بابِلُ كصاحِبٍ : ع بالعِراق يُنْسَبُ إليه السِّحْر والخَمْرُ قال اللّه تعالَى : " بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ " كما في العباب . وقال المُفَسِّرون لهذه الآية : قِيل : بابِلُ : العِراقُ وقِيل : بابِلُ : دُنْباوَنْد . وقال الحسن : بابِلُ : الكُوفة . وقال الأخْفَشُ : لا يَنْصرِفُ لتأنيثه وذلك أنّ اسمَ كلِّ شيءٍ مؤنثٍ إذا كان أكثرَ من ثلاثةِ أحرُفٍ فإنه لا ينصرفُ في المَعْرِفة . وقال أبو مَعْشر : الكَلْدانِيُّون : هم الذين كانوا يَنْزِلُون بِبابِلَ في الزَّمنِ الأوّل ويُقال : أوَّلُ مَن سكَن بابِلَ نُوحٌ عليه السَّلامُ وهو أوَّلُ مَن عَمَرها وكان نَزَلها بعَقِبِ الطّوفان فسار هو ومَن خَرج معه مِن السَّفينة إليها لِطَلَبِ الدَّفَأَ فأقامُوا بها وتَناسَلُوا فيها وكَثُروا مِن بعدِ نُوحٍ عليه السلام ومَلَّكُوا عليهم مُلُوكاً وابْتَنَوا بها مَدَائِنَ فصارت مَساكِنُهم مُتّصلةً بِدَجْلَةَ والفُراتِ إلى أن بَلغُوا مِن دَجْلَةَ إلى أسفَلِ كَسْكَرَ ومِن الفُراتِ إلى ما وراءِ الكُوفة ومَوضِعُهم هو الذي يُقال له : السَّوادُ وكانت مُلوكُهم تَنْزِل بابِلَ وكان الكَلْدانِيُّون جُنودَهم فلم تَزَلْ مَملكتُهم قائمةَ إلى أن قُتِل دارا آخِرُ مُلوكهِم ثم قُتِل منهم خَلْقٌ كثيرٌ فذَلُّوا وانقطع مُلْكُهم . كذا في المُعْجَم . وقال أبو المُنْذِر هِشامُ بن مُحمّد : إنّ مَدينةَ بابِلَ كانت اثْنَى عشَرَ فَرسَخاً في مِثل ذلك وكان بابُها مِمّا يَلي الكُوفَة وكانت الفُراتُ تَجرِي ببابِلَ حتّى صَرَفها بخْتُنَصَّر إلى مَوضعِها الآن مخَافَة أن تَهْدِمَ عليه سُورَ المدينة ؛ لأنها كانت تَجْرِي معه . قال : ومدينةُ بابِلَ بَناها بيوراسف الجَبّار واشتقَّ اسمَها من اسمِ المُشْتَرِي ؛ لأنّ بابِلَ باللِّسان البابِلي الأوّلِ اسمٌ للمُشْتَرِي . والبابِلِيُّ : السَّمُّ كالبابِلِيَّةِ فنِسبَتُه إلى بابِلَ كنِسبَةِ السِّحرِ والخَمرِ إليها وبه فَسَّر السُّكَّرِيُّ قولَ أبي كَبِيرٍ الهُذَلِي يَصِف سِهاماً :
يَكْوِى بها مُهَجَ النُّفُوسِ كأنَّما ... يَكْوِيهُمُ بالبابِليِّ المُمْقِرِ ومِمّا يُستَدْرَكُ عليه : بابِلَّا بكسر الباء وتشديد اللام مَقْصُور : قريةٌ كبيرةٌ بظاهرِ حَلَب على مِيلٍ عامِرةٌ وقد ذكرها البُحْتُرِيُّ فقال :
فِيها لِعَلْوَةَ مُصْطافٌ ومُرتَبَعٌ ... مِن بانَقُوسا وبابِلَّا ويطْياسِ وقال الوزير أبو القاسِم بن المَغْرِبي :
حَنَّ قَلْبِي إلى مَعالِمِ بابِ ... لَّا حَنِينَ المُوَلَّهِ المُشْغُوفِ
مَطْلَبُ اللَّهْوِ والهَوَى وكِناسُ ال ... خُرَّدِ العِينِ والظِّباءِ الهِيفِ وبابِلْيُون : اسمٌ عامٌّ لِديارِ مِصْرَ عامّةً بلُغة القُدماء وقيل : هو اسمٌ لموضِع الفُسطاط خاصَّةً فذكر أهلُ التَّوراة أن مُقامَ آدمَ عليه السَّلام كان ببابِلَ فلمّا قَتل قابِيلُ هابِيلَ مَقتَ آدمُ قابِيلَ فهرَب قَابِيلُ بأهلِه إلى الجِبال عن أرضِ بابِلَ فسُمِّيتْ بابِلَ يعني به الفِرقَةَ فلما مات آدَمُ ونُبِّئ إدريسُ وكَثُر ولد قابِيلَ وكَثُر منهم الفسادُ دعا إدريس ربَّه أن ينقُلَه إلى أرضٍ ذاتِ نَهْرٍ مثلِ أرضِ بابِلَ فأُرِىَ الانتقالَ إلى مِصْرَ فلمّا ورَدها وسكَنها واستطابها اشتَقَّ لها اسماً مِن معنى بابِلَ وهو الفِرقةُ فسمَّاها : بابِلْيُون ومعناها : الفِرقَةُ الطَّيِّبَةُ والله تعالَى أعلَمُ . وذكر ابنُ هشامٍ صاحبُ السِّيرة في كتاب التِّيجان في النَّسَب : بابِلْيُون كانَ مَلِكاً مِن سَبَأ ومِن ولده عمرو بن امرئ القيس كان مَلِكاً على مِصْرَ في زمن إبراهيمَ الخليلِ عليه السِّلام . وقال أبو صَخْرٍ الهُذَلِي :
وماذا يُرَجِّى بَعْدَ آلِ مُحَرِّقٍ ... عَفا مِنهُمُ وادِي رُهاطَ إلى رُحْبِ
جَلَؤا مِن تَهامِى أَرْضِنا وتَبَدَّلُوا ... بمَكَّةَ بابِلْيُونَ والرَّيْطَ بالعَصْبِ وقد أسقطَ عِمرانُ بنُ حِطَّانَ منه الألفَ في قوله يذكُر قوماً من الأزْدِ نفاهم زِيادُ بن أبيه مِن البَصْرةِ إلى مِصْرَ فنزلوا مِن الفُساطِ بموضعٍ يقال له : الظاهِرُ فقال :فَسارُوا بحَمْدِ اللّهِ حتَّى أَحلَّهُم ... بِبِلْيُونَ منها المُوجِفاتُ السَّوابِقُ
فأمْسوا بِدارٍ لا يُفَزَّعُ أَهْلُها ... وجِيرانُهُمْ فِيها تُجِيبُ وغافِقُ كذا في المعْجَم . وبابِل كصاحِبٍ : قريةٌ بمِصْرَ من أعمال المَنُوفِيَّة ومنها العَلَّامةُ سليمان بن عبد الدائم البابِليُّ مُفتي الشافعيّة بمِصْرَ بعدَ النُّورِ الزِّيادِي قال النَّجْم الغَزِّيّ : رأيتُه بمَكَّةَ حاجّاً سنةَ 1014 ، وتُوفي بمِصْرَ سنة 1026 ، وابنُ أخته الإمام الحافِظُ الشَّمس محمّد بن علاء الدّين الشافعي مولده سنةَ ألف ووفاته سنةَ 1077 ، وقد ألَّفْتُ في شُيوخِه ومَن أخذ عنه رسالةً مليحةً سمَّيتُها : المُرَبَّى الكابُلي في شُيوخِ وتلاميذِ البابِلِي نافِعةٌ في بابها