-
ألْفُ
- ـ ألْفُ من العَدَدِ : مُذَكَّرٌ ، ولو أُنِّثَ باعْتبارِ الدَّراهِمِ لَجَازَ ، ج : أُلُوفٌ وآلافٌ .
ـ أَلَفَهُ يألِفُهُ : أعْطاهُ ألْفاً .
ـ الإِلْفُ : الألِيفُ ، ج : آلافٌ ، وجَمْعُ الألِيف : ألائِفُ .
ـ ألُوفُ : الكَثير الألْفَةِ ، ج : أُلُفٌ .
ـ إِلْفُ والإِلْفَةُ : المَرْأةُ تَأْلَفُها وتَألَفُكَ ، وقد ألِفَهُ أَلْفاً ، وهو آلِفٌ ، ج : أُلاَّفٌ ، وهي آلِفَةٌ ، ج : ألفاتٌ وأوالِفُ .
ـ مَأْلَفُ : مَوْضِعُهما ، والشَّجَرُ المُورِقُ يَدْنُو إليه الصَّيْدُ لإِلْفِهِ إيَّاهُ .
ـ ألْفَةُ : اسْمٌ من الائْتِلافِ .
ـ ألِفُ : الرَّجُلُ العَزَبُ ، وأوَّلُ الحُرُوفِ ، والأليفُ ، وعِرْقٌ مُسْتَبْطِنُ العَضُد إلى الذِراعِ ، وهُما الألِفانِ ، والواحِدُ من كُلِّ شيء .
ـ آلفَهُم : كَمَّلَهُم ألْفاً ،
ـ آلفَ الإِبِلُ : جَمَعَتْ بَيْنَ شَجَرٍ وماءٍ ،
ـ آلفَ المَكانَ : ألِفَهُ ،
ـ آلفَ الدَّراهِمَ : جَعَلَها ألْفاً ، فآلَفَتْ هي ،
ـ آلفَ فُلاناً مَكانَ كذا : جَعَلَهُ يألَفُهُ .
ـ إِيلافُ في التَّنْزيلِ : العَهْدُ ، وشِبْهُ الإِجازَةِ بالخفارَةِ ، وأوَّلُ مَنْ أخَذَها هاشِمٌ مِن مَلِكِ الشامِ ، وتَأويلُهُ : أنَّهُم كانوا سُكَّانَ الحَرَمِ ، آمِنينَ في امْتيازِهِم وتَنَقُّلاتِهِم شِتاءً وصَيْفاً ، والناسُ يُتَخَطَّفُونَ من حَوْلِهِم ، فإذا عَرَضَ لَهُم عارِضٌ ، قالوا : نَحْنُ أهْلُ حَرَمِ الله ، فَلا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أحَدٌ ، أو اللامُ للتَّعَجُّبِ ، أي : اعْجَبُوا لإِيلافِ قُرَيْشٍ ، وكان هاشِمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشامِ ، وعَبْدُ شَمْسٍ إلى الحَبَشَةِ ، والمُطَّلِبُ إلى اليَمَنِ ، ونَوْفَلٌ إلى فارِسَ ، وكان تُجَّارُ قُريْشٍ يَخْتَلفُونَ إلى هذه الأمصارِ بِحِبالِ هذه الإِخْوَةِ ، فَلا يُتَعَرَّضُ لَهُم ، وكانَ كُلُّ أخٍ منهم أخَذَ حَبْلاً منْ مَلِكِ ناحِيَةِ سَفَرِهِ أَمَاناً لَهُ .
ـ ألَّفَ بَيْنَهُما تَأليفاً : أوْقَعَ الألْفَةَ ،
ـ ألَّفَ ألِفاً : خَطَّها ،
ـ ألَّفَ الألْفَ : كَمَّلَهُ .
ـ مُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُم مِنْ سادَةِ العَرَبِ : أُمِرَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، بِتَألُّفِهِم ، وإعْطائِهِم لِيُرغِّبُوا مَنْ وَرَاءَهُم في الإِسْلامِ ، وهُمُ : الأقْرَعُ بنُ حابسٍ ، وجُبَيْرُ بنُ مُطْعم ، والجَدُّ بنُ قَيْسٍ ، والحَارثُ بنُ هِشامٍ ، وحَكيمُ بنُ حِزامٍ ، وحَكيمُ بنُ طُلَيْقٍ ، وحُوَيْطِبُ ابنُ عَبْدِ العُزَّى ، وخالِدُ بنُ أسِيدٍ ، وخالدُ بنُ قَيْسٍ ، وزَيْدُ الخَيْلِ ، وسَعيدُ بنُ يَرْبُوعٍ ، وسُهَيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ شَمْسٍ العامِرِيُّ ، وسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو الجُمَحِيُّ ، وصَخْرُ ابنُ أمَيَّةَ ، وصَفْوانُ بنُ أمَيَّةَ الجُمَحِيُّ ، والعَبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ ، وعبدُ الرحمنِ بنُ يَرْبُوعٍ ، والعَلاءُ بنُ جاريةَ ، وعَلْقَمَةُ بنُ عُلاثَةَ ، وأبو السَّنابِلِ عَمْرُو بنُ بَعْكَكٍ ، وعَمْرُو ابنُ مِرْداسٍ ، وعُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ ، وعُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ ، وقيس بن عدِن ، وقَيْسُ بنُ مَخْرَمَةَ ، ومالكُ بنُ عَوْفٍ ، ومَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلٍ ، ومُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ ، والمُغِيرَةُ بنُ الحَارِثِ ، والنُّضَيْرُ بنُ الحَارِثِ بنِ عَلْقَمَةَ ، وهِشامُ بنُ عَمْرٍو ، رضي الله عنهم .
ـ تألَّفَ فلاناً : دَارَاهُ ، وقارَبَهُ ، ووصَلَهُ حتى يَسْتَميلَهُ إليه ،
ـ تألَّفَ القومُ : اجْتَمَعُوا ، كائْتَلَفُوا .
المعجم: القاموس المحيط
-
فآوى
- فَـضمّـك إلى مَنْ يَكفـلك و يَرْعاك
سورة : الضحى ، آية رقم : 6
المعجم: كلمات القران
- انظر التحليل و التفسير المفصل
-
فأبوْا
- فامتنعوا
سورة : الكهف ، آية رقم : 77
المعجم: كلمات القران
- انظر التحليل و التفسير المفصل
-
فآزره
- فقوّى ذلك الشّطء الزّرع
سورة : الفتح ، آية رقم : 29
المعجم: كلمات القران
- انظر التحليل و التفسير المفصل
-
أمن
- " الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى .
وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ ، وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان .
والأَمْنُ : ضدُّ الخوف .
والأَمانةُ : ضدُّ الخِيانة .
والإيمانُ : ضدُّ الكفر .
والإيمان : بمعنى التصديق ، ضدُّه التكذيب .
يقال : آمَنَ به قومٌ وكذَّب به قومٌ ، فأَما آمَنْتُه المتعدي فهو ضدُّ أَخَفْتُه .
وفي التنزيل العزيز : وآمَنَهم من خوف .
ابن سيده : الأَمْنُ نقيض الخوف ، أَمِن فلانٌ يأْمَنُ أَمْناً وأَمَناً ؛ حكى هذه الزجاج ، وأَمَنةً وأَماناً فهو أَمِنٌ .
والأَمَنةُ : الأَمْنُ ؛ ومنه : أَمَنةً نُعاساً ، وإذ يَغْشاكم النعاسُ أَمَنةً منه ، نصَب أَمَنةً لأَنه مفعول له كقولك فعلت ذلك حَذَر الشر ؛ قال ذلك الزجاج .
وفي حديث نزول المسيح ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام : وتقع الأمَنةُ في الأَرض أَي الأَمْنُ ، يريد أَن الأَرض تمتلئ بالأَمْن فلا يخاف أَحدٌ من الناس والحيوان .
وفي الحديث : النُّجومُ أَمَنةُ السماء ، فإذا ذهبت النجومُ أَتى السماءَ ما تُوعَد ، وأَنا أَمَنةٌ لأَصحابي فإذا ذهبتُ أَتى أَصحابي ما يُوعَدون ، وأََصحابي أَمَنةٌ لأُمَّتي فإذا ذهبَ أصحابي أَتى الأُمَّةَ ما تُوعَد ؛ أَراد بِوَعْد السماء انشقاقَها وذهابَها يوم القيامة .
وذهابُ النجومُ : تكوِيرُها وانكِدارُها وإعْدامُها ، وأَراد بوَعْد أَصحابه ما وقع بينهم من الفِتَن ، وكذلك أَراد بوعْد الأُمّة ، والإشارةُ في الجملة إلى مجيء الشرّ عند ذهابِ أَهل الخير ، فإنه لما كان بين الناس كان يُبَيِّن لهم ما يختلفون فيه ، فلما تُوفِّي جالت الآراءُ واختلفت الأَهْواء ، فكان الصَّحابةُ يُسْنِدونَ الأَمرَ إلى الرسول في قول أَو فعل أَو دلالة حال ، فلما فُقِدَ قَلَّت الأَنوارُ وقَويَت الظُّلَمُ ، وكذلك حالُ السماء عند ذهاب النجوم ؛ قال ابن الأَثير : والأَمَنةُ في هذا الحديث جمع أَمينٍ وهو الحافظ .
وقوله عز وجل : وإذ جَعَلْنا البيتَ مثابةً للناس وأَمْناً ؛ قال أَبو إسحق : أَراد ذا أَمْنٍ ، فهو آمِنٌ وأَمِنٌ وأَمِين ؛ عن اللحياني ، ورجل أَمِن وأَمين بمعنى واحد .
وفي التنزيل العزيز : وهذا البَلد الأَمين ؛ أَي الآمِن ، يعني مكة ، وهو من الأَمْنِ ؛ وقوله : أَلم تعْلمِي ، يا أَسْمَ ، ويحَكِ أَنني حلَفْتُ يميناً لا أَخونُ يَمين ؟
قال ابن سيده : إنما يريد آمنِي .
ابن السكيت : والأَمينُ المؤتمِن .
والأَمين : المؤتَمَن ، من الأَضداد ؛
وأَنشد ابن الليث أَيضاً : لا أَخونُ يَمِيني أََي الذي يأْتَمِنُني .
الجوهري : وقد يقال الأَمينُ المأْمونُ كما ، قال الشاعر : لا أَخون أَميني أَي مأْمونِي .
وقوله عز وجل : إن المتقِينَ في مقامٍ أَمينٍ ؛ أَي قد أَمِنُوا فيه الغِيَرَ .
وأَنتَ في آمِنٍ أَي في أَمْنٍ كالفاتح .
وقال أَبو زياد : أَنت في أَمْنٍ من ذلك أَي في أَمانٍ .
ورجل أُمَنَةٌ : يأْمَنُ كلَّ أَحد ، وقيل : يأْمَنُه الناسُ ولا يخافون غائلَته ؛ وأُمَنَةٌ أَيضاً : موثوقٌ به مأْمونٌ ، وكان قياسُه أُمْنةً ، أَلا ترى أَنه لم يعبَّر عنه ههنا إلا بمفعول ؟ اللحياني : يقال ما آمَنْتُ أَن أَجِدَ صحابةً إيماناً أَي ما وَثِقْت ، والإيمانُ عنده الثِّقةُ .
ورجل أَمَنةٌ ، بالفتح : للذي يُصَدِّق بكل ما يسمع ولا يُكَذِّب بشيء .
ورجل أَمَنةٌ أَيضاً إذا كان يطمئنّ إلى كل واحد ويَثِقُ بكل أَحد ، وكذلك الأُمَنَةُ ، مثال الهُمَزة .
ويقال : آمَنَ فلانٌ العدُوَّ إيماناً ، فأَمِنَ يأْمَنُ ، والعدُوُّ مُؤْمَنٌ ، وأَمِنْتُه على كذا وأْتَمَنْتُه بمعنىً ، وقرئ : ما لَك لا تأَمَننا على يوسف ، بين الإدغامِ والإظهارِ ؛ قال الأَخفش : والإدغامُ أَحسنُ .
وتقول : اؤتُمِن فلانٌ ، على ما لم يُسمَّ فاعلُه ، فإن ابتدأْت به صيَّرْت الهمزة الثانية واواً ، لأن كلَّ كلمة اجتمع في أَولها هَمزتانِ وكانت الأُخرى منهما ساكنة ، فلك أَن تُصَيِّرها واواً إذا كانت الأُولى مضمومة ، أَو ياءً إن كانت الأُولى مكسورة نحو إيتَمَنه ، أَو أَلفاً إن كانت الأُولى مفتوحة نحو آمَنُ .
وحديث ابن عمر : أَنه دخل عليه ابنُه فقال : إنّي لا إيمَنُ أَن يكون بين الناسِ قتالٌ أَي لا آمَنُ ، فجاء به على لغة من يكسر أَوائل الأَفعال المستقبلة نحو يِعْلَم ونِعْلم ، فانقلبت الأَلف ياء للكسرة قبلها .
واسْتأْمَنَ إليه : دخل في أَمانِه ، وقد أَمَّنَه وآمَنَه .
وقرأَ أَبو جعفر المدنيّ : لستَ مُؤَمَّناً أَي لا نُؤَمِّنك .
والمَأْمَنُ : موضعُ الأَمْنِ .
والأمنُ : المستجيرُ ليَأْمَنَ على نفسه ؛ عن ابن الأَعرابي ؛
وأَنشد : فأَحْسِبُوا لا أَمْنَ من صِدْقٍ وَبِرْ ، وَسَحّْ أَيْمانٍ قَليلاتِ الأَشرْ أَي لا إجارة ، أَحْسِبُوه : أَعطُوه ما يَكْفيه ، وقرئَ في سورة براءة : إنهم لا إِيمانَ لهم ؛ مَنْ قرأَه بكسر الأَلف معناه أَنهم إن أَجارُوا وأَمَّنُوا المسلمين لم يَفُوا وغَدَروا ، والإيمانُ ههنا الإجارةُ .
والأَمانةُ والأَمَنةُ : نقيضُ الخيانة لأَنه يُؤْمَنُ أَذاه ، وقد أَمِنَه وأَمَّنَه وأْتَمَنَهُ واتَّمَنه ؛ عن ثعلب ، وهي نادرة ، وعُذْرُ مَن ، قال ذلك أَن لفظه إذا لم يُدْغم يصير إلى صورة ما أَصلُه حرفُ لين ، فذلك قولهم في افْتَعَل من الأَكل إيتَكَلَ ، ومن الإزْرةِ إيتَزَرَ ، فأَشْبه حينئذٍ إيتَعَدَ في لغة من لم يُبْدِل الفاء ياء ، فقال اتَّمَنَ لقول غيره إيتَمَنَ ، وأَجود اللغتين إقرارُ الهمزة ، كأَن تقول ائتمن ، وقد يُقَدِّر مثلُ هذا في قولهم اتَّهَلَ ، واسْتَأْمَنه كذلك .
وتقول : اسْتَأْمَنني فلانٌ فآمَنْتُه أُومِنُهُ إيماناً .
وفي الحديث : المُؤَذِّنُ مؤتَمَنٌ ؛ مُؤْتَمَنُ القوم : الذي يثِقون إليه ويتخذونه أَمِيناً حافظاً ، تقول : اؤتُمِنَ الرجل ، فهو مُؤْتَمَن ، يعني أَن المؤذِّنَ أَمينُ الناسِ على صلاتهم وصيامهم .
وفي الحديث : المَجالِسُ بالأَمانةِ ؛ هذا ندْبٌ إلى تركِ إعادةِ ما يَجْرِي في المجلس من قولٍ أَو فعلٍ ، فكأَنَّ ذلك أَمانةٌ عند مَن سَمِعه أَو رآه ، والأََمانةُ تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثِّقةِ والأَمان ، وقد جاء في كل منها حديث .
وفي الحديث : الأَمانةُ غِنًى أَي سبب الغنى ، ومعناه أَن الرجل إذا عُرِفَ بها كثُر مُعاملوه فصار ذلك سبباً لِغناه .
وفي حديث أَشْراطِ الساعة : والأَمانة مَغْنَماً أَي يرى مَن في يده أَمانةٌ أَن الخِيانَة فيها غَنيمةٌ قد غَنِمها .
وفي الحديث : الزَّرعُ أَمانةٌ والتاجِرُ فاجرٌ ؛ جعل الزرع أَمانَةً لسلامتِه من الآفات التي تقع في التِّجارة من التَّزَيُّدِ في القول والحَلِف وغير ذلك .
ويقال : ما كان فلانٌ أَميناً ولقد أَمُنَ يأْمُنُ أَمانةً .
ورجلٌ أَمينٌ وأُمّانٌ أَي له دينٌ ، وقيل : مأْمونٌ به ثِقَةٌ ؛ قال الأَعشى : ولَقَدْ شَهِدْتُ التّاجرَ الـ أُمّانَ مَوْروداً شرابُهْ التاجِرُ الأُمّانُ ، بالضم والتشديد : هو الأَمينُ ، وقيل : هو ذو الدِّين والفضل ، وقال بعضهم : الأُمّان الذي لا يكتب لأَنه أُمِّيٌّ ، وقال بعضهم : الأُمّان الزرّاع ؛ وقول ابن السكيت : شَرِبْت مِنْ أَمْنِ دَواء المَشْي يُدْعى المَشُْوَّ ، طعْمُه كالشَّرْي الأَزهري : قرأْت في نوادر الأَعراب أَعطيت فلاناً مِنْ أَمْنِ مالي ، ولم يفسّر ؛ قال أَبو منصور : كأَنَّ معناه مِنْ خالِص مالي ومِنْ خالص دَواءِ المَشْي .
ابن سيده : ما أَحْسَنَ أَمَنَتَك وإِمْنَك أَي دِينَكَ وخُلُقَكَ .
وآمَنَ بالشيء : صَدَّقَ وأَمِنَ كَذِبَ مَنْ أَخبره .
الجوهري : أَصل آمَنَ أَأْمَنََ ، بهمزتين ، لُيِّنَت الثانية ، ومنه المُهَيْمِن ، وأَصله مُؤَأْمِن ، لُيِّنَتْ الثانيةُ وقلبت ياء وقلبت الأُولى هاء ، قال ابن بري : قوله بهمزتين لُيِّنَتْ الثانية ، صوابه أَن يقول أُبدلت الثانية ؛ وأَما ما ذكره في مُهَيْمِن من أَن أَصلَه مُؤَأْمِن لُيِّنَتْ الهمزةُ الثانية وقلبت ياءً لا يصحُّ ، لأَنها ساكنة ، وإنما تخفيفها أَن تقلب أَلفاً لا غير ، قال : فثبت بهذا أَن مُهَيْمِناً منْ هَيْمَنَ فهو مُهَيْمِنٌ لا غير .
وحدَّ الزجاجُ الإيمانَ فقال : الإيمانُ إظهارُ الخضوع والقبولِ للشَّريعة ولِما أَتَى به النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، واعتقادُه وتصديقُه بالقلب ، فمن كان على هذه الصِّفة فهو مُؤْمِنٌ مُسْلِم غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ ، وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك ريبٌ .
وفي التنزيل العزيز : وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لنا ؛ أَي بمُصدِّقٍ .
والإيمانُ : التصديقُ .
التهذيب : وأَما الإيمانُ فهو مصدر آمَنَ يُؤْمِنُ إيماناً ، فهو مُؤْمِنٌ .
واتَّفق أَهلُ العلم من اللُّغَويّين وغيرهم أَن الإيمانَ معناه التصديق .
قال الله تعالى :، قالتِ الأَعرابُ آمَنّا قل لَمْ تُؤْمِنوا ولكن قولوا أَسْلمنا ( الآية )، قال : وهذا موضع يحتاج الناس إلى تَفْهيمه وأَين يَنْفَصِل المؤمِنُ من المُسْلِم وأَيْنَ يَسْتَويانِ ، والإسْلامُ إظهارُ الخضوع والقبول لما أَتى به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وبه يُحْقَنُ الدَّمُ ، فإن كان مع ذلك الإظْهارِ اعتِقادٌ وتصديق بالقلب ، فذلك الإيمانُ الذي يقال للموصوف به هو مؤمنٌ مسلمٌ ، وهو المؤمنُ بالله ورسوله غير مُرْتابٍ ولا شاكٍّ ، وهو الذي يرى أَن أَداء الفرائض واجبٌ عليه ، وأَن الجِهادَ بنفسِه وماله واجبٌ عليه لا يدخله في ذلك رَيْبٌ فهو المؤمنُ وهو المسلمُ حقّاً ، كما ، قال الله عز وجل : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يَرتابوا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون ؛ أَي أُولئك الذين ، قالوا إنّا مؤمنون فهم الصادقون ، فأَما من أَظهرَ قَبولَ الشريعة واسْتَسْلَم لدفع المكروه فهو في الظاهر مُسْلمٌ وباطِنُه غيرُ مصدِّقٍ ، فذلك الذي يقول أَسْلَمْتُ لأَن ال إيمان لا بدّ من أَن يكون صاحبُه صِدِّيقاً ، لأَن قولَكَ آمَنْتُ بالله ، أَو ، قال قائل آمَنْتُ بكذا وكذا فمعناه صَدَّقْت ، فأَخْرج الله هؤلاء من الإيمان فقال : ولَمّا يدْخل الإيمانُ في قُلوبِكم ؛ أَي لم تُصدِّقوا إنما أَسْلَمْتُمْ تَعَوُّذاً من القتل ، فالمؤمنُ مُبْطِنٌ من التصديق مثلَ ما يُظْهِرُ ، والمسلمُ التامُّ الإسلامِ مُظْهرٌ للطاعة مؤمنٌ بها ، والمسلمُ الذي أَظهر الإسلامَ تعوُّذاً غيرُ مؤمنٍ في الحقيقة ، إلاّ أَن حُكْمَه في الظاهر حكمُ المسلمين .
وقال الله تعالى حكاية عن إخْوة يوسف لأَبيهم : ما أَنت بمُؤْمِنٍ لنا ولو كُنّا صادقين ؛ لم يختلف أَهل التفسير أَنّ معناه ما أَنت بمُصدِّقٍ لنا ، والأَصلُ في الإيمان الدخولُ في صِدْقِ الأَمانةِ التي ائْتَمَنه الله عليها ، فإذا اعتقد التصديقَ بقلبه كما صدَّقَ بلِسانِه فقد أَدّى الأَمانةَ وهو مؤمنٌ ، ومن لم يعتقد التصديق بقلبه فهو غير مؤدٍّ للأَمانة التي ائتمنه الله عليها ، وهو مُنافِقٌ ، ومَن زعم أَن الإيمان هو إظهار القول دون التصديقِ بالقلب فإنه لا يخلو من وجهين أَحدهما أَن يكون مُنافِقاً يَنْضَحُ عن المنافقين تأْييداً لهم ، أَو يكون جاهلاً لا يعلم ما يقول وما يُقالُ له ، أَخْرَجَه الجَهلُ واللَّجاجُ إلى عِنادِ الحقِّ وتَرْكِ قبولِ الصَّوابِ ، أَعاذنا الله من هذه الصفة وجعلنا ممن عَلِم فاسْتَعْمل ما عَلِم ، أَو جَهِل فتعلّم ممن عَلِمَ ، وسلَّمَنا من آفات أَهل الزَّيْغ والبِدَع بمنِّه وكرمه .
وفي قول الله عز وجل : إنما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثم لَمْ يرتابوا وجاهَدوا بأَموالِهِم وأَنفسِهم في سبيل الله أُولئك هم الصادقون ؛ ما يُبَيّنُ لك أَن المؤمنَ هو المتضمّن لهذه الصفة ، وأَن مَن لم يتضمّنْ هذه الصفة فليس بمؤمنٍ ، لأَن إنما في كلام العرب تجيء لِتَثْبيتِ شيءٍ ونَفْيِ ما خالَفَه ، ولا قوّةَ إلا بالله .
وأَما قوله عز وجل : إنا عَرَضْنا الأَمانةَ على السموات والأَرضِ والجبالِ فأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ منها وحمَلَها الإنسانُ إنه كان ظَلُوماً جهولاً ؛ فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أَنهما ، قالا : الأَمانةُ ههنا الفرائضُ التي افْتَرَضَها الله تعالى على عباده ؛ وقال ابن عمر : عُرِضَت على آدمَ الطاعةُ والمعصيةُ وعُرِّفَ ثوابَ الطاعة وعِقَابَ المعْصية ، قال : والذي عندي فيه أَن الأَمانة ههنا النِّيّةُ التي يعتقدها الإنسان فيما يُظْهِره باللّسان من الإيمان ويؤَدِّيه من جميع الفرائض في الظاهر ، لأَن الله عز وجل ائْتَمَنَه عليها ولم يُظْهِر عليها أَحداً من خَلْقِه ، فمن أَضْمر من التوحيد والتصديق مثلَ ما أَظهرَ فقد أَدَّى الأَمانةَ ، ومن أَضمَر التكذيبَ وهو مُصَدِّقٌ باللسان في الظاهر فقد حَمَل الأَمانةَ ولم يؤدِّها ، وكلُّ مَنْ خان فيما اؤتُمِنَ عليه فهو حامِلٌ ، والإنسان في قوله : وحملها الإنسان ؛ هو الكافر الشاكُّ الذي لا يُصدِّق ، وهو الظَّلُوم الجهُولُ ، يَدُلُّك على ذلك قوله : ليُعَذِّبَ اللهُ المُنافقينَ والمُنافقات والمُشركين والمُشْرِكاتِ ويتوبَ اللهُ على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً .
وفي حديث ابن عبا ؟
قال ، صلى الله عليه وسلم : الإيمانُ أَمانةٌ ولا دِينَ لِمَنْ لا أَمانةَ له .
وفي حديث آخر : لا إيمانَ لِمَنْ لا أَمانةَ له .
وقوله عز وجل : فأَخْرَجْنا مَنْ كان فيها من المؤمنين ؛ قال ثعلب : المؤمِنُ بالقلب والمُسلِمُ باللسان ، قال الزجاج : صفةُ المؤمن بالله أَن يكون راجياً ثوابَه خاشياً عقابه .
وقوله تعالى : يؤمنُ بالله ويؤمنُ للمؤمنين ؛ قال ثعلب : يُصَدِّق اللهَ ويُصدق المؤمنين ، وأَدخل اللام للإضافة ، فأَما قول بعضهم : لا تجِدُه مؤمناً حتى تجِدَه مؤمنَ الرِّضا مؤمنَ الغضب أَي مؤمِناً عندَ رضاه مؤمناً عند غضبه .
وفي حديث أَنس : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : المؤمنُ مَن أَمِنَه الناسُ ، والمسلِمُ من سَلِمَ المسلمون من لِسانه ويَدِه ، والمُهاجِرَ من هَجَر السُّوءَ ، والذي نفسي بيده لا يدخلُ رجلٌ الجنة لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقَه .
وفي الحديث عن ابن عمر ، قال : أَتى رجلٌ رسولَ الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال : مَنِ المُهاجرُ ؟ فقال : مَنْ هجَر السيئاتِ ، قال : فمَن المؤمنُ ؟، قال : من ائْتَمَنه الناس على أَموالِهم وأَنفسهم ، قال : فَمَن المُسلِم ؟، قال : مَن سلِمَ المسلمون من لسانِه ويده ، قال : فمَن المجاهدُ ؟، قال : مَنْ جاهدَ نفسَه .
قال النضر : وقالوا للخليل ما الإيمانُ ؟، قال : الطُّمأْنينةُ ، قال : وقالوا للخليل تقول أَنا مؤمنٌ ، قال : لا أَقوله ، وهذا تزكية .
ابن الأَنباري : رجل مُؤمِنٌ مُصَدِّقٌ لله ورسوله .
وآمَنْت بالشيء إذا صَدَّقْت به ؛ وقال الشاعر : ومِنْ قَبْل آمَنَّا ، وقد كانَ قَوْمُنا يُصلّون للأَوثانِ قبلُ ، محمدا معناه ومن قبلُ آمَنَّا محمداً أَي صدَّقناه ، قال : والمُسلِم المُخْلِصُ لله العبادة .
وقوله عز وجل في قصة موسى ، عليه السلام : وأَنا أَوَّلُ المؤمنين ؛ أَراد أَنا أوَّلُ المؤمنين بأَنّك لا تُرَى في الدنيا .
وفي الحديث : نَهْرانِ مؤمنانِ ونَهْرانِ كافرانِ : أَما المؤمنانِ فالنيلُ والفراتُ ، وأَما الكافران فدِجْلةُ ونهْرُ بَلْخ ، جعلهما مؤمنَيْن على التشبيه لأَنهما يفيضانِ على الأَرضِ فيَسقِيانِ الحَرْثَ بلا مَؤُونةٍ ، وجعل الآخَرَيْنِ كافِرَيْن لأَنهما لا يسقِيانِ ولا يُنْتَفَعُ بهما إلا بمؤونة وكُلفةٍ ، فهذان في الخيرِ والنفعِ كالمُؤْمِنَيْنِ ، وهذان في قلَّة النفع كالكافِرَين .
وفي الحديث : لا يَزْني الزاني وهو مُؤْمِنٌ ؛ قيل : معناه النَّهْي وإن كان في صورة الخبر ، والأَصلُ حذْفُ الياء من يَزْني أَي لا يَزْنِ المؤمنُ ولا يَسْرِقُ ولا يَشْرَبْ ، فإن هذه الأَفعال لا تليقُ بالمؤمنين ، وقيل : هو وعيدٌ يُقْصَدُ به الرَّدْع ، كقوله عليه السلام : لا إيمانَ لمنْ لا أمانة له ، والمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناسُ من لِسانِه ويدِه ، وقيل : معناه لا يَزْني وهو كاملُ الإيمانِ ، وقيل : معناه أَن الهوى يُغطِّي الإيمانَ ، فصاحِبُ الهَوى لا يَزني إلاّ هواه ولا ينْظُر إلى إيمانه الناهي له عن ارتكابِ الفاحشة ، فكأَنَّ الإيمانَ في تلك الحالة قد انْعَدم ، قال : وقال ابن عباس ، رضي الله عنهما : الإيمانُ نَزِهٌ ، فإذا أَذْنَبَ العبدُ فارَقَه ؛ ومنه الحديث : إذا زَنَى الرجلُ خرجَ منه الإيمانُ فكان فوقَ رأْسه كالظُّلَّةِ ، فإذا أَقْلَع رجَع إليه الإيمانُ ، قال : وكلُّ هذا محمول على المجاز ونَفْي الكمالِ دون الحقيقة ورفع الإيمان وإِبْطالِه .
وفي حديث الجارية : أعْتِقُها فإنها مُؤمِنةٌ ؛ إنما حكَمَ بإيمانِها بمُجرَّد سُؤاله إياها : أَين الله ؟ وإشارَتِها إلى السماء ، وبقوله لها : مَنْ أَنا ؟ فأَشارت إليه وإلى السماء ، يعني أنْتَ رسولُ الله ، وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادَتَيْن والتبرِّي من سائر الأَديان ، وإنما حكم عليه السلام بذلك لأَنه رأى منها أَمارة الإسلام وكوْنَها بين المسلمين وتحت رِقِّ المُسْلِم ، وهذا القدر يكفي علَماً لذلك ، فإن الكافر إذا عُرِضَ عليه الإسلامُ لم يُقْتَصَرْ منه على قوله إني مُسْلِمٌ حتى يَصِفَ الإسلامَ بكماله وشرائِطه ، فإذا جاءنا مَنْ نَجْهَل حالَه في الكفر والإيمان فقال إني مُسْلِم قَبِلْناه ، فإذا كان عليه أَمارةُ الإسلامِ من هَيْئَةٍ وشارةٍ ودارٍ كان قبولُ قوله أَولى ، بل يُحْكَمُ عليه بالإسلام وإنْ لم يَقُلْ شيئاً .
وفي حديث عُقْبة بن عامر : أَسْلم الناسُ وآمَنَ عمرُو بن العاص ؛ كأَنَّ هذا إشارةٌ إلى جماعةٍ آمَنوا معه خوفاً من السيف وأنَّ عَمْراً كان مُخْلِصاً في إيمانه ، وهذا من العامّ الذي يُرادُ به الخاصّ .
وفي الحديث : ما مِنْ نبيٍّ إلاَّ أُعْطِيَ منَ الآياتِ ما مثلُه آمَنَ عليه البَشَرُ ، وإنما كان الذي أُوتِيتُهُ وحْياً أَوْحاهُ اللهُ إليَّ أَي آمَنوا عند مُعايَنة ما آتاهم من الآياتِ والمُعْجِزات ، وأَراد بالوَحْيِ إعْجازَ القرآن الذي خُصَّ به ، فإنه ليس شيء من كُتُبِ الله المُنزَّلة كان مُعْجِزاً إلا القرآن .
وفي الحديث : مَنْ حَلَف بالأَمانةِ فليس مِنَّا ؛ قال ابن الأَثير : يشبه أَن تكون الكراهةُ فيه لأجل أَنه أُمِر أَن يُحْلَفَ بأَسماءِ الله وصفاتِه ، والأَمانةُ أَمرٌ من أُمورِه ، فنُهُوا عنها من أَجل التسوية بينها وبين أَسماء الله ، كما نُهوا أَن يحلِفوا بآبائهم .
وإذا ، قال الحالفُ : وأَمانةِ الله ، كانت يميناً عند أَبي حنيفة ، والشافعيُّ لا يعدُّها يميناً .
وفي الحديث : أَسْتَوْدِعُ الله دينَكَ وأمانتَكَ أَي أَهلك ومَنْ تُخَلِّفُه بَعْدَكَ منهم ، ومالَكَ الذي تُودِعُه وتستَحْفِظُه أَمِينَك ووكِيلَكَ .
والأَمينُ : القويُّ لأَنه يُوثَقُ بقوَّتِه .
وناقةٌ أَمون : أَُمينةٌ وثِيقةُ الخَلْقِ ، قد أُمِنَتْ أَن تكون ضعيفةً ، وهي التي أُمِنتْ العِثَارَ والإعْياءَ ، والجمع أُمُنٌ ، قال : وهذا فعولٌ جاء في موضع مَفْعولةٍ ، كما يقال : ناقة عَضوبٌ وحَلوبٌ .
وآمِنُ المالِ : ما قد أَمِنَ لنفاسَتِه أَن يُنْحَرَ ، عنَى بالمال الإبلَ ، وقيل : هو الشريفُ من أَيِّ مالٍ كانَ ، كأَنه لو عَقَلَ لأَمِنَ أَن يُبْذَل ؛ قال الحُوَيْدرة : ونَقِي بآمِنِ مالِنا أَحْسابَنا ، ونُجِرُّ في الهَيْجا الرِّماحَ وندَّعي .
قولُه : ونَقِي بآمِنِ مالِنا (* قوله « ونقي بآمن مالنا » ضبط في الأصل بكسر الميم ، وعليه جرى شارح القاموس حيث ، قال هو كصاحب ، وضبط في متن القاموس والتكملة بفتح الميم ) .
أَي ونَقِي بخالِصِ مالِنا ، نَدَّعي ندعو بأَسمائنا فنجعلها شِعاراً لنا في الحرب .
وآمِنُ الحِلْم : وَثِيقُه الذي قد أَمِنَ اخْتِلاله وانْحِلاله ؛ قال : والخَمْرُ لَيْسَتْ منْ أَخيكَ ، ولكنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ ويروى : تَخُون بثامِرِ الحِلْمِ أَي بتامِّه .
التهذيب : والمُؤْمنُ مِن أَسماءِ الله تعالى الذي وَحَّدَ نفسَه بقوله : وإِلهُكم إِلهٌ واحدٌ ، وبقوله : شَهد الله أَنه لا إِله إِلاَّ هو ، وقيل : المُؤْمِنُ في صفة الله الذي آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه ، وقيل : المُؤْمن الذي آمَنَ أَوْلياءَ عذابَه ، قال :، قال ابن الأَعرابي ، قال المنذري سمعت أَبا العباس يقول : المُؤْمنُ عند العرب المُصدِّقُ ، يذهب إلى أَنَّ الله تعالى يُصدّق عبادَه المسلمين يومَ القيامة إذا سُئلَ الأُمَمُ عن تبليغ رُسُلِهم ، فيقولون : ما جاءنا مِنْ رسولٍ ولا نذير ، ويكذِّبون أَنبياءَهم ، ويُؤْتَى بأُمَّة محمد فيُسْأَلون عن ذلك فيُصدِّقونَ الماضِينَ فيصدِّقُهم الله ، ويصدِّقهم النبيُّ محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله تعالى : فكيفَ إذا جِئْنا بك على هؤُلاء شهيداً ، وقوله : ويُؤْمِنُ للمؤْمنين ؛ أَي يصدِّقُ المؤْمنين ؛ وقيل : المُؤْمن الذي يَصْدُق عبادَه ، ما وَعَدَهم ، وكلُّ هذه الصفات لله عز وجل لأَنه صَدَّق بقوله ما دعا إليه عبادَه من توحيد ، وكأَنه آمَنَ الخلقَ من ظُلْمِه وما وَعَدَنا من البَعْثِ والجنَّةِ لمن آمَنَ به ، والنارِ لمن كفرَ به ، فإنه مصدَّقٌ وعْدَه لا شريك له .
قال ابن الأَثير : في أَسماء الله تعالى المُؤْمِنُ ، هو الذي يَصْدُقُ عبادَه وعْدَه فهو من الإيمانِ التصديقِ ، أَو يُؤْمِنُهم في القيامة عذابَه فهو من الأَمانِ ضدّ الخوف .
المحكم : المُؤْمنُ اللهُ تعالى يُؤْمِنُ عبادَه من عذابِه ، وهو المهيمن ؛ قال الفارسي : الهاءُ بدلٌ من الهمزة والياء مُلْحِقةٌ ببناء مُدَحْرِج ؛ وقال ثعلب : هو المُؤْمِنُ المصدِّقُ لعبادِه ، والمُهَيْمِنُ الشاهدُ على الشيء القائمُ عليه .
والإيمانُ : الثِّقَةُ .
وما آمنَ أَن يَجِدَ صَحابةً أَي ما وَثِقَ ، وقيل : معناه ما كادَ .
والمأْمونةُ من النساء : المُسْتراد لمثلها .
قال ثعلب : في الحديث الذي جاء ما آمَنَ بي مَن باتَ شَبْعانَ وجارُه جائعٌ ؛ معنى ما آمَنَ بي شديدٌ أَي ينبغي له أَن يُواسيَه .
وآمينَ وأَمينَ : كلمةٌ تقال في إثْرِ الدُّعاء ؛ قال الفارسي : هي جملةٌ مركَّبة من فعلٍ واسم ، معناه اللهم اسْتَّجِبْ لي ، قال : ودليلُ ذلك أَن موسى ، عليه السلام ، لما دعا على فرعون وأَتباعه فقال : رَبَّنا اطْمِسْ على أَموالِهِم واشْدُدْ على قلوبهم ، قال هرون ، عليه السلام : آمِينَ ، فطبَّق الجملة بالجملة ، وقيل : معنى آمينَ كذلك يكونُ ، ويقال : أَمَّنَ الإمامُ تأْميناً إذا ، قال بعد الفراغ من أُمِّ الكِتاب آمين ، وأَمَّنَ فلانٌ تأْميناً .
الزجاج في قول القارئ بعد الفراغ من فاتحة الكتاب آمينَ : فيه لغتان : تقول العرب أَمِينَ بِقَصْرِ الأَلف ، وآمينَ بالمد ، والمدُّ أَكثرُ ، وأَنشد في لغة مَنْ قَصَر : تباعَدَ منِّي فُطْحُلٌ ، إذ سأَلتُه أَمينَ ، فزادَ اللهُ ما بيْننا بُعْدا وروى ثعلب فُطْحُل ، بضم الفاء والحاء ، أَرادَ زادَ اللهُ ما بيننا بُعْداً أَمين ؛
وأَنشد ابن بري لشاعر : سَقَى الله حَيّاً بين صارةَ والحِمَى ، حِمَى فَيْدَ صَوبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ أَمِينَ ورَدَّ اللهُ رَكْباً إليهمُ بِخَيْرٍ ، ووَقَّاهُمْ حِمامَ المقادِرِ وقال عُمَر بن أَبي ربيعة في لغة مَنْ مدَّ آمينَ : يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبَداً ، ويرْحمُ اللهُ عَبْداً ، قال : آمِين ؟
قال : ومعناهما اللهمَّ اسْتَجِبْ ، وقيل : هو إيجابٌ ربِّ افْعَلْ ، قال : وهما موضوعان في موضع اسْمِ الاستحابةِ ، كما أَنَّ صَهْ موضوعٌ موضعَ سُكوتٍ ، قال : وحقُّهما من الإعراب الوقفُ لأَنهما بمنزلة الأَصْواتِ إذا كانا غيرَ مشتقين من فعلٍ ، إلا أَن النون فُتِحت فيهما لالتقاء الساكنين ولم تُكسر النونُ لثقل الكسرة بعد الياء ، كما فتحوا أَينَ وكيفَ ، وتشديدُ الميم خطأٌ ، وهو مبنيٌ على الفتح مثل أَينَ وكيف لاجتماع الساكنين .
قال ابن جني :، قال أَحمد ابن يحيى قولهم آمِينَ هو على إشْباع فتحةِ الهمزة ، ونشأَت بعدها أَلفٌ ، قال : فأَما قول أَبي العباس إنَّ آمِينَ بمنزلة عاصِينَ فإنما يريدُ به أَن الميم خفيفة كصادِ عاصِينَ ، لا يُريدُ به حقيقةَ الجمع ، وكيف ذلك وقد حكي عن الحسن ، رحمه الله ، أَنه ، قال : آمين اسمٌ من أَسماء الله عز وجل ، وأَين لك في اعتقاد معنى الجمع مع هذا التفسير ؟ وقال مجاهد : آمين اسم من أَسماء الله ؛ قال الأَزهري : وليس يصح كما ، قاله عند أَهل اللغة أَنه بمنزلة يا الله وأَضمر اسْتَجِبْ لي ، قال : ولو كان كما ، قال لرُفِعَ إذا أُجْرِي ولم يكن منصوباً .
وروى الأَزهري عن حُمَيْد بن عبد الرحمن عن أُمِّه أُمِّ كُلْثومٍ بنت عُقبة في قوله تعالى : واسْتَعِينوا بالصَّبْرِ والصَّلاةِ ، قالت : غُشِيَ على عبد الرحمن بن عوفٍ غَشيةَ ظَنُّوا أَنَّ نفْسَه خرجت فيها ، فخرجت امرأَته أُم كلثوم إلى المسجد تسْتَعين بما أُمِرَتْ أَن تسْتَعينَ به من الصَّبْرِ والصَّلاةِ ، فلما أَفاقَ ، قال : أَغُشِيَ عليَّ ؟، قالوا : نعمْ ، قال : صدَقْتُمْ ، إنه أَتاني مَلَكانِ في غَشْيَتِي فقالا : انْطلِقْ نحاكِمْكَ إلى العزيز الأَمين ، قال : فانطَلَقا بي ، فلقِيَهُما مَلَكٌ آخرُ فقال : وأَين تُرِيدانِ به ؟، قالا : نحاكمه إلى العزيز الأمين ، قال : فارْجِعاه فإن هذا ممن كتَب الله لهم السعادةَ وهم في بطون أُمَّهاتهم ، وسَيُمَتِّعُ الله به نبيَّه ما شاء الله ، قال : فعاش شهراً ثم ماتَ .
والتَّأْمينُ : قولُ آمينَ .
وفي حديث أَبي هريرة : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : آمين خاتَمُ ربِّ العالمين على عباده المؤمنين ؛
، قال أَبو بكر : معناه أَنه طابَعُ الله على عبادِه لأَنه يَدْفعُ به عنهم الآفات والبَلايا ، فكان كخاتَم الكتاب الذي يَصُونه ويمنع من فسادِه وإظهارِ ما فيه لمن يكره علمه به ووُقوفَه على ما فيه .
وعن أَبي هريرة أَن ؟
قال : آمينَ درجةٌ في الجنَّة ؛ قال أَبو بكر : معناه أَنها كلمةٌ يكتَسِبُ بها قائلُها درجةً في الجنة .
وفي حديث بلال : لا تسْبِقْني بآمينَ ؛ قال ابن الأَثير : يشبه أَن يكون بلالٌ كان يقرأُ الفاتحةَ في السَّكتةِ الأُولى من سكْتَتَي الإمام ، فربما يبقى عليه منها شيءٌ ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قد فرَغ من قراءتِها ، فاسْتَمْهَلَه بلال في التأْمينِ بِقَدْرِ ما يُتِمُّ فيه قراءةَ بقيَّةِ السورة حتى يَنَالَ بركةَ موافَقتِه في التّأْمين .
"
المعجم: لسان العرب
-
أزر
- " أَزَرَ به الشيءُ : أَحاطَ ؛ عن ابن الأَعرابي .
والإِزارُ : معروف .
والإِزار : المِلْحَفَة ، يذكر ويؤنث ؛ عن اللحياني ؛ قال أَبو ذؤيب : تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ وبَزِّه ، وقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيل إِزارُها يقول : تَبَرَّأُ من دم القَتِيل وتَتَحَرَّجُ ودمُ القتيل في ثوبها .
وكانوا إِذا قتل رجل رجلاً قيل : دم فلان في ثوب فلان أَي هو قتله ، والجمع آزِرَةٌ مثل حِمار وأَحْمِرة ، وأُزُر مثل حمار وحُمُر ، حجازية ؛ وأُزْر : تميمية على ما يُقارب الاطِّراد في هذا النحو .
والإِزارَةُ : الإِزار ، كم ؟
قالوا للوِساد وسادَة ؛ قال الأَعشى : كَتَمايُلِ ، النَّشْوانِ يَرْ فُلُ في البَقيرَة والإِزارَ ؟
قال ابن سيده : وقول أَبي ذؤيب : وقد عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها يجوز أَن يكون على لغة من أَنَّث الإِزار ، ويجوز أَن يكون أَراد إِزارَتَها فحذف الهاء كما ، قالوا ليت شِعْري ، أَرادوا ليت شِعْرتي ، وهو أَبو عُذْرِها وإنما المقول ذهب بعُذْرتها .
والإِزْرُ والمِئْزَرُ والمِئْزَرَةُ : الإِزارُ ؛ الأَخيرة عن اللحياني .
وفي حديث الاعتكاف : كان إِذا دخل العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله وشَدَّ المئْزَرَ ؛ المئزَرُ : الإِزار ، وكنى بشدّة عن اعتزال النساء ، وقيل : أَراد تشميره للعبادة .
يقال : شَدَدْتُ لهذا الأَمر مِئْزَري أَي تشمرت له ؛ وقد ائْتَزَرَ به وتأَزَّرَ .
وائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حسنةً وتأَزَّرَ : لبس المئزر ، وهو مثل الجِلْسَةٍ والرِّكْبَةِ ، ويجوز أَن تقول : اتَّزَرَ بالمئزر أَيضاً فيمن يدغم الهمزة في التاء ، كما تقول : اتَّمَنْتُهُ ، والأَصل ائْتَمَنْتُهُ .
ويقال : أَزَّرْتهُ تأْزيراً فَتَأَزَّرَ .
وفي حديث المْبعثَ :، قال له ورقة إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْراً مُؤَزَّراً أَي بالغاً شديداً يقال : أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده ، من الأَزْر : القُوَّةِ والشِّدّة ؛ ومنه حديث أَبي بكر أَنه ، قال للأَنصار يوم السَّقِيفَةِ : لقد نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ .
الفرّاء : أَزَرْتُ فلاناً آزُرُه أَزْراً قوّيته ، وآزَرْتُه عاونته ، والعامة تقول : وازَرْتُه .
وقرأَ ابن عامر : فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ ، على فَعَلَهُ ، وقرأَ سائر القرّاء : فَآزَرَهُ .
وقال الزجاج : آزَرْتُ الرجلَ على فلان إِذا أَعنته عليه وقوّيته .
قال : وقوله فآزره فاستغلظ ؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حتى استوى بعضه مع بعض .
وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ : من الإِزارِ ؛ قال ابن مقبل : مثلَ السِّنان نَكيراً عند خِلَّتِهِ لكل إِزْرَةِ هذا الدهره ذَا إِزَرِ .
وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ .
وأَزَرْتُ فلاناً إِذا أَلبسته إِزاراً فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً .
وفي الحديث :، قال الله تعالى : العَظَمَة إِزاري والكِبْرياء ردائي ؛ ضرب بهما مثلاً في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أَي ليسا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما ، وشَبَّهَهُما بالإِزار والرداء لأَن المتصف بهما يشتملانه كما يشتمل الرداءُ الإِنسان ، وأَنه لا يشاركه في إِزاره وردائه أَحدٌ ، فكذلك لا ينبغي أَن يشاركه اللهَ تعالى في هذين الوصفين أَحدٌ .
ومنه الحديث الآخر : تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ وتَردّى بالكبرياء وتسربل بالعز ؛ وفيه : ما أَسْفَلَ من الكعبين من الإِزارِ فَفِي النار أَي ما دونه من قدَم صاحبه في النار عقوبةً له ، أَو على أَن هذا الفعل معدود في أَفعال أَهل النار ؛ ومنه الحديث : إِزْرَةُ المؤمن إلى نصف الساق ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ؛ الإِزرة ، بالكسر : الحالة وهيئة الائتزار ؛ ومنه حديث عثمان :، قال له أَبانُ بنُ سعيد : ما لي أَراك مُتَحَشِّفاً ؟ أَسْبِلْ ، فقال : هكذا كان إِزْرَةُ صاحبنا .
وفي الحديث : كان يباشر بعض نسائه وهي مُؤُتَزِرَةٌ في حالة الحيض ؛ أَي مشدودة الإِزار .
قال ابن الأَثير : وقد جاء في بعض الروايات وهي مُتَّزِرَةٌ ، قال : وهو خطأٌ لأَن الهمزة لا تدغم في التاء .
والأُزْرُ : مَعْقِدُ الإِزارِ ، وقيل : الإِزار كُلُّ ما واراك وسَتَرك ؛ عن ثعلب .
وحكي عن ابن الأَعرابي : رأَيت السَّرَوِيَّ (* قوله « السروي » هكذا بضبط الأصل .) يمشي في داره عُرْياناً ، فقلت له : عرياناً ؟ فقال : داري إِزاري .
والإِزارُ : العَفافُ ، على المثل ؛ قال عديّ بن زيد : أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بِإِزارِ أَبو عبيد : فلان عفيف المِئْزَر وعفيف الإِزارِ إِذا وصف بالعفة عما يحرم عليه من النساء ، ويكنى بالإِزار عن النفس وعن المرأَة ؛ ومنه قول نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ ، وكنيته أَبو المِنْهالِ ، وكان كتب إِلى عمربن الخطاب أَبياتاً من الشعر يشير فيها إلى رجل ، كان والياً على مدينتهم ، يخرج الجواريَ إِلى سَلْعٍ عند خروج أَزَواجهن إِلى الغزو ، فيَعْقِلُهُن ويقول لا يمشي في العِقال إِلا الحِصَان ، فربما وقعت فتكشفت ، وكان اسم هذا الرجل جعدة بن عبدالله السلمي ؛ فقال : أَلا أَبلِغْ ، أَبا حَفْصٍ ، رسولاً فِدىً لك ، من أَخي ثِقَةٍ ، إِزاري قَلائِصَنَا ، هداك الله ، إِنا شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ ، قَفَا سَلْعٍ ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار قلائِصُ من بني كعب بن عمرو ، وأَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ أَو غِفَارِ يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ من سُلَيمٍ ، غَوِيِّ يَبْتَغِي سَقَطَ العْذَارِي يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ ، وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ وكنى بالقلائص عن النساء ونصبها على الإِغراء ، فلما وقف عمر ، رضي الله عنه ، على الأَبيات عزله وسأَله عن ذلك الأَمر فاعترف ، فجلده مائةً مَعْقُولاً وأَطْرَدَهُ إلى الشام ، ثم سئل فيه فأَخرجه من الشام ولم يأْذن له في دخول المدينة ، ثم سئل فيه أَن يدخل لِيُجَمِّعَ ، فكان إِذا رآه عمر توعده ؛ فقال : أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ ، أَبا حَفْصٍ ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ ؟ فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ ، ولا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ وقول جعدة قوله (* قوله « مضمّ » في نسخة مجر كذا بهامش الأَصل ).
أَي ساوى نبتُها الضال ، وهو السِّدْر البريّ ، أَراد : فآزره الله تعالى فساوى الفِراخُ الطِّوالَ فاستوى طولها .
وأَزَّرَ النبتُ الأَرضَ : غطاها ؛ قال الأَعشى : يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكبٌ شَرِقٌ ، مُؤُزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ وآزَرُ : اسم أَعجمي ، وهو اسم أَبي إِبراهيم ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ؛ وأَما قوله عز وجل : وإِذ ، قال إِبراهيم لأَبيه آزر ؛ قال أَبو إِسحق : يقرأُ بالنصب آزرَ ، فمن نصب فموضع آزر خفض بدل من أَبيه ، ومن قرأَ آزرُ ، بالضم ، فهو على النداء ؛ قال : وليس بين النسَّابين اختلاف أَن اسم أَبيه كان تارَخَ والذي في القرآن يدل على أَن اسمه آزر ، وقيل : آزر عندهم ذمُّ في لغتهم كأَنه ، قال وإِذ ، قال : وإذ ، قال إِبراهيم لأَبيه الخاطئ ، وروي عن مجاهد في قوله : آزر أَتتخذ أَصناماً ، قال لم يكن بأَبيه ولكن آزر اسم صنم ، وإِذا كان اسم صنم فموضعه نصب كأَنه ، قال إِبراهيم لأَبيه أَتتخذ آزر إِلهاً ، أَتتخذ أَصناماً آلهة ؟.
"
المعجم: لسان العرب
-
أبي
- " الإِباءُ ، بالكسر : مصدر قولك أَبى فلان يأْبى ، بالفتح فيهما مع خلوه من حُروف الحَلْق ، وهو شاذ ، أَي امتنع ؛
أَنشد ابن بري لبشر بن أَبي خازم : يَراه الناسُ أَخضَر مِنْ بَعيد ، ٍ ، وتَمْنعُه المَرارةُ والإِباءُ فهو آبٍ وأَبيٌّ وأَبَيانٌ ، بالتحريك ؛ قال أَبو المجشِّر ، جاهليّ : وقَبْلك ما هابَ الرِّجالُ ظُلامَتِي ، وفَقَّأْتُ عَيْنَ الأَشْوَسِ الأَبَيانِ أَبى الشيءَ يَأْباه إِباءً وإِباءَةً : كَرِهَه .
قال يعقوب : أَبى يَأْبى نادر ، وقال سيبويه : شبَّهوا الأَلف بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ .
وقال مرَّة : أَبى يَأْبى ضارَعُوا به حَسِب يَحْسِبُ ، فتحوا كما كسروا ، قال : وقالوا يِئْبى ، وهو شاذ من وجهين : أَحدهما أَنه فعَل يَفْعَل ، وما كان على فَعَل لم يكسَر أَوله في المضارع ، فكسروا هذا لأَن مضارعه مُشاكِل لمضارع فَعِل ، فكما كُسِرَ أَوّل مضارع فَعِل في جميع اللغات إِلاَّ في لغة أَهل الحجاز كذلك كسروا يَفْعَل هنا ، والوجه الثاني من الشذوذ أَنهم تجوّزوا الكسر في الياء من يِئْبَى ، ولا يُكْسَر البتَّة إِلا في نحو ييجَل ، واسْتَجازوا هذا الشذوذَ في ياء يِئْبى لأَن الشذوذ قد كثر في هذه الكلمة .
قال ابن جني : وقد ، قالوا أَبى يَأْبى ؛
أَنشد أَبو زيد : يا إِبِلي ما ذامُهُ فَتأْبِيَهْ ، ماءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَهْ جاء به على وجه القياس كأَتى يأْتي .
قال ابن بري : وقد كُسِر أَول المضارع فقيل تِيبى ؛
وأَنشد : ماءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَهْ ، هذا بأَفْواهِك حتى تِيبِيَه ؟
قال الفراء : لم يجئْ عن العرب حَرْف على فَعَل يَفْعَل ، مفتوح العين في الماضي والغابر ، إِلاَّ وثانيه أَو ثالثه أَحد حروف الحَلْق غير أَبى يأْبى ، فإِنه جاء نادراً ، قال : وزاد أَبو عمرو رَكَنَ يَرْكَن ، وخالفه الفراء فقال : إِنما يقال رَكَن يَرْكُن ورَكِن يَرْكَن .
وقال أَحمد بن يحيى : لم يسمع من العرب فَعَل يَفْعَل ممّا لبس عينه ولامُه من حُروف الحَلْق إِلا أَبى يَأْبى ، وقَلاه يَقْلاه ، وغَشى يَغْشى ، وشَجا يَشْجى ، وزاد المبرّد : جَبى يَجْبى ، قال أَبو منصور : وهذه الأَحرف أَكثر العرب فيها ، إِذا تَنَغَّم ، على قَلا يَقْلي ، وغَشِيَ يَغْشى ، وشَجاه يَشْجُوه ، وشَجيَ يَشْجى ، وجَبا يَجْبي .
ورجل أَبيٌّ : ذو إِباءٍ شديد إِذا كان ممتنعاً .
ورجل أَبَيانٌ : ذو إِباءٍ شديد .
ويقال : تَأَبَّى عليه تَأَبِّياً إِذا امتنع عليه .
ورجل أَبَّاء إِذا أَبى أَن يُضامَ .
ويقال : أَخذه أُباءٌ إِذا كان يَأْبى الطعام فلا يَشْتهيه .
وفي الحديث كلُّكم في الجنة إِلا مَنْ أَبى وشَرَدَ أَي إِلاَّ من ترك طاعة الله التي يستوجب بها الجنة ، لأَن من ترك التسبُّب إِلى شيء لا يوجد بغيره فقد أَباهُ .
والإِباءُ : أَشدُّ الامتناع .
وفي حديث أَبي هريرة : ينزل المهدي فيبقى في الأَرض أَربعين ، فقيل : أَربعين سنة ؟ فقال : أَبَيْتَ ، فقيل : شهراً ؟ فقال : أَبَيْتَ ، فقيل : يوماً ؟ فقال : أَبَيْتَ أَي أَبَيْتَ أَن تعرفه فإِنه غَيْب لم يَردِ الخَبرُ ببَيانه ، وإِن روي أَبَيْتُ بالرفع فمعناه أَبَيْتُ أَن أَقول في الخبَر ما لم أَسمعه ، وقد جاء عنه مثله في حديث العَدْوى والطِّيَرَةِ ؛ وأَبى فلان الماءَ وآبَيْتُه الماءَ .
قال ابن سيده :، قال الفارسي أَبى زيد من شرب الماء وآبَيْتُه إِباءَةً ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةٌ : قَدْ أُوبِيَتْ كلَّ ماءٍ فهْي صادِيةٌ ، مَهْما تُصِبْ أُفُقاً من بارقٍ تَشِمِ والآبِيةُ : التي تَعافُ الماء ، وهي أَيضاً التي لا تريد العَشاء .
وفي المَثَل : العاشِيةُ تُهَيِّجُ الآبية أَي إِذا رأَت الآبيةُ الإِبِلَ العَواشي تَبِعَتْها فَرعَتْ معها .
وماءٌ مأْباةٌ : تَأْباهُ الإِبلُ .
وأَخذهُ أُباءٌ من الطَّعام أَي كَراهِية له ، جاؤوا به على فُعال لأَنه كالدَّاء ، والأَدْواء ممَّا يغلِب عليها فُعال ، قال الجوهري : يقال أَخذه أُباءٌ ، على فُعال ، إِذا جعل يأْبى الطعامَ .
ورجلٌ آبٍ من قومٍ آبينَ وأُباةٍ وأُبِيٍّ وأُبَّاء ، ورجل أَبيٌّ من قوم أَبِيِّينَ ؛ قال ذو الإِصْبَعِ العَدْوانيُّ : إِني أَبيٌّ ، أَبيٌّ ذو مُحافَظةٍ ، وابنُ أَبيٍّ ، أَبيٍّ من أَبِيِّينِ شبَّه نون الجمع بنون الأَصل فَجَرَّها .
والأَبِيَّة من الإِبل : التي ضُرِبت فلم تَلْقَح كأَنها أَبَتِ اللَّقاح .
وأَبَيْتَ اللَّعْنَ : من تحيَّات المُلوك في الجاهلية ، كانت العرب يُحَيِّي أَحدُهم المَلِك يقول أَبَيْتَ اللَّعْنَ .
وفي حديث ابن ذي يَزَن :، قال له عبدُ المطَّلب لما دَخل عليه أَبَيْتَ اللَّعْن ؛ هذه من تَحايا الملوك في الجاهلية والدعاء لهم ، معناه أَبَيْتَ أَن تأْتي من الأُمور ما تُلْعَنُ عليه وتُذَمُّ بسببه .
وأَبِيتُ من الطعام واللَّبَنِ إِبىً : انْتَهيت عنه من غير شِبَع .
ورجل أَبَيانٌ : يأْبى الطعامَ ، وقيل : هو الذي يأْبى الدَّنِيَّة ، والجمع إِبْيان ؛ عن كراع .
وقال بعضهم : آبى الماءُ (* قوله « آبى الماء إلى قوله خاطر بها » كذا في الأصل وشرح القاموس ) .
أَي امتَنَع فلا تستطيع أَن تنزِل فيه إِلاَّ بتَغْرير ، وإِن نَزل في الرَّكِيَّة ماتِحٌ فأَسِنَ فقد غَرَّر بنفسه أَي خاطَرَ بها .
وأُوبيَ الفَصِيلُ يُوبى إِيباءً ، وهو فَصِيلٌ مُوبىً إِذا سَنِقَ لامتلائه .
وأُوبيَ الفَصِيلُ عن لبن أُمه أَي اتَّخَم عنه لا يَرْضَعها .
وأَبيَ الفَصِيل أَبىً وأُبيَ : سَنِقَ من اللَّبَن وأَخذه أُباءٌ .
أَبو عمرو : الأَبيُّ الفاس من الإِبل (* قوله « الأبي النفاس من الإبل » هكذا في الأصل بهذه الصورة )، والأَبيُّ المُمْتَنِعةُ من العَلَف لسَنَقها ، والمُمْتَنِعة من الفَحل لقلَّة هَدَمِها .
والأُباءُ : داءٌ يأْخذ العَنْزَ والضَّأْنَ في رؤوسها من أَن تشُمَّ أَبوال الماعِزَةِ الجَبَليَّة ، وهي الأَرْوَى ، أَو تَشْرَبَها أَو تَطأَها فَترِمَ رُؤوسها ويأْخُذَها من ذلك صُداع ولا يَكاد يَبْرأُ .
قال أَبو حنيفة : الأُباءُ عَرَض يَعْرِض للعُشْب من أَبوال الأَرْوَى ، فإِِذا رَعَته المَعَز خاصَّة قَتَلَها ، وكذلك إِن بالتْ في الماء فشرِبتْ منه المَعز هلَكت .
قال أَبو زيد : يقال أَبيَ التَّيْسُ وهو يَأْبَى أَبىً ، مَنْقوص ، وتَيْس آبَى بَيّن الأَبَى إِذا شَمَّ بَوْلَ الأَرْوَى فمرض منه .
وعنز أَبْواءُ في تُيوس أُبْوٍ وأَعْنُزٍ أُبْوٍ : وذلك أَن يَشُمَّ التَّيْس من المِعْزى الأَهليَّة بَوْلَ الأُرْوِيَّة في مَواطنها فيأْخذه من ذلك داء في رأْسه ونُفَّاخ فَيَرِم رَأْسه ويقتُله الدَّاء ، فلا يكاد يُقْدَر على أَكل لحمه من مَرارته ، وربَّما إِيبَتِ الضأْنُ من ذلك ، غير أَنه قَلَّما يكون ذلك في الضأْن ؛ وقال ابن أَحْمر لراعي غنم له أَصابها الأُباء : فقلتُ لِكَنَّازٍ : تَدَكَّلْ فإِنه أُبىً ، لا أَظنُّ الضأْنَ منه نَواجِيا فَما لَكِ من أَرْوَى تَعادَيْتِ بِالعَمََى ، ولاقَيْتِ كَلاَّباً مُطِلاًّ ورامِيا لا أَظنُّ الضأْن منه نَواجِيا أَي من شدَّته ، وذلك أَن الضَّأْن لا يضرُّها الأُباء أَن يَقْتُلَها .
تيس أَبٍ وآبَى وعَنْزٌ أَبِيةٌ وأَبْواء ، وقد أَبِيَ أَبىً .
أَبو زياد الكلابي والأَحمر : قد أَخذ الغنم الأُبَى ، مقصور ، وهو أَن تشرَب أَبوال الأَرْوَى فيصيبها منه داء ؛ قال أَبو منصور : قوله تشرَب أَبوال الأَرْوَى خطأ ، إِنما هو تَشُمّ كما قلنا ، قال : وكذلك سمعت العرب .
أَبو الهيثم : إِذا شَمَّت الماعِزة السُّهْلِيَّة بَوْلَ الماعِزة الجَبَلِيَّة ، وهي الأُرْوِيَّة ، أَخذها الصُّداع فلا تكاد تَبْرأُ ، فيقال : قد أَبِيَتْ تَأْبَى أَبىً .
وفصيلٌ مُوبىً : وهو الذي يَسْنَق حتى لا يَرْضَع ، والدَّقَى البَشَمُ من كثرة الرَّضْع (* قوله « تسن » كذا في الأصل ، والذي في معجم ياقوت : تسل ) .
واحدته أَباءةٌ .
والأَباءةُ : القِطْعة من القَصب .
وقَلِيبٌ لا يُؤْبَى ؛ عن ابن الأَعرابي ، أَي لا يُنْزَح ، ولا يقال يُوبى .
ابن السكيت : يقال فلانٌ بَحْر لا يُؤْبَى ، وكذلك كَلأٌ لا يُؤْبَى أَي لا ينْقَطِع من كثرته ؛ وقال اللحياني : ماءٌ مُؤْبٍ قليل ، وحكي : عندنا ماء ما يُؤْبَى أَي ما يَقِلُّ .
وقال مرَّة : ماء مُؤْبٍ ، ولم يفسِّره ؛ قال ابن سيده : فلا أَدْرِي أَعَنَى به القليل أَم هو مُفْعَلٌ من قولك أَبَيْتُ الماء .
التهذيب : ابن الأَعرابي يقال للماء إِذا انقطع ماء مُؤْبىً ، ويقال : عنده دَراهِمُ لا تُؤْبَى أَي لا تَنْقَطع .
أَبو عمرو : آبَى أَي نَقَص ؛ رواه عن المفضَّل ؛
وأَنشد : وما جُنِّبَتْ خَيْلِي ، ولكِنْ وزَعْتُها ، تُسَرّ بها يوماً فآبَى قَتالُه ؟
قال : نَقَص ، ورواه أَبو نصر عن الأَصمعي : فأَبَّى قَتالُها .
والأَبُ : أَصله أَبَوٌ ، بالتحريك ، لأَن جمعه آباءٌ مثل قَفاً وأَقفاء ، ورَحىً وأَرْحاء ، فالذاهب منه واوٌ لأَنك تقول في التثنية أَبَوانِ ، وبعض العرب يقول أَبانِ على النَّقْص ، وفي الإِضافة أَبَيْكَ ، وإِذا جمعت بالواو والنون قلت أَبُونَ ، وكذلك أَخُونَ وحَمُون وهَنُونَ ؛ قال الشاعر : فلما تَعَرَّفْنَ أَصْواتَنا ، بَكَيْن وفَدَّيْنَنا بالأَبِين ؟
قال : وعلى هذا قرأَ بعضهم : إلَه أَبيكَ إِبراهيمَ وإِسمعيلَ وإِسحَق ؛ يريدُ جمع أَبٍ أَي أَبِينَكَ ، فحذف النون للإِضافة ؛ قال ابن بري : شاهد قولهم أَبانِ في تثنية أَبٍ قول تُكْتَمَ بنت الغَوْثِ : باعَدَني عن شَتْمِكُمْ أَبانِ ، عن كُلِّ ما عَيْبٍ مُهَذَّبانِ وقال آخر : فلِمْ أَذْمُمْكَ فَا حَمِرٍ لأَني رَأَيتُ أَبَيْكَ لمْ يَزِنا زِبالا وقالت الشَّنْباءُ بنت زيد بن عُمارةَ : نِيطَ بِحِقْوَيْ ماجِدِ الأَبَيْنِ ، من مَعْشَرٍ صِيغُوا من اللُّجَيْنِ وقال الفَرَزْدق : يا خَلِيلَيَّ اسْقِياني أَرْبَعاً بعد اثْنَتَيْنِ مِنْ شَرابٍ ، كَدَم الجَو فِ يُحِرُّ الكُلْيَتَيْنِ واصْرِفا الكأْسَ عن الجا هِلِ ، يَحْيى بنِ حُضَيْنِ لا يَذُوق اليَوْمَ كأْساً ، أَو يُفَدَّى بالأَبَيْن ؟
قال : وشاهد قولهم أَبُونَ في الجمع قول ناهِضٍ الكلابيّ : أَغَرّ يُفَرِّج الظَّلْماء عَنْهُ ، يُفَدَّى بالأَعُمِّ وبالأَبِينَا ومثله قول الآخر : كَرِيم طابتِ الأَعْراقُ منه ، يُفَدَّى بالأَعُمِّ وبالأَبِينَا وقال غَيْلانُ بن سَلَمَةَ الثَّقَفيّ : يَدَعْنَ نِساءكم في الدارِ نُوحاً يُنَدِّمْنَ البُعولَةَ والأَبِينا وقال آخر : أَبُونَ ثلاثةٌ هَلَكُوا جَمِيعاً ، فلا تَسْأَمْ دُمُوعُكَ أَن تُراقا والأَبَوانِ : الأَبُ والأُمُّ .
ابن سيده : الأَبُ الوالد ، والجمع أَبُونَ وآباءٌ وأُبُوٌّ وأُبُوَّةٌ ؛ عن اللحياني ؛
وأَنشد للقَنانيِّ يمدح الكسائي : أَبى الذَّمُّ أَخْلاقَ الكِسائيِّ ، وانْتَمى له الذِّرْوة العُلْيا الأُبُوُّ السَّوابِقُ والأَبا : لغة في الأَبِ ، وُفِّرَتْ حُروفُه ولم تحذَف لامُه كما حذفت في الأَب .
يقال : هذا أَباً ورأَيت أَباً ومررت بأَباً ، كما تقول : هذا قَفاً ورأَيت قَفاً ومررت بقَفاً ، وروي عن محمد بن الحسن عن أَحمد ابن يحي ؟
قال : يقال هذا أَبوك وهذا أَباك وهذا أَبُكَ ؛ قال الشاعر : سِوَى أَبِكَ الأَدْنى ، وأَنَّ محمَّداً عَلا كلَّ عالٍ ، يا ابنَ عَمِّ محمَّدِ فَمَنْ ، قال هذا أَبُوك أَو أَباكَ فتثنيتُه أَبَوان ، ومَنْ ، قال هذا أَبُكَ فتثنيته أَبانِ على اللفظ ، وأَبَوان على الأَصل .
ويقال : هُما أَبواه لأَبيه وأُمِّه ، وجائز في الشعر : هُما أَباهُ ، وكذلك رأَيت أَبَيْهِ ، واللغة العالية رأَيت أَبَوَيه .
قال : ويجوز أَن يجمع الأَبُ بالنُّونِ فيقال : هؤلاء أَبُونَكُمْ أَي آباؤكم ، وهم الأَبُونَ .
قال أَبو منصور : والكلام الجيِّد في جمع الأَبِ هؤلاء الآباءُ ، بالمد .
ومن العرب مَن يقول : أُبُوَّتُنا أَكرم الآباء ، يجمعون الأَب على فُعولةٍ كما يقولون هؤلاء عُمُومَتُنا وخُؤولَتُنا ؛ قال الشاعر فيمن جمع الأَبَ أَبِين : أَقْبَلَ يَهْوي مِنْ دُوَيْن الطِّرْبالْ ، وهْوَ يُفَدَّى بالأَبِينَ والخالْ وفي حديث الأَعرابي الذي جاء يَسأَل عن شرائع الإِسْلام : فقال له النبي ، صلى الله عليه وسلم : أَفْلَح وأَبيه إِن صدَق ؛ قال ابن الأَثير : هذه كلمة جارية على أَلْسُن العرب تستعملها كثيراً في خِطابها وتُريد بها التأْكيد ، وقد نهى النبيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، أَن يحلِف الرجلُ بأَبيهِ فيحتمل أَن يكون هذا القولُ قبل النهي ، ويحتمل أَن يكون جَرى منه على عادة الكلام الجاري على الأَلْسُن ، ولا يقصد به القَسَم كاليمين المعفوِّ عنها من قَبيل اللَّغْوِ ، أَو أَراد به توكيدَ الكلام لا اليمين ، فإِن هذه اللفظة تَجري في كلام العرب على ضَرْبَيْن : التعظيم وهو المراد بالقَسَم المنهِيِّ عنه ، والتوكيد كقول الشاعر : لَعَمْرُ أَبي الواشِينَ ، لا عَمْرُ غيرهِمْ ، لقد كَلَّفَتْني خُطَّةً لا أُريدُها فهذا تَوْكيد لا قَسَم لأَنه لا يَقْصِد أَن يَحْلِف بأَبي الواشين ، وهو في كلامهم كثير ؛ وقوله أَنشده أَبو علي عن أَبي الحسن : تَقُولُ ابْنَتي لمَّا رَأَتْني شاحباً : كأَنَّك فِينا يا أَباتَ غَرِيب ؟
قال ابن جني : فهذا تأْنيثُ الآباء ، وسَمَّى اللهُ عز وجل العَمَّ أَباً في قوله :، قالُوا نَعْبُد إِلَهك وإِلَه آبائِك إِبراهيمَ وإِسْمَعِيل وَإِسْحَق .
وأَبَوْتَ وأَبَيْت : صِرْت أَباً .
وأَبَوْتُه إِباوَةً : صِرْتُ له أَباً ؛ قال بَخْدَج : اطْلُب أَبا نَخْلَة مَنْ يأْبُوكا ، فقد سَأَلنا عَنْكَ مَنْ يَعْزُوكا إلى أَبٍ ، فكلُّهم يَنْفِيكا التهذيب : ابن السكيت أَبَوْتُ الرجُل أَأْبُوه إِذا كنتَ له أَباً .
ويقال : ما له أَبٌ يأْبُوه أَي يَغْذوه ويُرَبِّيه ، والنِّسْبةُ إِليه أَبَويّ .
أَبو عبيد : تَأَبَّيْت أَباً أَي اتخذْتُ أَباً وتَأَمَّيْت أُمَّة وتَعَمَّمْت عَمّاً .
ابن الأَعرابي : فلان يأْبوك أَي يكون لك أَباً ؛
وأَنشد لشريك بن حَيَّان العَنْبَري يَهْجو أَبا نُخَيلة : يا أَيُّهَذا المدَّعي شريكا ، بَيِّنْ لَنا وحَلِّ عن أَبِيكا إِذا انْتَفى أَو شَكّ حَزْنٌ فِيكا ، وَقَدْ سَأَلْنا عنك مَنْ يَعْزُوكا إِلى أَبٍ ، فكلُّهم يَنْفِيكا ، فاطْلُب أَبا نَخْلة مَنْ يَأْبُوكا ، وادَّعِ في فَصِيلَةٍ تُؤْوِيك ؟
قال ابن بري : وعلى هذا ينبغي أَن يُحْمَل بيت الشريف الرضي : تُزْهى عَلى مَلِك النِّسا ءِ ، فلَيْتَ شِعْري مَنْ أَباها ؟ أَي مَن كان أَباها .
قال : ويجوز أَن يريد أَبَوَيْها فَبناه على لُغَة مَنْ يقول أَبانِ وأَبُونَ .
الليث : يقال فُلان يَأْبُو هذا اليَتِيمَ إِباوةً أَي يَغْذُوه كما يَغْذُو الوالدُ ولَده .
وبَيْني وبين فلان أُبُوَّة ، والأُبُوَّة أَيضاً : الآباءُ مثل العُمومةِ والخُؤولةِ ؛ وكان الأَصمعي يروي قِيلَ أَبي ذؤيب : لو كانَ مِدْحَةُ حَيٍّ أَنْشَرَتْ أَحَداً ، أَحْيا أُبُوّتَكَ الشُّمَّ الأَماديحُ وغيره يَرْويه : أَحْيا أَباكُنَّ يا ليلى الأَماديح ؟
قال ابن بري : ومثله قول لبيد : وأَنْبُشُ مِن تحتِ القُبُورِ أُبُوَّةً كِراماً ، هُمُ شَدُّوا عَليَّ التَّمائم ؟
قال وقال الكُمَيت : نُعَلِّمُهُمْ بها ما عَلَّمَتْنا أُبُوَّتُنا جَواري ، أَوْ صُفُونا (* قوله « جواري أو صفونا » هكذا في الأصل هنا بالجيم ، وفي مادة صفن بالحاء ) .
وتَأَبَّاه : اتَّخَذه أَباً ، والاسم الأُبُوَّة ؛
وأَنشد ابن بري لشاعر : أَيُوعِدُني الحجَّاج ، والحَزْنُ بينَنا ، وقَبْلَك لم يَسْطِعْ لِيَ القَتْلَ مُصْعَبُ تَهَدَّدْ رُوَيْداً ، لا أَرى لَكَ طاعَةً ، ولا أَنت ممَّا ساء وَجْهَك مُعْتَبُ فإِنَّكُمُ والمُلْك ، يا أَهْلَ أَيْلَةٍ ، لَكالمُتأَبِّي ، وهْو ليس له أَبُ وما كنتَ أَباً ولقد أَبَوْتَ أُبُوَّةً ، وقيل : ما كنتَ أَباً ولقد أَبَيْتَ ، وما كنتِ أُمّاً ولقد أَمِمْت أُمُومةً ، وما كنتَ أَخاً ولقد أَخَيْتَ ولقد أَخَوْتَ ، وما كنتِ أُمَّةً ولقد أَمَوْتِ .
ويقال : اسْتَئِبَّ أَبّاً واسْتأْبِبْ أَبّاً وتَأَبَّ أَبّاً واسْتَئِمَّ أُمّاً واسْتأْمِمْ أُمّاً وتأَمَّمْ أُمّاً .
قال أَبو منصور : وإِنما شدِّد الأَبُ والفعلُ منه ، وهو في الأَصل غيرُ مشدَّد ، لأَن الأَبَ أَصله أَبَوٌ ، فزادوا بدل الواو باءً كما ، قالوا قِنٌّ للعبد ، وأَصله قِنْيٌ ، ومن العرب من ، قال لليَدِ يَدّ ، فشدَّد الدال لأَن أَصله يَدْيٌ .
وفي حديث أُم عطية : كانت إِذا ذكَرَتْ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قالت بِأَباهُ ؛ قال ابن الأَثير : أَصله بأَبي هو .
يقال : بَأْبَأْتُ الصَّبيَّ إِذا قلتَ له بأَبي أَنت وأُمِّي ، فلما سكنت الياء قلبت أَلفاً كما قيل في يا وَيْلتي يا ويلتا ، وفيها ثلاث لغات : بهمزة مفتوحة بين الباءين ، وبقلب الهمزة ياء مفتوحة ، وبإِبدال الياء الأَخيرة أَلفاً ، وهي هذه والباء الأُولى في بأَبي أَنت وأُمِّي متعلقة بمحذوف ، قيل : هو اسم فيكون ما بعده مرفوعاً تقديره أَنت مَفْدِيٌّ بأَبي وأُمِّي ، وقيل : هو فعل وما بعده منصوب أَي فَدَيْتُك بأَبي وأُمِّي ، وحذف هذا المقدَّر تخفيفاً لكثرة الاستعمال وعِلْم المُخاطب به .
الجوهري : وقولهم يا أَبَةِ افعلْ ، يجعلون علامةَ التأْنيث عِوَضاً من ياء الإِضافة ، كقولهم في الأُمِّ يا أُمَّةِ ، وتقِف عليها بالهاء إِلا في القرآن العزيز فإِنك تقف عليها بالتاء (* قوله « تقف عليها بالتاء » عبارة الخطيب : وأما الوقف فوقف ابن كثير وابن عامر بالهاء والباقون بالتاء ) .
اتِّباعاً للكتاب ، وقد يقف بعضُ العرب على هاء التأْنيث بالتاء فيقولون : يا طَلْحَتْ ، وإِنما لم تسْقُط التاء في الوصْل من الأَب ، يعني في قوله يا أَبَةِ افْعَل ، وسَقَطتْ من الأُمِّ إِذا قلتَ يا أُمَّ أَقْبِلي ، لأَن الأَبَ لمَّا كان على حرفين كان كأَنه قد أُخِلَّ به ، فصارت الهاءُ لازمةً وصارت الياءُ كأَنها بعدها .
قال ابن بري : أُمّ مُنادَى مُرَخَّم ، حذفت منه التاء ، قال : وليس في كلام العرب مضاف رُخِّم في النِّداء غير أُمّ ، كما أَنه لم يُرَخَّم نكرة غير صاحِب في قولهم يا صاحِ ، وقالوا في النداء يا أَبةِ ، ولَزِموا الحَذْف والعِوَض ، قال سيبويه : وسأَلت الخليلَ ، رحمه الله ، عن قولهم يا أَبةَ ويا أَبَةِ لا تفعَل ويا أَبَتاه ويا أُمَّتاه ، فزعم أَن هذه الهاء مثلُ الهاء في عَمَّة وخالةٍ ، قال : ويدلُّك على أَن الهاء بمنزلة الهاء في عَمَّة وخالةٍ أَنك تقول في الوَقْف يا أَبَهْ ، كما تقول يا خالَهْ ، وتقول يا أَبتاهْ كما تقول يا خالَتاهْ ، قال : وإنما يلزمون هذه الهاء في النِّداء إِذا أَضَفْت إِلى نفسِك خاصَّة ، كأَنهم جعلوها عوَضاً من حذف الياء ، قال : وأَرادوا أَن لا يُخِلُّوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف النِّداء ، وأَنهم لا يَكادون يقولون يا أَباهُ ، وصار هذا مُحْتَملاً عندهم لِمَا دخَل النِّداءَ من الحذف والتغييرِ ، فأَرادوا أَن يُعَوِّضوا هذين الحرفين كما يقولون أَيْنُق ، لمَّا حذفوا العين جعلوا الياء عِوَضاً ، فلما أَلحقوا الهاء صيَّروها بمنزلة الهاء التي تلزَم الاسم في كل موضع ، واختص النداء بذلك لكثرته في كلامهم كما اختصَّ بيا أَيُّها الرجل .
وذهب أَبو عثمان المازني في قراءة من قرأَ يا أَبَةَ ، بفتح التاء ، إِلى أَنه أَراد يا أَبَتاهُ فحذف الأَلف ؛ وقوله أَنشده يعقوب : تقولُ ابْنَتي لمَّا رأَتْ وَشْكَ رِحْلَتي : كأَنك فِينا ، يا أَباتَ ، غَريبُ أَراد : يا أَبَتاهُ ، فقدَّم الأَلف وأَخَّر التاء ، وهو تأْنيث الأَبا ، ذكره ابن سيده والجوهري ؛ وقال ابن بري : الصحيح أَنه ردَّ لامَ الكلمة إِليها لضرورة الشعر كما ردَّ الآخر لامَ دَمٍ في قوله : فإِذا هي بِعِظامٍ ودَمَا وكما ردَّ الآخر إِلى يَدٍ لامَها في نحو قوله : إِلاَّ ذِراعَ البَكْرِ أَو كفَّ اليَدَا وقوله أَنشده ثعلب : فقامَ أَبو ضَيْفٍ كَرِيمٌ ، كأَنه ، وقد جَدَّ من حُسْنِ الفُكاهة ، مازِحُ فسره فقال : إِنما ، قال أَبو ضَيْف لأَنه يَقْرِي الضِّيفان ؛ وقال العُجَير السَّلُولي : تَرَكْنا أَبا الأَضْياف في ليلة الصَّبا بمَرْوٍ ، ومَرْدَى كل خَصْمٍ يُجادِلُهْ وقد يقلبون الياء أَلِفاً ؛ قالت دُرْنَى بنت سَيَّار بن ضَبْرة تَرْثي أَخَوَيْها ، ويقال هو لعَمْرة الخُثَيْمِيَّة : هُما أَخَوا في الحَرْب مَنْ لا أَخا لَهُ ، إِذا خافَ يوماً نَبْوَةً فدَعاهُما وقد زعموا أَنِّي جَزِعْت عليهما ؛ وهل جَزَعٌ إِن قلتُ وابِأَبا هُما ؟ تريد : وابأَبي هُما .
قال ابن بري : ويروى وَابِيَباهُما ، على إِبدال الهمزة ياء لانكسار ما قبلها ، وموضع الجار والمجرور رفع على خبرهما ؛ قال ويدلُّك على ذلك قول الآخر : يا بأَبي أَنتَ ويا فوق البِيَب ؟
قال أَبو عليّ : الياء في بِيَب مُبْدَلة من هَمزة بدلاً لازماً ، قال : وحكى أَبو زيد بَيَّبْت الرجلَ إِذا قلت له بِأَبي ، فهذا من البِيَبِ ، قال : وأَنشده ابن السكيت يا بِيَبا ؛ قال : وهو الصحيح ليوافق لفظُه لفظَ البِيَبِ لأَنه مشتق منه ، قال : ورواه أَبو العلاء فيما حكاه عنه التِّبْرِيزي : ويا فوق البِئَبْ ، بالهمز ، قال : وهو مركَّب من قولهم بأَبي ، فأَبقى الهمزة لذلك ؛ قال ابن بري : فينبغي على قول من ، قال البِيَب أَن يقول يا بِيَبا ، بالياء غير مهموز ، وهذا البيت أَنشده الجاحظ مع أَبيات في كتاب البيان والتَّبْيين لآدم مولى بَلْعَنْبَر يقوله لابنٍ له ؛ وهي : يا بِأَبي أَنتَ ، ويا فَوق البِيَبْ ، يا بأَبي خُصْياك من خُصىً وزُبْ أَنت المُحَبُّ ، وكذا فِعْل المُحِبْ ، جَنَّبَكَ اللهُ مَعارِيضَ الوَصَبْ حتى تُفِيدَ وتُداوِي ذا الجَرَبْ ، وذا الجُنونِ من سُعالٍ وكَلَبْ بالجَدْب حتى يَسْتَقِيمَ في الحَدَبْ ، وتَحْمِلَ الشاعِرَ في اليوم العَصِبْ على نَهابيرَ كَثيراتِ التَّعَبْ ، وإِن أَراد جَدِلاً صَعْبٌ أَرِبْ الأَرِبُ : العاقِلُ .
خُصومةً تَنْقُبُ أَوساطَ الرُّكَبْ لأَنهم كانوا إِذا تخاصَموا جَثَوْا على الرُّكَبِ .
أَطْلَعْتَه من رَتَبٍ إِلى رَتَبْ ، حتى ترى الأَبصار أَمثال الشُّهُبْ يَرمي بها أَشْوَسُ مِلحاحٌ كِلِبْ ، مُجَرّب الشّكّات مَيْمُونٌ مِذَبْ وقال الفراء في قوله : يا بأَبي أَنتَ ويا فوق البِيَب ؟
قال : جعلوا الكلمتين كالواحدة لكثرتها في الكلام ، وقال : يا أَبةِ ويا أَبةَ لغتان ، فَمن نصَب أَراد النُّدْبة فحذف .
وحكى اللحياني عن الكسائي : ما يُدْرى له مَن أَبٌ وما أَبٌ أَي لا يُدْرى مَن أَبوه وما أَبوه .
وقالوا : لابَ لك يريدون لا أَبَ لك ، فحذفوا الهمزة البتَّة ، ونظيره قولهم : وَيْلُمِّه ، يريدون وَيْلَ أُمِّه .
وقالوا : لا أَبا لَك ؛ قال أَبو علي : فيه تقديران مختلفان لمعنيين مختلفين ، وذلك أَن ثبات الأَلف في أَبا من لا أَبا لَك دليل الإِضافة ، فهذا وجه ، ووجه آخر أَن ثبات اللام وعمَل لا في هذا الاسم يوجب التنكير والفَصْلَ ، فثَبات الأَلف دليلُ الإِضافة والتعريف ، ووجودُ اللامِ دليلُ الفَصْل والتنكير ، وهذان كما تَراهما مُتَدافِعان ، والفرْق بينهما أَن قولهم لا أَبا لَك كلام جَرى مَجْرى المثل ، وذلك أَنك إِذا قلت هذا فإِنك لا تَنْفي في الحقيقة أَباهُ ، وإِنما تُخْرِجُه مُخْرَج الدُّعاء عليه أَي أَنت عندي ممن يستحقُّ أَن يُدْعى عليه بفقد أَبيه ؛
وأَنشد توكيداً لما أَراد من هذا المعنى قوله : ويترك أُخرى فَرْدَةً لا أَخا لَها ولم يقل لا أُخْتَ لها ، ولكن لمَّا جرى هذا الكلام على أَفواهِهم لا أَبا لَك ولا أَخا لَك قيل مع المؤنث على حد ما يكون عليه مع المذكر ، فجرى هذا نحواً من قولهم لكل أَحد من ذكر وأُنثى أَو اثنين أَو جماعة : الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبن ، على التأْنيث لأَنه كذا جرى أَوَّلَه ، وإِذا كان الأَمر كذلك علم أَن قولهم لا أَبا لَك إِنما فيه تَفادي ظاهِره من اجتماع صُورَتي الفَصْلِ والوَصْلِ والتعريف والتنكير لفظاً لا معنى ، ويؤكد عندك خروج هذا الكلام مخرج المثل كثرتُه في الشعر وأَنه يقال لمن له أَب ولمن لا أَبَ له ، لأَنه إِذا كان لا أَبَ له لم يجُزْ أَن يُدْعى عليه بما هو فيه لا مَحالة ، أَلا ترى أَنك لا تقول للفقير أَفْقَرَه الله ؟ فكما لا تقول لمن لا أَبَ له أَفقدك الله أَباك كذلك تعلم أَن قولهم لمن لا أَبَ له لا أَبا لَك لا حقيقة لمعناه مُطابِقة للفظه ، وإِنما هي خارجة مَخْرَج المثل على ما فسره أَبو علي ؛ قال عنترة : فاقْنَيْ حَياءَك ، لا أَبا لَك واعْلَمي أَني امْرُؤٌ سأَمُوتُ ، إِنْ لم أُقْتَلِ وقال المتَلَمِّس : أَلْقِ الصَّحيفةَ ، لا أَبا لَك ، إِنه يُخْشى عليك من الحِباءِ النِّقْرِسُ ويدلُّك على أَن هذا ليس بحقيقة قول جرير : يا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ ، لا أَبا لَكُمُ لا يَلْقَيَنَّكُمُ في سَوْءَةٍ عُمَرُ فهذا أقوى دليلٍ على أَن هذا القول مَثَلٌ لا حقيقة له ، أَلا ترى أَنه لا يجوز أَن يكون للتَّيْم كلِّها أَبٌ واحد ، ولكنكم كلكم أَهل للدُّعاء عليه والإِغلاظ له ؟ ويقال : لا أَبَ لك ولا أَبا لَك ، وهو مَدْح ، وربم ؟
قالوا لا أَباكَ لأَن اللام كالمُقْحَمة ؛ قال أَبو حيَّة النُّمَيْري : أَبِالمَوْتِ الذي لا بُدَّ أَني مُلاقٍ ، لا أَباكِ تُخَوِّفِيني ؟ دَعي ماذا علِمْتِ سَأَتَّقِيهِ ، ولكنْ بالمغيَّب نَبِّئِيني أَراد : تُخَوِّفِينني ، فحذف النون الأَخيرة ؛ قال ابن بري : ومثله ما أَنشده أَبو العباس المبرّد في الكامل : وقد مات شَمَّاخٌ ومات مُزَرِّدٌ ، وأَيُّ كَريمٍ ، لا أَباكِ يُخَلَّدُ ؟
قال ابن بري : وشاهد لا أَبا لك قول الأَجْدَع : فإِن أَثْقَفْ عُمَيراً لا أُقِلْهُ ، وإِن أَثْقَفْ أَباه فلا أَبَا لَه ؟
قال : وقال الأَبْرَشُ بَحْزَج (* قوله « بحزج » كذا في الأصل هنا وتقدم فيه قريباً :، قال بخدج اطلب أبا نخلة إلخ .
وفي القاموس : بخدج اسم ، زاد في اللسان : شاعر ) .
بن حسَّان يَهجُو أَبا نُخَيلة : إِنْ أَبا نَخْلَة عَبْدٌ ما لَهُ جُولٌ ، إِذا ما التَمَسوا أَجْوالَهُ ، يَدْعو إِلى أُمٍّ ولا أَبا لَهُ وقال الأَعْور بن بَراء : فمَن مُبْلِغٌ عنِّي كُرَيْزاً وناشِئاً ، بِذاتِ الغَضى ، أَن لا أَبا لَكُما بِيا ؟ وقال زُفَر بن الحرث يَعْتذْر من هَزيمة انْهَزَمها : أَرِيني سِلاحي ، لا أَبا لَكِ إِنَّني أَرى الحَرْب لا تَزْدادُ إِلا تَمادِيا أَيَذْهَبُ يومٌ واحدٌ ، إِنْ أَسَأْتُه ، بِصالِح أَيّامي ، وحُسْن بَلائِيا ولم تُرَ مِنِّي زَلَّة ، قبلَ هذه ، فِراري وتَرْكي صاحِبَيَّ ورائيا وقد يَنْبُت المَرْعى على دِمَنِ الثَّرى ، وتَبْقى حَزازاتُ النفوس كما هِيا وقال جرير لجدِّه الخَطَفَى : فَأَنْت أَبي ما لم تكن ليَ حاجةٌ ، فإِن عَرَضَتْ فإِنَّني لا أَبا لِيا وكان الخَطَفَى شاعراً مُجيداً ؛ ومن أَحسن ما قيل في الصَّمْت قوله : عَجِبْتُ لإزْراء العَيِيِّ بنفْسِه ، وَصَمْتِ الذي قد كان بالقَوْلِ أَعْلَما وفي الصَّمْتِ سَتْرٌ لِلْعَييِّ ، وإِنما صَحِيفةُ لُبِّ المَرْءِ أَن يَتَكَلَّما وقد تكرَّر في الحديث لا أَبا لَك ، وهو أَكثر ما يُذْكَرُ في ا لمَدْح أَي لا كافيَ لك غير نفسِك ، وقد يُذْكَر في مَعْرض الذمّ كما يقال لا أُمَّ لكَ ؛ قال : وقد يذكر في مَعْرض التعجُّب ودَفْعاً للعَيْن كقولهم لله دَرُّك ، وقد يذكر بمعنى جِدَّ في أَمْرِك وشَمِّر لأَنَّ مَن له أَبٌ اتَّكَلَ عليه في بعض شأْنِه ، وقد تُحْذَف اللام فيقال لا أَباكَ بمعناه ؛ وسمع سليمانُ ابنُ عبد الملك رجلاً من الأَعراب في سَنَة مُجْدِبة يقول : رَبّ العِبادِ ، ما لَنا وما لَكْ ؟ قد كُنْتَ تَسْقِينا فما بدَا لَكْ ؟ أَنْزِلْ علينا الغَيْثَ ، لا أَبا لَكْ فحمله سليمان أَحْسَن مَحْمَل وقال : أَشهد أَن لا أَبا له ولا صاحِبةَ ولا وَلَد .
وفي الحديث : لله أَبُوكَ ، قال ابن الأَثير : إِذا أُضِيفَ الشيء إِلى عظيم شريفٍ اكْتَسى عِظَماً وشَرَفاً كما قيل بَيْتُ اللهِ وناقةُ اللهِ ، فإِذا وُجدَ من الوَلَد ما يَحْسُن مَوْقِعُه ويُحْمَد قيل لله أَبُوكَ ، في مَعْرض المَدْح والتَّعجب أَي أَبوك لله خالصاً حيث أَنْجَب بك وأَتى بمِثْلِك .
قال أَبو الهيثم : إِذا ، قال الرجلُ للرجل لا أُمَّ له فمعناه ليس له أُمٌّ حرَّة ، وهو شَتْم ، وذلك أَنَّ بَني الإِماء ليسوا بمرْضِيِّين ولا لاحِقِينَ ببني الأَحرار والأَشراف ، وقيل : معنى قولهم لا أُمَّ لَك يقول أَنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك أُمّ ، قال : ولا يقول الرجُل لصاحِبه لا أُمّ لك إِلاَّ في غضبه عليه وتقصيره به شاتِماً ، وأَما إِذا ، قال لا أَبا لَك فلم يَترك له من الشَّتِيمة شيئاً ، وإِذا أَراد كرامةً ، قال : لا أَبا لِشانِيكَ ، ولا أَبَ لِشانِيكَ ، وقال المبرّد : يقال لا أَبَ لكَ ولا أَبَكَ ، بغير لام ، وروي عن ابن شميل : أَنه سأَل الخليل عن قول العرب لا أَبا لك فقال : معناه لا كافيَ لك .
وقال غيره : معناه أَنك تجرني أَمرك حَمْدٌ (* قوله « وقال غيره معناه أنك تجرني أمرك حمد » هكذا في الأصل ) .
وقال الفراء : قولهم لا أَبا لَك كلمة تَفْصِلُ بِها العرب كلامَها .
وأَبو المرأَة : زوجُها ؛ عن ابن حبيب .
ومن المُكَنِّى بالأَب قولهم : أَبو الحَرِث كُنْيَةُ الأَسَدِ ، أَبو جَعْدَة كُنْية الذئب ، أَبو حصين كُنْيةُ الثَّعْلَب ، أَبو ضَوْطَرى الأَحْمَقُ ، أَبو حاجِب النار لا يُنْتَفَع بها ، أَبو جُخادِب الجَراد ، وأَبو بَراقِش لطائر مُبَرْقَش ، وأَبو قَلَمُونَ لثَوْب يَتَلَوَّن أَلْواناً ، وأَبو قُبَيْسٍ جبَل بمكة ، وأَبو دارِسٍ كُنْية الفَرْج من الدَّرْس وهو الحَيْض ، وأَبو عَمْرَة كُنْية الجُوع ؛ وقال : حَلَّ أَبو عَمْرَة وَسْطَ حُجْرَتي وأَبو مالِكٍ : كُنْية الهَرَم ؛ قال : أَبا مالِك ، إِنَّ الغَواني هَجَرْنني أَبا مالِكٍ ، إِني أَظنُّك دائِبا وفي حديث رُقَيْقَة : هَنِيئاً لك أَبا البَطحاء إِنَّما سمَّوْه أَبا البطحاء لأَنهم شَرفُوا به وعَظُمُوا بدعائه وهدايته كما يقال للمِطْعام أَبو الأَضْياف .
وفي حديث وائل بن حُجْر : من محمد رسولِ الله إِلى المُهاجِر ابن أَبو أُمَيَّة ؛ قال ابن الأَثير : حَقُّه أَن يقول ابنِ أَبي أُمَيَّة ، ولكنه لاشْتهارِه بالكُنْية ولم يكن له اسم معروف غيره ، لم يجرَّ كما قيل عليّ بن أَبو طالب .
وفي حديث عائشة :، قالت عن حفصة وكانت بنتَ أَبيها أَي أَنها شبيهة به في قُوَّة النفس وحِدَّة الخلُق والمُبادَرة إِلى الأَشياء .
والأَبْواء ، بالمدّ : موضع ، وقد ذكر في الحديث الأَبْواء ، وهو بفتح الهمزة وسكون الباء والمدِّ ، جَبَل بين مكة والمدينة ، وعنده بلد ينسَب إِليه .
وكَفْرآبِيا : موضع .
وفي الحديث : ذِكْر أَبَّى ، هي بفتح الهمزة وتشديد الباء : بئر من آبار بني قُرَيظة وأَموالهِم يقال لها بئر أَبَّى ، نَزَلها سيدُنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما أَتى بني قُريظة .
"
المعجم: لسان العرب