ـ فَلَنْدَحُ : الغَليظُ ، ووالِدُ حَضْرَمِيٍّ المُشَجِّعِيِّ الشاعِرِ .
المعجم: القاموس المحيط
فَلَنْقَسُ
ـ فَلَنْقَسُ : من أبوه مَوْلًى وأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ ، أو أبَواهُ عَرَبيَّان وجَدَّتاهُ أمَتانِ ، أو أمُّهُ عَرَبيَّةٌ لا أبوهُ ، أو كِلاهُما مَوْلًى ، والبخيلُ الرَّديءُ ، كالفَلْقَسِ .
المعجم: القاموس المحيط
فلنجة
مسيح : حارة في أول الدرجة الثانية قواها مختلف في التحليل والقبض .
المعجم: الأعشاب
فلقس
" الفَلْقَسُ والفَلَنْقَس : البخيل اللئيم . والفَلَنْقَس : الهَجِين من قِبَل أَبَوَيْه الذي أَبُوه مَوْلًى وأُمّه مَوْلاة ، والهَجِين : الذي أَبوه عتِيق وأُمَّه مَوْلاة ، والمُقْرِف : الذي أَبوه مَوْلًى وأُمّه ليست كذلك . ابن السِّكِّيت : العَبَنْقَس الذي جَدَّتاه من قِبَل أَبيه وأُمّه عجميَّتان وامرأَته عجمية ، والفَلَنْقَس الذي هو عربيّ لعربيّين ، وجدَّتاه من قِبَلِ أَبَوَيْه أَمَتان أَو أُمّه عربيّة . قال ثعلب : الحُرُّ ابنُ عَربيَّين والفَلَنْقَس ابن عربيّين لأَمتَيْن ، وقال شمر : الفَلَنْقَس الذي أَبوه مولًى وأُمّه عربية ؛ قال الشاعر : العَبْدُ والهَجِينُ والفَلَنْقَسُ ثلاثةٌ ، فأَيّهُمْ تَلَمَّسُ ؟ وأَنكر أَبو الهيثم ما ، قاله شمر وقال : الفَلَنْقَس الذي أَبواه عربيّان ، وجدّتاه من قِبَل أَبيه وأُمّه أَمَتان ؛ قال الأَزهري : وهذا قول أَبي زيد ، قال : هو ابن عَرَبيّين لأَمَتين ؛ وقال الليث : هو الذي أُمّه عربيَّة وأَبوه ليس بعربيّ . "
المعجم: لسان العرب
ذوق
" الذّوْقُ : مصدر ذاقَ الشيءَ يذُوقه ذَوقاً وذَواقاً ومَذاقاً ، فالذَّواق والمَذاق يكونان مصدرين ويكونان طَعْماً ، كما تقول ذَواقُه ومذاقُه طيّب ؛ والمَذاق : طَعْمُ الشيء . والذَّواقُ : هو المأْكول والمشروب . وفي الحديث : لم يكن يَذُمُّ ذَواقاً ، فَعال بمعنى مفعول من الذَّوْقِ ، ويقع على المصدر والاسم ؛ وما ذُقْتُ ذَواقاً أَي شيئاً ، وتقول : ذُقْتُ فلاناً وذُقْتُ ما عنده أَي خَبَرْته ، وكذلك ما نزل بالإِنسان من مَكروه فقد ذاقَه . وجاء في الحديث : إِنَّ الله لا يحبّ الذّوّاقِين والذّوَّاقات ؛ يعني السريعِي النكاحِ السريعِي الطلاقِ ؛ قال : وتفسيره أَن لا يَطْمئنّ ولا تطمئنّ كلما تزوّج أَو تزوّجت كَرِها ومدَّا أَعينهما إِلى غيرهما . والذَّوَّاق : المَلُول . ويقال : ذُقت فلاناً أَي خبَرْته وبُرْتُه . واسْتَذَقْت فلاناً إِذا خبرته فلم تَحْمَد مَخْبَرَته ؛ ومنه قول نَهْشل بن حرِّيٍّ : وعَهْدُ الغانِياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ ، وَنَتْ عنه الجَعائلُ ، مسْتَذاقِ كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ مَنْ رآه ، ولا يَشْفِي الحَوائم من لَماقِ يريد أَنّ القَيْنَ إِذا تأَخَّر عنه أَجرُه فسدَ حاله مع إِخوانه ، فلا يَصِل إلى الاجتماع بهم على الشَّراب ونحوه . وتَذَوَّقْته أَي ذُقْته شيئاً بعد شيء . وأَمر مُستَذاقٌ أَي مُجَرَّبٌ معلوم . والذَّوْقُ : يكون فيما يُكره ويُحمد . قال الله تعالى : فأَذاقَها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوْفِ ؛ أَي ابْتَلاها بسُوء ما خُبِرت من عِقاب الجوع والخَوْف . وفي الحديث : كانوا إِذا خرجوا من عنده لا يَتفرَّقون إِلا عن ذَواق ؛ ضَرب الذواق مثلاً لما يَنالون عنده من الخير أَي لا يَتفرقون إِلا عن علم وأَدب يَتعلَّمونه ، يَقوم لأَنفسهم وأَرواحهم مَقام الطعام والشراب لأَجسامهم . ويقال : ذُقْ هذه القوس أَي انْزَعْ فيها لتَخْبُر لِينها من شدّتها ؛ قال الشماخ : فذاق فأَعْطَتْه من اللِّينِ جانِباً ، كَفَى ولَها أَن يُغْرِقَ النَّبْل حاجِزُ (* قوله « كفى ولها إلخ » كذا بالأصل والذي في الأساس : لها ولها أن يغرق السهم حاجز ). أَي لها حاجز يَمنع من إِغراقٍ أَي فيها لين وشدّة ؛ ومثله : في كَفِّه مُعْطِيةٌ مَنُوع ومثله : شَِرْيانة تَمْنَعُ بعدَ اللِّينِ وذُقْتُ القوسَ إِذا جذَبْت وترَها لتنظر ما شدّتها . ابن الأَعرابي في قوله : فذوقُوا العذاب ، قال : الذَّوْق يكون بالفم وبغير الفم . وقال أَبو حمزة : يقال أَذاق فلان بعدك سَرْواً أَي صار سَرِيّاً ، وأَذاقَ بعدَك كَرَماً ، وأَذاق الفرَسُ بعدك عَدْواً أَي صار عَدّاء بعدك ؛ وقوله تعالى : فذاقَت وبالَ أَمرِها ، أَي خبَرت ؛ وأَذاقَه اللهُ وبال أَمره ؛ قال طفيل : فذوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجِّرٍ من الغَيْظِ ، في أكْبادِنا ، والتَّحَوُّبِ (* قوله « محجر »، قال الأصمعي بكسر الجيم وغيره يفتح ). وذاقَ الرجل عُسَيْلَةَ المرأَة إِذا أَوْلَج فيها إِذاقةً حتى خَبر طِيب جِماعها ، وذاقَت هي عُسَيْلَته كذلك لمّا خالَطها . ورجل ذَوّاق مِطْلاق إِذا كان كثير النكاح كثير الطلاق . ويومٌ ما ذُقْته طعاماً أَي ما ذقت فيه ، وذاقَ العذاب والمكروه ونحو ذلك ، وهو مثَل : وفي التنزيل : ذُقْ إِنَّك أَنت العزيز الكريم . وفي حديث أُحُد : أَن أَبا سفيان لما رأَى حمزة ، رضي الله عنه ، مقْتولاً ، قال له : ذُقْ عُقَقُ أَي ذق طعْمَ مُخالَفَتِك لنا وتَرْكِكَ دِينَك الذي كنت عليه يا عاقَّ قومه ؛ جعل إِسلامَه عُقوقاً ، وهذا من المجاز أَن يستعمل الذَّوْق وهو ما يتعلّق بالأَجسام في المعاني كقوله تعالى : ذق إِنك أَنت العزيز الكريم ، وقوله : فذاقُوا وبالَ أَمرِهم . وأَذَقْته إِياه ، وتَذواقَ القومُ الشيء كذاقُوه ؛ قال ابن مُقْبِل : يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَوْصالاً مُنعَّمةً ، هَزَّ الشَّمالِ ضُحىً عَيْدانَ يَبْرِينا أَو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَذاوَقَه أَيدي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا (* قوله « التجار » في الأساس : الكماة ). والمعروفُ تداوله . ويقال : ما ذُقت ذَواقاً أَي شيئاً ، وهو ما يُذاق من الطعام . "
المعجم: لسان العرب
أتي
" الإِِتْيان : المَجيء . أَتَيْته أَتْياً وأُتِيّاً وإِتِيّاً وإِتْياناً وإِتْيانةً ومَأْتاةً : جِئْته ؛ قال الشاعر : فاحْتَلْ لنفسِك قبل أَتْيِ العَسْكَرِ وفي الحديث : خَيْرُ النِّساء المُواتِيةُ لِزَوْجها ؛ المُواتاةُ : حُسْنُ المُطاوعةِ والمُوافقةِ ، وأَصلُها الهمزُ فخفِّف وكثُر حتى صار يقال بالواو الخالِصة ؛ قال : وليس بالوجه . وقال الليث : يقال أَتاني فلان أَتْياً وأَتْيةً واحدة وإِتْياناً ، قال : ولا تَقُلْ إِتْيانة واحدة إِلاَّ في اضطرار شعر قبيح ، لأَن المَصادر كلَّها إِذا جعلت واحدة رُدَّتْ إِلى بناء فَعْلة ، وذلك إِذا كان الفِعْل منها على فَعَل أَو فَعِل ، فإِذا أُدْخِلَتْ في الفِعْل زياداتٌ فوق ذلك أُدْخِلَت فيها زيادتها في الواحِدة كقولك إِقْبالةً واحدةً ، ومثل تَفَعَّلَ تَفْعِلةً واحدةً وأَشباه ذلك ، وذلك في الشيء الذي يحسُن أَن تقول فَعْلة واحدة وإِلاَّ فلا ؛
وقال : إِني ، وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ لِيَقْرِيَني ، كغابِطِ الكَلْبِ يَبْغي الطِّرقَ في الذنَبِ وقال ابن خالَوَيه : يقال ما أَتَيْتَنا حتى اسْتأْتَيْناك . وفي التنزيل العزيز : ولا يُفْلِحُ الساحِرُ حيث أَتى ؛ قالوا : معناه حيث كان ، وقيل : معناه حيث كان الساحِرُ يجِب أَن يُقْتل ، وكذلك مذهب أَهل الفِقْه في السَّحَرة ؛ وقوله : تِ لي آلَ زيد فابدُهم لي جماعةً ، وسَلْ آلَ زيدٍ أَيُّ شيء يَضِيرُه ؟
قال ابن جني : حكي أَن بعض العرب يقول في الأَمر من أَتى : تِ زيداً ، فيحذف الهمزة تخفيفاً كما حذفت من خُذْ وكلْ ومُرْ . وقُرئ : يومَ تَأْتِ ، بحذف الياء كما ، قالوا لا أَدْرِ ، وهي لغة هُذيل ؛ وأَما قول قَيْس بن زُهَير العَبْسيّ : أَلمْ يَأْتِيكَ ، والأَنْباءُ تَنْمِي ، بما لاقَتْ لَبُون بني زِياد ؟ فإِنما أَثبت الياء ولم يحذفها للجزم ضرورة ، وردَّه إِلى أَصله . قال المازني : ويجوز في الشعر أَن تقول زيد يرْمِيُك ، برفع الياء ، ويَغْزُوُك ، برفع الواو ، وهذا قاضيٌ ، بالتنوين ، فتُجْري الحرْفَ المُعْتَلَّ مُجرى الحرف الصحيح من جميع الوُجوه في الأَسماء والأَفعال جميعاً لأَنه الأَصل . والمِيتاءُ والمِيداءُ ، مَمْدودانِ : آخِرُ الغاية حيث ينتهي إِليه جَرْيُ الخيل . والمِيتاءُ : الطريق العامِرُ ، ومجتَمَع الطريق أَيضاً مِيتاء وميداءُ ؛
وأَنشد ابن بري لحُميد الأَرْقَط : إِذا انْضَزَّ مِيتاءُ الطريق عليهما ، مَضَتْ قُدُماً برح الحزام زَهُوقُ (* قوله « إذا انضز إلخ » هكذا في الأصل هنا ، وتقدم في مادتي ميت وميد ببعض تغيير ) . وفي حديث اللُّقطة : ما وجَدْتَ في طريقٍ ميتاءٍ فعَرِّفْه سنةً ، أَي طريقٍ مَسْلوكٍ ، وهو مفْعال من الإِتْيان ، والميم زائدة . ويقال : بَنَى القومُ بُيوتَهم على ميتاءٍ واحد ومِيداءٍ واحدٍ . وداري بمِيتاء دارِ فلانٍ ومِيداءْ دارِ فُلان أَي تِلْقاءَ دارِه . وطريق مِئْتاءٌ : عامِرٌ ؛ هكذا رواه ثعلب بهمز الياء من مِئْتاءٍ ، قال : وهو مِفْعال من أَتيت أَي يأْتيه الناسُ . وفي الحديث : لولا أَنه وَعدٌ حقٌّ وقولٌ صِدْقٌ وطريقٌ مِيتاءٌ لَحَزِنّا عليك أَكثر ما حَزِنّا ؛ أَراد أَنه طريقٌ مسلوك يَسْلُكه كلُّ أَحدٍ ، وهو مِفْعال من الإِتْيان ، فإِن قلت طريق مَأْتِيٌّ فهو مفْعول من أَتَيْته . قال الله عزَّ وجل : إِنه كان وَعْدُه مَأْتِيّاً ؛ كأَنه ، قال آتِياً ، كما ، قال : حجاباً مستوراً أَي ساتراً لأَن ما أَتيته فقد أَتاك ؛ قال الجوهري : وقد يكون مفعولاً لأَنَّ ما أَتاك من أَمر الله فقد أَتَيْته أَنتَ ، قال : وإِنما شُدِّد لأَن واو مَفعولٍ انقلَبت ياء لكسرة ما قبلها فأُدغمت في الياء التي هي لامُ الفعل . قال ابن سيده : وهكذا روي طريقٌ مِيتاءٌ ، بغير همز ، إِلا أَن المراد الهمز ، ورواه أَبو عبيد في المصنف بغير همز ، فِيعالاً لأَن فِيعالاً من أَبْنِية المَصادر ، ومِيتاء ليس مصدراً إِنما هو صفةٌ فالصحيح فيه إِذن ما رواه ثعلب وفسره . قال ابن سيده : وقد كان لنا أَن نقول إِن أَبا عبيد أَراد الهمز فتركه إِلا أَنه عَقَد الباب بفِعْلاء ففضح ذاته وأَبان هَناتَه . وفي التنزيل العزيز : أَينما تكونوا يأْتِ بكم الله جميعاً ؛ قال أَبو إِسحق : معناه يُرْجِعُكم إِلى نَفْسه ، وأَتَى الأَمرَ من مأْتاهُ ومَأْتاتِه أَي من جهتِه وَوَجْهه الذي يُؤْتَى منه ، كما تقول : ما أَحسَنَ مَعْناةَ هذا الكلام ، تُريد معناه ؛ قال الراجز : وحاجةٍ كنتُ على صُِماتِها أَتَيْتُها وحْدِيَ من مَأْتاتها وآتَى إِليه الشيءَ : ساقَه . والأَتيُّ : النهر يَسوقه الرجل إِلى أَرْضه ، وقيل : هو المَفْتَح ، وكلُّ مَسيل سَهَّلْته لماءٍ أَتِيٌّ ، وهو الأُتِيُّ ؛ حكاه سيبويه ، وقيل : الأُتيُّ جمعٌ . وأَتَّى لأَرْضِه أَتِيّاً : ساقَه ؛
أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي محمد الفَقْعسيّ : تَقْذِفهُ في مثل غِيطان التِّيهْ ، في كلِّ تِيهٍ جَدْول تُؤَتِّيهْ شبَّه أَجْوافها في سَعَتها بالتِّيهِ ، وهو الواسِعُ من الأَرض . الأَصمعي : كلُّ جدول ماءٍ أَتِيّ ؛ وقال الراجز : ليُمْخَضَنْ جَوْفُكِ بالدُّليِّ ، حتى تَعُودي أَقْطَعَ الأَتيّ ؟
قال : وكان ينبغي (* قوله « وكان ينبغي إلخ » هذه عبارة التهذيب وليست فيه لفظة قطعاً ) . أَن يقول قَطْعاً قَطعاء الأَتيِّ لأَنه يُخاطب الرَّكِيَّة أَو البئر ، ولكنه أَراد حتى تَعُودي ماءً أَقْطَع الأَتيّ ، وكان يَسْتَقِي ويَرْتجِز بهذا الرجز على رأْس البئر . وأَتَّى للماء : وَجَّه له مَجْرىً . ويقال : أَتِّ لهذا الماء فتُهَيِّئَ له طريقه . وفي حديث ظَبْيان في صِفة دِيار ثَمُود ، قال : وأَتَّوْا جَداوِلَها أَي سَهَّلوا طُرُق المِياه إِليها . يقال : أَتَّيْت الماء إِذا أَصْلَحْت مَجْراه حتى يَجْرِي إِلى مَقارِّه . وفي حديث بعضهم : أَنه رأَى رجلاً يُؤتِّي الماءَ في الأَرض أَي يُطَرِّق ، كأَنه جعله يأْتي إِليها أَي يَجيءُ . والأَتيُّ والإِتاءُ : ما يَقَعُ في النهر (* قوله « والأتي والإتاء ما يقع في النهر » هكذا ضبط في الأصل ، وعبارة القاموس وشرحه : والأتي كرضا ، وضبطه بعض كعدي ، والأتاء كسماء ، وضبطه بعض ككساء : ما يقع في النهر من خشب أو ورق ) . من خشب أَو ورَقٍ ، والجمعُ آتاءٌ وأُتيٌّ ، وكل ذلك من الإِتْيان . وسَيْل أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ : لا يُدْرى من أَيْن أَتى ؛ وقال اللحياني : أَي أَتى ولُبِّس مَطَرُه علينا ؛ قال العجاج : كأَنه ، والهَوْل عَسْكَرِيّ ، سَيْلٌ أَتيٌّ مَدَّه أَتيّ ومنه قولُ المرأَة التي هَجَت الأَنْصارَ ، وحَبَّذا هذا الهِجاءُ : أَطَعْتُمْ أَتاوِيَّ من غيركم ، فلا من مُرادٍ ولا مُذْحِجِ أَرادت بالأَتاوِيِّ النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، فقَتَلَها بعضُ الصحابة فأُهْدِرَ دَمُها ، وقيل : بل السَّيل مُشَبَّه بالرجل لأَنه غريبٌ مثله ؛
قال : لا يُعْدَلُنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّت ؟
قال الفارسي : ويروى لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون ، فحذف المفعول ، وأَراد : لا يَعْدِلَنَّ أَتاويُّون شأْنُهم كذا أَنْفُسَهم . ورُوي أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سأَل عاصم بن عَدِيّ الأَنْصاري عن ثابت بن الدحْداح وتُوُفِّيَ ، فقال : هل تعلمون له نَسَباً فيكم ؟ فقال : لا ، إِنما هو أَتيٌّ فينا ، قال : فقَضَى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بميراثه لابن أُختِه ؛ قال الأَصمعي : إِنما هو أَتيٌّ فينا ؛ الأَتيُّ الرجل يكون في القوم ليس منهم ، ولهذا قيل للسيل الذي يأْتي من بلَد قد مُطر فيه إِلى بلد لم يُمْطر فيه أَتيٌّ . ويقال : أَتَّيْت للسيل فأَنا أُؤَتِّيه إِذا سهَّلْت سبيله من موضع إِلى موضع ليخرُج إِليه ، وأَصل هذا من الغُرْبة ، أَي هو غَريبٌ ؛
يقال : رجل أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ أَي غريبٌ . يقال : جاءنا أَتاوِيٌّ إِذا كان غريباً في غير بلاده . ومنه حديث عثمان حين أَرسل سَلِيطَ بن سَلِيطٍ وعبدَ الرحمن ابن عتَّاب إِلى عبد الله بن سَلام فقال : ائْتِياه فتَنَكَّرا له وقولا إِنَّا رجُلان أَتاوِيَّان وقد صَنَع الله ما ترى فما تأْمُر ؟ فقالا له ذلك ، فقال : لَسْتُما بأَتاوِيَّيْن ولكنكما فلان وفلان أَرسلكما أَميرُ المؤمنين ؛ قال الكسائي : الأَتاويُّ ، بالفتح ، الغريب الذي هو في غير وطنه أَي غريباً ، ونِسْوة أَتاوِيَّات (* قوله « أي غريباً ونسوة أتاويات » هكذا في الأصل ، ولعله ورجال أتاويون أَي غرباء ونسوة إلخ . وعبارة الصحاح : والأتاوي الغريب ، ونسوة إلخ )؛
وأَنشد هو وأَبو الجرَّاح لحميد الأَرْقَط : يُصْبِحْنَ بالقَفْرِ أَتاوِيَّاتِ مُعْتَرِضات غير عُرْضِيَّاتِ أَي غريبة من صَواحبها لتقدّمهنّ وسَبْقِهِنَّ ، ومُعْتَرِضات أَي نشِيطة لم يُكْسِلْهُنَّ السفر ، غير عُرْضِيَّات أَي من غير صُعُوبة بل ذلك النَّشاط من شِيَمِهِنَّ . قال أَبو عبيد : الحديث يروى بالضم ، قال : وكلام العرب بالفتح . ويقال : جاءنا سَيْلٌ أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ إِذا جاءك ولم يُصِبْكَ مَطَره . وقوله عز وجل : أَتَى أَمْرُ اللهِ فلا تسْتَعْجِلوه ؛ أَي قرُب ودَنا إِتْيانُه . ومن أَمثالهم : مَأْتيٌّ أَنت أَيها السَّوادُ أَو السُّوَيْدُ ، أَي لا بُدَّ لك من هذا الأَمر . ويقال للرجل إِذا دَنا منه عدوُّه : أُتِيتَ أَيُّها الرجلُ . وأَتِيَّةُ الجُرْحِ وآتِيَتُه : مادَّتُه وما يأْتي منه ؛ عن أَبي عليّ ، لأَنها تأْتِيه من مَصَبِّها . وأَتَى عليه الدَّهْرُ : أَهلَكَه ، على المثل . ابن شميل : أَتَى على فلان أَتْوٌ أَي موت أَو بَلاء أَصابه ؛ يقال : إِن أَتى عليَّ أَتْوٌ فغلامي حُرٌّ أَي إِن مُتُّ . والأَتْوُ : المَرَض الشديد أَو كسرُ يَدٍ أَو رِجْلٍ أَو موتٌ . ويقال : أُتيَ على يَدِ فلان إِذا هَلَكَ له مالٌ ؛ وقال الحُطَيئة : أَخُو المَرْء يُؤتَى دونه ثم يُتَّقَى بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصى كالجَمامِحِ قوله أَخو المرء أَي أَخُو المقتول الذي يَرْضى من دِيَةِ أَخيه بِتُيوس ، يعني لا خير فيما يُؤتى دونه أَي يقتل ثم يُتَّقَى بتُيوس زُبِّ اللّحَى أَي طويلة اللحى . ويقال : يؤتى دونه أَي يُذهب به ويُغلَب عليه ؛ وقال : أَتَى دون حُلْوِ العَيْش حتى أَمرَّه نُكُوبٌ ، على آثارِهن نُكُوبُ أَي ذهَب بحُلْو العَيْشِ . ويقال : أُتِيَ فلان إِذا أَطلَّ عليه العدوُّ . وقد أُتِيتَ يا فلان إِذا أُنْذِر عدوّاً أَشرفَ عليه . قال الله عز وجل : فأَتَى الله بُنْيانَهم من القواعِد ؛ أَي هَدَم بُنْيانَهم وقلَع بُنْيانهم من قَواعِدِه وأَساسه فهدَمه عليهم حتى أَهلكهم . وفي حديث أَبي هريرة في ا لعَدَوِيِّ : إِني قلت أُتِيتَ أَي دُهِيتَ وتغَيَّر عليك حِسُّك فتَوَهَّمْت ما ليس بصحيح صحيحاً . وأَتَى الأَمْرَ والذَّنْبَ : فعَلَه . واسْتأْتَتِ الناقة اسْتِئتاءً ، مهموز ، أَي ضَبِعَتْ وأَرادت الفَحْل . ويقال : فرس أَتيٌّ ومُسْتَأْتٍ ومؤَتّى ومُسْتأْتي ، بغير هاء ، إِذا أَوْدَقَت . والإِيتاءُ : الإِعْطاء . آتى يُؤَاتي إِيتاءً وآتاهُ إِيتاءً أَي أَعطاه . ويقال : لفلان أَتْوٌ أَي عَطاء . وآتاه الشيءَ أَي أَعطاه إِيَّاه . وفي التنزيل العزيز : وأُوتِيَتْ من كلِّ شيء ؛ أَراد وأُوتِيَتْ من كل شيء شيئاً ، قال : وليس قولُ مَنْ ، قال إِنَّ معناه أُوتِيَتْ كل شيء يَحْسُن ، لأَن بِلْقِيس لم تُؤتَ كل شيء ، أَلا ترَى إِلى قول سليمان ، عليه السلام : ارْجِعْ إِليهم فلنَأْتِيَنَّهم بجنودٍ لا قِبَل لهم بها ؟ فلو كانت بِلْقِيسُ أُوتِيَتْ كلَّ شيء لأُوتِيَتْ جنوداً تُقاتلُ بها جنود سليمان ، عليه السلام ، أَو الإِسلامَ لأَنها إِنما أَسْلمت بعد ذلك مع سليمان ، عليه السلام . وآتاه : جازاه . ورجل مِيتاءٌ : مُجازٍ مِعْطاء . وقد قرئ : وإِن كان مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ أَتَيْنا بها وآتينا بها ؛ فأَتَيْنا جِئنا ، وآتَيْنا أَعْطَينا ، وقيل : جازَيْنا ، فإِن كان آتَيْنا أَعْطَيْنا فهو أَفْعَلْنا ، وإِن كان جازَيْنا فهو فاعَلْنا . الجوهري : آتاهُ أَتَى به ؛ ومنه قوله تعالى : آتِنا غَداءَنا أَي ائْتِنا به . وتقول : هاتِ ، معناه آتِ على فاعِل ، فدخلت الهاء على الأَلف . وما أَحسنَ أَتْيَ يَدَي الناقة أَي رَجْع يدَيْها في سَيْرِها . وما أَحسن أَتْوَ يَدَيِ الناقة أَيضاً ، وقد أَتَتْ أَتْواً . وآتاهُ على الأَمْرِ : طاوَعَه . والمُؤَاتاةُ : حُسْنِ المُطاوَعةِ . وآتَيْتُه على ذلك الأَمْر مُؤاتاةً إِذا وافَقْته وطاوَعْته . والعامَّة تقول : واتَيْتُه ، قال : ولا تقل وَاتَيْته إِلا في لغة لأَهل اليَمن ، ومثله آسَيْت وآكَلْت وآمَرْت ، وإِنما جعلوها واواً على تخفيف الهمزة في يُواكِل ويُوامِر ونحو ذلك . وتأَتَّى له الشيءُ : تَهَيَّأَ . وقال الأَصمعي : تَأَتَّى فلان لحاجته إِذا تَرَفَّق لها وأَتاها من وَجْهها ، وتَأَتَّى للقِيام . والتَّأَتِّي : التَّهَيُّؤُ للقيام ؛ قال الأَعْشى : إِذا هِي تَأَتَّى قريب القِيام ، تَهادَى كما قد رأَيْتَ البَهِيرا (* قوله « إذا هي تأتي إلخ » تقدم في مادة بهر بلفظ : إذا ما تأتى تريد القيام ) . ويقال : جاء فلان يَتأَتَّى أَي يتعرَّض لمَعْروفِك . وأَتَّيْتُ الماءَ تَأْتِيَةً وتَأَتِّياً أَي سَهَّلت سَبيله ليخرُج إِلى موضع . وأَتَّاه الله : هَيَّأَه . ويقال : تَأَتَّى لفُلان أَمرُه ، وقد أَتَّاه الله تَأْتِيَةً . ورجل أَتِيٌّ : نافِذٌ يتأَتَّى للأُمور . ويقال : أَتَوْتُه أَتْواً ، لغة في أَتَيْتُه ؛ قال خالد بن زهير : يا قَوْمِ ، ما لي وأَبا ذُؤيْبِ ، كُنْتُ إِذا أَتَوْتُه من غَيْبِ يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي ، كأَنني أَرَبْته بِرَيْبِ وأَتَوْتُه أَتْوَةً واحدة . والأَتْوُ : الاسْتِقامة في السير والسرْعةُ . وما زال كلامُه على أَتْوٍ واحدٍ أَي طريقةٍ واحدة ؛ حكى ابن الأَعرابي : خطَب الأَميرُ فما زال على أَتْوٍ واحدٍ . وفي حديث الزُّبير : كُنَّا نَرْمِي الأَتْوَ والأَتْوَيْن أَي الدفْعةَ والدفْعتين ، من الأَتْوِ العَدْوِ ، يريد رَمْيَ السِّهام عن القِسِيِّ بعد صلاة المَغْرب . وأَتَوْتُه آتُوه أَتْواً وإِتاوةً : رَشَوْتُه ؛ كذلك حكاه أَبو عبيد ، جعل الإِتاوَة مصدراً . والإتاوةُ : الرِّشْوةُ والخَراجُ ؛ قال حُنَيّ بن جابر التَّغْلبيّ : ففِي كلِّ أَسْواقِ العِراقِ إِتاوَةٌ ، وفي كلِّ ما باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَم ؟
قال ابن سيده : وأَما أَبو عبيد فأَنشد هذا البيت على الإِتاوَةِ التي هي المصدر ، قال : ويقوِّيه قوله مَكْسُ دِرْهَم ، لأَنه عطف عرَض على عرَض . وكلُّ ما أُخِذ بكُرْهٍ أَو قُسِمَ على موضعٍ من الجِبايةِ وغيرِها إِتاوَةٌ ، وخص بعضهم به الرِّشْوةَ على الماء ، وجمعها أُتىً نادر مثل عُرْوَةٍ وعُرىً ؛ قال الطِّرِمَّاح : لنا العَضُدُ الشُّدَّى على الناسِ ، والأُتَى على كلِّ حافٍ في مَعَدٍّ وناعِلِ وقد كُسِّر على أَتاوَى ؛ وقول الجَعْدِيّ : فَلا تَنْتَهِي أَضْغانُ قَوْمِيَ بينهم وَسَوأَتُهم ، حتى يَصِيروا مَوالِيا مَوالِيَ حِلْفٍ ، لا مَوالِي قَرابةٍ ، ولكنْ قَطِيناً يَسأَلون الأَتاوِيَا أَي هُمْ خدَم يسأَلون الخَراج ، وهو الإِتاوةُ ؛ قال ابن سيده : وإِنما كان قِياسُه أَن يقول أَتاوى كقولنا في عِلاوةٍ وهِراوَةٍ عَلاوى وهَراوى ، غير أَن هذا الشاعر سلَك طريقاً أُخرى غير هذه ، وذلك أَنه لما كسَّر إِتاوةً حدث في مثال التكسير همزةٌ بعد أَلِفه بدلاً من أَلف فِعالةٍ كهمزة رَسائل وكَنائن ، فصار التقدير به إلى إِتاءٍ ، ثم تبدل من كسرة الهمزة فتحة لأَنها عارِضة في الجمع واللام مُعْتلَّة كباب مَطايا وعَطايا فيصير إِلى أَتاأَى ، ثم تُبْدِل من الهمزة واواً لظُهورها لاماً في الواحد فتقول أَتاوى كعَلاوى ، وكذلك تقول العرب في تكسير إِتاوةٍ أَتاوى ، غير أَن هذا الشاعر لو فعلَ ذلك لأَفسد قافِيتَه ، لكنَّه احتاج إِلى إِقرار الهمزة بحالها لتصِحَّ بعدَها الياءُ التي هي رَوِيٌّ القافيةِ كما مَعها من القَوافي التي هي الرَّوابيا والأَدانِيا ونحو ذلك ، ليَزول لفظُ الهمزة ، إِذا كانت العادةُ في هذه الهمزة أَن تُعَلَّ وتُغَيَّر إِذا كانت اللام معتلَّة ، فرأَى إِبْدال همزة إِتاءٍ واواً ليَزُول لفظُ الهمزةِ التي من عادتها في هذا الموضع أَن تُعَلَّ ولا تصحَّ لما ذكرنا ، فصار الأَتاوِيا ؛ وقولُ الطِّرِمَّاح : وأَهْل الأُتى اللاَّتي على عَهْدِ تُبَّعٍ ، على كلِّ ذي مالٍ غريب وعاهِن فُسِّر فقيل : الأُتى جمع إِتاوةٍ ، قال : وأُراه على حذف الزائد فيكون من باب رِشْوَة ورُشيً . والإتاءُ : الغَلَّةُ وحَمْلُ النخلِ ، تقول منه : أَتَتِ الشجرة والنخلة تَأْتو أَتْواً وإِتاءً ، بالكسر ؛ عن كُراع : طلع ثمرها ، وقيل : بَدا صَلاحُها ، وقيل : كَثُرَ حَمْلُها ، والاسم الإِتاوةُ . والإِتاءُ : ما يخرج من إِكالِ الشجر ؛ قال عبدُ الله بن رَواحة الأَنصاري : هُنالِك لا أُبالي نَخْلَ بَعْلٍ ولا سَقْيٍ ، وإِن عَظُمَ الإِتاءُ عَنى بهنالِك موضعَ الجهاد أَي أَستشهد فأُرْزَق عند الله فلا أُبالي نخلاً ولا زرعاً ؛ قال ابن بري : ومثله قول الآخر : وبَعْضُ القَوْلِ ليس له عِناجٌ ، كمخْضِ الماء ليس له إِتاءُ المُرادُ بالإِتاء هنا : الزُّبْد . وإِتاءُ النخلة : رَيْعُها وزَكاؤها وكثرة ثَمَرِها ، وكذلك إِتاءُ الزرع رَيْعه ، وقد أَتَت النخلةُ وآتَتْ إِيتاءً وإِتاءً . وقال الأَصمعي : الإِتاءُ ما خرج من الأَرض من الثمر وغيره . وفي حديث بعضهم : كم إِتاءٌ أَرضِك أَي رَيْعُها وحاصلُها ، كأَنه من الإِتاوةِ ، وهو الخَراجُ . ويقال للسقاء إِذا مُخِض وجاء بالزُّبْد : قد جاء أَتْوُه . والإِتاءُ : النَّماءُ . وأَتَتِ الماشيةُ إِتاءً : نَمَتْ ، والله أَعلم . "
المعجم: لسان العرب
ودع
" الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ : مناقِيفُ صِغارٌ تخرج من البحر تُزَيَّنُ بها العَثاكِيلُ ، وهي خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ في بطونها شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تتفاوت في الصغر والكبر ، وقيل : هي جُوفٌ في جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمةِ ؛ قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة : ولا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي لأَخْدَعَه ، وغِرَّتَه أُرِيد ؟
قال ابن بري : صواب إِنشاده : أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ واحدتها ودْعةٌ وودَعةٌ . ووَدَّعَ الصبيَّ : وضَعَ في عنُقهِ الوَدَع . وودَّعَ الكلبَ : قَلَّدَه الودَعَ ؛
ويروى : أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ ؛ ومنه الحديث : من تَعَلَّقَ ودَعةً لا وَدَعَ الله له ، وإِنما نَهَى عنها لأَنهم كانوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ العين ، وقوله : لا ودَعَ اللهُ له أَي لا جعله في دَعةٍ وسُكُونٍ ، وهو لفظ مبنيّ من الودعة ، أَي لا خَفَّفَ الله عنه ما يَخافُه . وهو يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كما يُخْدَعُ الصبيّ بالودع فَيُخَلَّى يَمْرُثُها . ويقال للأَحمق : هو يَمْرُدُ الوْدَع ، يشبه بالصبي ؛ قال الشاعر : والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَه ؟
قال ابن بري : أَنشد الأَصمعي هذا البيت في الأَصمعيات لرجل من تميم بكماله : السِّنُّ من جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ ، والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَه ؟
قال : وتقول خرج زيد فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عند سفره من التوْدِيعِ ، ووَدَّع ابنه : جعل الوَدعَ في عُنُقه ، وكلبَه : قَلَّدَه الودع ، وفرسَه : رَفَّهَه ، وهو فرس مُوَدَّعُ ومَوْدُوع ، على غير قِياسٍ ، ودِرْعَه ، والشيءَ : صانَه في صِوانِه . والدَّعةُ والتُّدْعةُ (* قوله « والتدعة » أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد ) على البدل : الخَفْضُ في العَيْشِ والراحةُ ، والهاء عِوَضٌ من الواو . والوَديعُ : الرجل الهادئ الساكِنُ ذو التُّدَعةِ . ويقال ذو وَداعةٍ ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً ، زاد ابن بري : ووَدَعَه ، فهو وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن ؛
وأَنشد شمر قول عُبَيْدٍ الراعي : ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ منه ، به تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا أي تَقِيه وتَصُونه ، وقيل أَي تُقِرُّه على صَوْنِه وادِعاً . ويقال : وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صار إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ ؛ ومنه قول سويد بن كراع : أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَدَعْ لِسُلَيْمى ، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ أَي لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ . ويقال : نال فلان المَكارِمَ وادِعاً أَي من غير أَن يَتَكَلَّفَ فيها مَشَقّة . وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه : رَفَّهَه ، والاسم المَوْدوعُ . ورجل مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ ؛ فأَما قول خُفافِ بن نُدْبة : إِذا ما اسْتَحَمَّتْ أَرضُه من سَمائِه جَرى ، وهو موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق فكأَنه مفعول من الدَّعةِ أَي أَنه ينال مُتَّدَعاً من الجرْيِ متروكاً لا يُضْرَبُ ولا يْزْجَرُ ما يسْبِقُ به ، وبيت خفاف بن ندبة هذا أَورده الجوهري وفسره فقال أَي متروك لا يضرب ولا يزجر ؛ قال ابن بري : مَوْدوعٌ ههنا من الدَّعةِ التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أَنه جرى ولم يَجْهَدْ كما أَوردناه ، وقال ابن بزرج : فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ ؛ وقال ذو الإِصبَع العَدواني : أُقْصِرُ من قَيْدِه وأُودِعُه ، حتى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا والدَّعةُ : من وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ . وقولهم : عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة والوقار ، فإِن قلت : فإِنه لفظ مفْعولٍ ولا فِعْل له إِذا لم يقولوا ودَعْتُه في هذا المعنى ؛ قيل : قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حُكي من قولهم رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ ، ومُدَرْهَمٌ للكثير الدِّرهم ، ولم يقولوا فُئِدَ ولا دُرْهِمَ . وقالوا : أَسْعَده الله ، فهو مَسْعودٌ ، ولا يقال سُعِدَ إِلا في لغة شاذة . وإِذا أَمَرْتَ الرجل بالسكينةِ والوَقارِ قلت له : تَوَدَّعْ واتَّدِعْ ؛ قال الأزهري : وعليك بالموْدوعِ من غير أَن تجعل له فعلاً ولا فاعاً مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ ، قال الجوهري : وقولهم عليك بالمودوع أَي بالسكينةِ والوقار ، قال : لا يقال منه ودَعه كما لا يقال من المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه . ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ ، كلاهما : سكَن ؛ وعليه أَنشد بعضهم بيت الفرزدق : وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ ، لم يَدَعْ من المال إِلاّ مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ فمعنى لم يَدَعْ لم يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ ، والجملة بعد زمان في موضع جرّ لكونها صفة له ، والعائد منها إِليه محذوف للعلم بموضعه ، والتقدير فيه لم يَدَعْ فيه أَو لأَجْلِه من المال إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف ، فيرتفع مُسْحت بفعله ومجَلَّفُ عطف عليه ، وقيل : معنى قوله لم يدع لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ ، وقيل : لم يستقر ، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لم يترك من المال إِلاَّ شيئاً مُسْتأْصَلاً هالِكاً أَو مجلف كذلك ، ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره ، قال : وهو كقولك ضربت زيداً وعمروٌ ، تريد وعمْرٌو مضروب ، فلما لم يظهر له الفعل رفع ؛
وأَنشد ابن بري لسويد بن أَبي كاهل : أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ من سُلَيْمى ، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ أَي لم يَسْتَقِرّ . وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه : صانَه . قال الأَزهري : والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثوباً في صِوانٍ لا يصل إِليه غُبارٌ ولا رِيحٌ . وودَعْتُ الثوبَ بالثوب وأَنا أَدَعُه ، مخفف . وقال أَبو زيد : المِيدَعُ كل ثوب جعلته مِيدَعاً لثوب جديد تُوَدِّعُه به أَي تَصُونه به . ويقال : مِيداعةٌ ، وجمع المِيدَعِ مَوادِعُ ، وأَصله الواو لأَنك ودَّعْتَ به ثوبَك أَي رفَّهْتَه به ؛ قال ذو الرمة : هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً ، إِذا ما تَزَيَّنَتْ ، وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ وقال الأَصمعي : المِيدَعُ الثوبُ الذي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ به ثيابَ الحُقوق ليوم الحَفْل ، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ به المَصونُ . وتودَّعَ فلان فلاناً إِذا ابتذله في حاجته . وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابتذلها . وفي الحديث : صَلى معه عبدُ الله ابن أُنَيْسٍ وعليه ثوب مُتَمَزِّقٌ فلما انصرف دعا له بثوب فقال : تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هذا أَي تَصَوَّنْه به ، يريد الْبَسْ هذا الذي دفعته إِليك في أَوقات الاحتفال والتزَيُّن . والتَّوديعُ : أَن يجعل ثوباً وقايةَ ثوب آخر . والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ : ما ودَّعَه به . وثوبٌ مِيدعٌ : صفة ؛ قال الضبي : أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي ، وأَتَّقِي به الموتَ ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ وقد يُضاف . والمِيدع أَيضاً : الثوب الذي تَبْتَذِله المرأَة في بيتها . يقال : هذا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها ، ومِيدَعَتُها : التي تُوَدِّعُ بها ثيابها . ويقال للثوب الذي يُبْتَذَل : مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل . والمِيدعُ والمِيدَعةُ : الثوب الخَلَقُ ؛ قال شمر أَنشد ابن أَبي عدْنان : في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ مُبْتَذَلاتٌ ، ما لَهُنَّ مِيدَع ؟
قال : ما لهنَّ مِيدع أَي ما لهن من يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عن العَمَل . وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كان يُحْزِنُ ، وذلك إِذا كان كلاماً يُحْتَشَمُ منه ولا يستحسن . والمِيداعةُ : الرجل الذي يُحب الدَّعةَ ؛ عن الفراء . وفي الحديث : إِذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّعَ منهم أَي أُهْمِلو وتُرِكوا وما يَرْتَكِبونَ من المَعاصي حتى يُكثِروا منها ، ولم يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله ، وأَصله من التوْدِيع وهو الترك ، قال : وهو من المجاز لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرجل إِذا يَئِسَ من صلاحِه تركه واسْتراحَ من مُعاناةِ النَّصَب معه ، ويجوز أَن يكون من قولهم تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه في مِيدَعٍ ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويُتَصَوَّن كما يُتَوَقَّى شرار الناس . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : إِذا مََشَتْ هذه الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّعَ منها . ومنه الحديث : اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً وابْتَدِعُوها سالمة أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عنها إِذا لم تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها ، وهو افْتَعَلَ من وَدُعَ ، بالضم ، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ . وايْتَدَعَ ، فهو مُتَّدِعٌ أَي صاحب دَعةٍ ، أَو من وَدَعَ إِذا تَرَكَ ، يقال اتهَدَعَ وابْتَدَعَ على القلب والإِدغام والإِظهار . وقولهم : دَعْ هذا أَي اتْرُكْه ، ووَدَعَه يَدَعُه : تركه ، وهي شاذة ، وكلام العرب : دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ ، ولا يقولون ودَعْتُكَ ولا وَذَرْتُكَ ، استغنوا عنهما بتَرَكْتُكَ والمصدر فيهما تركاً ، ولا يقال ودْعاً ولا وَذْراً ؛ وحكاهما بعضهم ولا وادِعٌ ، وقد جاء في بيت أَنشده الفارسي في البصريات : فأَيُّهُما ما أَتْبَعَنَّ ، فإِنَّني حَزِينٌ على تَرْكِ الذي أَنا وادِع ؟
قال ابن بري : وقد جاء وادِعٌ في شعر مَعْنِ بن أَوْسٍ : عليه شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا ، يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه وفي التنزيل : ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى ؛ أَي لم يَقْطَعِ اللهُ الوحيَ عنك ولا أَبْغَضَكَ ، وذلك أَنه ، صلى الله عليه وسلم ، اسْتأَخر الوحْيُ عنه فقال ناس من الناس : إِن محمداً قد ودّعه ربه وقَلاه ، فأَنزل الله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى ، المعنى وما قَلاكَ ، وسائر القُرّاء قرؤوه : ودّعك ، بالتشديد ، وقرأَ عروة بن الزبير : ما وَدَعَك ربك ، بالتخفيف ، والمعنى فيهما واحد ، أَي ما تركك ربك ؛
قال : وكان ما قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الذي وَدَعُوا وقال ابن جني : إِنما هذا على الضرورة لأَنّ الشاعر إذا اضْطُرَّ جاز له أَن ينطق بما يُنْتِجُه القِياسُ ، وإِن لم يَرِدْ به سَماعٌ ؛
وأَنشد قولَ أَبي الأَسودِ الدُّؤلي : لَيْتَ شِعْرِي ، عن خَلِيلي ، ما الذي غالَه في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ ؟ وعليه قرأَ بعضهم : ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وما قَلى ، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ من القِلى ، قال : فهذا أَحسن من أَن يُعَلَّ باب اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل ، وإِعلالُ استحوذ واستنوق ونحوهما من المصحح تركُ أَصل ، وبين مراجعة الأُصول وتركها ما لا خَفاء به ؛ وهذا بيت روى الأَزهري عن ابن أَخي الأَصمعي أَن عمه أَنشده لأَنس بن زُنَيْمٍ الليثي : لَيْتَ شِعْرِي ، عن أَمِيري ، ما الذي غالَه في الحبّ حتى ودَعْه ؟ لا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً ، إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَه ؟
قال ابن بري : وقد رُوِيَ البيتان للمذكورين ؛ وقال الليث : العرب لا تقول ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تركته ولكن يقولون في الغابر يَدَعُ ، وفي الأَمر دَعْه ، وفي النهي لا تَدَعْه ؛
وأَنشد : أَكْثَرَ نَفْعاً من الذي ودَعُوا يعني تركوا . وفي حديث ابن عباس : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ على قلوبهم أَي عن تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عنها من وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه وَدْعاً إِذا تركه ، وزعمت النحويةُ أَنّ العرب أَماتُوا مصدر يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عنه بتَرْكٍ ، والنبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَفصح العرب وقد رويت عنه هذه الكلمة ؛ قال ابن الأَثير : وإِنما يُحْمل قولهم على قلة استعماله فهو شاذٌّ في الاستعمال صحيح في القياس ، وقد جاء في غير حديث حتى قرئ به قوله تعالى : ما وَدَعَك ربك وما قَلى ، بالتخفيف ؛
وأَنشد ابن بري لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ : سَلْ أَمِيري : ما الذي غَيَّرَه عن وِصالي ، اليوَْمَ ، حتى وَدَعَه ؟ وأَنشد لآخر : فَسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه ، ثم لَمْ يُدْركْ ، ولا عَجْزاً وَدَعْ وقالوا : لم يُدَعْ ولم يُذَرْ شاذٌّ ، والأَعرف لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ ، وهو القياس . والوَداعُ ، بالفتح : التَّرْكُ . وقد ودَّعَه ووَادَعَه ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ له من ذلك ؛
قال : فهاجَ جَوًى في القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى ، بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ وقيل في قول ابن مُفَرِّغٍ : دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ أي اتْرُكِيني بعضَ الترْك . وقال ابن هانئ في المرريه (* قوله « في المرريه » كذا بالأصل ) الذي يَتَصَنَّعُ في الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه على ثِقةٍ : دَعْني من هِنْدَ فلا جَدِيدَها ودَعَتْ ولا خَلَقَها رَقَعَتْ . وفي حديث الخَرْصِ : إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثلث ، فإِن لم تَدَعُوا الثلث فدَعوا الرُّبعَ ؛ قال الخطابي : ذهب بعض أَهل العلم إِلى أَنه يُتْرَكُ لهم من عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عليهم لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ منهم مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بهم ، فإِنه يكون منها الساقِطةُ والهالِكةُ وما يأْكله الطير والناس ، وكان عمر ، رضي الله عنه ، يأْمر الخُرّاصَ بذلك . وقال بعض العلماء : لا يُترك لهم شيءٌ شائِعٌ في جملة النخل بل يُفْرَدُ لهم نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قد عُلِمَ مِقْدارُ ثمرها بالخَرْصِ ، وقيل : معناه أَنهم إِذا لم يرضوا بِخَرْصِكُم فدَعوا لهم الثلث أَو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقّه ويتركوا الباقي إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه ، لا أَنه يترك لهم بلا عوض ولا اخراج ؛ ومنه الحديث : دَعْ داعِيَ اللَّبنِ أَي اتْرُكْ منه في الضَّرْع شيئاً يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ ولا تَسْتَقْصِ حَلْبَه . والوَداعُ : تَوْدِيعُ الناس بعضهم بعضاً في المَسِيرِ . وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سفراً : تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ ، وهم يُوَدِّعُونه إِذا سافر تفاؤُلاً بالدَّعةِ التي يصير إِليها إِذا قَفَلَ . ويقال ودَعْتُ ، بالتخفيف ، فَوَوَدَعَ ؛
وأَنشد ابن الأَعرابي : وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً ، تُضَحّي رُوَيْداً ، وتُمْسي زُرَيْقا وهو من قولهم فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ . وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا : وَدَّعَ بعضهم بعضاً . والتوْدِيعُ عند الرَّحِيل ، والاسم الوَادع ، بالفتح . قال شمر : والتوْدِيعُ يكون للحيّ والميت ؛
وأَنشد بيت لبيد : فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ ، وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ وقال القطامي : قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يا ضُباعا ، ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا أَراد ولا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وليكن موقف غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ موقف الوداع يكون لِلفِراقِ ويكون مُنَغَّصاً بما يتلوه من التبارِيحِ والشوْقِ . قال الأَزهريّ : والتوْدِيعُ ، وإِن كان أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ ، فإِنّ العرب تضعه موضع التحيةِ والسلام لأَنه إِذا خَلَّفَ دعا لهم بالسلامة والبقاء ودَعوْا بمثْلِ ذلك ؛ أَلا ترى أَن لبيداً ، قال في أخيه وقد مات : فَوَدِّعْ بالسلام أَبا حُرَيْزٍ أَراد الدعاء له بالسلام بعد موته ، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودَّعَه تَوْدِيعَ الحيّ إِذا سافر ، وجائز أَن يكون التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه في الخفْضِ والدَّعةِ . وفي نوادر الأَعراب : تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ . قال الأَزهري : فمعنى تُوُدِّعَ منهم أَي سُلِّمَ عليهم للتوديع ؛ وأَنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته : قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا ، وتَرَبَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَع ؟
قال : تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرَّعْي . يقال : سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عليها وصَقَلَها ، وكذلك صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ من ضُمْرِه ما يبلغ الصَّيْقَلُ من السيف ، وهذا مثل ؛ وروى شمر عن محارب : ودَّعْتُ فلاناً من وادِع السلام . ووَدَّعْتُ فلاناً أَي هَجَرْتُه . والوَداعُ : القِلى . والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ : شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ . والوَدِيعُ : العَهْدُ . وفي حديث طَهْفةَ :، قال عليه السلام : لكم يا بني نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ المال ؛ ودائِعُ الشرْكِ أَي العُهودُ والمَواثِيقُ ، يقال : أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً . قال ابن الأَثير : وقيل يحتمل أَن يريدوا بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أَمْوالِ الكفار الذين لم يدخلوا في الإِسلام ، أَراد إِحْلالَها لهم لأَنها مال كافر قُدِرَ عليه من غير عَهْدٍ ولا شرْطٍ ، ويدل عليه قوله في الحديث : ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ . وفي الحديث : أَنه وادَعَ بَني فلان أَي صالَحَهم وسالَمَهم على ترك الحرب والأَذى ، وحقيقة المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كل واحد منهما ما هو فيه ؛ ومنه الحديث : وكان كعب القُرَظِيُّ مُوادِعاً لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وفي حديث الطعام : غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ، لا مُسْتَغْنًى عنه رَبّنا أَي غير مَتْرُوكِ الطاعةِ ، وقيل : هو من الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ . وتَوادَعَ القوم : أَعْطى بعضُهم بعضاً عَهْداً ، وكله من المصالحة ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين . وقال الأَزهري : تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كل منهم الآخرِينَ عهداً أَن لا يَغْزُوَهُم ؛ تقول : وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً ، وهي الهُدْنةُ والمُوادعةُ . وناقة مُوَدَّعةٌ : لا تُرْكَب ولا تُحْلَب . وتَوْدِيعُ الفَحلِ : اقْتِناؤُه للفِحْلةِ . واسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعَه إِياه : دَفَعَه إِليه ليكون عنده ودِيعةً . وأَوْدَعَه : قَبِلَ منه الوَدِيعة ؛ جاء به الكسائي في باب الأَضداد ؛ قال الشاعر : اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ ، فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ وقال أَبو حاتم : لا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته ، وأَنكره شمر إِلا أَنه حكى عن بعضهم اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بعيراً فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه ؛ قال الأَزهري :، قاله ابن شميل في كتاب المَنْطِقِ والكسائِيُّ لا يحكي عن العرب شيئاً إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه . ويقال : أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً ؛
وأَنشد : يا ابنَ أَبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ ، أَوْدَعْتُكَ اللهَ الذي هُو حَسْبِيَهْ وأَنشد ابن الأَعرابي : حتى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ ، ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ ، أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا أَشْياءَ ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ وأَنشد أَيضاً : إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ ، فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجعله ودِيعةً لهذا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ . والوَدِيعةُ : واحدة الوَدائِعِ ، وهي ما اسْتُودِعَ . وقوله تعالى : فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ ؛ المُسْتَوْدَعُ ما في الأَرحام ، واسْتَعاره علي ، رضي الله عنه ، للحِكْمة والحُجّة فقال : بهم يَحفظ اللهُ حُجَجَه حتى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها في قُلوبِ أَشباهِهِم ؛ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو : فمستقِرّ ، بكسر القاف ، وقرأَ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح وكله ؟
قال : فَمُسْتَقِرّ في الرحم ومستودع في صلب الأَب ، روي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد والضحاك . وقال الزجاج : فَلَكُم في الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ ولكم في الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ ، ومن قرأَ فمستقِرّ ، بالكسر ، فمعناه فمنكم مُسْتَقِرٌّ في الأَحياء ومنكم مُسْتَوْدَعٌ في الثَّرى . وقال ابن مسعود في قوله : ويعلم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها أَي مُستَقَرَّها في الأَرحام ومُسْتَوْدَعَها في الأَرض . وقال قتادة في قوله عز وجل : ودَعْ أَذاهُم وتَوَكَّلْ على الله ؛ يقول : اصْبِرْ على أَذاهم . وقال مجاهد : ودع أَذاهم أَي أَعْرِضْ عنهم ؛ وفي شعر العباس يمدح النبي ، صلى الله عليه وسلم : مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي مُسْتَوْدَعٍ ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ المُسْتَوْدَعُ : المَكانُ الذي تجعل فيه الوديعة ، يقال : اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إَيّاها ، وأَراد به الموضع الذي كان به آدمُ وحوّاء من الجنة ، وقيل : أَراد به الرَّحِمَ . وطائِرٌ أَوْدَعُ : تحتَ حنَكِه بياض . والوَدْعُ والوَدَعُ : اليَرْبُوعُ ، والأَوْدَع أَيضاً من أَسماء اليربوع . والوَدْعُ : الغَرَضُ يُرْمَى فيه . والوَدْعُ : وثَنٌ . وذاتُ الوَدْعِ : وثَنٌ أَيضاً . وذات الوَدْعِ : سفينة نوح ، عليه السلام ، كانت العرب تُقْسِمُ بها فتقول : بِذاتِ الودْع ؛ قال عَدِيّ بن زيد العبّادِي : كَلاّ ، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ ، لَوْ حَدَثَتْ فيكم ، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارا يريد سفينةَ نوح ، عليه السلام ، يَحْلِفُ بها ويعني بالماجِدِ النُّعمانَ بنَ المنذِرِ ، والزَّارُ أَراد الزارة بالجزيرة ، وكان النعمان مَرِضَ هنالك . وقال أَبو نصر : ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كان يعلق عليها في سُتُورِها الوَدْعُ ؛ ويقال : أَراد بذات الوَدْعِ الأَوْثانَ . أَبو عمرو : الوَدِيعُ المَقْبُرةُ . والودْعُ ، بسكون الدال : جائِرٌ يُحاطُ عليه حائطٌ يَدْفِنُ فيه القومُ موتاهم ؛ حكاه ابن الأَعرابي عن المَسْرُوحِيّ ؛ وأَنشد : لَعَمْرِي ، لقد أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً على ظَهْرِ وَدْعٍ ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ وفي الوَدْعِ ، لو يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً ، غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هو طالِعُه ؟
قال المسروحيّ : سمعت رجلاً من بني رويبة بن قُصَيْبةَ بن نصر بن سعد بن بكر يقول : أَوْفَى رجل منا على ظهر وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ ، وهي حرة لبني سعد بن بكر ، قال : فسمعت قائلاً يقول ما أَنْشَدْناه ، قال : فخرج ذلك الرجل حتى أَتى قريشاً فأَخبر بها رجلاً من قريش فأَرسل معه بضعة عشر رجلاً ، فقال : احْفِرُوه واقرؤوا القرآن عنده واقْلَعُوه ، فأَتوه فقلعوا منه فمات ستة منهم أَو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فَزَعاً ، فأَخبروا صاحبهم فكَفُّوا عنه ، قال : ولم يَعُدْ له بعد ذلك أَحد ؛ كلّ ذلك حكاه ابن الأَعرابي عن المسروحيّ ، وجمع الوَدْعِ وُدُوعٌ ؛ عن المسروحي أَيضاً . والوَداعُ : وادٍ بمكةَ ، وثَنِيّةُ الوَداعِ منسوبة إِليه . ولما دخل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مكة يوم الفتح استقبله إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْن : طَلَعَ البَدْرُ علينا من ثَنيّاتِ الوداعِ ، وجَبَ الشكْرُ علينا ، ما دَعا للهِ داعِ ووَدْعانُ : اسم موضع ؛
وأَنشد الليث : ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ ووادِعةُ : قبيلة إِما أَن تكون من هَمْدانَ ، وإِمّا أَن تكون هَمْدانُ منها ، وموْدُوعٌ : اسم فرس هَرِمِ بن ضَمْضَمٍ المُرّي ، وكان هَرِمٌ قُتِلَ في حَرْبِ داحِسٍ ؛ وفيه تقول نائحتُه : يا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ ، أَنْ لا أَرَى هَرِماً على مَوْدُوعِ "
المعجم: لسان العرب
نفس
" النَّفْس : الرُّوحُ ، قال ابن سيده : وبينهما فرق ليس من غرض هذا الكتاب ، قال أَبو إِسحق : النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين : أَحدهما قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه ، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي في رُوعِه ، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء وحقيقته ، تقول : قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك بذاته كلِّها وحقيقتِه ، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس ؛ قال أَبو خراش في معنى النَّفْس الروح : نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ ، ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَ ؟
قال ابن بري : الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم الجوهري ، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً ، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا جَفْنَ سيف ، وجفن السيف منقطع منه ، والنفس ههنا الروح كما ذكر ؛ ومنه قولهم : فَاظَتْ نَفْسُه ؛ وقال الشاعر : كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ ، إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُود ؟
قال ابن خالويه : النَّفْس الرُّوحُ ، والنَّفْس ما يكون به التمييز ، والنَّفْس الدم ، والنَّفْس الأَخ ، والنَّفْس بمعنى عِنْد ، والنَّفْس قَدْرُ دَبْغة . قال ابن بري : أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه : اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها ، فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة ، والنَّفْس الثانية التي تزول بزوال العقل ؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل : تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا ، ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه ، وأَما النَّفْس بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه : فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على أَنْفُسِكم ، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى ، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام : تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك ؛ أَي تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك ، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري : إِن النَّفْس هنا الغَيْبُ ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله : إِنك أَنت عَلاَّمُ الغُيُوب ، كأَنه ، قال : تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . والعرب قد تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن ، وذلك أَن النَّفْس قد تأْمره بالشيء وتنهى عنه ، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه ، فجعلوا التي تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى ؛ وعلى ذلك قول الشاعر : يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ ، أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها ؟ وأَنشد الطوسي : لمْ تَدْرِ ما لا ؛ ولَسْتَ قائِلَها ، عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً فِيهَا وفي أُخْتِها ، ولم تَكَدِ وقال آخر : فَنَفْسَايَ نَفسٌ ، قالت : ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ ، تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها ونَفْسٌ تقول : اجْهَدْ نجاءك ، لا تَكُنْ كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم : عندي ثلاثة أَنْفُسٍ . وكقوله تعالى : أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب اللَّه ؛ قال ابن سيده : وقوله تعالى : تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك ؛ أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا ما عِنْدَكَ عِلمُه ، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما تعلَمُ . وقوله تعالى : ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه ؛ أَي يحذركم إِياه ، وقوله تعالى : اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها ؛ روي عن ابن عباس أَنه ، قال : لكل إسنسان نَفْسان : إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز ، والأُخرى نَفْس الرُّوح الذي به الحياة . وقال أَبو بكر بن الأَنباري : من اللغويين من سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة والرُّوح مذكر ، قال : وقال غيره الروح هو الذي به الحياة ، والنفس هي التي بها العقل ، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه ، ولا يقبض الروح إِلا عند الموت ، قال : وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها واتصاله بها ، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به ، وقال الزجاج : لكل إِنسان نَفْسان : إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما ، قال اللَّه تعالى ، والأُخرى نفس الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ ، والنائم يَتَنَفَّسُ ، قال : وهذا الفرق بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ ؛ قال : ونفس الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به ، والنَّفْس الدمُ ؛ وفي الحديث : ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات فيه ، وروي عن النخعي أَنه ، قال : كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء فإِنه يُنَجِّسه ، أَراد كل شيء له دم سائل ، وفي النهاية عنه : كل شيء ليست له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل . والنَّفْس : الجَسَد ؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن شمر (* قوله « عمرو بن شمر » كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي العكس .) الحنفي قتله : نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدم ، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه ونفسه . اللحياني : العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت نَفْسَين فإِذا ، قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا ، وكذلك جميع العدد ، قال : وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع ، قال : حكي جميع ذلك عن الكسائي ، وقال سيبويه : وقالوا ثلاثة أَنْفُس يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان ، أَلا ترى أَنهم يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء ؟، قال : وزعم يونس عن رؤبة أَنه ، قال ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس ، وكما ، قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء ؛ وقال الحطيئة : ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ ، لقد جار الزَّمانُ على عِيالي وقوله تعالى : الذي خلقكم من نَفْس واحدة ؛ يعي آدم ، عليه السلام ، وزوجَها يعني حواء . ويقال : ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً . وقوله في الحديث : بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس ، وأَطلق النَّفَس على القرب ، وقيل : معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان ، أَراد : إِني بعثت في وقت قريب منها ، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس الإِنسان إِذا قرب منه ، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت علاماتها ؛ ويروى : في نَسَمِ الساعة ، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس : ذو النَّفَس . ونَفْس الشيء : ذاته ؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل ، ونَفْسُ الجبل مُقابِلي ، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به . يقال : رأَيت فلاناً نَفْسه ، وجائني بَنَفْسِه ، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ ، وثوب ذو نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة . والنَّفْس : العَيْن . والنَّافِس : العائن . والمَنْفوس : المَعْيون . والنَّفُوس : العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس ليُصيبَها ، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه ؛ هذه عن اللحياني . ويقال : أَصابت فلاناً نَفْس ، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين . وفي الحديث : نهى عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس ؛ النَّفْس : العين ، هو حديث مرفوع إِلى النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، عن أَنس . ومنه الحديث : أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال : إِنه كان فيها أَنْفُس سَبْعَة ، يريد عيونهم ؛ ومنه حديث ابن عباس : الكِلابُ من الجِنِّ فإِن غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً . ويقالُ : نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك . ابن الأَعرابي : النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره ، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس العين التي تصيب المَعِين . والنَّفَس : الفَرَج من الكرب . وفي الحديث : لا تسبُّوا الريح فإِنها من نَفَس الرحمن ، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر الغيث ويُذْهب الجدبَ ، وقيل : معناه أَي مما يوسع بها على الناس ، وفي الحديث : أَنه ، صلى اللَّه عليه وسلم ، قال : أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن ، وفي رواية : أَجد نَفَس الرحمن ؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم ، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد ، ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم ، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها ، أَو من نَفَس الريح الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه ، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها فينفرج به عنه ، وقيل : النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً ، كما يقال فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً ، كأَنه ، قال : اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ اليمن ، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين ، والتَّفْريج مصدر حقيقي ، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر ؛ وكذلك قوله : الريح من نَفَس الرحمن أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين . قال العتبي : هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ منهم : ليس لنا ريح . والنَّفَس : خروج الريح من الأَنف والفم ، والجمع أَنْفاس . وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس . والتَنَفُّس : استمداد النَفَس ، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس الصُّعَداء ، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها . والنَّفَس أَيضاً : الجُرْعَة ؛ يقال : أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه ، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب ؛ قال جرجر : تُعَلِّلُ ، وَهْيَ ساغِبَةٌ ، بَنِيها بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ وفي الحديث : نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء . وفي حديث آخر : أَنه كان يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب ؛ قال الأَزهري :، قال بعضهم الحديثان صحيحان . والتَنَفُّس له معنيان : أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه ، والنَّفَس الآخر أَن يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل نَفَسٍ . ويقال : شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه ، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه ثم لا يعود له ؛ وقال أَبو وجزة السعدي : وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ ، في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ ابن الأَعرابي : شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ ؛ قال محمد بن المكرم : قوله النَّفَس الجُرْعة ، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه ، فيه نظر ، وذلك أَن النّفَس الواحد يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع ، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة عدة جُرَع . ويقال : فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد ، واللَّه أَعلم . ويقال : اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ ، ونَفَّسْتُ عنه تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ . يقال : نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها . وفي الحديث : من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من كُرَب الآخرة ، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه كُرْبة من كُرَب يوم القيامة . ويقال : أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة ، واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض والحوادث والآفات . والنَّفَس : مثل النَّسيم ، والجمع أَنْفاس . ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع . وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي أَعرض وأَطول وأَمثل . وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع . وفي الحديث : ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً . ويقال : هذا المنزل أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما ، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما . ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع . وفي الحديث : من نَفَّس عن غريمه أَي أَخَّر مطالبته . وفي حديث عمار : لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول وسهلت عليه الإِطالة . وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها . وقال اللحياني : إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً ، وقال ابن الأَعرابي : أَي رِيّاً ؛ وأَنشد : وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ ، في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ أَي في وقت كوكب . وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل ؛ عن اللحياني . ويقال : بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع . ويقال : لك في هذا الأَمر نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ . وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير نهاراً بيّناً . وتَنَفَّس النهار وغيره : امتدَّ وطال . ويقال للنهار إِذا زاد : تَنَفَّسَ ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ . وقال اللحياني : تَنَفَّس النهار انتصف ، وتنَفَّس الماء . وقال اللحياني : تَنَفَّس النهار انتصف ، وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع ؛ أَنشد ثعلب : ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها ، تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا وقال الفراء في قوله تعالى : والصبح إِذا تَنَفَّسَ ، قال : إِذا ارتفع النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح . وقال مجاهد : إِذا تَنَفَّس إِذا طلع ، وقال الأَخفش : إِذا أَضاء ، وقال غيره : إِذا تنَفَّس إِذا انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه . ويقال : كتبت كتاباً نَفَساً أَي طويلاً ؛ وقول الشاعر : عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا أَي ساعة بعد ساعة . ونَفَسُ الساعة : آخر الزمان ؛ عن كراع . وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب . ونَفْسَ الشيء ، بالضم ، نَفاسَةً ، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ : رَفُعَ وصار مرغوباً فيه ، وكذلك رجل نافِسٌ ونَفِيسٌ ، والجمع نِفاسٌ . وأَنْفَسَ الشيءُ : صار نَفيساً . وهذا أَنْفَسُ مالي أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي . وقال اللحياني : النَّفِيسُ والمُنْفِسُ المال الذي له قدر وخَطَر ، ثم عَمَّ فقال : كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ ومُنْفِس ؛ قال النمر بن تولب : لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه ، فإِذا هَلَكْتُ ، فعند ذلك فاجْزَعي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً . ويقال : إِن الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه . وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني : رغَّبني فيه ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ؛ وأَنشد : بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً ، ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ أَي رغَّبني فيه . وأَمر مَنْفُوس فيه : مرغوب . ونَفِسْتُ عليه الشيءَ أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه . ونَفِسَ عليه بالشيء نَفَساً ، بتحريك الفاء ، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً ، الأَخيرة نادرة : ضَنَّ . ومال نَفِيس : مَضْمون به . ونَفِسَ عليه بالشيء ، بالكسر : ضَنَّ به ولم يره يَسْتأْهله ؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه ؛ وأَما قول الشاعر : وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها ، تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا ، وإِما أَن يريد تُنافِسُ أَهلَ دُنْيا . ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت . وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه : تحاسدنا وتسابقنا . وفي التنزيل العزيز : وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب المتَراغبون . وفي حديث المغيرة : سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه المُنافَسة والمغالبة على الشيء . وفي حديث إِسمعيل ، عليه السلام : أَنه تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً . ونافَسْتُ في الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم . وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا . وفي الحديث : أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها ؛ هو من المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية ، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في نوعه . ونَفِسْتُ بالشيء ، بالكسر ، أَي بخلت . وفي حديث علي ، كرم اللَّه وجهه : لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه وسلم ، فما نَفِسْناه عليك . وحديث السقيفة : لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل . والنِّفاسُ : ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ ، فهي نُفَساءٌ . والنَّفْسُ : الدم . ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ ، بالكسر ، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ : ولدت . وقال ثعلب : النُّفَساءُ الوالدة والحامل والحائض ، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس ؛ عن اللحياني ، ونُفُس ونُفَّاس ؛ قال الجوهري : وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات ؛ وامرأَتان نُفساوان ، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً . وفي الحديث : أَن أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت ؛ ومنه الحديث : فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها . وحكى ثعلب : نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول . وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن يُنْفَس أَي يولد . الجوهري : وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ فلان أَي قبل أَن يولد ؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن صعصعة : وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ ، كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ أَي بولد . وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء إِذا طَرَّقَتْ بولدها ، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك ، ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً ، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة البكر أَشد من ولادة الثيب . وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة ؛ وقولُ امرئ القيس : ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك . والمَنْفُوس : المولود . وفي الحديث : ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد كُتِبَ مكانها من الجنة والنار ، وفي رواية : إِلا : كُتِبَ رزقُها وأَجلها ؛ مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة . قال : يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ ، فأَما الحيض فلا يقال فيه إِلا نَفِسَتْ ، بالفتح . وفي حديث عمر ، رضي اللَّه عنه : أَنه أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه . وفي حديث أَبي هريرة : أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد ، والمراد أَنه صلى عليه ولم يَعمل ذنباً . وفي حديث ابن المسيب : لا يرثُ المَنْفُوس حتى يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت . وقالت أُم سلمة : كنت مع النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، في الفراش فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت ، فقال : أَنَفِسْتِ ؟ أَراد : أَحضتِ ؟ يقال : نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ ، بالفتح ، إِذا حاضت . ويقال : لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير . يقال : ما سرَّني بهذا الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ . وفي حديث عمر ، رضي اللَّه عنه : كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من تحته ريح ؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم . وتَنَفَّسَت القوس : تصدَّعت ، ونَفَّسَها هو : صدَّعها ؛ عن كراع ، وإِنما يَتَنَفَّس منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ ، وأَما الفِلْقَة فلا تَنَفَّسُ . ابن شميل : يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها ، وتَنَفَّس القِدْح والقوس كذلك . قال ابن سيده : وأَرى اللحياني ، قال : إِن النَّفْس الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها ، قال : ولست منه على ثقة . والنَّفْسُ من الدباغ : قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره . يقال : هب لي نَفْساً من دباغ ؛ قال الشاعر : أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ ؟
قال الأَصمعي : بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت : تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة ، أَرادت قدر دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغة وهي الجلود التي تجعل في الدِّباغ ، وقيل : النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ ، والجمع أَنْفُسٌ ؛ أَنشد ثعلب : وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به ، على الماء ، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ . والنَّافِسُ : الخامس من قِداح المَيْسِر ؛ قال اللحياني : وفيه خمسة فروض وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز ، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم يفز ، ويقال هو الرابع . "
المعجم: لسان العرب
سأل
" سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلاً وسَأَلَةً (* قوله « وسأله » ضبط في الأصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه ؛
وقوله ، قال أبو ذؤيب : أساءلت ، كذا في الأصل ، وفي شرح القاموس : وساءله مساءلة ، قال أبو ذؤيب إلخ )، قال أَبو ذؤيب : أَساءَلْتَ رَسْمَ الدَّار ، أَم لم تُسائِل عن السَّكْنِ ، أَم عن عَهْده بالأَوائِل ؟ وسَأَلْتُ أَسْأَل وسَلْتُ أَسَلُ ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلانِ ويَتَسايَلانِ ، وجمع المَسْأَلة مَسائِلُ بالهمز ، فإِذا حذفوا الهمزة ، قالوا مَسَلَةٌ . وتَساءلوا : سَأَل بعضُهم بعضاً . وفي التنزيل العزيز : واتَّقُوا الله الذي تَسَّاءََلون به والأَرحام ، وقرئ : تَساءَلُون به ، فمن قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قلبت التاء سيناً لقرب هذه من هذه ثم أُذغمت فيها ، قال : ومن قرأَ تَسَاءَلون فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حذفت التاء الثانية كراهية للإِعادة ، ومعناه تَطْلُبون حقوقَكم به . وقوله تعالى : كان على ربك وَعْداً مَسْؤولاً ؛ أَراد قولَ الملائكة : رَبَّنا وأَدْخِلْهُم جَنَّات عَدْنٍ التي وعَدْتَهم (* قوله « وجمع السائل إلخ » عبارة شرح القاموس : وجمع السائل سألة ككاتب وكتبة وسؤال كرمّان ) الفقير سُؤّال . وفي الحديث : للسائِل حَقٌّ وإِن جاء على فَرَس ؛ السائل : الطالب ، معناه الأَمر بحُسْن الظن بالسائل إِذا تَعَرَّض لك ، وأَن لا تجيبه (* قوله « وأن لا تجيبه » هكذا في الأصل ، وفي النهاية : وأن لا تجيبه ) بالتكذيب والردِّ مع إِمكان الصدق أَي لا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وجاء راكباً على فرس ، فإِنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أَو دَيْن يجوز معه أَخذ الصَّدَقة ، أَو يكون من الغُزاة أَو من الغارمين وله في الصدقة سَهْم . "
المعجم: لسان العرب
نعم
" النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة ، كله : الخَفْض والدَّعةُ والمالُ ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى . وقوله عز وجل : ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته ؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقوله تعالى : ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم ؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا ، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ ؛ حكاه سيبويه ؛ وقال النابغة : فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم ، بالضم : خلافُ البُؤْس . يقال : يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ . ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً ، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر ، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما : نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ ، ولغة رابعة : نَعِمَ يَنْعِم ، بالكسر فيهما ، وهو شاذ . والتنَعُّم : الترفُّه ، والاسم النِّعْمة . ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً ، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم ، ويجوز تَنَعَّم ، فهو ناعِمٌ ، ونَعِمَ يَنْعُم ؛ قال ابن جني : نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم ، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم ، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة ، فإن قلت : فكان يجب ، على هذا ، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم ، قيل : منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً ، وليس كذلك نَعِمَ ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم ، فاحتمل خِلاف مضارعِه ، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ ، فإن قلت : فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل ؟ قيل : هذا طريقُه غير طريق ما قبله ، فإما أن يكون يَنْعِم ، بكسر العين ، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم ، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل ، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل ، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه . ونَعَّمَ أَولادَه : رَفَّهَهم . والنَّعْمةُ ، بالفتح : التَّنْعِيمُ . يقال : نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم . وفي الحديث : كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه ؟ أي كيف أَتَنَعَّم ، من النَّعْمة ، بالفتح ، وهي المسرّة والفرح والترفُّه . وفي حديث أَبي مريم : دخلتُ على معاوية فقال : ما أَنْعَمَنا بك ؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا ، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه ، كأنه ، قال : ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك . والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ : الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ ؛ ومنه الحديث : إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ ؛ قال وقوله : ما أَنْعَمَ العَيْشَ ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ ، تنْبُو الحوادِثُ عنه ، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم ، قالوا نَعِم العيشُ ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم : هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب ، وإن لم يك منه فِعْلٌ ، فتَفهَّمْ . ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ . ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء ؛ قال الأَعشى : وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا ، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ : شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق ، ولا تنبت إلى على ماء ، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ . وثوبٌ ناعِمٌ : ليِّنٌ ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف : وعليهم الثيابُ الناعمةُ ؛
وقال : ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً ، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك . والنِّعْمةُ : اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك . ونِعْمةُ الله ، بكسر النون : مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر ، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ ؛ قال ابن جني : جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع ، ومثله كثير ، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ ، الإتباعُ لأَهل الحجاز ، وحكاه اللحياني ، قال : وقرأَ بعضهم : أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله ، بفتح العين وكسرِها ، قال : ويجوز بِنِعْمات الله ، بإسكان العين ، فأَما الكسرُ (* قوله « فأما الكسر إلخ » عبارة التهذيب : فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات ، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات ، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات ، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله ، بالكسر . وقوله عز وجل : وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله « قرأها ابن عباس إلخ » كذا بالأصل ) نِعَمَه ، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد ، قال شاكراً لأَنعُمِه ، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز ، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده ؛ هذا قول الزجاج ، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه ؛ قال ابن عباس : النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب . وقوله تعالى : وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك ؛ قال الزجاج : معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام ، ومعنى إنْعام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ . وقوله تعالى : وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ ؛ فسره ثعلب فقال : اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك . وقوله تعالى : ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ ؛ يقول : ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون . وقوله تعالى : يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها ؛ قال الزجاج : معناه يعرفون أَن أمرَ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك . والنِّعمةُ ، بالكسر : اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً ، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام ، كقولك : أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد . وأَنْعَم : أَفْضل وزاد . وفي الحديث : إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء ، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا ، رضي الله عنهما . ويقال : قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ ، وقيل : معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ ، ومعنى قولهم : أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً . وتقول : أَنْعَم اللهُ عليك ، من النِّعْمة . وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك ، من النُّعُومةِ . وقولهُم : عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم ، بالكسر ، كما تقول : كُلْ من أَكلَ يأْكلُ ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً . ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً ، ونَعَم ، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً : أَقرَّ بك عينَ من تحبّه ، وفي الصحاح : أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه ؛
أَنشد ثعلب : أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا : الرسالةُ ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد ، قال والحامل الرسالة ، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ ، وهو عيب . قال الجوهري : ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً . وفي حديث مطرّف : لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً ، ولكن ، قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً ؛ قال الزمخشري : الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم ، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف ، والباء للتعدية ، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها ، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن ال همزة كافية في التعدية ، تقول : نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً ، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء ، قال : ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه ، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً ، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً ، والباء للتعدية ، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك ، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد ؛ عن ثعلب ، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه ، وزاد اللحياني : ويَنْعُمُهم عيناً ، وزاد الأَزهري : ويُنْعمُهم ، وقال أَربع لغات . ونُعْمةُ العين : قُرَّتُها ، والعرب تقول : نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه ؛ قال سيبويه : نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ . وفي الحديث : إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه ، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه ، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه ، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك . ونَعِمَ العُودُ : اخضرَّ ونَضَرَ ؛ أنشد سيبويه : واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله « من لحو » في المحكم : من لحق ، واللحق الضمر ). وقال الفرزدق : وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً ، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ ، فمن ، قال الأَضيافُ ، بالرفع ، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها ، ومن ، قال تَنْعَم الأَضيافَ ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً ، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها ، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة ، وقيل : إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان ، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر ، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر . وحكى اللحياني : يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني ؛ وأَنشد عن الكسائي : صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ ، قال : ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه ، والمذكر منه نَعْمٌ ، ويجمع أَنْعُماً . والنَّعامةُ : معروفةٌ ، هذا الطائرُ ، تكون للذكر والأُنثى ، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد ؛ قال أبو كَثْوة : ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً ، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً ، بغير هاء ، الذكرُ منها الظليمُ ، والنعامةُ الأُنثى . قال الأَزهري : وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء ، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ ، والعرب تقول : أَصَمُّ مِن نَعامةٍ ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت ، ويقولون : أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح ؛ قال الراجز : أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون : أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ ؛ ومُوقها : تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها ، ويقولون : أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ . ويقال : ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره . ويقال للمُنْهزِمين : أَضْحَوْا نَعاماً ؛ ومنه قول بشر : فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا ، غَداةَ لَقُونا ، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين : خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم ، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ . ويقال للعَذارَى : كأنهن بَيْضُ نَعامٍ . ويقال للفَرَس : له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه ، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها . ومن أَمثالهم : مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام ؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ ، فهما لا يجتمعان أَبداً . ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك : ما أَنت إلا نَعامةٌ ؛ يَعْنون قوله : ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً ، تُعاظِمُه إذا ما قيل : طِيري وإنْ قيل : احْمِلي ، قالت : فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً : جاء كالنَّعامة ، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين ؛ وفي ذلك يقول بعضهم : أو كالنَّعامةِ ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها ، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم : أنْتَ كصاحبة النَّعامة ، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة ، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ : من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ . والنَّعامة : الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة ، وهي البَكَرة ، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي : إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان ، قال : والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها ، قال الأزهري : وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض ، أحدهما من هذا الجانب ، والآخر من ذاك الجنب ، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين ، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين ، والنَّعامتانِ : المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة ؛ وقال اللحياني : النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر ، الواحدة نَعامة ، وقيل : النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي . والنَّعامة : صخرة ناشزة في البئر . والنَّعامة : كلُّ بناء كالظُّلَّة ، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز ، وقيل : كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم ، والجمع نَعامٌ ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة : بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله « بناها » هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا ، والذي في مادة نفض تذكيره ، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك ). وروى الجوهري عجزه : تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا ، قال : والنَّفائضُ من الإبل ؛ وقال آخر : لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها ، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره : لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال : النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة ، والهَزيم : المتكسر ؛ وبعد هذا البيت : بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي ، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة : الجِلْدة التي تغطي الدماغ ، والنَّعامة من الفرس : دماغُه . والنَّعامة : باطن القدم . والنَّعامة : الطريق . والنَّعامة : جماعة القوم . وشالَتْ نَعامَتُهم : تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا ، وقيل : تَحَوَّلوا عن دارهم ، وقيل : قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم ؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ : أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا ، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا : قد شالت نعامتهم . وفي حديث ابن ذي يَزَنَ : أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم : النعامة الجماعة أَي تفرقوا ؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ : اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم ، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر : إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه ، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة : الظُّلْمة . والنَّعامة : الجهل ، يقال : سكَنَتْ نَعامتُه ؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ : ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه ، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني : يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل . وأَراكةٌ نَعامةٌ : طويلة . وابن النعامة : الطريق ، وقيل : عِرْقٌ في الرِّجْل ؛ قال الأَزهري :، قال الفراء سمعته من العرب ، وقيل : ابن النَّعامة عَظْم الساق ، وقيل : صدر القدم ، وقيل : ما تحت القدم ؛ قال عنترة : فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه ، وابنُ النَّعامةِ ، عند ذلك ، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك ، وقيل : ابن النَّعامة فَرَسُه ، وقيل : رِجْلاه ؛ قال الأزهري : زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله : وابن النعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبي وابن النَعامة : الساقي الذي يكون على البئر . والنعامة : الرجْل . والنعامة : الساق . والنَّعامة : الفَيْجُ المستعجِل . والنَّعامة : الفَرَح . والنَّعامة : الإكرام . والنَّعامة : المحَجَّة الواضحة . قال أَبو عبيدة في قوله : وابن النعامة ، عند ذلك ، مركبي ، قال : هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة ، وإنما ذلك كقولهم : به داء الظَّبْي ، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم ، وليس ثم داء ولا بَكرة . قال ابن بري : وهذا البيت ، أَعني فيكون مركبكِ ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ ؛ وقبله : كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه ، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي : هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ ، وابنُ النَّعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبِي وقال : هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود ، وقال : ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي ، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد ، ، قال : وتروى الأبيات أَيضا لعنترة ، قال : والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل ، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله « في كتابه » هو الأغاني كما بهامش الأصل )، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه ، قال : إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك ، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا ، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا ، وقال : ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه ، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس ، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً ، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه ، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً ؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله . والنَّعَم : واحد الأَنعْام وهي المال الراعية ؛ قال ابن سيده : النَّعَم الإبل والشاء ، يذكر ويؤنث ، والنَّعْم لغة فيه ؛ عن ثعلب ؛ وأَنشد : وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ ، وأَناعيمُ جمع الجمع ؛ قال ذو الرمة : دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي : النعم الإبل خاصة ، والأَنعام الإبل والبقر والغنم . وقوله تعالى : فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم ؛ قال : ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها ؛ قال الأَزهري : دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم . وقوله عز وجل : والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ ؛ قال ثعلب : لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك ، وأما قول الله عز وجَل : وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه ؛ فإن الفراء ، قال : الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم ، والنَّعَم تذكر وتؤنث ، ولذلك ، قال الله عز وجل : مما في بطونه ، وقال في موضع آخر : مما في بطونها ، وقال الفراء : النَّعَم ذكر لا يؤَنث ، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل ، فإذا ، قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم ، قال الله عز وجل : ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (* قوله « إذا ذكرت » الذي في التهذيب : كثرت ) الأَنعام والأَناعيم . والنُّعامى ، بالضم على فُعالى : من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها ؛ قال أَبو ذؤيب : مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان ، قال : هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا . والنَّعامُ والنَّعائمُ : من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ : أَربعة صادرٌ ، وأَربعة واردٌ ؛ قال الجوهري : كأنها سرير مُعْوجّ ؛ قال ابن سيده : أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ . قال الأَزهري : النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر ، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة ، ويقال لها النَّعام ؛
أَنشد ثعلب : باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه ، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا : النَّعائمُ من النجوم ، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض . ونُعاماكَ : بمعنى قُصاراكَ . وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ : زاد . وأَنْعَم فيه : بالَغ ؛ قال : سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه ، لَيْلةً ، وأَنْعَمَ ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي : ما بدا من جَسدِه ، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها ، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة ، وأَبكار الهموم : ما فجَأَك ، وعُونُها : ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها . وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد . وفي حديث صلاة الظهر : فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة ؛ ومنه قولهم : أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه ؛ وقوله : فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع . ونِعْمَ : ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام ، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس . قال أَبو إسحق : إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ ، فقد قلتَ : استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه ، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ . وحكى سيبويه : أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل ، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً ، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر ، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر . وقال ثعلب حكايةً عن العرب : نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً ، وحكى أَيضاً : مررْت بقومٍ نِعْم قوماً ، ونِعْمَ بهم قوماً ، ونَعِمُوا قوماً ، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين ، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً ؛ قال الأزهري : إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً ، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً ، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز ، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس ، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس . الجوهري : نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي ، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ ، وفيهما أَربع لغات : نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه ، ثم تقول : نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول : نِعْمَ بكسر النون وسكون العين ، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول : نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين ، وتقول : نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ ، وإن شئت قلت : نِعْمتِ المرأَةُ هند ، فالرجل فاعلُ نِعْمَ ، وزيدٌ يرتفع من وجهين : أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه ، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل ، قيل لك : مَنْ هو ؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت : هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد ، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً ، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام ، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد ، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا ، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت : نِعْمَّا يَعِظكم به ، تجمع بين الساكنين ، وإن شئت حركت العين بالكسر ، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين ، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا ، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته ، وقالوا : إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث ، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة . وفي الحديث : مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت ، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل ؛ قال ابن الأثير : أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي ، فحذف المخصوص بالمدح ، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة ، يعني الوضوءَ ، يُنالُ الفضلُ ، وقيل : هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك . قال الجوهري : تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف ؛ قال ذو الرمة : أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا : نَعِم القومُ ، كقولك نِعْم القومُ ؛ قال طرفة : ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ ، بفتم النون وكسر العين ، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه ، وقد روي نِعِمَ ، بكسرتين على الإتباع . ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ . قال الأَزهري : ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت . ويقال : ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه . ويقال : إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ . وتَنَعَّمَه بالمكان : طلَبه . ويقال : أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها . وتَنَعَّمَ : مَشَى حافياً ، قيل : هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ . وقال اللحياني : تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما . وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم : أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة ؛ قال : تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات . وقوله تعالى : إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي ، ومثلُه : إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به ؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا ، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم ، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا ، بفتح النون وكسر العين ، وذكر أَبو عبيدة (* قوله « وذكر أَبو عبيدة » هكذا في الأصل بالتاء ، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها ) حديث النبي ، صلى عليه وسلم ، حين ، قال لعمرو بن العاص : نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح ، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية ؛ قال ابن الأَثير : أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد ، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه ، قال نِعْمَ شيئاً المالُ ، والباء زائدة مثل زيادتها في : كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث : نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح ؛ قال ابن الأثير : وفي نِعْمَ لغاتٌ ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين ، ثم فتح النون وكسر العين ، ثم كسرُهما ؛ وقال الزجاج : النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة ، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا ، بكسر النون والعين ، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة ، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات ، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا ، المعنى نِعْمَ الشيءُ ؛ قال الأزهري : إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل ، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل ، وكذلك قوله : إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به ؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به . والنُّعْمان : الدم ، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان . وشقائقُ النُّعْمانِ : نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم . ونُعْمانُ بنُ المنذر : مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه ؛ قال أَبو عبيدة : إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم . أَبو عمرو : من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ . الفراء :، قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله « ونعمتها » كذا بالأصل بالتخفيف ، وفي الصاغاني بالتشديد ) ومَصَلْتها (* قوله « ومصلتها » كذا بالأصل والتهذيب ، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول ) أي كَنسْتها ، وهي المِحْوَقةُ . والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ : المِكْنَسة . وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ ، كلها : مواضع ؛ قال ابن بري : وقول الراعي : صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين : اسم موضع . قال ابن سيده : والأَنْعمان موضعٌ ؛ قال أَبو ذؤيب ، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي : صبا صبوةً بَلْ لجَّ ، وهو لجوجُ ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ : نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة ، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ . ونَعْمانُ : اسم جبل بين مكة والطائف . وفي حديث ابن جبير : خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ ، عليه السلام ، بِنَعْمان السَّحابِ ؛ نَعْمانُ : جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه . ونَعْمانُ ، بالفتح : وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ : تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ ؛ وقال خُلَيْد : أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ : مكانٌ بين مكة والمدينة ، وفي التهذيب : بقرب من مكة . ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير : من شُعرائهم ؛ حكاه ابن الأَعرابي . وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله « ومنعم » هكذا ضبط في الأصل والمحكم ، وقال القاموس كمحدّث ، وضبط في الصاغاني كمكرم . وقوله « وأنعم » ، قال في القاموس بضم العين ، وضبط في المحكم بفتحها . وقوله « ونعمى »، قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي ) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ ، كلهن : أَسماءٌ . والتَّناعِمُ : بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك . وبَنو نَعامٍ : بطنٌ . ونَعامٌ : موضع . يقال : فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ ، وهما موضعان من أطراف اليَمن . والنَّعامةُ : فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد ؛ وفيها يقول : قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي ، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ . والنَّعامةُ أَيضاً : فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى . وناعِمةُ : اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها ، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة . ويَنْعَمُ : حَيٌّ من اليمن . ونَعَمْ ونَعِمْ : كقولك بَلى ، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب ، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى ، وفي التنزيل : هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً ، قالوا نَعَمْ ؛ قال الأزهري : إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه ، ، قال : وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً ، وربما ناقَضَ بَلى إذا ، قال : ليس لك عندي ودِيعةٌ ، فتقول : نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ . وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم ، قال : دَفَعتُ إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو بِمِنىً فقلت : أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ ؟ فقال : نَعِمْ ، وكسر العين ؛ هي لغة في نَعَمْ ، وكسر العين ؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب ، وقد قرئَ بهما . وقال أَبو عثمان النَّهْديّ : أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ ، رضي الله عنه ، بأمر فقلنا : نَعَمْ ، فقال : لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ ، بكسر العين . وقال بعضُ ولد الزبير : ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ ، بكسر العين . وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد : كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ ، وعلى آخر لا ، وأَجالهما عند هُبَل ، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد ، فلما ، قال لِعُمر : أُعْلُ هُبَلُ ، وقال عمر : اللهُ أَعلى وأَجلُّ ، قال أَبو سفيان : أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها ، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ ؛ وقول الطائي : تقول إنْ قلتُمُ لا : لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما ، قال ابن جني : لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية ، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها ، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً ، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية ، فيفتح للإطلاق ، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح ، فقال : قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة ، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد ، ولا بضِدِّها ؛ ألا ترى إلى قوله : وإذا قلتَ نَعَمْ ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد ، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي : أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله « لا يمنع الجوع قاتله » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي المحكم : الجوس قاتله ، والجوس الجوع . والذي في مغني اللبيب : لا يمنع الجود قاتله ، وكتب عليه الدسوقي ما نصه : قوله لا يمنع الجود ، فاعل يمنع عائد على الممدوح ؛ والجود مفعول ثان ؛ وقاتله مفعول أول ، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ . تقرير دردير ). يروى بنصب البخل وجرِّه ، فمن نصبه فعلى ضربين : أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه ، قال أَبى جودُه البخلَ ، والآخر أن تكون لا زائدة ، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن ، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ ، ونَعمْ لا تزاد ، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة ، والوجه الآخر على الزيادة صحيح ، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه ، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً ، ألا ترى أَنه لو ، قال لك الإنسان : لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ ، فقلتَ أَنت : لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود ، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين . ونَعَّم الرجلَ :، قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً ، كما ، قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك ؛ حكاه ابن جني . وأَنعَم له أي ، قال له نعَمْ . ونَعامة : لَقَبُ بَيْهَسٍ ؛ والنعامةُ : اسم فرس في قول لبيد : تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها ، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله « وتحجل والخبال » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة ، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله : تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية ، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل ). وأَبو نَعامة : كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً ؛ قال ابن بري : أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب ، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم . ونُعْم ، بالضم : اسم امرأَة . "