وأَنشد ثعلب : جَريءٌ على قَرْعِ الأَساوِدِ وَطْؤُه ، * سميعٌ بِرِزِّ الكَلْبِ ، والكَلْبُ ناضِبُ وجَرْيٌ ناضِبٌ أَي بعيدٌ . الأَصمعي : الناضِبُ البعيد ، ومنه قيل للماءِ إِذا ذَهَبَ : نَضَبَ أَي بَعُدَ . وقال أَبو زيد : إِن فلاناً لَناضِبُ الخَير أَي قليل الخير ، وقد نَضَبَ خيرُه نُضوباً ؛
وأَنشد : إِذا رَأَيْنَ غَفْلةً من راقِبِ ، يُومِـينَ بالأَعْينِ والـحَواجِبِ ، إِيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ ونَضَبَ الخِصْبُ : قَلَّ أَو انْقَطَعَ . ونَضَبَتِ الدَّبَرَةُ نُضُوباً : اشْتَدَّت . ونَضَبَ الدَّبَرُ إِذا اشْتَدَّ أَثَرُهُ في الظَّهْر . وأَنْضَبَ القَوْسَ ، لغةٌ في أَنْبَضَها : جَبَذَ وتَرها لتُصَوِّتَ ؛ وقيل : أَنْضَبَ القوسَ إِذا جَبَذَ وتَرها ، بغير سهم ، ثم أَرسله . وقال أَبو حنيفة : أَنْضَبَ في قوسه إِنْضاباً ، أَصاتَها ؛ مَقْلُوبٌ . قال أَبو الحسن : إِن كانت أَنْضَبَ مقلوبةً ، فلا مصدر لها ، لأَن الأَفعال المقلوبة ليست لها مصادر لعلة قد ذكرها النحويون : سيبويه ، وأَبو علي ، وسائرُ الـحُذَّاق ؛ وإِن كان أَنْضَبْتُ ، لغةً في أَنْبَضْتُ ، فالمصدر فيه سائغ حسن ؛ فأَما أَن يكون مقلوباً ذا مصدر ، كما زعم أَبو حنيفة ، فمحال . الجوهري : أَنْضَبْتُ وتَرَ القَوْس ، مثل أَنْبَضْتُه ، مقلوب منه . أَبو عمرو : أَنْبَضْتُ القوسَ وانْتَضَبْتُها إِذا جَذَبْتَ وتَرَها لتُصَوِّتَ ؛ قال العجاج : تُرِنُّ إِرناناً إِذا ما أَنْضَبا وهو إِذا مَدَّ الوتَرَ ، ثم أَرسله . قال أَبو منصور : وهذا من المقلوب . ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نِـباضاً ، وهو تَحَرُّكُه . شمر : نَضَّبَتِ الناقة ؛ وتَنْضِـيبُها : قلةُ لبنها وطول فُواقِها ، وإِبطاءُ دِرَّتِها . والتَّنْضُبُ : شجر ينبت بالحجاز ، وليس بنجد منه شيءٌ إِلا جِزْعةً واحدةً بطَرَفِ ذِقانٍ ، عند التُّقَيِّدة ، وهو يَنْبُتُ ضَخْماً على هيئة السَّرْحِ ، وعيدانُه بيضٌ ضَخمة ، وهو مُحْتَظَر ، وورقُه مُتَقَبِّضٌ ، ولا تراه إِلا كأَنه يابس مُغْبَرٌّ وإِن كان نابتاً ، وله شوك مثل شوك العَوْسَج ، وله جَـنًى مثل العِنَبِ الصغار ، يؤْكل وهو أُحَيْمِرٌ . قال أَبو حنيفة : دخانُ التَّنْضُب أَبيض في مثل لون الغبار ، ولذلك شَبَّهَتِ الشعراءُ الغُبارَ به ؛ قال عُقَيْل بن عُلَّفة الـمُرِّي : وهل أَشْهَدَنْ خَيلاً ، كأَنَّ غُبارَها ، * بأَسفلِ علْكَدٍّ ، دَواخِنُ تَنْضُبِ ؟ وقال مرَّة : التَّنْضُبُ شجر ضِخَامٌ ، ليس له ورق ، وهو يُسَوِّقُ ويَخْرُجُ له خَشَبٌ ضِخام وأَفنانٌ كثيرة ، وإِنما ورقُه قُضْبان ، تأْكله الإِبل والغنم . وقال أَبو نصر : التَّنْضُبُ شجر له شوك قِصارٌ ، وليس من شجر الشَّواهِق ، تأْلفه الـحَرابِـيُّ ؛ أَنشد سيبويه للنابغة الجَعْدِيّ : كأَنَّ الدُّخانَ ، الذي غادَرَتْ * ضُحَيّاً ، دواخِنُ من تَنْضُب ؟
قال ابن سيده : وعندي أَنه إِنما سُمِّي بذلك لقلة مائه . وأَنشد أَبو علي الفارسي لرجل واعدتْه امرأَةٌ ، فعَثَر عليه أَهلُها ، فضربوه بالعِصِيِّ ؛ فقال : رأَيْتُكِ لا تُغْنِـينَ عني نَقْرَةً * إِذا اخْتَلَفَتْ فِـيَّ الـهَراوَى الدَّمامِكُ فأَشْهَدُ لا آتيك ، ما دامَ تَنْضُبٌ * بأَرْضِكِ ، أَو ضَخْمُ العَصا من رِجالِكِ وكان التَّنْضُبُ قد اعْتِـيد أَن تُقْطَعَ منه العِصِـيُّ الجِـيادُ ، واحدته تَنْضُبة ؛ أَنشد أَبو حنيفة : أَنـَّى أُتِـيح له حِرْباء تَنْضُبةٍ ، * لا يُرْسِلُ الساقَ ، إِلاَّ مُمْسِكاً ساقا التهذيب ، أَبو عبيد : ومن الأَشجار التَّنْضُبُ ، واحدتُها تَنْضُبَةٌ . قال أَبو منصور : هي شجرة ضَخْمة ، تُقطع منها العُمُد للأَخْبِـيَةِ ، والتاء زائدة ، لأَنه ليس في الكلام فَعْلُل ؛ وفي الكلام تَفعُل ، مثل تَقْتُل وتَخْرُجُ ؛ قال الكميت : إِذا حَنَّ بين القَوْم نَبْعٌ وتَنْضُب ؟
قال ابن سلمة : النَّبعُ شجر القِسِـيّ ، وتَنْضُبُ شجر تُتَّخَذ منه السِّهامُ . "