" من صفات الله عز وجل العَلِيم والعالِمُ والعَلاَّمُ ؛ قال الله عز وجل : وهو الخَلاَّقُ العَلِيمُ ، وقال : عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ ، وقال : عَلاَّم الغُيوب ، فهو اللهُ العالمُ بما كان وما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه ، وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون ، لم يَزَل عالِماً ولا يَزالُ عالماً بما كان وما يكون ، ولا يخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى ، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأشياء باطِنِها وظاهرِها دقيقِها وجليلِها على أتمّ الإمْكان . وعَليمٌ ، فَعِيلٌ : من أبنية المبالغة . ويجوز أن يقال للإنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم ، كما ، قال يوسف للمَلِك : إني حفيظٌ عَلِيم . وقال الله عز وجل : إنَّما يَخْشَى اللهَ من عبادِه العُلَماءُ : فأَخبر عز وجل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه ، وأنهمَ هم العُلمَاء ، وكذلك صفة يوسف ، عليه السلام : كان عليماً بأَمْرِ رَبِّهِ وأَنه واحد ليس كمثله شيء إلى ما عَلَّمه الله من تأْويل الأَحاديث الذي كان يَقْضِي به على الغيب ، فكان عليماً بما عَلَّمه اللهُ . وروى الأزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى : وإنه لذُو عِلْمٍ لما عَلَّمْناه ، قال : لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن مِمَّن سمعت هذا ؟، قال : من ابن عُيَيْنةَ ، قلتُ : حَسْبي . وروي عن ابن مسعود أنه ، قال : ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العِلْم بالخَشْية ؛ قال الأزهري : ويؤيد ما ، قاله قولُ الله عز وجل : إنما يخشى اللهَ من عباده العُلَماءُ . وقال بعضهم : العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم ، قال : وهذا يؤيد قول ابن عيينة . والعِلْمُ : نقيضُ الجهل ، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه ، ورجل عالمٌ وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً . قال سيبويه : يقول عُلَماء من لا يقول إلاّ عالِماً . قال ابن جني : لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به بعدَ المُزاوَلة له وطُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ ، ولم يكن على أول دخوله فيه ، ولو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً ، فلما خرج بالغريزة إلى باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه ، ثم حملُوا عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء ، وصار عُلَماء كَحُلَماء لأن العِلمَ محْلَمةٌ لصاحبه ، وعلى ذلك جاء عنهم فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ من ضروب الجهل ونقيضاً للحِلْم ، قال ابن بري : وجمعُ عالمٍ عُلماءُ ، ويقال عُلاّم أيضاً ؛ قال يزيد بن الحَكَم : ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي ، سَواءٌ عند عُلاّم الرِّجالِ وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً ، والهاء للمبالغة ، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلاّمِين ، وعُلاّم من قوم عُلاّمين ؛ هذه عن اللحياني . وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً : عَرَفْتُه . قال ابن بري : وتقول عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه ، وعَلُم وفَقُه أي سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ . والعَلاّمُ والعَلاّمةُ : النَّسَّابةُ وهو من العِلْم . قال ابن جني : رجل عَلاّمةٌ وامرأة عَلاّمة ، لم تلحق الهاء لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه ، وإنما لَحِقَتْ لإعْلام السامع أن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ والنهايةَ ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما أُريدَ من تأْنيث الغاية والمُبالغَةِ ، وسواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفةُ مُذَكَّراً أو مؤنثاً ، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة عَلاّمة وفَرُوقة ونحوه إنما لَحِقت لأن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ ، كما أن الهاء في قائمة وظَريفة لَمَّا لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم ، وهذا واضح . وقوله تعالى : إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلومِ الذي لا يَعْلَمُه إلا الله ، وهو يوم القيامة . وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه ، وفرق سيبويه بينهما فقال : عَلِمْتُ كأَذِنْت ، وأَعْلَمْت كآذَنْت ، وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم ، وليس التشديدُ هنا للتكثير . وفي حديث ابن مسعود : إنك غُلَيِّمٌ مُعَلَّم أي مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كقوله تعالى : مُعلَّم مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه . ويقالُ : تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ . وفي حديث الدجال : تَعَلَّمُوا أن رَبَّكم ليس بأَعور بمعنى اعْلَمُوا ، وكذلك الحديث الآخر : تَعَلَّمُوا أنه ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت ، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا ؛ وقال عمرو بن معد يكرب : تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلا ؟
قال ابن بري : البيت لمعد يكرِب بن الحرث بن عمرو ابن حُجْر آكل المُرار الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل ، وليس هو لعمرو بن معد يكرب الزُّبَيدي ؛ وبعده : تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ ، وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّبا ؟
قال : ولا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأمر ؛ قال : ومنه قول قيس بن زهير : تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً وقول الحرث بن وَعْلة : فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُم ؟
قال : واسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ . قال ابن السكيت : تَعَلَّمْتُ أن فلاناً خارج بمنزلة عَلِمْتُ . وتعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه . وعالَمَهُ فَعَلَمَه يَعْلُمُه ، بالضم : غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه . وحكى اللحياني : ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه ؛ قال الأزهري : وكذلك كل ما كان من هذا الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه فضربته أضْرُبُه . وعَلِمَ بالشيء : شَعَرَ . يقال : ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت . ويقال : اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه ، واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه . وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه : أَتقنه . وقال يعقوب : إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ ، وإذا قيل لك تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ ؛ وأنشد : تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلاّ عَلى مُتَطَيِّرٍ ، وهي الثُّبُور وعَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين ، ولذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما ، قالوا ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني . تقول : عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلاً ، ويجوز أن تقول عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته . وعَلِمَ الرَّجُلَ : خَبَرَه ، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه . وفي التنزيل : وآخَرِين مِنْ دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم . وأحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ ما هو . وأما قوله عز وجل : وما يُعَلِّمانِ مِنْ أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة تَكْفُرْ . قال الأزهري : تكلم أهل التفسير في هذه الآية قديماً وحديثاً ، قال : وأبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ وغيرهم ما يُسْأَلانِ عنه ، ويأْمران باجتناب ما حرم عليهم وطاعةِ الله فيما أُمِروا به ونُهُوا عنه ، وفي ذلك حِكْمةٌ لأن سائلاً لو سأل : ما الزنا وما اللواط ؟ لوجب أن يُوقَف عليه ويعلم أنه حرام ، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ باجتنابه بعد الإعلام . وذكر عن ابن الأعرابي أنه ، قال : تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ ، قال : ومنه وقوله تعالى وما يُعَلِّمان من أحد ، قال : ومعناه أن الساحر يأتي الملكين فيقول : أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي ، فيقولان : نَهَى عن الزنا ، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول : وعمَّاذا ؟ فيقولان : وعن اللواط ، ثم يقول : وعَمَّاذا ؟ فيقولان : وعن السحر ، فيقول : وما السحر ؟ فيقولان : هو كذا ، فيحفظه وينصرف ، فيخالف فيكفر ، فهذا معنى يُعلِّمان إنما هو يُعْلِمان ، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً ، ولا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً ، كما أن من عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل . وقوله تعالى : الرحمن عَلَّم القرآن ؛ قيل في تفسيره : إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأن يُذْكَر ، وأما قوله عَلَّمَهُ البيانَ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه بَيانُ كل شيء ، ويكون معنى قوله عَلَّمَهُ البيانَ جعله مميَّزاً ، يعني الإنسان ، حتى انفصل من جميع الحيوان . والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ : عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر ، وقد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات ، وأورده الجوهري منكراً فقال : والأيام المعلوماتُ عَشْرُ من ذي الحجة ولا يُعْجِبني . ولقِيَه أَدْنَى عِلْمٍ أي قبلَ كل شيء . والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة : الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا ، وقيل : في أحد جانبيها ، وقيل : هو أَن تنشقَّ فتَبينَ . عَلِمَ عَلَماً ، فهو أَعْلَمُ ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً ، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً : شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا ، وهو الأَعْلمُ . ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في مِشْفَرِه الأعلى ، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ ، وفي الأنف أَخْرَمُ ، وفي الأُذُن أَخْرَبُ ، وفي الجَفْن أَشْتَرُ ، ويقال فيه كلِّه أَشْرَم . وفي حديث سهيل بن عمرو : أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ ؛ قال ابن السكيت : العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً ، والشفة عَلْماء . والعَلَمُ : الشَّقُّ في الشفة العُلْيا ، والمرأَة عَلْماء . وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً : وَسَمَهُ . وعَلَّمَ نَفسَه وأَعْلَمَها : وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ . ورجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها ، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر ؛ ومنه قوله : فَتَعَرَّفوني ، إنَّني أنا ذاكُمُ شاكٍ سِلاحِي ، في الحوادِثِ ، مُعلِمُ وأَعْلَمَ الفارِسُ : جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان ، فهو مُعْلِمٌ ؛ قال الأخطل : ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً ، وفي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ مُعْلِمَةً ، بكسر اللام . وأَعْلَم الفَرَسَ : عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر أو أبيض في الحرب . ويقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً ، وذلك إذا لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك ؛ قال الشاعر : ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً دُبَيْرِيَّةً ، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما وقَدَحٌ مُعْلَمٌ : فيه عَلامةٌ ؛ ومنه قول عنترة : رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ والعَلامةُ : السِّمَةُ ، والجمع عَلامٌ ، وهو من الجمع الذي لا يفارق واحده إلاَّ بإلقاء الهاء ؛ قال عامر بن الطفيل : عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما بِسَلْمَى ، أو عَرَفْت بها عَلاما والمَعْلَمُ مكانُها . وفي التنزيل في صفة عيسى ، صلوات الله على نبينا وعليه : وإنَّهُ لَعِلْمٌ للساعة ، وهي قراءة أكثر القرّاء ، وقرأَ بعضهم : وإنه لَعَلَمٌ للساعة ؛ المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض عَلامةٌ تدل على اقتراب الساعة . ويقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل بها على الطريق : أَعْلامٌ ، واحدها عَلَمٌ . والمَعْلَمُ : ما جُعِلَ عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق والحدود مثل أَعلام الحَرَم ومعالِمِه المضروبة عليه . وفي الحديث : تكون الأرض يوم القيامة كقْرْصَة النَّقيِّ ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد ، هو من ذلك ، وقيل : المَعْلَمُ الأثر . والعَلَمُ : المَنارُ . قال ابن سيده : والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يكون بين الأرْضَيْنِ . والعَلامة والعَلَمُ : شيء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به الضالَّةُ . وبين القوم أُعْلُومةٌ : كعَلامةٍ ؛ عن أبي العَمَيْثَل الأَعرابي . وقوله تعالى : وله الجَوارِ المُنْشآتُ في البحر كالأَعلامِ ؛ قالوا : الأَعْلامُ الجِبال . والعَلَمُ : العَلامةُ . والعَلَمُ : الجبل الطويل . وقال اللحياني : العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ ؛ قال جرير : إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم ، حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم ، في ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم وفي الحديث : لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم ، والجمع أَعْلامٌ وعِلامٌ ؟
قال : قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ ، واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوَِّض ؟
قال كراع : نظيره جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال ، وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام . واعْتَلَمَ البَرْقُ : لَمَعَ في العَلَمِ ؛ قال : بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه ، بَلْ لا يُرى إلاَّ إذا اعْتَلَمَا خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني ؛ وحكمه : لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما والعَلَمُ : رَسْمُ الثوبِ ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه . وقد أَعْلَمَه : جَعَلَ فيه عَلامةً وجعَلَ له عَلَماً . وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ ، فهو مُعْلِمٌ ، والثوبُ مُعْلَمٌ . والعَلَمُ : الراية التي تجتمع إليها الجُنْدُ ، وقيل : هو الذي يُعْقَد على الرمح ؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي : يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً ، وأَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها فإن ابن جني ، قال فيه : ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها ، فأَشبع الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله : ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ يريد بمُنْتزَح . وأَعلامُ القومِ : ساداتهم ، على المثل ، الوحدُ كالواحد . ومَعْلَمُ الطريق : دَلالتُه ، وكذلك مَعْلَم الدِّين على المثل . ومَعْلَم كلِّ شيء : مظِنَّتُه ، وفلان مَعلَمٌ للخير كذلك ، وكله راجع إلى الوَسْم والعِلْم ، وأَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً . والمَعْلَمُ : الأثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق ، وجمعه المَعالِمُ . والعالَمُون : أصناف الخَلْق . والعالَمُ : الخَلْق كلُّه ، وقيل : هو ما احتواه بطنُ الفَلك ؛ قال العجاج : فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ جاء به مع قوله : يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي فأَسَّسَ هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس ، فعابَ رؤبةُ على أبيه ذلك ، فقيل له : قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه ، إن أَباك كان يهمز العالمَ والخاتمَ ، يذهب إلى أَن الهمز ههنا يخرجه من التأْسيس إذ لا يكون التأْسيس إلا بالألف الهوائية . وحكى اللحياني عنهم : بَأْزٌ ، بالهمز ، وهذا أَيضاً من ذلك . وقد حكى بعضهم : قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحَـَّلأْتُ السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بالحج ، وهو كله شاذ لأنه لا أصل له في الهمز ، ولا واحد للعالَم من لفظه لأن عالَماً جمع أَشياء مختلفة ، فإن جُعل عالَمٌ اسماً منها صار جمعاً لأشياء متفقة ، والجمع عالَمُون ، ولا يجمع شيء على فاعَلٍ بالواو والنون إلا هذا ، وقيل : جمع العالَم الخَلقِ العَوالِم . وفي التنزيل : الحمد لله ربِّ العالمين ؛ قال ابن عباس : رَبِّ الجن والإنس ، وقال قتادة : رب الخلق كلهم . قال الأزهري : الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل : تبارك الذي نَزَّلَ الفُرْقانَ على عبده ليكون للعالمينَ نذيراً ؛ وليس النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نذيراً للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خَلق الله ، وإنما بُعث محمد ، صلى الله عليه وسلم ، نذيراً للجن والإنس . وروي عن وهب بن منبه أن ؟
قال : لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم ، الدنيا منها عالَمٌ واحد ، وما العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء ؛ وقال الزجاج : معنى العالمِينَ كل ما خَلق الله ، كما ، قال : وهو ربُّ كل شيء ، وهو جمع عالَمٍ ، قال : ولا واحد لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جمع أشياء مختلفة ، فإن جُعل عالَمٌ لواحد منها صار جمعاً لأَشياء متفقة . قال الأزهري : فهذه جملة ما قيل في تفسير العالَم ، وهو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما ، قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ . والعُلامُ : الباشِق ؛ قال الأزهري : وهو ضرب من الجوارح ، قال : وأما العُلاَّمُ ، بالتشديد ، فقد روي عن ابن الأعرابي أَنه الحِنَّاءُ ، وهو الصحيح ، وحكاهما جميعاً كراع بالتخفيف ؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا : حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها طارَتْ ، وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي ، قال : العُلام هنا الصَّقْر ، قال : وهذا من طَريف الرواية وغريب اللغة . قال ابن بري : ليس أَحد يقول إن العُلاَّمَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلاَّ الطائي ؛ قال :
. . . يَشْغَلُها * عن حاجةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ وأَورد ابن بري هذا البيت (* قوله « وأورد ابن بري هذا البيت » أي قول زهير : حتى إذا ما هوت إلخ ) مستشهداً به على الباشق بالتخفيف . والعُلامِيُّ : الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام . والعَيْلَمُ : البئر الكثيرة الماء ؛ قال الشاعر : من العَيالِمِ الخُسُف وفي حديث الحجاج :، قال لحافر البئر أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ ؛ يقال : أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء وهو دون الخَسْفِ ، وقيل : العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا ، وقيل : هي الواسعة ، وربما سُبَّ الرجلُ فقيل : يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها . والعَيْلَم : البحر . والعَيْلَم : الماء الذي عليه الأرض ، وقيل : العَيْلَمُ الماء الذي عَلَتْه الأرضُ يعني المُنْدَفِن ؛ حكاه كراع . والعَيْلَمُ : التَّارُّ الناعِمْ . والعَيْلَمُ : الضِّفدَع ؛ عن الفارسي . والعَيْلامُ : الضِّبْعانُ وهو ذكر الضِّباع ، والياء والألف زائدتان . وفي خبر إبراهيم ، على نبينا وعليه السلام : أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ ؛ وهو ذكر الضِّباع . وعُلَيْمٌ : اسم رجل وهو أبو بطن ، وقيل : هو عُلَيم بن جَناب الكلبي . وعَلاَّمٌ وأَعلَمُ وعبد الأَعلم : أسماء ؛ قال ابن دريد : ولا أَدري إلى أي شيء نسب عبد الأعلم . وقولهم : عَلْماءِ بنو فلان ، يريدون على الماء فيحذفون اللام تخفيفاً . وقال شمر في كتاب السلاح : العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع ؟
قال : ولم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب : جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي ، وقِدْماً كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْ وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجْجَةِ والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ وقد ذكر ذلك في ترجمة عله . "
المعجم: لسان العرب
طمن
" طَأْمَنَ الشيءَ : سَكَّنه . والطُّمَأْنِينَةُ : السُّكونُ . واطْمَأَنَّ الرجل اطْمِئناناً وطُمَأْنينة أَي سَكَن ، ذهب سيبويه إلى أَن اطْمَأَنَّ مقلوب ، وأَن أَصله من طَأْمَنَ ، وخالفه أَبو عمرو فرأَى ضِدَّ ذلك ، وحجة سيبويه أَن طَأْمَن غير ذي زيادة ، واطْمَأَنَّ ذو زيادة ، والزيادةُ إذا لحقت الكلمة لحقها ضرب من الوَهْنِ لذلك ، وذلك أَن مخالطتها شيء ليس من أَصلها مُزاحَمةٌ لها وتسوية في التزامه بينها وبينه ، وهو وإن تبلغ الزيادةُ على الأُصول فَحُشَ الحذفُ منها ، فإِنه على كل حال على صَدَدٍ من التَّوْهين لها ، إذ كان زيادةً عليها يحتاج إلى تحملها كما تتحامل بحذف ما حذف منها ، وإذا كان في الزيادة حرف من الإعلال كان ( كذا بياض بالأصل ) . أَن يكون القلب مع الزيادة أَولى ، وذلك أَن الكلمة إذا لحقها ضرب من الضعف أَسرع إليها ضعف آخر ، وذلك كحذفهم ياء حنيفة في الإضافة إليها لحذف يائها في قولهم حَنَفِيّ ، ولما لم يكن في حنيف تاء تحذف فتحذف ياؤُها ، جاء في الإضافة إليها على أَصله فقالوا حنيفي ، فإِن ، قال أَبو عمرو جَرْيُ المصدرِ على اطْمَأَنَّ يدل على أَنه هو الأَصل ، وذلك من قولهم الاطْمئنان ، قيل قولهم الطَّأْمَنة بإِزاء قولك الاطمئنان ، فمَصْدَرٌ بمصدرٍ ، وبقي على أَبي عمرو أَن الزيادة جرت في المصدر جريها في الفعل ، فالعلة في الموضعين واحدة ، وكذلك الطُّمَأْنينة ذات زيادة ، فهي إلى الاعتلال أَقرب ، ولم يُقْنِع أَبا عمرو أَن ، قال إنهما أَصلان متقاربان كجَذَبَ وجَبَذَ حتى مَكَّنَ خلافَه لصاحب الكتاب بأَن عَكَسَ عليه الأَمْرَ . وقوله عز وجل : الذين آمنوا وتَطْمَئِنُّ قُلوبُهم بذكر الله ؛ معناه إذا ذكر الله بوحدانيته آمنوا به غير شاكِّين . وقوله تعالى : قل لو كان في الأَرض ملائكةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ ؛ قال الزجاج : معناه مُسْتَوْطِنين في الأَرض . واطْمَأَنَّت الأَرضُ وتَطَأْمَنَتْ : انخفضت . وطَمْأَنَ ظهره وطَأْمَنَ بمعنى ، على القلب . التهذيب في الثلاثي : اطْمَأَنَّ قلبه إذا سكن ، واطْمَأَنَّتْ نفسه ، وهو مُطْمَئِنّ إلى كذا ، وذلك مُطْمَأَنٌّ ، واطْبَأَنَّ مثله على الإِبدال ، وتصغير مُطْمَئِنٍّ طُمَيْئِنٌ ، بحذف الميم من أَوله وإِحدى النونين من آخره . وتصغير طُمَأْنِينَةُ طُمَيْئِنَةٌ بحذف إحدى النونين من آخره لأَنها زائدة . وقيل في تفسير قوله تعالى : يا أَيتها النفس المُطْمَئِنَّة ؛ هي التي قد اطمَأَنَّتْ بالإِيمانِ وأَخْبَتَتْ لربها . وقولُه عز وجل : ولكن ليَطْمَئِنّ قلبي ؛ أَي ليسكن إلى المعاينة بعد الإِيمان بالغيب ، والاسم الطمَأْنينة . ويقال : طَامَنَ ظهره إذا حَنى ظهره ، بغير همز لأَن الهمزة التي في اطْمَأَنَّ أُدخلت فيها حِذَارَ الجمع بين الساكنين . قال أَبو إسحق في قوله تعالى : فإِذا اطْمَأْنَنْتُمْ فأَقِيمُوا الصلاة ؛ أَي إذا سكنت قلوبكم ، يقال : اطْمَأَنَّ الشيءُ إذا سكن ، وطَأْمَنْتُه وطَمْأَنْتُه إذا سكَّنْته ، وقد روي اطْبَأَنَّ . وطَأْمَنْتُ منه : سَكَّنْت . قال أَبو منصور : اطْمَأَنَّ ، الهمزة فيها مُجْتَلَبة لالتقاء الساكنين إذا قلت اطْمَأَنَّ ، فإِذا قلت طامَنْتُ على فاعَلْتُ فلا همز فيه ، والله أَعلم ، إلاَّ أَن يقول قائل : إن الهمزة لما لزمت اطْمَأَنَّ ، وهمزوا الطُّمَأْنينةَ ، همزوا كل فعل فيه ، وطَمَنَ غير مستعمل في الكلام ، والله أَعلم . "
المعجم: لسان العرب
كمل
" الكَمَال : التَّمام ، وقيل : التَّمام الذي تَجَزَّأَ منه أَجزاؤه ، وفيه ثلاث لغات : كَمَل الشيء يَكْمُل ، وكَمِل وكَمُل كَمالاً وكُمولاً ، قال الجوهري : والكسر أَرْدَؤُها . وشيء كَمِيل : كامِل ، جاؤوا به على كَمُل ؛ وأَنشد سيبويه : على أَنه بعدما قد مضى ثلاثون للهَجْر حَوْلاً كَميلا وتَكَمَّل : ككَمَل . وتَكامَل الشيء وأَكْمَلْته أَنا وأَكْمَلْت الشيء أَي أَجْمَلْتُه وأَتممته ، وأَكْمَلَه هو واستكْمَله وكَمَّله : أَتَمَّه وجَمَلَه ؛ قال الشاعر : فقُرَى العِراق مَقِيلُ يومٍ واحدٍ ، والبَصْرَتان وواسِط تَكْمِيلُ ؟
قال ابن سيده :، قال أَبو عبيد أَراد كان ذلك كله يُسار في يوم واحد ، وأَراد بالبصرتين البصرة والكوفة . وأَعطاه المال كَمَلاً أَي كامِلاً ؛ هكذا يتكلم به في الجميع والوُحْدَان سواء ، ولا يثنى ولا يجمع ؛ قال : وليس بمصدر ولا نعت إِنما هو كقولك أَعطيته كُلَّه ، ويقال : لك نصفُه وبعضه وكَماله ، وقال الله تعالى : اليومَ أَكْمَلْت لكم دينَكم وأَتْمَمْتُ عليكم نِعْمتي ( الآية )؛ ومعناه ، والله أَعلم : الآن أَكْملتُ لكم الدِّين بأَنْ كفيتكم خوف عدوِّكم وأَظْهَرْتَكم عليهم ، كما تقول الآن كَمُل لنا المُلْك وكَمُل لنا ما نريد بأَن كُفينا من كنَّا نخافه ، وقيل : أَكمَلتُ لكم دِينكم أَي أَكْملتُ لكم فوق ما تحتاجون إِليه في دِينِكم ، وذلك جائر حسَن ، فأَما أَن يكون دين الله عز وجل في وقت من الأَوقات غير كامِل فلا ؛ قال الأَزهري : هذا كله كلام أَبي إِسحق وهو الزجاج ، وهو حسَن ، ويجوز للشاعر أَن يجعل الكامل كَميلاً ؛
وأَنشد : ثلاثون للهَجْر حَوْلاً كَمِيلا والتَّكْمِلاتُ في حِساب الوَصايا : معروف . ويقال : كَمَّلْت له عَدَدَ حقِّه ووَفاء حقه تَكْميلاً وتَكمِلة ، فهو مُكَمَّل . ويقال : هذا المكمِّل عشرين والمكمِّل مائة والمُكَمِّل أَلفاً ؛ قال النابغة : فكَمَّلَت مائةً فيها حَمامَتُها ، وأَسرعتْ حِسْبةً في ذلك العَدَدِ ورجل كامِل وقوم كَمَلة : مثل حافِد وحَفَدة . ويقال : أَعطه هذا المال كَمَلاً أَي كلَّه . والتَّكمِيل والإِكْمال : التمام . واستكْمله : استَتَمَّه ؛ الجوهري : وقول حميد : حتى إِذا ما حاجِبُ الشمس دَمَجْ ، تَذَكَّرَ البِيضَ بكُمْلول فَلَج ؟
قال : مَنْ نَوَّن الكُمْلول ، قال هو مَفازة ، وفَلَج : يريد لَجَّ في السير ، وإِنما ترك التشديد للقافية . وقال الخليل : الكُمْلول نبت ، وهو بالفارسية بَرْغَسْت ؛ حكاه أَبو تراب في كتاب الاعتِقاب ، ومن أَضاف ، قال : فَلْج نهر صغير . والكامِل من شطور العَروض : معروف وأَصله متفاعلن ست مرات ، سمي كاملاً لأَنه استكمَل على أَصله في الدائرة . وقال أَبو إِسحق : سمي كامِلاً لأَنه كَمُلَت أَجزاؤه وحركاته ، وكان أَكْمَل من الوافِر ، لأَن الوافِر تَوَفَّرتْ حركاته ونقصت أَجزاؤه . وقا ابن الأَعرابي : المِكْمَل الرجل الكامِل للخير أَو الشرّ . والكامِلِيَّةُ من الرَّوافِض : شَرُّ جِيلٍ . وكامِل : اسم فرس سابق لبني امرئ القيس ، وقيل : كان لامرئ القيس . وكامِل أَيضاً : فرس زيد الخيل ؛ وإِياه عنى بقوله : ما زلتُ أَرميهم بثُغْرة كامِل وقال ابن بري : كامِل اسم فرس زيد الفوارس الضَّبِّي ؛ وفيه يقول العائف الضَّبِّيّ : نِعْمَ الفوارس ، يوم جيش مُحَرِّقٍ ، لَحِقوا وهم يُدْعَوْن يالَ ضِرارِ زيدُ الفوارِس كَرَّ وابنا مُنْذِرٍ ، والخيلُ يَطْعُنُها بَنُو الأَحْرارِ يَرْمي بِغُرَّةِ كامِلٍ وبنَحْره ، خَطَرَ النُّفوس وأَيّ حِين خِطارِ وكامِل أَيضاً : فرس للرُّقَاد بن المُنْذِر الضَّبِّيّ . وكَمْلٌ وكامِلٌ ومُكَمَّل وكُمَيْل وكُمَيْلة ، كلها : أَسماء . "
المعجم: لسان العرب
صنع
" صَنَعَه يَصْنَعُه صُهْعاً ، فهو مَصْنوعٌ وصُنْعٌ : عَمِلَه . وقوله تعالى : صُنْعَ اللهِ الذي أَتْقَنَ كُلَّ شيء ؛ قال أَبو إِسحق : القراءة بالنصب ويجوز الرفع ، فمن نصب فعلى المصدر لأَن قوله تعالى : وترى الجِبالَ تَحْسَبُها جامِدةً وهي تَمُرُّ مَرَّ السّحابِ ، دليل على الصَّنْعةِ كأَن ؟
قال صَنَعَ اللهُ ذلك صُنْعاً ، ومن قرأَ صُنْعُ الله فعلى معنى ذلك صُنْعُ الله . واصْطَنَعَه : اتَّخَذه . وقوله تعالى : واصْطَنَعْتُك لنفسي ، تأْويله اخترتك لإِقامة حُجَّتي وجعلتك بيني وبين خَلْقِي حتى صِرْتَ في الخطاب عني والتبليغ بالمنزلة التي أَكون أَنا بها لو خاطبتهم واحتججت عليهم ؛ وقال الأَزهري : أَي ربيتك لخاصة أَمري الذي أَردته في فرعون وجنوده . وفي حديث آدم :، قال لموسى ، عليهما السلام : أَنت كليم الله الذي اصْطَنَعَك لنفسه ؛ قال ابن الأَثير : هذا تمثيل لما أَعطاه الله من منزلة التقْرِيبِ والتكريمِ . والاصطِناع : افتِعالٌ من الصنِيعة وهي العَطِيّةُ والكرامة والإِحسان . وفي الحديث :، قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : لا تُوقِدُوا بليل ناراً ، ثم ، قال : أَوْقِدوا واصْطَنِعُوا فإِنه لن يُدرِك قوم بعدكم مُدَّكم ولا صاعَكُم ؛ قوله اصطَنِعوا أَي اتَّخِذوا صَنِيعاً يعني طَعاماً تُنْفِقُونه في سبيل الله . ويقال : اططَنَعَ فلان خاتماً إِذا سأَل رجلاً أَن يَصْنَع له خاتماً . وروى ابن عمر أَن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، اصطَنَعَ خاتماً من ذهب كان يجعل فَصَّه في باطن كَفِّه إِذا لبسه فصنَعَ الناسُ ثم إِنه رَمى به ، أَي أَمَر أَن يُصْنَعَ له كما تقول اكتَتَبَ أَي أَمَر أَن يُكْتَبَ له ، والطاءُ بدل من تاء الافتعال لأَجل الصاد . واسْتَصْنَعَ الشيءَ : دَعا إِلى صُنْعِه ؛ وقول أَبي ذؤَيب : إِذا ذَكَرَت قَتْلى بَكَوساءَ أَشْعَلَتْ ، كَواهِيةِ الأَخْرات رَثّ صُنُوعُه ؟
قال بان سيده : صُنوعُها جمع لا أَعرف له واحداً . والصَّناعةُ : حِرْفةُ الصانِع ، وعَمَلُه الصَّنْعةُ . والصِّناعةُ : ما تَسْتَصْنِعُ من أَمْرٍ ؛ ورجلٌ صَنَعُ اليدِ وصَنَاعُ اليدِ من قوم صَنَعَى الأَيْدِي وصُنُعٍ وصُنْع ، وأَما سيبويه فقال : لا يُكَسَّر صَنَعٌ ، اسْتَغْنَوا عنه بالواو والنون . ورجل صَنِيعُ اليدين وصِنْعُ اليدين ، بكسر الصاد ، أَي صانِعٌ حاذِقٌ ، وكذلك رجل صَنَعُ اليدين ، بالتحريك ؛ قال أَبو ذؤيب : وعليهِما مَسْرُودتانِ قَضاهُما داودُ ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ هذه رواية الأَصمعي ويروى : صَنَعَ السَّوابِغَ ؛ وصِنْعُ اليدِ من قوم صِنْعِي الأَيْدِي وأَصْناعِ الأَيْدِي ، وحكى سيبويه الصِّنْعَ مُفْرداً . وامرأَة صَناعُ اليدِ أَي حاذِقةٌ ماهِرة بعمل اليدين ، وتُفْرَدُ في المرأَة من نسوة صُنُعِ الأَيدي ، وفي الصحاح : وامرأَة صَناعُ اليدين ولا يفرد صَناعُ اليد في المذكر ؛ قال ابن بري : والذي اختاره ثعلب رجل صَنَعُ اليد وامرأَة صَناعُ اليد ، فَيَجْعَلُ صَناعاً للمرأَة بمنزلة كَعابٍ ورَداحٍ وحَصانٍ ؛ وقال ابن شهاب الهذلي : صَناعٌ بِإِشْفاها ، حَصانٌ بِفَرْجِها ، جوادٌ بقُوتِ البَطْنِ ، والعِرْقُ زاخِرُ وجَمْعُ صَنَع عند سيبويه صَنَعُون لا غير ، وكذلك صِنْعٌ ؛ يقال : رجال صِنْعُو اليد ، وجمعُ صَناعٍ صُنُعٌ ، وقال ابن درستويه : صَنَعٌ مصدرٌ وُصِفَ به مثل دَنَفٍ وقَمَنٍ ، والأَصل فيه عنده الكسر صَنِعٌ ليكون بمنزلة دَنِفٍ وقَمِنٍ ، وحكي أَنَّ فِعله صَنِع يَصْنَعُ صَنَعاً مثل بَطِرَ بَطَراً ، وحكى غيره أَنه يقال رجل صَنِيعٌ وامرأَة صنِيعةٌ بمعنى صَناع ؛
وأَنشد لحميد بن ثور : أَطافَتْ به النِّسْوانُ بَيْنَ صَنِيعةٍ ، وبَيْنَ التي جاءتْ لِكَيْما تَعَلَّما وهذا يدل أَنَّ اسم الفاعل من صَنَعَ يَصْنَعُ صَنِيعٌ لا صَنِعٌ لأَنه لم يُسْمَعْ صَنِعٌ ؛ هذا جميعُه كلا ابن بري . وفي المثل : لا تَعْدَمُ صَناعٌ ثَلَّةً ؛ الثَّلَّةُ : الصوف والشعر والوَبَر . وورد في الحديث : الأَمةُ غيرُ الصَّناعِ . قال ابن جني : قولهم رجل صَنَع اليدِ وامرأَة صَناعُ اليدِ دليل على مشابهة حرف المدّ قبل الطرَف لتاء التأْنيث ، فأَغنت الأَلفُ قبل الطرَف مَغْنَى التاء التي كانت تجب في صنَعة لو جاء على حكم نظيره نحو حسَن وحسَنة ؛ قال ابن السكيت : امرأَة صَناعٌ إِذا كانت رقِيقةَ اليدين تُسَوِّي الأَشافي وتَخْرِزُ الدِّلاء وتَفْرِيها . وامرأَة صَناعٌ : حاذقةٌ بالعمل : ورجل صَنَعٌ إِذا أُفْرِدَتْ فهي مفتوحة محركة ، ورجل صِنْعُ اليدِ وصِنْعُ اليدين ، مكسور الصاد إِذا أُضيفت ؛ قال الشاعر : صِنْعُ اليَدَيْنِ بحيثُ يُكْوَى الأَصْيَدُ وقال آخر : أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا وفي حديث عمر : حين جُرِحَ ، قال لابن عباس انظر مَن قَتَلَني ، فقال : غلامُ المُغِيرةِ بنِ شُعْبةَ ، قال : الصَّنَعُ ؟، قال : نعم . يقال : رجل صَنَعٌ وامرأَة صَناع إِذا كان لهما صَنْعة يَعْمَلانِها بأَيديهما ويَكْسِبانِ بها . ويقال : امرأَتانِ صَناعانِ في التثنية ؛ قال رؤبة : إِمّا تَرَيْ دَهْرِي حَناني حَفْضا ، أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا ونسوة صُنُعٌ مثل قَذالٍ وقُذُلٍ . قال الإِيادي : وسمعت شمراً يقول رجل صَنْعٌ وقَومٌ صَنْعُونَ ، بسكون النون . ورجل صَنَعُ اللسانِ ولِسانٌ صَنَعٌ ، يقال ذلك للشاعر ولكل بيِّن (* قوله « بين » في القاموس وشرحه : يقال ذلك للشاعر الفصيح ولكل بليغ بين ) وهو على المثل ؛ قال حسان بن ثابت : أَهدَى لَهُم مِدَحي قَلْبٌ يُؤازِرُه ، فيما أَراد ، لِسانٌ حائِكٌ صَنَعُ وقال الراجز في صفة المرأَة : وهْيَ صناعٌ باللِّسان واليَدِ وأَصنَعَ الرجلُ إِذا أَعانَ أَخْرَقَ . والمَصْنَعةُ : الدَّعْوةُ يَتَّخِذُها الرجلُ ويَدْعُو إِخوانه إِليها ؛ قال الراعي : ومَصْنَعة هُنَيْدَ أَعَنْت فيه ؟
قال الأَصمعي : يعني مَدْعاةً . وصَنْعةُ الفرَسِ : حُسْنُ القِيامِ عليه . وصَنَعَ الفَرَسَ يَصْنَعُه صَنْعاً وصَنْعةً ، وهو فرس صنِيعٌ : قام عليه . وفرس صنِيعٌ للأُنثى ، بغير هاء ، وأرى اللحياني خص به الأُنثى من الخيل ؛ وقال عدي بن زيد : فَنَقَلْنا صَنْعَه حتى شَتا ، ناعِمَ البالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ وقوله تعالى : ولِتُصْنَعَ على عَيْني ؛ قيل : معناه لِتُغَذَّى ، قال الأَزهري : معناه لتُرَبَّى بِمَرْأَى مِنّي . يقال : صَنَعَ فلان جاريته إِذا رَبّاها ، وصَنَع فرسه إِذا قام بِعَلَفِه وتَسْمِينه ، وقال الليث : صَنع فرسه ، بالتخفيف ، وصَنَّعَ جاريته ، بالتشديد ، لأَن تصنيع الجارية لا يكون إِلا بأَشياء كثيرة وعلاج ؛ قال الأَزهري : وغير الليث يُجِيز صنع جاريته بالخفيف ؛ ومنه قوله : ولتصنع على عيني . وتَصَنَّعَتِ المرأَة إِذا صَنَعَتْ نَفْسها . وقومٌ صَناعيةٌ أَي يَصْنَعُون المال ويُسَمِّنونه ؛ قال عامر بن الطفيل : سُودٌ صَناعِيةٌ إِذا ما أَوْرَدُوا ، صَدَرَتْ عَتُومُهُمُ ، ولَمَّا تُحْلَب الأَزهري : صَناعِيةٌ يصنعون المال ويُسَمِّنُون فُصْلانهم ولا يَسْقُون أَلبان إِبلهم الأَضياف ، وقد ذكرت الأَبيات كلها في ترجمة صلمع . وفرَسٌ مُصانِعٌ : وهو الذي لا يُعْطِيك جميع ما عنده من السير له صَوْنٌ يَصُونه فهو يُصانِعُكَ ببَذْله سَيْرَه . والصنِيعُ : الثَّوْبُ الجَيِّدُ النقي ؛ وقول نافع بن لقيط الفقعسي أَنشده ابن الأَعرابي : مُرُطٌ القِذاذِ ، فَلَيْسَ فيه مَصْنَعٌ ، لا الرِّيشُ يَنفَعُه ، ولا التَّعْقِيبُ فسّره فقال : مَصْنَعٌ أَي ما فيه مُسْتَمْلَحٌ . والتَّصَنُّعُ : تكَلُّفُ الصَّلاحِ وليس به . والتَّصَنُّعُ : تَكَلُّفُ حُسْنِ السَّمْتِ وإِظْهارُه والتَّزَيُّنُ به والباطنُ مدخولٌ . والصِّنْعُ : الحَوْضُ ، وقيل : شِبْهُ الصِّهْرِيجِ يُتَّخَذُ للماء ، وقيل : خشبة يُحْبَسُ بها الماء وتُمْسِكُه حيناً ، والجمع من كل ذلك أَصناعٌ . والصَّنَّاعةُ : كالصِّنْع التي هي الخشبَة . والمَصْنَعةُ والمَصْنُعةُ : كالصِّنْعِ الذي هو الحَوْض أَو شبه الصِّهْرِيجِ يُجْمَعُ فيه ماءُ المطر . والمَصانِعُ أَيضاً : ما يَصْنَعُه الناسُ من الآبار والأَبْنِيةِ وغيرها ؛ قال لبيد : بَلِينا وما تَبْلى النُّجومُ الطَّوالِعُ ، وتَبْقى الدِّيارُ بَعْدَنا والمَصانِع ؟
قال الأَزهري : ويقال للقُصور أَيضاً مَصانعُ ؛ وأَما قول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي : لا أُحِبُّ المُثَدَّناتِ اللَّواتِي ، في المَصانِيعِ ، لا يَنِينَ اطِّلاعا فقد يجوز أَن يُعْنى بها جميع مَصْنعةٍ ، وزاد الياء للضرورة كما ، قال : نَفْيَ الدّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ وقد يجوز أَن يكون جمع مَصْنُوعٍ ومَصْنوعةٍ كَمَشْؤومٍ ومَشائِيم ومَكْسُور ومكاسِير . وفي التنزيل : وتَتَّخِذون مصانِعَ لعلكم تَخْلُدُون ؛ المَصانِعُ في قول بعض المفسرين : الأَبنية ، وقيل : هي أَحباسٌ تتخذ للماء ، واحدها مَصْنَعةٌ ومَصْنَعٌ ، وقيل : هي ما أُخذ للماء . قال الأَزهري : سمعت العرب تسمي أَحباسَ الماءِ الأَصْناعَ والصُّنوعَ ، واحدها صِنْعٌ ؛ وروى أَبو عبيد عن أَبي عمرو ، قال : الحِبْسُ مثل المَصْنَعةِ ، والزَّلَفُ المَصانِعُ ، قال الأَصمعي : وهي مَساكاتٌ لماءِ السماء يَحْتَفِرُها الناسُ فيَمْلَؤُها ماءُ السماء يشربونها . وقال الأَصمعي : العرب تُسَمِّي القُرى مَصانِعَ ، واحدتها مَصْنَعة ؛ قال ابن مقبل : أَصْواتُ نِسوانِ أَنْباطٍ بِمَصْنَعةٍ ، بجَّدْنَ لِلنَّوْحِ واجْتَبْنَ التَّبابِينا والمَصْنعةُ والمَصانِعُ : الحُصون ؛ قال ابن بري : شاهده قول البعيث : بَنى زِيادٌ لذِكر الله مَصْنَعةً ، مِنَ الحجارةِ ، لم تُرْفَعْ مِنَ الطِّينِ وفي الحديث : مَنْ بَلَغَ الصِّنْعَ بِسَهْمٍ ؛ الصِّنْعُ ، بالكسر : المَوْضِعُ يُتَّخَذُ للماء ، وجمعه أَصْناعٌ ، وقيل : أَراد بالصِّنْع ههنا الحِصْنَ . والمَصانِعُ : مواضِعُ تُعْزَلُ للنحل مُنْتَبِذةً عن البيوت ، واحدتها مَصْنَعةٌ ؛ حكاه أَبو حنيفة . والصُّنْعُ : الرِّزْق . والصُّنْعُ ، بالضم : مصدر قولك صَنَعَ إِليه معروفاً ، تقول : صَنَعَ إِليه عُرْفاً صُنْعاً واصْطَنَعه ، كلاهما : قَدَّمه ، وصَنَع به صَنِيعاً قَبيحاً أَي فَعَلَ . والصَّنِيعةُ : ما اصْطُنِعَ من خير . والصَّنِيعةُ : ما أَعْطَيْتَه وأَسْدَيْتَه من معروف أَو يد إِلى إِنسان تَصْطَنِعُه بها ، وجمعها الصَّنائِعُ ؛ قال الشاعر : إِنَّ الصَّنِيعةَ لا تَكونُ صَنِيعةً ، حتى يُصابَ بِها طَرِيقُ المَصْنَعِ واصْطَنَعْتُ عند فلان صَنِيعةً ، وفلان صَنيعةُ فلان وصَنِيعُ فلات إِذا اصْطَنَعَه وأَدَّبَه وخَرَّجَه ورَبَّاه . وصانَعَه : داراه ولَيَّنَه وداهَنَه . وفي حديث جابر : كالبَعِيرِ المَخْشُوشِ الذي يُصانِعُ قائدَهُ أَي يداريه . والمُصانَعةُ : أَن تَصْنَعَ له شيئاً ليَصْنَعَ لك شيئاً آخر ، وهي مُفاعَلةٌ من الصُّنْعِ . وصانِعَ الوالي : رَشاه . والمُصانَعةُ : الرَّشْوةُ . وفي لمثل : من صانَعَ بالمال لم يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَب الحاجةِ . وصانَعَه عن الشيء : خادَعه عنه . ويقال : صانَعْتُ فلاناً أَي رافَقْتُه . والصِّنْعُ : السُّودُ (* قوله « والصنع السود » كذا بالأصل ، وعبارة القاموس مع شرحه : والصنع ، بالكسر ، السفود ، هكذا في سائر النسخ ومثله في العباب والتكملة ، ووقع في اللسان : والصنع السود ، ثم ، قال : فليتأمل في العبارتين ؛)، قال المرّارُ يصف الإِبل : وجاءَتْ ، ورُكْبانُها كالشُّرُوب ، وسائِقُها مِثْلُ صِنْعِ الشِّواء يعني سُودَ الأَلوان ، وقيل : الصِّنْعُ الشِّواءُ نَفْسُه ؛ عن ابن الأَعرابي . وكلُّ ما صُنِعَ فيه ، فهو صِنْعٌ مثل السفرة أَو غيرها . وسيف صَنِيعٌ : مُجَرَّبٌ مَجْلُوٌّ ؛ قال عبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاصي يمدح معاوية : أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها ، تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطُوعُ بِأَبْيَضَ مِنْ أُميّة مَضْرَحِيٍّ ، كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ وسهم صَنِيعٌ كذلك ، والجمع صُنُعٌ ؛ قال صخر الغيّ : وارْمُوهُمُ بالصُّنُعِ المَحْشُورَهْ وصَنْعاءُ ، ممدودة : ببلدة ، وقيل : هي قَصَبةُ اليمن ؛ فأَما قوله : لا بُدَّ مِنْ صَنْعا وإِنْ طالَ السَّفَرْ فإِنما قَصَرَ للضرورة ، والإِضافة إِليه صَنْعائي ، على غير قياس ، كم ؟
قالوا في النسبة إِلى حَرّانَ حَرْنانيٌّ ، وإِلى مانا وعانا مَنَّانِيّ وعَنَّانِيٌّ ، والنون فيه بدل من الهمزة في صَنْعاء ؛ حكاه سيبويه ، قال ابن جني : ومن حُذَّاقِ أَصحابنا من يذهب إِلى أَنَّ النون في صنعانيّ إِنما هي بدَل من الواو التي تبدل من همزة التأْنيث في النسب ، وأَن الأَصل صَنْعاوِيّ وأَن النون هناك بدل من هذه الواو كما أَبدلت الواو من النون في قولك : من وَّافِدِ ، وإن وَّقَفْتَ وقفتُ ، ونحو ذلك ، قال : وكيف تصرّفتِ الحالُ فالنون بدل من بدل من الهمزة ، قال : وإِنما ذهب من ذهب إِلى هذا لأَنه لم ير النون أُبْدِلَتْ من الهمزة في غير هذا ، قال : وكان يحتج في قولهم إِن نون فَعْلانَ بدل من همزة فَعْلاء فيقول : ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في ذِئْبٍ ذيب ، وفي جُؤْنةٍ ، وإِنما يريدون أَن النون تُعاقِبُ في هذا الموضع الهمزة كما تعاقب امُ المعرفة التنوينَ أَي لا تجتمع معه ، فلما لم تجامعه قيل إِنها بدل منه ، وكذلك النون والهمزة . والأَصْناعُ : موضع ؛ قال عمرو بن قَمِيئَة : وضَعَتْ لَدَى الأَصْناعِ ضاحِيةً ، فَهْيَ السّيوبُ وحُطَّتِ العِجَلُ وقولهم : ما صَنَعْتَ وأَباك ؟ تقديره مَعَ أَبيك لأَن مع والواو جميعاً لما كانا للاشتراك والمصاحبة أُقيم أَحدهما مُقامَ الآخَر ، وإِنما نصب لقبح العطف على المضمر المرفوع من غير توكيد ، فإِن وكدته رفعت وقلت : ما صنعت أَنت وأَبوك ؟ واما الذي في حديث سعد : لو أَنّ لأَحدكم وادِيَ مالٍ مرّ على سبعة أَسهم صُنُعٍ لَكَلَّفَتْه نفْسُه أَن ينزل فيأْخذها ؛ قال ابن الأَثير : كذا ، قال صُنُع ، قاله الحربي ، وأَظنه صِيغةً أَي مستوية من عمل رجل واحد . وفي الحديث : إِذا لم تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شئتَ ؛ قال جرير : معناه أَن يريد الرجل أَن يَعْمَلَ الخيرَ فَيَدَعَه حَياء من الناس كأَنه يخاف مذهب الرياء ، يقول فلا يَمْنَعَنك الحَياءُ من المُضِيّ لما أَردت ؛ قال أَبو عبيد : والذي ذهب إِليه جرير معنى صحيح في مذهبه ولكن الحديث لا تدل سِياقتُه ولا لفظه على هذا التفسير ، قال : ووجهه عندي أَنه أَراد بقوله إِذا لم تَسْتَحْي فاصنع ما شئت إِنما هو من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على جهة الذمّ لترك الحياء ، ولم يرد بقوله فاصنع ما شئت أَن يأْمرع بذلك أَمراً ، ولكنه أَمرٌ معناه الخبر كقوله ، صلى الله عليه وسلم : من كذب عليّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار ، والذي يراد من الحديث أَنه حَثَّ على الحياء ، وأَمرَ به وعابَ تَرْكَه ؛ وقيل : هو على الوعيد والتهديد اصنع ما شئت فإِن الله مجازيك ، وكقوله تعالى : اعملوا ما شئتم ، وذكر ذلك كله مستوفى في موضعه ؛
وأَنشد : إِذا لَمْ تَخْشَ عاقِبةَ اللّيالي ، ولمْ تَسْتَحْي ، فاصْنَعْ ما تشاءُ وهو كقوله تعالى : فمن شاء فَلْيُؤْمِنْ ومن شاء فَلْيَكْفُرْ . وقال ابن الأَثير في ترجمة ضيع : وفي الحديث تُعِينُ ضائِعاً أَي ذا ضياعٍ من قَفْر أَو عِيالٍ أَو حال قَصَّر عن القيام بها ، قال : ورواه بعضهم بالصاد المهملة والنون ، وقيل : إِنه هو الصواب ، وقيل : هو في حديث بالمهملة وفي آخر بالمعجمة ، قال : وكلاهما صواب في المعنى . "
المعجم: لسان العرب
كبر
" الكَبير في صفة الله تعالى : العظيم الجليل والمُتَكَبِّر الذي تَكَبَّر عن ظلم عباده ، والكِبْرِياء عَظَمَة الله ، جاءتْ على فِعْلِياء ؛ قال ابن الأَثير : في أَسماء الله تعالى المتكبر والكبير أَي العظيم ذو الكبرياء ، وقيل : المتعالي عن صفات الخلق ، وقيل : المتكبر على عُتاةِ خَلْقه ، والتاء فيه للتفرّد والتَّخَصُّصِ لا تاء التَّعاطِي والتَّكَلُّف . والكِبْرِياء : العَظَمة والملك ، وقيل : هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى ، وقد تكرر ذكرهما في الحديث ، وهما من الكِبْرِ ، بالكسر ، وهو العظمة . ويقال كَبُرَ بالضم يَكْبُرُ أَي عَظُمَ ، فهو كبير . ابن سيده : الكِبَرُ نقيض الصِّغَرِ ، كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير وكُبَار وكُبَّار ، بالتشديد إذا أَفرط ، والأُنثى بالهاء ، والجمع كِبارٌ وكُبَّارونَ . واستعمل أَبو حنيفة الكِبَرَ في البُسْر ونحوه من التمر ، ويقال : علاه المَكْبَِرُ ، والاسم الكَبْرَةُ ، بالفتح ، وكَبُرَ بالضم يَكْبُر أَي عظم . وقال مجاهد في قوله تعالى :، قال كَبِيرُهم أَلم تعلموا أَن أَباكم ؛ أَي أَعْلَمُهم لأَنه كان رئيسهم وأَما أَكبرهم في السِّنِّ فَرُوبِيلُ والرئيسُ كان شَمْعُونَ ؛ قال الكسائي في روايته : كَبيرهم يَهُوذا . وقوله تعالى : إنه لكبيركم الذي علَّمكم السِّحْرَ ؛ أَي مُعَلِّمكم ورئيسكم . والصبي بالحجاز إِذا جاء من عند مُعَلِّمه ، قال : جئت من عند كَبيري . واسْتَكْبَر الشيءَ : رآه كبيراً وعَظُمَ عنده ؛ عن ابن جني . والمَكْبُوراء : الكِبَارُ . ويقال : سادُوك كابِراً عن كابِرٍ أَي كبيراً عن كبير ، ووَرِثُوا المَجْدَ كابِراً عن كابِرٍ ، وأَكْبَرَ أَكْبَرَ . وفي حديث الأَقْرَعِ والأَبْرَصِ : ورِثْتُه كابِراً عن كابِرٍ أَي ورثته عن آبائي وأَجدادي كبيراً عن كبير في العز والشرف . التهذيب : ويقال ورثوا المجد كابراً عن كابر أَي عظيماً وكبيراً عن كبير . وأَكْبَرْتُ الشيءَ أَي استعظمته . الليث : المُلوك الأَكابِرُ جماعة الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ أَكابِرُ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب . وكَبَّرَ الأَمْرَ : جعله كبيراً ، واسْتَكْبَرَه : رآه كبيراً ؛ وأَما قوله تعالى : فلما رَأَيْنَه أَكْبَرْنَه ؛ فأَكثر المفسرين يقولون : أَعظَمْنَه . وروي عن مجاهد أَنه ، قال : أَكبرنه حِضْنَ وليس ذلك بالمعروف في اللغة ؛
وأَنشد بعضهم : نَأْتي النساءَ على أَطْهارِهِنّ ، ولا نأْتي النساءَ إِذا أَكْبَرْنَ إِكْبارا ؟
قال أَبو منصور : وإِن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض فلها مَخْرَجٌ حَسَنٌ ، وذلك أَن المرأَة أَوَّلَ ما تحيض فقد خرجت من حَدِّ الصِّغَرِ إِلى حد الكِبَر ، فقيل لها : أَكْبَرَتْ أَي حاضت فدخلت في حد الكِبَر المُوجِبِ عليها الأَمْرَ والنهي . وروي عن أَبي الهيثم أَنه ، قال : سأَلت رجلاً من طَيِّء فقلت : يا أَخا طيء ، أَلك زوجة ؟، قال : لا والله ما تزوّجت وقد وُعِدْتُ في ابنة عم لي ، قلت : وما سِنُّها ؟، قال : قد أَكْبَرَتْ أَو كَبِرَت ، قلت : ما أَكْبَرَتْ ؟، قال : حاضت . قال أَبو منصور : فلغة الطائي تصحح أَن إِكْبارَ المرأَة أَول حيضها إِلا أَن هاء الكناية في قوله تعالى أَكْبَرْنَهُ تنفي هذا المعنى ، فالصحيح أَنهن لما رأَين يوسف راعَهُنَّ جَمالُه فأَعظمنه . وروى الأَزهري بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى : فلما رأَينه أَكبرنه ، قال : حِضْنَ ؛ قال أَبو منصور : فإِن صحت الرواية عن ابن عباس سلمنا له وجعلنا الهاء في قوله أَكبرنه هاء وقفة لا هاء كناية ، والله أَعلم بما أَراد . واسْتِكْبارُ الكفار : أَن لا يقولوا لا إِله إِلاَّ اللهُ ؛ ومنه قوله : إِنهم كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون ؛ وهذا هو الكِبْرُ الذي ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إِن من كان في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من كِبْرٍ لم يدخل الجنة ، قال : يعني به الشرك ، والله أَعلم ، لا أَن يتكبر الإِنسان على مخلوق مثله وهو مؤمن بريه . والاستكبار : الامتناع عن قبول الحق مُعاندة وتَكَبُّراً . ابن بُزُرْجٍ : يقال هذه الجارية من كُبْرَى بناتِ فلان ومن صُغْرَى بناته ، يريدون من صِغارِ بناته ، ويقولون من وُسْطى بنات فلان يريدون من أَوساط بنات فلان ، فأَما قولهم : الله أَكبر ، فإِن بعضهم يجعله بمعنى كَبِير ، وحمله سيبويه على الحذف أَي أَكبر من كل شيء ، كما تقول : أَنت أَفضلُ ، تريد : من غيرك . وكَبَّرَ :، قال : الله أَكبر . والتكبير : التعظيم . وفي حديث الأَذان : الله أَكبر . التهذيب : وأَما قول المصلي الله أَكبر وكذلك قول المؤذن ففيه قولان : أَحدهما أَن معناه الله كبير فوضع أَفعل موضع فَعِيل كقوله تعالى : وهو أَهْوَنُ عليه ؛ أَي هو هَيِّنٌ عليه ؛ ومثله قول مَعْنِ بن أَوس : لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ معناه إِني وَجِل ، والقول الآخر ان فيه ضميراً ، المعنى الله أَكْبَرُ كَبيرٍ ، وكذلك الله الأَعَزُّ أَي أَعَزُّ عَزيز ؛ قال الفرزدق : إِن الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا بيتاً ، دَعائِمُه أَعَزُّ وأَطْوَلُ أَي عزيزة طويلة ، وقيل : معناه الله أَكبر من كل شيء أَي أَعظم ، فحذف لوضوح معناه ، وأَكبر خبر ، والأَخبار لا ينكر حذفها ، وقيل : معناه الله أَكبر من أن يُعْرف كُنْه كبريائه وعظمته ، وإِنما قُدِّرَ له ذلك وأُوّلَ لأَن أَفعل فعل يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة كالأَكْبَر وأَكْبَر القَوْمِ ، والراء في أَكبر في الأَذان والصلاة ساكنة لا تضم للوقف ، فإِذا وُصِلَ بكلام ضُمَّ . وفي الحديث : كان إِذا افتتح الصلاة ، قال : الله أَكبر كبيراً ، كبيراً منصوب بإِضمار فعل كأَنه ، قال أُكَبِّرُ كَبيراً ، وقيل : هو منصوب على القطع من اسم الله . وروى الأَزهري عن ابن جُبَيْر ابن مُطْعِم عن أَبيه : أَنه رأَى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يصلي ، قال : فكَبَّرَ وقال : الله أَكبر كبيراً ، ثلاث مرات ، ثم ذكر الحديث بطوله ؛ قال أَبو منصور : نصب كبيراً لأَنه أَقامه مقام المصدر لأَن معنى قوله الله أَكْبَرُ أَُكَبِّرُ اللهَ كَبيراً بمعنى تَكْبِيراً ، يدل على ذلك ما روي عن الحسن : أَن نبي الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان إِذا قام إِلى صلاته من الليل ، قال : لا إِله إِلا الله ، الله أَكبر كبيراً ، ثلاث مرات ، فقوله كبيراً بمعنى تكبيراً فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي ، وقوله : الحمد لله كثيراً أَي أَحْمَدُ الله حَمْداً كثيراً . والكِبَرُ : في السن ؛ وكَبِرَ الرجلُ والدابةُ يَكْبَرُ كِبَراً ومَكْبِراً ، بكسر الباء ، فهو كبير : طعن في السن ؛ وقد عَلَتْه كَبْرَةٌ ومَكْبُرة ومَكْبِرَة ومَكْبَرٌ وعلاه الكِبَرُ إِذا أَسَنَّ . والكِبَرُ : مصدر الكبِيرِ في السِّنِّ من الناس والدواب . ويقال للسيف والنَّصْلِ العتيقِ الذي قَدُمَ : عَلَتْهُ كَبْرَة ؛ ومنه قوله : سَلاجِمُ يَثْرِبَ اللاتي عَلَتْها ، بِيَثْرِبَ ، كَبْرَةُ بعد المُرونِ ابن سيده : ويقال للنصل العتيق الذي قد علاه صَدَأٌ فأَفسده : علته كَبْرَةٌ . وحكى ابن الأَعرابي : ما كَبَرَني (* قوله « ما كبرني إلخ » بابه نصر كما في القاموس .) إِلا بسنة أَي ما زاد عَلَيَّ إِلا ذلك . الكسائي : هو عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه آخِرُهم وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه أَي أَكبرهم . وفي الصحاح : كِبْرَةُ ولد أَبويه إِذا كان آخرهم ، يستوي فيه الواحد والجمع ، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء ، فإِذا كان أَقعدَهم في النسب قيل : هو أَكْبَرُ قومه وإِكْبِرَّةُ قومه ، بوزن إِفْعِلَّة ، والمرأَة في ذلك كالرجل . قال أَبو منصور : معنى قول الكسائي وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه ليس معناه أَنه مثل عِجْزَة أَي أَنه آخرهم ، ولكن معناه أَن لفظه كلفظه ، وأَنه للمذكر والمؤنث سواء ، وكِبْرَة ضِدُّ عِجْزَة لأَن كِبْرة بمعنى الأَكْبَر كالصِّغْرَة بمعنى الأَصْغَر ، فافهم . وروى الإِيادي عن شمر ، قال : هذا كبْرَة ولد أَبويه للذكر والأُنثى ، وهو آخر ولد الرجل ، ثم ، قال : كِبْرَة ولد أَبيه بمعنى عِجْزة . وفي المؤلف للكسائي : فلان عِجْزَةُ ولَدِ أَبيه آخرهم ، وكذلك كِبْرَة ولد أَبيه ، قال الأَزهري : ذهب شمر إِلى أَن كِبْرَة معناه عِجْزَة وإِنما جعله الكسائي مثله في اللفظ لا في المعنى . أَبو زيد : يقال هو صِغْرَةُ ولد أَبيه وكِبْرَتُهم أَي أَكبرهم ، وفلان كِبْرَةُ القوم وصِغْرَةُ القوم إِذا كان أَصْغَرَهم وأَكبرهم . الصحاح : وقولهم هو كُبْرُ قومه ، بالضم ، أَي هو أَقْعَدُهم في النسب . وفي الحديث : الوَلاءُ للكُبْرِ ، وهو أَن يموت الرجل ويترك ابناً وابن ابن ، فالولاء للابن دون ابن الابن . وقال ابن الأَثير في قوله الولاء للكُبْر أَي أَكْبَرِ ذرية الرجل مثل أَن يموت عن ابنين فيرثان الولاء ، ثم يموت احد الابنين عن أَولاد فلا يرثون نصيب أَبيهما من الولاء ، وإِنما يكون لعمهم وهو الابن الآخر . يقال : فلان كُبْر قومه بالضم إِذا كان أَقعدَهم في النسب ، وهو أَن ينتسب إِلى جده الأَكبر بآباء أَقل عدداً من باقي عشيرته . وفي حديث العباس : إِنه كان كُبْرَ قومه لأَنه لم يبق من بني هاشم أَقرب منه إِليه في حياته . وفي حديث القسامة : الكُبْرَ الكُبْرَ أَي لِيَبْدَإِ الأَكْبَرُ بالكلام أَو قَدِّموا الأَكْبَر إِرْشاداً إِلى الأَدب في تقديم الأَسَنِّ ، ويروى : كَبِّر الكُبْرَ أَي قَدِّمِ الأَكبر . وفي الحديث : أَن رجلاً مات ولم يكن له وارث فقال : ادْفعوا ماله إِلى أَكْبَرِ خُزاعة أَي كبيرهم وهو أَقربهم إِلى الجد الأَعلى . وفي حديث الدفن : ويجعل الأَكْبَرُ مما يلي القبلة أَي الأَفضل ، فإِن استووا فالأَسن . وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة : فلما أَبرَزَ عن رَبَضه دعا بكُبْرِه فنظروا إِليه أَي بمشايخه وكُبَرائه ، والكُبْرُ ههنا : جمع الأَكْبَرِ كأَحْمَر وحُمْر . وفلان إِكْبِرَّة قومه ، بالكسر والراء مشددة ، أَي كُبْرُ قومه ، ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث . ابن سيده : وكُبْرُ وَلَدِ الرجل أَكْبَرُهم من الذكور ، ومنه قولهم : الولاء للكُبْر . وكِبْرَتُهم وإِكبِرَّتُهم : ككُبرهم . الأَزهري : ويقال فلان كُبُرُّ ولد أَبيه وكُبُرَّةُ ولد أَبيه ، الراء مشددة ، هكذا قيده أَبو اليثم بخطه . وكُبْرُ القوم وإِكْبِرَّتُهم : أَقعدهم بالنسب ، والمرأَة في ذلك كالرجل ، وقال كراع : لا يوجد في الكلام على إِفْعِلٍّ إِكْبِرٌّ . وكَبُرَ الأَمْرُ كِبَراً وكَبارَةً : عَظُمَ . وكلُّ ما جَسُمَ ، فقد كَبُرَ . وفي التنزيل العزيز : قُلْ كُونُوا حجارَةً أَو حديداً أَو خلقاً مما يَكْبُر في صدوركم ؛ معناه كونوا أَشد ما يكون في أَنفسكم فإِني أُمِيتكم وأُبْلِيكم . وقوله عز وجل : وإِن كانت لَكَبيرةً إِلا على الذين هَدَى اللهُ ؛ يعني وإِن كان اتباعُ هذه القبلة يعني قبلة بيت المقدس إِلاَّ فَعْلَة كبيرة ؛ المعنى أَنها كبيرة على غير المخلصين ، فأَما من أَخلص فليست بكبيرة عليه . التهذيب : إِذا أَردت عِظَمَ الشيء قلت : كَبُرَ يَكْبُرُ كِبَراً ، كما لو قلت : عَظُمَ يَعظُم عِظَماً . وتقول : كَبُرَ الأَمْرُ يَكْبُر كَبارَةً . وكُِبْرُ الشيء أَيضاً : معظمه . ابن سيده : والكِبْرُ معظم الشيء ، بالكسر ، وقوله تعالى : والذي تولى كِبْرَه منهم له عذاب عظيم ؛ قال ثعلب : يعني معظم الإِفك ؛ قال الفراء : اجتمع القراء على كسر الكاف وقرأَها حُمَيْدٌ الأَعرج وحده كُبْرَه ، وهو وجه جيد في النحو لأن العرب تقول : فلان تولى عُظْمَ الأَمر ، يريدون أَكثره ؛ وقال ابن اليزيدي : أَظنها لغة ؛ قال أَبو منصور : قاسَ الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ وكلام العرب على غيره . ابن السكيت : كِبْرُ الشيء مُعْظَمُه ، بالكسر ؛
وأَنشد قول قَيْسِ بن الخَطِيمِ : تَنامُ عن كِبْرِ شأْنِها ، فإِذا قامَتْ رُوَيْداً ، تَكادُ تَنْغَرِفُ وورد ذلك في حديث الإِفك : وهو الذي تَوَلَّى كِبْرَه أَي معظمه ، وقيل : الكِبر الإِثم وهو من الكبيرة كالخِطْءِ من الخَطيئة . وفي الحديث أَيضاً : إِن حسان كان ممن كَبَّر عليها . ومن أَمثالهم : كِبْرُ سِياسَةِ الناس في المال . قال : والكِبْرُ من التَّكَبُّرِ أَيضاً ، فأَما الكُبْرُ ، بالضم ، فهو أَكْبَرُ ولد الرجل . ابن سيده : والكِبْرُ الإِثم الكبير وما وعد الله عليه النار . والكِبْرَةُ : كالكِبْرِ ، التأْنيث على المبالغة . وفي التنزيل العزيز : الذين يَجْتَنِبُون كبائرَ الإِثم والفَواحشَ . وفي الأَحاديث ذكر الكبائر في غير موضع ، واحدتها كبيرة ، وهي الفَعْلةُ القبيحةُ من الذنوب المَنْهِيِّ عنها شرعاً ، العظيم أَمرها كالقتل والزنا والفرار من الزحف وغير ذلك ، وهي من الصفات الغالبة . وفي الحديث عن ابن عباس : أَن رجلاً سأَله عن الكبائر : أَسَبْعٌ هي ففقال : هي من السبعمائة أَقْرَبُ إِلا أَنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إِصرار . وروى مَسْرُوقٌ ، قال : سُئِلَ عبد الله عن الكبائر فقال : ما بين فاتحة النساء إِلى رأْس الثلثين . ويقال : رجل كَبِير وكُبارٌ وكُبَّارٌ ؛ قال الله عز وجل : ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً . وقوله في الحديث في عذاب القبر : إِنهما ليعذبان وما يُعَذَّبان في كَبير أَي ليس في أَمر كان يَكْبُر عليهما ويشق فعله لو أَراداه ، لا أَنه في نفسه غير كبير ، وكيف لا يكون كبيراً وهما يعذبان فيهف وفي الحديث : لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبر ؛ قال ابن الأَثير : يعني كِبْرَ الكفر والشرك كقوله تعالى : إِن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ؛ أَلا تَرى أَنه قابله في نقيضه بالإِيمان فقال : ولا يَدْخُلُ النارَ من في قلبه مثل ذلك من الإِيمان ؛ أَراد دخول تأْبيد ؛ وقيل : إِذا دَخَلَ الجنةَ نُزِعَ ما في قلبه من الكِبر كقوله تعالى : ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ ؛ ومنه الحديث : ولكنّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ ؛ هذا على الحذف ، أَي ولكنّ ذا الكبر مَن بَطِرَ ، أَو ولكنَّ الكِبْرَ كِبْرُ من بَطِر ، كقوله تعالى : ولكنَّ البِرَّ من اتقى . وفي الحديث : أَعُوذ بك من سُوءِ الكِبر ؛ يروى بسكون الباء وفتحها ، فالسكون من هذا المعنى ، والفتح بمعنى الهَرَم والخَرَفِ . والكِبْرُ : الرفعة في الشرف . ابن الأَنباري : الكِبْرِياء الملك في قوله تعالى : وتكون لكما الكبرياء في الأَرض ؛ أَي الملك . ابن سيده : الكِبْر ، بالكسر ، والكبرياء العظمة والتجبر ؛ قال كراع : ولا نظير له إِلا السِّيمِياءُ العَلامةُ ، والجِرْبِياءُ الريحُ التي بين الصَّبا والجَنُوب ، قال : فأَما الكِيمياء فكلمة أَحسبها أَعجمية . وقد تَكَبَّر واستكْبَر وتَكابَر وقيل تَكَبَّرَ : من الكِبْر ، وتَكابَر : من السِّنّ . والتكَبُّر والاستِكبار : التَّعظّم . وقوله تعالى : سأَصْرِفُ عن آياتيَ الذين يَتَكَبَّرون في الأَرض بغير الحق ؛ قال الزجاج : أَي أَجْعَلُ جزاءَهم الإِضلال عن هداية آياتي ؛ قال : ومعى يتكبرون أَي أَنهم يَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق وأَن لهم من الحق ما ليس لغيرهم ، وهذه الصفة لا تكون إِلا لله خاصة لأَن الله ، سبحانه وتعالى ، هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأَحد مثله ، وذلك الذي يستحق أَن يقال له المُتَكَبِّر ، وليس لأَحد أَن يتكبر لأَن الناس في الحقوق سواء ، فليس لأَحد ما ليس لغيره فالله المتكبر ، وأَعْلَم اللهُ أَن هؤلاء يتكبرون في الأَرض بغير الحق أَي هؤلاء هذه صفتهم ؛ وروي عن ابن العباس أَنه ، قال في قوله يتكبرون في الأَرض بغير الحق : من الكِبَر لا من الكِبْرِ أَي يتفضلون ويَرَوْنَ أَنهم أَفضل الخلق . وقوله تعالى : لَخَلْقُ السموات والأَرض أَكبر من خلق الناس ؛ أَي أَعجب . أَبو عمرو : الكابِرُ السيدُ ، والكابِرُ الجَدُّ الأَكْبَرُ . والإِكْبِرُ والأَكْبَرُ : شيء كأَنه خبيص يابس فيه بعض اللين ليس بشمع ولا عسل وليس بشديد الحلاوة ولا عذب ، تجيء النحل به كما تجيء بالشمع . والكُبْرى : تأْنيث الأَكْبَر والجمع الكُبَرُ ، وجمع الأَكْبَرِ الأَكابِرُ والأَكْبَرُون ، قال : ولا يقال كُبْرٌْ لأَن ههذ البنية جعلت للصفة خاصة مثل الأَحمر والأَسود ، وأَنت لا تصف بأَكبر كما تصف بأَحمر ، لا تقول هذا رجل أَكبر حتى تصله بمن أَو تدخل عليه الأَلف واللام . وفي الحديث : يَوْم الحَجِّ الأَكْبَرِ ، قيل : هو يوم النحر ، وقيل : يوم عرفة ، وإِنما سمي الحج الأَكبر لأَنهم يسمون العمرة الحج الأَصغر . وفي حديث أَبي هريرة : سَجَدَ أَحدُ الأَكْبَرَيْنِ في : إِذا السماءُ انشَقَّتْ ؛ أَراد الشيخين أَبا بكر وعمر . وفي حديث مازِنٍ : بُعِثَ نبيّ من مُضَر بدين الله الكُبَر ، جمع الكبرى ؛ ومنه قوله تعالى : إِنها لإِحدى الكُبَرِ ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره بشرائع دين الله الكُبَرِ . وقوله في الحديث : لا تُكابِرُوا الصلاةَ بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأَنه أَراد لا تغالبوها أَي خففوا في التسبيح بعد التسليم ، وقيل : لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أَكثر منها ولتكن الصلاة زائدة عليه . شمر : يقال أَتاني فلان أَكْبَرَ النهار وشَبابَ النهار أَي حين ارتفع النهار ، قال الأَعشى : ساعةً أَكْبَرَ النهارُ ، كما شدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إِعْتاما يقول : قتلناهم أَول النهار في ساعة قَدْرَ ما يَشُدّ المُحِيلُ أَخْلافَ إِبله لئلا يَرْضَعَها الفُصْلانُ . وأَكْبَر الصبيُّ أَي تَغَوَّطَ ، وهو كناية . والكِبْرِيتُ : معروف ، وقولهم أَعَزُّ من الكبريت الأَحمر ، إِنما هو كقولهم : أَعَزُّ من بَيْضِ الأَنُوقِ . ويقال : ذَهَبٌ كِبْرِيتٌ أَي خالص ؛ قال رُؤْبَةُ ابنُ العَجَّاج بن رؤبة : هل يَنْفَعَنّي كذبٌ سِخْتِيتُ ، أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ ؟ والكَبَرُ : الأَصَفُ ، فارسي معرب . والكَبَرُ : نبات له شوك . والكَبَرُ : طبل له وجه واحد . وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأَذان : أَنه أَخَذَ عوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً ؛ رواه شمر في كتابه ، قال : الكبر بفتحتين الطبلُ فيما بَلَغَنا ، وقيل : هو الطبل ذو الرأْسين ، وقيل : الطبل الذي له وجه واحد . وفي حديث عطاء : سئل عن التعويذ يعلق على الحائط ، فقال : إِن كان في كَبَرٍ فلا بأْس أَي في طبل صغير ، وفي رواية : إِن كان في قَصَبَةٍ ، وجمعه كِبارٌ مثل جَمَلٍ وجِمالٍ . والأَكابِرُ : إَحياء من بكر بن وائل ، وهم شَيْبانُ وعامر وطلحة من بني تَيْم الله بن ثعلبة بن عُكابَة أَصابتهم سنة فانْتَجَعُوا بلادَ تَميم وضَبَّةَ ونزلوا على بَدْرِ بن حمراء الضبي فأَجارهم ووفى لهم ، فقال بَدْرٌ في ذلك : وَفَيْتُ وفاءً لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ بتِعشارَ ، إِذ تَحْبو إِليَّ الأَكابِرُ والكُِبْرُ في الرِّفْعةِ والشَّرَف ؛ قال المَرَّارُ : ولِيَ الأَعْظَمُ من سُلاَّفِها ، ولِيَ الهامَةُ فيها والكُبُرْ وذُو كِبار : رجل . وإِكْبِرَةُ وأَكْبَرَةُ : من بلاد بني أَسد ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسيّ : فما شَهِدَتْ كَوادِسُ إِذْ رَحَلْنا ، ولا عَتَبَتْ بأَكْبَرَةَ الوُعُولُ "
المعجم: لسان العرب
كون
" الكَوْنُ : الحَدَثُ ، وقد كان كَوْناً وكَيْنُونة ؛ عن اللحياني وكراع ، والكَيْنونة في مصدر كانَ يكونُ أَحسنُ . قال الفراء : العرب تقول في ذوات الياء مما يشبه زِغْتُ وسِرْتُ : طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فيما لا يحصى من هذا الضرب ، فأَما ذوات الواو مثل قُلْتُ ورُضْتُ ، فإِنهم لا يقولون ذلك ، وقد أَتى عنهم في أَربعة أَحرف : منها الكَيْنُونة من كُنْتُ ، والدَّيْمُومة من دُمْتُ ، والهَيْعُوعةُ من الهُواع ، والسَّيْدُودَة من سُدْتُ ، وكان ينبغي أَن يكون كَوْنُونة ، ولكنها لما قَلَّتْ في مصادر الواو وكثرت في مصادر الياءِ أَلحقوها بالذي هو أَكثر مجيئاً منها ، إِذ كانت الواو والياء متقاربتي المخرج . قال : وكان الخليل يقول كَيْنونة فَيْعولة هي في الأَصل كَيْوَنونة ، التقت منها ياء وواوٌ والأُولى منهما ساكنة فصيرتا ياء مشددة مثل ما ، قالوا الهَيِّنُ من هُنْتُ ، ثم خففوها فقالوا كَيْنونة كما ، قالوا هَيْنٌ لَيْنٌ ؛ قال الفراء : وقد ذهب مَذْهباً إِلا أَن القول عِندي هو الأَول ؛ وقول الحسن بن عُرْفُطة ، جاهليّ : لم يَكُ الحَقُّ سوَى أَنْ هاجَهُ رَسْمُ دارٍ قد تَعَفَّى بالسَّرَرْ إِنما أَراد : لم يكن الحق ، فحذف النون لالتقاء الساكنين ، وكان حكمه إِذا وقعت النون موقعاً تُحَرَّكُ فيه فتَقْوَى بالحركة أَن لا يَحْذِفَها لأَنها بحركتها قد فارقت شِبْهَ حروف اللِّينِ ، إِذ كُنَّ لا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ ، وحذفُ النون من يكن أَقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع ، لأَن نون يكن أَصل وهي لام الفعل ، والتنوين والنون زائدان ، فالحذف منهما أَسهل منه في لام الفعل ، وحذف النون أَيضاً من يكن أَقبح من حذف النون من قوله : غير الذي قد يقال مِلْكذب ، لأَن أَصله يكون قد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين ، فإِذا حذفت منه النون أَيضاً لالتقاء الساكنين أَجحفت به لتوالي الحذفين ، لا سيما من وجه واحد ، قال : ولك أَيضاً أَن تقول إِن من حرفٌ ، والحذف في الحرف ضعيف إِلا مع التضعيف ، نحو إِنّ وربَّ ، قال : هذا قول ابن جني ، قال : وأَرى أَنا شيئاً غير ذلك ، وهو أَن يكون جاء بالحق بعدما حذف النون من يكن ، فصار يكُ مثل قوله عز وجل : ولم يكُ شيئاً ؛ فلما قَدَّرَهُ يَك ، جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون ، وهي ساكنة تخفيفاً ، فبقي محذوفاً بحاله فقال : لم يَكُ الحَقُّ ، ولو قَدَّره يكن فبقي محذوفاً ، ثم جاء بالحق لوجب أَن يكسر لالتقاء الساكنين فيَقْوَى بالحركة ، فلا يجد سبيلاً إِلى حذفها إِلا مستكرهاً ، فكان يجب أَن يقول لم يكن الحق ، ومثله قول الخَنْجَر بن صخر الأَسدي : فإِنْ لا تَكُ المِرآةُ أَبْدَتْ وَسامةً ، فقد أَبْدَتِ المِرآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ يريد : فإِن لا تكن المرآة . وقال الجوهري : لم يك أَصله يكون ، فلما دخلت عليها لم جزمتها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقي لم يكن ، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفاً ، فإِذا تحركت أَثبتوها ، قالوا لم يَكُنِ الرجلُ ، وأَجاز يونس حذفها مع الحركة ؛
وأَنشد : إِذا لم تَكُ الحاجاتُ من همَّة الفَتى ، فليس بمُغْنٍ عنكَ عَقْدُ الرَّتائِمِ ومثله ما حكاه قُطْرُب : أَن يونس أَجاز لم يكُ الرجل منطلقاً ؛
وأَنشد بيت الحسن بن عُرْفُطة : لم يَكُ الحَقُّ سوى أَن هاجَه والكائنة : الحادثة . وحكى سيبوية : أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كنت أَي مذ خُلِقْتَ ، والمعنيان متقاربان . ابن الأَعرابي : التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك ، تقول العرب لمن تَشْنَؤُه : لا كانَ ولا تَكَوَّنَ ؛ لا كان : لا خُلِقَ ، ولا تَكَوَّن : لا تَحَرَّك أَي مات . والكائنة : الأَمر الحادث . وكَوَّنَه فتَكَوَّن : أَحدَثَه فحدث . وفي الحديث : من رآني في المنام فقد رآني فإِن الشيطان لا يتَكَوَّنُني ، وفي رواية : لا يتَكَوَّنُ على صورتي (* قوله « على صورتي » كذا بالأصل ، والذي في نسخ النهاية : في صورتي ، أَي يتشبه بي ويتصور بصورتي ، وحقيقته يصير كائناً في صورتي ). وكَوَّنَ الشيءَ : أَحدثه . والله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلى الوجود . وبات فلان بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوءٍ . والمكان : الموضع ، والجمع أَمْكِنة وأَماكِنُ ، توهَّموا الميم أَصلاً حتى ، قالوا تَمَكَّن في المكان ، وهذا كم ؟
قالوا في تكسير المَسِيل أَمْسِلة ، وقيل : الميم في المكان أَصل كأَنه من التَّمَكُّن دون الكَوْنِ ، وهذا يقويه ما ذكرناه من تكسيره على أَفْعِلة ؛ وقد حكى سيبويه في جمعه أَمْكُنٌ ، وهذا زائد في الدلالة على أَن وزن الكلمة فَعَال دون مَفْعَل ، فإن قلت فان فَعَالاً لا يكسر على أَفْعُل إلا أَن يكون مؤنثاً كأَتانٍ وآتُنٍ . الليث : المكان اشتقاقُه من كان يكون ، ولكنه لما كثر في الكلام صارت الميم كأَنها أَصلية ، والمكانُ مذكر ، قيل : توهموا (* قوله « قيل توهموا إلخ » جواب قوله فان قيل فهو من كلام ابن سيده ، وما بينهما اعتراض من عبارة الازهري وحقها التأخر عن الجواب كما لا يخفى ). فيه طرح الزائد كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ ، عند سيبويه ، مما كُسِّرَ على غير ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه ، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أي على طِيَّتي . والاستِكانة : الخضوع . الجوهري : والمَكانة المنزلة . وفلانٌ مَكِينٌ عند فلان بَيِّنُ المكانة . والمكانة : الموضع . قال تعالى : ولو نشاءُ لمَسَخْناهم على مَكانتهم ؛ قال : ولما كثرلزوم الميم تُوُهِّمت أَصلية فقيل تَمَكَّن كما ، قالوا من المسكين تَمَسْكَنَ ؛ ذكر الجوهري ذلك في هذه الترجمة ، قال ابن بري : مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة ليس شيء منها من الكَوْن فهذا سهوٌ ، وأَمْكِنة أَفْعِلة ، وأَما تمسكن فهو تَمَفْعل كتَمَدْرَع مشتقّاً من المِدْرَعة بزيادته ، فعلى قياسه يجب في تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل على اشتقاقه لا تمكَّنَ ، وتمكَّنَ وزنه تفَعَّلَ ، وهذا كله سهو وموضعه فصل الميم من باب النون ، وسنذكره هناك . وكان ويكون : من الأَفعال التي ترفع الأَسماء وتنصب الأَخبار ، كقولك كان زيد قائماً ويكون عمرو ذاهباً ، والمصدر كَوْناً وكياناً . قال الأَخفش في كتابه الموسوم بالقوافي : ويقولون أَزَيْداً كُنْتَ له ؛ قال ابن جني : ظاهره أَنه محكيّ عن العرب لأَن الأَخفش إنما يحتج بمسموع العرب لا بمقيس النحويين ، وإذا كان قد سمع عنهم أَزيداً كنت له ، ففيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها ، قال : وذلك انه لا يفسر الفعل الناصب المضمر إلا بما لو حذف مفعوله لتسلط على الاسم الأَول فنصبه ، أَلا تَراكَ تقول أَزيداً ضربته ، ولو شئت لحذفت المفعول فتسلطتْ ضربت هذه الظاهرة على زيد نفسه فقلت أَزيداً ضربت ، فعلى هذا قولهم أَزيداً كنت له يجوز في قياسه أَن تقول أَزيداً كُنْتَ ، ومثَّل سيبويه كان بالفعل المتعدِّي فقال : وتقول كُنّاهْم كما تقول ضربناهم ، وقال إذا لم تَكُنْهم فمن ذا يَكُونُهم كما تقول إذا لم تضربهم فمن ذا يضربهم ، قال : وتقول هو كائِنٌ ومَكُونٌ كما تقول ضارب ومضروب . غيره : وكان تدل على خبر ماضٍ في وسط الكلام وآخره ، ولا تكون صلَةً في أَوَّله لأَن الصلة تابعة لا متبوعة ؛ وكان في معنى جاء كقول الشاعر : إذا كانَ الشِّتاءُ فأَدْفئُوني ، فإنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُه الشِّتاء ؟
قال : وكان تأْتي باسم وخبر ، وتأْتي باسم واحد وهو خبرها كقولك كان الأَمْرُ وكانت القصة أي وقع الأَمر ووقعت القصة ، وهذه تسمى التامة المكتفية ؛ وكان تكون جزاءً ، قال أَبو العباس : اختلف الناس في قوله تعالى : كيف نُكَلِّمُ من كان في المَهْدِ صبيّاً ؛ فقال بعضهم : كان ههنا صلة ، ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيّاً ، قال : وقال الفراء كان ههنا شَرْطٌ وفي الكلام تعَجبٌ ، ومعناه من يكن في المهد صبيّاً فكيف يُكَلَّمُ ، وأَما قوله عز وجل : وكان الله عَفُوّاً غَفُوراً ، وما أَشبهه فإن أَبا إسحق الزجاج ، قال : قد اختلف الناس في كان فقال الحسن البصري : كان الله عَفُوّاً غَفُوراً لعباده . وعن عباده قبل أَن يخلقهم ، وقال النحويون البصريون : كأَنَّ القوم شاهَدُوا من الله رحمة فأُعْلِمُوا أَن ذلك ليس بحادث وأَن الله لم يزل كذلك ، وقال قوم من النحويين : كانَ وفَعَل من الله تعالى بمنزلة ما في الحال ، فالمعنى ، والله أَعلم ،. والله عَفُوٌّ غَفُور ؛ قال أَبو إسحق : الذي ، قاله الحسن وغيره أَدْخَلُ في العربية وأَشْبَهُ بكلام العرب ، وأَما القول الثالث فمعناه يؤُول إلى ما ، قاله الحسن وسيبويه ، إلاَّ أن كون الماضي بمعنى الحال يَقِلُّ ، وصاحبُ هذا القول له من الحجة قولنا غَفَر الله لفلان بمعنى لِيَغْفِر الله ، فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي مؤدِّياً عنها استخفافاً لأَن اختلاف أَلفاظ الأَفعال إنما وقع لاختلاف الأَوقات . وروي عن ابن الأَعرابي في قوله عز وجل : كُنتُم خَيْرَ أُمَّة أُخرجت للناس ؛ أَي أَنتم خير أُمة ، قال : ويقال معناه كنتم خير أُمة في علم الله . وفي الحديث : أَعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْنِ ، قال ابن الأَثير : الكَوْنُ مصدر كان التامَّة ؛ يقال : كان يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ ، يعني أَعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات ، ويروى : بعد الكَوْرِ ، بالراء ، وقد تقدم في موضعه . الجوهري : كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج إلى خبر لأَنه دل على الزمان فقط ، تقول : كان زيد عالماً ، وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشيء ووقوعه استغنى عن الخبر لأَنه دل على معنى وزمان ، تقول : كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كان أَي مُذْ خُلِقََ ؛ قال مَقَّاسٌ العائذيّ : فِداً لبَني ذُهْلِ بن شَيْبانَ ناقَتي ، إذا كان يومٌ ذو كواكبَ أَشْهَبُ قوله : ذو كواكب أَي قد أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب ، وإذا كسفت الشمس ظهرت الكواكب ؛ قال : وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك كان زيد منطلقاً ، ومعناه زيد منطلق ؛ قال تعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ وقال أَبو جُندب الهُذَلي : وكنتُ ، إذ جاري دعا لمَضُوفةٍ ، أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري وإنما يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عمَّا مضى من فعله ، قال ابن بري عند انقضاء كلام الجوهري ، رحمهما الله : كان تكون بمعنى مَضَى وتَقَضَّى ، وهي التامة ، وتأْتي بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع ، وهي الناقصة ، ويعبر عنها بالزائدة أَيضاً ، وتأْتي زائدة ، وتأَتي بمعنى يكون في المستقبل من الزمان ، وتكون بمعنى الحدوث والوقوع ؛ فمن شواهدها بمعنى مضى وانقضى قول أَبي الغول : عَسَى الأَيامُ أَن يَرْجِعـ نَ قوماً كالذي كانوا وقال ابن الطَّثَرِيَّة : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كانَ كائنٌ ، وأَنَّ جَدِيدَ الوَصْلِ قد جُدَّ غابِرُهْ وقال أَبو الأَحوصِ : كم مِن ذَوِي خُلَّةٍ قبْلي وقبْلَكُمُ كانوا ، فأَمْسَوْا إلى الهِجرانِ قد صاروا وقال أَبو زُبَيْدٍ : ثم أَضْحَوْا كأَنهُم لم يَكُونوا ، ومُلُوكاً كانوا وأَهْلَ عَلاءِ وقال نصر بن حجاج وأَدخل اللام على ما النافية : ظَنَنتَ بيَ الأَمْرَ الذي لو أَتَيْتُه ، لَمَا كان لي ، في الصالحين ، مَقامُ وقال أَوْسُ بن حجَر : هِجاؤُكَ إلاَّ أَنَّ ما كان قد مَضَى عَليَّ كأَثْوابِ الحرام المُهَيْنِم وقال عبد الله بن عبد الأَعلى : يا لَيْتَ ذا خَبَرٍ عنهم يُخَبِّرُنا ، بل لَيْتَ شِعْرِيَ ، ماذا بَعْدَنا فَعَلُوا ؟ كنا وكانوا فما نَدْرِي على وَهَمٍ ، أَنَحْنُ فيما لَبِثْنا أَم هُمُ عَجِلُوا ؟ أَي نحن أَبطأْنا ؛ ومنه قول الآخر : فكيف إذا مَرَرْتَ بدارِ قَوْمٍ ، وجيرانٍ لنا كانُوا كرامِ وتقديره : وجيرانٍ لنا كرامٍ انْقَضَوْا وذهب جُودُهم ؛ ومنه ما أَنشده ثعلب : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كان كائنٌ ، حَذِرْتُكِ أَيامَ الفُؤادُ سَلِيمُ (* قوله « أيام الفؤاد سليم » كذا بالأصل برفع سليم وعليه ففيه مع قوله غريم اقواء ). ولكنْ حَسِبْتُ الصَّرْمَ شيئاً أُطِيقُه ، إذا رُمْتُ أَو حاوَلْتُ أَمْرَ غَرِيمِ ومنه ما أَنشده الخليل لنفسه : بَلِّغا عنِّيَ المُنَجِّمَ أَني كافِرٌ بالذي قَضَتْه الكَواكِبْ ، عالِمٌ أَنَّ ما يكُونُ وما كا نَ قَضاءٌ من المُهَيْمِنِ واجِبْ ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سبحانه وتعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ أي لم يَزَلْ على ذلك ؛ وقال المتلمس : وكُنَّا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، أَقَمْنا له من مَيْلِهِ فتَقَوَّما وقول الفرزدق : وكنا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، ضَرَبْْناه تحتَ الأَنْثَيَينِ على الكَرْدِ وقول قَيْسِ بن الخَطِيم : وكنتُ امْرَأً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً أُسَبُّ بها ، إلاَّ كَشَفْتُ غِطاءَها وفي القرآن العظيم أَيضاً : إن هذا كان لكم جَزاءً وكان سَعْيُكُم مَشْكُوراً ؛ فيه : إنه كان لآياتِنا عَنِيداً ؛ وفيه : كان مِزاجُها زَنْجبيلاً . ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أَن تأْتي بمعنى صار كقوله سبحانه : كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ ؛ وقوله تعالى : فإذا انْشَقَّتِ السماءُ فكانت وَرْدَةً كالدِّهانِ ؛ وفيه : فكانت هَبَاءً مُنْبَثّاً ؛ وفيه : وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً ؛ وفيه : كيف نُكَلِّمُ من كانَ في المَهْدِ صَبِيّاً ؛ وفيه : وما جَعَلْنا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عليها ؛ أَي صِرْتَ إليها ؛ وقال ابن أَحمر : بتَيْهاءَ قَفْرٍ ، والمَطِيُّ كأَنَّها قَطا الحَزْنِ ، قد كانَتْ فِراخاً بُيوضُها وقال شَمْعَلَةُ بن الأَخْضَر يصف قَتْلَ بِسْطامِ ابن قَيْسٍ : فَخَرَّ على الأَلاءَة لم يُوَسَّدْ ، وقد كانَ الدِّماءُ له خِمارَا ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أن يكون فيها ضميرُ الشأْن والقِصَّة ، وتفارقها من اثني عشر وجهاً لأَن اسمها لا يكون إلا مضمراً غير ظاهر ، ولا يرجع إلى مذكور ، ولا يقصد به شيء بعينه ، ولا يؤَكد به ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه ، ولا يستعمل إلا في التفخيم ، ولا يخبر عنه إلا بجملة ، ولا يكون في الجملة ضمير ، ولا يتقدَّم على كان ؛ ومن شواهد كان الزائدة قول الشاعر : باللهِ قُولُوا بأَجْمَعِكُمْ : يا لَيْتَ ما كانَ لم يَكُنِ وكان الزائدةُ لا تُزادُ أَوَّلاً ، وإنما تُزادُ حَشْواً ، ولا يكون لها اسم ولا خبر ، ولا عمل لها ؛ ومن شواهدها بمعنى يكون للمستقبل من الزمان قول الطِّرمَّاح بن حَكِيمٍ : وإني لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى من الأَمْرِ ، واسْتِنْجازَ ما كانَ في غَدِ وقال سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ : وكُنْتُ أَرَى كالمَوْتِ من بَيْنِ سَاعَةٍ ، فكيفَ بِبَيْنٍ كانَ مِيعادُه الحَشْرَا ؟ وقد تأْتي تكون بمعنى كان كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ : وانْضَخْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بدِمائها ، ولَقَدْ يَكُونُ أَخا دَمٍ وذَبائِح ومنه قول جَرِير : ولقد يَكُونُ على الشَّبابِ بَصِيرَ ؟
قال : وقد يجيء خبر كان فعلاً ماضياً كقول حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ : وكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرِينَا وكقول الفرزدق : وكُنَّا وَرِثْناه على عَهْدِ تُبَّعٍ ، طَوِيلاً سَوارِيه ، شَديداً دَعائِمُهْ وقال عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ : وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ، فَلا هُوَ أَبْداها ولم يَتَجَمْجَمِ وهذا البيت أَنشده في ترجمة كنن ونسبه لزهير ، قال : ونقول كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً ، شبهوه بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة من ذوات الياء ، ، قال : ولم يجيء من الواو على هذا إلا أَحرف : كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة ، وأَصله كَيْنُونة ، بتشديد الياء ، فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيُِّتٍ ، ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول ، وأَما الحيدودة فأَصله فَعَلُولة بفتح العين فسكنت . قال ابن بري : أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة ، ووزنها فَيْعَلُولة ، ثم قلبت الواو ياء فصار كَيّنُونة ، ثم حذفت الياء تخفيفاً فصار كَيْنُونة ، وقد جاءت بالتشديد على الأَصل ؛ قال أَبو العباس أَنشدني النَّهْشَلِيُّ : قد فارَقَتْ قَرِينَها القَرِينَه ، وشَحَطَتْ عن دارِها الظَّعِينه يا ليتَ أَنَّا ضَمَّنَا سَفِينه ، حَتَّى يَعُودَ الوَصْل كَيّنُون ؟
قال : والحَيْدُودَة أَصل وزنها فَيْعَلُولة ، وهو حَيْوَدُودَة ، ثم فعل بها ما فعل بكَيْنونة . قال ابن بري : واعلم أَنه يلحق بباب كان وأَخواتها كل فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ على الحَدَث ، وجُرِّدَ للزمان وجاز في الخبر عنه أَن يكون معرفة ونكرة ، ولا يتم الكلام دونه ، وذلك مثل عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وجاء وأَشباهها كقول الله عز وجل : يَأْتِ بَصيراً ؛ وكقول الخوارج لابن عباس : ما جاءت حاجَتُك أَي ما صارت ؛ يقال لكل طالب أَمر يجوز أَن يَبْلُغَه وأَن لا يبلغه . وتقول : جاء زيدٌ الشريفَ أَي صار زيدٌ الشريفَ ؛ ومنها : طَفِق يفعل ، وأَخَذ يَكْتُب ، وأَنشأَ يقول ، وجَعَلَ يقول . وفي حديث تَوْبةِ كَعْبٍ : رأَى رجلاً لا يَزُول به السَّرابُ فقال كُنْ أَبا خَيْثَمة أَي صِرْهُ . يقال للرجل يُرَى من بُعْدٍ : كُن فلاناً أَي أَنت فلان أَو هو فلان . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أَنه دخل المسجد فرأَى رجلاً بَذَّ الهيئة ، فقال : كُنْ أَبا مسلم ، يعني الخَوْلانِيَّ . ورجل كُنْتِيٌّ : كبير ، نسب إلى كُنْتُ . وقد ، قالوا كُنْتُنِيٌّ ، نسب إلى كُنْتُ أَيضاً ، والنون الأَخيرة زائدة ؛ قال : وما أَنا كُنْتِيٌّ ، ولا أَنا عاجِنُ ، وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ وزعم سيبويه أَن إخراجه على الأَصل أَقيس فتقول كُونِيٌّ ، على حَدِّ ما يُوجِبُ النَّسَبَ إلى الحكاية . الجوهري : يقال للرجل إذا شاخ هو كُنْتِيٌّ ، كأَنه نسب إلى قوله كُنْتُ في شبابي كذا ؛
قال ابن بري : ومنه قول الشاعر : إذا ما كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ ، فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبِيرِ فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شيئاً بَسَعْيِ ، ولا سَمْعٍ ، ولا نَظَرٍ بَصِيرِ وفي الحديث : أَنه دخل المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ ؛ هم الشُّيوخُ الذين يقولون كُنَّا كذا ، وكانَ كذا ، وكنت كذا ، فكأَنه منسوب إلى كُنْتُ . يقال : كأَنك والله قد كُنْتَ وصِرْتَ إلى كانَ أَي صرتَ إلى أَن يقال عنك : كانَ فلان ، أَو يقال لك في حال الهَرَم : كُنْتَ مَرَّةً كذا ، وكنت مرة كذا . الأَزهري في ترجمة كَنَتَ : ابن الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ في خَلْقِه وكان في خَلْقِه ، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيُّ . ابن بُزُرْج : الكُنْتِيُّ القوي الشديد ؛
وأَنشد : قد كُنْتُ كُنْتِيّاً ، فأَصْبَحْتُ عاجِناً ، وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ يقول : إذا قام اعْتَجَن أَي عَمَدَ على كُرْسُوعه ، وقال أَبو زيد : الكُنْتِيُّ الكبير ؛
وأَنشد : فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبير وقال عَدِيُّ بن زيد : فاكتَنِتْ ، لا تَكُ عَبْداً طائِراً ، واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَر ؟
قال أَبو نصر : اكْتَنِتْ ارْضَ بما أَنت فيه ، وقال غيره : الاكْتناتُ الخضوع ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ : مُسْتَضْرِعٌ ما دنا منهنَّ مُكْتَنِتٌ للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ ما فوقه فَنَع ؟
قال الأَزهري : وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه ، قال لا يقال فَعَلْتُني إلا من الفعل الذي يتعدَّى إلى مفعولين ، مثل ظَنَنْتُني ورأَيْتُني ، ومُحالٌ أَن تقول ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يشبه إضافة الفعل إلى ني ، ولكن تقول صَبَرْتُ نفسي وضَرَبْتُ نَفْسِي ، وليس يضاف من الفعل إلى ني إلاّ حرف واحد وهو قولهم كُنْتي وكُنْتُني ؛
وأَنشد : وما كُنْتُ كُنْتِيّاً ، وما كُنْت عاجِناً ، وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ فجمع كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً في البيت . ثعلب عن ابن الأَعرابي : قيل لصَبِيَّةٍ من العرب ما بَلَغَ الكِبَرُ من أَبيك ؟، قالت : قد عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ . قال أَبو العباس : وأَخبرني سلمة عن الفراء ، قال : الكُنْتُنِيُّ في الجسم ، والكَانِيُّ في الخُلُقِ . قال : وقال ابن الأَعرابي إذا ، قال كُنْتُ شابّاً وشجاعاً فهو كُنْتِيٌّ ، وإذا ، قال كانَ لي مال فكُنْتُ أُعطي منه فهو كانِيٌّ . وقال ابن هانئ في باب المجموع مُثَلَّثاً : رجل كِنْتَأْوٌ ورجلان كِنْتَأْوان ورجال كِنْتَأْوُونَ ، وهو الكثير شعر اللحية الكَثُّها ؛ ومنه : جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ ، وهو الفسيح من الإبل في مِشْيَتِه ، ورجل قَنْدَأْوٌ ورجلان قِنْدَأْوان ورجال قَنْدَأْوُون ، مهموزات . وفي الحديث : دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ وعامة أَهله الكُنْتِيُّون ، فقلتُ : ما الكُنْتِيُّون ؟ فقال : الشُّيُوخُ الذين يقولون كانَ كذا وكذا وكُنْتُ ، فقال عبد الله : دارَتْ رَحَى الإسلام عليَّْ خمسةً وثَلاثين ، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ من عِدَّتِهم من الذِّبَّان والجِعْلانِ . قال شمر :، قال الفراء تقول كأَنَّك والله قد مُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ ، وكأَنكما مُتُّمَا وصرتما إلى كانا ، والثلاثة كانوا ؛ المعنى صِرْتَ إلى أَن يقال كانَ وأَنت ميت لا وأَنت حَيٌّ ، قال : والمعنى له الحكاية على كُنْت مَرَّةً للمُواجهة ومرة للغائب ، كما ، قال عز من قائلٍ : قل للذين كفروا ستُغْلَبُون وسَيُغْلَبُون ؛ هذا على معنى كُنْتَ وكُنْتَ ؛ ومنه قوله : وكُلُّ أَمْرٍ يوماً يَصِيرُ كان . وتقول للرجل : كأَنِّي بك وقد صِرْتَ كانِيّاً أَي يقال كان وللمرأَة كانِيَّة ، وإن أَردت أَنك صرت من الهَرَم إلى أَن يقال كُنْت مرة وكُنْت مرة ، قيل : أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً ، وإنما ، قال كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نوناً مع الياء في النسبة ليتبين الرفع ، كما أَرادوا تَبين النَّصبِ في ضَرَبني ، ولا يكون من حروف الاستثناء ، تقول : جاء القوم لا يكون زيداً ، ولا تستعمل إلى مضمراً فيها ، وكأَنه ، قال لا يكون الآتي زيداً ؛ وتجيء كان زائدة كقوله : سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَوْا على كانَ المُسَوَّمةَِ العِرابِ أَي على المُسوَّمة العِراب . وروى الكسائي عن العرب : نزل فلان على كان خَتَنِه أَي نزَل على خَتَنِه ؛
وأَنشد الفراء : جادَتْ بكَفَّيْ كانَ من أَرمى البَشَرْ أَي جادت بكفَّي من هو من أَرمى البشر ؛ قال : والعرب تدخل كان في الكلام لغواً فتقول مُرَّ على كان زيدٍ ؛ يريدون مُرَّ فأَدخل كان لغواً ؛ وأَما قول الفرزدق : فكيفَ ولو مَرَرْت بدارِِ قومٍ ، وجِيرانٍ لنا كانوا كِرامِ ؟ ابن سيده : فزعم سيبويه أَن كان هنا زائدة ، وقال أَبو العباس : إن تقديره وجِيرانٍ كِرامٍ كانوا لنا ، قال ابن سيده : وهذا أَسوغ لأَن كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفي موضع لنا ، فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أَنها زائدة هنا ، وكان عليه كَوْناً وكِياناً واكْتانَ : وهو من الكَفالة . قال أَبو عبيد :، قال أَبو زيد اكْتَنْتُ به اكْتِياناً والاسم منه الكِيانةُ ، وكنتُ عليهم أَكُون كَوْناً مثله من الكفالة أَيضاً ابن الأَعرابي : كان إذا كَفَل . والكِيانةُ : الكَفالة ، كُنْتُ على فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ به . وتقول : كُنْتُكَ وكُنْتُ إياك كما تقول ظننتك زيداً وظَنْنتُ زيداً إِياك ، تَضَعُ المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر ، لأَنهما منفصلان في الأَصل ، لأَنهما مبتدأ وخبر ؛ قال أَبو الأَسود الدؤلي : دَعِ الخمرَ تَشربْها الغُواةُ ، فإنني رأيتُ أَخاها مُجْزِياً لمَكانِها فإن لا يَكُنها أَو تَكُنْه ، فإنه أَخوها ، غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها يعني الزبيب . والكَوْنُ : واحد الأَكْوان . وسَمْعُ الكيان : كتابٌ للعجم ؛ قال ابن بري : سَمْعُ الكيان بمعنى سَماعِ الكِيان ، وسَمْعُ بمعنى ذِكْرُِ الكيان ، وهو كتاب أَلفه أَرَسْطو . وكِيوانُ زُحَلُ : القولُ فيه كالقول في خَيْوان ، وهو مذكور في موضعه ، والمانع له من الصرف العجمة ، كما أَن المانع لخَيْوان من الصرف إنما هو التأْنيث وإرادة البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية . والكانونُ : إن جعلته من الكِنِّ فهو فاعُول ، وإن جعلته فَعَلُولاً على تقدير قَرَبُوس فالأَلف فيه أَصلية ، وهي من الواو ، سمي به مَوْقِِدُ النار . "
المعجم: لسان العرب
عرف
" العِرفانُ : العلم ؛ قال ابن سيده : ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لا يَليق بهذا المكان ، عَرَفه يَعْرِفُه عِرْفة وعِرْفاناً وعِرِفَّاناً ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه ؛ قال أَبو ذؤيب يصف سَحاباً : مَرَتْه النُّعامَى ، فلم يَعْتَرِفْ خِلافَ النُّعامَى من الشامِ رِيحا ورجل عَرُوفٌ وعَرُوفة : عارِفٌ يَعْرِفُ الأَُمور ولا يُنكِر أَحداً رآه مرة ، والهاء في عَرُوفة للمبالغة . والعَريف والعارِفُ بمعنًى مثل عَلِيم وعالم ؛ قال طَرِيف بن مالك العَنْبري ، وقيل طريف بن عمرو : أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ ، بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ ؟ أَي عارِفَهم ؛ قال سيبويه : هو فَعِيل بمعنى فاعل كقولهم ضَرِيبُ قِداح ، والجمع عُرَفاء . وأَمر عَرِيفٌ وعارِف : مَعروف ، فاعل بمعنى مفعول ؛ قال الأَزهري : لم أَسمع أَمْرٌ عارف أَي معروف لغير الليث ، والذي حصَّلناه للأَئمة رجل عارِف أَي صَبور ؛ قاله أَبو عبيدة وغيره . والعِرْف ، بالكسر : من قولهم ما عَرَفَ عِرْفي إلا بأَخَرةٍ أَي ما عَرَفَني إلا أَخيراً . ويقال : أَعْرَفَ فلان فلاناً وعرَّفه إذا وقَّفَه على ذنبه ثم عفا عنه . وعرَّفه الأَمرَ : أَعلمه إياه . وعرَّفه بيتَه : أَعلمه بمكانه . وعرَّفه به : وسَمه ؛ قال سيبويه : عَرَّفْتُه زيداً ، فذهَب إلى تعدية عرّفت بالتثقيل إلى مفعولين ، يعني أَنك تقول عرَفت زيداً فيتعدَّى إلى واحد ثم تثقل العين فيتعدَّى إلى مفعولين ، قال : وأَما عرَّفته بزيد فإنما تريد عرَّفته بهذه العلامة وأَوضَحته بها فهو سِوى المعنى الأَوَّل ، وإنما عرَّفته بزيد كقولك سمَّيته بزيد ، وقوله أَيضاً إذا أَراد أَن يُفضِّل شيئاً من النحْو أَو اللغة على شيء : والأَول أَعْرَف ؛ قال ابن سيده : عندي أَنه على توهم عَرُفَ لأَن الشيء إنما هو مَعْروف لا عارف ، وصيغة التعجب إنما هي من الفاعل دون المفعول ، وقد حكى سيبويه : ما أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض ، فتعَجَّب من المفعول كما يُتعجّب من الفاعل حتى ، قال : ما أَبْغضَني له ، فعلى هذا يصْلُح أَن يكون أَعرف هنا مُفاضلة وتعَجُّباً من المفعول الذي هو المعروف . والتعريفُ : الإعْلامُ . والتَّعريف أَيضاً : إنشاد الضالة . وعرَّفَ الضالَّة : نَشَدها . واعترَفَ القومَ : سأَلهم ، وقيل : سأَلهم عن خَبر ليعرفه ؛ قال بشر بن أَبي خازِم : أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عن أَبيها ، خِلالَ الجَيْش ، تَعْترِفُ الرِّكابا ؟
قال ابن بري : ويأْتي تَعرَّف بمعنى اعْترَف ؛ قال طَرِيفٌ العَنْبريُّ : تَعَرَّفوني أَنَّني أَنا ذاكُمُ ، شاكٍ سِلاحي ، في الفوارِس ، مُعْلَمُ وربما وضعوا اعتَرَفَ موضع عرَف كما وضعوا عرَف موضع اعترف ، وأَنشد بيت أَبي ذؤيب يصف السحاب وقد تقدَّم في أَوَّل الترجمة أَي لم يعرف غير الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها . وتعرَّفت ما عند فلان أَي تَطلَّبْت حتى عرَفت . وتقول : ائْتِ فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى يَعْرِفَكَ . وقد تَعارَفَ القومُ أَي عرف بعضهُم بعضاً . وأَما الذي جاء في حديث اللُّقَطةِ : فإن جاء من يَعْتَرِفُها فمعناه معرفتُه إياها بصفتها وإن لم يرَها في يدك . يقال : عرَّف فلان الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ من يَعْرِفها فجاء رجل يعترفها أَي يصفها بصفة يُعْلِم أَنه صاحبها . وفي حديث ابن مسعود : فيقال لهم هل تَعْرِفون ربَّكم ؟ فيقولون : إذا اعْترَف لنا عرَفناه أَي إذا وصَف نفسه بصفة نُحَقِّقُه بها عرفناه . واستَعرَف إليه : انتسب له ليَعْرِفَه . وتَعرَّفه المكانَ وفيه : تأَمَّله به ؛
أَنشد سيبويه : وقالوا : تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى ، وما كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عارِفُ وقوله عز وجل : وإذ أَسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجه حديثاً فلما نبَّأَتْ به وأَظهره اللّه عليه عرَّف بعضَه وأَعرض عن بعض ، وقرئ : عرَفَ بعضه ، بالتخفيف ، قال الفراء : من قرأَ عرَّف بالتشديد فمعناه أَنه عرّف حَفْصةَ بعْضَ الحديث وترَك بعضاً ، قال : وكأَنَّ من قرأَ بالتخفيف أَراد غَضِبَ من ذلك وجازى عليه كما تقول للرجل يُسيء إليك : واللّه لأَعْرِفنَّ لك ذلك ، قال : وقد لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها ، وقال الفرَّاء : وهو وجه حسن ، قرأَ بذلك أَبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ ، قال الأَزهري : وقرأَ الكسائي والأَعمش عن أَبي بكر عن عاصم عرَف بعضَه ، خفيفة ، وقرأَ حمزة ونافع وابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر اليَحْصُبي عرَّف بعضه ، بالتشديد ؛ وفي حديث عَوْف بن مالك : لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول اللّه ، صلى اللّه عليه وسلم ، أَي لأُجازِينَّك بها حتى تَعرِف سوء صنيعك ، وهي كلمة تقال عند التهديد والوعيد . ويقال للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لمعرفة كل منهم بعلْمِه . والعرّافُ : الكاهن ؛ قال عُرْوة بن حِزام : فقلت لعَرّافِ اليَمامة : داوِني ، فإنَّكَ ، إن أَبرأْتَني ، لَطبِيبُ وفي الحديث : من أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فقد كفَر بما أُنزل على محمد ، صلى اللّه عليه وسلم ؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الذي يدَّعي علم الغيب الذي استأْثر اللّه بعلمه . والمَعارِفُ : الوجُوه . والمَعْروف : الوجه لأَن الإنسان يُعرف به ؛ قال أَبو كبير الهذلي : مُتَكَوِّرِين على المَعارِفِ ، بَيْنَهم ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ والمِعْراف واحد . والمَعارِف : محاسن الوجه ، وهو من ذلك . وامرأَة حَسَنةُ المعارِف أَي الوجه وما يظهر منها ، واحدها مَعْرَف ؛ قال الراعي : مُتَلفِّمِين على مَعارِفِنا ، نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ ومعارفُ الأَرض : أَوجُهها وما عُرِفَ منها . وعَرِيفُ القوم : سيّدهم . والعَريفُ : القيّم والسيد لمعرفته بسياسة القوم ، وبه فسر بعضهم بيت طَرِيف العَنْبري ، وقد تقدَّم ، وقد عَرَفَ عليهم يَعْرُف عِرافة . والعَريفُ : النَّقِيب وهو دون الرئيس ، والجمع عُرَفاء ، تقول منه : عَرُف فلان ، بالضم ، عَرافة مثل خَطُب خَطابة أَي صار عريفاً ، وإذا أَردت أَنه عَمِلَ ذلك قلت : عَرف فلان علينا سِنين يعرُف عِرافة مثال كتَب يكتُب كِتابة . وفي الحديث : العِرافةُ حَقٌّ والعُرفاء في النار ؛ قال ابن الأَثير : العُرفاء جمع عريف وهو القَيِّم بأُمور القبيلة أَو الجماعة من الناس يَلي أُمورهم ويتعرَّف الأَميرُ منه أَحوالَهُم ، فَعِيل بمعنى فاعل ، والعِرافةُ عَملُه ، وقوله العِرافة حقّ أَي فيها مَصلحة للناس ورِفْق في أُمورهم وأَحوالهم ، وقوله العرفاء في النار تحذير من التعرُّض للرِّياسة لما ذلك من الفتنة ، فإنه إذا لم يقم بحقه أَثمَ واستحق العقوبة ، ومنه حديث طاووس : أنه سأَل ابن عباس ، رضي اللّه عنهما : ما معنى قول الناس : أَهْلُ القرآن عُرفاء أَهل الجنة ؟ فقال : رُؤساء أَهل الجنة ؛ وقال علقمة بن عَبْدَة : بل كلُّ حيّ ، وإن عَزُّوا وإن كَرُموا ، عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ والعُرْف ، بالضم ، والعِرْف ، بالكسر : الصبْرُ ؛ قال أَبو دَهْبَل الجُمَحِيُّ : قل لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ : ما أَحْسَنَ العُِرْفَ في المُصِيباتِ وعرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ : صَبَر ؛ قال قيس بن ذَرِيح : فيا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرافاً لِما تَرى ، ويا حُبَّها قَعْ بالذي أَنْتَ واقِعُ والعارِفُ والعَرُوف والعَرُوفةُ : الصابر . ونَفْس عَروف : حامِلة صَبُور إِذا حُمِلَتْ على أَمر احتَمَلَتْه ؛
وأَنشد ابن الأَعرابي : فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ ، عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بالذلّ بعد النعْمةِ ، ويروى وابْتِحاح من البُحبُوحةِ ، وهذا رواه ابن الأَعرابي . ويقال : نزلت به مُصِيبة فوُجِد صَبوراً عَروفاً ؛ قال الأَزهري : ونفسه عارِفة بالهاء مثله ؛ قال عَنْترة : وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني ، لا يُنْجِني منها الفِرارُ الأَسْرَعُ فصَبَرْتُ عارِفةً لذلك حُرَّةً ، تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ تَرْسو : تَثْبُتُ ولا تَطلَّع إلى الخَلْق كنفْس الجبان ؛ يقول : حَبَسْتُ نَفْساً عارِفةً أَي صابرة ؛ ومنه قوله تعالى : وبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِر ؛
وأَنشد ابن بري لمُزاحِم العُقَيْلي : وقفْتُ بها حتى تَعالَتْ بيَ الضُّحى ، ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوارِفُ المُّبرياتُ : التي في أُنوفِها البُرة ، والعَوارِفُ : الصُّبُر . ويقال : اعْترف فلان إذا ذَلَّ وانْقاد ؛
أَنشد ثعلب : عَرَفَ الحِسانُ لها غُلَيِّمةً ، تَسْعى مع الأَتْرابِ في إتْبِ وقال أعرابي : ما أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لا أُقِرُّ به . وفي حديث عمر : أَطْرَدْنا المعترِفين ؛ هم الذين يُقِرُّون على أَنفسهم بما يجب عليهم فيه الحدّ والتعْزيز . يقال : أَطْرَدَه السلطان وطَرَّده إذا أَخرجه عن بلده ، وطرَدَه إذا أَبْعَده ؛ ويروى : اطْرُدُوا المعترفين كأَنه كره لهم ذلك وأَحبّ أَن يستروه على أَنفسهم . والعُرْفُ : الاسم من الاعْتِرافِ ؛ ومنه قولهم : له عليّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً ، وهو توكيد . ويقال : أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثم اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته من أَنا ؛ قال مُزاحِمٌ العُقَيْلي : فاسْتَعْرِفا ثم قُولا : إنَّ ذا رَحِمٍ هَيْمان كَلَّفَنا من شأْنِكُم عَسِرا فإنْ بَغَتْ آيةً تَسْتَعْرِفانِ بها ، يوماً ، فقُولا لها العُودُ الذي اخْتُضِرا والمَعْرُوف : ضدُّ المُنْكَر . والعُرْفُ : ضدّ النُّكْر . يقال : أَوْلاه عُرفاً أَي مَعْروفاً . والمَعْروف والعارفةُ : خلاف النُّكر . والعُرْفُ والمعروف : الجُود ، وقيل : هو اسم ما تبْذُلُه وتُسْديه ؛ وحرَّك الشاعر ثانيه فقال : إنّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْمِلاً للخَيْرِ ، يُفْشِي في مِصْرِه العُرُفا والمَعْروف : كالعُرْف . وقوله تعالى : وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً ، أَي مصاحباً معروفاً ؛ قال الزجاج : المعروف هنا ما يُستحسن من الأَفعال . وقوله تعالى : وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف ، قيل في التفسير : المعروف الكسْوة والدِّثار ، وأَن لا يقصّر الرجل في نفقة المرأَة التي تُرْضع ولده إذا كانت والدته ، لأَن الوالدة أَرْأَفُ بولدها من غيرها ، وحقُّ كل واحد منهما أَن يأْتمر في الولد بمعروف . وقوله عز وجل : والمُرْسَلات عُرْفاً ؛ قال بعض المفسرين فيها : إنها أُرْسِلَت بالعُرف والإحسان ، وقيل : يعني الملائكة أُرسلوا للمعروف والإحسان . والعُرْفُ والعارِفة والمَعروفُ واحد : ضد النكر ، وهو كلُّ ما تَعْرِفه النفس من الخيْر وتَبْسَأُ به وتَطمئنّ إليه ، وقيل : هي الملائكة أُرسلت مُتتابعة . يقال : هو مُستعار من عُرْف الفرس أَي يتتابَعون كعُرْف الفرس . وفي حديث كعْب بن عُجْرةَ : جاؤوا كأَنَّهم عُرْف أَي يتْبَع بعضهم بعضاً ، وقرئت عُرْفاً وعُرُفاً والمعنى واحد ، وقيل : المرسلات هي الرسل . وقد تكرَّر ذكر المعروف في الحديث ، وهو اسم جامع لكل ما عُرف ما طاعة اللّه والتقرّب إليه والإحسان إلى الناس ، وكل ما ندَب إليه الشرعُ ونهى عنه من المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وهو من الصفات الغالبة أَي أَمْر مَعْروف بين الناس إذا رأَوْه لا يُنكرونه . والمعروف : النَّصَفةُ وحُسْن الصُّحْبةِ مع الأَهل وغيرهم من الناس ، والمُنكَر : ضدّ ذلك جميعه . وفي الحديث : أَهل المعروف في الدنيا هم أَهل المعروف في الآخرة أَي مَن بذل معروفه للناس في الدنيا آتاه اللّه جزاء مَعروفه في الآخرة ، وقيل : أَراد مَن بذل جاهَه لأَصحاب الجَرائم التي لا تبلُغ الحُدود فيَشفع فيهم شفَّعه اللّه في أَهل التوحيد في الآخرة . وروي عن ابن عباس ، رضي اللّه عنهما ، في معناه ، قال : يأْتي أَصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيُغْفر لهم بمعروفهم وتَبْقى حسناتُهم جامّة ، فيُعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة ؛ وقوله أَنشده ثعلب : وما خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى في شَبابِه ، إذا لم يَزِدْه الشَّيْبُ ، حِينَ يَشِيب ؟
قال ابن سيده : قد يكون من المعروف الذي هو ضِد المنكر ومن المعروف الذي هو الجود . ويقال للرجل إذا ولَّى عنك بِوده : قد هاجت مَعارِفُ فلان ؛ ومَعارِفُه : ما كنت تَعْرِفُه من ضَنِّه بك ، ومعنى هاجت أَي يبِست كما يَهيج النبات إذا يبس . والعَرْفُ : الرّيح ، طيّبة كانت أَو خبيثة . يقال : ما أَطْيَبَ عَرْفَه وفي المثل : لا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عن عَرْفِ السَّوْء ؛ ، قال ابن سيده : العَرف الرائحة الطيبة والمُنْتِنة ؛ قال : ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه ، وليس له إلا بني خالِدٍ أَهْلُ وقال البُرَيق الهُذلي في النَّتن : فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذي الصُّماحِ ، كما عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ وعَرَّفَه : طَيَّبَه وزَيَّنَه . والتعْرِيفُ : التطْييبُ من العَرْف . وقوله تعالى : ويُدخِلهم الجنة عرَّفها لهم ، أَي طَيَّبها ؛ قال الشاعر يمدح رجلاً : عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ يقول : كما عَرُفَ الإتْبُ وهو البقِيرُ . قال الفراء : يعرفون مَنازِلهم إذا دخلوها حتى يكون أَحدهم أَعْرَف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أَهله ؛ ، قال الأَزهري : هذا قول جماعة من المفسرين ، وقد ، قال بعض اللغويين عرَّفها لهم أَي طيَّبها . يقال : طعام معرَّف أَي مُطيَّب ؛ قال الأَصمعي في قول الأَسود ابن يَعْفُرَ يَهْجُوَ عقال بن محمد بن سُفين : فتُدْخلُ أَيْدٍ في حَناجِرَ أُقْنِعَتْ لِعادَتِها من الخَزِيرِ المُعَرَّف ؟
قال : أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت للفم ، قال وقال بعضهم في قوله : عَرَّفها لهم ؛ قال : هو وضعك الطعام بعضَه على بعض . ابن الأَعرابي : عَرُف الرجلُ إذا أَكثر من الطِّيب ، وعَرِفَ إذا ترَكَ الطِّيب . وفي الحديث : من فعل كذا وكذا لم يجد عَرْف الجنة أَي ريحَها الطيِّبة . وفي حديث عليّ ، رضي اللّه عنه : حبَّذا أَرض الكوفة أَرضٌ سَواء سَهلة معروفة أَي طيّبة العَرْفِ ، فأَما الذي ورد في الحديث : تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاء يَعْرِفْك في الشدَّة ، فإنَّ معناه أَي اجعله يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فيما أَوْلاك من نِعمته ، فإنه يُجازِيك عند الشدَّة والحاجة إليه في الدنيا والآخرة . وعرَّف طَعامه : أَكثر أُدْمَه . وعرَّف رأْسه بالدُّهْن : رَوَّاه . وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً : بعضُها خلْف بعض . وعُرْف الدِّيك والفَرَس والدابة وغيرها : مَنْبِتُ الشعر والرِّيش من العُنق ، واستعمله الأَصمعي في الإنسان فقال : جاء فلان مُبْرَئلاً للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه ، والجمع أَعْراف وعُروف . والمَعْرَفة ، بالفتح : مَنْبِت عُرْف الفرس من الناصية إلى المِنْسَج ، وقيل : هو اللحم الذي ينبت عليه العُرْف . وأَعْرَفَ الفَرسُ : طال عُرفه ، واعْرَورَفَ : صار ذا عُرف . وعَرَفْتُ الفرس : جزَزْتُ عُرْفَه . وفي حديث ابن جُبَير : ما أَكلت لحماً أَطيَبَ من مَعْرَفة البِرْذَوْن أَي مَنْبت عُرْفه من رَقَبته . وسَنام أَعْرَفُ : طويل ذو عُرْف ؛ قال يزيد بن الأَعور الشني : مُسْتَحْملاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى وناقة عَرْفاء : مُشْرِفةُ السَّنام . وناقة عرفاء إذا كانت مذكَّرة تُشبه الجمال ، وقيل لها عَرْفاء لطُول عُرْفها . والضَّبُع يقال لها عَرْفاء لطول عُرفها وكثرة شعرها ؛
وأَنشد ابن بري للشنْفَرَى : ولي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ ، وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاء جَيأَلُ وقال الكميت : لها راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ منهما : أَبو جَعْدةَ العادِي ، وعَرْفاء جَيْأَلُ وضَبُع عَرفاء : ذات عُرْف ، وقيل : كثيرة شعر العرف . وشيء أَعْرَفُ : له عُرْف . واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ : تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فصار له كالعُرف . واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إذا صار له من الزبَد شبه العرف ؛ قال الهذلي يصف طَعْنَة فارتْ بدم غالب : مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة ، تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ (* قوله « الفلوّ » بالفاء المهر ، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين .) واعْرَوْرَفَ فلان للشرّ كقولك اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّاَ . وعُرْف الرمْل والجبَل وكلّ عالٍ ظهره وأَعاليه ، والجمع أَعْراف وعِرَفَة (* قوله « وعرفة » كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح .) وقوله تعالى : وعلى الأَعْراف رِجال ؛ الأَعراف في اللغة : جمع عُرْف وهو كل عال مرتفع ؛ قال الزجاج : الأَعْرافُ أَعالي السُّور ؛ قال بعض المفسرين : الأعراف أَعالي سُور بين أَهل الجنة وأَهل النار ، واختلف في أَصحاب الأَعراف فقيل : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات ، فكانوا على الحِجاب الذي بين الجنة والنار ، قال : ويجوز أَن يكون معناه ، واللّه أَعلم ، على الأَعراف على معرفة أَهل الجنة وأَهل النار هؤلاء الرجال ، فقال قوم : ما ذكرنا أَن اللّه تعالى يدخلهم الجنة ، وقيل : أَصحاب الأعراف أَنبياء ، وقيل : ملائكة ومعرفتهم كلاً بسيماهم أَنهم يعرفون أَصحاب الجنة بأَن سيماهم إسفار الوجُوه والضحك والاستبشار كما ، قال تعالى : وجوه يومئذ مُسْفرة ضاحكة مُستبشرة ؛ ويعرِفون أَصحاب النار بسيماهم ، وسيماهم سواد الوجوه وغُبرتها كما ، قال تعالى : يوم تبيضُّ وجوه وتسودّ وجوه ووجوه يومئذ عليها غَبَرة ترهَقها قترة ؛ قال أَبو إسحق : ويجوز أَن يكون جمعه على الأَعراف على أَهل الجنة وأَهل النار . وجبَل أَعْرَفُ : له كالعُرْف . وعُرْفُ الأَرض : ما ارتفع منها ، والجمع أَعراف . وأَعراف الرِّياح والسحاب : أَوائلها وأَعاليها ، واحدها عُرْفٌ . وحَزْنٌ أَعْرَفُ : مرتفع . والأَعرافُ : الحَرْث الذي يكون على الفُلْجانِ والقَوائدِ . والعَرْفةُ : قُرحة تخرج في بياض الكف . وقد عُرِف ، وهو مَعْروف : أَصابته العَرْفةُ . والعُرْفُ : شجر الأُتْرُجّ . والعُرف : النخل إذا بلغ الإطْعام ، وقيل : النخلة أَوَّل ما تطعم . والعُرْفُ والعُرَفُ : ضرب من النخل بالبحرَيْن . والأعراف : ضرب من النخل أَيضاً ، وهو البُرْشُوم ؛
وأَنشد بعضهم : نَغْرِسُ فيها الزَّادَ والأَعْرافا ، والنائحي مسْدفاً اسُدافا (* قوله « والنائحي إلخ » كذا بالأصل .) وقال أَبو عمرو : إذا كانت النخلة باكوراً فهي عُرْف . والعَرْفُ : نَبْت ليس بحمض ولا عِضاه ، وهو الثُّمام . والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ : دُوَيْبّةٌ صغيرة تكون في الرَّمْل ، رمْلِ عالِج أَو رمال الدَّهْناء . وقال أَبو حنيفة : العُرُفَّان جُنْدَب ضخم مثل الجَرادة له عُرف ، ولا يكون إلا في رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ . وعُرُفَّانُ : جبل . وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ : اسم . وعَرَفةُ وعَرَفاتٌ : موضع بمكة ، معرفة كأَنهم جعلوا كل موضع منها عرفةَ ، ويومُ عرفةَ غير منوّن ولا يقال العَرفةُ ، ولا تدخله الأَلف واللام . قال سيبويه : عَرفاتٌ مصروفة في كتاب اللّه تعالى وهي معرفة ، والدليل على ذلك قول العرب : هذه عَرفاتٌ مُبارَكاً فيها ، وهذه عرفات حسَنةً ، قال : ويدلك على معرفتها أَنك لا تُدخل فيها أَلفاً ولاماً وإنما عرفات بمنزلة أَبانَيْنِ وبمنزلة جمع ، ولو كانت عرفاتٌ نكرة لكانت إذاً عرفاتٌ في غير موضع ، قيل : سمي عَرفةَ لأَن الناس يتعارفون به ، وقيل : سمي عَرفةَ لأَن جبريل ، عليه السلام ، طاف بإبراهيم ، عليه السلام ، فكان يريه المَشاهِد فيقول له : أَعرفْتَ أَعرفت ؟ فيقول إبراهيم : عرفت عرفت ، وقيل : لأَنّ آدم ، صلى اللّه على نبينا وعليه السلام ، لما هبط من الجنة وكان من فراقه حوَّاء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عَرَفها وعرَفَتْه . والتعْريفُ : الوقوف بعرفات ؛ ومنه قول ابن دُرَيْد : ثم أَتى التعْريفَ يَقْرُو مُخْبِتاً تقديره ثم أَتى موضع التعريف فحذف المضاف وأَقام المضاف إليه مقامه . وعَرَّف القومُ : وقفوا بعرفة ؛ قال أَوْسُ بن مَغْراء : ولا يَريمون للتعْرِيفِ مَوْقِفَهم حتى يُقال : أَجيزُوا آلَ صَفْوانا (* قوله « صفوانا » هو هكذا في الأصل ، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً على الجوهري .) وهو المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات . وفي حديث ابن عباس ، رضي اللّه عنهما : ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق وذلك بعد المُعَرَّفِ ، يريد بعد الوُقوف بعرفةَ . والمُعَرَّفُ في الأَصل : موضع التعْريف ويكون بمعنى المفعول . قال الجوهري : وعَرَفات موضع بِمنًى وهو اسم في لفظ الجمع فلا يُجْمع ، قال الفراء : ولا واحد له بصحة ، وقول الناس : نزلنا بعَرفة شَبيه بمولَّد ، وليس بعربي مَحْض ، وهي مَعْرِفة وإن كان جمعاً لأَن الأَماكن لا تزول فصار كالشيء الواحد ، وخالف الزيدِين ، تقول : هؤلاء عرفاتٌ حسَنةً ، تَنْصِب النعتَ لأَنه نكِرة وهي مصروفة ، قال اللّه تعالى : فإذا أَفَضْتُم من عَرفاتٍ ؛ ، قال الأَخفش : إنما صرفت لأَن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مُسلِمين ومسلمون لأنه تذكيره ، وصار التنوين بمنزلة النون ، فلما سمي به تُرِك على حاله كما تُرِك مسلمون إذا سمي به على حاله ، وكذلك القول في أَذْرِعاتٍ وعاناتٍ وعُرَيْتِنات والعُرَفُ : مَواضِع منها عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ صارةَ . والعُرُفُ : موضع ، وقيل جبل ؛ قال الكميت : أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ ، وما أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ ؟ (* قوله « أهاجك » في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك .) واستشهد الجوهري بهذا البيت على قوله العُرْف . والعُرُفُ : الرمل المرتفع ؛ قال : وهو مثل عُسْر وعُسُر ، وكذلك العُرفةُ ، والجمع عُرَف وأَعْراف . والعُرْفَتانِ : ببلاد بني أَسد ؛ وأَما قوله أَنشده يعقوب في البدل : وما كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بينهم ، ولا حين جَدّ الجِدُّ ممّن تَغَيَّبا فليس عرَّف فيه من هذا الباب إنما أَراد أَرَّث ، فأَبدل الأَلف لمكان الهمزة عيْناً وأَبدل الثاء فاء . ومَعْروف : اسم فرس الزُّبَيْر بن العوّام شهد عليه حُنَيْناً . ومعروف أَيضاً : اسم فرس سلمةَ بن هِند الغاضِريّ من بني أَسد ؛ وفيه يقول : أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عليهم كأَنه ، إذا ازْوَرَّ من وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ ومَعْرُوف : وادٍ لهم ؛
أَنشد أَبو حنيفة : وحتى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى في لَوِيِّهِ أَساريعُ مَعْروفٍ ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ وذكر في ترجمة عزف : أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تَعازَفَت الأَنصار يوم بُعاث ، قال : وتروى بالراء المهملة أَي تَفاخَرَتْ . "
المعجم: لسان العرب
سمع
" السَّمْعُ : حِسُّ الأُذن . وفي التنزيل : أَو أَلقى السمْع وهو شهيد ؛ وقال ثعلب : معناه خَلا له فلم يشتغل بغيره ؛ وقد سَمِعَه سَمْعاً وسِمْعاً وسَماعاً وسَماعةً وسَماعِيةً . قال اللحياني : وقال بعضهم السَّمْعُ المصدر ، والسِّمع : الاسم . والسَّمْعُ أَيضاً : الأُذن ، والجمع أَسْماعٌ . ابن السكيت : السَّمْعُ سَمْعُ الإِنسان وغيره ، يكون واحداً وجمعاً ؛ وأَما قول الهذلي : فلمَّا رَدَّ سامِعَه إِليه ، وجَلَّى عن عَمايَتِه عَماهُ فإِنه عنى بالسامِع الأُذن وذكّر لمكان العُضْو ، وسَمَّعه الخبر وأَسْمعه إِيّاه . وقوله تعالى : واسْمَعْ غيرَ مُسْمَع ؛ فسره ثعلب فقال : اسْمَعْ لا سَمِعْتَ . وقوله تعالى : إِنْ تُسْمِعُ إِلا من يؤْمِنُ بآياتنا ؛ أَي ما تُسمع إِلا من يؤمن بها ، وأَراد بالإِسماعِ ههنا القبول والعمل بما يسمع ، لأِنه إِذا لم يقبل ولم يعمل فهو بمنزلة من لم يسمع . وسَمَّعَه الصوت وأَسمَعه : اسْتَمَعَ له . وتسَمَّع إِليه : أَصْغى ، فإِذا أَدْغَمْت قلت اسَّمَّعَ إِليه ، وقرئ : لا يَسَّمَّعون إِلى الملإِ الأَعلى . يقال تَسَمَّعت إِليه وسَمِعْتُ إِليه وسَمِعْتُ له ، كله بمعنى لأَنه تعالى ، قال : لا تَسْمَعوا لهذا القرآن ، وقرئ : لا يَسْمَعُون إِلى الملإِ الأَعلى ، مخففاً . والمِسْمَعةُ والمِسْمَعُ والمَسْمَعُ ؛ الأَخيرة عن ابن جبلة : الأُذن ، وقيل : المَسْمَعُ خَرْقُها الذي يُسْمَعُ به ومَدْخَلُ الكلام فيها . يقال : فلان عظيم المِسْمَعَيْن والسامِعَتَيْنِ . والسامِعتانِ : الأُذنان من كل شيء ذي سَمْعٍ . والسامِعةُ : الأُذن ؛ قال طرفة يصف أُذن ناقته : مُؤَلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما ، كَسامِعَتَيْ شاةٍ بحَومَلَ مُفْرَدِ
ويروى : وسامِعتانِ . وفي الحديث : ملأَ الله مَسامِعَه ؛ هي جمع مِسْمع وهو آلةُ السَّمع أَو جمع سمع على غير قياس كمَشابِهَ ومَلامِحَ ؛ ومنه حديث أَبي جهل : إِنَّ محمداً نزل يَثْرِبَ وإِنه حَنِقَ عليكم نَفَيْتُموه نَفْي القُراد عن المَسامِع ، يعني عن الآذان ، أَي أَخرجتموه من مكة إِخراج استِئْصالٍ لأَن أَخذ القراد عن الدابة قلعُه باكللية ، والأُذن أَخَفُّ الأَعضاء شعَراً بل أَكثرها لا شعَر عليه (* أعاد الضمير في عليه الى العضو ، واحد الأعضاء ، لا الى الأذن ، فلذلك ذكّره .)، فيكون النزع منها أَبلغ . وقالوا : هو مني مَرأًى ومَسْمَعٌ ، يرفع وينصب ، وهو مِني بمَرأًى ومَسْمَعٍ . وقالوا : ذلك سَمْعَ أُذُني وسِمْعَها وسَماعَها وسَماعَتَها أَي إِسْماعَها ؛
قال : سَماعَ اللهِ والعُلَماءِ أَنِّي أَعْوذُ بخَيْرِ خالِك ، يا ابنَ عَمْرِو أَوقَعَ الاسم موقع المصدر كأَنه ، قال إِسماعاً كما ، قال : وبَعْدَ عَطائِك المائةَ الرِّتاعا أَي إِعطائِك . قال سيبويه : وإِن شئت قلت سَمْعاً ، قال ذلك إِذا لم تَخْتَصِصْ نفْسَك . وقال اللحياني : سَمْعُ أُذني فلاناً يقول ذلك ، وسِمْعُ أُذني وسَمْعةُ أُذني فرفع في كل ذلك . قال سيبويه : وقالوا أَخذت ذلك عنه سَماعاً وسَمْعاً ، جاؤوا بالمصدر على غير فعله ، وهذا عنده غير مطرد ، وتَسامَعَ به الناس . وقولهم : سَمْعَكَ إِليَّ أَي اسْمَعْ مِني ، وكذلك قولهم : سَماعِ أَي اسْمَعْ مثل دَراكِ ومَناعِ بمعنى أَدْرِكْ وامْنَعْ ؛ قال ابن بري : شاهده قول الشاعر : فسَماعِ أَسْتاهَ الكِلابِ سَماع ؟
قال : وقد تأْتي سَمِعْتُ بمعنى أَجَبْتُ ؛ ومنه قولهم : سَمِعَ الله لمن حَمِدَه أَي أَجاب حَمْده وتقبّله . يقال : اسْمَعْ دُعائي أَي أَجِبْ لأَن غرض السائل الإِجابةُ والقَبُولُ ؛ وعليه ما أَنشده أَبو زيد : دَعَوْتُ اللهَ ، حتى خِفْتُ أَن لا يكونَ اللهُ يَسْمَعُ ما أَقولُ وقوله : أَبْصِرْ به وأَسْمِعْ أَي ما أَبْصَرَه وما أَسْمَعَه على التعجب ؛ ومنه الحديث : اللهم إِني أَعوذ بك من دُعاء لا يُسْمعُ أَي لا يُستجاب ولا يُعْتَدُّ به فكأَنه غير مَسْموع ؛ ومنه الحديث : سَمِعَ سامِعٌ بحمدِ الله وحُسْنِ بلائه علينا أَي لِيَسْمَعِ السامِعُ ولِيَشْهَدِ الشاهِدُ حَمْدَنا اللهَ تعالى على ما أَحسَن إِلينا وأَوْلانا من نعمه ، وحُسْنُ البلاء النِّعْمةُ والاخْتِبارُ بالخير ليتبين الشكر ، وبالشرّ ليظهر الصبر . وفي حديث عمرو بن عَبْسة ، قال له : أَيُّ الساعاتِ أَسْمَعُ ؟، قال : جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَي أَوْفَقُ لاستماع الدعاء فيه وأَوْلى بالاستجابة وهو من باب نهارُه صائم وليله قائم . ومنه حديث الضحّاك : لما عرض عليه الإِسلام ، قال : فسمعتُ منه كلاماً لم أَسْمَعْ قط قولاً أَسْمَعَ منه ؛ يريد أَبْلَغَ وأَنْجَعَ في القلب . وقالوا : سَمْعاً وطاعة ، فنصبوه على إِضْمار الفعل غير المستعمل إِظهاره ، ومنهم من يرفعه أَي أَمري ذلك والذي يُرْفَعُ عليه غير مستعمل إِظهاره كما أَنّ الذي ينصب عليه كذلك . ورجل سَمِيعٌ : سامِعٌ ، وعَدَّوْه فقالوا : هو سميع قوْلَكَ وقَوْلَ غيرِك . والسميع : من صفاته عز وجل ، وأَسمائه لا يَعْزُبُ عن إِدْراكِه مسموع ، وإِن خفي ، فهو يسمع بغير جارحة . وفَعِيلٌ : من أَبْنِيةِ المُبالغة . وفي التنزيل : وكان الله سميعاً بصيراً ، وهو الذي وَسِعَ سَمْعُه كل شيء كما ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ، وقال في موضع آخر : أَم يحسبون أَنَّا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ؛ قال الأَزهري : والعجب من قوم فسَّروا السميعَ بمعنى المُسْمِع فِراراً من وصف الله بأَن له سَمْعاً ، وقد ذكر الله الفعل في غير موضع من كتابه ، فهو سَمِيعٌ ذو سَمْعٍ بلا تَكيِيفٍ ولا تشبيه بالسمع من خلقه ولا سَمْعُه كسَمْعِ خلقه ، ونحن نصف الله بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تكييف ، قال : ولست أُنكر في كلام العرب أَن يكون السميع سامِعاً ويكون مُسْمِعاً ؛ وقد ، قال عمرو بن معديكرب : أَمِنْ رَيْحانةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ يُؤَرِّقُني ، وأَصحابي هُجُوعُ ؟ فهو في هذا البيت بمعنى المُسْمِعِ وهو شاذّ ، والظاهر الأَكثر من كلام العرب أَن يكون السميعُ بمعنى السامِعِ مثل علِيمٍ وعالِم وقدِير وقادِرٍ . ومُنادٍ سَمِيعٌ : مُسْمِعٌ كخبير ومُخْبر ؛ وأُذن سَمْعةٌ وسَمَعَةٌ وسَمِعةٌ وسَمِيعةٌ وسامِعةٌ وسَمّاعةٌ وسَمُوعةٌ . والسَّمِيع : المَسْمُوعُ أَيضاً . والسَّمْعُ : ما وَقَر في الأُذن من شيء تسمعه . ويقال : ساءَ سَمْعاً فأَساءَ إِجابةً أَي لم يَسْمَعْ حسَناً . ورجل سَمّاعٌ إِذا كان كثير الاستماع لما يُقال ويُنْطَقُ به . قال الله عز وجل : سَمّاعون للكذب ، فُسّر قوله سماعون للكذب على وجهين : أَحدهما أَنهم يسمعون لكي يكذبوا فيما سمعوا ، ويجوز أَن يكون معناه أَنهم يسمعون الكذب ليشيعوه في الناس ، والله أَعلم بما أَراد . وقوله عز وجل : ختمَ الله على قلوبِهم وعلى سَمْعِهم وعلى أَبصارهم غشاوة ، فمعنى خَتَمَ طَبَع على قلوبهم بكفرهم وهم كانوا يسمعون ويبصرون ولكنهم لم يستعملوا هذه الحواسّ استعمالاً يُجْدِي عليهم فصاروا كمن لم يسمع ولم يُبْصِرْ ولم يَعْقِلْ كما ، قالوا : أَصَمّ عَمّا ساءَه سَمِيع وقوله على سَمْعِهم فالمراد منه على أَسماعهم ، وفيه ثلاثة أَوجه : أَحدها أَن السمع بمعنى المصدر يوحّد ويراد به الجمع لأَن المصادر لا تجمع ، والثاني أَن يكون المعنى على مواضع سمعهم فحذفت المواضع كما تقول هم عَدْل أَي ذوو عدل ، والثالث أَن تكون إِضافته السمع إِليهم دالاًّ على أَسماعِهم كما ، قال : في حَلْقِكُم عَظْمٌ وقد شَجِينا معناه في حُلوقكم ، ومثله كثير في كلام العرب ، وجمع الأَسْماعِ أَسامِيعُ . وحكى الأَزهري عن أَبي زيد : ويقال لجميع خروق الإِنسان عينيه ومَنْخِرَيْهِ واسْتِه مَسامِعُ لا يُفْرَدُ واحدها . قال الليث : يقال سَمِعَتْ أُذُني زيداً يفعل كذا وكذا أَي أَبْصَرْتُه بعيني يفعل ذلك ؛ قال الأَزهري : لا أَدري من أَين جاء الليث بهذا الحرف وليس من مذاهب العرب أَن يقول الرجل سَمِعَتْ أُذُني بمعنى أَبْصَرَتْ عيني ، قال : وهو عندي كلام فاسد ولا آمَنُ أَن يكون ولَّدَه أَهل البِدَع والأَهواء . والسِّمْعُ والسَّمْعُ ؛ الأَخيرة عن اللحياني ، والسِّماعُ ، كله : الذِّكْرُ المَسْمُوعُ الحسَن الجميلُ ؛
قال : أَلا يا أُمَّ فارِعَ لا تَلُومِي * على شيءٍ رَفَعْتُ به سَماعي
ويقال : ذهب سمْعُه في الناس وصِيتُه أَي ذكره . وقال اللحياني : هذا أَمر ذو سِمْع وذو سَماع إِمّا حسَنٌ وإِمَّا قَبِيحٌ . ويقال : سَمَّعَ به إِذا رَفَعَه من الخُمول ونَشَرَ ذِكْرَه . والسَّماعُ : ما سَمَّعْتَ به فشاع وتُكُلِّمَ به . وكلُّ ما التذته الأُذن من صَوْتٍ حَسَنٍ سماع . والسَّماعُ : الغِناءُ . والمُسْمِعةُ : المُغَنِّيةُ . ومن أَسماء القيدِ المُسْمِعُ ؛ وقوله أَنشده ثعلب : ومُسْمِعَتانِ وزَمَّارةٌ ، وظِلٌّ مَدِيدٌ ، وحِصْنٌ أَنِيق فسره فقال : المُسْمِعَتانِ القَيْدانِ كأَنهما يُغَنِّيانه ، وأَنث لأَنّ أَكثر ذلك للمرأَة . والزَّمّارةُ : السّاجُور . وكتب الحجاج إِلى عامل له أَن ابعث إِليّ فلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أَي مُقَيَّداً مُسَوْجَراً ، وكل ذلك على التشبيه . وفَعَلْتُ ذلك تَسْمِعَتَك وتَسْمِعةً لك أَي لِتَسْمَعَه ؛ وما فعَلْت ذلك رِياءً ولا سَمْعةً ولا سُمْعةً . وسَمَّعَ به : أَسمَعَه القبيحَ وشَتَمَه . وتَسامَعَ به الناسُ وأَسمَعَه الحديثَ وأَسمَعَه أَي شتَمه . وسَمَّعَ بالرجل : أَذاعَ عنه عَيْباً ونَدَّدَ به وشَهَّرَه وفضَحَه ، وأَسمَعَ الناسَ إِياه . قال الأَزهري : ومن التَّسْمِيعِ بمعنى الشتم وإِسماع القبيح قوله ، صلى الله عليه وسلم : مَنْ سَمَّعَ بِعَبْدٍ سَمَّعَ الله به . أَبو زيد : شَتَّرْتُ به تَشْتِيراً ، ونَدَّدْتُ به ، وسَمَّعْتُ به ، وهَجَّلْتُ به إِذا أَسْمَعْتَه القبيحَ وشَتَمْتَه . وفي الحديث : من سَمَّعَ الناسَ بعَمَلِه سَمَّعَ اللهُ به سامِعُ خَلْقِه وحَقَّرَه وصَغَّرَه ، وروي : أَسامِعَ خَلْقِه ، فَسامِعُ خَلْقه بدل من الله تعالى ، ولا يكون صفة لأَنَّ فِعْله كلَّه حالٌ ؛ وقال الأَزهري : من رواه سامِعُ خلقه فهو مرفوع ، أَراد سَمَّعَ اللهُ سامِعُ خلقه به أَي فضَحَه ، ومن رواه أَسامِعَ خَلْقِه ، بالنصب ، كَسَّرَ سَمْعاً على أَسْمُع ثم كسَّر أَسْمُعاً على أَسامِعَ ، وذلك أَنه جعل السمع اسماً لا مصدراً ولو كان مصدراً لم يجمعه ، يريد أَن الله يُسْمِع أَسامِعَ خلقه بهذا الرجل يوم القيامة ، وقيل : أَراد من سَمَّع الناسَ بعمله سَمَّعه الله وأَراه ثوابه من غير أَن يعطيه ، وقيل : من أَراد بعمله الناس أَسمعه الله الناس وكان ذلك ثوابه ، وقيل : من أَراد أَن يفعل فعلاً صالحاً في السرّ ثم يظهره ليسمعه الناس ويحمد عليه فإِن الله يسمع به ويظهر إِلى الناس غَرَضَه وأَن عمله لم يكن خالصاً ، وقيل : يريد من نسب إِلى نفسه عملاً صالحاً لم يفعله وادّعى خيراً لم يصنعه فإِن الله يَفْضَحُه ويظهر كذبه ؛ ومنه الحديث : إِنما فَعَله سُمْعةً ورياءً أَي لِيَسْمَعَه الناسُ ويَرَوْه ؛ ومنه الحديث : قيل لبعض الصحابة لِمَ لا تُكَلِّمُ عثمان ؟، قال : أَتُرَوْنَني أُكَلِّمُه سَمْعكُم أَي بحيث تسمعون . وفي الحديث عن جندب البَجَلِيّ ، قال : سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول من سَمَّعَ يُسَمِّعُ الله به ، ومن يُرائي يُرائي اللهُ به . وسَمِّع بفلان أَي ائت إِليه أَمراً يُسْمَعُ به ونوِّه بذكره ؛ هذه عن اللحياني . وسَمَّعَ بفلان بالناس : نَوَّه بذكره . والسُّمْعةُ : ما سُمِّعَ به من طعام أَو غير ذلك رِياء ليُسْمَعَ ويُرى ، وتقول : فعله رِياءً وسمعة أَي ليراه الناس ويسمعوا به . والتسْمِيعُ : التشْنِيعُ . وامرأَة سُمْعُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ وسِمْعَنَةٌ ، بالتخفيف ؛ الأَخيرة عن يعقوب ، أَي مُسْتَمِعةٌ سِمّاعةٌ ؛
ويروى : سُمْعُنَّةً نُظْرُنَّةً ، بالضم ، وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَبَصَّرَت فلم ترَ شيئاً تَظَنَّتْه تَظَنِّياً أَي عَمِلَتْ بالظنّ ، وكان الأَخفش يكسر أَولهما ويفتح ثالثهما ، وقال اللحياني : سُمْعُنّةٌ نُظْرُنَّةٌ وسِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّةٌ أَي جيدة السمع والنظر . وقوله : أَبْصِرْ به وأَسْمِعْ ، أَي ما أَسْمَعَه وما أَبصَرَه على التعجب . ورجل سِمْعٌ يُسْمَعُ . وفي الدعاء : اللهم سِمْعاً لا بِلْغاً ، وسَمْعاً لا بَلْغاً ، وسِمْعٌ لا بِلْغٌ ، وسَمْعٌ لا بَلْغ ، معناه يُسْمَعُ ولا يَبْلُغُ ، وقيل : معناه يُسْمَعُ ولايحتاجُ أَن يُبَلَّغَ ، وقيل : يُسْمَعُ به ولا يَتِمُّ . الكسائي : إِذا سمع الرجل الخبر لا يعجبه ، قال : سِمْعٌ ولا بِلْغ ، وسَمْع لا بَلْغ أَي أَسمع بالدّواهي ولا تبلغني . وسَمْعُ الأَرضِ وبَصَرُها : طُولُها وعَرْضها ؛ قال أَبو عبيد : ولا وجه له إِنما معناه الخَلاء . وحكى ابن الأَعرابي : أَلقى نفسه بين سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها إِذا غَرَّرَ بها وأَلقاها حيث لا يُدْرى أَين هو . وفي حديث قَيْلة : أَن أُختها ، قالت : الوَيْلُ لأُختي لا تُخْبِرْها بكذا فتخرجَ بين سمع الأَرض وبصرها ، وفي النهاية : لا تُخبِرْ أُخْتي فتَتَّبِعَ أَخا بكر بن وائل بين سمع الأَرض وبصرها . يقال : خرج فلان بين سمع الأَرض وبصرها إِذا لم يَدْرِ أَين يتوجه لأَنه لا يقع على الطريق ، وقيل : أَرادت بين سمع أَهل الأَرض وبصرهم فحذفت الأَهل كقوله تعالى : واسأَل القريةَ ، أَي أَهلها . ويقال للرجل إِذا غَرَّرَ بنفسه وأَلقاها حيث لا يُدْرى أَين هو : أَلقى نفسه بين سمع الأَرض وبصرها . وقال أَبو عبيد : معنى قوله تخرج أُختي معه بين سمع الأَرض وبصرها ، أَن الرجل يخلو بها ليس معها أَحد يسمع كلامها ويبصرها إِلا الأَرضُ القَفْرُ ، ليس أَن الأَرض لها سَمْع ، ولكنها وكَّدت الشَّناعة في خَلْوتِها بالرجل الذي صَحِبها ؛ وقال الزمخشري : هو تمثيل أَي لا يسمع كلامهما ولا يبصرهما إِلا الأَرض تعني أُختها ، والبكْريّ الذي تَصْحَبُه . قال ابن السكيت : يقال لقيته بين سَمْعِ الأَرضِ وبَصَرِها أَي بأَرض ما بها أَحد . وسَمِعَ له : أَطاعه . وفي الخبر : أَن عبد الملك بن مَرْوان خطب يومَاً فقال : ولِيَكُم عُمَرُ بن الخطاب ، وكان فَظًّا غَلِيظاً مُضَيِّقاً عليكم فسمعتم له . والمِسمَع : موضع العُروة من المَزادة ، وقيل : هو ما جاوز خَرْتَ العُروة ، وقيل : المِسْمَعُ عُروة في وسَط الدلو والمَزادةِ والإِداوةِ ، يجعل فيها حبل لِتَعْتَدِلَ الدلو ؛ قال عبد الله بن أَوفى : نُعَدِّلُ ذا المَيْلِ إِنْ رامَنا ، كما عُدِّلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ وأَسمَعَ الدلوَ : جعل لها عروة في أَسفلها من باطن ثم شدّ حبلاً إِلى العَرْقُوةِ لتخف على حاملها ، وقيل : المِسْمَعُ عُروة في داخل الدلو بإِزائها عروة أُخرى ، فإِذا استثقل الشيخ أَو الصبي أَن يستقي بها جمعوا بين العروتين وشدوهما لتخِفّ ويَقِلَّ أَخذها للماء ، يقال منه : أَسْمَعْتُ الدلو ؛ قال الراجز : أَحْمَر غَضْب لا يبالي ما اسْتَقَى ، لا يُسْمِعُ الدَّلْو ، إِذا الوِرْدُ التَقَى وقال : سأَلْت عَمْراً بعد بَكْرٍ خُفّا ، والدَّلْوُ قد تُسْمَعُ كَيْ تَخِفّا يقول : سأَله بكراً من الإِبل فلم يعطه فسأَله خُفًّا أَي جَمَلاً مُسِنًّا . والمِسْمَعانِ : جانبا الغَرْب . والمِسمَعانِ : الخَشَبتانِ اللتان تُدْخَلانِ في عُرْوَتي الزَّبِيلِ إِذا أُخرج به التراب من البئر ، وقد أَسْمَعَ الزَّبِيلَ . قال الأَزهريّ : وسمعت بعض العرب يقول للرجلين اللذين ينزعان المِشْآة من البئر يترابها عند احتفارها : أَسْمِعا المِشآة أَي أَبيناها عن جُول الركية وفمها . قال الليث : السَّمِيعانِ من أَدَواتِ الحَرَّاثين عُودانِ طوِيلانِ في المِقْرَنِ الذي يُقْرَنُ به الثور أَي لحراثة الأَرض . والمِسْمَعانِ : جَوْرَبانِ يَتَجَوْرَبُ بهما الصائدُ إِذا طلب الظباء في الظهيرة . والسِّمْعُ : سَبُع مُرَكَّبٌ ، وهو ولَد الذِّئب من الضَّبُع . وفي المثل : أَسمَعُ من السِّمْعِ الأَزَلِّ ، وربما ، قالوا : أَسمَعُ من سِمْع ؛ قال الشاعر : تَراهُ حَدِيدَ الطَّرْفِ أَبْلَجَ واضِحاً ، أَغَرَّ طَوِيلَ الباعِ ، أَسْمَعَ من سِمْعِ والسَّمَعْمَعُ : الصغير الرأْس والجُثَّةِ الداهيةُ ؛ قال ابن بري شاهده قول الشاعر : كأَنَّ فيه وَرَلاً سَمَعْمَعا وقيل : هو الخفيفُ اللحمِ السريعُ العملِ الخبيثُ اللَّبِقُ ، طال أَو قَصُر ، وقيل : هو المُنْكَمِشُ الماضي ، وهو فَعَلْعَلٌ . وغُول سَمَعْمَعٌ وشيطان سَمَعْمَعٌ لخُبْثِه ؛
قال : ويْلٌ لأَجْمالِ العَجُوزِ مِنِّي ، إِذا دَنَوْتُ أَو دَنَوْنَ منِّي ، كأَنَّني سَمَعْمَعٌ مِن جِنِّ لم يقنع بقوله سمعمع حتى ، قال من جن لأَن سمعمع الجن أَنْكَرُ وأَخبث من سمعمع الإِنس ؛ قال ابن جني : لا يكون رويُّه إِلا النون ، أَلا ترى أَن فيه من جِنّ والنون في الجن لا تكون إِلا رويّاً لأَن الياء بعدها للإِطلاق لا محالة ؟ وفي حديث علي : سَمَعْمَعٌ كأَنَّني من جِنِّ أَي سريع خفيف ، وهو في وصف الذئب أَشهر . وامرأَة سَمَعْمَعةٌ : كأَنها غُولٌ أَو ذئبة ؛ حدّث عوانة أَن المغيرة سأَل ابن لسان الحمرة عن النساء فقال : النساء أَرْبَع : فَرَبِيعٌ مَرْبَع ، وجَمِيعٌ تَجْمَع ، وشيطانٌ سَمَعْمَع ، ويروى : سُمَّع ، وغُلٌّ لا يُخْلَع ، فقال : فَسِّرْ ، قال : الرَّبِيعُ المَرْبَع الشابّةُ الجميلة التي إِذا نظرت إِليها سَرَّتْك وإِذا أَقسَمْتَ عليها أَبَرَّتْك ، وأَما الجميع التي تجمع فالمرأَة تتزوجها ولك نَشَب ولها نشَب فتجمع ذلك ، وأَما الشيطان السَّمَعْمَعُ فهي الكالحة في وجهك إِذا دخلت المُوَلْوِلَةُ في إِثْرك إِذا خرجت . وامرأَة سَمَعْمَعةٌ : كأَنها غُول . والشيطانُ الخَبِيث يقال له السَّمَعْمَعُ ، قال : وأَما الغُلُّ الذي لا يُخْلَعُ فبنت عمك القصيرة الفَوْهاء الدَّمِيمةُ السوداء التي نثرت لك ذا بطنها ، فإِن طلقتها ضاع ولدك ، وإِن أَمْسَكْتها أَمسَكْتَها على مِثْلِ جَدْعِ أَنفك . والرأْس السَّمَعْمَعُ : الصغير الخفيف . وقال بعضهم : غُولٌ سُمَّعٌ خفيفُ الرأْس ؛ وأَنشد شمر : فَلَيْسَتْ بِإِنسانٍ فَيَنْفَعَ عَقْلُه ، ولكِنَّها غُولٌ مِن الجِنِّ سُمَّعُ وفي حديث سفيان بن نُبَيح الهذلي : ورأْسُه متَمرِّقُ الشعر سَمَعْمَعٌ أَي لطيف الرأْس . والسَّمَعْمَعُ والسَّمْسامُ من الرجال : الطويل الدقيقُ ، وامرأَة سَمَعْمَعةٌ وسَمْسامةٌ . ومِسْمَعٌ : أَبو قبيلة يقال لهم المَسامِعةُ ، دخلت فيه الهاء للنسب . وقال اللحياني : المَسامِعةُ من تَيْمِ اللاَّتِ . وسُمَيْعٌ وسَماعةُ وسِمْعانُ : أَسماء . وسِمْعانُ : اسم الرجل المؤمن من آل فرعون ، وهو الذي كان يَكْتُمُ إِيمانَه ، وقيل : كان اسمه حبيباً . والمِسْمَعانِ : عامر وعبد الملك ابنا مالك بن مِسْمَعٍ ؛ هذا قول الأَصمعي ؛ وأَنشد : ثَأَرْتُ المِسْمَعَيْنِ وقُلْتُ : بُوآ بِقَتْلِ أَخِي فَزارةَ والخبارِ وقال أَبو عبيدة : هما مالك وعبد الملك ابْنا مِسْمَع ابن سفيان بن شهاب الحجازي ، وقال غيرهما : هما مالك وعبد الملك ابنا مسمع بن مالك بن مسمع ابن سِنان بن شهاب . ودَيْرُ سَمْعانَ : موضع . "