الصّاعِقَةُ : المَوْتُ قاله مُقاتِل وقَتادَةُ في تفْسير قولِه : أصابَتْهُ صاعِقَة وقال أبو إسْحاقَ في قولِه تعالى : ( فأخَذَتْكُم الصّاعِقَةُ وأنتُم تَنظُرون ) أي : ما يصْعَقون منه أي : يموتُون . وفي هذه الآية ذَكَر البَعْثَ بعدَ مَوْتٍ وقَعَ في الدُنْيا . وقال آخَرون : كُلُّ عَذابٍ مُهلِكٍ وفي ثلاثُ لُغاتٍ : صاعِقَة وصَعْقَة وصاقِعَة . وقيلَ : الصّاعِقَة : صَيْحَةُ العَذاب . وقيلَ : هو الصّوتُ الشّديدُ من الرّعْدَةِ يسْقُط معها قِطْعَةُ نارٍ ويُقال : إنّها المِخْراقُ الذي بيَدِ المَلَكِ سائِق السّحابِ ولا يأتِي علَى شيءٍ إلا أحْرَقَه . ويُقال : هي النّارُ التي يُرْسِلُها اللهُ مع الرّعْدِ الشّديد أو نارٌ تسْقُط من السّماءِ لَها رَعْدٌ شَديدٌ قاله أبو زيدٍ . والجَمْعُ : صَواعِقُ قال عَزّ وجلّ : ( ويُرسِلُ الصّواعِقَ فيُصيبُ بِها مَنْ يَشاءُ ) يعني أصواتَ الرّعد ويُقال لها : الصّواقِعُ أيضاً . وقال لَبيدٌ رضيَ اللهُ عنه يرْثي أخاه أرْبَدَ وكان أصابَتْه صاعِقَة فقتلَتْهُ :
فجّعَنِي الرّعْدُ والصّواعِقُ بالْ ... فارِسِ يومَ الكَريهَةِ النَّجِدِ وعن ابنِ عمرَ رضِي الله عنهما قال : كان النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إذا سمِعَ الرّعْد والصّواعق قال : اللهُم لا تَقْتُلْنا بغضبِك ولا تُهلِكْنا بعَذابِك . وسُئل وهْبُ بنُ مُنَبِّه عن الصّاعِقة : أشَيْء إيهامِيّ أم هي نارٌ أم ما هِي ؟ قال : ما أظنُّ أحداً يعلَمُها إلاّ اللهُ تَعالَى . وقال عَمْرو بنُ بحْر الجاحِظ : الإنسانُ يكْره صوْتَ الصاعِقَة وإن كان على ثِقَة من السّلامَةِ من الإحْراقِ قال : والّذي نُشاهِد اليَوْمَ الأمر عليه أنّه متَى قَرُب من الإنسانث قتَلَه قال : ولعلّ ذلك إنّما هو لأنّ الشيءَ إذا اشتدّ صَدْمُه فسخَ القوّة أو لعلّ الهَواءَ الذي في الإنْسانِ والمُحيطَ به إنه يحْمَى ويسْتَحيلُ ناراً قد شارَكَ ذلِك الصّوت من النّار قال : وهم لا يجِدون الصّوت شَديداً جيّداً إلا ما خالَطَ منه النّار . وصعَقَتْهُمُ السّماءُ كمنَع صاعِقَةً وهو مصْدَر على فاعِلَة كالرّاغِيةِ والثّاغِية والصّاهِلة للإبِل والشّاء والخَيْلِ : أصابَتْهُم بِها . وفي حديث خُزَيْمة - وذَكَر السّحابَ - فإذا زَجَر رعَدَتْ وإذا رَعَدَتْ صعِقَت أي : أصابَتْ بِصاعِقَة . وصعِقَ الرّجلُ كسمِعَ صَعْقاً بالفتح ويحَرَّك وصَعْقَةً وتَصْعاقاً بفَتْحِهما فهو صَعِقٌ ككَتِفٍ : إذا غُشِيَ عليه وذهَبَ عقْلُهُ من صوْت يسْمَعُه كالهَدّةِ الشّديدةِ . وقال ابنُ بَرّيّ : الصّعْقَةُ : الصّوتُ الذي يكونُ عن الصّاعِقَة وبه قرأ الكِسائِيُّ ( فأخَذَتْهُم الصّعْقَةُ ) قال الرّاجِز :
" لاحَ سَحابٌ فرأيْنا برْقَهْ
" ثم تدلّى فسمِعْنا صَعْقَهْ وفي الحديث : فإذا موسَى باطِشٌ بالعَرشِ فلا أدْري أفاقَ قَبْلي أمْ جِوزِيَ بصَعْقَةِ الطّور . والصّعَق مُحَرّكةً : شِدّة الصّوت قال رؤبَة يصِفُ حِماراً وأُتُنَه :
" إذا تَتَلاّهُنّ صَلْصالُ الصَّعَقْ كما في العُباب . وقال الأزهريّ : أرادَ الصّعْقَ فثقّلَه وهو شدّة نهيقِه وصوتِه . ومنه حِمارٌ صعِقٌ ككَتِف وهو : الشّديدُ الصّوْت والنّهيق . وقال ابنُ عبّادِ : الصّعِقُ : المُتَوقِّعُ صاعقَةً . والصَّعِقُ : لقَبُ خُوَيْلِد بنِ نُفَيْل بنِ عمْرو بنِ كِلاب . وقولُ عَمْرو بنِ أحْمَر الباهِليّ :
" أبي الذي أخْنَبَ رِجْلَ ابنِ الصّعِقْ
" إذْ كانت الخَيْلُ كعِلْباءِ العُنُقْ
" ولم يكُنْ يردُّه الخُنْسُ الحُمُقْيُريدُ يَزيدَ بنَ عمْرو بنِ خُوَيْلِد المذْكورَ كما في العُبابِ . وقال ابنُ بَرّيّ : هو لتَميم بن العَمَرّدِ . وكان العمَرّدُ طعَنَ يَزيدَ بنَ الصّعِقِ فأعرَجَه . والصّعِقُ أيضاً : لقَبُ فارِسٍ لبَني كِلاب نقَله ابنُ دُرَيْد . قُلتُ : وهو خُوَيْلِدٌ الذي تقدّم ذِكرُه فإنّه من بَني كِلاب ويُقالُ فيه أيضاً : الصِّعِقُ كإبِلٍ أي بكَسْرَتَيْن . قال سيبَوَيْهِ : قالوا فُلانُ ابن الصَّعِق والصَّعِق : صِفَة تقَعُ على كُلِّ مَنْ أصابَه الصَّعْق ولكنّه غلَبَ عليه حتّى صار بمَنْزِلة زيْدٍ وعمْرو عَلَماً كالنّجْم . والنِّسبةُ إليه صعَقيٌّ مُحَرَّكَةً على القِياس كنَمِرٍ ونَمَريٍّ وصِعَقِيّ كعِنَبيّ على غيْر قِياس لأنّهم يقولون فيه قبْل الإضافة : صِعِق على ما يطّرِدُ في هذا النّحْوِ مما ثانِيهِ حرْفٌ من حُروفِ الحَلْقِ في الاسْم والفِعْل والصِّفَة . واختُلِفَ في سَبَب لقَبه فقالَ ابنُ دُرَيد : لُقِّبَ بذلِك لأنّ تَميماً أصابُوا رأسَهُ بضَرْبَةٍ فأتوه فكان إذا سمِعَ صوْتاً شديداً صَعِق فذَهَب عقْلُه فلذلك قالَ دَجاجَةُ بن عِتْر :
وإنّك من هِجاء بَني تَميم ... كمُزدادِ الغَرامِ الى الغَرامِ
وهم تَركوكَ أسلحَ من حُبارَى ... رأتْ صَقْراً وأشرَدَ من نَعامِ
وهم ضَرَبوكَ أُمَّ الرأْسِ حتّى ... بدَتْ أمُّ الدِّماغِ من العِظامِ قال : وقيْس تَدفَعُ هذا أو لأنّه اتّخذَ طَعاماً فكفأَت الرّيحُ قُدورَه هذا نصُّ ابنِ دُرَيْد نقلاً عن قَيْس وقال أبو سَعيدٍ السّيرافيّ : كان يُطعِمُ النّاسَ في الجَدْب بتِهامَةَ فهبّت الرّيحُ فهالت التُرابَ في قِصاعِهِ فلعَنَها وسَبّها فأرْسَل اللهُ تَعالَى عليه صاعِقَةً فقتلَتْه قال السّيرافي واسمُه خُوَيْلد وفيه يَقولُ القائِلُ :
بأنّ خُوَيْلِداً فابْكي عليه ... قَتيلُ الرّيحِ في البَلَدِ التِّهامي وصُعائِقُ بالضمِّ : ع بنَجْد لبَني أسَد . وصُعَق كزُفَر : ع بل هو ماءٌ بجَنْبِ المَرْدَمة كما في العُباب . ومما يُستَدْرَك عليه : صَعِقَ الرجلُ كفَرِح صَعْقاً وصَعَقاً وتَصْعاقاً فهو صَعِقٌ : مات . وأصعَقَتْه الصاعِقَة : أصابَتْهُ . وصُعِق الرّجل كعُنِي : غُشِي عليه . والمَصْعوق : المَغْشيُّ عليه أو الذي يَموتُ فجْأة ومن حَديثُ الحسَن : يُنتَظَر بالمَصْعوق ثَلاثاً ما لم يَخافوا عليه نَتْناً والصّعْقُ أصلُه في الغَشْي من صَوْتٍ شَديدٍ يسمَعُه وربّما مات منه ثمّ استُعمِل في المَوْت كثيراً . والصّعْقَةُ : المَرّةُ الواحدةُ منه . وقولُه تعالى ( وخرّ مُوسَى صَعِقاً ) قيل : مغشِيّاً عليه وقيل : مَيِّتاً ولكنّ قولَه : ( فلمّا أفاقَ ) دَليلٌ على الغَشْيِ . وأما قولُه : ( فصَعِقَ مَن في السّمواتِ ومَنْ في الأرض ) فقالَ ثَعْلَبٌ : يكونُ الموْت ويكونُ ذَهابُ العَقْلِ . وأصْعَقَه : قتَله وقال ابنُ مُقبِل :
تَرى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تحْت لَبانِهِ ... فُرادَى ومَثْنَى أصْعَقَتْها صواهِلُه أي : قتلَتْها . وقولُه تَعالى : ( فذَرْهُم حتّى يُلاقُوا يومَهُم الذي فيه يُصْعَقون ) وقُرِئَ : يصْعَقون أي : فذَرْهُم الى يومِ القِيامَةِ حتّى يُنْفَخَ في الصّور فيَصْعَقَ الخَلْق أي : يَموتَون . وصعَقَ الثّورُ يَصْعَق صُعاقاً : خارَ خُواراً شَديداً . وصُعاقُ الرّعْدِ : صَوتُه . والصّاعِقُ : البَعيرُ المَهْزولُ مُخُّه رار نقَلَهُ ابنُ عبّاد . وصعِقَت الرّكِيّةُ كفَرِحَ صعَقَاً : انْقاضَت فانْهارَتْ