إِن فرسك لَمُلاغِي الجري: إِذا كان جريُهُ غيرَ جَرْي جِدٍّ
,
نَكَلَ
ـ نَكَلَ عنه ، ونَكِلَ نُكولاً : نَكَصَ وجَبُنَ . ـ نَكَّلَ به تَنْكيلاً : صَنَعَ به صَنيعاً يُحَذِّرُ غيرَه . ـ أو نَكَلَه : نَحَّاهُ عَمَّا قَبْلَهُ ، ـ نَكالُ ونُكْلَةُ ومَنْكَلُ : ما نَكَّلْتَ به غيرَكَ كائناً ما كان . ـ نَكِلَ : قَبِلَ النَّكالَ . ـ إنه لَنِكْلُ شَرٍّ : يُنَكَّلُ به أعداؤه . ـ رماهُ بِنُكْلَةٍ : بما يُنَكِّلُه به . ـ نِكْلُ : القَيْدُ الشديدُ ، ج : أنْكالٌ ، أو قَيْدٌ من نارٍ ، وضَرْبٌ من اللُّجُمِ ، أو لجامُ البَريدِ ، وحَديدةُ اللِّجامِ ، والزِّمامُ ، ـ نَكَلُ : عِناجُ الدَّلْوِ ، والرجلُ القَوِيُّ المُجَرَّبُ المُبْدِئُ المعِيدُ ، وكذا الفَرَسُ ، ومنه : '' إن الله يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ ''. ـ مَنْكَلُ : الصَّخْرُ . ـ مِنْكَلُ : الذي يُنَكِّلُ بالإِنسانِ . ـ أنْكَلَهُ : دفعهُ . ـ ناكِلُ : الضعيفُ والجَبانُ . ـ في الحديث : '' مُضَرُ صَخْرَةُ اللهِ التي لا تُنْكَلُ '' أي : لا تُدْفَعُ عما وقَعَتْ عليه .
المعجم: القاموس المحيط
شير لنك
خدمة هاتفية لتداول الأوراق المالية في بريطانيا ، وتعني بالانجليزية : Shareling
المعجم: مالية
نكص
" النُّكُوصُ : الإِحْجامُ والانْقِداعُ عن الشيء . تقول : أَرادَ فلانٌ أَمراً ثم نَكَصَ على عَقِبَيْه . ونَكَصَ عن الأَمر يَنْكِصُ ويَنْكُصُ نَكْصاً ونُكوصاً : أَحْجَم . قال أَبو منصور : نَكَصَ يَنْكُصُ ويَنْكِصُ ونَكَصَ فلانٌ عن الأَمر ونَكَفَ بمعنى واحد أَي أَحْجَم . ونَكَصَ على عقبيه : رجع عما كان عليه من الخير ، ولا يقال ذلك إلا في الرجوع عن الخير خاصة . ونَكَصَ الرجلُ يَنْكِصُ : رجعَ إِلى خَلْفِه . وقوله عزّ وجلّ : وكنتم على أَعقابكم تَنْكِصُون ؛ فسر بذلك كله . وقرأَ بعض القراء : تنكُصون ، بضم الكاف . وفي حديث عليّ ، رضي اللّه عنه ، وصِفِّين : قَدَّمَ للوَثْبة يَداً وأَخَّرَ للنُّكُوصِ رِجْلاً ؛ النُّكُوص : الرجوعُ إِلى وراء وهو القَهْقَرَى . "
المعجم: لسان العرب
نكث
" النَّكْثُ : نَقْضُ ما تَعْقِدُه وتُصْلِحُه من بَيْعَةٍ وغيرها . نَكَثَه يَنْكُثُه نَكْثاً فانْتَكَثَ ، وتَناكَثَ القومُ عُهودَهم : نقضوها ، وهو على المثل . وفي حديث علي ، كرّم الله وجهه : أُمِرْت بقتال الناكِثِينَ والقاسِطِين والمارِقِين ؛ النَّكْثُ : نَقْضُ العهد ؛ وأَراد بهم أَهل وقعة الجمل ، لأَنهم كانوا بايعوه ثم نقضوا بيعته ، وقاتلوه ؛ وأَراد بالقاسطين أَهل الشأْم ، وبالمارقين الخوارج . وحَبْلٌ نِكْثٌ ونَكِيث وأَنْكاثٌ : مَنْكُوث . والنِّكْث ، بالكسر : أَنْ تُنْقَضَ أَخْلاقُ الأَخْبية والأَكْسِية البالية ، فَتُغْزَلَ ثانيةً ، والاسم من ذلك كله النَّكيثَةُ . ونَكَث العهدَ والحبلَ فانْتَكَثَ أَي نقضه فانتقض . وفي التنزيل العزيز : ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلها من بعد قُوَّةٍ أَنْكاثاً ؛ واحد الأَنْكاث : نِكْثٌ ، وهو الغَزْلُ من الصوف أَو الشعر ، تُبْرَمُ وتُنْسَجُ ، فإِذا خَلَقَتِ النسيجةُ قُطِّعَتْ قِطَعاً صِغاراً ، ونُكِثَتْ خيوطُها المبرومة ، وخُلِطت بالصوف الجديد ونَشِبَتْ به ، ثم ضُربت بالمطارق وغزلت ثانية واستعملت ، والذي ينكُثها يقال له : نَكَّاثٌ ؛ ومن هذا نَكْثُ العهد ، وهو نَقْضه بعد إِحْكامه ، كما تُنْكَث خيوطُ الصوف المغزول بعد إِبْرامه . ابن السكيت : النَّكْثُ المصدر . وفي حديث عمر : أَنه كان يأْخذ النِّكْثَ والنَّوى من الطريق ، فإِن مَرَّ بدار قوم ، رمى بهما فيها وقال : انتفعوا بهذا النِّكثَ ؛ النِّكْث ، بالكسر : الخيط الخَلَقُ من صوف أَو شعر أَو وَبرٍ ، سمي به لأَنه يُنْقَضُ ، ثم يُعاد فَتْلُه . والنَّكِيثَة : الأَمر الجليل . والنَّكِيثَة : خُطَّةٌ صَعْبة يَنْكُثُ فيها القوم ؛ قال طرفة : وقرّبتُ بالقُرْبَى ، وجَدِّك أَنه متى يَكُ عَقْدٌ للنَّكِيثَةِ ، أَشْهَدِ يقول : متى ينزل بالحيِّ أَمر شديد يبلغ النكيثة ، وهي النفس ، ويَجْهَدها ، فإِني أَشهده . قال ابن بري : وذكر الوزير المغربي أَنَّ النكيثة في بيت طرفة هي النفس ؛ وقال أَبو نخيلة : إِذا ذَكَرْنا ، فالأُمورُ تُذْكَرُ ، واستوعبَ ، النَّكائِثَ ، التَّفَكُّرُ ، قُلْنا : أَميرُ المُؤْمِنِينَ مُعْذِرُ يقول : استوعبَ الفِكرُ أَنْفُسَنا كلها وجَهَدَ بها . والنَّكِيثَةُ : النَّفسُ . قال أَبو منصور : وسميت النفس نَكِيثَةً ، لأَن تكاليف ما هي مضطرة إِليه تَنْكُثُ قُوَاها ، والكِبَرُ يفنيها ، فهي منكوثة القُوَى بالنَّصَبِ والفناء ، وأُدخلت الهاء في النكيثة لأَنها اسم . الجوهري : فلانٌ شديدُ النكيثة أَي النفس . وبُلِغت نَكِثَتُه أَي جُهْدُه . يقال : بُلِغَت نَكِيثَةُ البعير إِذا جَهِدَ قوَّتَه . ونكائث الإِبل : قُوَاها ؛ قال الراعي يصف ناقة : تُمْسِي ، إِذا العِيسُ أَدْرَكْنا نَكائثَها ، خَرْقاءَ ، يعتادُها الطُّوفانُ والزُّوُدُ وبلغ فلانٌ نَكِيثَةَ بعيرِه أَي أَقْصَى مجهوده في السير . وقال فلانٌ قولاً لا نَكِيثَةَ فيه أَي لا خُلْفَ . وطلب فلانٌ حاجة ثم انْتَكَثَ الأُخرى أَي انصرف إِليها . ويقال : بعيرٌ مُنْتَكِثٌ إِذا كان سميناً فَهُزِلَ ؛ قال الشاعر : ومُنْتَكِثٍ عالَلْتُ بالسَّوْطِ رأَسَه ، وقد كَفَرَ اللَّيْلُ الخَرُوقُ المَوَامِيَا ونَكَثَ السِّواكَ وَغَيْرَهُ يَنْكُثُه نَكْثاً فانْتَكَثَ : شَعَّثَهُ ، وكذلك نَكَثَ السَّافَ عن أُصولِ الأَظفار . والنُّكَاثَةُ : ما انْتَكَثَ من الشيء . والنُّكَاثُ : أَن يَشْتَكِيَ البعيرُ نُكْفَتَيْه ، وهما عظمان ناتِئان عند شحمتي أُذنيه ، وهو النُّكَافُ . اللحياني : اللُّكاثُ والنُّكاثُ داءٌ يأْخذ الإِبلَ ، وهو شبه البَثْرِ يأْخذها في أَفواهها . ونِكْثٌ : اسمٌ . وبَشِيرُ بنُ النِّكْثِ : شاعر معروف ، حكاه سيبويه ، وأَنشد له : وَلَّتْ ودَعْواها شَديدٌ صَخَبُهْ "
المعجم: لسان العرب
نمم
" النَّمُّ : التوريشُ والإغْراءُ ورَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ ، وقيل : تَزْيينُ الكلام بالكذب ، والفعلُ نَمَّ يَنِمُّ ويَنُمُّ ، والأصل الضم ، ونَمَّ به وعليه نَمّاً ونَميمةً ونميماً ، وقيل : النَّمِيمُ جمعُ نميمةٍ بعدَ أن يكون اسماً . التهذيب : النَّمِيمةُ والنَّمِيمُ هما الاسم ، والنعتُ نَمّامٌ ؛
وأَنشد ثعلب في تعدية نَمَّ بِعلى : ونَمَّ عليك الكاشِحُونَ ، وقَبْلَ ذا عليك الهَوَى قد نَمَّ ، لو نَفَعَ النَّمُّ ورجل نََمومٌ ونَمّامٌ ومِنَمٌّ ونَمٌّ أَي قَتّاتٌ من قومٍ نَمِّين وأَنِمّاءَ ونُمٍّ ، وصرَّح اللحياني بأَنَّ نُمّاً جمع نَمومٍ ، وهو القياس ، وامرأَة نَمَّة . قال أَبو بكر :، قال أَبو العباس النَّمّام معناه في كلام العرب الذي لا يُمْسِك الأَحاديثَ ولم يَحْفَظْها ، من قولهم جُلودٌ نَمَّةٌ إذا كانت لا تُمْسِك الماءَ . يقال : نَمَّ فلانٌ يَنِمُّ نَمّاً إذا ضيَّعَ الأَحاديثَ ولم يحفظها ؛
ويقال للنَّمَّام : القَتّاتُ ، يقال : قَتَّ إذا مشى بالنَّميمة . ويقال للنَّمّام قَسّاسٌ ودَرَّاجٌ وغَمّازٌ وهَمّازٌ ومائسٌ ومِمْآسٌ ، وقد ماسَ من القوم ونَمِلَ . الجوهري : نَمَّ الحديثَ يَنِمُّه ويَنُمُّه نمّاً أي قَتَّه ، والاسم النَّميمةُ ، وقد تكرر في الحديث ذكرُ النميمةِ ، وهو نَقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ . ونَمَّ الحديثَ : نقَلَه . ونمَّ الحديث : إذا ظهر ، فهو متعدٍّ ولازمٌ . والنميمةُ : صوتُ الكتابةِ والكتابةُ ، وقيل : هو وَسْواسُ هَمْسِ الكلام ؛ قال أَبو ذؤَيب : فشَربْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسّاً دُونَه شرف الحجاب ، وريبُ قَرْعٍ يَقْرع ونَمِيمة من قانِصٍ مُتَلَبّبٍ ، في كفِّه جَشْءٌ أَجَشّ وأَقْطَع ؟
قال الأَصمعي : معناه أَنه سمع ما نَمَّ على القانص . وقال غيره : النَّميمةُ الصوت الخفيّ من حركة شيء أَو وَطْءِ قدَمٍ ، وقال الأَصمعي : أَراد به صوت وَتَرٍ أو ريحاً اسْتَرْوَحَته الحُمُرُ ، وأَنكر : وهَماهِماً من قانِصٍ ، قال : لأَنه أَشد خَتْلاً في القَنِيص من أَن يُهَمْهِمَ للوحش ؛ ألا ترى لقول رؤبة : فباتَ والنَّفْسُ من الحِرْصِ الفَشَقْ في الزَّرْبِ ، لو يُمْضَعُ شَرْىاً ما بَصَقْ والفَشَقُ : الانتشار . والنامّة : حياة النَّفْسِ . وفي الحديث : لا تُمَثِّلوا بنامَّةِ الله أي بخَلْق الله ، وناميةِ الله أَيضاً ؛ هذه الأخيرة على البدل . والنَّميمة : الهَمس والحركة . وأَسكت الله نامّته أي جَرْسَه ، وما يَنِمُّ عليه من حَرَكته ؛ قال : وقد يهمز فيجعل من النَّئِيم . وسَمِعْتُ نامَّتَه ونَمَّتَه أي حِسَّه ، والأَعرفُ في ذلك نأْمَتَه . ونَمَّ الشيءُ : سَطَعتْ رائحتُه . والنَّمَّام : نبت طيِّب الريح ، صفة غالبة . ونَمْنَمَت الريحُ الترابَ : خَطَّتْه وتَرَكَتْ عليه أَثراً شِبْه الكتابة ، وهو النِّمْنِمُ والنِّمْنِيمُ ؛ قال ذو الرمة : فَيْفٌ عليها لذَيْلِ الريحِ نِمْنِيمُ والنَّمْنَمةُ : خُطوطٌ متقارِبة قِصارٌ شِبْهُ ما تُنَمْنِمُ الريحُ دُقاقَ التراب ، ولكل وَشْيٍ نَمْنَمةٌ . وكتابٌ مُنَمْنَمٌ : مُنقَّش . ونَمْنَمَ الشيءَ نَمْنَمة أي رَقَّشه وزَخْرفه . وثوبٌ مُنَمْنَمٌ : مرقوم مُوَشّىً . والنِّمْنِمُ والنُّمْنُمُ : البياض الذي على أَظْفارِ الأحداثِ ، واحدته نِمْنِمةٌ ، بالكسر ، ونُمنُمَةٌ ؛ قال رؤبة يصف قوساً رُصِّع مَقْبِضُها بسُيورٍ مُنَمْنَمةٍ : رصْعاً كَساها شِيَةً نَمِيما أي نقَشها . ابن الأَعرابي : النَّمَّة اللُّمْعة من بياضٍ في سوادٍ وسوادٍ في بياضٍ . والنِّمَّةُ : القَمْلة . وفي حديث سُويَد بن غَفَلة : أُتي بناقةٍ مُنَمْنَمةٍ أَي سَمِينةٍ مُلْتَفَّة . والنبتُ المُنَمْنَمُ : المُلْتَفّ المجتمِع . والنِّمّةُ : النَّمْلة في بعض اللغات . والنُّمِّيُّ : فلوس الرَّصاص ، رومية ؛ قال أَوس بن حجر : وقارَفَت ، وهي لم تَجْرَبْ ، وباعَ لها ، مِنَ الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ ، سِفْسِيرُ واحدته نُمِّيَّة ، ونسب الجوهري هذا البيت للنابغة يصف فرساً (* قوله « يصف فرساً » في التكملة ما نصه : هذا غلط ، وليس يصف فرساً وإنما يصف ناقة ، وقبل البيت : هل تبلغينهم حرف مصرمة * أجد الفقار وإدلاج وتهدير قدعريت نصف حول أشهراً جدداً * يسفي على رحلها بالحيرة المور والبيت لأوس بن حجر لا للنابغة ). والنُّمِّيُّ : الضَّنْجةُ . والنُّمِّيُّ : العَيْبُ ؛ عن ثعلب ؛
وأَنشد لمِسْكينٍ الدارِميِّ : ولو شِئْتُ أَبْدَيْتُ نُمِّيَّهم ، وأَدخلْتُ تحت الثِّيابِ الإبَر ؟
قال ابن بري :، قال الوزير المَغْرِبيّ أَراد بالنُّمِّيّ هنا العيبَ وأَصله الرَّصاصُ . جعله في العيب بمنزلة الرَّصاص في الفِضَّة . التهذيب : النُّمِّيُّ الفَلْسُ بالرومية ، بالضم . وقال بعضهم : ما كان من الدراهم فيه رَصاصٌ أَو نحاس فهو نُمِّيٌّ ، قال : وكانت بالحِيرة على عهد النُّعمانِ بن المنذر . وما بها نُمِّيٌّ أَي ما بها أَحدٌ . والنُّمِّيّةُ : الطبيعة ؛ قال الطرماح : بلا خَدَبٍ ولا خَوَرٍ ، إذا ما بَدَتْ نُمِّيّةُ الخُدْبِ النُّفاةِ ونُمِّيُّ الرجلِ : نُحاسُه وطَبْعُه ؛ قال أَبو وجزة : ولولا غيرهُ لكشَفْتُ عنه ، وعن نُمِّيَّةِ الطَّبْعِ اللَّعينِ "
المعجم: لسان العرب
نكس
" النَّكْسُ : قلب الشيء على رأَسه ، نَكَسَه يَنْكُسُه نَكْساً فانْتَكَسَ . ونَكَسَ رأَسَه : أَماله ، ونَكَّسْتُه تَنْكِيساً . وفي التنزيل : ناكِسو رؤوسِهم عند ربهم . والناكِسُ : المُطأْطئ رأْسَه . ونَكَسَ رأْسَه إِذا طأْطأَه من ذُلٍّ وجمع في الشعر على نواكِس وهو شاذ على ما ذكرناه في فَوارس ؛
قال سيبويه : إِذا كان لفِعْل لغير الآدميين جمع على فَواعِل لأَنه لا يجوز فيه ما يجوز في الآدميين من الواو والنون في الاسم والفعل فضارع المؤنث ، يقال : جِمال بَوازلُ وعَواضِهُ ؛ وقد اضطرَّ الفرزدق فقال : خضع الرقاب نواكس الأَبصار لأنك تقول هي الرجال فشبه بالجمال . قال أَبو منصور : وروى أَحمد بن يحيى هذا البيت نَواكِسي الأَبصار ، وقال : أَدخل الياء لأَن رد النواكس (* قوله « لان رد النواكس إلخ » هكذا بالأَصل ولعل الأحسن لأنه رد النواكس إِلى الرجال وإِنما كان إلخ .) إِلى الرجال ، إِنما كان : وإِذا الرجال رأَيتهم نواكس أَبصارُهم ، فكان النواكسُ للأَبصار فنقلت إِلى الرجال ، فلذلك دخلت الياء ، وإِن كان جمع جمع كما تقول مررت بقوم حَسَني الوجوه وحِسانٍ وجوهُهم ، لما جعلتهم للرجال جئت بالياء ، وإِن شئت لم تأْتِ بها ، قال : وأَما الفراء والكسائي فإِنهما رويا البيت نواكسَ الأَبصار ، بالفتح ، أَقرَّا نواكس على لفظ الأَبصار ، قال : والتذكير ناكسي الأَبصارِ . وقال الأَخفش : يجوز نَواكِسِ الأَبصارِ ، بالجر لا بالياء كما ، قالوا جحر ضبٍّ خَرِبٍ . شمر : النَكْس في الأَشياء معنى يرجع إِلى قلب الشيء ورده وجعل أَعلاه أَسفله ومقدمه مؤخره . وقال الفراء في قوله عز وجل : ثم نُكِسُوا على رؤوسهم ، يقول : رَجعوا عما عرفوا من الحجة لإِبراهيم ، على نبينا محمد وعليه الصلاة والتسليم . وفي حديث أَبي هريرة : تعس عبدُ الدِّينار وانْتَكَس أَي انقلب على رأْسه وهو دعاء عليه بالخيبة لأَن من انْتَكَس في أَمره فقد خاب وخسر . وفي حديث الشعبي :، قال في السقط إِذا نُكِسَ في الخَلْقِ الرابع وكان مخلقاً أَي تبين خلقه عَتَقَت به الأَمَة وانقضت به عدة الحُرَّة ، أَي إِذا قُلِبَ ورُدَّ في الخلق الرابع ، وهو المُضغة ، لأَنه أَوّلاً تُرابٌ ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة . وقوله تعالى : ومن نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْه في الخَلْقِ ؛ قال أَبو إِسحق : معناه من أَطلنا عمره نَكَّسنا خلقه فصار بدل القوة ضعفاً وبدل الشباب هرماً . وقال الفراء : قرأَ عاصم وحمزة : نُنَكِّسْه في الخلق ، وقرأَ أَهل المدينة : نَنْكُسه في الخلق ، بالتخفيف ، وقال قتادة : هو الهَرَم ، وقال شمر : يقال نُكِسَ الرجل إِذا ضعف وعجز ؛ قال : وأَنشدني ابن الأَعرابي في الانتكاس : ولم يَنْتَكِسْ يَوْماً فيُظْلِمَ وَجْهُه ، لِيَمْرَضَ عَجْزاً ، أَو يُضارِعَ مَأْتَما أَي لم يُنَكِّس رأْسه لأَمر يأْنَف منه . والنَّكْس : السهم الذي يُنَكِّسُ أَو ينكسر فُوقُه فيجعل أَعلاه أَسفله ، وقيل : هو الذي يجعل سِنْخُه نَصْلاً ونَصْلُه سِنْخاً فلا يرجع كما كان ولا يكون فيه خير ، والجمع أَنْكاس ؛ قال الأَزهري : أَنشدني المنذري للحطيئة ، قال : وأَنشده أَبو الهيثم : قد ناضَلُونا ، فَسَلُّوا من كِنانَتِهم مَجْداً تلِيداً ، وعِزّاً غيرَ أَنْكا ؟
قال : الأَنْكاس جمع النَّكْس من السهام وهو أَضعفها ، قال : ومعنى البيت أَن العرب كانوا إِذا أَسروا أَسيراً خيروه بين التَّخْلِية وجَزِّ الناصية والأَسر ، فإِن اختار جَزَّ الناصية جَزُّوها وخلوا سبيله ثم جعلوا ذلك الشعر في كنانتهم ، فإِذا افتخروا أَخرجوه وأَرَوْهُم مفاخرهم . ابن الأَعرابي : الكُنُس والنُّكُسُ مآرِينُ بقرِ الوحش وهي مأْواها والنُّكْس : المُدْرَهِمُون من الشيوخ بعد الهَرَم . والمُنَكِّسُ من الخيل : الذي لا يَسمو برأْسه ، وقال أَبو حنيفة : النَكْس القصير ، والنَّكْسُ من الرجال المقصر عن غاية النَّجْدَة والكرم ، والجمع الأَنْكاس . والنِّكْسُ أَيضاً : الرجل الضعيف ؛ وفي حديث كعب : زالُوا فما زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُف الأَنكاس : جمع نِكْس ، بالكسر ، وهو الرجل الضعيف . والمُنَكِّس من الخيل : المتأَخر الذي لا يلحق بها ، وقد نَكَّس إِذا لم يلحقها ؛ قال الشاعر : إِذا نَكَسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ وأَصل ذلك كله النِّكْسُ من السهام . والوِلادُ المَنْكوس : أَن تخرج رجلا المولود قَبْل رأْسه ، وهو اليَتْن ، والولد المَنْكوس كذلك . والنِّكْس : اليَتْنُ . وقراءة القرآن مَنْكوساً : أَن يبدأَ بالمعوذتين ثم يرتفع إِلى البقرة ، والسنَّة خلاف ذلك . وفي الحديث أَنه قيل لابن مسعود : إِن فلاناً يقرأُ القرآن مَنْكوساً ، قال : ذلك مَنْكوسُ القلبِ ؛ قال أَبو عبيد : يتأَوّله كثير من الناس أَنه أَن يبدأَ الرجل من آخر السورة فيقرأَها إِلى أَوَّلها ؛ قال : وهذا شيء ما أَحسب أَحداً يطيقه ولا كان هذا في زمن عبد اللَّه ، قال : ولا أَعرفه ، قال : ولكن وجهه عندي أَن يبدأَ من آخر القرآن من المعوذتين ثم يرتفع إِلى البقرة كنحو ما يتعلم الصبيان في الكتاب لأَن السُّنَّة خلاف هذا ، يُعلم ذلك بالحديث الذي يحدّثه عثمان عن النبي ، صلى اللَّه عليه وسلم ، أَنه كان إِذا أُنزلت عليه السورة أَو الآية ، قال : ضَعُوها في الموضع الذي يَذْكر كذا كذا ، أَلا ترى أَن التأْليف الآن في هذا الحديث من رسول اللَّه ، صلى اللَّه عليه وسلم ، ثم كتبت المصاحف على هذا ؟، قال : وإِنما جاءت الرُّخْصة في تَعَلُّمِ الصبي والعجمي المُفَصَّلَ لصعوبة السور الطوال عليهم ، فأَما من قرأَ القرآن وحفظه ثم تعمد أَن يقرأَه من آخره إلى أَوله فهذا النَّكْسُ المنهي عنه ، وإِذا كَرِهْنا هذا فنحن للنَّكْس من آخر السورة إِلى أَولها أَشد كراهة إِن كان ذلك يكون . والنُّكْسُ والنَّكْسُ ، والنُّكاسُ كله : العَوْد في المرض ، وقيل : عَوْد المريض في مرضه بعد مَثَالته ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي : خَيالٌ لزَينبَ قد هاج لي نُكاساً مِنَ الحُبِّ ، بَعد انْدمال وقد نُكِسَ في مَرَضِه نُكْساً . ونُكِس المريض : معناه قد عاوَدَتْه العلة بعد النَّقَه . يقال : تَعْساً له ونُكْساً وقد يفتح ههنا للازْدِواج أَو لأَنه لغة ؛ قال ابن سيده وقوله : إِني إِذا وَجْهُ الشَّرِيبِ نَكَّسَ ؟
قال : لم يفسره ثعلب وأَرى نَكَّسَ بَسَرَ وعَبَس . ونَكَسْتُ الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عليه مرة بعد مرة ؛
وأَنشد : كالوشْمِ رَجَّعَ في اليَدِ المنكوس ابن شميل : نَكَسْت فلاناً في ذلك الأَمر أَي رَدَدْته فيه بعدما خرج منه . "
المعجم: لسان العرب
كفر
" الكُفْرُ : نقيض الإِيمان ؛ آمنَّا بالله وكَفَرْنا بالطاغوت ؛ كَفَرَ با يَكْفُر كُفْراً وكُفُوراً وكُفْراناً . ويقال لأَهل دار الحرب : قد كَفَرُوا أَي عَصَوْا وامتنعوا . والكُفْرُ : كُفْرُ النعمة ، وهو نقيض الشكر . والكُفْرُ : جُحود النعمة ، وهو ضِدُّ الشكر . وقوله تعالى : إِنا بكلٍّ كافرون ؛ أَي جاحدون . وكَفَرَ نَعْمَةَ الله يَكْفُرها كُفُوراً وكُفْراناً وكَفَر بها : جَحَدَها وسَتَرها . وكافَرَه حَقَّه : جَحَدَه . ورجل مُكَفَّر : مجحود النعمة مع إِحسانه . ورجل كافر : جاحد لأَنْعُمِ الله ، مشتق من السَّتْر ، وقيل : لأَنه مُغَطًّى على قلبه . قال ابن دريد : كأَنه فاعل في معنى مفعول ، والجمع كُفَّار وكَفَرَة وكِفارٌ مثل جائع وجِياعٍ ونائم ونِيَامٍ ؛ قال القَطامِيّ : وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحاب موسى ، وغُرِّقَتِ الفَراعِنةُ الكِفَارُ وجمعُ الكافِرَة كَوافِرُ . وفي حديث القُنُوتِ : واجْعَلْ قلوبهم كقُلوبِ نساءٍ كوافِرَ ؛ الكوافرُ جمع كافرة ، يعني في التَّعادِي والاختلاف ، والنساءُ أَضعفُ قلوباً من الرجال لا سيما إِذا كُنَّ كوافر ، ورجل كَفَّارٌ وكَفُور : كافر ، والأُنثى كَفُورٌ أَيضاً ، وجمعهما جميعاً كُفُرٌ ، ولا يجمع جمع السلامة لأَن الهاء لا تدخل في مؤنثه ، إِلا أَنهم قد ، قالوا عدوة الله ، وهو مذكور في موضعه . وقوله تعالى : فأَبى الظالمون إِلا كُفُرواً ؛ قال الأَخفش : هو جمع الكُفْر مثل بُرْدٍ وبُرودٍ . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه ، قال : قِتالُ المسلمِ كُفْرٌ وسِبابُه فِسْقٌ ومن رغِبَ عن أَبيه فقد كَفَرَ ؛ قال بعض أَهل العلم : الكُفْرُ على أَربعة أَنحاء : كفر إِنكار بأَن لا يعرف الله أَصلاً ولا يعترف به ، وكفر جحود ، وكفر معاندة ، وكفر نفاق ؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . فأَما كفر الإِنكار فهو أَن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد ، وكذلك روي في قوله تعالى : إِن الذين كفروا سواء عليهم أَأَنذرتهم أَم لم تنذرهم لا يؤمنون ؛ أَي الذين كفروا بتوحيد الله ، وأَما كفر الجحود فأَن يعترف بقلبه ولا يقرّ بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إِبليس وكفر أُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ ، ومنه قوله تعالى : فلما جاءهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا به ؛ يعني كُفْرَ الجحود ، وأَما كفر المعاندة فهو أَن يعرف الله بقلبه ويقرّ بلسانه ولا يَدِينَ به حسداً وبغياً ككفر أَبي جهل وأَضرابه ، وفي التهذيب : يعترف بقلبه ويقرّ بلسانه ويأْبى أَن يقبل كأَبي طالب حيث يقول : ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ ، لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً وأَما كفر النفاق فأَن يقرّ بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه . قال الهروي : سئل الأَزهري عمن يقول بخلق القرآن أَنسميه كافرراً ؟ فقال : الذي يقوله كفر ، فأُعيد عليه السؤال ثلاثاً ويقول ما ، قال ثم ، قال في الآخر : قد يقول المسلم كفراً . قال شمر : والكفر أَيضاً بمعنى البراءة ، كقول الله تعالى حكاية عن الشيطان في خطيئته إِذا دخل النار : إِني كفرت بما أَشْركْتُمونِ من قَبْلُ ؛ أَي تبرأْت . وكتب عبدُ الملك إِلى سعيد بن جُبَيْر يسأَله عن الكفر فقال : الكفر على وجوه : فكفر هو شرك يتخذ مع الله إِلهاً آخر ، وكفر بكتاب الله ورسوله ، وكفر بادِّعاء ولد الله ، وكفر مُدَّعي الإِسْلام ، وهو أَن يعمل أَعمالاً بغير ما أَنزل الله ويسعى في الأَرض فساداً ويقتل نفساً محرّمة بغير حق ، ثم نحو ذلك من الأَعمال كفرانِ : أَحدهما كفر نعمة الله ، والآخر التكذيب بالله . وفي التنزيل العزيز : إِن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ؛ قال أَبو إِسحق : قيل فيه غير قول ، قال بعضهم : يعني به اليهود لأَنهم آمنوا بموسى ، عليه السلام ، ثم كفروا بعزيز ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بكفرهم بمحمد ؛ صلى الله عليه وسلم ؛ وقيل : جائز أَن يكون مُحاربٌ آمن ثم كفر ، وقيل : جائز أَن يكون مُنافِقٌ أَظهر الإِيمانَ وأَبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفراً بإِقامته على الكفر ، فإِن ، قال قائل : الله عز وجل لا يغفر كفر مرة ، فلمَ قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر لهم ، ما الفائدة في هذا ففالجواب في هذا ، والله أَعلم ، أَن الله يغفر للكافر إِذا آمن بعد كفره ، فإِن كفر بعد إِيمانه لم يغفر الله له الكفر الأَول لأَن الله يقبل التوبة ، فإِذا كَفَر بعد إِيمانٍ قَبْلَه كُفْرٌ فهو مطالبَ بجميع كفره ، ولا يجوز أَن يكون إِذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأَن ال له عز وجل يغفر لكل مؤْمن بعد كفره ، والدليل على ذلك قوله تعالى : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ؛ وهذا سيئة بالإِجماع . وقوله سبحانه وتعالى : ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون ؛ معناه أَن من زعم أَن حكماً من أَحكام الله الذي أَتت به الأَنبياء ، عليهم السلام ، باطل فهو كافر . وفي حديث ابن عباس : قيل له : ومن لم يحكم بما أَنزل الله فأُولئك هم الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر ، قال : وقد أَجمع الفقهاء أَن من ، قال : إِن المحصنَين لا يجب أَن يرجما إِذا زنيا وكانا حرين ، كافر ، وإِنما كفر من رَدَّ حُكماً من أَحكام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لأَنه مكذب له ، ومن كذب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فهو ، قال كافر . وفي حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه : إذا الرجل للرجل أَنت لي عدوّ فقد كفر أَحدهما بالإِسلام ؛ أَراد كفر نعمته لأَن الله عز وجل أَلف بين قلوبهم فأَصبحوا بنعمته إِخواناً فمن لم يعرفها فقد كفرها . وفي الحديث : من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر أَي كفر النعمة ، وكذلك الحديث الآخر : من أَتى حائضاً فقد كفر ، وحديث الأَنْواء : إِن الله يُنْزِلُ الغَيْثَ فيُصْبِحُ قومٌ به كافرين ؛ يقولون : مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وكذا ، أَي كافرين بذلك دون غيره حيث يَنْسُبون المطر إِلى النوء دون الله ؛ ومنه الحديث : فرأَيت أَكثر أَهلها النساء لكفرهن ، قيل : أَيَكْفُرْنَ بالله ؟، قال : لا ولكن يَكْفُرْنَ الإِحسانَ ويَكْفُرْنَ العَشِيرَ أَي يجحدن إِحسان أَزواجهن ؛ والحديث الآخر : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ، ومن رغب عن أَبيه فقد كفر ومن ترك الرمي فنعمة كفرها ؛ والأَحاديث من هذا النوع كثيرة ، وأَصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه . وقال الليث : يقال إِنما سمي الكافر كافراً لأَن الكفر غطى قلبه كله ؛ قال الأَزهري : ومعنى قول الليث هذا يحتاج إِلى بيان يدل عليه وإِيضاحه أَن الكفر في اللغة التغطية ، والكافر ذو كفر أَي ذو تغطية لقلبه بكفره ، كما يقال للابس السلاح كافر ، وهو الذي غطاه السلاح ، ومثله رجل كاسٍ أَي ذو كُسْوَة ، وماء دافق ذو دَفْقٍ ، قال : وفيه قول آخر أَحسن مما ذهب إِليه ، وذلك أَن الكافر لما دعاه الله إِلى توحيده فقد دعاه إِلى نعمة وأَحبها له إِذا أَجابه إِلى ما دعاه إِليه ، فلما أَبى ما دعاه إِليه من توحيده كان كافراً نعمة الله أَي مغطياً لها بإِبائه حاجباً لها عنه . وفي الحديث : أَن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال في حجة الوداع : أَلا لا تَرْجِعُنَّ بعدي كُفَّاراً يَضْرِب بعضُكم رقابَ بعض ؛ قال أَبو منصور : في قوله كفاراً قولان : أَحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه إِذا لبس فوقها ثوباً كأَنه أَراد بذلك النهيَ عن الحرب ، والقول الثاني أَنه يُكَفِّرُ الماسَ فيَكْفُر كما تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيُكَفِّرونهم ، وهو كقوله ، صلى الله عليه وسلم : من ، قال لأَخيه يا كافر فقد باء به أَحدهما ، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ ، فإِن صدق فهو كافر ، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم . قال : والكفر صنفان : أَحدهما الكفر بأَصل الإِيمان وهو ضده ، والآخر الكفر بفرع من فروع الإِسلام فلا يخرج به عن أَصل الإِيمان . وفي حديث الردّة : وكفر من كفر من العرب ؛ أَصحاب الردّة كانوا صنفين : صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين إِحداهما أَصحاب مُسَيْلِمَةَ والأَسْودِ العَنْسِيّ الذين آمنوا بنبوتهما ، والأُخرى طائفة ارتدوا عن الإِسلام وعادوا إِلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم واستولد عليّ ، عليه السلام ، من سبيهم أُمَّ محمدِ بن الحنيفة ثم لم ينقرض عصر الصحابة ، رضي الله عنهم ، حتى أَجمعوا أَن المرتد لا يُسْبى ، والصنف الثاني من أَهل الردة لم يرتدوا عن الإِيمان ولكن أَنكروا فرض الزكاة وزعموا أَن الخطاب في قوله تعالى : خذ من أَموالهم صدقة ؛ خاصة بزمن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولذلك اشتبه على عمر ، رضي الله عنه ، قِتالهم لإِقرارهم بالتوحيد والصلاة ، وثبت أَبو بكر ، رضي الله عنه ، على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك لأَنهم كانوا قَرِيبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ ، فلم يُقَرّوا على ذلك ، وهؤلاء كانوا أَهل بغي فأُضيفوا إِلى أَهل الردة حيث كانوا في زمانهم فانسحب عليهم اسمها ، فأَما بعد ذلك فمن أَنكر فرضية أَحد أَركان الإِسلام كان كافراً بالإِجماع ؛ ومنه حديث عمر ، رضي الله عنه : أَلا لا تَضْرِبُوا المسلمين فتُذِلُّوهم ولا تَمْنَعُوهم حَقَّهم فتُكَفِّروهم لأَنهم ربما ارتدُّوا إِذا مُنِعوا عن الحق . وفي حديث سَعْدٍ ، رضي الله عنه : تَمَتَّعْنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ومُعَاوية كافر بالعُرُش قبل إِسلامه ؛ والعُرُش : بيوت مكة ، وقيل معناه أَنه مقيم مُخْتَبِئٌ بمكة لأَن ال تمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة ، ومُعاوية أَسلم عام الفتح ، وقيل : هو من التكفير الذُّلِّ والخضوعِ . وأَكْفَرْتُ الرجلَ : دعوته كافراً . يقال : لا تُكْفِرْ أَحداً من أَهل قبلتك أَي لا تَنْسُبْهم إِلي الكفر ولا تجعلهم كفاراً بقولك وزعمك . وكَفَّرَ الرجلَ : نسبه إِلى الكفر . وكل من ستر شيئاً ، فقد كَفَرَه وكَفَّره . والكافر الزرَّاعُ لستره البذر بالتراب . والكُفَّارُ : الزُّرَّاعُ . وتقول العرب للزَّرَّاعِ : كافر لأَنه يَكْفُر البَذْر المَبْذورَ بتراب الأَرض المُثارة إِذا أَمَرّ عليها مالَقَهُ ؛ ومنه قوله تعالى : كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفارَ نباتُه ؛ أَي أَعجب الزُّرَّاْعَ نباته ، وإِذا أَعجب الزراع نباته مع علمهم به غاية ما فهو يستحسن ، والغيث المطر ههنا ؛ وقد قيل : الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أَشد إِعجاباً بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين . والكَفْرُ ، بالفتح : التغطية . وكَفَرْتُ الشيء أَكْفِرُه ، بالكسر ، أَي سترته . والكافِر : الليل ، وفي الصحاح : الليل المظلم لأَنه يستر بظلمته كل شيء . وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه : غَطَّاه . وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحبي : غَطَّاه بسواده وظلمته . وكَفَرَ الجهلُ على علم فلان : غَطّاه . والكافر : البحر لسَتْرِه ما فيه ، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً ؛ وأَنشد اللحياني : وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ وقول ثعلب بن صُعَيْرة المازني يصف الظليم والنعامة ورَواحَهما إِلى بيضهما عند غروب الشمس : فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ وذُكاء : اسم للشمس . أَلقت يمينها في كافر أَي بدأَت في المغيب ، قال الجوهري : ويحتمل أَن يكون أَراد الليل ؛ وذكر ابن السكيت أَن لَبِيداً سَرَق هذا المعنى فقال : حتى إِذا أَلْقَتْ يداً في كافِرٍ ، وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها ، قال : ومن ذلك سمي الكافر كافراً لأَنه ستر نعم الله عز وجل ؛ قال الأَزهري : ونعمه آياته الدالة على توحيده ، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أَبانت لذوي التمييز أَن خالقها واحد لا شريك له ؛ وكذلك إِرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة ، فمن لم يصدّق بها وردّها فقد كفر نعمة الله أَي سترها وحجبها عن نفسه . ويقال : كافرني فلان حقي إِذا جحده حقه ؛ وتقول : كَفَر نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً . وفي حديث عبد الملك : كتب إِلى الحجاج : من أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سبيله أَي بكفر من خالف بني مَرْوانَ وخرج عليهم ؛ ومنه حديث الحجاج : عُرِضَ عليه رجلٌ من بني تميم ليقتله فقال : إِني لأَر رجلاً لا يُقِرّ اليوم بالكُفْر ، فقال : عن دَمي تَخْدَعُني ؟ إِنّي أَكْفَرُ من حِمَارٍ ؛ وحمار : رجل كان في الزمان الأَول كفر بعد الإِيمان وانتقل إِلى عبادة الأَوثان فصار مثلاً . والكافِرُ : الوادي العظيم ، والنهر كذلك أَيضاً . وكافِرٌ : نهر بالجزيرة ؛ قال المُتَلَمِّسُ يذكر طَرْحَ صحيفته : وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي من جَنْبِ كافِرٍ ؛ كذلك أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ وقال الجوهري : الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم ؛ ابن بري في ترجمة عصا : الكافرُ المطرُ ؛ وأَنشد : وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ ليس بينهما ، وبين قُرَى نَجْرانَ والشامِ ، كافِرُ وقال : كافر أَي مطر . الليث : والكافِرُ من الأَرض ما بعد الناس لا يكاد ينزله أَو يمرّ به أحد ؛ وأَنشد : تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَرِّ عِكْرِشَةٍ في كافرٍ ، ما به أَمْتٌ ولا عِوَجُ وفي رواية ابن شميل : فأَبْصَرَتْ لمحةً من رأْس عِكْرِشَةٍ وقال ابن شميل أَيضاً : الكافر لغائطُ الوَطِيءُ ، وأَنشد هذا البيت . ورجل مُكَفَّرٌ : وهو المِحْسانُ الذي لا تُشْكَرُ نِعْمَتُه . والكافِرُ : السحاب المظلم . والكافر والكَفْرُ : الظلمة لأَنها تستر ما تحتها ؛ وقول لبيد : فاجْرَمَّزَتْ ثم سارَتْ ، وهي لاهِيَةٌ ، في كافِرٍ ما به أَمْتٌ ولا شَرَفُ يجوز أَن يكون ظلمةَ الليل وأَن يكون الوادي . والكَفْرُ : الترابُ ؛ عن اللحياني لأَنه يستر ما تحته . ورماد مَكْفُور : مُلْبَسٌ تراباً أَي سَفَتْ عليه الرياحُ الترابَ حتى وارته وغطته ؛ قال : هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلى ذِي القُورْ ؟ قد دَرَسَتْ غَيرَ رَمادٍ مَكْفُورْ مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطُورْ والكَفْرُ : ظلمة الليل وسوادُه ، وقد يكسر ؛ قال حميد : فَوَرَدَتْ قبل انْبِلاجِ الفَجْرِ ، وابْنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ أَي فيما يواريه من سواد الليل . وقد كَفَر الرجلُ متاعَه أَي أَوْعاه في وعاءٍ . والكُفْر : القِيرُ الذي تُطْلى به السُّفُنُ لسواده وتغطيته ؛ عن كراع . ابن شميل : القِيرُ ثلاثة أَضْرُبٍ : الكُفْرُ والزِّفْتُ والقِيرُ ، فالكُفْرُ تُطْلى به السُّفُنُ ، والزفت يُجْعَل في الزقاق ، والقِيرُ يذاب ثم يطلى به السفن . والكافِرُ : الذي كَفَر دِرْعَه بثوب أَي غطاه ولبسه فوقه . وكلُّ شيء غطى شيئاً ، فقد كفَرَه . وفي الحديث : أَن الأَوْسَ والخَزْرَجَ ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إِلى بعض بالسيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى : وكيف تكفرون وأَنتم تُتْلى عليكم آيات الله وفيكم رَسولُه ؟ ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلْفَة والمودّة . وكَفَر دِرْعَه بثوب وكَفَّرَها به : لبس فوقها ثوباً فَغَشَّاها به . ابن السكيت : إِذا لبس الرجل فوق درعه ثوباً فهو كافر . وقد كَفَّرَ فوقَ دِرْعه ؛ وكلُّ ما غَطَّى شيئاً ، فقد كَفَره . ومنه قيل لليل كافر لأَنه ستر بظلمته كل شيء وغطاه . ورجل كافر ومُكَفَّر في السلاح : داخل فيه . والمُكَفَّرُ : المُوثَقُ في الحديد كأَنه غُطِّيَ به وسُتِرَ . والمُتَكَفِّرُ : الداخل في سلاحه . والتَّكْفِير : أَن يَتَكَفَّرَ المُحارِبُ في سلاحه ؛ ومنه قول الفرزدق : هَيْهاتَ قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رَأْيَها ، فاسْتَجْهَلَت حُلَماءَها سُفهاؤُها حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينها بتَشَاجُرٍ ، قد كَفَّرَتْ آباؤُها ، أَبناؤها رفع أَبناؤها بقوله تَرَدَّدُ ، ورفع آباؤها بقوله قد كفَّرت أَي كَفَّرَتْ آباؤها في السلاح . وتَكَفَّر البعير بحباله إِذا وقعت في قوائمه ، وهو من ذلك . والكَفَّارة : ما كُفِّرَ به من صدقة أَو صوم أَو نحو ذلك ؛ قال بعضهم : كأَنه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة . وتَكْفِيرُ اليمين : فعل ما يجب بالحنث فيها ، والاسم الكَفَّارةُ . والتَّكْفِيرُ في المعاصي : كالإِحْباطِ في الثواب . التهذيب : وسميت الكَفَّاراتُ كفَّاراتٍ لأَنها تُكَفِّرُ الذنوبَ أَي تسترها مثل كَفَّارة الأَيْمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطإِ ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأَمر بها عباده . وأَما الحدود فقد روي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه ، قال : ما أَدْرِي أَلْحُدُودُ كفاراتُ لأَهلها أَم لا . وفي حديث قضاء الصلاة : كَفَّارَتُها أَن تصليها إِذا ذكرتها ، وفي رواية : لا كفارة لها إِلا ذلك . وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسماً وفعلاً مفرداً وجمعاً ، وهي عبارة عن الفَعْلَة والخَصْلة التي من شأْنها أَن تُكَفِّرَ الخطيئة أَي تمحوها وتسترها ، وهي فَعَّالَة للمبالغة ، كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأَسمية ، ومعنى حديث قضاء الصلاة أَنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غُرْم أَو صدقة أَو غير ذلك ، كما يلزم المُفْطِر في رمضان من غير عذر ، والمحرم إِذا ترك شيئاً من نسكه فإِنه تجب عليه الفدية . وفي الحديث : المؤمن مُكَفَّرٌ أَي مُرَزَّأٌ في نفسه وماله لتُكَفَّر خَطاياه . والكَفْرُ : العَصا القصيرة ، وهي التي تُقْطَع من سَعَف النخل . ابن الأَعرابي : الكَفْرُ الخشبة الغليظة القصيرة . والكافُورُ : كِمُّ العِنَب قبل أَن يُنَوِّر . والكَفَرُ والكُفُرَّى والكِفِرَّى والكَفَرَّى والكُفَرَّى : وعاء طلع النخل ، وهو أَيضاً الكافُورُ ، ويقال له الكُفُرَّى والجُفُرَّى . وفي حديث الحسن : هو الطِّبِّيعُ في كُفُرَّاه ؛ الطِّبِّيعُ لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاه ، بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها ، هو وعاء الطلع وقشره الأَعلى ، وكذلك كافوره ، وقيل : هو الطَّلْعُ حين يَنْشَقُّ ويشهد للأَول (* قوله « ويشهد للاول إلخ » هكذا في الأصل . والذي في النهاية : ويشهد للاول قوله في قشر الكفرى .) قولُه في الحديث قِشْر الكُفُرَّى ، وقيل : وعاء كل شيء من النبات كافُوره . قال أَبو حنيفة :، قال ابن الأَعرابي : سمعت أُمَّ رَباح تقول هذه كُفُرَّى وهذا كُفُرَّى وكَفَرَّى وكِفِرَّاه وكُفَرَّاه ، وقد ، قالوا فيه كافر ، وجمع الكافُور كوافير ، وجمع الكافر كوافر ؛ قال لبيد : جَعْلٌ قِصارٌ وعَيْدانٌ يَنْوءُ به ، من الكَوَافِرِ ، مَكْمُومٌ ومُهْتَصَرُ والكافُور : الطَّلْع . التهذيب : كافُورُ الطلعة وعاؤُها الذي ينشق عنها ، سُمِّي كافُوراً لأَنه قد كَفَرها أَي غطَّاها ؛ وقول العجاج : كالكَرْم إِذ نَادَى من الكافُورِ كافورُ الكَرْم : الوَرَقُ المُغَطِّي لما في جوفه من العُنْقُود ، شبهه بكافور الطلع لأَنه ينفرج عمَّا فيه أَيضاً . وفي الحديث : أَنه كان اسم كِنانَةِ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الكافُورَ تشبيهاً بغِلاف الطَّلْع وأَكْمامِ الفَواكه لأَنها تسترها وهي فيها كالسِّهام في الكِنانةِ . والكافورُ : أَخْلاطٌ تجمع من الطيب تُرَكَّبُ من كافور الطَّلْع ؛ قال ابن دريد : لا أَحسب الكافور عَرَبيًّا لأَنهم ربما ، قالوا القَفُور والقافُور . وقوله عز وجل : إِن الأَبرار يَشْرَبُون من كأْس كان مِزاجُها كافُوراً ؛ قيل : هي عين في الجنة . قال : وكان ينبغي أَن لا ينصرف لأَنه اسم مؤنث معرفة على أَكثر من ثلاثة أَحرف لكن صرفه لتعديل رؤوس الآي ، وقال ثعلب : إِنما أَجراه لأَنه جعله تشبيهاً ولو كان اسماً للعين لم يصرفه ؛ قال ابن سيده : قوله جعله تشبيهاً ؛ أَراد كان مزاجُها مثل كافور . قال الفراء : يقال إِنها عَيْنٌ تسمى الكافور ، قال : وقد يكون كان مِزاجُها كالكافور لطيب ريحه ؛ وقال الزجاج : يجوز في اللغة أَن يكون طعم الطيب فيها والكافور ، وجائز أَن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأَن أَهل الجنة لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا وَصَبٌ . الليث : الكافور نبات له نَوْرٌ أَبيض كنَوْر الأُقْحُوَان ، والكافورُ عينُ ماءٍ في الجنة طيبِ الريح ، والكافور من أَخلاط الطيب . وفي الصحاح : من الطيب ، والكافور وعاء الطلع ؛ وأَما قول الراعي : تَكْسُو المَفَارِقَ واللَّبَّاتِ ، ذَا أَرَجِ من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافُورِ دَرَّاجِ ، قال الجوهري : الظبي الذي يكون منه المسك إِنما يَرْعَى سُنْبُلَ الطيب فجعله كافوراً . ابن سيده : والكافورُ نبت طيب الريح يُشَبَّه بالكافور من النخل . والكافورُ أَيضاً : الإَغْرِيضُ ، والكُفُرَّى : الكافُورُ الذي هو الإِغْرِيضُ . وقال أَبو حنيفة : مما يَجْرِي مَجْرَى الصُّمُوغ الكافورُ . والكافِرُ من الأَرضين : ما بعد واتسع . وفي التنزيل العزيز : ولا تُمَسِّكُوا بِعصَمِ الكَوافِر ؛ الكوافرُ النساءُ الكَفَرة ، وأَراد عقد نكاحهن . والكَفْرُ : القَرْية ، سُرْيانية ، ومنه قيل وكَفْرُ عاقِبٍ وكَفْرُبَيَّا وإِنما هي قرى نسبت إِلى رجال ، وجمعه كُفُور . وفي حديث أَبي هريرة ، رضي الله عنه ، أَنه ، قال : لَتُخرِجَنَّكم الرومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرض ، قيل : وما ذلك السُّنْبُكُ ؟، قال : حِسْمَى جُذام أَي من قرى الشام . قال أَبو عبيد : قوله كفراً كفراً يعني قرية قرية ، وأَكثر من يتكلم بهذا أَهل الشام يسمون القرية الكفر . وروي عن مُعَاوية أَنه ، قال : أَهل الكُفُورِ هم أَهل القُبُور . قال الأَزهري : يعني بالكفور القُرَى النائيةَ عن الأَمصار ومُجْتَمَعِ اهل العلم ، فالجهل عليهم أَغلب وهم إِلى البِدَع والأَهواء المُضِلَّة أَسرعُ ؛ يقول : إِنهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأَمصارَ والجُمعَ والجماعاتِ وما أَشبهها . والكَفْرُ : القَبْرُ ، ومنه قيل : اللهم اغفر لأَهل الكُفُور . ابن الأَعرابي : اكْتَفَر فلانٌ أَي لزم الكُفُورَ . وفي الحديث : لا تسكُنِ الكُفُورَ فإن ساكنَ الكُفور كساكن القُبور . قال الحَرْبيّ : الكُفور ما بَعْدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به أَحد ؛ وأَهل الكفور عند أَهل المدن كالأَموات عند الأَحياء فكأَنهم في القبور . وفي الحديث : عُرِضَ على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ما هو مفتوح على أُمَّته من بعده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك أَي قرية قرية . وقول العرب : كَفْرٌ على كَفْرٍ أَي بعض على بعض . وأَكْفَرَ الرجلُ مُطِيعَه : أَحْوَجَه أَن يَعْصِيَه . التهذيب : إِذا أَلجأْت مُطِيعَك إِلى أَن يعصيك فقد أَكْفَرْتَه . والتَّكْفِير : إِيماءُ الذمي برأْسه ، لا يقال : سجد فلان لفلان ولكن كَفَّرَ له تَكْفِيراً . والكُفْرُ : تعظيم الفارسي لِمَلكه . والتَّكْفِيرُ لأَهل الكتاب : أَن يُطَأْطئ أَحدُهم رأْسَه لصاحبه كالتسليم عندنا ، وقد كَفَّر له . والتكفير : أَن يضع يده أَو يديه على صدره ؛ قال جرير يخاطب الأَخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم : وإِذا سَمِعْتَ بحَرْبِ قيْسٍ بَعْدَها ، فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّرُوا تَكْفِيرَا يقول : ضَعُوا سِلاحَكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم ، فكَفِّروا لهم كما يُكَفِّرُ العبد لمولاه ، وكما يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقانِ يضع يده على صدره ويَتَطامَنُ له واخْضَعُوا وانْقادُوا . وفي الحديث عن أَبي سعيد الخدريّ رفعه ، قال : إِذا أَصبح ابن آدم فإن الأَعضاء كلها تُكَفِّرُ للسان ، تقول : اتق الله فينا فإِن استقمت استقمنا وإِن اعوججت اعوججنا . قوله : تكفر للسان أَي تَذِلّ وتُقِرّ بالطاعة له وتخضع لأَمره . والتَّكْفِير : هو أَن ينحني الإِنسان ويطأْطئ رأْسه قريباً من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه . والتكفير : تتويج الملك بتاج إِذا رؤي كُفِّرَ له . الجوهري : التكفير أَن يخضع الإِنسان لغيره كما يُكَفِّرُ العِلْجُ للدَّهاقِينِ ، وأَنشد بيت جرير . وفي حديث عمرو بن أُمية والنجاشي : رأَى الحبشة يدخلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلاَّه ظهره ودخل . وفي حديث أَبي معشر : أَنه كان يكره التكفير في الصلاة وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع ؛ وقال الشاعر يصف ثوراً : مَلكٌ يُلاثُ برأْسِه تَكْفِيرُ ، قال ابن سيده : وعندي أَن التكفير هنا اسم للتاج سمّاه بالمصدر أَو يكون اسماً غير مصدر كالتَّمْتِينِ والتَّنْبِيتِ . والكَفِرُ ، بكسر الفاء : العظيم من الجبال . والجمع كَفِراتٌ ؛ قال عبدُ الله بن نُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ : له أَرَجٌ من مُجْمِرِ الهِنْدِ ساطِعٌ ، تُطَلَّعُ رَيَّاهُ من الكَفِراتِ والكَفَرُ : العِقابُ من الجبال . قال أَبو عمرو : الكَفَرُ الثنايا العِقَاب ، الواحدة كَفَرَةٌ ؛ قال أُمية : وليس يَبْقَى لوَجْهِ اللهِ مُخْتَلَقٌ ، إِلا السماءُ وإِلا الأَرْضُ والكَفَرُ ورجل كِفِرِّينٌ : داهٍ ، وكَفَرْنى : خاملٌ أَحمق . الليث : رجل كِفِرِّينٌ عِفِرِّينٌ أَي عِفْريت خبيث . التهذيب : وكلمة يَلْهَجُونَ بها لمن يؤمر بأَمر فيعمل على غير ما أُمر به فيقولون له : مَكْفورٌ بِكَ يا فلان عَنَّيْتَ وآذَيْتَ . وفي نوادر الأَعراب : الكافِرَتانِ والكافِلَتانِ الأَلْيَتانِ . "
المعجم: لسان العرب
كون
" الكَوْنُ : الحَدَثُ ، وقد كان كَوْناً وكَيْنُونة ؛ عن اللحياني وكراع ، والكَيْنونة في مصدر كانَ يكونُ أَحسنُ . قال الفراء : العرب تقول في ذوات الياء مما يشبه زِغْتُ وسِرْتُ : طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فيما لا يحصى من هذا الضرب ، فأَما ذوات الواو مثل قُلْتُ ورُضْتُ ، فإِنهم لا يقولون ذلك ، وقد أَتى عنهم في أَربعة أَحرف : منها الكَيْنُونة من كُنْتُ ، والدَّيْمُومة من دُمْتُ ، والهَيْعُوعةُ من الهُواع ، والسَّيْدُودَة من سُدْتُ ، وكان ينبغي أَن يكون كَوْنُونة ، ولكنها لما قَلَّتْ في مصادر الواو وكثرت في مصادر الياءِ أَلحقوها بالذي هو أَكثر مجيئاً منها ، إِذ كانت الواو والياء متقاربتي المخرج . قال : وكان الخليل يقول كَيْنونة فَيْعولة هي في الأَصل كَيْوَنونة ، التقت منها ياء وواوٌ والأُولى منهما ساكنة فصيرتا ياء مشددة مثل ما ، قالوا الهَيِّنُ من هُنْتُ ، ثم خففوها فقالوا كَيْنونة كما ، قالوا هَيْنٌ لَيْنٌ ؛ قال الفراء : وقد ذهب مَذْهباً إِلا أَن القول عِندي هو الأَول ؛ وقول الحسن بن عُرْفُطة ، جاهليّ : لم يَكُ الحَقُّ سوَى أَنْ هاجَهُ رَسْمُ دارٍ قد تَعَفَّى بالسَّرَرْ إِنما أَراد : لم يكن الحق ، فحذف النون لالتقاء الساكنين ، وكان حكمه إِذا وقعت النون موقعاً تُحَرَّكُ فيه فتَقْوَى بالحركة أَن لا يَحْذِفَها لأَنها بحركتها قد فارقت شِبْهَ حروف اللِّينِ ، إِذ كُنَّ لا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ ، وحذفُ النون من يكن أَقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع ، لأَن نون يكن أَصل وهي لام الفعل ، والتنوين والنون زائدان ، فالحذف منهما أَسهل منه في لام الفعل ، وحذف النون أَيضاً من يكن أَقبح من حذف النون من قوله : غير الذي قد يقال مِلْكذب ، لأَن أَصله يكون قد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين ، فإِذا حذفت منه النون أَيضاً لالتقاء الساكنين أَجحفت به لتوالي الحذفين ، لا سيما من وجه واحد ، قال : ولك أَيضاً أَن تقول إِن من حرفٌ ، والحذف في الحرف ضعيف إِلا مع التضعيف ، نحو إِنّ وربَّ ، قال : هذا قول ابن جني ، قال : وأَرى أَنا شيئاً غير ذلك ، وهو أَن يكون جاء بالحق بعدما حذف النون من يكن ، فصار يكُ مثل قوله عز وجل : ولم يكُ شيئاً ؛ فلما قَدَّرَهُ يَك ، جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون ، وهي ساكنة تخفيفاً ، فبقي محذوفاً بحاله فقال : لم يَكُ الحَقُّ ، ولو قَدَّره يكن فبقي محذوفاً ، ثم جاء بالحق لوجب أَن يكسر لالتقاء الساكنين فيَقْوَى بالحركة ، فلا يجد سبيلاً إِلى حذفها إِلا مستكرهاً ، فكان يجب أَن يقول لم يكن الحق ، ومثله قول الخَنْجَر بن صخر الأَسدي : فإِنْ لا تَكُ المِرآةُ أَبْدَتْ وَسامةً ، فقد أَبْدَتِ المِرآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ يريد : فإِن لا تكن المرآة . وقال الجوهري : لم يك أَصله يكون ، فلما دخلت عليها لم جزمتها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقي لم يكن ، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفاً ، فإِذا تحركت أَثبتوها ، قالوا لم يَكُنِ الرجلُ ، وأَجاز يونس حذفها مع الحركة ؛
وأَنشد : إِذا لم تَكُ الحاجاتُ من همَّة الفَتى ، فليس بمُغْنٍ عنكَ عَقْدُ الرَّتائِمِ ومثله ما حكاه قُطْرُب : أَن يونس أَجاز لم يكُ الرجل منطلقاً ؛
وأَنشد بيت الحسن بن عُرْفُطة : لم يَكُ الحَقُّ سوى أَن هاجَه والكائنة : الحادثة . وحكى سيبوية : أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كنت أَي مذ خُلِقْتَ ، والمعنيان متقاربان . ابن الأَعرابي : التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك ، تقول العرب لمن تَشْنَؤُه : لا كانَ ولا تَكَوَّنَ ؛ لا كان : لا خُلِقَ ، ولا تَكَوَّن : لا تَحَرَّك أَي مات . والكائنة : الأَمر الحادث . وكَوَّنَه فتَكَوَّن : أَحدَثَه فحدث . وفي الحديث : من رآني في المنام فقد رآني فإِن الشيطان لا يتَكَوَّنُني ، وفي رواية : لا يتَكَوَّنُ على صورتي (* قوله « على صورتي » كذا بالأصل ، والذي في نسخ النهاية : في صورتي ، أَي يتشبه بي ويتصور بصورتي ، وحقيقته يصير كائناً في صورتي ). وكَوَّنَ الشيءَ : أَحدثه . والله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلى الوجود . وبات فلان بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوءٍ . والمكان : الموضع ، والجمع أَمْكِنة وأَماكِنُ ، توهَّموا الميم أَصلاً حتى ، قالوا تَمَكَّن في المكان ، وهذا كم ؟
قالوا في تكسير المَسِيل أَمْسِلة ، وقيل : الميم في المكان أَصل كأَنه من التَّمَكُّن دون الكَوْنِ ، وهذا يقويه ما ذكرناه من تكسيره على أَفْعِلة ؛ وقد حكى سيبويه في جمعه أَمْكُنٌ ، وهذا زائد في الدلالة على أَن وزن الكلمة فَعَال دون مَفْعَل ، فإن قلت فان فَعَالاً لا يكسر على أَفْعُل إلا أَن يكون مؤنثاً كأَتانٍ وآتُنٍ . الليث : المكان اشتقاقُه من كان يكون ، ولكنه لما كثر في الكلام صارت الميم كأَنها أَصلية ، والمكانُ مذكر ، قيل : توهموا (* قوله « قيل توهموا إلخ » جواب قوله فان قيل فهو من كلام ابن سيده ، وما بينهما اعتراض من عبارة الازهري وحقها التأخر عن الجواب كما لا يخفى ). فيه طرح الزائد كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ ، عند سيبويه ، مما كُسِّرَ على غير ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه ، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أي على طِيَّتي . والاستِكانة : الخضوع . الجوهري : والمَكانة المنزلة . وفلانٌ مَكِينٌ عند فلان بَيِّنُ المكانة . والمكانة : الموضع . قال تعالى : ولو نشاءُ لمَسَخْناهم على مَكانتهم ؛ قال : ولما كثرلزوم الميم تُوُهِّمت أَصلية فقيل تَمَكَّن كما ، قالوا من المسكين تَمَسْكَنَ ؛ ذكر الجوهري ذلك في هذه الترجمة ، قال ابن بري : مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة ليس شيء منها من الكَوْن فهذا سهوٌ ، وأَمْكِنة أَفْعِلة ، وأَما تمسكن فهو تَمَفْعل كتَمَدْرَع مشتقّاً من المِدْرَعة بزيادته ، فعلى قياسه يجب في تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل على اشتقاقه لا تمكَّنَ ، وتمكَّنَ وزنه تفَعَّلَ ، وهذا كله سهو وموضعه فصل الميم من باب النون ، وسنذكره هناك . وكان ويكون : من الأَفعال التي ترفع الأَسماء وتنصب الأَخبار ، كقولك كان زيد قائماً ويكون عمرو ذاهباً ، والمصدر كَوْناً وكياناً . قال الأَخفش في كتابه الموسوم بالقوافي : ويقولون أَزَيْداً كُنْتَ له ؛ قال ابن جني : ظاهره أَنه محكيّ عن العرب لأَن الأَخفش إنما يحتج بمسموع العرب لا بمقيس النحويين ، وإذا كان قد سمع عنهم أَزيداً كنت له ، ففيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها ، قال : وذلك انه لا يفسر الفعل الناصب المضمر إلا بما لو حذف مفعوله لتسلط على الاسم الأَول فنصبه ، أَلا تَراكَ تقول أَزيداً ضربته ، ولو شئت لحذفت المفعول فتسلطتْ ضربت هذه الظاهرة على زيد نفسه فقلت أَزيداً ضربت ، فعلى هذا قولهم أَزيداً كنت له يجوز في قياسه أَن تقول أَزيداً كُنْتَ ، ومثَّل سيبويه كان بالفعل المتعدِّي فقال : وتقول كُنّاهْم كما تقول ضربناهم ، وقال إذا لم تَكُنْهم فمن ذا يَكُونُهم كما تقول إذا لم تضربهم فمن ذا يضربهم ، قال : وتقول هو كائِنٌ ومَكُونٌ كما تقول ضارب ومضروب . غيره : وكان تدل على خبر ماضٍ في وسط الكلام وآخره ، ولا تكون صلَةً في أَوَّله لأَن الصلة تابعة لا متبوعة ؛ وكان في معنى جاء كقول الشاعر : إذا كانَ الشِّتاءُ فأَدْفئُوني ، فإنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُه الشِّتاء ؟
قال : وكان تأْتي باسم وخبر ، وتأْتي باسم واحد وهو خبرها كقولك كان الأَمْرُ وكانت القصة أي وقع الأَمر ووقعت القصة ، وهذه تسمى التامة المكتفية ؛ وكان تكون جزاءً ، قال أَبو العباس : اختلف الناس في قوله تعالى : كيف نُكَلِّمُ من كان في المَهْدِ صبيّاً ؛ فقال بعضهم : كان ههنا صلة ، ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيّاً ، قال : وقال الفراء كان ههنا شَرْطٌ وفي الكلام تعَجبٌ ، ومعناه من يكن في المهد صبيّاً فكيف يُكَلَّمُ ، وأَما قوله عز وجل : وكان الله عَفُوّاً غَفُوراً ، وما أَشبهه فإن أَبا إسحق الزجاج ، قال : قد اختلف الناس في كان فقال الحسن البصري : كان الله عَفُوّاً غَفُوراً لعباده . وعن عباده قبل أَن يخلقهم ، وقال النحويون البصريون : كأَنَّ القوم شاهَدُوا من الله رحمة فأُعْلِمُوا أَن ذلك ليس بحادث وأَن الله لم يزل كذلك ، وقال قوم من النحويين : كانَ وفَعَل من الله تعالى بمنزلة ما في الحال ، فالمعنى ، والله أَعلم ،. والله عَفُوٌّ غَفُور ؛ قال أَبو إسحق : الذي ، قاله الحسن وغيره أَدْخَلُ في العربية وأَشْبَهُ بكلام العرب ، وأَما القول الثالث فمعناه يؤُول إلى ما ، قاله الحسن وسيبويه ، إلاَّ أن كون الماضي بمعنى الحال يَقِلُّ ، وصاحبُ هذا القول له من الحجة قولنا غَفَر الله لفلان بمعنى لِيَغْفِر الله ، فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي مؤدِّياً عنها استخفافاً لأَن اختلاف أَلفاظ الأَفعال إنما وقع لاختلاف الأَوقات . وروي عن ابن الأَعرابي في قوله عز وجل : كُنتُم خَيْرَ أُمَّة أُخرجت للناس ؛ أَي أَنتم خير أُمة ، قال : ويقال معناه كنتم خير أُمة في علم الله . وفي الحديث : أَعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْنِ ، قال ابن الأَثير : الكَوْنُ مصدر كان التامَّة ؛ يقال : كان يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ ، يعني أَعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات ، ويروى : بعد الكَوْرِ ، بالراء ، وقد تقدم في موضعه . الجوهري : كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج إلى خبر لأَنه دل على الزمان فقط ، تقول : كان زيد عالماً ، وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشيء ووقوعه استغنى عن الخبر لأَنه دل على معنى وزمان ، تقول : كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كان أَي مُذْ خُلِقََ ؛ قال مَقَّاسٌ العائذيّ : فِداً لبَني ذُهْلِ بن شَيْبانَ ناقَتي ، إذا كان يومٌ ذو كواكبَ أَشْهَبُ قوله : ذو كواكب أَي قد أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب ، وإذا كسفت الشمس ظهرت الكواكب ؛ قال : وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك كان زيد منطلقاً ، ومعناه زيد منطلق ؛ قال تعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ وقال أَبو جُندب الهُذَلي : وكنتُ ، إذ جاري دعا لمَضُوفةٍ ، أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري وإنما يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عمَّا مضى من فعله ، قال ابن بري عند انقضاء كلام الجوهري ، رحمهما الله : كان تكون بمعنى مَضَى وتَقَضَّى ، وهي التامة ، وتأْتي بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع ، وهي الناقصة ، ويعبر عنها بالزائدة أَيضاً ، وتأْتي زائدة ، وتأَتي بمعنى يكون في المستقبل من الزمان ، وتكون بمعنى الحدوث والوقوع ؛ فمن شواهدها بمعنى مضى وانقضى قول أَبي الغول : عَسَى الأَيامُ أَن يَرْجِعـ نَ قوماً كالذي كانوا وقال ابن الطَّثَرِيَّة : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كانَ كائنٌ ، وأَنَّ جَدِيدَ الوَصْلِ قد جُدَّ غابِرُهْ وقال أَبو الأَحوصِ : كم مِن ذَوِي خُلَّةٍ قبْلي وقبْلَكُمُ كانوا ، فأَمْسَوْا إلى الهِجرانِ قد صاروا وقال أَبو زُبَيْدٍ : ثم أَضْحَوْا كأَنهُم لم يَكُونوا ، ومُلُوكاً كانوا وأَهْلَ عَلاءِ وقال نصر بن حجاج وأَدخل اللام على ما النافية : ظَنَنتَ بيَ الأَمْرَ الذي لو أَتَيْتُه ، لَمَا كان لي ، في الصالحين ، مَقامُ وقال أَوْسُ بن حجَر : هِجاؤُكَ إلاَّ أَنَّ ما كان قد مَضَى عَليَّ كأَثْوابِ الحرام المُهَيْنِم وقال عبد الله بن عبد الأَعلى : يا لَيْتَ ذا خَبَرٍ عنهم يُخَبِّرُنا ، بل لَيْتَ شِعْرِيَ ، ماذا بَعْدَنا فَعَلُوا ؟ كنا وكانوا فما نَدْرِي على وَهَمٍ ، أَنَحْنُ فيما لَبِثْنا أَم هُمُ عَجِلُوا ؟ أَي نحن أَبطأْنا ؛ ومنه قول الآخر : فكيف إذا مَرَرْتَ بدارِ قَوْمٍ ، وجيرانٍ لنا كانُوا كرامِ وتقديره : وجيرانٍ لنا كرامٍ انْقَضَوْا وذهب جُودُهم ؛ ومنه ما أَنشده ثعلب : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كان كائنٌ ، حَذِرْتُكِ أَيامَ الفُؤادُ سَلِيمُ (* قوله « أيام الفؤاد سليم » كذا بالأصل برفع سليم وعليه ففيه مع قوله غريم اقواء ). ولكنْ حَسِبْتُ الصَّرْمَ شيئاً أُطِيقُه ، إذا رُمْتُ أَو حاوَلْتُ أَمْرَ غَرِيمِ ومنه ما أَنشده الخليل لنفسه : بَلِّغا عنِّيَ المُنَجِّمَ أَني كافِرٌ بالذي قَضَتْه الكَواكِبْ ، عالِمٌ أَنَّ ما يكُونُ وما كا نَ قَضاءٌ من المُهَيْمِنِ واجِبْ ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سبحانه وتعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ أي لم يَزَلْ على ذلك ؛ وقال المتلمس : وكُنَّا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، أَقَمْنا له من مَيْلِهِ فتَقَوَّما وقول الفرزدق : وكنا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، ضَرَبْْناه تحتَ الأَنْثَيَينِ على الكَرْدِ وقول قَيْسِ بن الخَطِيم : وكنتُ امْرَأً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً أُسَبُّ بها ، إلاَّ كَشَفْتُ غِطاءَها وفي القرآن العظيم أَيضاً : إن هذا كان لكم جَزاءً وكان سَعْيُكُم مَشْكُوراً ؛ فيه : إنه كان لآياتِنا عَنِيداً ؛ وفيه : كان مِزاجُها زَنْجبيلاً . ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أَن تأْتي بمعنى صار كقوله سبحانه : كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ ؛ وقوله تعالى : فإذا انْشَقَّتِ السماءُ فكانت وَرْدَةً كالدِّهانِ ؛ وفيه : فكانت هَبَاءً مُنْبَثّاً ؛ وفيه : وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً ؛ وفيه : كيف نُكَلِّمُ من كانَ في المَهْدِ صَبِيّاً ؛ وفيه : وما جَعَلْنا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عليها ؛ أَي صِرْتَ إليها ؛ وقال ابن أَحمر : بتَيْهاءَ قَفْرٍ ، والمَطِيُّ كأَنَّها قَطا الحَزْنِ ، قد كانَتْ فِراخاً بُيوضُها وقال شَمْعَلَةُ بن الأَخْضَر يصف قَتْلَ بِسْطامِ ابن قَيْسٍ : فَخَرَّ على الأَلاءَة لم يُوَسَّدْ ، وقد كانَ الدِّماءُ له خِمارَا ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أن يكون فيها ضميرُ الشأْن والقِصَّة ، وتفارقها من اثني عشر وجهاً لأَن اسمها لا يكون إلا مضمراً غير ظاهر ، ولا يرجع إلى مذكور ، ولا يقصد به شيء بعينه ، ولا يؤَكد به ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه ، ولا يستعمل إلا في التفخيم ، ولا يخبر عنه إلا بجملة ، ولا يكون في الجملة ضمير ، ولا يتقدَّم على كان ؛ ومن شواهد كان الزائدة قول الشاعر : باللهِ قُولُوا بأَجْمَعِكُمْ : يا لَيْتَ ما كانَ لم يَكُنِ وكان الزائدةُ لا تُزادُ أَوَّلاً ، وإنما تُزادُ حَشْواً ، ولا يكون لها اسم ولا خبر ، ولا عمل لها ؛ ومن شواهدها بمعنى يكون للمستقبل من الزمان قول الطِّرمَّاح بن حَكِيمٍ : وإني لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى من الأَمْرِ ، واسْتِنْجازَ ما كانَ في غَدِ وقال سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ : وكُنْتُ أَرَى كالمَوْتِ من بَيْنِ سَاعَةٍ ، فكيفَ بِبَيْنٍ كانَ مِيعادُه الحَشْرَا ؟ وقد تأْتي تكون بمعنى كان كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ : وانْضَخْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بدِمائها ، ولَقَدْ يَكُونُ أَخا دَمٍ وذَبائِح ومنه قول جَرِير : ولقد يَكُونُ على الشَّبابِ بَصِيرَ ؟
قال : وقد يجيء خبر كان فعلاً ماضياً كقول حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ : وكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرِينَا وكقول الفرزدق : وكُنَّا وَرِثْناه على عَهْدِ تُبَّعٍ ، طَوِيلاً سَوارِيه ، شَديداً دَعائِمُهْ وقال عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ : وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ، فَلا هُوَ أَبْداها ولم يَتَجَمْجَمِ وهذا البيت أَنشده في ترجمة كنن ونسبه لزهير ، قال : ونقول كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً ، شبهوه بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة من ذوات الياء ، ، قال : ولم يجيء من الواو على هذا إلا أَحرف : كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة ، وأَصله كَيْنُونة ، بتشديد الياء ، فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيُِّتٍ ، ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول ، وأَما الحيدودة فأَصله فَعَلُولة بفتح العين فسكنت . قال ابن بري : أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة ، ووزنها فَيْعَلُولة ، ثم قلبت الواو ياء فصار كَيّنُونة ، ثم حذفت الياء تخفيفاً فصار كَيْنُونة ، وقد جاءت بالتشديد على الأَصل ؛ قال أَبو العباس أَنشدني النَّهْشَلِيُّ : قد فارَقَتْ قَرِينَها القَرِينَه ، وشَحَطَتْ عن دارِها الظَّعِينه يا ليتَ أَنَّا ضَمَّنَا سَفِينه ، حَتَّى يَعُودَ الوَصْل كَيّنُون ؟
قال : والحَيْدُودَة أَصل وزنها فَيْعَلُولة ، وهو حَيْوَدُودَة ، ثم فعل بها ما فعل بكَيْنونة . قال ابن بري : واعلم أَنه يلحق بباب كان وأَخواتها كل فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ على الحَدَث ، وجُرِّدَ للزمان وجاز في الخبر عنه أَن يكون معرفة ونكرة ، ولا يتم الكلام دونه ، وذلك مثل عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وجاء وأَشباهها كقول الله عز وجل : يَأْتِ بَصيراً ؛ وكقول الخوارج لابن عباس : ما جاءت حاجَتُك أَي ما صارت ؛ يقال لكل طالب أَمر يجوز أَن يَبْلُغَه وأَن لا يبلغه . وتقول : جاء زيدٌ الشريفَ أَي صار زيدٌ الشريفَ ؛ ومنها : طَفِق يفعل ، وأَخَذ يَكْتُب ، وأَنشأَ يقول ، وجَعَلَ يقول . وفي حديث تَوْبةِ كَعْبٍ : رأَى رجلاً لا يَزُول به السَّرابُ فقال كُنْ أَبا خَيْثَمة أَي صِرْهُ . يقال للرجل يُرَى من بُعْدٍ : كُن فلاناً أَي أَنت فلان أَو هو فلان . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أَنه دخل المسجد فرأَى رجلاً بَذَّ الهيئة ، فقال : كُنْ أَبا مسلم ، يعني الخَوْلانِيَّ . ورجل كُنْتِيٌّ : كبير ، نسب إلى كُنْتُ . وقد ، قالوا كُنْتُنِيٌّ ، نسب إلى كُنْتُ أَيضاً ، والنون الأَخيرة زائدة ؛ قال : وما أَنا كُنْتِيٌّ ، ولا أَنا عاجِنُ ، وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ وزعم سيبويه أَن إخراجه على الأَصل أَقيس فتقول كُونِيٌّ ، على حَدِّ ما يُوجِبُ النَّسَبَ إلى الحكاية . الجوهري : يقال للرجل إذا شاخ هو كُنْتِيٌّ ، كأَنه نسب إلى قوله كُنْتُ في شبابي كذا ؛
قال ابن بري : ومنه قول الشاعر : إذا ما كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ ، فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبِيرِ فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شيئاً بَسَعْيِ ، ولا سَمْعٍ ، ولا نَظَرٍ بَصِيرِ وفي الحديث : أَنه دخل المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ ؛ هم الشُّيوخُ الذين يقولون كُنَّا كذا ، وكانَ كذا ، وكنت كذا ، فكأَنه منسوب إلى كُنْتُ . يقال : كأَنك والله قد كُنْتَ وصِرْتَ إلى كانَ أَي صرتَ إلى أَن يقال عنك : كانَ فلان ، أَو يقال لك في حال الهَرَم : كُنْتَ مَرَّةً كذا ، وكنت مرة كذا . الأَزهري في ترجمة كَنَتَ : ابن الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ في خَلْقِه وكان في خَلْقِه ، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيُّ . ابن بُزُرْج : الكُنْتِيُّ القوي الشديد ؛
وأَنشد : قد كُنْتُ كُنْتِيّاً ، فأَصْبَحْتُ عاجِناً ، وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ يقول : إذا قام اعْتَجَن أَي عَمَدَ على كُرْسُوعه ، وقال أَبو زيد : الكُنْتِيُّ الكبير ؛
وأَنشد : فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبير وقال عَدِيُّ بن زيد : فاكتَنِتْ ، لا تَكُ عَبْداً طائِراً ، واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَر ؟
قال أَبو نصر : اكْتَنِتْ ارْضَ بما أَنت فيه ، وقال غيره : الاكْتناتُ الخضوع ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ : مُسْتَضْرِعٌ ما دنا منهنَّ مُكْتَنِتٌ للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ ما فوقه فَنَع ؟
قال الأَزهري : وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه ، قال لا يقال فَعَلْتُني إلا من الفعل الذي يتعدَّى إلى مفعولين ، مثل ظَنَنْتُني ورأَيْتُني ، ومُحالٌ أَن تقول ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يشبه إضافة الفعل إلى ني ، ولكن تقول صَبَرْتُ نفسي وضَرَبْتُ نَفْسِي ، وليس يضاف من الفعل إلى ني إلاّ حرف واحد وهو قولهم كُنْتي وكُنْتُني ؛
وأَنشد : وما كُنْتُ كُنْتِيّاً ، وما كُنْت عاجِناً ، وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ فجمع كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً في البيت . ثعلب عن ابن الأَعرابي : قيل لصَبِيَّةٍ من العرب ما بَلَغَ الكِبَرُ من أَبيك ؟، قالت : قد عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ . قال أَبو العباس : وأَخبرني سلمة عن الفراء ، قال : الكُنْتُنِيُّ في الجسم ، والكَانِيُّ في الخُلُقِ . قال : وقال ابن الأَعرابي إذا ، قال كُنْتُ شابّاً وشجاعاً فهو كُنْتِيٌّ ، وإذا ، قال كانَ لي مال فكُنْتُ أُعطي منه فهو كانِيٌّ . وقال ابن هانئ في باب المجموع مُثَلَّثاً : رجل كِنْتَأْوٌ ورجلان كِنْتَأْوان ورجال كِنْتَأْوُونَ ، وهو الكثير شعر اللحية الكَثُّها ؛ ومنه : جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ ، وهو الفسيح من الإبل في مِشْيَتِه ، ورجل قَنْدَأْوٌ ورجلان قِنْدَأْوان ورجال قَنْدَأْوُون ، مهموزات . وفي الحديث : دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ وعامة أَهله الكُنْتِيُّون ، فقلتُ : ما الكُنْتِيُّون ؟ فقال : الشُّيُوخُ الذين يقولون كانَ كذا وكذا وكُنْتُ ، فقال عبد الله : دارَتْ رَحَى الإسلام عليَّْ خمسةً وثَلاثين ، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ من عِدَّتِهم من الذِّبَّان والجِعْلانِ . قال شمر :، قال الفراء تقول كأَنَّك والله قد مُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ ، وكأَنكما مُتُّمَا وصرتما إلى كانا ، والثلاثة كانوا ؛ المعنى صِرْتَ إلى أَن يقال كانَ وأَنت ميت لا وأَنت حَيٌّ ، قال : والمعنى له الحكاية على كُنْت مَرَّةً للمُواجهة ومرة للغائب ، كما ، قال عز من قائلٍ : قل للذين كفروا ستُغْلَبُون وسَيُغْلَبُون ؛ هذا على معنى كُنْتَ وكُنْتَ ؛ ومنه قوله : وكُلُّ أَمْرٍ يوماً يَصِيرُ كان . وتقول للرجل : كأَنِّي بك وقد صِرْتَ كانِيّاً أَي يقال كان وللمرأَة كانِيَّة ، وإن أَردت أَنك صرت من الهَرَم إلى أَن يقال كُنْت مرة وكُنْت مرة ، قيل : أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً ، وإنما ، قال كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نوناً مع الياء في النسبة ليتبين الرفع ، كما أَرادوا تَبين النَّصبِ في ضَرَبني ، ولا يكون من حروف الاستثناء ، تقول : جاء القوم لا يكون زيداً ، ولا تستعمل إلى مضمراً فيها ، وكأَنه ، قال لا يكون الآتي زيداً ؛ وتجيء كان زائدة كقوله : سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَوْا على كانَ المُسَوَّمةَِ العِرابِ أَي على المُسوَّمة العِراب . وروى الكسائي عن العرب : نزل فلان على كان خَتَنِه أَي نزَل على خَتَنِه ؛
وأَنشد الفراء : جادَتْ بكَفَّيْ كانَ من أَرمى البَشَرْ أَي جادت بكفَّي من هو من أَرمى البشر ؛ قال : والعرب تدخل كان في الكلام لغواً فتقول مُرَّ على كان زيدٍ ؛ يريدون مُرَّ فأَدخل كان لغواً ؛ وأَما قول الفرزدق : فكيفَ ولو مَرَرْت بدارِِ قومٍ ، وجِيرانٍ لنا كانوا كِرامِ ؟ ابن سيده : فزعم سيبويه أَن كان هنا زائدة ، وقال أَبو العباس : إن تقديره وجِيرانٍ كِرامٍ كانوا لنا ، قال ابن سيده : وهذا أَسوغ لأَن كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفي موضع لنا ، فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أَنها زائدة هنا ، وكان عليه كَوْناً وكِياناً واكْتانَ : وهو من الكَفالة . قال أَبو عبيد :، قال أَبو زيد اكْتَنْتُ به اكْتِياناً والاسم منه الكِيانةُ ، وكنتُ عليهم أَكُون كَوْناً مثله من الكفالة أَيضاً ابن الأَعرابي : كان إذا كَفَل . والكِيانةُ : الكَفالة ، كُنْتُ على فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ به . وتقول : كُنْتُكَ وكُنْتُ إياك كما تقول ظننتك زيداً وظَنْنتُ زيداً إِياك ، تَضَعُ المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر ، لأَنهما منفصلان في الأَصل ، لأَنهما مبتدأ وخبر ؛ قال أَبو الأَسود الدؤلي : دَعِ الخمرَ تَشربْها الغُواةُ ، فإنني رأيتُ أَخاها مُجْزِياً لمَكانِها فإن لا يَكُنها أَو تَكُنْه ، فإنه أَخوها ، غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها يعني الزبيب . والكَوْنُ : واحد الأَكْوان . وسَمْعُ الكيان : كتابٌ للعجم ؛ قال ابن بري : سَمْعُ الكيان بمعنى سَماعِ الكِيان ، وسَمْعُ بمعنى ذِكْرُِ الكيان ، وهو كتاب أَلفه أَرَسْطو . وكِيوانُ زُحَلُ : القولُ فيه كالقول في خَيْوان ، وهو مذكور في موضعه ، والمانع له من الصرف العجمة ، كما أَن المانع لخَيْوان من الصرف إنما هو التأْنيث وإرادة البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية . والكانونُ : إن جعلته من الكِنِّ فهو فاعُول ، وإن جعلته فَعَلُولاً على تقدير قَرَبُوس فالأَلف فيه أَصلية ، وهي من الواو ، سمي به مَوْقِِدُ النار . "