نَفِدَ الشيءُ كسمِعَ يَنْفَدُ نَفَاداً بالفتح ونَفَداً مُحرَّكةً : فَنِىَ وذَهبَ ونقَلَ شيخُنَا عن الزمخشريّ في الكَشَّاف أَنه لواستَقْرأَ أَحدٌ الأَلفاظَ التي فاؤُها نونٌ وعيْنُها فاءٌ لوجَدها دالَّةً على معنَى الذّهابِ والخُرُوجِ وقاله غيره انتهى . وفي التنزيل العزيز " ما نَفِدَتْ كَلِماتُ الله " قال الزَّجّاج : معناه ما انْقَطعتْ ولا فَنِيَتْ ويُرْوَى أَن المشركينَ قالوا في القرآن : هذا كَلاَمٌ سيَنْفَد ويَنْقَطِع فأَعْلَمَ اللهُ تعالى أَنَّ كلامه وحِكْمتَه لا تَنْفَد . وأَنْفَده هو : أَفْنَاهُ كاسْتَنْفَدَه . واسْتَنْفَدَ القَومُ ما عِندهم وأَنْفَدُوه . وكذلك انْتَفَده إِذا أَذْهَبه . وأَنْفَدَ القَوْمُ : فَنِىَ زَادُهُمْ أَو نَفِدَ مالُهُم قال ابنُ هَرْمةَ :
" أَغَرّ كَمِثْلِ البدْرِ يسْتَمْطِرُ النَّدَىويَهْتَزُّ مُرْتَاحاً إِذَا هُو أَنْفَدَا وأَنْفَدتِ الرَّكِيَّةُ : ذَهبَ ماؤُها . ونَافَدَه أَي الخَصْمَ مُنَافَدةً : حاكَمَه وخَاصمَه فهو مُنَافِدٌ يُحاجُّ الخَصْمَ حتَّى يَقْطَعَ حُجَّتَه ويُنْفِدَها ويقال : ليس له رافِدٌ ولا منافذ وفي اللسان نافدك الخصم مُنَافَدةً إِذا حاجَجْتَه حتى تَقْطَعَ حُجَّتَه وخَصْمٌ مُنَافِدٌ : يسْتَفْرِغ جُهْدَه في الخُصُومةِ قال بعضُ الدُّبيْرِيِّينَ : وهْوَ إِذَا ما قِيلَ هَلْ مِنْ وافِدِ
" أَوْ رَجُلٍ عنْ حقِّكُمْ مُنَافِدِ
" يكُونُ لِلْغَائِبِ مِثْلَ الشَّاهِدِ ورَجُلٌ مُنَافِدٌ : جَيِّدُ الاستفراغِ لِحُججِ خَصْمِه حتى يُنْفِدَها فيغْلِبَه . وفي الحديث " إِنْ نَافَدْتَهُم نَافَدُوك " ويروَى بالقاف وقيل : نَافَذُوك بالذال المعجمة وقال ابنُ الأَثير في حديث أَبي الدَّرْداءِ إِنْ نافَدْتَهم نَافَدُوك نافَدْتُ الرجُلَ أَي حاكَمْته أَي إِن قُلْتَ لهُم قالوا لك . وانْتَفَده من عدْوِه : اسْتَوْفَاهُ قال أَبو خِراشٍ يصِف حِماراً
فَأَلْجمها فَأَرْسلَها علَيْه ... ووَلّى وهوَ مُنْتَفِدٌ بَعِيدُ أَي ولَّى الحمارُ ذاهباً ومن ذلك انْتَفَد اللَّبنَ إِذا حَلَبَه . ويقال قَعدَ مُنْتَفِداً ومُعْتَنِزاً أَي مُتَنَحِّياً هذه عن ابنِ الأَعرابيّ . ويقال : فيه مُنْتَفَدٌ عن غَيْرِه كقولك مَنْدُوحةٌ وسعةٌ قال الأَخطَل :
لَقَدْ نَزَلْتُ بِعْبدِ اللهِ منْزِلَةً ... فِيها عن العَقْبِ منْجاةٌ ومُنْتَفَدُ ويقال : إِن في مالِه لمُنْتَفَداً أَي سَعة ويقال : تَجِدُ في البلادِ مُنْتَفَداً أَي مُراغَماً ومُضْطَرباً . ومما يستدرك عليه : اسْتَنْفَدَ وُسْعَه : اسْتَفْرغَه . وتَنَافَدُوا : تَخَاصمُوا ويقال : تَنَافَدُوا إِلى الحاكِم إِذا أَنْفَدُوا حُجَّتَهم وتَنَافَذُوا بالذال معجمةً إِذا خَلَصوا إليه . ونَفَدَني بَصرُه إِذا بلَغَنِي وجاوَزَني وأَنْفَدْتُ القَومَ إِذا خَرقْتَهم ومَشَيْت في وَسطِهِم فإِن جُزْتَهم حتى تُخَلِّفَهم قلت نَفَدْتُهم بلا ألف وقيل : يقال فيها بالأَلف ومنه حيث ابنِ مسعودٍ : إِنكم مجْموعونَ في صَعيدٍ واحدٍ يَنْفُدُكُمْ البَصرُ وقيل : المرادُ به يَنْفُدُهُمْ بَصَرُ الرحمنِ حتى يأْتِيَ عليهم كُلِّهم وقيل : أَراد يَنْفُدُهم بَصَرُ الناظِرِ لاستواءِ الصَّعِيدِ قال أَبو حاتمٍ أَصحاب الحدِيثِ يرُوونه بالذال المعجمة وإنما هو بالمهملة أَي يبْلُغُ أَوَّلَهم وآخِرَهم حتَّى يراهم كُلَّهم ويَسْتَوْعِبَهم من نَفَدَ الشيءُ وأَنْفَدْتُه وحَمْلُ الحديثِ على بَصَرِ المُبْصِر أَوْلَى من حمْلِه على بَصَرِ الرَّحمنِ لأَن اللهَ عزَّ وجلَّ يَجمع الناسَ يومَ القِيامةِ في أَرْضٍ يَشْهدُ جميعُ الخلائقِ فيها مُحاسبةَ العبدِ الواحِدِ على انفرادِهِ ويَروْنَ ما يصِيرُ إِليه . كذا في اللسان . ويقال : فُلانٌ مُنْتَفَدُ فلانٍ أَي إِذا أَنْفَدَ ما عندَه أَمدَّه بنفَقَةٍ عن الصاغانيّ