اسْلَغَبَّ الطَّائِرُ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصَاحِبُ اللِّسَان وقال اللَّيْثُ : إِذا شَوَّك رِيشُه قَبْلَ أَن يَسوَدّ كازْلَعَبّ
لَغَبَ لغْباً بفتح فسكون ولَغُوباً كصَبُورٍ ولُغُوباً بالضَّمّ هكذا في نسختنا . وأَعتمد المُصَنِّف على ضَبْط القلم ولو ذَكَرَها بعدَ أَوزَانِ الفِعْل لكانتِ الإِحالَة على قواعِدِ الصّرف في مصادِر الفعل وردّ كُلّ ضَبْطٍ إِلى ما يقتضيه قياسُه كما فعله الجَوْهَرِيُّ حيثُ قالَ : لَغَبَ يَلْغُبُ بالضَّمّ لُغُوباً . ولَغِبَ بالكسر يَلْغَب لُغُوباً والَّذي حقَّقه شيخُنَا تَبَعأً لأئمَّة الصَّرف أَنَّ لَغْباً يجوزُ فيه تسكين الغين الْمُعْجَمَة وفتحُها . وظاهرُه أَنّه يُقَالُ بسكونها خاصَّةً وصرّحوا بأَن اللَّغْبَ بتسكين الغَيْن مصدرُ لَغَبَ كنَصَرَ كالَّلُغُوب بالضَّمّ والفتح والمفتوح مصدرُ لَغِب كفَرِح على القياس واللُّغُوبُ الأَوّلُ بالضمّ على قياس فَعَلَ المفتوح اللاّزم كالجُلُوس والثّاني بالفَتح شاذٌ مُلْحَقٌ بالمصادر الّتي على فَعُول كالوَضُوءِ والقَبُول . وهذا تحقيقٌ حسن . كمنَعَ وسَمِعَ حكاهما الفَيّوميُّ وابْنُ القَطَّاع يُرْوَي لَغُبَ مثل كَرُمَ . وهذِهِ الأَخيرَةُ عَنِ الإِمامِ اللُّغَويّ أَبي جعفرٍ أَحمدَ ابْنِ يُوسُفَ الفِهْرَيّ اللَّبْلِيِّ نسبة إِلى لَبْلَة : قريةٍ من قُرى الأَنْدَلُس وهو أَحَدُ شُيُوخِ ابْن حَيّان . ومن أَشهر مؤلّفاته في اللُّغَة : شرحُ الفصيح ثُمَّ إِنّ لغةَ الكسرِ ضعيفةٌ صرَّحَ به في الصَّحِاح ولم يذكُرْ لغةَ الضَّمّ . فقولُ شيخِنَا : وهذا عجيبُ من المُصنِّف كيف أَغرَبَ بنقله عن اللَّبْلِي وهو في الصِّحِاح وغيرِه ؟ فيهِ نظرٌ : أَعْيا أَشَدَّ الإِعياءِ كذا في المُحْكَم . وفي الصَّحِاح : اللُّغُوبُ : التَّعَبُ والإِعْياءُ ومثلُه في النِّهاية والغَرِيبَيْنِ . قال جماعةٌ : اللُّغُوبُ هو النَّصَبُ أَو الفُتُورُ اللاّحِقُ بسَببه أَو النَّصَبُ جُسْمانِيٌّ واللُّغُوب نَفْسَانِيٌّ . وهي فروقٌ لبعض فُقَهاءِ اللُّغَة . والأَكثرُ على ما ذكره المصنِّفُ والجوْهَرِيُّ وابْنُ الأَثِيرِ والهَرَوِيُّ وغيرُهم . قاله شيخُنَا . وأَلْغَبَه وَتَلَغَّبَهُ مُشَدَّداً : فَعَل به ذلك وأَتْعَبَهُ . قال كُثَيَّرُ عَزَّةَ :
تَلَغَّبَها دُونَ ابْنِ لَيْلَى وشَفَّها ... سُهَادُ السُّرَى والسَّبْسَبُ المُتَمَاحِلُ وقال الفَرَزْدقُ :
" بَلْ سوْفَ يَكْفِيكَ بازِيٌّ تَلَغَّبَهاإذا الْتَقَتْ بالسعُّوُدِ الشَّمْسُ والقَمَرُ المرادُ بالبازِيّ : هُنَا : عَمْرُو بْنُ هُبَيْرَةَ . وتَغَلَّبَهَا : تَوَلاّهَا فقامَ بها ولمْ يَعْجِزْ عنها . واللَّغْبُ بفتح فسكون : ما بَيْنَ الثَّنايَا من اللَّحْمِ نقله الصّاغانيُّ . اللَّغْبُ : الرِّيُش الفاسِدُ مثلُ البُطْنَانِ منه كاللَّغِبِ ككَتِفٍ لُغةٌ فيه . من المجاز : اللَّغْبُ : الكلامُ الفاسِدُ الّذِي لا صائِبٌ ولا قاصدٌ : ويقال : كُفَّ عنَّا لَغْبَكَ أَي : سَيِّءَ كَلامِك وفاسِدَهُ وقبيحَهُ . اللَّغْب كالوغْب : الضَّعِيفُ الأَحْمَقُ بَيِّنُ اللَّغَابةِ كَاللَّغُوبِ بالفِتْح . وفي الصَّحِاح عن الأَصْمعِيّ عن أَبي عمْرِو بْنِ العلاءِ : قال سَمِعْتُ : أَعْرابِيّاً من أَهلِ اليمنِ . يقول : فُلانٌ لَغُوبٌ جاءَتْهُ كِتابِي فاحْتَقَرهَا فقلتُ : أَتقول : جاءَتْه كِتابي ؟ فقال : أَليسَ بصَحيفة ؟ فقلْتُ : ما اللَّغُوبُ فقال : الأَحمقُ . قلت : وقد سبَقَتِ الإِشارة إِليه في ك ت اللَّغْبُ : السَّهْمُ الفاسِدُ الّذِي لَمْ يُحْسَنْ بَرْيُهُ وعَمَلُه . وقيلَ : هو الَّذِي رِيشُهُ بُطْنانٌ كاللُّغَابِ بالضَّمِّ يقالُ : سَهْمٌ لَغْبٌ ولُغَاب فاسِدٌ لم يُحْسَنْ عَمَلُه . وقيلَ : إِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرانٌ فهو لُغَابٌ ولَغْبٌ . وقِيل اللُّغَابُ من الرِّيش : البَطْنُ واحدتُهُ لُغابَةٌ وهو خِلاَفُ اللُّؤَامِ . وقِيل : هو رِيُش السَّهْمِ إِذا لم يَعْتَدِل فإِذا أَعتدلَ فهو لؤُاَمٌ . قال بِشْرُ بْنُ أَبِي خازِمٍ :
" فإِنَّ الوَائِليَّ أَصابَ قَوْمِيبِسْمٍ رِيشَ لمْ يُكْسَ اللُّغَابا ويُرْوي : لَمْ يكنْ نِكْساً لُغابَاً . فإِمّا أَن يكونَ اللَّغَابُ من صفاتِ السَّهْم أَي : لم يكن فاسِداً وإِما أَنْ يكونَ أَراد : لم يكن نِكْساً رِيشٍ لُغاب وقال تَأَبَّطَ شَرّاً :
وما ولَدتْ أُمِّي منَ القَوْمِ عاجِزاً ... ولا كانَ رِيشي مِنْ ذُننابي ولا لَغْبِ قال الأَصمَعِيُّ : من الرِّيشِ اللُّؤَامُ واللُّغَابُ فاللُّؤَام ما كان بطْنُ القُذَةِ يَلِي ظَهْر الأُخرَى وهو أَجْودُ ما يكون فإِذا الْتَقَى بُطْنَانٌ أَو ظُهْرَانُ هو لُغَابُ ولَغْبٌ . وفي الحديثِ : " أَهدي يَكْسُومُ أَخُو الأَشْرَمِ إِلى النَّبِيّ صلَّى الله عليه وسلَّم سِلاحاً فيه سَهْمٌ لَغْبٌ " وذلك إِذا لم يَلْتَئمِ ريشُهُ ويَصْطَحِبْ لِرَداءَتِهِ فإِذا الْتأَمَ فهو لُؤَام . وقيل : اللَّغْبُ : الرَّدِيءُ من السِّهام الّذي لا يَذْهَبُ بَعِيداً . ولَغَبَ عَلَيْهِم كمَنَعَ يَلْغَبُ لَغْباً : أَفْسَدَ عليهِم نقله الجَوْهَرِيُّ عن الأَموِي . لَغَبَ القَوْمَ يَلْغَبُهُمْ : حَدَّثَهُمْ حَدِيثاً خَلْفاً بفتح فسكون نقله الصَّاغانيّ عن أَبي زيد وأَنشد :
" أَبْذُلُ نُصْحِي وأَكُفُّ لَغْبِي وقال الزِّبْرِقانُ :
أَلَمْ أَكُ باذِلاً وُدِّي ونَصْري ... وأَصْرِفُ عَنْكُمُ ذَرَبِي ولَغْبِي لَغَبَ الْكَلْبُ في إِناءٍ : وَلَغَ . واللُّغَابَةُ واللُّغُوبَةُ بضنِّهِما : الحُمْقُ والضَّعْفُ . رجُلٌ لَغُوبٌ بَيِّنُ اللَّغَابةِ وقد تقدَّم . وأَلْغَبَ السَّهْمَ : جَعَلَ رِيشَهُ لُغَاباً ؛ أَنْشَدَ ثعلب :
لَيْتَ الغُرَابَ رَمَى حَماطَةَ قَلْبِهِ ... عَمْرٌو بأَسْهُمِه الَّتِي لم تُلْغَبِ أَلْغَبَ الرَّجُلَ : أَنْصَبَهُ وأَتْعَبَه . ورِيشَ بِلَغْبٍ : لَقَبٌ كتَأَبَّطَ شَرّاً وهو أَخُوهُ . قد حَرَّكَ غَيْنَهُ الكُمَيْتُ الشّاعرُ في قوله :
" لا نَقَلٌ رِيشُها وَلا لَغَبُ مثل : نَهْرٍ ونَهَر لأَجْلِ حَرْفِ الحَلْق كذا في الصَّحِاح . وفي هامشه : بخطِّ الأَزْهَرِيِّ في كتابِه :
" لا نَقَلٌ رِيشُها وَلا نَقَبُ ووجدتُ في هامشٍ آخَرَ : " هذا النِّصْفُ الَّذِي عَزاهُ إِلى الكُمَيْت ليس هو في قصيدته الّتي على هذا الوزن أَصلاً وهي قصيدةٌ تٌنِيفُ على مائَةِ بَيْتٍ بلِ الوَزْنُ الوَزْنُ . ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ في قَوْلِه بعدَ أَنْ أَنشدَ قولَ تأَبَّطَ شَرًّا ما نَصُّه : وكان له أَخٌ يقالُ له رِيشُ لَغْبٍ . وقد سَبَقَهُ في هذا الاعتِراضِ على الجَوْهَرِيِّ الإِمامُ الصَّاغانيُّ فقال بعدَ أَن نَقَلَ كَلامَهُ : والصَّوَابُ : رِيشَ بِلَغْبٍ ؛ وقال : البيتُ لم أَجِدْهُ في دِيوانه يعني بيتَ تَأَبَّطَ شَرّاً السّابِقَ وإِنّمَا هو لأَبي الأَسْوِد الدُّؤَلِّي يخاطِبُ الحارِثَ بْنَ خالِدٍ وبعدَهُ قولُهُ :
ولا كُنْتُ فَقْعاً نابِتاً بقَرَارَة ... ولكِنَّنِي آوِى إِلى عَطَنٍ رَحْبٍوالقِطعةُ خَمسةُ أَبياتٍ . ويُرْوَى لطَريفِ بْنِ تَمِيمٍ العَنْبَرِيِّ قرأْتُهُ في ديِوَانَيْ شِعْرِهما . قال شيخُنا : هذا كلامُه في العُبَاب ونقلَهُ الشَّيْخُ عليّ المَقْدسِيّ وسلَّمَه . قلتُ : وهو بعينِه كلامُهُ في التَّكْلمة أَيضاً . قال شيخُنا : وفيه نظرٌ فإِنّ البيتَ الَّذِي أَنشده في العُبَاب ظانَّاً أَنَّه الشّاهدُ الَّذِي قصَدَهُ المُصَنِّف ليس هو المراد بل ذاك لِتأَبَّطَ شَرَّاً أَنشده الجَوْهَرِيُّ شاهداً على اللَّغْبِ بالفتح بمعنى الرِّيش الفاسد . ثُمَّ أَورد العبَارةَ بعدَ ذلك . فالمصنِّفُ صَّرح بأَن الغلطَ في تركِ الباءِ في أَول بِلَغْبِ لا في التّحْرِيك ولا في نِسبة الشّاهِد للكُمَيْت وكلامُ الصَّاغانيِّ فيه ما أَورد المصنِّفُ وهو الَّذِي فيه الخِلافٌ . وأَمّا بيتُ تَأَبَّطَ شرّاً فلا دخْلَ له في البحْث كما لا يخْفَى . انتهى . قلتُ : لا خَفاءَ في أَنَّ كلامَ الصَّاغانيّ إِنما هو في قولِ تَأَبَّطَ السّابقِ ذِكْرُهُ وليس فيه ما يدُلُّ على أَنَّه الشاهدُ الَّذِي أَوردَه المصنِّفُ وهو ظاهرٌ فإِنّ قولَ الكُمَيْتِ من بَحْرٍ وقَوْلَ تَأَبَّطَ شَرّاً من بحرٍ آخَرَ . وأَخَذَ بِلَغَبِ رَقَبتِهِ محَرَّكَةً : أَي أَدْرَكَهُ نقله الصَّاغانيّ . والتَّلَغُّبُ : طُولُ الطَّرَدِ مُحَرّكة وفي نُسْخَة : الطِّرَادِ وفي نسخة من الصَّحِاح : بفتح فسكون قال :
تَلَغَّبَنِي دَهْرٌ فلمَّا غَلَبْتُه ... غزَاني بأَوْلادي فأَدْرَكَني الدَّهْرُ ومن سَجعات الأَساس : تَلَعَّبَتْ بهم القِفَارُ وتَلَغَّبَتْهُم الأَسْفَارُ . ومما يُستدرَكُ على المؤلِّف : المَلاَغِبُ جمْعُ المَلْغَبَة من الإِعْيَاءِ وفي التَّنْزِيلِ العزيزِ : " وما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ " ومنه قِيل : ساغِبٌ لاغِبٌ أَي : مُعْيٍ . ومن المجازِ : رِياحٌ لَوَاغِبُ وأَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ :
وبلْدَةٍ مَجْهَلٍ تُمْسِي الرِّيَاحُ بها ... لواغِباً وهْيَ ناوٍ عرصها خاوِي انتهى
وفي الصَّحِاح : ورِيشٌ لَغِيبٌ قالَ الرّاجِزُ في الذِّئْب :
أَشْعَرْتُهُ مُذَلَّقاً مَذْرُوباً ... رِيشَ بِرِيشٍ لَمْ يَكُنْ لَغِيبَا واللَّغَابُ : مَوْضِعٌ معروف . وكذلك اللَّغْباءُ قال عَمْرُو بْنُ أَحمَرَ :
" حَتَّى إِذا كَرَبَتْ واللَّيْلُ يَطْلُبُهاأَيْدِي الرِّكابِ من اللَّغْبَاءِ تَنْحَدِرُ ولَغَّبَ فُلانٌ دابَّتَهُ تَلْغِيباً : إِذا تحامَلَ عليهِ حتّى أَعْيَا وتَلَغَّبَ الدَّابةَ : وجَدَهَا لاغِباً نقله الصَّاغانيُّ