمْطِرُ وقال الفرزدق : ووَفْراء لم تُخْرَزْ بسَيرٍ ، وكِيعَة ، غَدَوْتُ بها طبّاً يَدِي بِرِشائِها ذَعَرْتُ بها سِرْباً نَقِيّاً جُلودُه ، كنَجْمِ الثُّرَيَّا أَسْفَرَتْ من عَمائِها ويروى : إِذْ بَدَتْ من عَمائها وقال ابن سيده : العَماء الغَيْمُ الكثِيفُ المُمْطِرُ ، وقيل : هو الرقِيقُ ، وقيل : هو الأَسودُ ، وقال أَبو عبيد : هو الأَبيض ، وقيل : هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّعَ الجِفَالِ ، واحدتُه عماءةٌ . وفي حديث أَبي رَزين العُقَيْلي أَنه ، قال للنبي ، صلى الله عليه وسلم : أَين كان ربُّنا قبلَ أَن يخلق السمواتِ والأَرضَ ؟، قال : في عَماءٍ تَحْتَه هَواءٌ وفَوْقَه هَواءٌ ؛ قال أَبو عبيد : العَماء في كلام العرب السحاب ؛ قاله الأَصمعي وغيرُه ، وهو ممدودٌ ؛ وقال الحرث بن حِلِّزَة : وكأَنَّ المنون تَرْدِي بنا أَعْصم صمٍّ ، يَنْجابُ عنه العَماءُ يقول : هو في ارتفاعه قد بلَغ السحابَ فالسحابُ يَنْجابُ عنه أَي ينكشف ؛ ، قال أَبو عبيد : وإِنما تأَوَّلْنا هذا الحديث على كلام العرب المَعْقُول عنهم ولا نَدْري كيف كان ذلك العَماءُ ، قال : وأَما العَمَى في البَصَر فمقصور وليس هو من هذا الحديث في شيء . قال الأَزهري : وقد بلَغَني عن أَبي الهيثم ، ولم يعْزُه إِليه ثقةٌ ، أَنه ، قال في تفسير هذا الحديث ولفظِه إِنه كان في عمًى ، مقصورٌ ، قال : وكلُّ أَمرٍ لا تدرِكه القلوبُ بالعُقولِ فهو عَمًى ، قال : والمعنى أَنه كان حيث لا تدْرِكه عقولُ بني آدمَ ولا يَبْلُغُ كنهَه وصْفٌ ؛ قال الأَزهري : والقولُ عندي ما ، قاله أَبو عبيد أَنه العَماءُ ، ممدودٌ ، وهو السحابُ ، ولا يُدْرى كيف ذلك العَماء بصفةٍ تَحْصُرُه ولا نَعْتٍ يحدُّه ، ويُقَوِّى هذا القولَ قولُه تعالى : هل يَنْظُرون إِلا أَن يأْتِيَهُم الله في ظُلَلٍ من الغَمام والملائكة ، والغَمام : معروفٌ في كلام العرب إِلا أَنَّا لا ندْري كيف الغَمامُ الذي يأْتي الله عز وجل يومَ القيامة في ظُلَلٍ منه ، فنحن نُؤْمن به ولا نُكَيِّفُ صِفَتَه ، وكذلك سائرُ صِفاتِ الله عز وجل ؛ وقال ابن الأَثير : معنى قوله في عَمًى مقصورٌ ليسَ مَعَه شيءٌ ، قال : ولا بد في قوله أَين كان ربنا من مضاف محذوف كما حزف في قوله تعالى : هل ينظرون إِلا أَن يأْتيهم الله ، ونحوه ، فيكون التقدير أَين كان عرش ربّنا ، ويدلّ عليه قوله تعالى : وكانَ عرْشُه على الماء . والعَمايَةُ والعَماءَة : السحابَةُ الكثِيفة المُطْبِقَةُ ، قال : وقال بعضهم هو الذي هَراقَ ماءَه ولم يَتَقَطَّع تَقَطُّع الجَفْل (* قوله : « هو الذي
. . . إلخ . » اعاد الضمير إلى السحاب المنويّ لا إلى السحابة .) والعربُ تقولُ : أَشدُّ بردِ الشِّتاء شَمالٌ جِرْبِياء في غبِّ سَماء تحتَ ظِلِّ عَماء . قال : ويقولون للقِطْعة الكَثِيفة عَماءةٌ ، قال : وبعضٌ ينكرُ ذلك ويجعلُ العماءَ اسْماً جامعاً . وفي حديث الصَّوْم : فإِنْ عُمِّيَ عَلَيكُمْ ؛ هكذا جاء في رواية ، قيل : هو من العَمَاء السَّحابِ الرقِيقِ أَي حالَ دونَه ما أَعْمى الأَبْصارَ عن رُؤيَتِه . وعَمَى الشيءُ عَمْياً : سالَ . وعَمى الماءُ يَعْمِي إِذا سالَ ، وهَمى يَهْمِي مثله ؛ قال الأَزهري : وأَنشد المنذري فيما أَقرأَني لأَبي العباس عن ابن الأَعرابي : وغَبْراءَ مَعْمِيٍّ بها الآلُ لم يَبِنْ ، بها مِنْ ثَنَايا المَنْهَلَيْنِ ، طَريق ؟
قال : عَمَى يَعْمي إِذا سالَ ، يقول : سالَ عليها الآلُ . ويقال : عمَيْتُ إِلى كذا وكذا أَعْمِي عَمَياناً وعطِشْت عَطَشاناً إِذا ذَهَبْتَ إِليه لا تُريدُ غيره ، غيرَ أَنَّك تَؤُمُّه على الإِبْصار والظلْمة ، عَمَى يَعْمِي . وعَمَى الموجُ ، بالفتح ، يَعْمِي عَمْياً إِذا رَمى بالقَذى والزَّبَدِ ودَفَعَه . وقال الليث : العَمْيُ على مِثالِ الرَّمْي رفعُ الأَمْواج القَذَى والزَّبَد في أَعالِيها ؛
وأَنشد : رَها زَبَداً يَعْمي به المَوْجُ طامِيا وعَمى البَعِيرُ بلُغامه عَمْياً : هَدَرَ فرمَى به أَيّاً كان ، وقيل : رَمى به على هامَته . وقال المؤرج : رجلٌ عامٍ رامٍ . وعَماني بكذا وكذا : رماني من التُّهَمَة ، قال : وعَمى النَّبْتُ يَعْمِي واعْتَمَّ واعْتَمى ، ثلاثُ لغاتٍ ، واعْتَمى الشيءَ : اخْتاره ، والاسم العِمْيَة . قال أَبو سعيد : اعْتَمَيْتُه اعْتِماءً أَي قَصَدته ، وقال غيره : اعْتَمَيته اختَرْته ، وهو قَلب الاعْتِيامِ ، وكذلك اعتَمْته ، والعرب تقول : عَمَا واللهِ ، وأَمَا واللهِ ، وهَمَا والله ، يُبْدِلون من الهمزة العينَ مرَّة والهاءَ أُخْرى ، ومنهم من يقول : غَمَا والله ، بالغين المعجمة . والعَمْو : الضلالُ ، والجمع أَعْماءٌ . وعَمِيَ عليه الأَمْرُ : الْتَبَس ؛ ومنه قوله تعالى : فعَمِيَتْ عليهمُ الأَنباء يومئذٍ . والتَّعْمِيَةُ : أَنْ تُعَمِّيَ على الإِنْسانِ شيئاً فتُلَبِّسَه عليه تَلْبِيساً . وفي حديث الهجرة : لأُعَمِّيَنَّ على مَنْ وَرائي ، من التَّعْمِية والإِخْفاء والتَّلْبِيسِ ، حتى لا يَتبعَكُما أَحدٌ . وعَمَّيتُ معنى البيت تَعْمِية ، ومنه المُعَمَّى من الشِّعْر ، وقُرئَ : فعُمِّيَتْ عليهم ، بالتشديد . أَبو زيد : تَرَكْناهُم عُمَّى إِذا أَشْرَفُوا على الموت . قال الأَزهري : وقرأْت بخط أَبي الهيثم في قول الفرزدق : غَلَبْتُك بالمُفَقِّئ والمُعَمَّى ، وبَيْتِ المُحْتَبي والخافِقات ؟
قال : فَخَر الفرزدق في هذا البيت على جرير ، لأَن العرب كانت إِذا كان لأَحَدهم أَلفُ بعير فقأَ عينَ بعيرٍ منها ، فإِذا تمت أَلفان عَمَّاه وأَعْماه ، فافتخر عليه بكثرة ماله ، قال : والخافقات الرايات . ابن الأَعرابي : عَمَا يَعْمو إِذا خَضَع وذَلَّ . ومنه حديث ابنِ عُمر : مَثَلُ المُنافق مَثَلُ الشاةِ بينَ الرَّبيضَيْنِ ، تَعْمُو مَرَّةً إِلى هذه ومَرَّةً إِلى هذه ؛ يريد أَنها كانت تَمِيلُ إِلى هذه وإِلى هذه ، قال : والأَعرف تَعْنُو ، التفسير للهَرَويِّ في الغريبَين ؛ قال : ومنه قوله تعالى : مُذَبْذَبينَ بينَ ذلك . والعَمَا : الطُّولُ . يقال : ما أَحْسَنَ عَما هذا الرجُلِ أَي طُولَه . وقال أَبو العباس : سأَلتُ ابنَ الأَعرابي عنه فعَرَفه ، وقال : الأَعْماءُ الطِّوال منَ الناسِ . وعَمايَةُ : جَبَلٌ من جبال هُذَيْلٍ . وعَمايَتانِ : جَبَلان معروفان . "