(فارسية تاويله طالب الخبز كاًنه يشهي الطعام إذا ألقي على الأرغفة قبل اختبازها) نانخة - نان خواه (المشهّى) - نخوة - قومينون - ياسليقون وتأويله الكمون الملوكي - - كمون حبشي - آريوذه - أنيسون بري .
المعجم: الأعشاب
نانخواة
ويقال ناتخة بلغة أهل الأندلس ونانوخية ونانخاة ومنهم من يسميه قومسون آنيونيقون وهو الكمون الكرماني والكمون الملوكي، وهو الحبشي ومنهم من سماه بأسليقون وهو كومنيون ومعناه الكمون الملوكي.
المعجم: الأعشاب
,
فَلَنْقَسُ
ـ فَلَنْقَسُ : من أبوه مَوْلًى وأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ ، أو أبَواهُ عَرَبيَّان وجَدَّتاهُ أمَتانِ ، أو أمُّهُ عَرَبيَّةٌ لا أبوهُ ، أو كِلاهُما مَوْلًى ، والبخيلُ الرَّديءُ ، كالفَلْقَسِ .
ـ فَلَّهُ وفَلَّلَهُ : ثَلَمَه فَتَفَلَّلَ وانْفَلَّ وافْتَلَّ ، ـ فَلَّ القومَ : هَزَمَهُم ، فانْفَلُّوا وتَفَلَّلوا . ـ قومٌ فَلٌّ : مُنْهزِمونَ ج : فُلولٌ وأفْلالٌ . ـ سَيْفٌ فَليلٌ ومَفْلولٌ وأفَلُّ ومُنْفَلٌّ : مُنْثَلِمٌ . ـ فُلولُه : ثُلَمُه ، واحِدُها : فَلٌّ . ـ فَليلُ : نابُ البعيرِ المنكسِرُ ، والجماعةُ ، كالفَلِّ ، والشَّعَرُ المُجْتَمِعُ ، كالفَليلَةِ ، والليفُ . ـ فَلُّ : ما نَدَرَ عن الشيءِ ، كسُحالةِ الذَّهَبِ ، وبُرادَةِ الحديدِ ، وشَرارِ النارِ ، والأرضُ الجَدْبَةُ ، أو التي تُمْطَرُ ولا تُنْبِتُ ، أو ما أخطأها المَطَرُ أعواماً ، أو ما لم تُمْطَرْ بين ممطورَتَيْنِ ، أو القَفْرَةُ . والجمعُ فَلٌّ وأفْلالٌ . ـ أفْلَلْنا : وطِئْناها ، ـ فِلُّ : الأرضُ لا نباتَ بها ، وما رَقَّ من الشَّعَرِ . ـ اسْتَفَلَّ الشيءَ : أخَذَ منه أدنَى جُزْءٍ ، كعُشْرِه . ـ أفَلَّ : ذهبَ مالُه . ـ فَلَّ عنه عَقْلُه يَفِلُّ : ذهبَ ثم عادَ . ـ فُلَّى : الكَتيبَةُ المُنْهزِمةُ . ـ فُلْفُلُ وفِلْفِلُ : حَبٌّ هِنْدِيٌّ ، والأبيضُ أصْلَحُ ، وكِلاهُما نافعٌ لقَلْع البَلْغَمِ اللَّزِجِ مَضْغاً بالزِّفْتِ ، ولتَسْخينِ العَصَبِ والعَضَلاتِ تَسْخيناً لا يُوازيهِ غيرُه ، وللمَغَصِ ، والنَّفْخِ ، واسْتِعْمالُه في اللَّعوقِ للسُّعالِ ، وأوْجاعِ الصَّدْرِ ، وقَليلُه يَعْقِلُ ، وكثيرُه يُطْلِق ويُجَفِّفُ ويُدِرُّ ، ويُبَدِّدُ المَنِيَّ بعدَ الجماعِ ، ويُفْسِدُ الزَّرْعَ بقُوَّةٍ . ـ أمَّا الدارَ فُلْفُلَ : وهو شجرُ الفُلْفُلِ أوَّلَ ما يُثْمِرُ ، فَيزيدُ في الباءَة ، ويُحْدِرُ الطعامَ ، ويُزيلُ المَغَصَ ، ويَنْفَعُ من نَهْشِ الهَوامِّ ، طِلاءٌ بالدُّهْنِ . ـ فُلْفُلُ : الخادِمُ الكَيِّسُ ، والليفُ ، واسْمٌ . ـ تَفَلْفَلَ : قارَبَ بين الخُطا ، وتَبَخْتَرَ ، وشاصَ فاهُ بالسِّواكِ ، كفَلْفَلَ فيهما ، وقادِمَتا الضَّرْعِ اسْوَدَّتْ حَلَمَتاهُما . ـ فِلِّيَّةُ : الأرضُ لم يُصِبْها مَطَرُ عامِها ، حتى يُصيبَها المَطَرُ من القابِلِ ، ج : الفَلالِيُّ . ـ ثَوْبٌ مُفَلْفَلٌ : مُوَشًّى كصَعاريرِ الفُلْفُلِ . ـ شَرابٌ مُفَلْفَلٌ : يَلْذَعُ لَذْعَهُ . ـ شَعَرٌ مُفَلْفَلٌ : شديدُ الجُعودَةِ . ـ أديمٌ مُفَلْفَلٌ : نَهَكَهُ الدِّباغُ . ـ أفَلُّ : سَيْفٌ عَدِيِّ ابنِ حاتِمٍ . ـ فِلْفِلانُ : قرية بأصبَهان .
المعجم: القاموس المحيط
الفُلْهَدُ
الفُلْهَدُ : الغلامُ السَّمينُ يقارب طَوْرَ الرُّجولة .
المعجم: المعجم الوسيط
فلقس
" الفَلْقَسُ والفَلَنْقَس : البخيل اللئيم . والفَلَنْقَس : الهَجِين من قِبَل أَبَوَيْه الذي أَبُوه مَوْلًى وأُمّه مَوْلاة ، والهَجِين : الذي أَبوه عتِيق وأُمَّه مَوْلاة ، والمُقْرِف : الذي أَبوه مَوْلًى وأُمّه ليست كذلك . ابن السِّكِّيت : العَبَنْقَس الذي جَدَّتاه من قِبَل أَبيه وأُمّه عجميَّتان وامرأَته عجمية ، والفَلَنْقَس الذي هو عربيّ لعربيّين ، وجدَّتاه من قِبَلِ أَبَوَيْه أَمَتان أَو أُمّه عربيّة . قال ثعلب : الحُرُّ ابنُ عَربيَّين والفَلَنْقَس ابن عربيّين لأَمتَيْن ، وقال شمر : الفَلَنْقَس الذي أَبوه مولًى وأُمّه عربية ؛ قال الشاعر : العَبْدُ والهَجِينُ والفَلَنْقَسُ ثلاثةٌ ، فأَيّهُمْ تَلَمَّسُ ؟ وأَنكر أَبو الهيثم ما ، قاله شمر وقال : الفَلَنْقَس الذي أَبواه عربيّان ، وجدّتاه من قِبَل أَبيه وأُمّه أَمَتان ؛ قال الأَزهري : وهذا قول أَبي زيد ، قال : هو ابن عَرَبيّين لأَمَتين ؛ وقال الليث : هو الذي أُمّه عربيَّة وأَبوه ليس بعربيّ . "
المعجم: لسان العرب
فلهد
" غلام فُلْهُدٌ ، باللام : يملأُ المَهْد ؛ عن كراع . أَبو عمرو : الفَلْهَدُ والفُرْهُدُ الغلام السمين الذي قد راهقَ الحُلُمَ . ويقال : غلام فُلْهُدٌ إِذا كان ممتلئاً . "
المعجم: لسان العرب
ذوق
" الذّوْقُ : مصدر ذاقَ الشيءَ يذُوقه ذَوقاً وذَواقاً ومَذاقاً ، فالذَّواق والمَذاق يكونان مصدرين ويكونان طَعْماً ، كما تقول ذَواقُه ومذاقُه طيّب ؛ والمَذاق : طَعْمُ الشيء . والذَّواقُ : هو المأْكول والمشروب . وفي الحديث : لم يكن يَذُمُّ ذَواقاً ، فَعال بمعنى مفعول من الذَّوْقِ ، ويقع على المصدر والاسم ؛ وما ذُقْتُ ذَواقاً أَي شيئاً ، وتقول : ذُقْتُ فلاناً وذُقْتُ ما عنده أَي خَبَرْته ، وكذلك ما نزل بالإِنسان من مَكروه فقد ذاقَه . وجاء في الحديث : إِنَّ الله لا يحبّ الذّوّاقِين والذّوَّاقات ؛ يعني السريعِي النكاحِ السريعِي الطلاقِ ؛ قال : وتفسيره أَن لا يَطْمئنّ ولا تطمئنّ كلما تزوّج أَو تزوّجت كَرِها ومدَّا أَعينهما إِلى غيرهما . والذَّوَّاق : المَلُول . ويقال : ذُقت فلاناً أَي خبَرْته وبُرْتُه . واسْتَذَقْت فلاناً إِذا خبرته فلم تَحْمَد مَخْبَرَته ؛ ومنه قول نَهْشل بن حرِّيٍّ : وعَهْدُ الغانِياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ ، وَنَتْ عنه الجَعائلُ ، مسْتَذاقِ كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ مَنْ رآه ، ولا يَشْفِي الحَوائم من لَماقِ يريد أَنّ القَيْنَ إِذا تأَخَّر عنه أَجرُه فسدَ حاله مع إِخوانه ، فلا يَصِل إلى الاجتماع بهم على الشَّراب ونحوه . وتَذَوَّقْته أَي ذُقْته شيئاً بعد شيء . وأَمر مُستَذاقٌ أَي مُجَرَّبٌ معلوم . والذَّوْقُ : يكون فيما يُكره ويُحمد . قال الله تعالى : فأَذاقَها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوْفِ ؛ أَي ابْتَلاها بسُوء ما خُبِرت من عِقاب الجوع والخَوْف . وفي الحديث : كانوا إِذا خرجوا من عنده لا يَتفرَّقون إِلا عن ذَواق ؛ ضَرب الذواق مثلاً لما يَنالون عنده من الخير أَي لا يَتفرقون إِلا عن علم وأَدب يَتعلَّمونه ، يَقوم لأَنفسهم وأَرواحهم مَقام الطعام والشراب لأَجسامهم . ويقال : ذُقْ هذه القوس أَي انْزَعْ فيها لتَخْبُر لِينها من شدّتها ؛ قال الشماخ : فذاق فأَعْطَتْه من اللِّينِ جانِباً ، كَفَى ولَها أَن يُغْرِقَ النَّبْل حاجِزُ (* قوله « كفى ولها إلخ » كذا بالأصل والذي في الأساس : لها ولها أن يغرق السهم حاجز ). أَي لها حاجز يَمنع من إِغراقٍ أَي فيها لين وشدّة ؛ ومثله : في كَفِّه مُعْطِيةٌ مَنُوع ومثله : شَِرْيانة تَمْنَعُ بعدَ اللِّينِ وذُقْتُ القوسَ إِذا جذَبْت وترَها لتنظر ما شدّتها . ابن الأَعرابي في قوله : فذوقُوا العذاب ، قال : الذَّوْق يكون بالفم وبغير الفم . وقال أَبو حمزة : يقال أَذاق فلان بعدك سَرْواً أَي صار سَرِيّاً ، وأَذاقَ بعدَك كَرَماً ، وأَذاق الفرَسُ بعدك عَدْواً أَي صار عَدّاء بعدك ؛ وقوله تعالى : فذاقَت وبالَ أَمرِها ، أَي خبَرت ؛ وأَذاقَه اللهُ وبال أَمره ؛ قال طفيل : فذوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجِّرٍ من الغَيْظِ ، في أكْبادِنا ، والتَّحَوُّبِ (* قوله « محجر »، قال الأصمعي بكسر الجيم وغيره يفتح ). وذاقَ الرجل عُسَيْلَةَ المرأَة إِذا أَوْلَج فيها إِذاقةً حتى خَبر طِيب جِماعها ، وذاقَت هي عُسَيْلَته كذلك لمّا خالَطها . ورجل ذَوّاق مِطْلاق إِذا كان كثير النكاح كثير الطلاق . ويومٌ ما ذُقْته طعاماً أَي ما ذقت فيه ، وذاقَ العذاب والمكروه ونحو ذلك ، وهو مثَل : وفي التنزيل : ذُقْ إِنَّك أَنت العزيز الكريم . وفي حديث أُحُد : أَن أَبا سفيان لما رأَى حمزة ، رضي الله عنه ، مقْتولاً ، قال له : ذُقْ عُقَقُ أَي ذق طعْمَ مُخالَفَتِك لنا وتَرْكِكَ دِينَك الذي كنت عليه يا عاقَّ قومه ؛ جعل إِسلامَه عُقوقاً ، وهذا من المجاز أَن يستعمل الذَّوْق وهو ما يتعلّق بالأَجسام في المعاني كقوله تعالى : ذق إِنك أَنت العزيز الكريم ، وقوله : فذاقُوا وبالَ أَمرِهم . وأَذَقْته إِياه ، وتَذواقَ القومُ الشيء كذاقُوه ؛ قال ابن مُقْبِل : يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَوْصالاً مُنعَّمةً ، هَزَّ الشَّمالِ ضُحىً عَيْدانَ يَبْرِينا أَو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَذاوَقَه أَيدي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا (* قوله « التجار » في الأساس : الكماة ). والمعروفُ تداوله . ويقال : ما ذُقت ذَواقاً أَي شيئاً ، وهو ما يُذاق من الطعام . "
المعجم: لسان العرب
ودع
" الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ : مناقِيفُ صِغارٌ تخرج من البحر تُزَيَّنُ بها العَثاكِيلُ ، وهي خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ في بطونها شَقٌّ كَشَقِّ النواةِ تتفاوت في الصغر والكبر ، وقيل : هي جُوفٌ في جَوْفها دُوَيْبّةٌ كالحَلَمةِ ؛ قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة : ولا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي لأَخْدَعَه ، وغِرَّتَه أُرِيد ؟
قال ابن بري : صواب إِنشاده : أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ واحدتها ودْعةٌ وودَعةٌ . ووَدَّعَ الصبيَّ : وضَعَ في عنُقهِ الوَدَع . وودَّعَ الكلبَ : قَلَّدَه الودَعَ ؛
ويروى : أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ ؛ ومنه الحديث : من تَعَلَّقَ ودَعةً لا وَدَعَ الله له ، وإِنما نَهَى عنها لأَنهم كانوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ العين ، وقوله : لا ودَعَ اللهُ له أَي لا جعله في دَعةٍ وسُكُونٍ ، وهو لفظ مبنيّ من الودعة ، أَي لا خَفَّفَ الله عنه ما يَخافُه . وهو يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كما يُخْدَعُ الصبيّ بالودع فَيُخَلَّى يَمْرُثُها . ويقال للأَحمق : هو يَمْرُدُ الوْدَع ، يشبه بالصبي ؛ قال الشاعر : والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَه ؟
قال ابن بري : أَنشد الأَصمعي هذا البيت في الأَصمعيات لرجل من تميم بكماله : السِّنُّ من جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ ، والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَه ؟
قال : وتقول خرج زيد فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عند سفره من التوْدِيعِ ، ووَدَّع ابنه : جعل الوَدعَ في عُنُقه ، وكلبَه : قَلَّدَه الودع ، وفرسَه : رَفَّهَه ، وهو فرس مُوَدَّعُ ومَوْدُوع ، على غير قِياسٍ ، ودِرْعَه ، والشيءَ : صانَه في صِوانِه . والدَّعةُ والتُّدْعةُ (* قوله « والتدعة » أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد ) على البدل : الخَفْضُ في العَيْشِ والراحةُ ، والهاء عِوَضٌ من الواو . والوَديعُ : الرجل الهادئ الساكِنُ ذو التُّدَعةِ . ويقال ذو وَداعةٍ ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً ، زاد ابن بري : ووَدَعَه ، فهو وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن ؛
وأَنشد شمر قول عُبَيْدٍ الراعي : ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ منه ، به تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا أي تَقِيه وتَصُونه ، وقيل أَي تُقِرُّه على صَوْنِه وادِعاً . ويقال : وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صار إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ ؛ ومنه قول سويد بن كراع : أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَدَعْ لِسُلَيْمى ، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ أَي لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ . ويقال : نال فلان المَكارِمَ وادِعاً أَي من غير أَن يَتَكَلَّفَ فيها مَشَقّة . وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه : رَفَّهَه ، والاسم المَوْدوعُ . ورجل مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ ؛ فأَما قول خُفافِ بن نُدْبة : إِذا ما اسْتَحَمَّتْ أَرضُه من سَمائِه جَرى ، وهو موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق فكأَنه مفعول من الدَّعةِ أَي أَنه ينال مُتَّدَعاً من الجرْيِ متروكاً لا يُضْرَبُ ولا يْزْجَرُ ما يسْبِقُ به ، وبيت خفاف بن ندبة هذا أَورده الجوهري وفسره فقال أَي متروك لا يضرب ولا يزجر ؛ قال ابن بري : مَوْدوعٌ ههنا من الدَّعةِ التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أَنه جرى ولم يَجْهَدْ كما أَوردناه ، وقال ابن بزرج : فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ ومُودَعٌ ؛ وقال ذو الإِصبَع العَدواني : أُقْصِرُ من قَيْدِه وأُودِعُه ، حتى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا والدَّعةُ : من وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ . وقولهم : عليكَ بالمَوْدوع أَي بالسكِينة والوقار ، فإِن قلت : فإِنه لفظ مفْعولٍ ولا فِعْل له إِذا لم يقولوا ودَعْتُه في هذا المعنى ؛ قيل : قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حُكي من قولهم رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ ، ومُدَرْهَمٌ للكثير الدِّرهم ، ولم يقولوا فُئِدَ ولا دُرْهِمَ . وقالوا : أَسْعَده الله ، فهو مَسْعودٌ ، ولا يقال سُعِدَ إِلا في لغة شاذة . وإِذا أَمَرْتَ الرجل بالسكينةِ والوَقارِ قلت له : تَوَدَّعْ واتَّدِعْ ؛ قال الأزهري : وعليك بالموْدوعِ من غير أَن تجعل له فعلاً ولا فاعاً مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ ، قال الجوهري : وقولهم عليك بالمودوع أَي بالسكينةِ والوقار ، قال : لا يقال منه ودَعه كما لا يقال من المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه . ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ واتَّدَعَ ، كلاهما : سكَن ؛ وعليه أَنشد بعضهم بيت الفرزدق : وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ ، لم يَدَعْ من المال إِلاّ مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ فمعنى لم يَدَعْ لم يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ ، والجملة بعد زمان في موضع جرّ لكونها صفة له ، والعائد منها إِليه محذوف للعلم بموضعه ، والتقدير فيه لم يَدَعْ فيه أَو لأَجْلِه من المال إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف ، فيرتفع مُسْحت بفعله ومجَلَّفُ عطف عليه ، وقيل : معنى قوله لم يدع لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ ، وقيل : لم يستقر ، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ أَي لم يترك من المال إِلاَّ شيئاً مُسْتأْصَلاً هالِكاً أَو مجلف كذلك ، ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره ، قال : وهو كقولك ضربت زيداً وعمروٌ ، تريد وعمْرٌو مضروب ، فلما لم يظهر له الفعل رفع ؛
وأَنشد ابن بري لسويد بن أَبي كاهل : أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ من سُلَيْمى ، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ أَي لم يَسْتَقِرّ . وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه : صانَه . قال الأَزهري : والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثوباً في صِوانٍ لا يصل إِليه غُبارٌ ولا رِيحٌ . وودَعْتُ الثوبَ بالثوب وأَنا أَدَعُه ، مخفف . وقال أَبو زيد : المِيدَعُ كل ثوب جعلته مِيدَعاً لثوب جديد تُوَدِّعُه به أَي تَصُونه به . ويقال : مِيداعةٌ ، وجمع المِيدَعِ مَوادِعُ ، وأَصله الواو لأَنك ودَّعْتَ به ثوبَك أَي رفَّهْتَه به ؛ قال ذو الرمة : هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً ، إِذا ما تَزَيَّنَتْ ، وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ وقال الأَصمعي : المِيدَعُ الثوبُ الذي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ به ثيابَ الحُقوق ليوم الحَفْل ، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ به المَصونُ . وتودَّعَ فلان فلاناً إِذا ابتذله في حاجته . وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا ابتذلها . وفي الحديث : صَلى معه عبدُ الله ابن أُنَيْسٍ وعليه ثوب مُتَمَزِّقٌ فلما انصرف دعا له بثوب فقال : تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هذا أَي تَصَوَّنْه به ، يريد الْبَسْ هذا الذي دفعته إِليك في أَوقات الاحتفال والتزَيُّن . والتَّوديعُ : أَن يجعل ثوباً وقايةَ ثوب آخر . والمِيدَعُ والميدعةُ والمِيداعةُ : ما ودَّعَه به . وثوبٌ مِيدعٌ : صفة ؛ قال الضبي : أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي ، وأَتَّقِي به الموتَ ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ وقد يُضاف . والمِيدع أَيضاً : الثوب الذي تَبْتَذِله المرأَة في بيتها . يقال : هذا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها ، ومِيدَعَتُها : التي تُوَدِّعُ بها ثيابها . ويقال للثوب الذي يُبْتَذَل : مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل . والمِيدعُ والمِيدَعةُ : الثوب الخَلَقُ ؛ قال شمر أَنشد ابن أَبي عدْنان : في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ مُبْتَذَلاتٌ ، ما لَهُنَّ مِيدَع ؟
قال : ما لهنَّ مِيدع أَي ما لهن من يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي يصونهُنَّ عن العَمَل . وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كان يُحْزِنُ ، وذلك إِذا كان كلاماً يُحْتَشَمُ منه ولا يستحسن . والمِيداعةُ : الرجل الذي يُحب الدَّعةَ ؛ عن الفراء . وفي الحديث : إِذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّعَ منهم أَي أُهْمِلو وتُرِكوا وما يَرْتَكِبونَ من المَعاصي حتى يُكثِروا منها ، ولم يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله ، وأَصله من التوْدِيع وهو الترك ، قال : وهو من المجاز لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرجل إِذا يَئِسَ من صلاحِه تركه واسْتراحَ من مُعاناةِ النَّصَب معه ، ويجوز أَن يكون من قولهم تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه في مِيدَعٍ ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويُتَصَوَّن كما يُتَوَقَّى شرار الناس . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : إِذا مََشَتْ هذه الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّعَ منها . ومنه الحديث : اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً وابْتَدِعُوها سالمة أَي اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عنها إِذا لم تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها ، وهو افْتَعَلَ من وَدُعَ ، بالضم ، ودَاعةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ . وايْتَدَعَ ، فهو مُتَّدِعٌ أَي صاحب دَعةٍ ، أَو من وَدَعَ إِذا تَرَكَ ، يقال اتهَدَعَ وابْتَدَعَ على القلب والإِدغام والإِظهار . وقولهم : دَعْ هذا أَي اتْرُكْه ، ووَدَعَه يَدَعُه : تركه ، وهي شاذة ، وكلام العرب : دَعْني وذَرْني ويَدَعُ ويَذَرُ ، ولا يقولون ودَعْتُكَ ولا وَذَرْتُكَ ، استغنوا عنهما بتَرَكْتُكَ والمصدر فيهما تركاً ، ولا يقال ودْعاً ولا وَذْراً ؛ وحكاهما بعضهم ولا وادِعٌ ، وقد جاء في بيت أَنشده الفارسي في البصريات : فأَيُّهُما ما أَتْبَعَنَّ ، فإِنَّني حَزِينٌ على تَرْكِ الذي أَنا وادِع ؟
قال ابن بري : وقد جاء وادِعٌ في شعر مَعْنِ بن أَوْسٍ : عليه شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا ، يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه وفي التنزيل : ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى ؛ أَي لم يَقْطَعِ اللهُ الوحيَ عنك ولا أَبْغَضَكَ ، وذلك أَنه ، صلى الله عليه وسلم ، اسْتأَخر الوحْيُ عنه فقال ناس من الناس : إِن محمداً قد ودّعه ربه وقَلاه ، فأَنزل الله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى ، المعنى وما قَلاكَ ، وسائر القُرّاء قرؤوه : ودّعك ، بالتشديد ، وقرأَ عروة بن الزبير : ما وَدَعَك ربك ، بالتخفيف ، والمعنى فيهما واحد ، أَي ما تركك ربك ؛
قال : وكان ما قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الذي وَدَعُوا وقال ابن جني : إِنما هذا على الضرورة لأَنّ الشاعر إذا اضْطُرَّ جاز له أَن ينطق بما يُنْتِجُه القِياسُ ، وإِن لم يَرِدْ به سَماعٌ ؛
وأَنشد قولَ أَبي الأَسودِ الدُّؤلي : لَيْتَ شِعْرِي ، عن خَلِيلي ، ما الذي غالَه في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ ؟ وعليه قرأَ بعضهم : ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وما قَلى ، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ من القِلى ، قال : فهذا أَحسن من أَن يُعَلَّ باب اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل ، وإِعلالُ استحوذ واستنوق ونحوهما من المصحح تركُ أَصل ، وبين مراجعة الأُصول وتركها ما لا خَفاء به ؛ وهذا بيت روى الأَزهري عن ابن أَخي الأَصمعي أَن عمه أَنشده لأَنس بن زُنَيْمٍ الليثي : لَيْتَ شِعْرِي ، عن أَمِيري ، ما الذي غالَه في الحبّ حتى ودَعْه ؟ لا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً ، إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَه ؟
قال ابن بري : وقد رُوِيَ البيتان للمذكورين ؛ وقال الليث : العرب لا تقول ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تركته ولكن يقولون في الغابر يَدَعُ ، وفي الأَمر دَعْه ، وفي النهي لا تَدَعْه ؛
وأَنشد : أَكْثَرَ نَفْعاً من الذي ودَعُوا يعني تركوا . وفي حديث ابن عباس : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ على قلوبهم أَي عن تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عنها من وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه وَدْعاً إِذا تركه ، وزعمت النحويةُ أَنّ العرب أَماتُوا مصدر يَدَعُ ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عنه بتَرْكٍ ، والنبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَفصح العرب وقد رويت عنه هذه الكلمة ؛ قال ابن الأَثير : وإِنما يُحْمل قولهم على قلة استعماله فهو شاذٌّ في الاستعمال صحيح في القياس ، وقد جاء في غير حديث حتى قرئ به قوله تعالى : ما وَدَعَك ربك وما قَلى ، بالتخفيف ؛
وأَنشد ابن بري لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ : سَلْ أَمِيري : ما الذي غَيَّرَه عن وِصالي ، اليوَْمَ ، حتى وَدَعَه ؟ وأَنشد لآخر : فَسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه ، ثم لَمْ يُدْركْ ، ولا عَجْزاً وَدَعْ وقالوا : لم يُدَعْ ولم يُذَرْ شاذٌّ ، والأَعرف لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ ، وهو القياس . والوَداعُ ، بالفتح : التَّرْكُ . وقد ودَّعَه ووَادَعَه ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ له من ذلك ؛
قال : فهاجَ جَوًى في القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى ، بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ وقيل في قول ابن مُفَرِّغٍ : دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ أي اتْرُكِيني بعضَ الترْك . وقال ابن هانئ في المرريه (* قوله « في المرريه » كذا بالأصل ) الذي يَتَصَنَّعُ في الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه على ثِقةٍ : دَعْني من هِنْدَ فلا جَدِيدَها ودَعَتْ ولا خَلَقَها رَقَعَتْ . وفي حديث الخَرْصِ : إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثلث ، فإِن لم تَدَعُوا الثلث فدَعوا الرُّبعَ ؛ قال الخطابي : ذهب بعض أَهل العلم إِلى أَنه يُتْرَكُ لهم من عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عليهم لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ منهم مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بهم ، فإِنه يكون منها الساقِطةُ والهالِكةُ وما يأْكله الطير والناس ، وكان عمر ، رضي الله عنه ، يأْمر الخُرّاصَ بذلك . وقال بعض العلماء : لا يُترك لهم شيءٌ شائِعٌ في جملة النخل بل يُفْرَدُ لهم نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قد عُلِمَ مِقْدارُ ثمرها بالخَرْصِ ، وقيل : معناه أَنهم إِذا لم يرضوا بِخَرْصِكُم فدَعوا لهم الثلث أَو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقّه ويتركوا الباقي إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه ، لا أَنه يترك لهم بلا عوض ولا اخراج ؛ ومنه الحديث : دَعْ داعِيَ اللَّبنِ أَي اتْرُكْ منه في الضَّرْع شيئاً يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ ولا تَسْتَقْصِ حَلْبَه . والوَداعُ : تَوْدِيعُ الناس بعضهم بعضاً في المَسِيرِ . وتَوْدِيعُ المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سفراً : تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ ، وهم يُوَدِّعُونه إِذا سافر تفاؤُلاً بالدَّعةِ التي يصير إِليها إِذا قَفَلَ . ويقال ودَعْتُ ، بالتخفيف ، فَوَوَدَعَ ؛
وأَنشد ابن الأَعرابي : وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً ، تُضَحّي رُوَيْداً ، وتُمْسي زُرَيْقا وهو من قولهم فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ . وتَوَدَّعَ القومُ وتَوادَعُوا : وَدَّعَ بعضهم بعضاً . والتوْدِيعُ عند الرَّحِيل ، والاسم الوَادع ، بالفتح . قال شمر : والتوْدِيعُ يكون للحيّ والميت ؛
وأَنشد بيت لبيد : فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ ، وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ وقال القطامي : قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يا ضُباعا ، ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَداعا أَراد ولا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَداعِ وليكن موقف غِبْطةٍ وإِقامة لأَنَّ موقف الوداع يكون لِلفِراقِ ويكون مُنَغَّصاً بما يتلوه من التبارِيحِ والشوْقِ . قال الأَزهريّ : والتوْدِيعُ ، وإِن كان أَصلُه تَخْليفَ المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ ، فإِنّ العرب تضعه موضع التحيةِ والسلام لأَنه إِذا خَلَّفَ دعا لهم بالسلامة والبقاء ودَعوْا بمثْلِ ذلك ؛ أَلا ترى أَن لبيداً ، قال في أخيه وقد مات : فَوَدِّعْ بالسلام أَبا حُرَيْزٍ أَراد الدعاء له بالسلام بعد موته ، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودَّعَه تَوْدِيعَ الحيّ إِذا سافر ، وجائز أَن يكون التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه في الخفْضِ والدَّعةِ . وفي نوادر الأَعراب : تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ عَلَيَّ . قال الأَزهري : فمعنى تُوُدِّعَ منهم أَي سُلِّمَ عليهم للتوديع ؛ وأَنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته : قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا ، وتَرَبَّعَتْ بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَع ؟
قال : تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرَّعْي . يقال : سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عليها وصَقَلَها ، وكذلك صَقَلَ فَرَسَه إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ من ضُمْرِه ما يبلغ الصَّيْقَلُ من السيف ، وهذا مثل ؛ وروى شمر عن محارب : ودَّعْتُ فلاناً من وادِع السلام . ووَدَّعْتُ فلاناً أَي هَجَرْتُه . والوَداعُ : القِلى . والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ : شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ . والوَدِيعُ : العَهْدُ . وفي حديث طَهْفةَ :، قال عليه السلام : لكم يا بني نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ المال ؛ ودائِعُ الشرْكِ أَي العُهودُ والمَواثِيقُ ، يقال : أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً . قال ابن الأَثير : وقيل يحتمل أَن يريدوا بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أَمْوالِ الكفار الذين لم يدخلوا في الإِسلام ، أَراد إِحْلالَها لهم لأَنها مال كافر قُدِرَ عليه من غير عَهْدٍ ولا شرْطٍ ، ويدل عليه قوله في الحديث : ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ . وفي الحديث : أَنه وادَعَ بَني فلان أَي صالَحَهم وسالَمَهم على ترك الحرب والأَذى ، وحقيقة المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كل واحد منهما ما هو فيه ؛ ومنه الحديث : وكان كعب القُرَظِيُّ مُوادِعاً لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وفي حديث الطعام : غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ، لا مُسْتَغْنًى عنه رَبّنا أَي غير مَتْرُوكِ الطاعةِ ، وقيل : هو من الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ . وتَوادَعَ القوم : أَعْطى بعضُهم بعضاً عَهْداً ، وكله من المصالحة ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين . وقال الأَزهري : تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كل منهم الآخرِينَ عهداً أَن لا يَغْزُوَهُم ؛ تقول : وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً ، وهي الهُدْنةُ والمُوادعةُ . وناقة مُوَدَّعةٌ : لا تُرْكَب ولا تُحْلَب . وتَوْدِيعُ الفَحلِ : اقْتِناؤُه للفِحْلةِ . واسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعَه إِياه : دَفَعَه إِليه ليكون عنده ودِيعةً . وأَوْدَعَه : قَبِلَ منه الوَدِيعة ؛ جاء به الكسائي في باب الأَضداد ؛ قال الشاعر : اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ ، فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ وقال أَبو حاتم : لا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته ، وأَنكره شمر إِلا أَنه حكى عن بعضهم اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بعيراً فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه ؛ قال الأَزهري :، قاله ابن شميل في كتاب المَنْطِقِ والكسائِيُّ لا يحكي عن العرب شيئاً إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه . ويقال : أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً ؛
وأَنشد : يا ابنَ أَبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ ، أَوْدَعْتُكَ اللهَ الذي هُو حَسْبِيَهْ وأَنشد ابن الأَعرابي : حتى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ ، ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ ، أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا أَشْياءَ ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ وأَنشد أَيضاً : إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ ، فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجعله ودِيعةً لهذا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ . والوَدِيعةُ : واحدة الوَدائِعِ ، وهي ما اسْتُودِعَ . وقوله تعالى : فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ ؛ المُسْتَوْدَعُ ما في الأَرحام ، واسْتَعاره علي ، رضي الله عنه ، للحِكْمة والحُجّة فقال : بهم يَحفظ اللهُ حُجَجَه حتى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها في قُلوبِ أَشباهِهِم ؛ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو : فمستقِرّ ، بكسر القاف ، وقرأَ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح وكله ؟
قال : فَمُسْتَقِرّ في الرحم ومستودع في صلب الأَب ، روي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد والضحاك . وقال الزجاج : فَلَكُم في الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ ولكم في الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ ، ومن قرأَ فمستقِرّ ، بالكسر ، فمعناه فمنكم مُسْتَقِرٌّ في الأَحياء ومنكم مُسْتَوْدَعٌ في الثَّرى . وقال ابن مسعود في قوله : ويعلم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها أَي مُستَقَرَّها في الأَرحام ومُسْتَوْدَعَها في الأَرض . وقال قتادة في قوله عز وجل : ودَعْ أَذاهُم وتَوَكَّلْ على الله ؛ يقول : اصْبِرْ على أَذاهم . وقال مجاهد : ودع أَذاهم أَي أَعْرِضْ عنهم ؛ وفي شعر العباس يمدح النبي ، صلى الله عليه وسلم : مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي مُسْتَوْدَعٍ ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ المُسْتَوْدَعُ : المَكانُ الذي تجعل فيه الوديعة ، يقال : اسْتَوْدَعْتُه ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إَيّاها ، وأَراد به الموضع الذي كان به آدمُ وحوّاء من الجنة ، وقيل : أَراد به الرَّحِمَ . وطائِرٌ أَوْدَعُ : تحتَ حنَكِه بياض . والوَدْعُ والوَدَعُ : اليَرْبُوعُ ، والأَوْدَع أَيضاً من أَسماء اليربوع . والوَدْعُ : الغَرَضُ يُرْمَى فيه . والوَدْعُ : وثَنٌ . وذاتُ الوَدْعِ : وثَنٌ أَيضاً . وذات الوَدْعِ : سفينة نوح ، عليه السلام ، كانت العرب تُقْسِمُ بها فتقول : بِذاتِ الودْع ؛ قال عَدِيّ بن زيد العبّادِي : كَلاّ ، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ ، لَوْ حَدَثَتْ فيكم ، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارا يريد سفينةَ نوح ، عليه السلام ، يَحْلِفُ بها ويعني بالماجِدِ النُّعمانَ بنَ المنذِرِ ، والزَّارُ أَراد الزارة بالجزيرة ، وكان النعمان مَرِضَ هنالك . وقال أَبو نصر : ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كان يعلق عليها في سُتُورِها الوَدْعُ ؛ ويقال : أَراد بذات الوَدْعِ الأَوْثانَ . أَبو عمرو : الوَدِيعُ المَقْبُرةُ . والودْعُ ، بسكون الدال : جائِرٌ يُحاطُ عليه حائطٌ يَدْفِنُ فيه القومُ موتاهم ؛ حكاه ابن الأَعرابي عن المَسْرُوحِيّ ؛ وأَنشد : لَعَمْرِي ، لقد أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً على ظَهْرِ وَدْعٍ ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ وفي الوَدْعِ ، لو يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً ، غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هو طالِعُه ؟
قال المسروحيّ : سمعت رجلاً من بني رويبة بن قُصَيْبةَ بن نصر بن سعد بن بكر يقول : أَوْفَى رجل منا على ظهر وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ ، وهي حرة لبني سعد بن بكر ، قال : فسمعت قائلاً يقول ما أَنْشَدْناه ، قال : فخرج ذلك الرجل حتى أَتى قريشاً فأَخبر بها رجلاً من قريش فأَرسل معه بضعة عشر رجلاً ، فقال : احْفِرُوه واقرؤوا القرآن عنده واقْلَعُوه ، فأَتوه فقلعوا منه فمات ستة منهم أَو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فَزَعاً ، فأَخبروا صاحبهم فكَفُّوا عنه ، قال : ولم يَعُدْ له بعد ذلك أَحد ؛ كلّ ذلك حكاه ابن الأَعرابي عن المسروحيّ ، وجمع الوَدْعِ وُدُوعٌ ؛ عن المسروحي أَيضاً . والوَداعُ : وادٍ بمكةَ ، وثَنِيّةُ الوَداعِ منسوبة إِليه . ولما دخل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مكة يوم الفتح استقبله إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ ويَقُلْن : طَلَعَ البَدْرُ علينا من ثَنيّاتِ الوداعِ ، وجَبَ الشكْرُ علينا ، ما دَعا للهِ داعِ ووَدْعانُ : اسم موضع ؛
وأَنشد الليث : ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ ووادِعةُ : قبيلة إِما أَن تكون من هَمْدانَ ، وإِمّا أَن تكون هَمْدانُ منها ، وموْدُوعٌ : اسم فرس هَرِمِ بن ضَمْضَمٍ المُرّي ، وكان هَرِمٌ قُتِلَ في حَرْبِ داحِسٍ ؛ وفيه تقول نائحتُه : يا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ ، أَنْ لا أَرَى هَرِماً على مَوْدُوعِ "
المعجم: لسان العرب
نفس
" النَّفْس : الرُّوحُ ، قال ابن سيده : وبينهما فرق ليس من غرض هذا الكتاب ، قال أَبو إِسحق : النَّفْس في كلام العرب يجري على ضربين : أَحدهما قولك خَرَجَتْ نَفْس فلان أَي رُوحُه ، وفي نفس فلان أَن يفعل كذا وكذا أَي في رُوعِه ، والضَّرْب الآخر مَعْنى النَّفْس فيه مَعْنى جُمْلَةِ الشيء وحقيقته ، تقول : قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نفسه أَي أَوْقَتَ الإِهْلاك بذاته كلِّها وحقيقتِه ، والجمع من كل ذلك أَنْفُس ونُفُوس ؛ قال أَبو خراش في معنى النَّفْس الروح : نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ ، ولم يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَ ؟
قال ابن بري : الشعر لحذيفة بن أَنس الهذلي وليس لأَبي خراش كما زعم الجوهري ، وقوله نَجَا سَالِمٌ ولم يَنْجُ كقولهم أَفْلَتَ فلانٌ ولم يُفْلِتْ إِذا لم تعدّ سلامتُه سلامةً ، والمعنى فيه لم يَنْجُ سالِمٌ إِلا بجفن سيفِه ومئزرِه وانتصاب الجفن على الاستثناء المنقطع أَي لم ينج سالم إِلا جَفْنَ سيف ، وجفن السيف منقطع منه ، والنفس ههنا الروح كما ذكر ؛ ومنه قولهم : فَاظَتْ نَفْسُه ؛ وقال الشاعر : كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ ، إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُود ؟
قال ابن خالويه : النَّفْس الرُّوحُ ، والنَّفْس ما يكون به التمييز ، والنَّفْس الدم ، والنَّفْس الأَخ ، والنَّفْس بمعنى عِنْد ، والنَّفْس قَدْرُ دَبْغة . قال ابن بري : أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ ما يكون به التمييز فَشاهِدُهُما قوله سبحانه : اللَّه يَتَوفَّى الأَنفُس حين مَوتِها ، فالنَّفْس الأُولى هي التي تزول بزوال الحياة ، والنَّفْس الثانية التي تزول بزوال العقل ؛ وأَما النَّفْس الدم فشاهده قول السموأَل : تَسِيلُ على حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا ، ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ وإِنما سمي الدم نَفْساً لأَن النَّفْس تخرج بخروجه ، وأَما النَّفْس بمعنى الأَخ فشاهده قوله سبحانه : فإِذا دخلتم بُيُوتاً فسلموا على أَنْفُسِكم ، وأَما التي بمعنى عِنْد فشاهده قوله تعالى حكاية عن عيسى ، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام : تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك ؛ أَي تعلم ما عندي ولا أَعلم ما عندك ، والأَجود في ذلك قول ابن الأَنباري : إِن النَّفْس هنا الغَيْبُ ، أَي تعلم غيبي لأَن النَّفْس لما كانت غائبة أُوقِعَتْ على الغَيْبِ ، ويشهد بصحة قوله في آخر الآية قوله : إِنك أَنت عَلاَّمُ الغُيُوب ، كأَنه ، قال : تعلم غَّيْبي يا عَلاَّم الغُيُوبِ . والعرب قد تجعل النَّفْس التي يكون بها التمييز نَفْسَيْن ، وذلك أَن النَّفْس قد تأْمره بالشيء وتنهى عنه ، وذلك عند الإِقدام على أَمر مكروه ، فجعلوا التي تأْمره نَفْساً وجعلوا التي تنهاه كأَنها نفس أُخرى ؛ وعلى ذلك قول الشاعر : يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ ، وفي العَيْشِ فُسْحَةٌ ، أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لا يَطُورُها ؟ وأَنشد الطوسي : لمْ تَدْرِ ما لا ؛ ولَسْتَ قائِلَها ، عُمْرَك ما عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً فِيهَا وفي أُخْتِها ، ولم تَكَدِ وقال آخر : فَنَفْسَايَ نَفسٌ ، قالت : ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ ، تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها ونَفْسٌ تقول : اجْهَدْ نجاءك ، لا تَكُنْ كَخَاضِبَةٍ لم يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا والنَّفْسُ يعبَّر بها عن الإِنسان جميعه كقولهم : عندي ثلاثة أَنْفُسٍ . وكقوله تعالى : أَن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جنب اللَّه ؛ قال ابن سيده : وقوله تعالى : تعلم ما في نفسي ولا أَعلم ما في نفسك ؛ أَي تعلم ما أَضْمِرُ ولا أَعلم ما في نفسك أَي لا أَعلم ما حقِيقَتُك ولا ما عِنْدَكَ عِلمُه ، فالتأَويل تعلَمُ ما أَعلَمُ ولا أَعلَمُ ما تعلَمُ . وقوله تعالى : ويحذِّرُكم اللَّه نَفْسَه ؛ أَي يحذركم إِياه ، وقوله تعالى : اللَّه يتوفى الأَنفس حين موتها ؛ روي عن ابن عباس أَنه ، قال : لكل إسنسان نَفْسان : إِحداهما نفس العَقْل الذي يكون به التمييز ، والأُخرى نَفْس الرُّوح الذي به الحياة . وقال أَبو بكر بن الأَنباري : من اللغويين من سَوَّى النَّفْس والرُّوح وقال هما شيء واحد إِلا أَن النَّفْس مؤنثة والرُّوح مذكر ، قال : وقال غيره الروح هو الذي به الحياة ، والنفس هي التي بها العقل ، فإِذا نام النائم قبض اللَّه نَفْسه ولم يقبض رُوحه ، ولا يقبض الروح إِلا عند الموت ، قال : وسميت النَّفْسُ نَفْساً لتولّد النَّفَسِ منها واتصاله بها ، كما سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ موجود به ، وقال الزجاج : لكل إِنسان نَفْسان : إِحداهما نَفْس التمييز وهي التي تفارقه إِذا نام فلا يعقل بها يتوفاها اللَّه كما ، قال اللَّه تعالى ، والأُخرى نفس الحياة وإِذا زالت زال معها النَّفَسُ ، والنائم يَتَنَفَّسُ ، قال : وهذا الفرق بين تَوَفِّي نَفْس النائم في النوم وتَوفِّي نَفْس الحيّ ؛ قال : ونفس الحياة هي الرُّوح وحركة الإِنسان ونُمُوُّه يكون به ، والنَّفْس الدمُ ؛ وفي الحديث : ما لَيْسَ له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا مات فيه ، وروي عن النخعي أَنه ، قال : كلُّ شيء له نَفْس سائلة فمات في الإِناء فإِنه يُنَجِّسه ، أَراد كل شيء له دم سائل ، وفي النهاية عنه : كل شيء ليست له نَفْس سائلة فإِنه لا يُنَجِّس الماء إِذا سقط فيه أَي دم سائل . والنَّفْس : الجَسَد ؛ قال أَوس بن حجر يُحَرِّض عمرو بن هند على بني حنيفة وهم قتَلَة أَبيه المنذر بن ماء السماء يوم عَيْنِ أَباغٍ ويزعم أَن عَمْرو ابن شمر (* قوله « عمرو بن شمر » كذا بالأصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي العكس .) الحنفي قتله : نُبِّئْتُ أَن بني سُحَيْمٍ أَدْخَلوا أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر فَلَبئسَ ما كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ شمرٌ وكان بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ والتامُورُ : الدم ، أَي حملوا دمه إِلى أَبياتهم ويروى بدل رهطه قومه ونفسه . اللحياني : العرب تقول رأَيت نَفْساً واحدةً فتؤنث وكذلك رأَيت نَفْسَين فإِذا ، قالوا رأَيت ثلاثة أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا ، وكذلك جميع العدد ، قال : وقد يجوز التذكير في الواحد والاثنين والتأْنيث في الجمع ، قال : حكي جميع ذلك عن الكسائي ، وقال سيبويه : وقالوا ثلاثة أَنْفُس يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عندهم إنسان فهم يريدون به الإِمنسان ، أَلا ترى أَنهم يقولون نَفْس واحد فلا يدخلون الهاء ؟، قال : وزعم يونس عن رؤبة أَنه ، قال ثلاث أَنْفُس على تأْنيث النَّفْس كما تقول ثلاث أَعْيُنٍ للعين من الناس ، وكما ، قالوا ثلاث أَشْخُصٍ في النساء ؛ وقال الحطيئة : ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ ، لقد جار الزَّمانُ على عِيالي وقوله تعالى : الذي خلقكم من نَفْس واحدة ؛ يعي آدم ، عليه السلام ، وزوجَها يعني حواء . ويقال : ما رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي ما رأَيت أَحداً . وقوله في الحديث : بُعِثْتُ في نَفَس الساعة أَي بُعِثْتُ وقد حان قيامُها وقَرُبَ إِلا أَن اللَّه أَخرها قليلاً فبعثني في ذلك النَّفَس ، وأَطلق النَّفَس على القرب ، وقيل : معناه أَنه جعل للساعة نَفَساً كَنَفَس الإِنسان ، أَراد : إِني بعثت في وقت قريب منها ، أَحُس فيه بنَفَسِها كما يَحُس بنَفَس الإِنسان إِذا قرب منه ، يعني بعثت في وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فيه وظهرت علاماتها ؛ ويروى : في نَسَمِ الساعة ، وسيأْتي ذكره والمُتَنَفِّس : ذو النَّفَس . ونَفْس الشيء : ذاته ؛ ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم نزلت بنَفْس الجيل ، ونَفْسُ الجبل مُقابِلي ، ونَفْس الشيء عَيْنه يؤكد به . يقال : رأَيت فلاناً نَفْسه ، وجائني بَنَفْسِه ، ورجل ذو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ ، وثوب ذو نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة . والنَّفْس : العَيْن . والنَّافِس : العائن . والمَنْفوس : المَعْيون . والنَّفُوس : العَيُون الحَسُود المتعين لأَموال الناس ليُصيبَها ، وما أَنْفَسه أَي ما أَشدَّ عينه ؛ هذه عن اللحياني . ويقال : أَصابت فلاناً نَفْس ، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بعين . وفي الحديث : نهى عن الرُّقْيَة إِلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس ؛ النَّفْس : العين ، هو حديث مرفوع إِلى النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، عن أَنس . ومنه الحديث : أَنه مسح بطنَ رافع فأَلقى شحمة خَضْراء فقال : إِنه كان فيها أَنْفُس سَبْعَة ، يريد عيونهم ؛ ومنه حديث ابن عباس : الكِلابُ من الجِنِّ فإِن غَشِيَتْكُم عند طعامكم فأَلقوا لهن فإِن لهن أَنْفُساً أَي أَعْيناً . ويقالُ : نَفِس عليك فلانٌ يَنْفُسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك . ابن الأَعرابي : النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة والنَّفْس عين الشيء وكُنْهُه وجَوْهَره ، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس العين التي تصيب المَعِين . والنَّفَس : الفَرَج من الكرب . وفي الحديث : لا تسبُّوا الريح فإِنها من نَفَس الرحمن ، يريد أَنه بها يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر الغيث ويُذْهب الجدبَ ، وقيل : معناه أَي مما يوسع بها على الناس ، وفي الحديث : أَنه ، صلى اللَّه عليه وسلم ، قال : أَجد نَفَس ربكم من قِبَلِ اليمن ، وفي رواية : أَجد نَفَس الرحمن ؛ يقال إِنه عنى بذلك الأَنصار لأَن اللَّه عز وجل نَفَّس الكربَ عن المؤمنين بهم ، وهم يَمانُونَ لأَنهم من الأَزد ، ونَصَرهم بهم وأَيدهم برجالهم ، وهو مستعار من نَفَس الهواء الذي يَرُده التَّنَفُّس إِلى الجوف فيبرد من حرارته ويُعَدِّلُها ، أَو من نَفَس الريح الذي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه ، أَو من نفَس الروضة وهو طِيب روائحها فينفرج به عنه ، وقيل : النَّفَس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً ، كما يقال فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً ، كأَنه ، قال : اَجد تَنْفِيسَ ربِّكم من قِبَلِ اليمن ، وإِن الريح من تَنْفيس الرحمن بها عن المكروبين ، والتَّفْريج مصدر حقيقي ، والفَرَج اسم يوضع موضع المصدر ؛ وكذلك قوله : الريح من نَفَس الرحمن أَي من تنفيس اللَّه بها عن المكروبين وتفريجه عن الملهوفين . قال العتبي : هجمت على واد خصيب وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عن ذلك فقال شيخ منهم : ليس لنا ريح . والنَّفَس : خروج الريح من الأَنف والفم ، والجمع أَنْفاس . وكل تَرَوُّح بين شربتين نَفَس . والتَنَفُّس : استمداد النَفَس ، وقد تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس الصُّعَداء ، وكلّ ذي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ ، ودواب الماء لا رِئاتَ لها . والنَّفَس أَيضاً : الجُرْعَة ؛ يقال : أَكْرَع في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي جُرْعة أَو جُرْعَتين ولا تزد عليه ، والجمع أَنفاس مثل سبب وأَسباب ؛ قال جرجر : تُعَلِّلُ ، وَهْيَ ساغِبَةٌ ، بَنِيها بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ القَراحِ وفي الحديث : نهى عن التَّنَفُّسِ في الإِناء . وفي حديث آخر : أَنه كان يَتَنفّسُ في الإِناء ثلاثاً يعني في الشرب ؛ قال الأَزهري :، قال بعضهم الحديثان صحيحان . والتَنَفُّس له معنيان : أَحدهما أَن يشرب وهو يَتَنَفَّسُ في الإِناء من غير أَن يُبِينَه عن فيه وهو مكروه ، والنَّفَس الآخر أَن يشرب الماء وغيره من الإِناء بثلاثة أَنْفاسٍ يُبينُ فاه عن الإِناء في كل نَفَسٍ . ويقال : شراب غير ذي نَفَسٍ إِذا كان كَرِيه الطعم آجِناً إِذا ذاقه ذائق لم يَتَنَفَّس فيه ، وإِنما هي الشربة الأُولى قدر ما يمسك رَمَقَه ثم لا يعود له ؛ وقال أَبو وجزة السعدي : وشَرْبَة من شَرابٍ غَيْرِ ذي نََفَسٍ ، في صَرَّةٍ من نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ ابن الأَعرابي : شراب ذو نَفَسٍ أَي فيه سَعَةٌ وريٌّ ؛ قال محمد بن المكرم : قوله النَّفَس الجُرْعة ، وأَكْرَعْ في الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين أَي جُرْعة أَو جُرْعتين ولا تزد عليه ، فيه نظر ، وذلك أَن النّفَس الواحد يَجْرع الإِنسانُ فيه عِدَّة جُرَع ، يزيد وينقص على مقدار طول نَفَس الشارب وقصره حتى إِنا نرى الإِنسان يشرب الإِناء الكبير في نَفَس واحد علة عدة جُرَع . ويقال : فلان شرب الإِناء كله على نَفَس واحد ، واللَّه أَعلم . ويقال : اللهم نَفِّس عني أَي فَرِّج عني ووسِّع عليَّ ، ونَفَّسْتُ عنه تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ . يقال : نَفَّس اللَّه عنه كُرْبته أَي فرَّجها . وفي الحديث : من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عنه كرْبة من كُرَب الآخرة ، معناه من فَرَّجَ عن مؤمن كُربة في الدنيا فرج اللَّه عنه كُرْبة من كُرَب يوم القيامة . ويقال : أَنت في نَفَس من أَمرك أَي سَعَة ، واعمل وأَنت في نَفَس من أَمرك أَي فُسحة وسَعة قبل الهَرَم والأَمراض والحوادث والآفات . والنَّفَس : مثل النَّسيم ، والجمع أَنْفاس . ودارُك أَنْفَسُ من داري أَي أَوسع . وهذا الثوب أَنْفَسُ من هذا أَي أَعرض وأَطول وأَمثل . وهذا المكان أَنْفَسُ من هذا أَي أَبعد وأَوسع . وفي الحديث : ثم يمشي أَنْفَسَ منه أَي أَفسح وأَبعد قليلاً . ويقال : هذا المنزل أَنْفَس المنزلين أَي أَبعدهما ، وهذا الثوب أَنْفَس الثوبين أَي أَطولهما أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما . ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج ووسع . وفي الحديث : من نَفَّس عن غريمه أَي أَخَّر مطالبته . وفي حديث عمار : لقد أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فلو كنت تَنَفَّسْتَ أَي أَطلتَ ؛ وأَصله أَن المتكلم إِذا تَنَفَّسَ استأْنف القول وسهلت عليه الإِطالة . وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ إِذا زاد ماؤها . وقال اللحياني : إِن في الماء نَفَساً لي ولك أَي مُتَّسَعاً وفضلاً ، وقال ابن الأَعرابي : أَي رِيّاً ؛ وأَنشد : وشَربة من شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ ، في كَوْكَبٍ من نجوم القَيْظِ وضَّاحِ أَي في وقت كوكب . وزدني نَفَساً في أَجلي أَي طولَ الأَجل ؛ عن اللحياني . ويقال : بين الفريقين نَفَس أَي مُتَّسع . ويقال : لك في هذا الأَمر نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ . وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حتى يصير نهاراً بيّناً . وتَنَفَّس النهار وغيره : امتدَّ وطال . ويقال للنهار إِذا زاد : تَنَفَّسَ ، وكذلك الموج إِذا نَضحَ الماءَ . وقال اللحياني : تَنَفَّس النهار انتصف ، وتنَفَّس الماء . وقال اللحياني : تَنَفَّس النهار انتصف ، وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ ، وتنَفَّس العُمْرُ منه إِما تراخى وتباعد وإِما اتسع ؛ أَنشد ثعلب : ومُحْسِبة قد أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها ، تَنَفَّسَ عنها جَنْبُها فهي كالشِّوا وقال الفراء في قوله تعالى : والصبح إِذا تَنَفَّسَ ، قال : إِذا ارتفع النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح . وقال مجاهد : إِذا تَنَفَّس إِذا طلع ، وقال الأَخفش : إِذا أَضاء ، وقال غيره : إِذا تنَفَّس إِذا انْشَقَّ الفجر وانْفَلق حتى يتبين منه . ويقال : كتبت كتاباً نَفَساً أَي طويلاً ؛ وقول الشاعر : عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا أَي ساعة بعد ساعة . ونَفَسُ الساعة : آخر الزمان ؛ عن كراع . وشيء نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فيه ويُرْغب . ونَفْسَ الشيء ، بالضم ، نَفاسَةً ، فهو نَفِيسٌ ونافِسٌ : رَفُعَ وصار مرغوباً فيه ، وكذلك رجل نافِسٌ ونَفِيسٌ ، والجمع نِفاسٌ . وأَنْفَسَ الشيءُ : صار نَفيساً . وهذا أَنْفَسُ مالي أَي أَحَبُّه وأَكرمه عندي . وقال اللحياني : النَّفِيسُ والمُنْفِسُ المال الذي له قدر وخَطَر ، ثم عَمَّ فقال : كل شيء له خَطَرٌ وقدر فهو نَفِيسٌ ومُنْفِس ؛ قال النمر بن تولب : لا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه ، فإِذا هَلَكْتُ ، فعند ذلك فاجْزَعي وقد أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً . ويقال : إِن الذي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فيه أَي مرغوب فيه . وأَنْفَسَني فيه ونَفَّسَني : رغَّبني فيه ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ؛ وأَنشد : بأَحْسَنَ منه يومَ أَصْبَحَ غادِياً ، ونفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ أَي رغَّبني فيه . وأَمر مَنْفُوس فيه : مرغوب . ونَفِسْتُ عليه الشيءَ أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ به ولم تحب أَن يصل إِليه . ونَفِسَ عليه بالشيء نَفَساً ، بتحريك الفاء ، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً ، الأَخيرة نادرة : ضَنَّ . ومال نَفِيس : مَضْمون به . ونَفِسَ عليه بالشيء ، بالكسر : ضَنَّ به ولم يره يَسْتأْهله ؛ وكذلك نَفِسَه عليه ونافَسَه فيه ؛ وأَما قول الشاعر : وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها ، تُنافِسُ دُنْيا قد أَحَمَّ انْصِرامُها فإِما أَن يكون أَراد تُنافِسُ في دُنْيا ، وإِما أَن يريد تُنافِسُ أَهلَ دُنْيا . ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قليل أَي حسدت . وتَنافَسْنا ذلك الأَمر وتَنافَسْنا فيه : تحاسدنا وتسابقنا . وفي التنزيل العزيز : وفي ذلك فَلْيَتَنافَس المُتَنافِسون أَي وفي ذلك فَلْيَتَراغَب المتَراغبون . وفي حديث المغيرة : سَقِيم النِّفاسِ أَي أَسْقَمَتْه المُنافَسة والمغالبة على الشيء . وفي حديث إِسمعيل ، عليه السلام : أَنه تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ أَي أَعجبهم وصار عندهم نَفِيساً . ونافَسْتُ في الشيء مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رغبت فيه على وجه المباراة في الكرم . وتَنافَسُوا فيه أَي رغبوا . وفي الحديث : أَخشى أَن تُبْسط الدنيا عليكم كما بُسِطَتْ على من كان قبلكم فتَنافَسوها كما تَنافَسُوها ؛ هو من المُنافَسَة الرغبة في الشيء والانفرادية ، وهو من الشيء النَّفِيسِ الجيد في نوعه . ونَفِسْتُ بالشيء ، بالكسر ، أَي بخلت . وفي حديث علي ، كرم اللَّه وجهه : لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه وسلم ، فما نَفِسْناه عليك . وحديث السقيفة : لم نَنْفَسْ عليك أَي لم نبخل . والنِّفاسُ : ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ ، فهي نُفَساءٌ . والنَّفْسُ : الدم . ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ ، بالكسر ، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ : ولدت . وقال ثعلب : النُّفَساءُ الوالدة والحامل والحائض ، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس ؛ عن اللحياني ، ونُفُس ونُفَّاس ؛ قال الجوهري : وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات ؛ وامرأَتان نُفساوان ، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً . وفي الحديث : أَن أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت ؛ ومنه الحديث : فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها . وحكى ثعلب : نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول . وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن يُنْفَس أَي يولد . الجوهري : وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ فلان أَي قبل أَن يولد ؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن صعصعة : وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ ، كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ أَي بولد . وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء إِذا طَرَّقَتْ بولدها ، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك ، ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً ، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة البكر أَشد من ولادة الثيب . وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة ؛ وقولُ امرئ القيس : ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك . والمَنْفُوس : المولود . وفي الحديث : ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد كُتِبَ مكانها من الجنة والنار ، وفي رواية : إِلا : كُتِبَ رزقُها وأَجلها ؛ مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة . قال : يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ ، فأَما الحيض فلا يقال فيه إِلا نَفِسَتْ ، بالفتح . وفي حديث عمر ، رضي اللَّه عنه : أَنه أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه . وفي حديث أَبي هريرة : أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد ، والمراد أَنه صلى عليه ولم يَعمل ذنباً . وفي حديث ابن المسيب : لا يرثُ المَنْفُوس حتى يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت . وقالت أُم سلمة : كنت مع النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، في الفراش فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت ، فقال : أَنَفِسْتِ ؟ أَراد : أَحضتِ ؟ يقال : نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ ، بالفتح ، إِذا حاضت . ويقال : لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير . يقال : ما سرَّني بهذا الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ . وفي حديث عمر ، رضي اللَّه عنه : كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من تحته ريح ؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم . وتَنَفَّسَت القوس : تصدَّعت ، ونَفَّسَها هو : صدَّعها ؛ عن كراع ، وإِنما يَتَنَفَّس منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ ، وأَما الفِلْقَة فلا تَنَفَّسُ . ابن شميل : يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها ، وتَنَفَّس القِدْح والقوس كذلك . قال ابن سيده : وأَرى اللحياني ، قال : إِن النَّفْس الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها ، قال : ولست منه على ثقة . والنَّفْسُ من الدباغ : قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مما يدبغ به الأَديم من القرظ وغيره . يقال : هب لي نَفْساً من دباغ ؛ قال الشاعر : أَتَجْعَلُ النَّفْسَ التي تُدِيرُ في جِلْدِ شاةٍ ثم لا تَسِيرُ ؟
قال الأَصمعي : بعثت امرأَة من العرب بُنَيَّةً لها إِلى جارتها فقالت : تقول لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بها مَنِيئَتي فإِني أَفِدَةٌ أَي مستعجلة لا أَتفرغ لاتخاذ الدباغ من السرعة ، أَرادت قدر دبغة أَو دبغتين من القَرَظ الذي يدبغ به . المَنِيئَةُ : المَدْبَغة وهي الجلود التي تجعل في الدِّباغ ، وقيل : النَّفْس من الدباغ مِلءُ الكفِّ ، والجمع أَنْفُسٌ ؛ أَنشد ثعلب : وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ به ، على الماء ، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس يعني الوَطْبَ من اللبن الذي دُبِغَ بهذا القَدْر من الدّباغ . والنَّافِسُ : الخامس من قِداح المَيْسِر ؛ قال اللحياني : وفيه خمسة فروض وله غُنْمُ خمسة أَنْصباءَ إِن فاز ، وعليه غُرْمُ خمسة أَنْصِباءَ إِن لم يفز ، ويقال هو الرابع . "
المعجم: لسان العرب
قصص
" قَصَّ الشعر والصوف والظفر يقُصُّه قَصّاً وقَصّصَه وقَصّاه على التحويل : قَطعَه . وقُصاصةُ الشعر : ما قُصّ منه ؛ هذه عن اللحياني ، وطائر مَقْصُوص الجناح . وقُصَاصُ الشعر ، بالضم ، وقَصَاصُه وقِصاصُه ، والضم أَعلى : نهايةُ منبته ومُنْقَطعه على الرأْس في وسطه ، وقيل : قُصاصُ الشعر حدُّ القفا ، وقيل : هو حيث تنتهي نبْتتُه من مُقدَّمه ومؤخَّره ، وقيل : قُصاص الشعر نهايةُ منبته من مُقدَّم الرأْس . ويقال : هو ما استدار به كله من خلف وأَمام وما حواليه ، ويقال : قُصاصَة الشعر . قال الأَصمعي : يقال ضربَه على قُصاصِ شعره ومقَصّ ومقاصّ . وفي حديث جابر : أَن رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، كان يسجد على قِصاص الشعر وهو ، بالفتح والكسر ، منتهى شعر الرأْس حيث يؤخذ بالمِقَصّ ، وقد اقْتَصَّ وتَقَصّصَ وتقَصّى ، والاسم القُصّةُ . والقُصّة من الفرس : شعر الناصية ، وقيل : ما أَقْبَلَ من الناصية على الوجه . والقُصّةُ ، بالضم : شعرُ الناصية ؛ قال عدي بن زيد يصف فرساً : له قصّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيه ، والعيْنُ تُبْصِرُ ما في الظُّلَمْ وفي حديث سَلْمان : ورأَيته مُقَصَّصاً ؛ هو الذي له جُمّة . وكل خُصْلة من الشعر قُصّة . وفي حديث أَنس : وأَنتَ يومئذ غُلامٌ ولك قَرْنانِ أَو قُصّتانِ ؛ ومنه حديث معاوية : تنَاوَلَ قُصّةً من شعر كانت في يد حَرَسِيّ . والقُصّة : تتخذها المرأَة في مقدمِ رأْسها تقصُّ ناحيتَيْها عدا جَبِينها . والقَصُّ : أَخذ الشعر بالمِقَصّ ، وأَصل القَصِّ القَطْعُ . يقال : قصَصْت ما بينهما أَي قطعت . والمِقَصُّ : ما قصَصْت به أَي قطعت . قال أَبو منصور : القِصاص في الجِراح مأْخوذ من هذا إِذا اقْتُصَّ له منه بِجِرحِه مثلَ جَرْحِه إِيّاه أَو قتْله به . الليث : القَصُّ فعل القاصّ إِذا قَصَّ القِصَصَ ، والقصّة معروفة . ويقال : في رأْسه قِصّةٌ يعني الجملة من الكلام ، ونحوُه قوله تعالى : نحن نَقُصُّ عليك أَحسنَ القصص ؛ أَي نُبَيّن لك أَحسن البيان . والقاصّ : الذي يأْتي بالقِصّة من فَصِّها . ويقال : قَصَصْت الشيء إِذا تتبّعْت أَثره شيئاً بعد شيء ؛ ومنه قوله تعالى : وقالت لأُخْته قُصّيه ؛ أَي اتّبِعي أَثَرَه ، ويجوز بالسين : قسَسْت قَسّاً . والقُصّةُ : الخُصْلة من الشعر . وقُصَّة المرأَة : ناصيتها ، والجمع من ذلك كله قُصَصٌ وقِصاصٌ . وقَصُّ الشاة وقَصَصُها : ما قُصَّ من صوفها . وشعرٌ قَصِيصٌ : مقصوصٌ . وقَصَّ النسّاجُ الثوبَ : قطَع هُدْبَه ، وهو من ذلك . والقُصاصَة : ما قُصَّ من الهُدْب والشعر . والمِقَصُّ : المِقْراض ، وهما مِقَصَّانِ . والمِقَصَّان : ما يَقُصّ به الشعر ولا يفرد ؛ هذا قول أَهل اللغة ، قال ابن سيده : وقد حكاه سيبويه مفرداً في باب ما يُعْتَمل به . وقصَّه يقُصُّه : قطَعَ أَطراف أُذُنيه ؛ عن ابن الأَعرابي . قال : وُلدَ لِمَرْأَةٍ مِقْلاتٍ فقيل لها : قُصِّيه فهو أَحْرى أَن يَعِيشَ لكِ أَي خُذي من أَطراف أُذنيه ، ففعلَتْ فعاش . وفي الحديث : قَصَّ اللّهُ بها خطاياه أَي نقَصَ وأَخَذ . والقَصُّ والقَصَصُ والقَصْقَصُ : الصدر من كل شيء ، وقيل : هو وسطه ، وقيل : هو عَظْمُه . وفي المثل : هو أَلْزَقُ بك من شعرات قَصِّك وقَصَصِك . والقَصُّ : رأْسُ الصدر ، يقال له بالفارسية سَرِسينه ، يقال للشاة وغيرها . الليث : القص هو المُشاشُ المغروزُ فيه أَطرافُ شراسِيف الأَضلاع في وسط الصدر ؛ قال الأَصمعي : يقال في مثل : هو أَلْزَمُ لك من شُعَيْراتِ قَصِّك ، وذلك أَنها كلما جُزَّتْ نبتت ؛
وأَنشد هو وغيره : كم تمَشَّشْتَ من قَصٍّ وانْفَحَةٍ ، جاءت إِليك بذاك الأَضْؤُنُ السُّودُ وفي حديث صَفْوانَ بن مُحْرز : أَنه كان إِذا قرأَ : وسيَعْلَمُ الذين ظَلَموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون ، بَكى حتى نقول : قد انْدَقَّ قَصَصُ زَوْرِه ، وهو منبت شعره على صدره ، ويقال له القصَصُ والقَصُّ . وفي حديث المبعث : أَتاني آت فقدَّ من قَصِّي إِلى شِعْرتي ؛ القصُّ والقَصَصُ : عظْمُ الصدر المغروزُ فيه شَراسِيفُ الأَضلاع في وسطه . وفي حديث عطاء : كَرِه أَن تُذْبَحَ الشاةُ من قَصِّها ، واللّه أَعلم . والقِصّة : الخبر وهو القَصَصُ . وقصّ عليّ خبَره يقُصُّه قَصّاً وقَصَصاً : أَوْرَدَه . والقَصَصُ : الخبرُ المَقْصوص ، بالفتح ، وضع موضع المصدر حتى صار أَغْلَبَ عليه . والقِصَص ، بكسر القاف : جمع القِصّة التي تكتب . وفي حديث غَسْل دَمِ الحيض : فتقُصُّه بريقها أَي تعَضُّ موضعه من الثوب بأَسْنانها وريقها ليذهب أَثره كأَنه من القَصّ القطع أَو تتبُّع الأَثر ؛ ومنه الحديث : فجاء واقْتصّ أَثَرَ الدم . وتقَصّصَ كلامَه : حَفِظَه . وتقَصّصَ الخبر : تتبّعه . والقِصّة : الأَمرُ والحديثُ . واقْتَصَصْت الحديث : رَوَيْته على وجهه ، وقَصَّ عليه الخبَرَ قصصاً . وفي حديث الرؤيا : لا تقُصَّها إِلا على وادٍّ . يقال : قَصَصْت الرؤيا على فلان إِذا أَخبرته بها ، أَقُصُّها قَصّاً . والقَصُّ : البيان ، والقَصَصُ ، بالفتح : الاسم . والقاصُّ : الذي يأْتي بالقِصّة على وجهها كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها . وفي الحديث : لا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال أَي لا ينبغي ذلك إِلا لأَمير يَعظُ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا ، وأَما مأْمورٌ بذلك فيكون حكمُه حكمَ الأَمير ولا يَقُصّ مكتسباً ، أَو يكون القاصّ مختالاً يفعل ذلك تكبراً على الناس أَو مُرائياً يُرائي الناس بقوله وعملِه لا يكون وعظُه وكلامه حقيقة ، وقيل : أَراد الخطبة لأَن الأُمَراء كانوا يَلونها في الأَول ويَعظون الناس فيها ويَقُصّون عليهم أَخبار الأُمم السالفة . وفي الحديث : القاصُّ يَنْتظر المَقْتَ لما يَعْرِضُ في قِصَصِه من الزيادة والنقصان ؛ ومنه الحديث : أَنّ بَني إِسرائيل لما قَصُّوا هَلَكوا ، وفي رواية : لما هلكوا قَصُّوا أَي اتكَلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سببَ هلاكهم ، أَو العكس لما هلكوا بترك العمل أَخْلَدُوا إِلى القَصَص . وقَصَّ آثارَهم يَقُصُّها قَصّاً وقَصَصاً وتَقَصّصَها : تتبّعها بالليل ، وقيل : هو تتبع الأَثر أَيَّ وقت كان . قال تعالى : فارتدّا على آثارهما قَصصاً . وكذلك اقْتَصَّ أَثره وتَقَصّصَ ، ومعنى فارتدّا على آثارهما قَصَصاً أَي رَجَعا من الطريق الذي سلكاه يَقُصّان الأَثر أَي يتّبعانه ؛ وقال أُمية بن أَبي الصلت :، قالت لأُخْتٍ له : قُصِّيهِ عن جُنُبٍ ، وكيف يَقْفُو بلا سَهْلٍ ولا جَدَدِ ؟
قال الأَزهري : القصُّ اتِّباع الأَثر . ويقال : خرج فلان قَصَصاً في أَثر فلان وقَصّاً ، وذلك إِذا اقْتَصَّ أَثره . وقيل : القاصُّ يَقُصُّ القَصَصَ لإِتْباعه خبراً بعد خبر وسَوْقِه الكلامَ سوقاً . وقال أَبو زيد : تقَصّصْت الكلامَ حَفِظته . والقَصِيصَةُ : البعيرُ أَو الدابةُ يُتَّبع بها الأَثرُ . والقَصيصة : الزامِلةُ الضعيفة يحمل عليها المتاع والطعام لضعفها . والقَصيصةُ : شجرة تنبت في أَصلها الكَمأَةُ ويتخذ منها الغِسْل ، والجمع قَصائِصُ وقَصِيصٌ ؛ قال الأَعشى : فقلت ، ولم أَمْلِكْ : أَبَكْرُ بن وائلٍ متى كُنْتَ فَقْعاً نابتاً بقَصائِصا ؟ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس : تَصَيَّفَها ، حتى إِذا لم يَسُغ لها حَلِيّ بأَعْلى حائلٍ وقَصِيص وأَنشد لعدي بن زيد : يَجْنِي له الكَمْأَةَ رِبْعِيّة ، بالخَبْءِ ، تَنْدَى في أُصُولِ القَصِيص وقال مُهاصِر النهشلي : جَنَيْتُها من مُجْتَنىً عَوِيصِ ، من مُجْتَنى الإِجْرِدِ والقَصِيصِ ويروى : جنيتها من منبِتٍ عَوِيصِ ، من مَنبت الإِجرد والقصيص وقد أَقَصَّت الأَرضُ أَي أَنْبَتَتْه . قال أَبو حنيفة : زعم بعض الناس أَنه إِنما سمي قَصيصاً لدلالته على الكمأَة كما يُقْتَصّ الأَثر ، قال : ولم أَسمعه ، يريد أَنه لم يسمعه من ثقة . الليث : القَصِيص نبت ينبت في أُصول الكمأَة وقد يجعل غِسْلاً للرأْس كالخِطْمِيّ ، وقال : القَصِيصة نبت يخرج إِلى جانب الكمأَة . وأَقَصّت الفرسُ ، وهي مُقِصّ من خيل مَقاصَّ : عظُم ولدها في بطنها ، وقيل : هي مُقِصّ حتى تَلْقَح ، ثم مُعِقٌّ حتى يَبْدو حملها ، ثم نَتُوج ، وقيل : هي التي امتنعت ثم لَقِحت ، وقيل : أَقَصّت الفرس ، فهي مُقِصٌّ إِذا حملت . والإِقْصاصُ من الحُمُر : في أَول حملها ، والإِعْقاق آخره . وأَقَصّت الفرس والشاة ، وهي مُقِصٌّ : استبان ولدُها أَو حملُها ، قال الأَزهري : لم أَسمعه في الشاء لغير الليث . ابن الأَعرابي : لَقِحت الناقة وحملت الشاة وأَقَصّت الفرس والأَتان في أَول حملها ، وأَعَقَّت في آخره إِذا استبان حملها . وضرَبه حتى أَقَصَّ على الموت أَي أَشْرف . وأَقْصَصْته على الموت أَي أَدْنَتْه . قال الفراء : قَصَّه من الموت وأَقَصَّه بمعنى أَي دنا منه ، وكان يقول : ضربه حتى أَقَصَّه الموت . الأَصمعي : ضربه ضرباً أَقصَّه من الموت أَي أَدناه من الموت حتى أَشرف عليه ؛
وقال : فإِن يَفْخَرْ عليك بها أَميرٌ ، فقد أَقْصَصْت أُمَّك بالهُزال أَي أَدنيتها من الموت . وأَقَصَّته شَعُوبٌ إِقْصاصاً : أَشرف عليها ثم نجا . والقِصاصُ والقِصاصاءُ والقُصاصاءُ : القَوَدُ وهو القتل بالقتل أَو الجرح بالجرح . والتَّقاصُّ : التناصفُ في القِصَاص ؛
قال : فَرُمْنا القِصَاصَ ، وكان التقا صُّ حُكماً وعَدْلاً على المُسْلِمين ؟
قال ابن سيده : قوله التقاص شاذ لأَنه جمع بين الساكنين في الشعر ولذلك رواه بعضهم : وكان القصاصُ ؛ ولا نظير له إلا بيت واحد أَنشده الأَخفش : ولولا خِداشٌ أَخَذْتُ دوا بَّ سَعْدٍ ، ولم أُعْطِه ما عليه ؟
قال أَبو إِسحق : أَحسَب هذا البيت إِن كان صحيحاً فهو : ولولا خداش أَخذت دوابِب سعدٍ ، ولم أُعْطِه ما عليها لأَن إِظهار التضعيف جائز في الشعر ، أَو : أَخذت رواحل سعد . وتقاصَّ القومُ إِذا قاصَّ كل واحد منهم صاحبَه في حساب أَو غيره . والاقْتِصاصُ : أَخْذُ القِصاصِ . والإِقْصاصُ : أَن يُؤْخَذ لك القِصاصُ ، وقد أَقَصَّه . وأَقَصَّ الأَمير فُلاناً من فلان إِذا اقْتَصَّ له منه فجرحه مثل جرحه أَو قتَلَه قوَداً . واسْتَقَصَّه : سأَله أَن يُقِصَّه منه . الليث : القِصاصُ والتَّقاصُّ في الجراحات شيءٌ بشيء ، وقد اقْتَصَّ من فلان ، وقد أَقْصَصْت فلاناً من فلان أَقِصّه إِقْصاصاً ، وأَمْثَلْت منه إِمْثالاً فاقتَصَّ منه وامْتَثَل . والاسْتِقْصاص : أَن يَطْلُب أَن يُقَصَّ ممن جرحه . وفي حديث عمر ، رضي اللّه عنه : رأَيت رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، يُقِصّ من نفسه . يقال : أَقَصَّه الحاكم يُقِصّه إِذا مكَّنَه من أَخذ القِصاص ، وهو أَن يفعل به مثل فعله من قتل أَو قطع أَو ضرب أَو جرح ، والقِصَاصُ الاسم ؛ ومنه حديث عمر : رأَيت رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، أُتِيَ بشَارِبٍ فقال لمُطيع بن الأَسود : اضرِبْه الحَدَّ ، فرآه عمرُ وهو يَضْرِبُه ضرباً شديداً فقال : قتلت الرجل ، كم ضَرَبْتَه ؟، قال سِتِّينَ فقال عُمر : أَقِصّ منه بِعِشْرِين أَي اجعل شدة الضرب الذي ضرَبْتَه قِصاصاً بالعشرين الباقية وعوضاً عنها . وحكى بعضهم : قُوصَّ زيد ما عليه ، ولم يفسره ؛ قال ابن سيده : وعندي أَنه في معنى حوسِبَ بما عليه إِلا أَنه عُدِّيَ بغير حرف لأَن فيه معنى أُغْرِمَ ونحوه . والقَصّةُ والقِصّة والقَصُّ : الجَصُّ ، لغة حجازية ، وقيل : الحجارة من الجَصِّ ، وقد قَصّصَ دارَه أَي جَصّصَها . ومدينة مُقَصَّصة : مَطْليّة بالقَصّ ، وكذلك قبر مُقَصَّصٌ . وفي الحديث : نهى رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، عن تَقْصِيص القُبور ، وهو بناؤها بالقَصّة . والتَّقْصِيصُ : هو التجْصِيص ، وذلك أَن الجَصّ يقال له القَصّة . يقال : قصّصْت البيتَ وغيره أَي جَصّصْته . وفي حديث زينب : يا قَصّةً على مَلْحودَةٍ ؛ شَبَّهت أَجسامَهم بالقبور المتخذة من الجَصّ ، وأَنفُسَهم بجِيَف الموتى التي تشتمل عليها القبورُ . والقَصّة : القطنة أَو الخرقةُ البيضاء التي تحْتَشي بها المرأَة عند الحيض . وفي حديث الحائض : لا تَغْتَسِلِنَّ حتى تَرَيْنَ القَصّة البَيْضاءَ ، يعني بها ما تقدم أَو حتى تخرج القطنة أَو الخرقة التي تحتشي بها المرأَة الحائض ، كأَنها قَصّة بيضاء لا يُخالِطُها صُفْرة ولا تَرِيّةٌ ، وقيل : إِن القَصّة كالخيط الأَبيض تخرج بعد انقطاع الدم كله ، وأَما التَّريّة فهو الخَفِيّ ، وهو أَقل من الصفرة ، وقيل : هو الشيء الخفي اليسير من الصفرة والكُدْرة تراها المرأَة بعد الاغتسال من الحيض ، فأَما ما كان من أَيام الحيض فهو حَيض وليس بِتَرِيّة ، ووزنها تَفْعِلة ، قال ابن سيده : والذي عندي أَنه إِنما أَراد ماء أَبيض من مَصَالة الحيض في آخره ، شبّهَه بالجَصّ وأَنّتَ لأَنه ذهب إِلى الطائفة كما حكاه سيبويه من قولهم لبَنة وعَسَلة . والقَصّاص : لغة في القَصّ اسم كالجيَّار . وما يَقِصُّ في يده شيء أَي ما يَبْرُدُ ولا يثبت ؛ عن ابن الأَعرابي ؛
وأَنشد : لأُمِّكَ وَيْلةٌ وعليك أُخْرى ، فلا شاةٌ تَقِصّ ولا بَعِيرُ والقَصَاصُ : ضرب من الحمض . قال أَبو حنيفة : القَصاصُ شجر باليمن تَجْرُسُه النحل فيقال لعسلها عَسَلُ قَصَاصٍ ، واحدته قَصَاصةٌ . وقَصْقَصَ الشيء : كَسَره . والقُصْقُصُ والقُصْقُصة ، بالضم ، والقُصَاقِصُ من الرجال : الغليظُ الشديد مع قِصَر . وأَسد قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ : عظيم الخلق شديد ؛ قال : قُصْقُصة قُصاقِص مُصَدَّرُ ، له صَلاً وعَضَلٌ مُنَقَّرُ وقال ابن الأَعرابي : هو من أَسمائه . الجوهري : وأَسد قَصْقاصٌ ، بالفتح ، وهو نعت له في صوته . والقَصْقاصُ : من أسماء الأَسد ، وقيل : هو نعت له في صوته . الليث : القَصْقاصُ نعت من صوت الأَسد في لغة ، والقَصْقاصُ أَيضاً : نَعْتُ الحية الخبيثة ؛ قال : ولم يجئ بناء على وزن فَعْلال غيره إِنما حَدُّ أَبْنِيةِ المُضاعَفِ على وزن فُعْلُل أَو فُعْلول أَو فِعْلِل أَو فِعْلِيل مع كل مقصور ممدود منه ، قال : وجاءت خمس كلمات شواذ وهي : ضُلَضِلة وزُلزِل وقَصْقاص والقلنقل والزِّلزال ، وهو أَعمّها لأَن مصدر الرباعي يحتمل أَن يبنى كله على فِعْلال ، وليس بمطرد ؛ وكل نَعْتٍ رُباعِيٍّ فإِن الشُّعَراء يَبْنُونه على فُعالِل مثل قُصَاقِص كقول القائل في وصف بيت مُصَوَّرٍ بأَنواع التَّصاوير : فيه الغُواةُ مُصَوَّرو ن ، فحاجِلٌ منهم وراقِصْ والفِيلُ يرْتكبُ الرِّدَا ف عليه ، والأَسد القُصاقِصْ التهذيب : أَما ما ، قاله الليث في القُصَاقِص بمعنى صوت الأَسد ونعت الحيّة الخبيثة فإِني لم أَجِدْه لغير الليث ، قال : وهو شاذٌ إِن صَحَّ . وروي عن أَبي مالك : أَسد قُصاقِصٌ ومُصَامِصٌ وفُرافِصٌ شديد . ورجل قُصَاقِصٌ فُرافِصٌ : يُشَبَّه بالأَسد . وجمل قُصاقِصٌ أَي عظيمٌ . وحيَّة قَصْقاصٌ : خبيث . والقَصْقاصُ : ضرْبٌ من الحمض ؛ قال أَبو حنيفة : هو ضعيف دَقِيق أَصفر اللون . وقُصاقِصا الوَرِكَين : أَعلاهما . وقُصاقِصَةُ : موضع . قال : وقال أَبو عمرو القَصقاص أُشْنان الشَّأْم . وفي حديث أَبي بكر : خَرَجَ زمَنَ الرِّدّة إِلى ذي القَصّةِ ؛ هي ، بالفتح ، موضع قريب من المدينة كان به حصىً بَعَثَ إِليه رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم ، محمدَ بن مَسْلمة وله ذكر في حديث الردة . "
المعجم: لسان العرب
سأل
" سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلاً وسَأَلَةً (* قوله « وسأله » ضبط في الأصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه ؛
وقوله ، قال أبو ذؤيب : أساءلت ، كذا في الأصل ، وفي شرح القاموس : وساءله مساءلة ، قال أبو ذؤيب إلخ )، قال أَبو ذؤيب : أَساءَلْتَ رَسْمَ الدَّار ، أَم لم تُسائِل عن السَّكْنِ ، أَم عن عَهْده بالأَوائِل ؟ وسَأَلْتُ أَسْأَل وسَلْتُ أَسَلُ ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلانِ ويَتَسايَلانِ ، وجمع المَسْأَلة مَسائِلُ بالهمز ، فإِذا حذفوا الهمزة ، قالوا مَسَلَةٌ . وتَساءلوا : سَأَل بعضُهم بعضاً . وفي التنزيل العزيز : واتَّقُوا الله الذي تَسَّاءََلون به والأَرحام ، وقرئ : تَساءَلُون به ، فمن قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قلبت التاء سيناً لقرب هذه من هذه ثم أُذغمت فيها ، قال : ومن قرأَ تَسَاءَلون فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حذفت التاء الثانية كراهية للإِعادة ، ومعناه تَطْلُبون حقوقَكم به . وقوله تعالى : كان على ربك وَعْداً مَسْؤولاً ؛ أَراد قولَ الملائكة : رَبَّنا وأَدْخِلْهُم جَنَّات عَدْنٍ التي وعَدْتَهم (* قوله « وجمع السائل إلخ » عبارة شرح القاموس : وجمع السائل سألة ككاتب وكتبة وسؤال كرمّان ) الفقير سُؤّال . وفي الحديث : للسائِل حَقٌّ وإِن جاء على فَرَس ؛ السائل : الطالب ، معناه الأَمر بحُسْن الظن بالسائل إِذا تَعَرَّض لك ، وأَن لا تجيبه (* قوله « وأن لا تجيبه » هكذا في الأصل ، وفي النهاية : وأن لا تجيبه ) بالتكذيب والردِّ مع إِمكان الصدق أَي لا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وجاء راكباً على فرس ، فإِنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أَو دَيْن يجوز معه أَخذ الصَّدَقة ، أَو يكون من الغُزاة أَو من الغارمين وله في الصدقة سَهْم . "
المعجم: لسان العرب
نعم
" النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة ، كله : الخَفْض والدَّعةُ والمالُ ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى . وقوله عز وجل : ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته ؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقوله تعالى : ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم ؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا ، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ ؛ حكاه سيبويه ؛ وقال النابغة : فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم ، بالضم : خلافُ البُؤْس . يقال : يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ . ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً ، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر ، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما : نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ ، ولغة رابعة : نَعِمَ يَنْعِم ، بالكسر فيهما ، وهو شاذ . والتنَعُّم : الترفُّه ، والاسم النِّعْمة . ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً ، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم ، ويجوز تَنَعَّم ، فهو ناعِمٌ ، ونَعِمَ يَنْعُم ؛ قال ابن جني : نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم ، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم ، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة ، فإن قلت : فكان يجب ، على هذا ، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم ، قيل : منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً ، وليس كذلك نَعِمَ ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم ، فاحتمل خِلاف مضارعِه ، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ ، فإن قلت : فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل ؟ قيل : هذا طريقُه غير طريق ما قبله ، فإما أن يكون يَنْعِم ، بكسر العين ، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم ، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل ، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل ، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه . ونَعَّمَ أَولادَه : رَفَّهَهم . والنَّعْمةُ ، بالفتح : التَّنْعِيمُ . يقال : نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم . وفي الحديث : كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه ؟ أي كيف أَتَنَعَّم ، من النَّعْمة ، بالفتح ، وهي المسرّة والفرح والترفُّه . وفي حديث أَبي مريم : دخلتُ على معاوية فقال : ما أَنْعَمَنا بك ؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا ، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه ، كأنه ، قال : ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك . والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ : الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ ؛ ومنه الحديث : إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ ؛ قال وقوله : ما أَنْعَمَ العَيْشَ ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ ، تنْبُو الحوادِثُ عنه ، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم ، قالوا نَعِم العيشُ ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم : هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب ، وإن لم يك منه فِعْلٌ ، فتَفهَّمْ . ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ . ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء ؛ قال الأَعشى : وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا ، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ : شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق ، ولا تنبت إلى على ماء ، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ . وثوبٌ ناعِمٌ : ليِّنٌ ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف : وعليهم الثيابُ الناعمةُ ؛
وقال : ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً ، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك . والنِّعْمةُ : اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك . ونِعْمةُ الله ، بكسر النون : مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر ، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ ؛ قال ابن جني : جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع ، ومثله كثير ، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ ، الإتباعُ لأَهل الحجاز ، وحكاه اللحياني ، قال : وقرأَ بعضهم : أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله ، بفتح العين وكسرِها ، قال : ويجوز بِنِعْمات الله ، بإسكان العين ، فأَما الكسرُ (* قوله « فأما الكسر إلخ » عبارة التهذيب : فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات ، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات ، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات ، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله ، بالكسر . وقوله عز وجل : وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله « قرأها ابن عباس إلخ » كذا بالأصل ) نِعَمَه ، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد ، قال شاكراً لأَنعُمِه ، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز ، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده ؛ هذا قول الزجاج ، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه ؛ قال ابن عباس : النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب . وقوله تعالى : وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك ؛ قال الزجاج : معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام ، ومعنى إنْعام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ . وقوله تعالى : وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ ؛ فسره ثعلب فقال : اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك . وقوله تعالى : ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ ؛ يقول : ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون . وقوله تعالى : يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها ؛ قال الزجاج : معناه يعرفون أَن أمرَ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك . والنِّعمةُ ، بالكسر : اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً ، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام ، كقولك : أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد . وأَنْعَم : أَفْضل وزاد . وفي الحديث : إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء ، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا ، رضي الله عنهما . ويقال : قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ ، وقيل : معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ ، ومعنى قولهم : أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً . وتقول : أَنْعَم اللهُ عليك ، من النِّعْمة . وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك ، من النُّعُومةِ . وقولهُم : عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم ، بالكسر ، كما تقول : كُلْ من أَكلَ يأْكلُ ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً . ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً ، ونَعَم ، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً : أَقرَّ بك عينَ من تحبّه ، وفي الصحاح : أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه ؛
أَنشد ثعلب : أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا : الرسالةُ ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد ، قال والحامل الرسالة ، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ ، وهو عيب . قال الجوهري : ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً . وفي حديث مطرّف : لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً ، ولكن ، قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً ؛ قال الزمخشري : الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم ، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف ، والباء للتعدية ، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها ، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن ال همزة كافية في التعدية ، تقول : نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً ، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء ، قال : ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه ، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً ، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً ، والباء للتعدية ، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك ، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد ؛ عن ثعلب ، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه ، وزاد اللحياني : ويَنْعُمُهم عيناً ، وزاد الأَزهري : ويُنْعمُهم ، وقال أَربع لغات . ونُعْمةُ العين : قُرَّتُها ، والعرب تقول : نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه ؛ قال سيبويه : نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ . وفي الحديث : إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه ، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه ، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه ، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك . ونَعِمَ العُودُ : اخضرَّ ونَضَرَ ؛ أنشد سيبويه : واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله « من لحو » في المحكم : من لحق ، واللحق الضمر ). وقال الفرزدق : وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً ، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ ، فمن ، قال الأَضيافُ ، بالرفع ، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها ، ومن ، قال تَنْعَم الأَضيافَ ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً ، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها ، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة ، وقيل : إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان ، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر ، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر . وحكى اللحياني : يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني ؛ وأَنشد عن الكسائي : صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ ، قال : ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه ، والمذكر منه نَعْمٌ ، ويجمع أَنْعُماً . والنَّعامةُ : معروفةٌ ، هذا الطائرُ ، تكون للذكر والأُنثى ، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد ؛ قال أبو كَثْوة : ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً ، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً ، بغير هاء ، الذكرُ منها الظليمُ ، والنعامةُ الأُنثى . قال الأَزهري : وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء ، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ ، والعرب تقول : أَصَمُّ مِن نَعامةٍ ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت ، ويقولون : أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح ؛ قال الراجز : أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون : أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ ؛ ومُوقها : تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها ، ويقولون : أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ . ويقال : ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره . ويقال للمُنْهزِمين : أَضْحَوْا نَعاماً ؛ ومنه قول بشر : فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا ، غَداةَ لَقُونا ، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين : خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم ، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ . ويقال للعَذارَى : كأنهن بَيْضُ نَعامٍ . ويقال للفَرَس : له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه ، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها . ومن أَمثالهم : مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام ؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ ، فهما لا يجتمعان أَبداً . ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك : ما أَنت إلا نَعامةٌ ؛ يَعْنون قوله : ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً ، تُعاظِمُه إذا ما قيل : طِيري وإنْ قيل : احْمِلي ، قالت : فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً : جاء كالنَّعامة ، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين ؛ وفي ذلك يقول بعضهم : أو كالنَّعامةِ ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها ، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم : أنْتَ كصاحبة النَّعامة ، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة ، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ : من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ . والنَّعامة : الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة ، وهي البَكَرة ، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي : إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان ، قال : والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها ، قال الأزهري : وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض ، أحدهما من هذا الجانب ، والآخر من ذاك الجنب ، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين ، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين ، والنَّعامتانِ : المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة ؛ وقال اللحياني : النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر ، الواحدة نَعامة ، وقيل : النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي . والنَّعامة : صخرة ناشزة في البئر . والنَّعامة : كلُّ بناء كالظُّلَّة ، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز ، وقيل : كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم ، والجمع نَعامٌ ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة : بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله « بناها » هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا ، والذي في مادة نفض تذكيره ، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك ). وروى الجوهري عجزه : تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا ، قال : والنَّفائضُ من الإبل ؛ وقال آخر : لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها ، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره : لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال : النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة ، والهَزيم : المتكسر ؛ وبعد هذا البيت : بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي ، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة : الجِلْدة التي تغطي الدماغ ، والنَّعامة من الفرس : دماغُه . والنَّعامة : باطن القدم . والنَّعامة : الطريق . والنَّعامة : جماعة القوم . وشالَتْ نَعامَتُهم : تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا ، وقيل : تَحَوَّلوا عن دارهم ، وقيل : قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم ؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ : أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا ، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا : قد شالت نعامتهم . وفي حديث ابن ذي يَزَنَ : أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم : النعامة الجماعة أَي تفرقوا ؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ : اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم ، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر : إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه ، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة : الظُّلْمة . والنَّعامة : الجهل ، يقال : سكَنَتْ نَعامتُه ؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ : ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه ، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني : يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل . وأَراكةٌ نَعامةٌ : طويلة . وابن النعامة : الطريق ، وقيل : عِرْقٌ في الرِّجْل ؛ قال الأَزهري :، قال الفراء سمعته من العرب ، وقيل : ابن النَّعامة عَظْم الساق ، وقيل : صدر القدم ، وقيل : ما تحت القدم ؛ قال عنترة : فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه ، وابنُ النَّعامةِ ، عند ذلك ، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك ، وقيل : ابن النَّعامة فَرَسُه ، وقيل : رِجْلاه ؛ قال الأزهري : زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله : وابن النعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبي وابن النَعامة : الساقي الذي يكون على البئر . والنعامة : الرجْل . والنعامة : الساق . والنَّعامة : الفَيْجُ المستعجِل . والنَّعامة : الفَرَح . والنَّعامة : الإكرام . والنَّعامة : المحَجَّة الواضحة . قال أَبو عبيدة في قوله : وابن النعامة ، عند ذلك ، مركبي ، قال : هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة ، وإنما ذلك كقولهم : به داء الظَّبْي ، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم ، وليس ثم داء ولا بَكرة . قال ابن بري : وهذا البيت ، أَعني فيكون مركبكِ ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ ؛ وقبله : كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه ، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي : هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ ، وابنُ النَّعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبِي وقال : هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود ، وقال : ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي ، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد ، ، قال : وتروى الأبيات أَيضا لعنترة ، قال : والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل ، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله « في كتابه » هو الأغاني كما بهامش الأصل )، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه ، قال : إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك ، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا ، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا ، وقال : ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه ، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس ، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً ، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه ، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً ؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله . والنَّعَم : واحد الأَنعْام وهي المال الراعية ؛ قال ابن سيده : النَّعَم الإبل والشاء ، يذكر ويؤنث ، والنَّعْم لغة فيه ؛ عن ثعلب ؛ وأَنشد : وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ ، وأَناعيمُ جمع الجمع ؛ قال ذو الرمة : دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي : النعم الإبل خاصة ، والأَنعام الإبل والبقر والغنم . وقوله تعالى : فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم ؛ قال : ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها ؛ قال الأَزهري : دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم . وقوله عز وجل : والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ ؛ قال ثعلب : لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك ، وأما قول الله عز وجَل : وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه ؛ فإن الفراء ، قال : الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم ، والنَّعَم تذكر وتؤنث ، ولذلك ، قال الله عز وجل : مما في بطونه ، وقال في موضع آخر : مما في بطونها ، وقال الفراء : النَّعَم ذكر لا يؤَنث ، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل ، فإذا ، قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم ، قال الله عز وجل : ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (* قوله « إذا ذكرت » الذي في التهذيب : كثرت ) الأَنعام والأَناعيم . والنُّعامى ، بالضم على فُعالى : من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها ؛ قال أَبو ذؤيب : مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان ، قال : هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا . والنَّعامُ والنَّعائمُ : من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ : أَربعة صادرٌ ، وأَربعة واردٌ ؛ قال الجوهري : كأنها سرير مُعْوجّ ؛ قال ابن سيده : أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ . قال الأَزهري : النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر ، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة ، ويقال لها النَّعام ؛
أَنشد ثعلب : باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه ، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا : النَّعائمُ من النجوم ، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض . ونُعاماكَ : بمعنى قُصاراكَ . وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ : زاد . وأَنْعَم فيه : بالَغ ؛ قال : سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه ، لَيْلةً ، وأَنْعَمَ ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي : ما بدا من جَسدِه ، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها ، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة ، وأَبكار الهموم : ما فجَأَك ، وعُونُها : ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها . وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد . وفي حديث صلاة الظهر : فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة ؛ ومنه قولهم : أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه ؛ وقوله : فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع . ونِعْمَ : ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام ، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس . قال أَبو إسحق : إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ ، فقد قلتَ : استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه ، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ . وحكى سيبويه : أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل ، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً ، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر ، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر . وقال ثعلب حكايةً عن العرب : نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً ، وحكى أَيضاً : مررْت بقومٍ نِعْم قوماً ، ونِعْمَ بهم قوماً ، ونَعِمُوا قوماً ، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين ، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً ؛ قال الأزهري : إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً ، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً ، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز ، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس ، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس . الجوهري : نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي ، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ ، وفيهما أَربع لغات : نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه ، ثم تقول : نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول : نِعْمَ بكسر النون وسكون العين ، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول : نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين ، وتقول : نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ ، وإن شئت قلت : نِعْمتِ المرأَةُ هند ، فالرجل فاعلُ نِعْمَ ، وزيدٌ يرتفع من وجهين : أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه ، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل ، قيل لك : مَنْ هو ؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت : هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد ، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً ، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام ، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد ، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا ، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت : نِعْمَّا يَعِظكم به ، تجمع بين الساكنين ، وإن شئت حركت العين بالكسر ، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين ، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا ، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته ، وقالوا : إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث ، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة . وفي الحديث : مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت ، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل ؛ قال ابن الأثير : أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي ، فحذف المخصوص بالمدح ، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة ، يعني الوضوءَ ، يُنالُ الفضلُ ، وقيل : هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك . قال الجوهري : تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف ؛ قال ذو الرمة : أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا : نَعِم القومُ ، كقولك نِعْم القومُ ؛ قال طرفة : ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ ، بفتم النون وكسر العين ، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه ، وقد روي نِعِمَ ، بكسرتين على الإتباع . ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ . قال الأَزهري : ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت . ويقال : ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه . ويقال : إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ . وتَنَعَّمَه بالمكان : طلَبه . ويقال : أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها . وتَنَعَّمَ : مَشَى حافياً ، قيل : هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ . وقال اللحياني : تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما . وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم : أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة ؛ قال : تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات . وقوله تعالى : إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي ، ومثلُه : إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به ؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا ، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم ، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا ، بفتح النون وكسر العين ، وذكر أَبو عبيدة (* قوله « وذكر أَبو عبيدة » هكذا في الأصل بالتاء ، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها ) حديث النبي ، صلى عليه وسلم ، حين ، قال لعمرو بن العاص : نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح ، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية ؛ قال ابن الأَثير : أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد ، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه ، قال نِعْمَ شيئاً المالُ ، والباء زائدة مثل زيادتها في : كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث : نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح ؛ قال ابن الأثير : وفي نِعْمَ لغاتٌ ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين ، ثم فتح النون وكسر العين ، ثم كسرُهما ؛ وقال الزجاج : النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة ، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا ، بكسر النون والعين ، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة ، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات ، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا ، المعنى نِعْمَ الشيءُ ؛ قال الأزهري : إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل ، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل ، وكذلك قوله : إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به ؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به . والنُّعْمان : الدم ، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان . وشقائقُ النُّعْمانِ : نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم . ونُعْمانُ بنُ المنذر : مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه ؛ قال أَبو عبيدة : إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم . أَبو عمرو : من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ . الفراء :، قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله « ونعمتها » كذا بالأصل بالتخفيف ، وفي الصاغاني بالتشديد ) ومَصَلْتها (* قوله « ومصلتها » كذا بالأصل والتهذيب ، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول ) أي كَنسْتها ، وهي المِحْوَقةُ . والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ : المِكْنَسة . وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ ، كلها : مواضع ؛ قال ابن بري : وقول الراعي : صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين : اسم موضع . قال ابن سيده : والأَنْعمان موضعٌ ؛ قال أَبو ذؤيب ، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي : صبا صبوةً بَلْ لجَّ ، وهو لجوجُ ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ : نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة ، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ . ونَعْمانُ : اسم جبل بين مكة والطائف . وفي حديث ابن جبير : خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ ، عليه السلام ، بِنَعْمان السَّحابِ ؛ نَعْمانُ : جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه . ونَعْمانُ ، بالفتح : وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ : تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ ؛ وقال خُلَيْد : أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ : مكانٌ بين مكة والمدينة ، وفي التهذيب : بقرب من مكة . ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير : من شُعرائهم ؛ حكاه ابن الأَعرابي . وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله « ومنعم » هكذا ضبط في الأصل والمحكم ، وقال القاموس كمحدّث ، وضبط في الصاغاني كمكرم . وقوله « وأنعم » ، قال في القاموس بضم العين ، وضبط في المحكم بفتحها . وقوله « ونعمى »، قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي ) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ ، كلهن : أَسماءٌ . والتَّناعِمُ : بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك . وبَنو نَعامٍ : بطنٌ . ونَعامٌ : موضع . يقال : فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ ، وهما موضعان من أطراف اليَمن . والنَّعامةُ : فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد ؛ وفيها يقول : قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي ، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ . والنَّعامةُ أَيضاً : فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى . وناعِمةُ : اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها ، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة . ويَنْعَمُ : حَيٌّ من اليمن . ونَعَمْ ونَعِمْ : كقولك بَلى ، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب ، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى ، وفي التنزيل : هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً ، قالوا نَعَمْ ؛ قال الأزهري : إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه ، ، قال : وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً ، وربما ناقَضَ بَلى إذا ، قال : ليس لك عندي ودِيعةٌ ، فتقول : نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ . وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم ، قال : دَفَعتُ إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو بِمِنىً فقلت : أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ ؟ فقال : نَعِمْ ، وكسر العين ؛ هي لغة في نَعَمْ ، وكسر العين ؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب ، وقد قرئَ بهما . وقال أَبو عثمان النَّهْديّ : أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ ، رضي الله عنه ، بأمر فقلنا : نَعَمْ ، فقال : لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ ، بكسر العين . وقال بعضُ ولد الزبير : ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ ، بكسر العين . وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد : كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ ، وعلى آخر لا ، وأَجالهما عند هُبَل ، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد ، فلما ، قال لِعُمر : أُعْلُ هُبَلُ ، وقال عمر : اللهُ أَعلى وأَجلُّ ، قال أَبو سفيان : أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها ، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ ؛ وقول الطائي : تقول إنْ قلتُمُ لا : لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما ، قال ابن جني : لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية ، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها ، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً ، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية ، فيفتح للإطلاق ، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح ، فقال : قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة ، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد ، ولا بضِدِّها ؛ ألا ترى إلى قوله : وإذا قلتَ نَعَمْ ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد ، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي : أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله « لا يمنع الجوع قاتله » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي المحكم : الجوس قاتله ، والجوس الجوع . والذي في مغني اللبيب : لا يمنع الجود قاتله ، وكتب عليه الدسوقي ما نصه : قوله لا يمنع الجود ، فاعل يمنع عائد على الممدوح ؛ والجود مفعول ثان ؛ وقاتله مفعول أول ، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ . تقرير دردير ). يروى بنصب البخل وجرِّه ، فمن نصبه فعلى ضربين : أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه ، قال أَبى جودُه البخلَ ، والآخر أن تكون لا زائدة ، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن ، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ ، ونَعمْ لا تزاد ، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة ، والوجه الآخر على الزيادة صحيح ، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه ، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً ، ألا ترى أَنه لو ، قال لك الإنسان : لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ ، فقلتَ أَنت : لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود ، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين . ونَعَّم الرجلَ :، قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً ، كما ، قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك ؛ حكاه ابن جني . وأَنعَم له أي ، قال له نعَمْ . ونَعامة : لَقَبُ بَيْهَسٍ ؛ والنعامةُ : اسم فرس في قول لبيد : تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها ، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله « وتحجل والخبال » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة ، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله : تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية ، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل ). وأَبو نَعامة : كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً ؛ قال ابن بري : أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب ، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم . ونُعْم ، بالضم : اسم امرأَة . "
المعجم: لسان العرب
نبأ
" النَّبَأُ : الخبر ، والجمع أَنْبَاءٌ ، وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً . وقوله عز وجل : عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم . قيل عن القرآن ، وقيل عن البَعْث ، وقيل عن أَمْرِ النبي ، صلى اللّه عليه وسلم . وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه ، وكذلك نَبَّأَه ، متعدية بحرف وغير حرف ، أَي أَخبر . وحكى سيبويه : أَنا أَنْبُؤُك ، على الإِتباع . وقوله : إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة ، فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ . قال ابن سيده : والبيت هكذا وجد ، وهو لا محالة ناقص . واسْتَنْبأَ النَّبَأَ : بحَث عنه . ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي : أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي . قال ذو الرمة يهجو قوماً : زُرْقُ العُيُونِ ، إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا * ما يَسْرِقُ العَبْدُ ، أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا وقيل : نَابَأْتَهم : تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم . وقوله عز وجل : فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون . قال الفرَّاءُ : يقول القائل ، قال اللّه تعالى : وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون ؛ كيف ، قال ههنا : فهم لا يتساءَلُون ؟، قال أَهل التفسير : انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ ، فسكتوا ، فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون . قال أَبو منصور : سمَّى الحُجَج أَنـْبَاءً ، وهي جمع النَّبَإِ ، لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه ، عز وجل . الجوهري : والنَبِيءُ : الـمُخْبِر عن اللّه ، عز وجل ، مَكِّيَّةٌ ، لأَنه أَنْبَأَ عنه ، وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ . قال ابن بري : صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ . وفي النهاية : فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر ، لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ . قال : ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه . يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنـْبَأَ . قال سيبويه : ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة ، بالهمز ، غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ ، إِلاّ أَهلَ مكة ، فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها ، ويُخالِفون العرب في ذلك . قال : والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة ، يعني لقلة استعمالها ، لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك . أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه ، صلى اللّه عليه وسلم : وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه ، فقال له : لا تَنْبِر باسْمي ، فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه . وفي رواية : فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه . وذلك أَنه ، عليه السلام ، أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه ، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك ، وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع ، فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ . والجمع : أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ . قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ : يا خاتِمَ النُّبَآءِ ، إِنَّكَ مُرْسَلٌ * بالخَيْرِ ، كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً * في خَلْقِه ، ومُحَمَّداً سَمَّاك ؟
قال الجوهري : يُجْمع أَنْبِيَاء ، لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف العلة كَعِيد وأَعْياد ، على ما نذكره في المعتل . قال الفرَّاءُ : النبيُّ : هو من أَنـْبَأَ عن اللّه ، فَتُرِك هَمزه . قال : وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ ، وهي الارتفاع عن الأَرض ، أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق ، فأَصله غير الهمز . وقال الزجاج : القِرَاءة المجمع عليها ، في الـنَّبِيِّين والأَنـْبِياء ، طرح الهمز ، وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا . واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر . قال : والأَجود ترك الهمز ؛ وسيأْتي في المعتل . ومن غير المهموز : حديث البَراءِ . قلت : ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ ، فردَّ عَليَّ وقال : ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ . قال ابن الأَثير : انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ ، ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ، ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن ، وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين . والرَّسولُ أَخصُّ من النبي ، لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً . ويقال : تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ . وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين الـمُتَنَبِّينَ . وتصغير النَّبِيءِ : نُبَيِّئٌ ، مثالُ نُبَيِّعٍ . وتصغير النُّبُوءة : نُبَيِّئَةٌ ، مثال نُبَيِّعةٍ . قال ابن بري : ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ ، بالهمز على القطع بذلك . قال : وليس الأَمر كما ذَكر ، لأَن سيبويه ، قال : من جمع نَبِيئاً على نُبَآء ، قال في تصغيره نُبَيِّئ ، بالهمز ، ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء ، قال في تصغيره نُبَيٌّ ، بغير همز . يريد : من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير ، ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير . وقيل : الـنَّبيُّ مشتق من الـنَّبَاوةِ ، وهي الشيءُ الـمُرْتَفِعُ . وتقول العرب في التصغير : كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ . قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه : كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ ، فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير ، وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير . وقوله عز وجل : وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح . فقدّمه ، عليه الصلاة والسلام ، على نوح ، عليه الصلاة والسلام ، في أَخذ المِيثاق ، فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ ، وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير ، فالمعنى على مذهب أَهل اللغة : ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ . وجاء في التفسير : إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم . فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام ، وهو على نَسَقِه . وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ ، وهي النُّبُوءة . وتَنَبَّأَ الرَّجل : ادّعَى النُّبُوءة . ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ . ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم . ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها . ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً : طَرأَ . والنابِئُ : الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج . قال عديّ بن زيد يصف فرساً : ولَهُ النَّعْجةُ الـمَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْـ * ـبِ ، عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ أَرادَ بالنَّابِئِ : الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد ، يقال : نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد . ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى . وسَيْلٌ نابِئٌ : جاء من بلد آخَر . ورجل نا بِئٌ . كذلك ، قال الأَخطل : أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى ، * فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها ، * ولا بِذُبابٍ ، نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ . ( « وليس قذاها إلخ » سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه .) ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ ، * أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري
ويروى : قداها ، بالدال المهملة . قال : وصوابه بالذال المعجمة . ومن هنا ، قال الأَعرابي له ، صلى اللّه عليه وسلم ، يا نَبِيءَ اللّه ، فهَمز ، أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة ، فأَنكر عليه الهمز ، لأَنه ليس من لغة قريش . ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً : هَجَم وطَلَع ، وكذلك نَبَهَ ونَبَع ، كلاهما على البدل . ونَبَأَتْ به الأَرضُ : جاءَت به ، قال حنش بن مالك : فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ ، فإِنَّ الحُتُو * فَ يَنْبَأْنَ بالـمَرْءِ في كلِّ واد ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً : ارْتَفَعَ . والنَّبْأَةُ : النَّشْزُ ، والنَبِيءُ : الطَّرِيقُ الواضِحُ . والنَّبْأَةُ : صوتُ الكِلاب ، وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان . وقد نَبَأَ نَبْأً . والنَّبْأَةُ : الصوتُ الخَفِيُّ . قال ذو الرمة : وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ ، نَدُسٌ ، * بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ ، ما في سَمْعِه كَذِبُ الرِّكْزُ : الصوتُ . والـمُقْفِرُ : أَخُو القَفْرةِ ، يريد الصائد . والنَّدُسُ : الفَطِنُ . التهذيب : النَّبْأَةُ : الصوتُ ليس بالشديد . قال الشاعر : آنَسَتْ نَبْأَةً ، وأَفْزَعَها القَنَّاصُ * قَصْراً ، وقَدْ دَنا الإِمْساءُ أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ . "