" الكَذِبُ : نقيضُ الصِّدْقِ ؛ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً . (* قوله « كذباً » أي بفتح فكسر ، ونظيره اللعب والضحك والحق ، وقوله وكذباً ، بكسر فسكون ، كما هو مضبوط في المحكم والصحاح ، وضبط في القاموس بفتح فسكون ، وليس بلغة مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً ، وقوله : وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه .) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً : هاتان عن اللحياني ، وكِذاباً وكِذَّاباً ؛
وأَنشد اللحياني : نادَتْ حَليمةُ بالوَداع ، وآذَنَتْ * أَهْلَ الصَّفَاءِ ، ووَدَّعَتْ بكِذَابِ ورجل كاذِبٌ ، وكَذَّابٌ ، وتِكْذابٌ ، وكَذُوبٌ ، وكَذُوبةٌ ، وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة ، وكَذْبانٌ ، وكَيْذَبانٌ ، وكَيْذُبانٌ ، ومَكْذَبانٌ ، ومَكْذَبانة ، وكُذُبْذُبانٌ (* قوله « وكذبذبان »، قال الصاغاني وزنه فعلعلان بالضمات الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها . وقوله : واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري ، لكنه في التهذيب قد بعتكم وفي الصحاح قد بعتها ؛ قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله : قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى * في الناس مثلي في معّد يخطب حتى تأَوَّبت البيوت عشية * فحططت عنه كوره يتثأب )، وكُذُبْذُبٌ ، وكُذُّبْذُبٌ ؛ قال : جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ : فإِذا سَمِعْـتَ بأَنـَّنِـي قد بِعْتُكم * بوِصَالِ غَانيةٍ ، فقُلْ كُذُّبْذُب ؟
قال ابن جني : أَما كُذُبْذُبٌ خفيف ، وكُذُّبْذُبٌ ثَقِـيل ، فهاتانِ بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه . قال : ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا ، مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ ، بفتح الراءَين . والأُنثى : كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ . والكُذَّب : جمع كاذبٍ ، مثل راكِـعٍ ورُكَّعٍ ؛ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي : مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه ، * إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً ، وأَبعدَهُم * شَرّاً ، وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ ، * إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الـحُسَّدِ الجَشِعَهْ الوَلَعَةُ : جمع والِـعٍ ، مثل كاتب وكَتَبة . والوالع : الكاذب ، والكُذُبُ جمع كَذُوب ، مثل صَبُور وصُبُر ، ومِنه قَرَأَ بعضُهم : ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ ، فجعله نعتاً للأَلسنة . الفراء : يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ . وكَذَبَ الرجلُ : أَخْبَر بالكَذِبِ . وفي المثل : ليس لـمَكْذُوبٍ رَأْيٌ . ومِنْ أَمثالهم : الـمَعاذِرُ مَكاذِبُ . ومن أَمثالهم : أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ ، وهو كقولهم : مع الخَواطِـئِ سَهْمٌ صائِبٌ . اللحياني : رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق . النضر : يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ ، ثم تَرْجِـعُ حائلاً : مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ ، وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ . أَبو عمرو : يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم : قد أَكْذَب ، وهو الإِكْذابُ . وقوله تعالى : حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا ؛ قراءة أَهلِ المدينةِ ، وهي قِراءة عائشة ، رضي اللّه عنها ، بالتشديد وضم الكاف . روي عن عائشة ، رضي اللّه عنها ، أَنها ، قالت : اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم ، وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ ، وكانت تَقْرؤُه بالتشديد ، وهي قراءة نافع ، وابن كثير ، وأَبي عمرو ، وابن عامر ؛ وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي : كُذِبُوا ، بالتخفيف . ورُوي عن ابن عباس أَنه ، قال : كُذِبُوا ، بالتخفيف ، وضم الكاف . وقال : كانوا بَشَراً ، يعني الرسل ؛ يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا ، فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا . قال أَبو منصور : إِن صح هذا عن ابن عباس ، فوَجْهُه عندي ، واللّه أَعلم ، أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر ، مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها ، ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَـأَنُّوا إِليه ، ولكنه كان خاطراً يَغْلِـبُه اليقينُ . وقد روينا عن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، أَنه ، قال : تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها . ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ ، فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس . وقد رُوي عنه أَيضاً : أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ ، وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ . قال أَبو منصور : وهذه الرواية أَسلم ، وبالظاهر أَشْبَهُ ؛ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه ، قال : اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم ، وظنَّ قومُهم أَن الرسل قد كُذِّبُوا ، جاءَهم نَصْرُنا ؛ وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس . وقرأَ بعضهم : وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ . قال أَبو منصور : وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة ، رضي اللّه عنها ، وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين ، وأَهلُ البصرة ، وأَهلُ الشام . وقوله تعالى : ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ ؛ قال الزجاج : أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ ، كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء . قال : وكاذِبةٌ مصدر ، كقولك : عافاه اللّهُ عافِـيةً ، وعاقَبَه عاقِـبةً ، وكذلك كَذَبَ كاذبةً ؛ وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر ، كالعاقبة والعافية والباقية . وفي التنزيل العزيز : فهل تَرَى لهم من باقيةٍ ؟ أَي بقاءٍ . وقال الفراءُ : ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ ، فالكاذبة ، ههنا ، مصدر . يقال : حَمَلَ فما كَذَبَ . وقوله تعالى : ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى ؛ يقول : ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى ؛ يقول : قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي رأَى . وقرئَ : ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى ، وهذا كُلُّه قول الفراء . وعن أَبي الهيثم : أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه ، وما رَأَى بمعنى الرُّؤْية ، كقولك : ما أَنْكَرْتُ ما ، قال زيدٌ أَي قول زيد . ويقال : كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ ؛
وأَنشد للأَخطل : كَذَبَتْكَ عَيْنُك ، أَم رأَيتَ بواسطٍ * غَلَسَ الظَّلامِ ، مِن الرَّبابِ ، خَيَالا ؟ معناه : أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ ، ولم تَرَ . يقول : ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى ، ولم يَرَ ، بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه . وقوله : ناصِـيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِـبُها كاذِبٌ ، فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة . ورُؤْيَا كَذُوبٌ : كذلك ؛
أَنشد ثعلب : فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ ، * معَ النَّجْمِ رُؤْيا ، في الـمَنامِ ، كَذُوبُ والأُكْذُوبةُ : الكَذِبُ . والكاذِبةُ : اسم للمصدر ، كالعَافية . ويقال : لا مَكْذَبة ، ولا كُذْبى ، ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك . وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً : جعله كاذِباً ، وقال له : كَذَبْتَ ؛ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً . وفي التنزيل العزيز : وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً . وفيه : لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً ، عن اللحياني . قال الفراءُ : خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب ، عليه السلام ، جميعاً ، وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة ، وهي لغة يمانية فصيحة . يقولون : كَذَّبْتُ به كِذَّاباً ، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً . وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ ، في لغتهم ، مُشدّدةً . قال : وقال لي أَعرابي مَرَّةً على الـمَرْوَة يَسْتَفْتيني : أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار ؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب : لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي ، * وعن حِوَجٍ ، قِضَّاؤُها منْ شِفائيا وقال الفرَّاءُ : كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً ، لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً ، ويُشَدِّدُ : وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً ؛ لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ . قال : والذي ، قال حَسَنٌ ، ومعناه : لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً ، ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم بَعْضاً . ( زاد في التكملة : وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً ، بضم الكاف وبالتشديد ، ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان ، يقال كذب ، أي بالتخفيف ، كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً متناهياً .)، غيره . ويقال للكَذِبِ : كِذابٌ ؛ ومِنه قوله تعالى : لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً ؛
قال معناه : كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ ، سانِحاً أَو بارِحاً ؛ قال : وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً . وقال اللحياني ، قال الكسائي : أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً ، وغيرهم من العرب تفعيلاً . قال الجوهري : كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد ، لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِـيلِ مثل التَّكْلِـيم ، وعلى فِعَّالٍ مثل كِذَّابٍ ، وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِـيَة ، وعلى مُفَعَّلٍ مثل : ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ . والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق . وتَكَذَّبُوا عليه : زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ ؛ قال أَبو بكر الصدِّيق ، رضي اللّه عنه : رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ ، فَتَكَذَّبُوا * عليه وقالُوا : لَسْتَ فينا بماكِثِ وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ . وأَكْذَبَهُ : أَلْفاه كاذِباً ، أَو ، قال له : كَذَبْتَ . وفي التنزيل العزيز : فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ ؛ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل . وقال الفراءُ : وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ ، قال : ومعنى التخفيف ، واللّه أَعلم ، لا يجعلونك كذَّاباً ، وأَن ما جئتَ به باطلٌ ، لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه ، إِنما أَكْذَبُوه أَي ، قالوا : إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ ، لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة . قال : والتَّكْذيبُ أَن يقال : كَذَبْتَ . وقال الزجاج : معنى كَذَّبْتُه ، قلتُ له : كَذَبْتَ ؛ ومعنى أَكْذَبْتُه ، أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ . قال : وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك ، لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم : كَذَبْتَ . قال : ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم ، أَي يعلمون أَنك صادق ؛ قال : وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق ، ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم ، ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه . وقال الفراءُ في قوله تعالى : فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ ؛ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم ، كأَنه ، قال : فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب ، بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان ، على ما وصفنا لك ؟ وقيل : قوله تعالى : فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين ؛ أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً ، وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة ؟ وفي التنزيل العزيز : وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ . رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ ، أَخَذُوا قميصَه ، وذَبَحُوا جَدْياً ، فلَطَخُوا القَمِـيصَ بدَمِ الجَدْي ، فلما رأَى يعقوبُ ، عليه السلام ، القَميصَ ، قال : كَذَبْتُمْ ، لو أَكَلَه الذِّئبُ لـمَزَّقَ قميصه . وقال الفراءُ في قوله تعالى : بدَمٍ كَذبٍ ؛ معناه مَكْذُوبٍ . قال : والعرب تقول للكَذِبِ : مَكْذُوبٌ ، وللضَّعْف مَضْعُوفٌ ، وللْجَلَد : مَجْلُود ، وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ ، يريدون عَقْدَ رَأْيٍ ، فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً . وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه ، قال : إِن بني نُمَيْرٍ ليس لـحَدِّهم مَكْذُوبةٌ أَي كَذِبٌ . وقال الأَخفش : بدَمٍ كَذِبٍ ، جَعَلَ الدمَ كَذِباً ، لأَنه كُذِبَ فيه ، كما ، قال سبحانه : فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم . وقال أَبو العباس : هذا مصدر في معنى مفعول ، أَراد بدَمٍ مَكْذُوب . وقال الزجاج : بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب ؛ والمعنى : دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه . وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ ، بالدال المهملة ، وقد تقدم في ترجمة كدب . ابن الأَنباري في قوله تعالى : فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك ، قال : سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه ؟، قال : فيه ثلاثة أَقوال : أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم ، بل يكذبونك بأَلسنتهم ؛ والثاني قراءة نافع والكسائي ، ورُويَتْ عن عليّ ، عليه السلام ، فإِنهم لا يُكْذِبُونَك ، بضم الياءِ ، وتسكين الكاف ، على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به ، إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته . وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة ، بأَن العرب تقول : كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ ؛ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ ؛ قال ابن الأَنباري : ويمكن أَن يكون : فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ ، بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً ، عند البَح ْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش . والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم ، لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم . الكسائي : أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ ، ورواه : وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ ؛ وقال ثعلب : أَكْذَبه وكَذَّبَه ، بمعنًى ؛ وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه ، أَو حَمَلَه على الكَذِب ، وبمعنى وجَدَه كاذباً . وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً : كَذَّبْتُه وكَذَّبني ؛ وقد يُستعمل الكَذِبُ في غير الإِنسان ، قالوا : كَذَبَ البَرْقُ ، والـحُلُمُ ، والظَّنُّ ، والرَّجاءُ ، والطَّمَعُ ؛ وكَذَبَتِ العَيْنُ : خانها حِسُّها . وكذَبَ الرأْيُ : تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به . وكَذَبَتْهُ نَفْسُه : مَنَّتْهُ بغير الحق . والكَذوبُ : النَّفْسُ ، لذلك ، قال : إِني ، وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ ، * لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ ( يتبع
. . . أَبو زيد : الكَذُوبُ والكَذُوبةُ : من أَسماءِ النَّفْس . ابن الأَعرابي : الـمَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة . والمَذْكُوبة : المرأَة الصالحة . ابن الأَعرابي : تقول العرب للكَذَّابِ : فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه ، ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً ؛ أَبو الهيثم ، انه ، قال في قول لبيد : أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها يقول : مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ ، لتَـأْمُلَ الآمالَ البعيدة ، فتَجِدَّ في الطَّلَب ، لأَنـَّك إِذا صَدَقْتَها ، فقلتَ : لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً ، قَصُرَ أَمَلُها ، وضَعُفَ طَلَبُها ؛ ثم ، قال : غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة ، وتُصِرَّ على الـمَعْصية . وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه ، وهي اسْتُه ونحوه كثير . وكَذَّبَ عنه : رَدَّ ، وأَراد أَمْراً ، ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم . وكَذَبَ الوَحْشِـيُّ وكَذَّبَ : جَرى شَوْطاً ، ثم وَقَفَ لينظر ما وراءه . وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ . وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ ، بالتشديد ، أَي < ص > ما انْثَنى ، وما جَبُنَ ، وما رَجَعَ ؛ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ ؛ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الـحَمْلَة ؛ قال زهير : لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ ، إِذا * ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا وفي حديث الزبير : أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم ، وقال للمسلمين : إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا . قال شمر : يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ : قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً ، وأَنشد بيت زهير . والتَّكْذِيبُ في القتال : ضِدُّ الصِّدْقِ فيه . يقال : صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ . وكَذَّبَ إِذا جَبُن ؛ وحَمْلةٌ كاذِبةٌ ، كما ، قالوا في ضِدِّها : صادقةٌ ، وهي الـمَصْدوقةُ والـمَكْذُوبةُ في الـحَمْلةِ . وفي الحديث : صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِـيك ؛ اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً ، حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ ، والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال ، فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه العَسَلُ كَذِباً ، لأَنَّ اللّه ، قال : فيه شفاء للناس . وفي حديث صلاةِ الوِتْرِ : كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ ؛ سماه كَذِباً ، لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب ، كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ ، وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ ، لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ ، والـمُخْطِـئُ لا يعلم ، وهذا الرجل ليس بمُخْبِـرٍ ، وإِنما ، قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب ، والاجتهاد لا يدخله الكذبُ ، وإِنما يدخله الخطَـأُ ؛ وأَبو محمد صحابي ، واسمه مسعود بن زيد ؛ وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ ؛
وأَنشد بيت الأَخطل : كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ وقال ذو الرمة : وما في سَمْعِهِ كَذِبُ وفي حديث عُرْوَةَ ، قيل له : إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً ، فقال : كَذَبَ ، أَي أَخْطَـأَ . ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين ، قال : الـمُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِـيَها ، فقال : كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً ، أَي أَخْطَـأْتَ . وفي الحديث : لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث ؛ قيل : أَرادَ به مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ ، وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ ، كقوله : إِنَّ في الـمَعاريض لَـمَنْدوحةً عن الكَذِب ، وكالحديث الآخر : أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره . وكَذَبَ عليكم الحجُّ ، والحجَّ ؛ مَنْ رَفَعَ ، جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ ، ومَن نَصَبَ ، فعَلى الإِغراءِ ، ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ ، ولا مصدرٌ ، ولا اسم فاعل ، ولا مفعولٌ ، وله تعليلٌ دقيقٌ ، ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار . وفي حديث عمر ، رضي اللّه عنه : كَذَبَ عليكم الحجُّ ، كَذَبَ عليكم العُمْرةُ ، كَذَبَ عليكم الجِهادُ ، ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم ؛ قال ابن السكيت : كأَن كَذَبْنَ ، ههنا ، إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة . قال : وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ ، ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً ؛ وقيل معناه : وَجَبَ عليكم الحجُّ ؛ وقيل معناه : الـحَثُّ والـحَضُّ . يقول : إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه ، ورَغبةً فيه ، فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه . وقال الزمخشري : معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين : كأَنه ، قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ ، هو واجبٌ عليك ؛ فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه ؛ ومَن نصب الحجَّ ، فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ ، وفي كذَبَ ضمير الحجِّ ، وهي كلمةٌ نادرةٌ ، جاءَت على غير القِـياس . وقيل : كَذَب عليكم الـحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الـحَجُّ . وهو في الأَصل ، إِنما هو : إِن قيل لا حَجَّ ، فهو كَذِبٌ ؛ ابن شميل : كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ ، وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه ؛ قال : ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ ، لأَنه يريد أَن يَـأْمُر بالحج ، كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ ، يريدُ ارْمِه ؛ قال عنترة يُخاطبُ زوجته : كَذَبَ العَتيقُ ، وماءُ شَنٍّ بارِدٌ ، * إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً ، فاذهبي ! يقول لها : عليكِ بأَكل العَتيق ، وهو التمر اليابس ، وشُرْبِ الماءِ البارد ، ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن ، وهو شُرْبه عَشِـيّاً ، لأَنَّ اللبن خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به ، ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي . وفي حديث عُمَر : شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ ، فقال : كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها ؛ والظهائر جمع ظهيرة ، وهي شدة الحرّ . وفي رواية : كَذَبَ عليك الظواهرُ ، جمع ظاهرة ، وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع . وفي حديث له آخر : إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه الـمَعَص ، فقال : كَذَبَ عليك العَسَلُ ، يريد العَسَلانَ ، وهو مَشْيُ الذِّئب ، أَي عليك بسُرعةِ المشي ؛ والـمَعَصُ ، بالعين المهملة ، التواءٌ في عصَبِ الرِّجل ؛ ومنه حديث عليٍّ ، عليه السلام : كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها ؛ والحارِقةُ : المرأَة التي تَغْلِـبُها شهوَتُها ، وقيل : الضيقة الفَرْج . قال أَبو عبيد :، قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم ، مَعنى الإِغراء ، أَي عليكم به ؛ وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً ، ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً ، على غير قياس ؛ قال : ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر : كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني ، * كما قافَ ، آثارَ الوَسيقةِ ، قائفُ فقوله : كذَبْتُ عليك ، إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي ، فَجَعَلَ نَفْسَه في موضع رفع ، أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه ؟، قال : مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ : وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِـيها * بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروف ؟
قال أَبو عبيد : ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل ، فقال : كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى ؛ وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله : كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري ، فَكَذَبْتُ عليكم ؛ فأَذَلَّه بهذا الشعر ، وأَخْمَلَ ذِكْرَه ؛ وقال في قوله : بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروف ؟
قال : القَراطِفُ أَكْسِـيَةٌ حُمْر ، وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ ، وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً ، فَساءَ ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ ، فقالت : كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ زِينَتهم هذه كاذبةٌ ، ليس وراءَها عندهم شيءٌ . ابن السكيت : تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته : كَذَب علَيك كذا وكذا أَي عليكَ به ، وهي كلمة نادرةٌ ؛ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي لخِداشِ بن زُهَير : كَذَبْتُ عليكم ، أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا * بـيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر ، واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ ، وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ . وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ ، هذه عن اللحياني . وكَذَبَ البعيرُ في سَيره إِذا ساءَ سَيرُه ؛ قال الأَعشى : جُمالِـيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف ، * إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الـهَجيرا ابن الأَثير في الحديث : الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة ، فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء ؛ معنى كَذَباك أَي عليك بهما ، يعني اليومين المذكورين . قال الزمخشري : هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى الـمَثَل في كلامهم ، فلذلك لم تُصَرَّفْ ، ولزِمَتْ طَريقةً واحدة ، في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالـمُخاطَب وحْدَه ، وهي في معنى الأَمْرِ ، كقولهم في الدعاءِ : رَحِمَك اللّه أَي لِـيَرْحَمْكَ اللّهُ . قال : والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ ؛ مِنْ قول العرب : كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ ، وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون ، وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور ، ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها ؛ ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه ، وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب . ومِن ثَمَّ ، قالوا للنَّفْسِ : الكَذُوبُ . فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل ؛ قال ابن الأَثير : وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري وأَطالَ ، وكان هذا خلاصةَ قوله ؛ وقال ابن السكيت : كأَنَّ كَذَبَ ، ههنا ، إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر ، وهي كلمة نادرة ، جاءَت على غير القياس . يقال : كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك . والكَذَّابةُ : ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِـيٌّ . وفي حديث الـمَسْعُودِيِّ : رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ ؛ الكَذَّابةُ : ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت ؛ سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف ، وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه . والكَذَّابُ : اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب . والكَذَّابانِ : مُسَيْلِمةُ الـحَنَفِـيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ . "
المعجم: لسان العرب
كرم
" الكَريم : من صفات الله وأَسمائه ، وهو الكثير الخير الجَوادُ المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه ، وهو الكريم المطلق . والكَريم : الجامع لأَنواع الخير والشرَف والفضائل . والكَريم . اسم جامع لكل ما يُحْمَد ، فالله عز وجل كريم حميد الفِعال ورب العرش الكريم العظيم . ابن سيده : الكَرَم نقيض اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه ، وإن لم يكن له آباء ، ويستعمل في الخيل والإبل والشجر وغيرها من الجواهر إذا عنوا العِتْق ، وأَصله في الناس ، قال ابن الأَعرابي : كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده ويَلِين شعره وتَطِيب رائحته . وقد كَرُمَ الرجل وغيره ، بالضم ، كَرَماً وكَرامة ، فهو كَرِيم وكَرِيمةٌ وكِرْمةٌ ومَكْرَم ومَكْرَمة (* قوله « ومكرم ومكرمة » ضبط في الأصل والمحكم بفتح أولهما وهو مقتضى إطلاق المجد ، وقال السيد مرتضى فيهما بالضم ). وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكُرَّامةٌ ، وجمع الكَريم كُرَماء وكِرام ، وجمع الكُرَّام كُرَّامون ؛ قال سيبويه : لا يُكَسَّر كُرَّام استغنوا عن تكسيره بالواو والنون ؛ وإنه لكَرِيم من كَرائم قومه ، على غير قياس ؛ حكى ذلك أَبو زيد . وإنه لَكَرِيمة من كَرائم قومه ، وهذا على القياس . الليث : يقال رجل كريم وقوم كَرَمٌ كما ، قالوا أَديمٌ وأَدَمٌ وعَمُود وعَمَدٌ ، ونسوة كَرائم . ابن سيده وغيره : ورجل كَرَمٌ : كريم ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث ، تقول : امرأَة كَرمٌ ونسوة كَرَم لأَنه وصف بالمصدر ؛ قال سعيد بن مسحوح (* قوله « مسحوح » كذا في الأصل بمهملات وفي شرح القاموس بمعجمات ) الشيباني : كذا ذكره السيرافي ، وذكر أَيضاً أنه لرجل من تَيْم اللاّت بن ثعلبة ، اسمه عيسى ، وكان يُلَوَّمُ في نُصرة أَبي بلال مرداس بن أُدَيَّةَ ، وأَنه منعته الشفقة على بناته ، وذكر المبرد في أَخبار الخوارج أَنه لأَبي خالد القَناني فقال : ومن طَريف أَخبار الخوارج قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءة المازِني لأَبي خالد القَناني : أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ ، وَما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ أَتَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ على الهُدَى ، وأنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ وجاحِدِ ؟ فكتب إليه أَبو خالد : لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً بَناتي ، أَنَّهُنَّ من الضِّعافِ مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي ، وأنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ وأنْ يَعْرَيْنَ ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي ، فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ ولَوْلا ذاكَ قد سَوَّمْتُ مُهْري ، وفي الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا ، وصارَ الحيُّ بَعدَك في اخْتِلافِ ؟
قال أَبو منصور : والنحويون ينكرون ما ، قال الليث ، إنما يقال رجل كَرِيم وقوم كِرام كما يقال صغير وصغار وكبير وكِبار ، ولكن يقال رجل كَرَم ورجال كَرَم أي ذوو كَرَم ، ونساء كَرَم أي ذوات كرَم ، كما يقال رجل عَدْل وقوم عدل ، ورجل دَنَفٌ وحَرَضٌ ، وقوم حَرَضٌ ودَنَفٌ . وقال أَبو عبيد : رجل كَرِيم وكُرَامٌ وكُرَّامٌ بمعنى واحد ، قال : وكُرام ، بالتخفيف ، أبلغ في الوصف وأكثر من كريم ، وكُرّام ، بالتشديد ، أَبلغ من كُرَام ، ومثله ظَرِيف وظُراف وظُرَّاف ، والجمع الكُرَّامون . وقال الجوهري : الكُرام ، بالضم ، مثل الكَرِيم فإذا أفرط في الكرم قلت كُرّام ، بالتشديد ، والتَّكْرِيمُ والإكْرامُ بمعنى ، والاسم منه الكَرامة ؛ قال ابن بري : وقال أَبو المُثَلم : ومَنْ لا يُكَرِّمْ نفْسَه لا يُكَرَّم (* قوله « ونعامى عين » زاد في التهذيب قبلها : ونعم عين أي بالضم ، وبعدها : نعام عين أي بالفتح ). ويقال : نَعَمْ وحُبّاً وكَرْامةً ؛ قال ابن السكيت : نَعَمْ وحُبّاً وكُرْماناً ، بالضم ، وحُبّاً وكُرْمة . وحكي عن زياد بن أَبي زياد : ليس ذلك لهم ولا كُرْمة . وتَكَرَّمَ عن الشيء وتكارم : تَنزَّه . الليث : تكَرَّمَ فلان عما يَشِينه إذا تَنزَّه وأَكْرَمَ نفْسَه عن الشائنات ، والكَرامةُ : اسم يوضع للإكرام (* قوله « يوضع للإكرام » كذا بالأصل ، والذي في التهذيب : يوضع موضع الإكرام )، كما وضعت الطَّاعةُُ موضع الإطاعة ، والغارةُ موضع الإغارة . والمُكَرَّمُ : الرجل الكَرِيم على كل أَحد . ويقال : كَرُم الشيءُ الكَريمُ كَرَماً ، وكَرُمَ فلان علينا كَرامةً . والتَّكَرُّمُ : تكلف الكَرَم ؛ وقال المتلمس : تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ ، ولنْ تَرَى أَخَا كَرَمٍ إلا بأَنْ يتَكَرَّما والمَكْرُمةُ والمَكْرُمُ : فعلُ الكَرَمِ ، وفي الصحاح : واحدة المَكارمِ ولا نظير له إلاَّ مَعُونٌ من العَوْنِ ، لأَنَّ كل مَفْعُلة فالهاء لها لازمة إلا هذين ؛ قال أَبو الأَخْزَرِ الحِمّاني : مَرْوانُ مَرْوانُ أَخُو اليَوْم اليَمِي ، ليَوْمِ رَوْعٍ أو فَعالِ مَكْرُمِ ويروي : نَعَمْ أَخُو الهَيْجاء في اليوم اليمي وقال جميل : بُثَيْنَ الْزَمي لا ، إنَّ لا ، إنْ لَزِمْتِه ، على كَثرةِ الواشِينَ ، أَيُّ مَعُون ؟
قال الفراء : مَكْرُمٌ جمع مَكْرُمةٍ ومَعُونٌ جمع مَعُونةٍ . والأُكْرُومة : المَكْرُمةُ . والأُكْرُومةُ من الكَرَم : كالأُعْجُوبة من العَجَب . وأَكْرَمَ الرجل : أَتى بأَولاد كِرام . واستَكْرَمَ : استَحْدَث عِلْقاً كريماً . وفي المثل : استَكْرَمْتَ فارْبِطْ . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه ، قال : إنَّ اللهَ يقولُ إذا أَنا أَخَذْتُ من عبدي كَرِيمته وهو بها ضَنِين فصَبرَ لي لم أَرْض له بها ثواباً دون الجنة ، وبعضهم رواه : إذا أَخذت من عبدي كَرِيمتَيْه ؛ قال شمر :، قال إسحق بن منصور ، قال بعضهم يريد أهله ، قال : وبعضهم يقول يريد عينه ، قال : ومن رواه كريمتيه فهما العينان ، يريد جارحتيه أي الكريمتين عليه . وكل شيء يَكْرُمُ عليك فهو كَريمُكَ وكَريمتُك . قال شمر : وكلُّ شيء يَكْرُمُ عليك فهو كريمُك وكريمتُك . والكَرِيمةُ : الرجل الحَسِيب ؛ يقال : هو كريمة قومه ؛
وأَنشد : وأَرَى كريمَكَ لا كريمةَ دُونَه ، وأَرى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوادِ (* قوله « منقع الاجواد » كذا بالأصل والتهذيب ، والذي في التكملة : منقعاً لجوادي ، وضبط الجواد فيها بالضم وهو العطش ). أَراد من يَكْرمُ عليك لا تدَّخر عنه شيئاً يَكْرُم عليك . وأَما قوله ، صلى الله عليه وسلم : خير الناس يومئذ مُؤمن بين كَرِيمين ، فقال قائل : هما الجهاد والحج ، وقيل : بين فرسين يغزو عليهما ، وقيل : بين أَبوين مؤَمنين كريمين ، وقيل : بين أَب مُؤْمن هو أَصله وابن مؤْمن هو فرعه ، فهو بين مؤمنين هما طَرَفاه وهو مؤْمن . والكريم : الذي كَرَّم نفْسَه عن التَّدَنُّس بشيءٍ من مخالفة ربه . ويقال : هذا رجل كَرَمٌ أَبوه وكَرَمٌ آباؤُه . وفي حديث آخر : أَنه أكْرَم جرير بن عبد الله لمّا ورد عليه فبَسط له رداءَه وعممه بيده ، وقال : أَتاكم كَريمةُ قوم فأَكْرموه أي كريمُ قوم وشَريفُهم ، والهاء للمبالغة ؛ قال صخر : أَبى الفَخْرَ أَنِّي قد أَصابُوا كَريمتي ، وأنْ ليسَ إهْداء الخَنَى مِنْ شِمالِيا يعني بقوله كريمتي أَخاه معاوية بن عمرو . وأَرض مَكْرَمةٌ (* قوله « وأرض مكرمة » ضطت الراء في الأصل والصحاح بالفتح وفي القاموس بالضم وقال شارحه : هي بالضم والفتح ) وكَرَمٌ : كريمة طيبة ، وقيل : هي المَعْدُونة المُثارة ، وأَرْضان كَرَم وأَرَضُون كَرَم . والكَرَمُ : أَرض مثارة مُنَقَّاةٌ من الحجارة ؛ قال : وسمعت العرب تقول للبقعة الطيبة التُّربةِ العَذاة المنبِت هذه بُقْعَة مَكْرَمة . الجوهري : أَرض مَكْرَمة للنبات إذا كانت جيدة للنبات . قال الكسائي : المَكْرُمُ المَكْرُمة ، قال : ولم يجئ مَفْعُل للمذكر إلا حرفان نادران لا يُقاس عليهما : مَكْرُمٌ ومَعُون . وقال الفراء : هو جمع مَكْرُمة ومَعُونة ، قال : وعنده أَنَّ مفْعُلاً ليس من أَبنية الكلام ، ويقولون للرجل الكَريم مَكْرَمان إذا وصفوه بالسخاء وسعة الصدر . وفي التنزيل العزيز : إنِّي أُلْقِيَ إليَّ كتاب كَريم ؛ قال بعضهم : معناه حسن ما فيه ، ثم بينت ما فيه فقالت : إنَّه من سُليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أَلاَّ تعلوا عليَّ وأْتُوني مُسلمين ؛ وقيل : أُلقي إليّ كتاب كريم ، عَنَتْ أَنه جاء من عند رجل كريم ، وقيل : كتاب كَريم أي مَخْتُوم . وقوله تعالى : لا بارِدٍ ولا كَريم ؛ قال الفراء : العرب تجعل الكريم تابعاً لكل شيء نَفَتْ عنه فعلاً تَنْوِي به الذَّم . يقال : أَسَمِين هذا ؟ فيقال : ما هو بسَمِين ولا كَرِيم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة . وقال : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ؛ أَي قرآن يُحمد ما فيه من الهُدى والبيان والعلم والحِكمة . وقوله تعالى : وقل لهما قولاً كَريماً ؛ أَي سهلاً ليِّناً . وقوله تعالى : وأَعْتَدْنا لها رِزْقاً كريماً ؛ أي كثيراً . وقوله تعالى : ونُدْخِلْكم مُدْخَلاً كريماً ؛ قالوا : حسَناً وهو الجنة . وقوله : أَهذا الذي كَرَّمْت عليّ ؛ أي فضَّلْت . وقوله : رَبُّ العرشِ الكريم ؛ أَي العظيم . وقوله : إنَّ ربي غنيٌّ كريم ؛ أي عظيم مُفْضِل . والكَرْمُ : شجرة العنب ، واحدتها كَرْمة ؛ قال : إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمةٍ تُرَوِّي عِظامي ، بَعْدَ مَوْتي ، عُرُوقُها وقيل : الكَرْمة الطاقة الواحدة من الكَرْم ، وجمعها كُروُم . ويقال : هذه البلدة إنما هي كَرْمة ونخلة ، يُعنَى بذلك الكثرة . وتقول العرب : هي أَكثر الأرض سَمْنة وعَسَلة ، قال : وإذا جادَت السماءُ بالقَطْر قيل : كَرَّمَت . وفي حديث أَبي هريرة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه ، قال : لا تُسَمُّوا العِنب الكَرْم فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم ؛ قال الأَزهري : وتفسير هذا ، والله أَعلم ، أن الكَرَمَ الحقيقي هو من صفة الله تعالى ، ثم هو من صفة مَنْ آمن به وأَسلم لأَمره ، وهو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال : رجل كَرَمٌ ورجلان كرَم ورجال كرَم وامرأَة كرَم ، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤَنث لأنه مصدر أُقيمَ مُقام المنعوت ، فخففت العرب الكَرْم ، وهم يريدون كَرَمَ شجرة العنب ، لما ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع وكَثُرَ من خيره في كل حال وأَنه لا شوك فيه يُؤْذي القاطف ، فنهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن تسميته بهذا الاسم لأَنه يعتصر منه المسكر المنهي عن شربه ، وأَنه يغير عقل شاربه ويورث شربُه العدواة والبَغْضاء وتبذير المال في غير حقه ، وقال : الرجل المسلم أَحق بهذه الصفة من هذه الشجرة . قال أَبو بكر : يسمى الكَرْمُ كَرْماً لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على السخاء والكَرَم وتأْمر بمَكارِم الأَخلاق ، فاشتقوا له اسماً من الكَرَم للكرم الذي يتولد منه ، فكره النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن يسمى أَصل الخمر باسم مأْخوذ من الكَرَم وجعل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن ؛
وأَنشد : والخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ وكذلك سميت الخمر راحاً لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء أَي يَخِفُّ ؛ وقال الزمخشري : أَراد أن يقرّر ويسدِّد ما في قوله عز وجل : إن أَكْرَمَكم عند الله أَتْقاكم ، بطريقة أَنِيقة ومَسْلَكٍ لَطِيف ، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كَرْماً ، ولكن الإشارة إلى أَن المسلم التقي جدير بأَن لا يُشارَك فيما سماه الله به ؛ وقوله : فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم أَي إنما المستحق للاسم المشتقِّ من الكَرَمِ الرَّجلُ المسلم . وفي الحديث : إنَّ الكَريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريم يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحق لأَنه اجتمع له شَرَف النبوة والعِلم والجَمال والعِفَّة وكَرَم الأَخلاق والعَدل ورِياسة الدنيا والدين ، فهو نبيٌّ ابن نبيٍّ ابن نبيٍّ ابن نبي رابع أربعة في النبوة . ويقال للكَرْم : الجَفْنةُ والحَبَلةُ والزَّرَجُون . وقوله في حديث الزكاة : واتَّقِ كَرائمَ أَموالهم أي نَفائِسها التي تتعلَّق بها نفْسُ مالكها ، ويَخْتَصُّها لها حيث هي جامعة للكمال المُمكِن في حقّها ، وواحدتها كَرِيمة ؛ ومنه الحديث : وغَزْوٌ تُنْفَقُ فيه الكَريمةُ أي العزيزة على صاحبها . والكَرْمُ : القِلادة من الذهب والفضة ، وقيل : الكَرْم نوع من الصِّياغة التي تُصاغُ في المَخانِق ، وجمعه كُروُم ؛ قال : تُباهِي بصَوْغ من كُرُوم وفضَّة يقال : رأَيت في عُنُقها كَرْماً حسناً من لؤلؤٍ ؛ قال الشاعر : ونَحْراً عَليْه الدُّر تُزْهِي كُرُومُه تَرائبَ لا شُقْراً ، يُعَبْنَ ، ولا كُهْبا وأَنشد ابن بري لجرير : لقَدْ وَلَدَتْ غَسّانَ ثالِبةُ الشَّوَى ، عَدُوسُ السُّرَى لا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها ثالبة الشوء : مشققة القدمين ؛
وأَنشد أَيضاً له في أُم البَعِيث : إذا هَبَطَتْ جَوَّ المَراغِ فعَرَّسَتْ طُرُوقاً ، وأَطرافُ التَّوادي كُروُمُها والكَرْمُ : ضَرْب من الحُلِيِّ وهو قِلادة من فِضة تَلْبَسها نساء العرب . وقال ابن السكيت : الكَرْم شيء يُصاغ من فضة يُلبس في القلائد ؛
وأَنشد غيره تقوية لهذا : فيا أَيُّها الظَّبْيُ المُحَلَّى لَبانُه بكَرْمَيْنِ : كَرْمَيْ فِضّةٍ وفَرِيدِ وقال آخر : تُباهِي بِصَوغٍ منْ كُرُومٍ وفِضّةٍ ، مُعَطَّفَة يَكْسونَها قَصَباً خَدْلا وفي حديث أُم زرع : كَرِيم الخِلِّ لا تُخادِنُ أَحداً في السِّرِّ ؛ أَطْلَقَت كرِيماً على المرأَة ولم تقُل كرِيمة الخلّ ذهاباً به إلى الشخص . وفي الحديث : ولا يُجلس على تَكْرِمتِه إلا بإذنه ؛ التَّكْرِمةُ : الموضع الخاصُّ لجلوس الرجل من فراش أو سَرِير مما يُعدّ لإكرامه ، وهي تَفْعِلة من الكرامة . والكَرْمةُ : رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزة وموضعها الذي تدور فيه من الوَرِك القَلْتُ ؛ وقال في صفة فرس : أُمِرَّتْ عُزَيْزاه ، ونِيطَتْ كُرُومُه إلى كَفَلٍ رابٍ وصُلْبٍ مُوَثَّقِ وكَرَّمَ المَطَرُ وكُرِّم : كَثُرَ ماؤه ؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً : وَهَى خَرْجُه واسْتُجِيلَ الرَّبا بُ مِنْه ، وكُرِّم ماءً صَرِيحا ورواه بعضهم : وغُرِّم ماء صَرِيحا ؛ قال أَبو حنيفة : زعم بعض الرواة أن غُرِّم خطأ وإنما هو وكُرِّم ماء صَريحا ؛ وقال أَيضاً : يقال للسحاب إذا جاد بمائه كُرِّم ، والناس على غُرِّم ، وهو أشبه بقوله : وَهَى خَرْجُه . الجوهري : كَرُمَ السَّحابُ إذا جاء بالغيث . والكَرامةُ : الطَّبَق الذي يوضع على رأْس الحُبّ والقِدْر . ويقال : حَمَلَ إليه الكرامةَ ، وهو مثل النُّزُل ، قال : وسأَلت عنه في البادية فلم يُعرف . وكَرْمان وكِرْمان : موضع بفارس ؛ قال ابن بري : وكَرْمانُ اسم بلد ، بفتح الكاف ، وقد أُولِعت العامة بكسرها ، قال : وقد كسرها الجوهري في فصل رحب فقال يَحكي قول نَصر بن سَيَّار : أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرْمانيّ ؟ والكَرْمةُ : موضع أيضاً ؛ قال ابن سيده : فأَما قول أَبي خِراش : وأَيْقَنْتُ أَنَّ الجُودَ مِنْكَ سَجِيَّةٌ ، وما عِشْتُ عَيْشاً مثْلَ عَيْشِكَ بالكَرْمِ قيل : أَراد الكَرْمة فجمعها بما حولها ؛ قال ابن جني : وهذا بعيد لأَن مثل هذا إنما يسوغ في الأجناس المخلوقات نحو بُسْرَة وبُسْر لا في الأَعلام ، ولكنه حذف الهاء للضرورة وأَجْراه مُجْرى ما لا هاء فيه ؛ التهذيب :، قال أَبو ذؤيب (* قوله « أبو ذؤيب إلخ » انفرد الازهري بنسبة البيت لابي ذؤيب ، إذ الذي في معجم ياقوت والمحكم والتكملة إنه لابي خراش ) في الكُرْم : وأَيقنتُ أَن الجود منك سجية ، وما عشتُ عيشاً مثل عيشكَ بالكُرْ ؟
قال : أَراد بالكُرْمِ الكَرامة . ابن شميل : يقال كَرُمَتْ أَرضُ فلان العامَ ، وذلك إذا سَرْقَنَها فزكا نبتها . قال : ولا يَكْرُم الحَب حتى يكون كثير العَصْف يعني التِّبْن والورق . والكُرْمةُ : مُنْقَطَع اليمامة في الدَّهناء ؛ عن ابن الأعرابي . "