" النَّوْحُ : مصدر ناحَ يَنُوحُ نَوْحاً . ويقال : نائحة ذات نِياحة . ونَوَّاحةٌ ذات مَناحةٍ . والمَناحةُ : الاسم ويجمع على المَناحاتِ والمَناوِح . والنوائحُ : اسم يقع على النساء يجتمعن في مَناحة ويجمع على الأَنْواحِ ؛ قال لبيد : قُوما تَنُوحانِ مع الأَنْواحِ ونساء نَوْحٌ وأَنْواحٌ ونُوَّحٌ ونَوائح ونائحاتٌ ؛ ويقال : كنا في مَناحةِ فلان . وناحَتِ المرأَة تَنُوحُ نَوْحاً ونُواحاً ونِياحاً ونِياحةً ومَناحةً وناحَتْه وناحتْ عليه . والمَناحةُ والنَّوْحُ : النساء يجتمعن للحُزْن ؛ قال أَبو ذؤيب : فهنّ عُكُوفٌ كَنَوْحِ الكَريمِ ، قد شَفَّ أَكبادَهنَّ الهَوَى وقوله أَنشده ثعلب : أَلا هَلَكَ امرُؤٌ ، قامت عليه ، بجَنْبِ عُنَيْزَةَ ، البَقَرُ الهُجودُ سَمِعْنَ بموتِه ، فظَهَرْنَ نَوْحاً قِياماً ، ما يَحِلُّ لهنَّ عُودُ صير البقر نَوْحاً على الاستعارة ، وجمعُ النَّوْحِ أَنواح ؛ قال لبيد : كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذَراه ، وأَنْواحاً عليهنَّ المَآلِي ونَوْحُ الحمامة : ما تُبْدِيه من سَجْعِها على شكل النَّوْحِ ، والفعل كالفعل ؛ قال أَبو ذؤيب : فواللهِ لا أَلْقَى ابنَ عَمٍّ كأَنه نُشَيْبَةُ ، ما دامَ الحَمامُ يَنُوحُ (* قوله « نشيبة » هكذا في الأصل .) وحمامة نائحة ونَوَّاحة . واسْتَناحَ الرجلُ كناحَ . واستناحَ الرجلُ : بَكَى حتى اسْتَبْكَى غيره ؛ وقول أَوس : وما أَنا ممن يَسْتَنِيحُ بشَجْوِه ، يُمَدُّ له غَرْبا جَزُورٍ وجَدْوَلِ معناه : لست أَرضى أَن أُدْفَعَ عن حقي وأُمنع حتى أُحْوجَ إِلى أَن أَشكو فأَستعينَ بغيري ، وقد فسر على المعنى الأَوّل ، وهو أَن يكون يستنيح بمعنى يَنُوحُ . واستناحَ الذئبُ : عَوَى فأَدْنَتْ له الذئابُ ؛
أَنشد ابن الأَعرابي : مُقْلِقَة للمُسْتَنِيح العَسَّاس يعني الذئب الذي لا يستقرّ . والتَّناوُحُ : التَّقابُلُ ؛ ومنه تَناوُحُ الجبلين وتناوُحُ الرياح ، ومنه سميت النساء النوائحُ نَوائِحَ ، لأَن بعضهن يقابل بعضاً إِذا نُحْنَ ، وكذلك الرياح إِذا تقابلت في المَهَبِّ لأَن بعضها يُناوِحُ بعضاً ويُناسِجُ ، فكَّل ريح استطالت أَثَراً فهبتْ عليه ريحٌ طُولاً فهي نَيِّحَتُه ، فإِن اعترضته فهي نَسِيجَته ؛ وقال الكسائي في قول الشاعر : لقد صَبَرَتْ حَنيفةُ صَبْرَ قَوْمٍ كِرامٍ ، تحت أَظْلالِ النَّواحِي أَراد النوائح فقلب وعَنَى بها الرايات المتقابلةَ في الحروب ، وقيل : عنى بها السيوفَ ؛ والرياح إِذا اشتدَّ هُبوبها يقال : تناوَحَتْ ؛ وقال لبيد يمدح قومه : ويُكَلِّلُونَ ، إِذا الرياحُ تَناوَحتْ ، خُلُجاً تُمَدُّ شوارِعاً أَيتامُها والرياح النُّكْبُ في الشتاء : هي المُتناوِحة ، وذلك أَنها لا تَهُبُّ من جهة واحدة ، ولكنها تَهُبُّ من جهات مختلفة ، سميت مُتناوِحةً لمقابلة بعضها بعضاً ، وذلك في السَّنة وقلة الأَنْديَةِ ويُبْس الهواء وشدة البرد . ويقال : هما جبلان يَتَناوَحانِ وشجرتانِ تَتَناوَحانِ إِذا كانتا متقابلتين ؛
وأَنشد : كأَنك سَكْرانٌ يَميلُ برأْسِه مُجاجةُ زِقٍّ ، شَرْبُها مُتناوِحُ أَي يقابل بعضهم بعضاً عند شُرْبها . والنَّوْحَةُ : القوة ، وهي النَّيْحة أَيضاً . وتَنَوَّحَ الشيءُ تَنَوُّحاً إِذا تحرّك وهو مُتَدَلٍّ . ونُوحٌ : اسم نبي معروف ينصرف مع العُجْمَةِ والتعريف ، وكذلك كل اسم على ثلاثة أَحرف أَوسطه ساكن مثل لُوطٍ لأَن خفته عادلت أَحد الثقلين . وفي حديث ابن سَلام : لقد قلتَ القولَ العظيم يوم القيامة في الخليفة من بعد نوح ؛ قال ابن الأَثير : قيل أَراد بنوح عمر ، رضي الله عنه ، وذلك لأَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، استشار أَبا بكر وعمر ، رضي الله عنهما ، في أَسارى بدر فأَشار عليه أَبو بكر ، رضي الله عنه ، بالمَنِّ عليهم ، وأَشار عليه عمر ، رضي الله عنه ، بقتلهم ، فأَبل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على أَبي بكر ، رضي الله عنه ، وقال : إِن إِبراهيم كان أَلْيَنَ في الله من الدُّهْنِ اللَّيِّنِ (* قوله « من الدهن اللين » كذا بالأصل والذي في النهاية من الدهن باللبن .)، وأَقبل على عمر ، رضي الله عنه ، وقال : إِن نوحاً كان أَشدَّ في الله من الحَجَر ؛ فشبه أَبا بكر بإِبراهيم حين ، قال : فمن تَبِعَني فإِنه مني ومن عَصاني فإِنك غفور رحيم ، وشبه عمر ، رضي الله عنه ، بنوح حين ، قال : ربِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً ؛ وأَراد ابن سلام أَن عثمان ، رضي الله عنه ، خليفة عمر الذي شُبه بنوح ، وأَراد بيوم القيامة يوم الجمعة لأَن ذلك القول كان فيه . وعن كعب : أَنه رأَى رجلاً يظلم رجلاً يوم الجمعة ، فقال : ويحك تظلم رجلاً يوم القيامة ، والقيامة تقوم يوم الجمعة ؟ وقيل : أَراد أَن هذا القول جزاؤه عظيم يوم القيامة . "