" الفاكهةُ : معروفةٌ وأَجْناسُها الفَواكهُ ، وقد اختلف فيها فقال : بعض العلماء : كل شيء قد سُمِّيَ من الثِّمار في القُرآن نحو العِنَب والرُّمّان فإنا لا نُسَمِّيه فاكهةً ، قال : ولو حَلَفَ أَن لا يأْكل فاكهة فأَكل عنباً ورُمّاناً لم يَحْنَثْ ولم يكنْ حانثاً . وقال آخرون : كلُّ الثِّمار فاكهةٌ ، وإنما كرر في القرآن في قوله تعالى : فيهما فاكهةٌ ونخلٌ ورُمّانٌ ؛ لتَفْضِيل النخلِ والرُّمَّان على سائر الفواكه دُونَهما ، ومثله قوله تعالى : وإذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّين مِيثاقَهم ومِنْكَ ومن نوحٍ وإبراهيمَ وموسَى وعيسى بن مريم ؛ فكرر هؤلاء للتفضيل على النَّبِيِّين ولم يَخْرُجوا منهم . قال الأَزهري : وما علمت أَحداً من العرب ، قال إنَّ النخيلَ والكُرومَ ثِمارُها ليست من الفاكهة ، وإنما شذ قول النعمان بن ثابت في هذه المسأَلة عن أَقاويل جماعة فقهاء الأَمصار لقلة علمه بكلام العرب وعلمِ اللغة وتأْويلِ القُرآن العربي المُبين ، والعرب تَذْكُر الأَشياء جملة ثم تَخُصُّ منها شيئاً بالتسمية تنبيهاً على فَضْلٍ فيه . قال الله تعالى : مَنْ كانَ عَدُوّاً لله وملائكتهِ ورُسُلِه وجِبْريلَ ومِيكالَ ؛ فمن ، قال إن جِبْريلَ ومِيكالَ ليسا من الملائكة لإفْرادِ الله عزَّ وجل إياهما بالتسمية بعد ذِكْر الملائكة جُمْلةً فهو كافر ، لأَن الله تعالى نص على ذلك وبَيَّنه ، وكذلك مَنْ ، قال إن ثمرَ النخلِ والرُّمانِ ليس فاكهة لإفراد الله تعالى إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة جُمْلة فهو جاهل ، وهو خلافُ المعقول وخلافُ لغة العرب . ورجلٌ فَكهٌ : يأْكل الفاكِهةَ ، وفاكِهٌ : عنده فاكهة ، وكلاهُما على النَّسَب . أَبو معاذ النحوي : الفاكه الذي كَثُرَتْ فاكِهتُه ، والفَكِهُ : الذي يَنالُ من أَعراضِ الناسِ ، والفاكهانِيُّ : الذي يَبِيعُ الفاكهةَ . قال سيبويه : ولا يقال لبائع الفاكهة فَكَّاه ، كما ، قالوا لَبّان ونَبّال ، لأَن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطِّراديّ . وفَكَّهَ القومَ بالفاكِهة : أَتاهم بها . والفاكهة أَيضاً : الحَلْواءُ على التشبيه . وفَكَّهَهُم بمُلَح الكلام : أَطْرَفَهُم ، والاسمُ الفكِيهةُ والفُكاهةُ ، بالضم ، والمصدر المتوهم فيه الفعل الفَكاهةُ . الجوهري : الفَكاهةُ ، بالفتح ، مصدرُ فَكِهَ الرجلُ ، بالكسر ، فهو فَكِهٌ إذا كان طَيِّبَ النَّفْس مَزّاحاً ، والفاكهُ المزّاحُ . وفي حديث أَنس : كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من أَفْكَهِ الناس مع صَبِيٍّ ؛ الفاكهُ : المازحُ . وفي حديث زيد بن ثابت : أَنه كان من أَفْكَهِ الناسِ إذا خلا مع أَهله ؛ ومنه الحديث : أَربعٌ ليس غِيبَتُهن بغيبةٍ ، منهم المُتَفَكِّهون بالأُمَّهات ؛ هم الذين يَشْتُمُونَهُنَّ مُمازِحِين . والفُكاهةُ ، بالضم : المِزاحُ ، وقيل : الفاكهُ ذو الفُكاهة كالتامر واللاَّبن . والتَّفاكُهُ : التَّمازُحُ . وفاكَهْتُ القومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمِزاحِ ، والمُفاكهَةُ : المُمازحَةُ . وفي المثل : لا تُفاكِه أَمَهْ ولا تَبُلْ على أَكَمَهْ . والفَكِهُ : الطَّيِّبُ النفس ، وقد فَكِهَ فَكَهاً . أَبو زيد : رجل فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهان ، وهو الطيب النفس المزَّاحُ ؛
وأَنشد : إذا فَيْكهانٌ ذو مُلاءٍ ولِمَّةٍ ، قليل الأَذَى ، فيما يُرَى الناسُ ، مُسْلِمُ وفاكَهْتُ : مازَحْتُ . ويقال للمرأَة : فَكِهةٌ ، وللنساء فَكِهات . وتَفَكَّهْتُ بالشيء : تَمَتَّعْتُ به . ويقال : تركت القومَ يتَفَكَّهُون بفلانٍ أَي يَغْتابونه ويتَناولونَ منه . والفَكِهُ : الذي يُحَدِّث أَصحابَه ويُضْحِكُهم . وفَكِهَ مِنْ كذا وكذا وتفَكَّه : عَجِبَ . تقول : تفَكَّهْنا من كذا وكذا أي تعَجَّبْنا ؛ ومنه قوله عز وجل : فظَلْتُمْ تَفَكَّهُون ؛ أَي تتَعجَّبُونَ مما نَزَلَ بكم في زَرْعِكم . وقوله عز وجل : فاكِهين بما آتاهُم رَبُّهم ؛ أَي ناعمين مُعْجبينَ بما هم فيه ، ومن قرأَ فَكِهينَ يقول فَرِحِين . والفاكِهُ : الناعم في قوله تعالى : في شُغُل فاكِهونَ . والفَكِهُ : المُعْجب . وحكى ابن الأَعرابي : لو سَمِعْتَ حديث فلان لما فَكِهْتَ له أَي لما أَعجبك . وقوله تعالى : في شُغُلٍ فاكهون ؛ أَي مُتعجِّبون ناعِمون بما هم فيه . الفراء في قوله تعالى في صفة أَهل الجنة : في شُغُلٍ فاكهون ، بالأَلف ، ويقرأُ فَكِهُون ، وهي بمنزلة حَذِرُون وحاذِرُون ؛ قال أَبو منصور : لما قرئ بالحرفين في صفة أَهل الجنة علم أَن معناهما واحد . أَبو عبيد : تقول العرب للرجل إذا كان يَتَفَكَّه بالطعام أَو بالفاكهةِ أَو بأَعْراضِ الناس إن فلاناً لَفَكِهٌ بكذا وكذا ؛
وأَنشد : فَكِهٌ إلى جَنْبِ الخِوانِ ، إذا غَدتْ نَكْباء تَقْطَعُ ثابتَ الأَطْنابِ والفَكِهُ : الأَشِرُ البَطِرُ . والفاكِهُ : من التَّفَكُّهِ . وقرئ : ونَعْمةٍ كانوا فيها فَكِهينَ ، أَي أَشِرينَ ، وفاكهينَ أَي ناعمين . التهذيب : أََهل التفسير يختارون ما كان في وصف أَهل الجنة فاكِهين ، وما في وصف أهل النار فَكهينَ أَي أَشِرينَ بَطِرين . قال الفراء في قوله تعالى : إنَّ المُتَّقِينَ في جنّات ونَعيمٍ فاكهينَ ؛ قال : مُعْجبين بما آتاهم ربهم ؛ وقال الزجاج : قرئ فَكِهينَ وفاكِهينَ جميعاً ، والنصب على الحال ، ومعنى فاكِهينَ بما آتاهم ربهم أَي مُعْجبين . والتَّفَكُّهُ : التنَدُّمُ . وفي التنزيل : فظَلْتُم تَفكَّهون ؛ معناه تَنَدَّمُون ، وكذلك تَفَكَّنُون ، وهي لغة لِعُكْل . اللحياني : أَزْدُ شَنُوءَة يقولون يتَفكَّهُون ، وتميمٌ تقولُ يتَفَكَّنُون أَي يتندَّمُون . ابن الأَعرابي : تفَكَّهْتُ وتفَكَّنْتُ أَي تندَّمْت . وأَفْكَهَتِ الناقة إذا رأَيت في لبنها خُثورةً شِبْهَ اللِّبَإِ . والمُفْكِه من الإبلِ : التي يُهَراق لَبَنُها عند النِّتاج قبل أَن تَضَعَ ، والفعل كالفعل . وأَفْكَهَت الناقةُ إذا دَرَّتْ عند أَكل الربيع قبل أَن تَضَع ، فهي مُفْكِةٌ . قال شمر : ناقة مُفْكِهةٌ ومُفْكِةٌ ، وذلك إذا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى صَلَواها وعَظُمَ ضَرْعُها ودنا نِتاجها ؛ قال الأَحْوص : بَنِي عَمِّنا ، لا تَبْعَثُوا الحَرْبَ ، إنني أَرى الحربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قد أَصَنَّت ؟
قال شمر : أَصَنَّت استَرْخى صَلَواها ودنا نِتاجُها ؛
وأَنشد : مُفْكِهة أَدْنَتْ على رأْسِ الوَلَدْ ، قد أَقْرَبَتْ نَتْجاً ، وحانَ أَنْ تَلِدْ أي حانَ وِلادُها . قال : وقوم يجعلون المُفْكِهة مُقْرِباً من الإبل والخيل والحُمُر والشاء ، وبعضُهم يجعلها حين استبان حملها ، وقوم يجعلون المُفْكِهةَ والدافِعَ سَواء . وفاكهٌ : اسم . والفاكهُ : ابنُ المُغِيرة المَخْزُوميّ عمّ خالد بن الوليد . وفُكَيْهةُ : اسم امرأَة ، يجوز أَن يكون تصغير فَكِهةٍ التي هي الطَّيِّبةُ النَّفْس الضَّحوكُ ، وأَن يكون تصغيرَ فاكهةٍ مُرَخَّماً ؛
أَنشد سيبويه : تقولُ إذا استَهْلَكْتُ مالاً لِلَذَّة فُكَيْهةُ : هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ ؟ يريد : هلْ شيءٌ . "
المعجم: لسان العرب
فكك
" الليث : يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما . وفَكَكْتُ الشيء : خَلَّصْته . وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما ، وكذلك التَّفْكِيك . ابن سيده : فَكَّ الشيءَ يفُكُّه فَكّاً فانْفَكَّ فصله . وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّه فَكّاً وافْتَكَّه : بمعنى خَلَّصه . وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه ، بالكسر : ما فُكَّ به . الأَصمعي : الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة . وفَكَّ يدَه فَكّاً إذا أزال المَفْصِلَ ، يقال : أَصابه فَكَكٌ ؛ قال رؤبة : هاجَكَ من أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ وفَكُّ الرقبة : تخليصُها من إسار الرِّق . وفَكُّ الرهن وفَكاكُه : تخليصه من غَلَق الرهن . ويقال : هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك . وكل شيء أَطلقته فقد فَكَكْتَه . وفلان يسعى في فِكاكِ رَقبته ، وانْفَكَّت رقبته من الرق ، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّها فَكّاً : أَعتقها ، وهو من ذلك لأَنها فصلت من الرق . وفي الحديث : أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرقبة ، تفسيره في الحديث : أَن عتق النسمة أَن ينفرد بعتقها ، وفَكّ الرقبةِ : أَن يُعِينَ في عتقها ، وأَصل الفَك الفصلُ بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض . وفَكَّ الأَسيرَ فَكّاً وفَكاكَةً : فصله من الأَسْر . والفِكاكُ والفَكاكُ : ما فُكَّ به . وفي الحديث : عُودُوا المريض وفُكُّوا العانيَ أَي أَطْلقُوا الأَسير ، ويجوز أَن يريد به العتق . وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً ، وفَكَّ يدَه : فتحها عما فيها . والفَكُّ في اليد : دون الكسر . وسقط فلان فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه إذا انفرجت وزالت . والفَكَكُ : انفساخ القَدَم ، وأَنشد قول رؤبة : كمنهاض الفكك ؛ قال الأَصمعي : إنما هو الفَكُّ من قولك فَكه يَفُكُّه فَكّاً ، فأَظهر التضعيف ضرورة . وفي الحديث : أَنه ركب فرساً فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ فانْفَكَّتْ قَدَمُه ؛ الانْفِكاكُ : ضرب من الوَهْنِ والخَلْع ، وهو أَن يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عن بعض . والفَكَكُ ، وفي المحكم : والفَكُّ انفراجُ المَنْكِب عن مفصله استرخاء وضعفاً ؛
وأَنشد الليث : أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِّ
ويقال : في فلان فَكَّة أَي استرخاء في رأيه ؛ قال أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ : الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الـ إشْفاقِ والفَكَّةِ والهاعِ ورجل أَفَكُّ المَنْكِب وفيه فَكَّة أَي استرخاء وضعف في رأيه . والأَفَكُّ : الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفاً واسترخاء ، تقول منه : ما كنتَ أَفَكَّ ولقد فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً . والفَكَّة أيضاً : الحُمْق مع استرخاء . ورجل فاكٌّ : أَحمق بالغ الحُمْق ، ويُتْبَع فيقال : فاكٌّ تاكٌّ ، والجمع فِكَكَة وفِكاكٌ ؛ عن ابن الأعَرابي . وقد فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وقد حَمُقْتَ وفَكُكْتَ ، وبعضهم يقول فَكِكْتَ ، ويقال : ما كنت فاكّاً ولقد فَكِكْتَ ، بالكسر ، تَفَكُّ فَكَّةً . وفلان يتَفَكَّكُ إذا لم يكن به تماسك من حُمْقٍ . وقال النضر : الفاكُّ المُعْيي هُزالاً . ناقة فاكَّة وجمل فاكّ ، والفاكُّ : الهَرِمُ من الإبل والناس ، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً . وشيخ فاكّ إذا انفرج لَحْياه من الهَرَم . ويقال للشيخ الكبير : قد فَكَّ وفَرَّجَ ، يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ ، وذلك في الكبر إذا هَرِم . وفكَكْتُ الصبيَّ : جعلت الدواء في فيه . وحكى يعقوب : شيخ فاكٌّ وتاكّ ، جعله بدلاً ولم يجعله إتباعاً ؛ قال : وقال الحُصَيْني : أَحمق فاكُّ وهاكّ ، وهو الذ ي يتكلم بما يَدْري وخطؤه أكثر من صوابه ، وهو فَكَّاكٌ هَكَّاك . والفَكُّ : اللَّحْيُ . والفَكَّان : اللِّحْيانِ ، وقيل : مجتمع اللحيين عند الصُّدغ من أَعلى وأَسفل يكون من الإنسان والدابة . قال أَكْثَمُ بن صَيْفِيّ : مَقْتَلُ الرجل بين فَكَّيْهِ ، يعني لسانه . وفي التهذيب : الفَكَّان ملتقى الشِّدْقين من الجانبين . والفَكُّ : مجتمع الخَطْم . والأَفَكُّ : هو مَجْمع الخَطْم ، وهو مَجْمع الفَكَّيْنِ على تقدير أَفعل . وفي النوادر : أَفَكَّ الظبيُ من الحبالة إذا وقع فيها تم انفلت ، ومثله : أَفْسَحَ الظبيُ من الحبالة . والفَكَكُ : انكسار الفَكِّ أَو زواله . ورجل أَفَكُّ : مكسور الفَكِّ ، وانكسر أَحدُ فَكّيْهِ أي لَحْييه ؛
وأَنشد : كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ فَأرَةَ مِسْكٍ ، ذُبِحَتْ في سُكِّ والفَكَّةُ : نجوم مستديرة بحِيال بنات نَعْش خلف السماك الرَّامِح تسميها الصبيان قصعة المساكين ، وسميت قَصْعة المساكين لأَن في جانبها ثُلْمَةً ، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء . ويقال : ناقة مُتَفَكِّكةٌ إذا أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها ودنا نِتاجها ، شبهت بالشيء يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وينفرج ، وكذلك ناقة مُفِكَّة قد أَفَكَّتْ ، وناقة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِةٌ بمعناها ، قال : وذهب بعضهم بتَفَكُّكِ الناقة إلى شدة ضَبعَتها ؛ وروى الأَصمعي : أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنيا ، وقامَتْ تَتَفَكَّكْ انفِشاحَ النَّابِ للسَّقب ، متى ما يَدْنُ تحْشِك أَبو عبيد : المُتَفَكِّكةُ من الخيل الوَدِيقُ التي لا تمتنع عن الفحل . وما انْفَكَّ فلان قائماً أَي ما زال قائماً . وقوله عز وجل : لم يَكُنِ الذين كفروا من أَهل الكتاب والمشركين مُنْفَكِّينَ حتى تأتيهم البيِّنةُ ؛ قال الزجاج : المشركين في موضع نسق على أَهل الكتاب ، المعنى لم يكن الذين كفروا من أَهل الكتاب ومن المشركين ، وقوله مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا مُنْفَكِّينَ من كفرهم أَي منتهين عن كفرهم ، وهو قول مجاهد ، وقال الأَخفش : مُنْفَكِّينَ زائلين عن كفرهم ، وقال مجاهد : لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبيَّن لهم الحقُّ ، وقال أَبو عبد الله نفطويه : معنى قوله مُنْفَكِّين يقول لم يكونوا مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أُبِينَتْ لهم في التوارة من صفة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ونبوّته ؛ وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه الماضي ، وأَكد ذلك فقال تعالى : وما تَفَرَّق الذين أُوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ، ومعناه أَن فِرَقَ أَهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا مُقرِّين قبل مَبْعَث محمد ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه مَبعوث ، وكانوا مجتمعين على ذلك ، فلما بُعث تفرقوا فِرْقتين كل فرقة تنكره ، وقيل : معنى وما تفرّق الذين أُوتُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أَنه لم يكن بينهم اختلاف في أمده ، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحَرَّفُوا في أَمره ، فلما بُعثَ آمن به بعضهم وجَحَد الباقون وحَرَّفُوا وبَدَّلوا ما في كتابهم من صفته ونبوّته ؛ قال الفراء : قد يكون الانْفِكاكُ على جهة يَزالُ ، ويكون على الانْفِكاكُ الذي نعرفه ، فإذا كان على جهة يَزالُ فلا بدَّ لها من فِعْلٍ وأَن يكون معناها جَحْداً ، فتقول ما انْفَكَكْتُ أَذكركَ ، تريد ما زِلْتُ أَذكرك ، وإذا كانت على غير جهة يَزالُ قلت قد انْفَكَكْتُ منك وانْفَكَّ الشيءُّ من الشيء ، فتكون بلا جَحْدٍ وبلا فِعْل ؛ قال ذو الرمة : قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلا مُناخَةً على الخَسْفِ ، أَو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا فلم يدخل فيها إلاّ : إلاّ ، وهو ينوي به التمام ، وخلافَ يَزال لأَنك لا تقول ما زِلْت إلا قائماً . وأَنشد الجوهري هذا البيت حَرَاجِيج ما تَنْفكُّ ؛ وقال : يريد ما تَنْفكّ مناخه فزاد إلا ، قال ابن بري : الصواب أَن يكون خبر تَنْفَكُّ قوله على الخَسْف ، وتكون إلا مُناخةً نصباً على الحال ، تقديره ما تَنْفَكُّ على الخسف والإِهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح ؛ قال الأَزهري : وقول الله تعالى مُنْفَكِّين ليس من باب ما انْفَكَّ وما زَالَ ، إنما هو من انْفِكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه ، كما فسره ابن عرفة ، والله أَعلم . وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي ، قال : فُكَّ فلانٌأَي خُلّص وأُريح من الشيء ، ومنه قوله مُنْفَكِّين ، قال : معناه لم يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما جاءهم ما عَرَفوا كفروا به . "
" كاد يَفْعَل كذا كَيْداً : قارَب . قال ابن سيده :، قال سيبويه : لم يستعملوا الاسم والمصدر اللذين في موضعهما يفعل في كاد وعَسَى ، يعني أَنهم لا يقولون كادَ فاعِلاً أَو فعْلاً فترك هذا من كلامهم للاستغناء بالشيء عن الشيء ، وربما خرج في كلامهم ؛ قال تأَبَّط شرًّا . فأُبْتُ إِلى فَهْمٍ وما كِدْتُ آئباً ، وكم مِثلِها فارَقْتُها ، وهْيَ تَصْفر ؟
قال : هكذا صحة هذا البيت ، وكذلك هو في شعره ، فأَما رواية من لا يضبطه وما كنت آئباً ولم أَكُ آئباً فلبعده عن ضبطه ؛ قال :، قال ذلك ابن جني ، قال : ويؤكد ما رويناه نحن مع وجوده في الديوان أَن المعنى عليه أَلا ترى أَن معناه فأُبْتُ وما كِدْتُ أَؤُوبُ ؛ فأَما كنتُ فلا وجه لها في هذا الموضع ، ولا أَفعلُ ذلك ولا كيداً ولا هَمّاً . قال ابن سيده : وحكى سيبويه أَن ناساً من العرب يقولون كِيدَ زَيدٌ يفعل كذا ؛ وقال أَبو الخطاب : وما زِيل يفعل كذا ؛ يريدون كادَ وزال فنقلوا الكسر إِلى الكاف في فَعِلَ كما نقلوا في فعِلْت ؛ وقد روي بيتُ أَبي خِراش : وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي ، وكِيدَ خِراشٌ يومَ ذلك يَيْتَ ؟
قال سيبويه : وقد ، قالوا كُدْتُ تَكادُ فاعتلت من فَعُلَ يفْعَل ، كما اعتلت تموت عن فَعِلَ يَفْعُلُ ، ولم يجئ تموت على ما كَثُرَ في فَعِلَ . قال : وقوله عز وجل : أَكاد أَخفيها ؛ قال الأَحفَش : معناه أُخفيها . الليث : الكَيْدُ من المَكِيدَة ، وقد كاده مَكِيدةً . والكَيْدُ : الخُبِثُ والمَكْرُ ؛ كاده يَكمِيدَُهُ كَيْداً ومَكِيدَةً ، وكذلك المكايَدةُ . وكلُّ شيء تعالجُه ، فأَنت تَكِيدُه . وفي حديث عمرو بن العاص : ما قولك في عُقُولٍ كادها خالقها ؟ وفي رواية : تلك عقولٌ كادها بارِئُها أَي أَرادها بسوء . يقال : كِدْتُ الرجلَ أَكِيدُه . والكَيْدُ : الاحتيالُ والاجتهاد ، وبه سميت الحرب كيداً . وهو يَكِيدُ بنفسه كيداً : يجود بها ويسوق سِياقاً . وفي الحديث : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، دخل على سعد بن معاذ وهو يَكِيدُِ بنفسه فقال : حزاك الله من سيِّدِ قومٍ فقد صَدقْتَ اللهَ ما وعَدْتَه وهو صادقُك ما وعَدَك ؛ يكيدُ بنفسه : يريد النَّزْعَ . والكَيْدُ : السَّوْقُ . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : تخرج المرأَة إِلى أَبيها يَكِيدُ بنفسه أَي عندَ نزع روحِه وموتِه . الفراء : العرب تقول : ما كِدْت أَبْلُغُ إِليك وأَنت قد بلَغت ؛ قال : وهذا هو وجه العربية ؛ ومن العرب من يدخل كاد ويكاد في اليقين وهو بمنزلة الظن أَصله الشك ثم يُجْعلُ يقيناً . وقال الأَخفش في قوله تعالى : لم يكد يراها ؛ حمل على المعنى وذلك أَنه لا يراها ، وذلك أَنك إِذا قلت كادَ يفعل إِنما تعني قارَب الفعل ، ولم يَفعل على صحة الكلام ، وهكذا معنى هذه الآية إِلا أَنَّ اللغة قد أَجازت لم يَكَد يَفْعل وقد فعَل بعد شدّة ، وليس هذا صحة الكلام لأَنه إِذا ، قال كادَ يفعل فإِنما يعني قارَبَ الفِعْل ، وإِذا ، قال لم يكَدُ يَفْعَل يقول لم يقارِبِ الفعل إِلا أَن اللغة جاءَت على ما فُسِّرَ ، قال : وليس هو على صحة الكلمة . وقال الفراء : كلما أَخرج يده لم يكد يراها من شدّة الظلمة لأَنَّ أَقلَّ من هذه الظلمة لا تُرى اليد فيه ، وأَما لم يكد يقوم فقد قام ، هذا أَكثر اللغة . ابن الأَنباري :، قال اللغويون كِدْتُ أَفْعَلُ معناه عند العرب قاربْتُ الفعل ، ولم أَفعل وما كِدْتُ أَفعَلُ معناه فَعَلْتُ بعد إِبْطاء . قال : وشاهده قوله تعالى : فذبحوها وما كادوا يفعلون ؛ معناه فعلوا بعد إِبطاء لتعذر وِجْدانِ البقرة عليهم . وقد يكون : ما كِدْتُ أَفْعَلُ بمعنى ما فَعَلْتُ ولا قارَبْتُ إِذا أُكِّدَ الكلامُ بأَكادُ . قال أَبو بكر في قولهم : قد كاد فلان يَهْلِكُ ؛ معناه قد قاربَ الهلاكَ ولم يَهْلِكْ ، فإِذا قلت ما كاد فلانٌ يقوم ، فمعناه قام بعد إِبطاء ؛ وكذلك كاد يقوم معناه قارب القيامَ ولم يقم ؛
قال : وهذا وجه الكلام ، ثم ، قال : وتكون كاد صلة للكلام ، أَجاز ذلك الأَخفش وقطرب وأَبو حاتم ؛ واحتج قطرب بقول الشاعر : سَريعٌ إِلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحهُ ، فما إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ معناه ما يَتَنَفَّس قِرْنُه ؛ وقال حسان : وتَكادُ تَكْسَلُ أَن تجيءَ فِراشَها معناه وتَكْسَل . وقوله تعالى : لم يكد يراها ؛ معناه لم يرها ولم يُقارِبْ ذلك ؛ وقال بعضهم : رآها من بعد أَن لم يكد يراها من شدة الظلمة ؛ وقول أَبي ضبة الهذلي : لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنانَ فَكَبَّه مِنَّي تَكايُدُ طَعْنَة وتَأَيُّد ؟
قال السكري : تَكايُدٌ تَشَدُّدٌ . وكادت المرأَة : حاضت ؛ ومنه حديث ابن عباس : أَنه نظر إِلى جَوارٍ قد كِدْنَ في الطريق فأَمر أَن يَتَنَحَّيْنَ ؛ معناه حِضْنَ في الطريق . يقال : كادت تَكِيدُ كَيْداً إِذا حاضت . وكادَ الرجلُ : قاءَ . والكَيْدُ : القَيْءُ ؛ ومنه حديث قتادة : إِذا بَلِغَ الصائمُ الكَيْدَ أَفطر ؛ قال ابن سيده : حكاه الهروي في الغريبين . ابن الأَعرابي : الكَيْدُ صِياحُ الغُراب بجَهْد ويسمى إِجهادُ الغُرابِ في صياحه كيداً ، وكذلك القيء . والكَيْدُ : إِخراج الزَّنْد النارَ . والكَيْدُ : التدبير بباطل أَو حَقّ . والكَيْدُ : الحيض . والكَيْدُ : الحرب . ويقال : غزا فلان فلم يلق كَيْداً . وفي حديث ابن عمر : أَن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، غزا غزوة كذا فرجع ولم يلق كَيْداً أَي حرباً . وفي حديث صُلْح نَجْران : أَن عليهم عاريةَ السلاح إِن كان باليمن كَيْدٌ ذات غَدْرٍ أَي حرب ولذلك أَنَّثها . ابن بُزُرج : يقال مِن كادهما يَتَكايَدان وأَصحاب النحو يقولون يتكاودان وهو خطأٌ لأَنهم يقولون إِذا حُمِلَ أَحدهم على ما يَكْره : لا والله ولا كَيْداً ولا هَمًّا ؛ يريد لا أُكادُ ولا أُهَمُّ . وحكى ابن مجاهد عن أَهل اللغة : كاد يكاد كان في الأَصل كَيِدَ يَكْيَدُ . وقوله عز وجل : إِنهم يَكِيدُون كَيْداً وأَكِيدُ كَيْداً ؛ قال الزجاج : يعني به الكفار ، إِنهم يُخاتلون النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ويُظْهِرون ما هم على خلافه ؛ وأَكِيد كيداً ؛ قال : كَيْد الله تعالى لهم استدراجهم من حيث لا يعلمون . ويقال : فلان يكيد أَمراً ما أَدْرِي ما هو إِذا كان يُرِيغُه ويَحْتالُ له ويسعى له ويَخْتِلُه . وقال : بَلَغُوا الأَمر الذي كادوا ، يريد : طلبوا أَو أَرادوا ؛
وأَنشد أَبو بكر في كاد بمعنى أَراد للأَفوه : فإِنْ تَجَمَّعَ أَوتادٌ وأَعْمِدَةٌ وساكِنٌ ، بَلَغُوا الأَمرَ الذي كادوا أَراد الذي أَرادوا ؛
وأَنشد : كادَتْ وكِدْتُ ، وتلك خَيرُ إِرادةٍ ، لو كانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابةِ ما مَضَ ؟
قال : معناه أَرادتْ وأَرَدْتُ . قال : ويحتمله قوله تعالى : لم يكَدْ يراها ، لأَن الذي عايَنَ من الظلمات آيَسَه من التأَمل ليده والإِبصار إِليها . قال : ويراها بمعنى أَن يراها فلما أَسقط أَن رفع كقوله تعالى : تأْمرونِّي أَعبُدُ ؛ معناه أَن أَعبد . "