خَسَرَ كفَرِحَ وضَرَبَ الثَّانِي لُغَة شَاذَّة كما صَرَّح به المُصَنِّف في البَصَائِر قال ومِنْه قِرَاءَةُ الحَسَن البَصْرِيّ " ولا تَخْسِرُوا المِيزَانَ " . خَسْراً بفَتْح فَسكُون وخَسَراً مُحَرَّكَةً وخُسْراً بضَمٍّ فسُكُون وخُسُراً بَضَمَتَين وبه قرأَ الأَعْرَاجُ وعِيسىَ بنُ عُمَر وأَبو بَكْر وابنُ عَبَّاس : لَفِي خُسُرٍ " وخُسْراناً كعُثْمَان " وخَسَارَةً بالفَتْح وخَسَاراً كَسَحاب الثّانِيَة والثَّالِثَة عن ابْنِ دُرَيْد : ضَلَّ ولا يُسْتَعْمَل هذا البَابُ إِلا لازِماً كما صَرَّحَ به أَئِمَّة التَّصْرِيف . قال شَيْخُنَا : وتَعَقَّب هذا القَوْلَ جماعةٌ مُسْتَدِلِّين بقَوْله تَعَالَى : الذين خَسِرُوا أَنفسَهُم " وخَسِرَ الدُّنْيَا والآخِرَةَ " ونحوهما وقال : لا عِبْرَة بظَواهِر نُصُوصِهِم مع وُرُودِ خِلافِها في الآياتِ القرآنِية . فهو خَاسِرٌ وخَسٌِ وخَسِيرٌ وخَيْسَرَى بالأَلف المَقْصُورَة . يقال : رجُلٌ خَيْسَرَي أَي خاسِرٌ . وفي بَعْضِ الأَسْجَاع : بِفِيه البَرَى وحُمَّى خَيْبَرى وشَرُّ مَا يُرى فإِنَّه خَيْسرَى . وقيل : أَراد خَيْسَرَ فَزَادَ الإِتْباع . وقيل لا يُقَالُ خَيْسَرَى إِلا في هذا السجع . خَسِرَ التَّاجِر في بَيْعِه خُسْرَاناً : وُضِعَ في تِجَارَتَهِ أَوْ غُبِن والأَوَّل هو الأَصْل . وفي البَصَائِر للمُصَنِّف : الخُسْرانُ في البَيْع : انتِقَاصُ رَأْسِ المَالِ وقَوْلُه تعالى : " الَّذِين خَسِرُوا أَنْفُسَهم وأَهْلِيهم يَوْمَ القِيَامَة " قال الفَرَّاءُ : يَقُولُ : غَبِنُوهما . وقال غيره : أَي أَهلكوهما وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الخاسِرُ : الّذِي ذَهَبَ عَقْلُه ومَالُه أَي خَسِرَهما . والخَسْرُ بالفَتح : النَّقْصُ كالإِخْسَارِ والخُسْرَانِ بالضَّمّ مثل الفَرْق والفُرْقَانِ . خَسِرَ يَخْسَر خُسْرَاناً . وخَسَرْتُ الشَّيْءَ بالفَتْح وأَخْسَرْتُه : نَقَصْتُه . وخَسَرَ الوَزْنَ والكيْل خَسْراً وأَخْسَرَ : نَقَصَه . ويُقَال : كلْتُه ووَزَنْتُه فأَخْسَرْتُه أَي نَقَصْتُه . وهكذا فَسَّر الزَّجاجُ قَولَه تَعَالى : " أَوْ وَزَنُوهُم يُخْسُرون " . أَي يَنْقُصُون في الكَيْل والوَزْنِ . قال : ويَجُوزُ في اللُّغَة يَخْسَرُون تَقُولُ : أَخْسَرْتُ المِيزَانَ وخَسَرْتُه . قال : ولا أَعْلَم أَحَداً قَرَأَ " يَخْسِرُون " . قُلتُ : وهو قِرَاءَةُ بِلال بْنِ أَبِي بُرْدَة . وقال أَبو عَمْرو : الخَاسِر : الذي يَنْقُص المِكْيَالَ والمِيزَانَ إِذَا أَعْطَى ويَسْتَزِيدُ إِذا أَخَذَ . وقال ابنُ الأَعرابِيّ : وخَسَرَ إِذَا نَقَصَ مِيزَاناً أَو غَيْره . وعن أَبي عُبَيْد : خَسَرْتُ المِيزَانَ وأَخْسَرْتُه أَي نَقَصْته . وقال اللَّيْث : الخاسِر : الّذي وُضِع في تِجارته ومَصْدرُه الخَسَارةُ والخُسرُ . في الكتاب العزيز : " تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرةٌ " . أي غَيْرُ نافِعَةٍ . وَصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أي غيرَ مُرْبِحَةٍ وأنشد المُصَنّف في البَصَائِر :
إذا لم يكُنْ لامرِي نِعْمَةٌ ... لَدَيَّ ولا بَيْنَنَا آصِرَهْ
ولالِيَ في وُدِّهِ حاصِلٌ ... ولا نَفْعَ دُنْيَا ولا آخِرَهْ
وأَفْنَيْتُ عُمْرِي على بابِه ... فتِلْك إذاً صَفْقَةٌ خاسِرَهْ والخَنْسَرَى هكذا بسُكُونِ النُون بَعْدَ الخَاءِ . وفي الأُصول الجَيِّدَة بالتَّحْتية السَّاكِنَة بدل النون : الضَّلاَلُ والهَلاَلُ . زادَ ابنُ سِيدَه والياءُ فِيِه زائدة . الخَيْسَرَى : الغَدْرُ واللُّؤمُ كالخَسَارِ والخَسَارَةِ بفَتْحِهما والخَنَاسِيرِ وهو الهلاكُ ولا واحِد له . قال كَعبُ بْنُ زُهَيْر :
إذا ما نُتجْنَا أَرْبَعاً عامَ كَفْأة ... بَغَاهَا خَناسِيراً فأهْلَكَ أَرْبَعَا يَقُولُ : إنه شَقِيُّ الجَدِّ إذا نُتِجَت أَرْبَعٌ من إبلِه أَربعَةَ أوْلادِ هَلَكَت من إبلِه الكِبَار أربَعٌ غَيْرُ هذِه فيَكُونُ مَا هَلَك أكْثَرَ مِمّا أصابَ . وقال آخر :
فإنَّكَ لو أشْبَهْتَ عَمِّي حَمَلْتَنِي ... ولكِنَّه قد أدْرَكَتْك الخَنَاسِرُأي أدْرَكَتْك مَلاَئمُ أُمِّكَ . والخُسْرُوَانِي بضمّ الأَوَلِ والثالث : شَرَابٌ . ونَوعٌ مِنَ الثِّيَابِ كالُخُسْرَوِيّ . قال الزَّمَخْشَرِيّ منْسوبٌ إلى خُسْرُوشاه من الأكاسرة . وخسْرِاوِيَّة بالضّمّ : ة بواسِطَ نقله الصّغانيّ . وخَسَّرَهُ تَخْسَيراً : أهلَكَه . ومن المجَاز : خَسَّرَهُ سًوءُ عَمَلِه أي أهْلَكَه والخَاسِرَة : الضِّعاف من النَّاسِ وصِغارُهم . هكذا في النُّسخ وصوابُه والخَناسِرُ وكذا فيما بَعْده كما في أُمَّهات اللُّغَةَ الخاسِرَةُ : أهلُ البِيَانَةِ والغَدْرِ واللُّؤْم . والخِنْسِير بالكَسْر فِنْعِيل وَجزَمَ به أبُو حَيَّان تبعاً لابن عُصْفُورٍ : اللَّيِمُ الغادِرِ . والخَنْسَرُ كجَعْفَر والخَنْسَرِيُّ بياءِ النِّسْبَة : مَنْ هُوَ في مَوْضِعِ الخسْرَانِ . والخَنَاسِيرُ : أبْوا الوُعُولِ عَلَى الكَلإِ والشَّجَرِ لا واحِد له . وسَلْمُ بْنُ عَمْرو بْنِ عَطَاءِ بنِ زبّان الحِمْيَريّ قدِم بَغْدَاد ومَدَح المَهْدِيّ والهادِيَ والبَرَامِكَةَ ولَقبُه الخَاسِرُ وإنَّمَا قِيلَ له ذلِك لأنَّه باعَ مُصْحَفاً واشْتِرى بثَمَنِه دِيوانَ شِعْر أبي نُواس كما في أنْسَابِ السّمْعَانِي . وفي الأساس : عُودَ لَهْوٍ . أو لأنَّه حَصَلَت له أمْوال كَثِيرة فبَذَّرَها وأتْلَفَهَا في مُعاشَرةٍ الأُدباءِ الفِتْيان . ومما يُسْتَدْرَك عليه : الخُسْر بالضّمّ : العُقُوبةُ بالذَّنْب . وبه فُسِّر قولُه تعالى " إنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْر " عن الفَرَّاء . و أخْسَرَ الرَّجُلُ إذا وافَقَ خُسْراً في تِجارَته . والتَّخْسِيرُ : الإبْعَادُ من الخَير . قاله ابْنُ الأَعْرَابِيّ وفي حَدِيث عُمَر : ذكر الخَيْسَرٍي . وهو الذِي لا يُجِيبُ إلى الطَّعَام لِئَلاَّ يَحْتَاج إلى المُكَافَأَة . ومن المَجَازِ : خَسِرَت تِجَارَتُه أي خَسِرَ فيها ورَبِحَت أي رَبِح فِيها . وقال المُصَنِّف في البَصَائِر : قد يُنْسَب الخُسْرَانُ إلى الإنسان فيقال : خَسِرَ فُلانٌ وإلى الفِعْل فيقال : خَسِرَتْ تِجارَتُه . ويُسْتَعْمل ذلِكَ في المُقْتَنَيَات النَّفِيسَةِ كالصِّحَّة والسَّلامة والعقْل والإيمان والثَّواب وهُوَ الذي جَعَلَه الله : " الخُسْران المُبِين " " وخَسِر هُنالِك الكَافِرون " أي تَبَيَّن لهم خُسْرَانُهم لمَّا رَأوا العَذَاب وإلاّ فَهُم كانوا خاسِرِين في كُلِّ وَقْت . وتجارَةٌ خاسرةٌ وتِجَارَةٌ رابِحَةٌ ومن لَم يُطِع اللهَ فهو خَاسِرٌ وتَقُولُ : لا يَكُونُ الراسخِ ساخِراً ولا السَّاخِرُ إلاّ خاسِراً . والمَسَاخِرُ مَخَاسِر . وخَوْسَرٌ كجَوْهَر : وَادٍ في شَرْقِيّ المَوْصِل أَحدُ الأَوْدِيَة الَّتي تَمُدّ الدِّجْلَة منها . قال شَيْخُنَا وَقَع في شِعْر حُرَيْث ابْنِ جَبَلَة العُذْريّ :
وذاكَ آخِرُ عَهْد مِنْ أَخِيكَ إِذَا ... ما المَرْؤُ ضَمَّنه اللَّحْدَ الخَنَاسِيرُ . قال أَبو حَاتِم : الخَنَاسِيرُ : الّذين يُشيعون الجنَازَة . ونقله البَغْدَادِيّ في شَرْح شواهِد المُغْنِي . قلت : وربما يُؤْخَذ مِنْ قَوْلِهم : الخَنَاسِر : صِغَارُ النَّاس وضِعافُهم مع مَا في كَلاَم المُصَنّف من المُخَالَفة فتأَمّل . والخَنَاسِيرُ : الدَّواهِي . والخِنْسِير بالكَسْر : الدّاهِيَة . ومما يستدرك عليه : خَاخَسْر : من قُرَى دَرْغم من نَواحِي سَمَرْقَنْد . منها أَبُو القَاسِم سَعْد بنُ سَعِيد الخاخَسْرِيّ خادم أَبي عليّ اليونانيّ الفَقِيه والقَاضِي عَبْدُ القادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ القاسم الدرْغَمِي الخاخَسْريّ وقد حَدَّثَا . واسَتْدرك شيخُنَا هنا : خِسْرُ وجِرْد من قُرَى يَبْهَقَ . قلت : وخِسْرُ وشَاه : من قُرَى مَرْوَ . وقد نُسِب إِليها جماعةٌ من المُحَدِّثين ويستدرك أَيضاً : خُونْسار بالضّمّ : قَرية من قُرى أَصْبهَانَ . ومنها الإِمام العلامة حُسين ابن جمالٍ الأَصبهانيّ وُلِد بخونْسار سنة 1017 وقرأَ بأَصْبَهان على جَعْفَرِ ابنِ لُطْفِ الله العاملّي والسيّد محمّد باقراماد الحسينيّ . ومّمن تَخَّرجَ به وَلدُه العلامة مُلاَّ جمال والشيخ جمال الدين محمّد شفع الاستراباديّ وتُوَفّيَ بأَصبهان سنة 1098 وقَدِمَ جمالُ بن حُسين هذا إِلى مَكَّة سنة 1114 وهو من أَشهر علماءِ العجم