" الذّوْقُ : مصدر ذاقَ الشيءَ يذُوقه ذَوقاً وذَواقاً ومَذاقاً ، فالذَّواق والمَذاق يكونان مصدرين ويكونان طَعْماً ، كما تقول ذَواقُه ومذاقُه طيّب ؛ والمَذاق : طَعْمُ الشيء . والذَّواقُ : هو المأْكول والمشروب . وفي الحديث : لم يكن يَذُمُّ ذَواقاً ، فَعال بمعنى مفعول من الذَّوْقِ ، ويقع على المصدر والاسم ؛ وما ذُقْتُ ذَواقاً أَي شيئاً ، وتقول : ذُقْتُ فلاناً وذُقْتُ ما عنده أَي خَبَرْته ، وكذلك ما نزل بالإِنسان من مَكروه فقد ذاقَه . وجاء في الحديث : إِنَّ الله لا يحبّ الذّوّاقِين والذّوَّاقات ؛ يعني السريعِي النكاحِ السريعِي الطلاقِ ؛ قال : وتفسيره أَن لا يَطْمئنّ ولا تطمئنّ كلما تزوّج أَو تزوّجت كَرِها ومدَّا أَعينهما إِلى غيرهما . والذَّوَّاق : المَلُول . ويقال : ذُقت فلاناً أَي خبَرْته وبُرْتُه . واسْتَذَقْت فلاناً إِذا خبرته فلم تَحْمَد مَخْبَرَته ؛ ومنه قول نَهْشل بن حرِّيٍّ : وعَهْدُ الغانِياتِ كعَهْدِ قَيْنٍ ، وَنَتْ عنه الجَعائلُ ، مسْتَذاقِ كبَرْقٍ لاحَ يُعْجِبُ مَنْ رآه ، ولا يَشْفِي الحَوائم من لَماقِ يريد أَنّ القَيْنَ إِذا تأَخَّر عنه أَجرُه فسدَ حاله مع إِخوانه ، فلا يَصِل إلى الاجتماع بهم على الشَّراب ونحوه . وتَذَوَّقْته أَي ذُقْته شيئاً بعد شيء . وأَمر مُستَذاقٌ أَي مُجَرَّبٌ معلوم . والذَّوْقُ : يكون فيما يُكره ويُحمد . قال الله تعالى : فأَذاقَها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوْفِ ؛ أَي ابْتَلاها بسُوء ما خُبِرت من عِقاب الجوع والخَوْف . وفي الحديث : كانوا إِذا خرجوا من عنده لا يَتفرَّقون إِلا عن ذَواق ؛ ضَرب الذواق مثلاً لما يَنالون عنده من الخير أَي لا يَتفرقون إِلا عن علم وأَدب يَتعلَّمونه ، يَقوم لأَنفسهم وأَرواحهم مَقام الطعام والشراب لأَجسامهم . ويقال : ذُقْ هذه القوس أَي انْزَعْ فيها لتَخْبُر لِينها من شدّتها ؛ قال الشماخ : فذاق فأَعْطَتْه من اللِّينِ جانِباً ، كَفَى ولَها أَن يُغْرِقَ النَّبْل حاجِزُ (* قوله « كفى ولها إلخ » كذا بالأصل والذي في الأساس : لها ولها أن يغرق السهم حاجز ). أَي لها حاجز يَمنع من إِغراقٍ أَي فيها لين وشدّة ؛ ومثله : في كَفِّه مُعْطِيةٌ مَنُوع ومثله : شَِرْيانة تَمْنَعُ بعدَ اللِّينِ وذُقْتُ القوسَ إِذا جذَبْت وترَها لتنظر ما شدّتها . ابن الأَعرابي في قوله : فذوقُوا العذاب ، قال : الذَّوْق يكون بالفم وبغير الفم . وقال أَبو حمزة : يقال أَذاق فلان بعدك سَرْواً أَي صار سَرِيّاً ، وأَذاقَ بعدَك كَرَماً ، وأَذاق الفرَسُ بعدك عَدْواً أَي صار عَدّاء بعدك ؛ وقوله تعالى : فذاقَت وبالَ أَمرِها ، أَي خبَرت ؛ وأَذاقَه اللهُ وبال أَمره ؛ قال طفيل : فذوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجِّرٍ من الغَيْظِ ، في أكْبادِنا ، والتَّحَوُّبِ (* قوله « محجر »، قال الأصمعي بكسر الجيم وغيره يفتح ). وذاقَ الرجل عُسَيْلَةَ المرأَة إِذا أَوْلَج فيها إِذاقةً حتى خَبر طِيب جِماعها ، وذاقَت هي عُسَيْلَته كذلك لمّا خالَطها . ورجل ذَوّاق مِطْلاق إِذا كان كثير النكاح كثير الطلاق . ويومٌ ما ذُقْته طعاماً أَي ما ذقت فيه ، وذاقَ العذاب والمكروه ونحو ذلك ، وهو مثَل : وفي التنزيل : ذُقْ إِنَّك أَنت العزيز الكريم . وفي حديث أُحُد : أَن أَبا سفيان لما رأَى حمزة ، رضي الله عنه ، مقْتولاً ، قال له : ذُقْ عُقَقُ أَي ذق طعْمَ مُخالَفَتِك لنا وتَرْكِكَ دِينَك الذي كنت عليه يا عاقَّ قومه ؛ جعل إِسلامَه عُقوقاً ، وهذا من المجاز أَن يستعمل الذَّوْق وهو ما يتعلّق بالأَجسام في المعاني كقوله تعالى : ذق إِنك أَنت العزيز الكريم ، وقوله : فذاقُوا وبالَ أَمرِهم . وأَذَقْته إِياه ، وتَذواقَ القومُ الشيء كذاقُوه ؛ قال ابن مُقْبِل : يَهْزُزْنَ للمَشْيِ أَوْصالاً مُنعَّمةً ، هَزَّ الشَّمالِ ضُحىً عَيْدانَ يَبْرِينا أَو كاهْتِزازِ رُدَيْنِيٍّ تَذاوَقَه أَيدي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا (* قوله « التجار » في الأساس : الكماة ). والمعروفُ تداوله . ويقال : ما ذُقت ذَواقاً أَي شيئاً ، وهو ما يُذاق من الطعام . "
المعجم: لسان العرب
صبر
" في أَسماء الله تعالى : الصَّبُور تعالى وتقدَّس ، هو الذي لا يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ ، وهو من أَبنية المُبالَغة ، ومعناه قَرِيب من مَعْنَى الحَلِيم ، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم . ابن سيده : صَبَرَه عن الشيء يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه ؛ قال الحطيئة : قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً : وَيْحَك ، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ والصَّبْرُ : نَصْب الإِنسان للقَتْل ، فهو مَصْبُور . وصَبْرُ الإِنسان على القَتْل : نَصْبُه عليه . يقال : قَتَلَه صَبْراً ، وقد صَبَره عليه وقد نَهَى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح . ورجل صَبُورَة ، بالهاء : مَصْبُور للقتل ؛ حكاه ثعلب . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً ؛ قيل : هو أَن يُمْسك الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى يُقْتَل ؛ قال : وأَصل الصَّبْر الحَبْس ، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه ؛ ومنه الحديث : نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح ؛ والمَصبُورة التي نهى عنها ؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت . وكل ذي روح يصبر حيّاً ثم يرمى حتى يقتل ، فقد ، قتل صبراً . وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال : اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ ؛ يعني احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به ؛ ومنه قيل للرجُل يقدَّم فيضربَ عنقه : قُتِل صَبْراً ؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت ، وكذلك لو حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه ، قال : صَبَرْتُ نفسِي ؛ قال عنترة يذكُر حرْباً كان فيها : فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً تَرْسُو ، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ يقول : حَبَست نفساً صابِرة . قال أَبو عبيد : يقول إِنه حَبَس نفسَه ، وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ ، فإِنه مَقْتول صَبْراً . وفي حديث ابن مسعود : أَن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نَهَى عن صَبْرِ الرُّوح ، وهو الخِصاءُ ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد ؛ ومن هذا يَمِينُ الصَّبْرِ ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها ، فلو حلَف إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل : حلَف صَبْراً . وفي الحديث : مَنْ حَلَف على يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً ، وفي آخر : على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم ، وقيل لها مَصْبُورة وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من أَجْلِها أَي حُبس ، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً ؛ والمَصْبورة : هي اليَمِين ، والصَّبْر : أَن تأْخذ يَمِين إِنسان . تقول : صَبَرْتُ يَمِينه أَي حلَّفته . وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين ، فهو قتلُ صَبْرٍ . والصَّبْرُ : الإِكراه . يقال : صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي أَكرهه . وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً . يقال : قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس . وصَبَرَه : أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه . ابن سيده : ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ الحَكَم عليها حتى تَحْلِف ؛ وقد حَلَف صَبْراً ؛ أَنشد ثعلب : فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا ، أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه : لَزِمَه . والصَّبْرُ : نقِيض الجَزَع ، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً ، فهو صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور ، والأُنثى صَبُور أَيضاً ، بغير هاء ، وجمعه صُبُرٌ . الجوهري : الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع ، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة يَصْبِرُ صَبْراً ، وصَبَرْتُه أَنا : حَبَسْته . قال الله تعالى : واصْبِرْ نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم . والتَّصَبُّرُ : تكلُّف الصَّبْرِ ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي : أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها تُبَكِّي على زَيْدٍ ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا أَراد : وليست بأَصْبَرَ من ابنها ، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ . وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ : جعل له صَبْراً . وتقول : آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء ، فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ . وفي الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَن الله تعالى ، قال : إِنِّي أَنا الصَّبُور ؛ قال أَبو إِسحق : الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم . وفي الحديث : لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ ؛ أَي أَشدّ حِلْماً على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه . وقوله تعالى : وتَتَواصَوْا بالصَّبْرِ ؛ معناه : وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في مَعاصِيه . والصَّبْرُ : الجَراءة ؛ ومنه قوله عز وجلّ : فما أَصْبَرَهُمْ على النار ؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار . قال أَبو عمرو : سأَلت الحليحي عن الصبر فقال : ثلاثة أَنواع : الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار ، والصَّبْرُ على معاصِي (* قوله : « الحليحي » وقوله : « والصبر على معاصي إلخ » كذا بالأَصل ). الجَبَّار ، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته . وقال ابن الأَعرابي :، قال عُمر : أَفضل الصَّبر التَّصَبر . وقوله : فَصَبْرٌ جَمِيل ؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل . وقوله عز وجل : اصْبِرُوا وصَابِرُوا ؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم ، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم في الجِهاد . وقوله عز وجل : اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ ؛ أَي بالثبات على ما أَنتم عليه من الإِيمان . وشَهْرُ الصَّبْرِ : شهر الصَّوْم . وفي حديث الصَّوْم : صُمْ شَهْرَ الصَّبْر ؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس ، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح . وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً : كَفَلَ ، وهو بِهِ صَبِيرٌ والصَّبِيرُ : الكَفِيل ؛ تقول منه : صَبَرْتُ أَصْبُرُ ، بالضَّم ، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت به ، تقول منه : اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً . وفي حديث الحسَن : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا صَبِيراً ؛ هو الكفِيل . وصَبِير القوم : زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم ، والجمع صُبَراء . والصَّبِيرُ : السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض درجاً ؛ قال يصِف جَيْشاً : كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِي ؟
قال ابن بري : هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي من أَبيات : وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو ك ، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَه ؟
قال : أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها ، ولم تكن قبل ذلك تَعْدُو . وقوله : كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب . وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه ، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو الإِصْلاح ، ونصب تأْتالَها على الجواب ؛ قال ومثله قول لبيد : بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ ، بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة ، وهي المُغَنِّية ، أَوْتار عُودِها بِإِبْهامِها ؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ؛ قال : وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير للْخَنْسَاء ، وعجزه : تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها وقبله : ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا ، عليها المُضَاعَفُ ، زُفْنا لَها والصَّبِير : السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر ؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض العَنَزيّ : تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى ، كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير الفراء : الأَصْبار السحائب البيض ، الواحد صِبْر وصُبْر ، بالكسر والضم . والصَّبِير : السحابة البيضاء ، وقيل : هي القطعة من السحابة تراها كأَنها مَصْبُورة أَي محبُوسة ، وهذا ضعيف . قال أَبو حنيفة : الصَّبير السحاب يثبت يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس ، وقيل : الصَّبِير السحاب الأَبيض ، والجمع كالواحد ، وقيل : جمعه صُبُرٌ ؛ قال ساعدة بن جؤية : فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا ، جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا والصُّبَارة من السحاب : كالصَّبِير . وصَبَرَه : أَوْثقه . وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان : فلمَّا عُوتِب في ضَرْبه أَياه ، قال : هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر ؛ معناه فليقتصّ . يقال : صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه ، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه فاصْطَبر أَي اقتصَّ . الأَحمر : أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد ، وأَباءَهُ مثلهُ . وفي الحديث : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له : أَصْبِرْني ، قال : اصْطَبر ، أَي أَقِدْني من نفسك ، قال : اسْتَقِدْ . يقال : صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه . وأَصْبَرَه الحاكم أَي أَقصَّه من خصْمه . وصَبِيرُ الخُوانِ : رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام . ابن الأَعرابي : أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة ، وهي الرُّقاقة التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس . والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل ؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد : التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم ؛ وروي بيت عنترة : لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ ، وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ الصَّبرُ والصُّبْرُ : جانب الشيء ، وبُصْره مثلُه ، وهو حَرْف الشيء وغِلَظه . والصَّبْرُ والصُّبْرُ : ناحية الشيء وحَرْفُه ، وجمعه أَصْبار . وصُبْرُ الشيء : أَعلاه . وفي حديث ابن مسعود : سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة ؛ قال : صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها ؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف روضة : عَزَبَتْ ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة وَطْفاء ، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى أَعالِيها ورأْسها . وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه . وأَصْبار القبر : نواحيه وأَصْبار الإِناء : جوانِبه . الأَصمعي : إِذا لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل : لَقِيها بأَصْبارها . والصُّبْرَة : ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض . الجوهري : الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام . يقال : اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي بلا وزن ولا كيل . وفي الحديث : مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها ؛ الصُّبْرة : الطعام المجتمِع كالكُومَة . وفي حديث عُمَر : دخل على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً ، قد جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام . والصُّبْرَة : الكُدْس ، وقد صَبَّرُوا طعامهم . وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل : وكان عرْشهُ على الماء ، قال : كان يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء ، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً ؛ اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف ، وتراكَم ، فذلك قوله : ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي دُخَان ؛ الصَّبِير : سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار سَحاباً . وفي حديث طَهْفة : ويسْتَحْلب الصَّبِير ؛ وحديث ظبيان : وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك . والصُّبْرة : الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد (* قوله : « بالسرند » هكذا في الأَصل وشرح القاموس ). والصُّبْرَة : الحجارة الغليظة المجتمعة ، وجمعها صِبَار . والصُّبَارة ، بضم الصاد : الحجارة ، وقيل : الحجارة المُلْس ؛ قال الأَعشى : مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ ؟
قال ابن سيده : ويروى صِيَارَهْ ؛ قال : وهو نحوها في المعنى ، وأَورد الجوهري في هذا المكان : مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ ؟ واستشهد به الأَزهري أَيضاً ، ويروى صَبَارهْ ، بفتح الصاد ، وهو جمع صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع ، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة ، وهي حجارة شديدة ؛ قال ابن بري : وصوابه لم يخلق صِبارهْ ، بكسر الصاد ، قال : وأَما صُبارة وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع ، وإِنما ذلك فِعال ، بالكسر ، نحو حِجارٍ وجِبالٍ ؛ وقال ابن بري : البيت لَعَمْرو بن مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند ، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي ، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين زُرارَة شَرٌّ ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم ؛ يقول : ليس الإِنسان بحجر فيصبر على مثل هذا ؛ وبعد البيت : وحَوادِث الأَيام لا يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه بالسَّفْحِ ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْحَيْه ، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ فاقتلْ زُرَارَةَ ، لا أَرَى في القوم أَوفى من زُرَارَهْ وقيل : الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد . والصُّبُرُ : الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة ، والصُّبْرُ فيه لغة ؛ عن كراع . ومنه قيل للحَرَّة : أُم صَبَّار ابن سيده : وأُمُّ صَبَّار ، بتشديد الباء ، الحرَّة ، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء ، أَو من الصُّبَارة ، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها . والصَّبْرة من الحجارة : ما اشتد وغَلُظ ، وجمعها الصَّبار ؛ وأَنشد للأَعشى : كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها ، قُبَيْلَ الصُّبح ، أَصْوَات الصَّبَارِ الهَاجَات : الضَّفادِع ؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع الحجارة . والصَّبِير : الجَبَل . قال ابن بري : اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم صَبَّار الحرّة ، وقال الفزاري : هي حرة ليلى وحرَّة النار ؛ قال : والشاهد لذلك قول النابغة : تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها ، من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها ؛ وقوله : من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة . وقال ابن السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم : وتدعى الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار . وروي عن ابن شميل : أَن أُم صَبَّار هي الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء . قال : والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً ، وقيل : هي أُم صَبَّار ، ولا تُسمَّى صَبَّارة ، وإِنما هي قُفٌّ غليظة . قال : وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني : هي الهَضْبة التي ليس لها منفَذ . يقال : وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها ؛ وأَنشد لأَبي الغريب النصري : أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ في أُمِّ صَبُّور ، فأَودَى ونَشِبْ وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور ، كلتاهما : الداهية والحرب الشديدة . وأَصبر الرجلُ : وقع في أُم صَبُّور ، وهي الداهية ، وكذلك إِذا وقع في أُم صَبَّار ، وهي الحرَّة . يقال : وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد . ابن سيده : يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور ، قال : هكذا قرأْته في الأَلفاظ صَبُّور ، بالباء ، قال : وفي بعض النسخ : أُم صيُّور ، كأَنها مشتقَّة من الصِّيارة ، وهي الحجارة . وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير ، وهو الجبل . والصِّبَارة : صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة بالصِّبَار ، وهو السِّداد ، ويقال للسِّداد القعولة والبُلْبُلَة (* قوله : « القعولة والبلبلة » هكذا في الأصل وشرح القاموس ). والعُرْعُرة . والصَّبِرُ : عُصَارة شجر مُرٍّ ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور ؛ قال الفرزدق : يا ابن الخَلِيَّةِ ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة ، فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُو ؟
قال أَبو حنيفة : نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً ، وهو كثير الماء جدّاً . الليث : الصَّبِرِ ، بكسر الباء ، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال غِلاظ ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر ، يخرج من وسطها ساقٌ عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح . الجوهري : الصَّبِر هذا الدَّواء المرُّ ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر ؛ قال الراجز : أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ وفي حاشية الصحاح : الحُضَضُ الخُولان ، وقيل هو بظاءين ، وقيل بضاد وظاء ؛ قال ابن بري : صواب إِنشاده أَمَرَّ ، بالنصب ، وأَورده بظاءين لأَنه يصف حَيَّة ؛ وقبله : أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ والصُّبَارُ ، بضم الصاد : حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد ، وقيل : هو التمر الهندي الحامض الذي يُتَداوَى به . وصَبَارَّة الشتاء ، بتشديد الراء : شدة البَرْد ؛ والتخفيف لغة عن اللحياني . ويقال : أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة القَيْظ . أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن : المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة إِلى المَرارة ؛ قال أَبو حاتم : اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر ، وهما مُرَّان . والصُّبْرُ : قبيلة من غَسَّان ؛ قال الأَخطل : تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان ، إِذ حَضَرُوا ، والحَزْنُ : كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ ؟ الصُّبْر والحَزْن : قبيلتان ، ويروى : فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ حضروا ، والحَزْنَ ، بالفتح ، لأَنه ، قال بعده : يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب ، وقد أَمسى ، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل غَسَّان ، وكان لا يبالي بِهِم ويقول : ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ . وأَبو صَبْرَة (* قوله : « أَبو صبرة أَلخ » عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طائر احمر البطن اسود الظهر والرأس والذنب ): طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر . وفي الحديث : مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً ؛ قيل : هو اسم جبل باليمن ، وقيل : إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ ، بإِسقاط الباء الموحدة ، وهو جبلَ لطيّء ؛ قال ابن الأَثير : وهذه الكلمة جاءت في حديثين لعليّ ومعاذ : أَما حديث علي فهو صِيرٌ ، وأَما رواية معاذ فصَبِير ، قال : كذا فَرق بينهما بعضهم . "
المعجم: لسان العرب
سكن
" السُّكُونُ : ضدّ الحركة . سَكَنَ الشيءُ يَسْكُنُ سُكوناً إذا ذهبت حركته ، وأَسْكَنه هو وسَكَّنه غيره تَسْكيناً . وكل ما هَدَأَ فقد سَكَن كالريح والحَرّ والبرد ونحو ذلك . وسَكَنَ الرجل : سكت ، وقيل : سَكَن في معنى سكت ، وسَكَنتِ الريح وسَكَن المطر وسَكَن الغضب . وقوله تعالى : وله ما سَكَن في الليل والنهار ؛ قال ابن الأَعرابي : معناه وله ما حَلَّ في الليل والنهار ؛ وقال الزجاج : هذا احتجاج على المشركين لأَنهم لم ينكروا أَن ما استقرَّ في الليل والنهار لله أَي هو خالقه ومُدَبِّره ، فالذي هو كذلك قادر على إحياء الموتى . وقال أَبو العباس في قوله تعالى : وله ما سكن في الليل والنهار ، قال : إنما الساكن من الناس والبهائم خاصة ، قال : وسَكَنَ هَدَأَ بعد تَحَرُّك ، وإنما معناه ، والله أَعلم ، الخَلْق . أَبو عبيد : الخَيْزُرَانَةُ السُّكّانُ ، وهو الكَوْثَلُ أَيضاً . وقال أَبو عمرو : الجَذَفُ السُّكّان في باب السُّفُن . الليث : السُّكّانُ ذَنَب السفينة التي به تُعَدَّل ؛ ومنه قول طرفة : كسُكّانِ بُوصِيٍّ بدَجْلَةَ مُصْعِدِ . وسُكَّانُ السفينة عربي . والسُّكّانُ : ما تُسَكَّنُ به السفينة تمنع به من الحركة والاضطراب . والسِّكِّين : المُدْية ، تذكر وتؤَنث ؛ قال الشاعر : فعَيَّثَ في السَّنامِ ، غَداةَ قُرٍّ ، بِسِكِّينٌ مُوَثَّقَةِ النِّصابِ وقال أَبو ذؤَيب : يُرَى ناصَحاً فيما بَدا ، وإذا خَلا فذلك سِكِّينٌ ، على الحَلْقِ ، حاذق ؟
قال ابن الأَعرابي : لم أَسمع تأْنيث السِّكِّين ، وقال ثعلب : قد سمعه الفراء ؛ قال الجوهري : والغالب عليه التذكير ؛ قال ابن بري :، قال أَبو حاتم البيت الذي فيه : بسِكِّينٍ مُوَثَّقَة النِّصابِ . هذا البيت لا تعرفه أَصحابنا . وفي الحديث : فجاء المَلَك بسِكِّين دَرَهْرَهَةٍ أَي مُعْوَجَّة الرأْس ؛ قال ابن بري : ذكره ابن الجَوَالِيقي في المُعَرَّب في باب الدال ، وذكره الهروي في الغريبين . ابن سيده : السِّكِّينَة لغة في السِّكِّين ؛
قال : سِكِّينةٌ من طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو ، نِصابُها من قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي وفي حديث المَبْعَثِ :، قال المَلَكُ لما شَقَّ بَطْنَه إيتِني بالسِّكِّينة ؛ هي لغة في السِّكِّين ، والمشهور بلا هاء . وفي حديث أَبي هريرة ، رضي الله عنه : إن سَمِعْتُ بالسِّكِّين إلاَّ في هذا الحديث ، ما كنا نسميها إلاَّ المُدْيَةَ ؛ وقوله أَنشده يعقوب : قد زَمَّلُوا سَلْمَى على تِكِّين ، وأَوْلَعُوها بدَمِ المِسْكِين ؟
قال ابن سيده : أَراد على سِكِّين فأَبدل التاء مكان السين ، وقوله : بدم المسكين أَي بإِنسان يأْمرونها بقتله ، وصانِعُه سَكّانٌ وسَكَاكِينيٌّ ؛ قال : الأَخيرة عندي مولَّدة لأَنك إذا نسبت إلى الجمع فالقياس أَن تَردّه إلى الواحد . ابن دريد : السِّكِّين فِعِّيل من ذَبَحْتُ الشيءَ حتى سكن اضطرابه ؛ وقال الأَزهري : سميت سِكِّيناً لأَنها تُسَكَّنُ الذبيحة أَي تُسَكنها بالموت . وكل شيء مات فقد سَكَنَ ، ومثله غِرِّيد للمغني لتغريده بالصوت . ورجل شِمِّير : لتَشْمِيره إذا جَدَّ في الأَمر وانكمش . وسَكَنَ بالمكانَ يَسْكُنُ سُكْنَى وسُكُوناً : أَقام ؛ قال كثيِّر عزة : وإن كان لا سُعْدَى أَطالتْ سُكُونَهُ ، ولا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدَّهْرِ نازِلُهْ . فهو ساكن من قوم سُكّان وسَكْنٍ ؛ الأَخيرة اسم للجمع ، وقيل : جمع على قول الأَخفش . وأَسْكَنه إياه وسَكَنْتُ داري وأَسْكَنْتها غيري ، والاسم منه السُّكْنَى كما أَن العُتْبَى اسم من الإعْتاب ، وهم سُكّان فلان ، والسُّكْنَى أَن يُسْكِنَ الرجلَ موضعاً بلا كِرْوَة كالعُمْرَى . وقال اللحياني : والسَّكَن أَيضاً سُكْنَى الرجل في الدار . يقال : لك فيها سَكَنٌ . أَي سُكْنَى . والسَّكَنُ والمَسْكَنُ والمَسْكِن : المنزل والبيت ؛ الأخيرة نادرة ، وأَهل الحجاز يقولون مَسْكنٌ ، بالفتح . والسَّكْنُ : أَهل الدار ، اسم لجمع ساكِنٍ كشارب وشَرْبٍ ؛ قال سَلامة بن جَنْدَل : ليس بأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ ، يُسْقَى دواءَ قَفِيِّ السِّكْنِ مَرْبُوبِ وأَنشد الجوهري لذي الرمة : فيا كَرَمَ السَّكْنِ الذين تَحَمَّلوا عن الدارِ ، والمُسْتَخْلَفِ المُتَبَدَّل ؟
قال ابن بري : أَي صار خَلَفاً وبَدَلاً للظباءِ والبقر ، وقوله : فيا كَرَمَ يَتَعَجَّب من كرمهم . والسَّكْنُ : جمع ساكن كصَحْب وصاحب . وفي حديث يأْجوج ومأْجوج : حتى إن الرُّمَّانة لتُشْبِعُ السَّكْنَ ؛ هو بفتح السين وسكون الكاف لأَهل البيت . وقال اللحياني : السَّكْنُ أَيضاً جِمَاعُ أَهل القبيلة . يقال : تَحَمَّلَ السَّكْنُ فذهبوا . والسَّكَنُ : كل ما سَكَنْتَ إليه واطمأْنَنت به من أَهل وغيره ، وربما ، قالت العرب السَّكَنُ لما يُسْكَنُ إليه ؛ ومنه قوله تعالى : جعَلَ لكم الليلَ سَكَناً . والسَّكَنُ : المرأَة لأَنها يُسْكَنُ إليها . والسَّكَنُ : الساكِنُ ؛ قال الراجز : لِيَلْجَؤُوا من هَدَفٍ إلى فَنَنْ ، إلى ذَرَى دِفْءٍ وظِلٍّ ذي سَكَنْ وفي الحديث : اللهم أَنْزِلْ علينا في أَرضنا سَكَنَها أَي غياث أَهلها الذي تَسْكُن أَنفسهم إليه ، وهو بفتح السين والكاف . الليث : السَّكْنُ السُّكّانُ . والسُّكْنُ : أَن تُسْكِنَ إنساناً منزلاً بلا كراء ، قال : والسَّكْنُ العيال أَهلُ البيت ، الواحد ساكِنٌ . وفي حديث الدجال : السُّكْنُ القُوتُ . وفي حديث المهدي : حتى إنَّ العُنْقود ليكون سُكْنَ أَهل الدار أَي قُوتَهم من بركته ، وهو بمنزلة النُّزْل ، وهو طعام القوم الذين ينزلون عليه . والأَسْكانُ : الأَقْواتُ ، وقيل للقُوتِ سُكْنٌ لأَن المكان به يُسْكَنُ ، وهذا كما يقال نُزْلُ العسكر لأَرزاقهم المقدرة لهم إذا أُنزِلوا منزلاً . ويقال : مَرْعًى مُسْكِنٌ إذا كان كثيراً لا يُحْوج إلى الظَّعْن ، كذلك مَرْعًى مُرْبِعٌ ومُنْزِلٌ . قال : والسُّكْنُ المَسْكَن . يقال : لك فيها سُكْنٌ وسُكْنَى بمعنى واحد . وسُكْنى المرأَة : المَسْكَنُ الذي يُسْكنها الزوج إياه . يقال : لك داري هذه سُكْنَى إذا أَعاره مَسْكناً يَسْكُنه . وسُكّانُ الدَّارِ : هُمُ الجنّ المقيمون بها ، وكان الرجل إذا اطَّرَفَ داراً ذبح فيها ذَبيحة يَتَّقي بها أَذَى الجنّ فنهى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذبائح الجن . والسَّكَنُ ، بالتحريك : النار ؛ قال يصف قناة ثَقَّفَها بالنار والدُّهن : أََقامها بسَكَنٍ وأَدْهان وقال آخر : أَلْجَأَني الليلُ وريحٌ بَلَّهْ إلى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّهْ ، وسَكَنٍ تُوقَدُ في مِظَلَّهْ ابن الأَعرابي : التَّسْكِينُ تقويم الصَّعْدَةِ بالسِّكَنِ ، وهو النار . والتَّسْكين : أَن يدوم الرجل على ركوب السُّكَيْنِ ، وهو الحمار الخفيف السريع ، والأَتانُ إذا كانت كذلك سُكَيْنة ، وبه سميت الجارية الخفيفة الرُّوح سُكَيْنة . قال : والسُّكَيْنة أَيضاً اسم البَقَّة التي دخلت في أَنف نُمْروذَ بن كَنْعان الخاطئ فأَكلت دماغَه . والسُّكَيْنُ : الحمار الوحشي ؛ قال أَبو دُواد : دَعَرْتُ السُّكَيْنَ به آيِلاً ، وعَيْنَ نِعاجٍ تُراعي السِّخالا والسَّكينة : الوَدَاعة والوَقار . وقوله عز وجل : فيه سَكِينة من بربكم وبَقِيَّةٌ ؛ قال الزجاج : معناه فيه ما تَسْكُنُون به إذا أَتاكم ؛ قال ابن سيده :، قالوا إنه كان فيه ميراث الأَنبياء وعصا موسى وعمامة هرون الصفراء ، وقيل : إنه كان فيه رأْس كرأْس الهِرِّ إذا صاح كان الظَّفَرُ لبني إسرائيل ، وقيل : إن السَّكينة لها رأْس كرأْس الهِرَّة من زَبَرْجَدٍ وياقوت ولها جناحان . قال الحسن : جعل الله لهم في التابوت سَكِينة لا يَفِرُّون عنه أَبداً وتطمئن قلوبهم إليه . الفراء : من العرب من يقول أَنزل الله عليهم السَّكينة للسَّكينة . وفي حديث قَيْلَةَ : أَن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لها : يا مِسْكِينة عليك السَّكِينةَ ؛ أَراد عليك الوَقارَ والوَداعَة والأَمْنَ . يقال : رجل وَدِيعَ وقُور ساكن هادئ . وروي عن ابن مسعود أَنه ، قال : السَّكِينةَ مَغْنَم وتركها مَغْرَم ، وقيل : أَراد بها ههنا الرحمة . وفي الحديث : نزلت عليهم السَّكِينة تحملها الملائكة . وقال شمر :، قال بعضهم السَّكِينة الرحمة ، وقيل : هي الطمأْنينة ، وقيل : هي النصر ، وقيل : هي الوَقار وما يَسْكُن به الإنسان . وقوله تعالى : فأَنزل اللهُ سَكِينَتَه على رسوله ما تَسْكُنُ به قلوبُهم . وتقول للوَقُور : عليه السُّكون والسَّكِينة ؛ أَنشد ابن بري لأَبي عُرَيْف الكُلَيبي : للهِ قَبْرٌ غالَها ، ماذا يُجِنْنَ ، لقد أَجَنَّ سَكِينةً ووَقَارا وفي حديث الدَّفْع من عرفة : عليكم السَّكِينةَ والوَقارَ والتَّأَنِّي في الحركة والسير . وفي حديث الخروج إلى الصلاة : فلْيأْتِ وعليه السَّكِينة . وفي حديث زيد بن ثابت : كنت إلى جنب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فغَشِيَتْه السَّكِينةُ ؛ يريد ما كان يَعْرِضُ له من السكون والغَيْبة عند نزول الوحي . وفي الحديث : ما كنا نُبْعِدُ أَن السَّكينة تَكَلَّمُ على لسانِ عُمَرَ ؛ قيل : هو من الوقار والسكون ، وقيل : الرحمة ، وقيل : أَراد السَّكِينَة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز ، قيل في تفسيرها : إنها حيوان له وجه كوجه الإنسان مُجتَمِع ، وسائِرُها خَلْقٌ رَقِيقٌ كالريح والهواء ، وقيل : هي صُورة كالهِرَّة كانت معهم في جُيوشهم ، فإِذا ظهرت انهزم أَعداؤُهم ، وقيل : هي ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التي أُعطيها موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، قال : والأَشْبه بحديث عمر أَن يكون من الصورة المذكورة . وفي حديث علي ، رضي الله عنه ، وبناء الكعبة : فأَرسل الله إليه السَّكينة ؛ وهي ريح خَجُوجٌ أَي سريعة المَمَرِّ . والسَّكِّينة : لغة في السَّكينة ؛ عن أَبي زيد ، ولا نظير لها ولا يعلم في الكلام فَعِّيلة . والسِّكِّينةُ ، بالكسر : لغة عن الكسائي من تذكرة أَبي علي . وتَسَكَّنَ الرجل : من السَّكِينة والسَّكِّينة . وتركتهم على سَكِناتِهم ومَكِناتِهم ونَزِلاتِهم ورَباعَتهم ورَبَعاتهم أَي على استقامتهم وحُسْن حالهم ، وقال ثعلب : على مساكنهم ، وفي المحكم : على مَنازلهم ، قال : وهذا هو الجيد لأَن الأَول لا يطابق فيه الاسم الخبر ، إذ المبتدأ اسم والخبر مصدر ، فافهم . وقالوا : تركنا الناسَ على مُصاباتهم أَي على طبقاتهم ومنازلهم . والسَّكِنة ، بكسر الكاف : مقرّ الرأْس من العنق ؛ وقال حنظلة بن شَرْقيّ وكنيته أَبو الطَّحَّان : بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناتِه ، وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ وفي الحديث : أَنه ، قال يوم الفتح : اسْتَقِرُّوا على سَكِناتكم فقد انقطعت الهجرة أَي على مواضعكم وفي مسَاكنكم ، ويقال : واحدتها سَكِنة مثل مَكِنة ومَكِنات ، يعني أَن الله قد أَعز الإسلام ، وأَغنى عن الهجرة والفِرار عن الوطن خَوْفَ المشركين . ويقال : الناس على سَكِناتهم أَي على استقامتهم ؛ قال ابن بري : وقال زامِل بن مُصاد العَيْني : بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكِناته ، وطَعْنٍ كأَفواه المَزاد المُخَرَّ ؟
قال : وقال طُفَيل : بضرْبٍ يُزيل الهامَ عن سَكِناته ، ويَنْقَعُ من هامِ الرجال المُشَرَّ ؟
قال : وقال النابغة : بضربٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناته ، وطعن كإِيزاغِ المخاض الضَّوارب . والمِسْكينُ والمَسْكِين ؛ الأَخيرة نادرة لأَنه ليس في الكلام مَفْعيل : الذي لا شيء له ، وقيل : الذي لا شيء له يكفي عياله ، قال أَبو اسحق : المسكين الذي أَسْكَنه الفقرُ أَي قَلَّلَ حركتَه ، وهذا بعيد لأَن مِسْكيناً في معنى فاعل ، وقوله الذي أَسْكَنه الفقرُ يُخْرجه إلى معنى مفعول ، والفرق بين المِسْكين والفقير مذكور في موضعه ، وسنذكر منه هنا شيئاً ، وهو مِفْعيل من السكون ، مثل المِنْطيق من النُّطْق . قال ابن الأَنباري :، قال يونس الفقير أَحسن حالاً من المسكين ، والفقير الذي له بعض ما يُقيمه ، والمسكين أَسوأُ حالاً من الفقير ، وهو قول ابن السكيت ؛ قال يونس : وقلت لأَعرابي أَفقير أَنت أَم مسكين ؟ فقال : لا والله بل مسكين ، فأَعلم أَنه أَسوأُ حالاً من الفقير ؛ واحتجوا على أَن المسكين أَسوأُ حالاً من الفقير بقول الراعي : أَما الفقيرُ الذي كانَتْ حَلوبَتُه وَفْق العِيال ، فلم يُترَك له سَبَدُ فأَثبت أَن للفقير حَلوبة وجعلها وفْقاً لعياله ؛ قال : وقول مالك في هذا كقول يونس . وروي عن الأَصمعي أَنه ، قال : المسكين أَحسن حالاً من الفقير ، واليه ذهب أَحمد بن عُبَيْد ، قال : وهو القول الصحيح عندنا لأَن الله تعال ؟
قال : أَمَّا السَّفِينة فكانت لمساكين ؛ فأَخبر أَنهم مساكين وأَن لهم سَفينة تُساوي جُمْلة ، وقال للفقراء الذين أُحصِروا في سبيل الله لا يستطيعون ضَرْباً في الأَرض : يَحْسَبهم الجاهلُ أَغنياءَ من التَّعَفُّف تعْرفهم بسِيماهم لا يَسْأَلون الناس إلحافاً ؛ فهذه الحال التي أَخبر بها عن الفقراء هي دون الحال التي أَخبر بها عن المساكين . قال ابن بري : وإلى هذا القول ذهب عليُّ بن حمزة الأَصبهاني اللغوي ، ويَرى أَنه الصواب وما سواه خطأٌ ، واستدل على ذلك بقوله : مِسْكيناً ذا مَتربةٍ ؛ فأَكد عز وجل سُوءَ حاله بصفة الفقر لأَن المَتْربَة الفقر ، ولا يؤكد الشيءِ إلا بما هو أَوكد منه ، واستدل على ذلك بقوله عز وجل : أَما السفينة فكانت لمساكينَ يَعْمَلون في البحر ؛ فأَثبت أَن لهم سفينة يعملون عليها في البحر ؛ واستدل أَيضاً بقول الراجز : هَلْ لَكَ في أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ ، تُغِيثُ مِسْكيناً قليلاً عَسْكَرُهْ ، عَشْرُ شِياهٍ سَمْعُه وبَصَرُهْ ، قد حَدَّثَ النَّفْسَ بِمَصْرٍ يَحْضُرُهْ . فأَثبت أَن له عشر شياه ، وأَراد بقوله عسكره غنمه وأَنها قليلة ، واستدل أَيضاً ببيت الراعي وزعم أَنه أَعدل شاهد على صحة ذلك ؛ وهو قوله : أَما الفقيرُ الذي كانت حَلوبَتُه لأَنه ، قال : أَما الفقير الذي كانت حَلوبتُه ولم يقل الذي حلوبته ، وقال : فلم يُترك له سَبَدٌ ، فأَعلمك أَنه كانت له حَلوبة تَقُوت عياله ، ومن كانت هذه حاله فليس بفقير ولكن مسكين ، ثم أَعلمك أَنها أُخِذَتْ منه فصار إذ ذاك فقيراً ، يعني ابنُ حمْزة بهذا القول أَن الشاعر لم يُثْبِتْ أَن للفقير حلوبة لأَنه ، قال : الذي كانت حلوبته ، ولم يقل الذي حلوبته ، وهذا كما تقول أَما الفقير الذي كان له مال وثرْوة فإِنه لم يُترَكْ له سَبَدٌ ، فلم يُثْبت بهذا أَن للفقير مالاً وثرْوَة ، وإنما أَثبَت سُوءَ حاله الذي به صارفقيراً ، بعد أَن كان ذا مال وثروة ، وكذلك يكون المعنى في قوله : أَما الفقير الذي كانت حلوبته . أَنه أَثبت فقره لعدم حَلوبته بعد أَن كان مسكيناً قبل عدم حَلوبته ، ولم يُرِد أَنه فقير مع وجودها فإِن ذلك لا يصح كما لا يصح أَن يكون للفقير مال وثروة في قولك : أَما الفقير الذي كان له مال وثروة ، لأَنه لا يكون فقيراً مع ثروته وماله فحصل بهذا أَن الفقير في البيت هو الذي لم يُتركْ له سَبَدٌ بأَخذ حلوبته ، وكان قبل أَخذ حلوبته مسكيناً لأَن من كانت له حلوبة فليس فقيراً ، لأَنه قد أَثبت أَن الفقير الذي لم يُترَكْ له سَبَدٌ ، وإذا لم يكن فقيراً فهو إمّا غني وإما مسكين ، ومن له حلوبة واحدة فليس بغنيّ ، وإذا لم يكن غنيّاً لم يبق إلاّ أَن يكون فقيراً أَو مسكيناً ، ولا يصح أَن يكون فقيراً على ما تقدّم ذكره ، فلم يبقَ أَن يكون إلا مسكيناً ، فثبت بهذا أَن المسكين أَصلح حالاً من الفقير ؛ قال علي بن حمزة : ولذلك بدأَ الله تعالى بالفقير قبل من تستحق الصّدقة من المسكين وغيره ، وأَنت إذا تأَملت قوله تعالى : إنما الصدَقاتُ للفقراء والمساكين ، وجدته سبحانه قد رتبهم فجعل الثاني أَصلح حالاً من الأَول ، والثالث أَصلح حالاً من الثاني ، وكذلك الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن ، قال : ومما يدلك على أَن المسكين أَصلح حالاً من الفقير أَن العرب قد تسمت به ولم تتسمّ بفقيرلتناهي الفقر في سوء الحال ، أَلا ترى أَنهم ، قالوا تَمَسْكَن الرجل فَبَنَوْا منه فعلاً على معنى التشبيه بالمسكين في زِيِّه ، ولم يفعلوا ذلك في الفقير إذ كانت حاله لا يَتَزَيّا بها أَحدٌ ؟، قال : ولهذا رَغِبَ الأَعرابيُّ الذي سأَله يونس عن اسم الفقير لتناهيه في سوء الحال ، فآثر التسمية بالمَسْكَنة أَو أَراد أَنه ذليل لبعده عن قومه ووطنه ، قال : ولا أَظنه أَراد إلا ذلك ، ووافق قولُ الأَصمعي وابن حمزة في هذا قولَ الشافعي ؛ وقال قتادة : الفقير الذي به زَمانة ، والمِسْكين الصحيح المحتاج . وقال زيادة الله بن أَحمد : الفقير القاعد في بيته لا يسأَل ، والمسكين الذي يسأَل ، فمن ههنا ذهب من ذهب إلى أَن المسكين أَصلح حالاً من الفقير لأَنه يسأَل فيُعْطَى ، والفقير لا يسأَل ولا يُشْعَرُ به فيُعْطَى للزومه بيته أَو لامتناع سؤاله ، فهو يَتَقَنَّع بأَيْسَرِ شيءِ كالذي يتقوَّت في يومه بالتمرة والتمرتين ونحو ذلك ولا يسأَل محافظة على ماء وجهه وإراقته عند السؤال ، فحاله إذاً أَشدَّ من حال المسكين الذي لا يَعْدَمُ من يعطيه ، ويشهد بصحة ذلك قوله ، صلى الله عليه وسلم : ليس المسكينُ الذي تَرُدُّه اللُّقْمةُ واللُّقْمتانِ ، وإنما المسكين الذي لا يسأَل ولا يُفْطَنُ له فيُعْطَى ، فأَعْلَمَ أَن الذي لا يسأَل أَسوأُ حالاً من السائل ، وإذا ثبت أََن الفقير هو الذي لا يسأَل وأَن المسكين هو السائل فالمسكين إذاً أَصلح حالاً من الفقير ، والفقير أَشدّ منه فاقة وضرّاً ، إلاَّ أن الفقير أَشرف نفساً من المسكين لعدم الخضوع الذي في المسكين ، لأَن المسكين قد جمع فقراً ومسكنة ، فحاله في هذا أَسوأُ حالاً من الفقر ، ولهذا ، قال ، صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين ( الحديث ) فأَبانَ أَن لفظة المسكين في استعمال الناس أَشدّ قُبحاً من لفظة الفقير ، وكان الأَولى بهذه اللفظة أَن تكون لمن لا يسأَل لذل الفقر الذي أَصابه ، فلفظة المسكين من هذه الجهة أَشد بؤساً من لفظة الفقير ، وإن كان حال الفقير في القلة والفاقة أَشد من حال المسكين ، وأَصل المسكين في اللغة الخاضع ، وأَصل الفقير المحتاج ، ولهذا ، قال ، صلى الله عليه وسلم : اللهم أَحْيِني مِسْكيناً وأَمِتْني مسكيناً واحْشُرْني في زُمْرةِ المساكين ؛ أَراد به التواضع والإِخْبات وأَن لا يكون من الجبارين المتكبرين أَي خاضعاً لك يا رب ذليلاً غير متكبر ، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج . قال محمد بن المكرّم : وقد استعاذ سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من الفقر ؛ قال : وقد يمكن أَن يكون من هذا قوله سبحانه حكايةً عن الخِضْرِ ، عليه السلام : أَما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ، فسماهم مساكين لخضوعهم وذلهم من جَوْرِ الملك الذي يأْخذ كل سفينة وجدها في البحر غَصْباً ، وقد يكون المسكين مُقِلاًّ ومُكْثِراً ، إذ الأَصل في المسكين أَنه من المَسْكَنة ، وهو الخضوع والذل ، ولهذا وصف الله المسكين بالفقر لما أَراد أَن يُعْلِمَ أَن خضوعه لفقر لا لأَمر غيره بقوله عز وجل : يتيماً ذا مَقْرَبةٍ أَو مِسكيناً ذا مَتْرَبَةٍ ؛ والمَتْرَبةُ : الفقر ، وفي هذا حجة لمن جعل المسكين أَسوأَ حالاً لقوله ذا مَتْرَبة ، وهو الذي لَصِقَ بالتراب لشدَّة فقره ، وفيه أَيضاً حجة لمن جعل المسكين أَصلح حالاً من الفقير لأَنه أَكد حاله بالفقر ، ولا يؤكَّد الشيء إلا بما هو أَوكد منه . قال ابن الأَثير : وقد تكرر ذكر المِسْكين والمَساكين والمَسْكَنة والتَّمَسْكُنِ ، قال : وكلها يَدُورُ معناها على الخضوع والذِّلَّة وقلة المال والحال السيئة ، واسْتَكانَ إذا خضع . والمَسْكَنة : فَقْرُ النفس . وتَمَسْكَنَ إذا تَشَبَّه بالمساكين ، وهم جمع المِسْكين ، وهو الذي لا شيء له ، وقيل : هو الذي له بعض الشيء ، قال : وقد تقع المَسْكَنة على الضَّعف ؛ ومنه حديث قَيْلة :، قال لها صَدَقَت المِسْكِينةُ ؛ أَراد الضِّعف ولم يرد الفقر . قال سيبويه : المِسْكين من الأَلفاظ المُتَرَحَّمِ بها ، تقول : مررت به المِسْكين ، تنصبه على أَعني ، وقد يجوز الجرّ على البدل ، والرفع على إضمار هو ، وفيه معنى الترحم مع ذلك ، كما أَن رحمةُ الله عليه وإن كان لفظه لفظ الخبر فمعناه معنى الدعاء ؛
قال : وكان يونس يقول مررت به المسكينَ ، على الحال ، ويتوهم سقوط الأَلف واللام ، وهذا خطأٌ لأَنه لا يجوز أَن يكون حالاً وفيه الأَلف واللام ، ولو قلت هذا لقلت مررت بعبد الله الظريفَ تريد ظريفاً ، ولكن إنْ شئت حملته على الفعل كأَنه ، قال لقيت المسكين ، لأَنه إذا ، قال مررت به فكأَنه ، قال لقيته ، وحكي أَيضاً : إنه المسكينُ أَحْمَقُ وتقديرُه : إنه أَحمق ، وقوله المسكينُ أَي هو المسكينُ ، وذلك اعتراضٌ بين اسم إن وخبرها ، والأُنثى مِسْكينة ؛ قال سيبويه : شبهت بفقيرة حيث لم تكن في معنى الإِكْثار ، وقد جاء مِسْكين أَيضاً للأُنثى ؛ قال تأَبط شرّاً : قد أَطْعَنُ الطَّعْنةَ النَّجْلاءَ عن عُرُضٍ ، كفَرْجِ خَرْقاءَ وَسْطَ الدارِ مِسْكينِ عنى بالفرج ما انشق من ثيابها ، والجمع مَساكين ، وإن شئت قلت مِسْكينون كما تقول فقيرون ؛ قال أَبو الحسن : يعني أَن مِفْعيلاً يقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد نحو مِحْضِير ومِئْشير ، وإنما يكون ذلك ما دامت الصيغة للمبالغة ، فلما ، قالوا مِسْكينة يعنون المؤنث ولم يقصدوا به المبالغة شبهوها بفقيرة ، ولذلك ساغ جمع مذكره بالواو والنون . وقوم مَساكينُ ومِسْكِينون أَيضاً ، وإنما ، قالوا ذلك من حيث قيل للإناث مِسْكينات لأَجل دخول الهاء ، والاسم المَسْكَنة . الليث : المَسْكَنة مصدر فِعْل المِسْكين ، وإذا اشتقوا منه فعلاً ، قالوا تَمَسْكَنَ الرجلُ أَي صار مِسكيناً . ويقال : أَسْكَنه الله وأَسْكَنَ جَوْفَه أَي جعله مِسْكيناً . قال الجوهري : المسكين الفقير ، وقد يكون بمعنى الذِّلَّة والضعف . يقال : تَسَكَّن الرجل وتَمَسْكَن ، كم ؟
قالوا تَمَدْرَعَ وتَمَنْدَلَ من المِدْرَعَة والمِنْديل ، على تَمَفْعَل ، ، قال : وهو شاذ ، وقياسه تَسَكَّنَ وتَدرَّعَ مثل تشَجَّع وتحَلَّم . وسَكَن الرجلُ وأَسْكَن وتمَسْكَنَ إذا صار مِسكيناً ، أَثبتوا الزائد ، كما ، قالوا تَمَدْرَع في المِدرعة . قال اللحياني : تَسَكَّن كتَمَسْكَن ، وأَصبح القومُ مُسْكِنين أَي ذوي مَسْكنة . وحكي : ما كان مسكيناً وما كنت مسكيناً ولقد أَسكَنْتُ . وتمسكَنَ لربه : تضَرَّع ؛ عن اللحياني ، وهو من ذلك . وتمسكن إذا خضع لله . والمَسْكَنة : الذِّلَّة . وفي الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه ، قال للمصلي : تَبْأَسُ وتمسْكَنُ وتُقْنِع يديك ؛ وقوله تمسْكَنُ أَي تذَلَّل وتَخْضَع ، وهو تَمَفْعَل من السكون ؛ وقال القتيبي : أَصل الحرف السُّكون ، والمَسْكَنة مَفْعلة منه ، وكان القياس تسَكَّن ، وهو الأَكثر الأَفصح إلا أَنه جاءَ في هذا الحرف تَمَفْعَل ، ومثله تمَدْرَع وأَصله تَدرَّع ؛ وقال سيبويه : كل ميم كانت في أَول حرف فهي مزيدة إلا ميم مِعْزى وميم مَعَدٍّ ، تقول : تمَعْدَد ، وميم مَنْجَنِيق وميم مَأْجَج وميم مَهْدَد ؛ قال أَبو منصور : وهذا فيما جاء على بناء مَفْعَل أَو مِفْعَل أَو مِفْعيل ، فأَما ما جاء على بناء فَعْلٍ أَو فِعالٍ فالميم تكون أَصلية مثل المَهْدِ والمِهاد والمَرَد وما أَشبهه . وحكى الكسائي عن بعض بني أَسد : المَسْكين ، بفتح الميم ، المِسْكين . والمِسْكينة : اسم مدينة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال ابن سيده : لا أَدري لمَ سميت بذلك إلا أَن يكون لفقدها النبي ، صلى الله عليه وسلم . واستَكان الرجل : خَضَع وذلَّ ، وهو افتَعَل من المَسْكَنة ، أُشبعت حركة عينه فجاءت أَلفاً . وفي التنزيل العزيز : فما استَكانوا لربهم ؛ وهذا نادر ، وقوله : فما استكانوا لربهم ؛ أَي فما خضعوا ، كان في الأَصل فما استَكَنُوا فمدّت فتحة الكاف بأَلف كقوله : لها مَتْنتان خَظانا ، أَراد خَظَتا فمدّ فتحة الظاء بأَلف . يقال : سَكَنَ وأَسكَنَ واسْتَكَنَ وتَمَسْكَنَ واسْتَكان أَي خضع وذل . وفي حديث توبة كعب : أَما صاحباي فاستَكانا وقَعَدا في بيوتهما أَي خضعا وذلاَّ . والاسْتِكانة : اسْتِفْعال من السُّكون ؛ قال ابن سيده : وأَكثر ما جاءَ إشباع حركة العين في الشعر كقوله يَنْباعُ من ذفرى غَضُوب أَي يَنَبَع ، مدّت فتحة الباء بأَلف ، وكقوله : أَدْنو فأَنظُورُ ، وجعله أَبو علي الفارسي من الكَيْنِ الذي هو لحم باطن الفرج لأَن الخاضع الذليل خفيّ ، فشبهه بذلك لأَنه أَخفى ما يكون من الإنسان ، وهو يتعدى بحرف الجرّ ودونه ؛ قال كثيِّر عزة : فما وَجدوا فيك ابنَ مَرْوان سَقْطةً ، ولا جَهْلةً في مازِقٍ تَسْتَكِينُها الزجاج في قوله تعالى : وصَلِّ عليهم إن صلاتك سَكَن لهم ؛ أَي يَسْكُنون بها . والسَّكُون ، بالفتح : حيّ من اليمن . والسَّكون : موضع ، وكذلك مَسْكِنٌ ، بكسر الكاف ، وقيل : موضع من أَرض الكوفة ؛ قال الشاعر : إنَّ الرَّزِيَّة ، يَوْمَ مَسْكِنَ ، والمُصِيبةَ والفَجيعه . جعله اسماً للبقعة فلم يصرفه . وأَما المُسْكان ، بمعنى العَرَبون ، فهو فُعْلال ، والميم أَصلية ، وجمعه المَساكين ؛ قاله ابن الأَعرابي . ابن شميل : تغطية الوجه عند النوم سُكْنة كأَنه يأْمن الوحشة ، وفلان بنُ السَّكَن . قال الجوهري : وكان الأَصمعي يقوله بجزم الكاف ؛ قال ابن بري :، قال ابن حبيب يقال سَكَنٌ وسَكْنٌ ؛ قال جرير في الإسكان : ونُبِّئْتُ جَوَّاباً وسَكْناً يَسُبُّني ، وعَمْرو بنُ عَفْرا ، لا سلامَ على عمرو وسَكْنٌ وسُكَنٌ وسُكَينٌ : أَسماء . وسُكَينٌ : اسم موضع ؛ قال النابغة : وعلى الرُّمَيْثة من سُكَينٍ حاضرٌ ، وعلى الدُّثَيْنةِ من بني سَيَّارِ . وسُكَينٌ ، مصغر : حيّ من العرب في شعر النابغة الذُّبياني . قال ابن بري : يعني هذا البيت : وعلى الرُّميثة من سُكين . وسُكَيْنة : بنت الحُسَين بن علي ، عليهم السلام ، والطُّرَّة السُّكَيْنِيَّة منسوبة إليها . "
المعجم: لسان العرب
كون
" الكَوْنُ : الحَدَثُ ، وقد كان كَوْناً وكَيْنُونة ؛ عن اللحياني وكراع ، والكَيْنونة في مصدر كانَ يكونُ أَحسنُ . قال الفراء : العرب تقول في ذوات الياء مما يشبه زِغْتُ وسِرْتُ : طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فيما لا يحصى من هذا الضرب ، فأَما ذوات الواو مثل قُلْتُ ورُضْتُ ، فإِنهم لا يقولون ذلك ، وقد أَتى عنهم في أَربعة أَحرف : منها الكَيْنُونة من كُنْتُ ، والدَّيْمُومة من دُمْتُ ، والهَيْعُوعةُ من الهُواع ، والسَّيْدُودَة من سُدْتُ ، وكان ينبغي أَن يكون كَوْنُونة ، ولكنها لما قَلَّتْ في مصادر الواو وكثرت في مصادر الياءِ أَلحقوها بالذي هو أَكثر مجيئاً منها ، إِذ كانت الواو والياء متقاربتي المخرج . قال : وكان الخليل يقول كَيْنونة فَيْعولة هي في الأَصل كَيْوَنونة ، التقت منها ياء وواوٌ والأُولى منهما ساكنة فصيرتا ياء مشددة مثل ما ، قالوا الهَيِّنُ من هُنْتُ ، ثم خففوها فقالوا كَيْنونة كما ، قالوا هَيْنٌ لَيْنٌ ؛ قال الفراء : وقد ذهب مَذْهباً إِلا أَن القول عِندي هو الأَول ؛ وقول الحسن بن عُرْفُطة ، جاهليّ : لم يَكُ الحَقُّ سوَى أَنْ هاجَهُ رَسْمُ دارٍ قد تَعَفَّى بالسَّرَرْ إِنما أَراد : لم يكن الحق ، فحذف النون لالتقاء الساكنين ، وكان حكمه إِذا وقعت النون موقعاً تُحَرَّكُ فيه فتَقْوَى بالحركة أَن لا يَحْذِفَها لأَنها بحركتها قد فارقت شِبْهَ حروف اللِّينِ ، إِذ كُنَّ لا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ ، وحذفُ النون من يكن أَقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع ، لأَن نون يكن أَصل وهي لام الفعل ، والتنوين والنون زائدان ، فالحذف منهما أَسهل منه في لام الفعل ، وحذف النون أَيضاً من يكن أَقبح من حذف النون من قوله : غير الذي قد يقال مِلْكذب ، لأَن أَصله يكون قد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين ، فإِذا حذفت منه النون أَيضاً لالتقاء الساكنين أَجحفت به لتوالي الحذفين ، لا سيما من وجه واحد ، قال : ولك أَيضاً أَن تقول إِن من حرفٌ ، والحذف في الحرف ضعيف إِلا مع التضعيف ، نحو إِنّ وربَّ ، قال : هذا قول ابن جني ، قال : وأَرى أَنا شيئاً غير ذلك ، وهو أَن يكون جاء بالحق بعدما حذف النون من يكن ، فصار يكُ مثل قوله عز وجل : ولم يكُ شيئاً ؛ فلما قَدَّرَهُ يَك ، جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون ، وهي ساكنة تخفيفاً ، فبقي محذوفاً بحاله فقال : لم يَكُ الحَقُّ ، ولو قَدَّره يكن فبقي محذوفاً ، ثم جاء بالحق لوجب أَن يكسر لالتقاء الساكنين فيَقْوَى بالحركة ، فلا يجد سبيلاً إِلى حذفها إِلا مستكرهاً ، فكان يجب أَن يقول لم يكن الحق ، ومثله قول الخَنْجَر بن صخر الأَسدي : فإِنْ لا تَكُ المِرآةُ أَبْدَتْ وَسامةً ، فقد أَبْدَتِ المِرآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ يريد : فإِن لا تكن المرآة . وقال الجوهري : لم يك أَصله يكون ، فلما دخلت عليها لم جزمتها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقي لم يكن ، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفاً ، فإِذا تحركت أَثبتوها ، قالوا لم يَكُنِ الرجلُ ، وأَجاز يونس حذفها مع الحركة ؛
وأَنشد : إِذا لم تَكُ الحاجاتُ من همَّة الفَتى ، فليس بمُغْنٍ عنكَ عَقْدُ الرَّتائِمِ ومثله ما حكاه قُطْرُب : أَن يونس أَجاز لم يكُ الرجل منطلقاً ؛
وأَنشد بيت الحسن بن عُرْفُطة : لم يَكُ الحَقُّ سوى أَن هاجَه والكائنة : الحادثة . وحكى سيبوية : أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كنت أَي مذ خُلِقْتَ ، والمعنيان متقاربان . ابن الأَعرابي : التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك ، تقول العرب لمن تَشْنَؤُه : لا كانَ ولا تَكَوَّنَ ؛ لا كان : لا خُلِقَ ، ولا تَكَوَّن : لا تَحَرَّك أَي مات . والكائنة : الأَمر الحادث . وكَوَّنَه فتَكَوَّن : أَحدَثَه فحدث . وفي الحديث : من رآني في المنام فقد رآني فإِن الشيطان لا يتَكَوَّنُني ، وفي رواية : لا يتَكَوَّنُ على صورتي (* قوله « على صورتي » كذا بالأصل ، والذي في نسخ النهاية : في صورتي ، أَي يتشبه بي ويتصور بصورتي ، وحقيقته يصير كائناً في صورتي ). وكَوَّنَ الشيءَ : أَحدثه . والله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلى الوجود . وبات فلان بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوءٍ . والمكان : الموضع ، والجمع أَمْكِنة وأَماكِنُ ، توهَّموا الميم أَصلاً حتى ، قالوا تَمَكَّن في المكان ، وهذا كم ؟
قالوا في تكسير المَسِيل أَمْسِلة ، وقيل : الميم في المكان أَصل كأَنه من التَّمَكُّن دون الكَوْنِ ، وهذا يقويه ما ذكرناه من تكسيره على أَفْعِلة ؛ وقد حكى سيبويه في جمعه أَمْكُنٌ ، وهذا زائد في الدلالة على أَن وزن الكلمة فَعَال دون مَفْعَل ، فإن قلت فان فَعَالاً لا يكسر على أَفْعُل إلا أَن يكون مؤنثاً كأَتانٍ وآتُنٍ . الليث : المكان اشتقاقُه من كان يكون ، ولكنه لما كثر في الكلام صارت الميم كأَنها أَصلية ، والمكانُ مذكر ، قيل : توهموا (* قوله « قيل توهموا إلخ » جواب قوله فان قيل فهو من كلام ابن سيده ، وما بينهما اعتراض من عبارة الازهري وحقها التأخر عن الجواب كما لا يخفى ). فيه طرح الزائد كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ ، عند سيبويه ، مما كُسِّرَ على غير ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه ، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أي على طِيَّتي . والاستِكانة : الخضوع . الجوهري : والمَكانة المنزلة . وفلانٌ مَكِينٌ عند فلان بَيِّنُ المكانة . والمكانة : الموضع . قال تعالى : ولو نشاءُ لمَسَخْناهم على مَكانتهم ؛ قال : ولما كثرلزوم الميم تُوُهِّمت أَصلية فقيل تَمَكَّن كما ، قالوا من المسكين تَمَسْكَنَ ؛ ذكر الجوهري ذلك في هذه الترجمة ، قال ابن بري : مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة ليس شيء منها من الكَوْن فهذا سهوٌ ، وأَمْكِنة أَفْعِلة ، وأَما تمسكن فهو تَمَفْعل كتَمَدْرَع مشتقّاً من المِدْرَعة بزيادته ، فعلى قياسه يجب في تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل على اشتقاقه لا تمكَّنَ ، وتمكَّنَ وزنه تفَعَّلَ ، وهذا كله سهو وموضعه فصل الميم من باب النون ، وسنذكره هناك . وكان ويكون : من الأَفعال التي ترفع الأَسماء وتنصب الأَخبار ، كقولك كان زيد قائماً ويكون عمرو ذاهباً ، والمصدر كَوْناً وكياناً . قال الأَخفش في كتابه الموسوم بالقوافي : ويقولون أَزَيْداً كُنْتَ له ؛ قال ابن جني : ظاهره أَنه محكيّ عن العرب لأَن الأَخفش إنما يحتج بمسموع العرب لا بمقيس النحويين ، وإذا كان قد سمع عنهم أَزيداً كنت له ، ففيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها ، قال : وذلك انه لا يفسر الفعل الناصب المضمر إلا بما لو حذف مفعوله لتسلط على الاسم الأَول فنصبه ، أَلا تَراكَ تقول أَزيداً ضربته ، ولو شئت لحذفت المفعول فتسلطتْ ضربت هذه الظاهرة على زيد نفسه فقلت أَزيداً ضربت ، فعلى هذا قولهم أَزيداً كنت له يجوز في قياسه أَن تقول أَزيداً كُنْتَ ، ومثَّل سيبويه كان بالفعل المتعدِّي فقال : وتقول كُنّاهْم كما تقول ضربناهم ، وقال إذا لم تَكُنْهم فمن ذا يَكُونُهم كما تقول إذا لم تضربهم فمن ذا يضربهم ، قال : وتقول هو كائِنٌ ومَكُونٌ كما تقول ضارب ومضروب . غيره : وكان تدل على خبر ماضٍ في وسط الكلام وآخره ، ولا تكون صلَةً في أَوَّله لأَن الصلة تابعة لا متبوعة ؛ وكان في معنى جاء كقول الشاعر : إذا كانَ الشِّتاءُ فأَدْفئُوني ، فإنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُه الشِّتاء ؟
قال : وكان تأْتي باسم وخبر ، وتأْتي باسم واحد وهو خبرها كقولك كان الأَمْرُ وكانت القصة أي وقع الأَمر ووقعت القصة ، وهذه تسمى التامة المكتفية ؛ وكان تكون جزاءً ، قال أَبو العباس : اختلف الناس في قوله تعالى : كيف نُكَلِّمُ من كان في المَهْدِ صبيّاً ؛ فقال بعضهم : كان ههنا صلة ، ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيّاً ، قال : وقال الفراء كان ههنا شَرْطٌ وفي الكلام تعَجبٌ ، ومعناه من يكن في المهد صبيّاً فكيف يُكَلَّمُ ، وأَما قوله عز وجل : وكان الله عَفُوّاً غَفُوراً ، وما أَشبهه فإن أَبا إسحق الزجاج ، قال : قد اختلف الناس في كان فقال الحسن البصري : كان الله عَفُوّاً غَفُوراً لعباده . وعن عباده قبل أَن يخلقهم ، وقال النحويون البصريون : كأَنَّ القوم شاهَدُوا من الله رحمة فأُعْلِمُوا أَن ذلك ليس بحادث وأَن الله لم يزل كذلك ، وقال قوم من النحويين : كانَ وفَعَل من الله تعالى بمنزلة ما في الحال ، فالمعنى ، والله أَعلم ،. والله عَفُوٌّ غَفُور ؛ قال أَبو إسحق : الذي ، قاله الحسن وغيره أَدْخَلُ في العربية وأَشْبَهُ بكلام العرب ، وأَما القول الثالث فمعناه يؤُول إلى ما ، قاله الحسن وسيبويه ، إلاَّ أن كون الماضي بمعنى الحال يَقِلُّ ، وصاحبُ هذا القول له من الحجة قولنا غَفَر الله لفلان بمعنى لِيَغْفِر الله ، فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي مؤدِّياً عنها استخفافاً لأَن اختلاف أَلفاظ الأَفعال إنما وقع لاختلاف الأَوقات . وروي عن ابن الأَعرابي في قوله عز وجل : كُنتُم خَيْرَ أُمَّة أُخرجت للناس ؛ أَي أَنتم خير أُمة ، قال : ويقال معناه كنتم خير أُمة في علم الله . وفي الحديث : أَعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْنِ ، قال ابن الأَثير : الكَوْنُ مصدر كان التامَّة ؛ يقال : كان يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ ، يعني أَعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات ، ويروى : بعد الكَوْرِ ، بالراء ، وقد تقدم في موضعه . الجوهري : كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج إلى خبر لأَنه دل على الزمان فقط ، تقول : كان زيد عالماً ، وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشيء ووقوعه استغنى عن الخبر لأَنه دل على معنى وزمان ، تقول : كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كان أَي مُذْ خُلِقََ ؛ قال مَقَّاسٌ العائذيّ : فِداً لبَني ذُهْلِ بن شَيْبانَ ناقَتي ، إذا كان يومٌ ذو كواكبَ أَشْهَبُ قوله : ذو كواكب أَي قد أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب ، وإذا كسفت الشمس ظهرت الكواكب ؛ قال : وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك كان زيد منطلقاً ، ومعناه زيد منطلق ؛ قال تعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ وقال أَبو جُندب الهُذَلي : وكنتُ ، إذ جاري دعا لمَضُوفةٍ ، أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري وإنما يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عمَّا مضى من فعله ، قال ابن بري عند انقضاء كلام الجوهري ، رحمهما الله : كان تكون بمعنى مَضَى وتَقَضَّى ، وهي التامة ، وتأْتي بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع ، وهي الناقصة ، ويعبر عنها بالزائدة أَيضاً ، وتأْتي زائدة ، وتأَتي بمعنى يكون في المستقبل من الزمان ، وتكون بمعنى الحدوث والوقوع ؛ فمن شواهدها بمعنى مضى وانقضى قول أَبي الغول : عَسَى الأَيامُ أَن يَرْجِعـ نَ قوماً كالذي كانوا وقال ابن الطَّثَرِيَّة : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كانَ كائنٌ ، وأَنَّ جَدِيدَ الوَصْلِ قد جُدَّ غابِرُهْ وقال أَبو الأَحوصِ : كم مِن ذَوِي خُلَّةٍ قبْلي وقبْلَكُمُ كانوا ، فأَمْسَوْا إلى الهِجرانِ قد صاروا وقال أَبو زُبَيْدٍ : ثم أَضْحَوْا كأَنهُم لم يَكُونوا ، ومُلُوكاً كانوا وأَهْلَ عَلاءِ وقال نصر بن حجاج وأَدخل اللام على ما النافية : ظَنَنتَ بيَ الأَمْرَ الذي لو أَتَيْتُه ، لَمَا كان لي ، في الصالحين ، مَقامُ وقال أَوْسُ بن حجَر : هِجاؤُكَ إلاَّ أَنَّ ما كان قد مَضَى عَليَّ كأَثْوابِ الحرام المُهَيْنِم وقال عبد الله بن عبد الأَعلى : يا لَيْتَ ذا خَبَرٍ عنهم يُخَبِّرُنا ، بل لَيْتَ شِعْرِيَ ، ماذا بَعْدَنا فَعَلُوا ؟ كنا وكانوا فما نَدْرِي على وَهَمٍ ، أَنَحْنُ فيما لَبِثْنا أَم هُمُ عَجِلُوا ؟ أَي نحن أَبطأْنا ؛ ومنه قول الآخر : فكيف إذا مَرَرْتَ بدارِ قَوْمٍ ، وجيرانٍ لنا كانُوا كرامِ وتقديره : وجيرانٍ لنا كرامٍ انْقَضَوْا وذهب جُودُهم ؛ ومنه ما أَنشده ثعلب : فلو كنتُ أَدري أَنَّ ما كان كائنٌ ، حَذِرْتُكِ أَيامَ الفُؤادُ سَلِيمُ (* قوله « أيام الفؤاد سليم » كذا بالأصل برفع سليم وعليه ففيه مع قوله غريم اقواء ). ولكنْ حَسِبْتُ الصَّرْمَ شيئاً أُطِيقُه ، إذا رُمْتُ أَو حاوَلْتُ أَمْرَ غَرِيمِ ومنه ما أَنشده الخليل لنفسه : بَلِّغا عنِّيَ المُنَجِّمَ أَني كافِرٌ بالذي قَضَتْه الكَواكِبْ ، عالِمٌ أَنَّ ما يكُونُ وما كا نَ قَضاءٌ من المُهَيْمِنِ واجِبْ ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سبحانه وتعالى : وكان الله غفوراً رحيماً ؛ أي لم يَزَلْ على ذلك ؛ وقال المتلمس : وكُنَّا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، أَقَمْنا له من مَيْلِهِ فتَقَوَّما وقول الفرزدق : وكنا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه ، ضَرَبْْناه تحتَ الأَنْثَيَينِ على الكَرْدِ وقول قَيْسِ بن الخَطِيم : وكنتُ امْرَأً لا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً أُسَبُّ بها ، إلاَّ كَشَفْتُ غِطاءَها وفي القرآن العظيم أَيضاً : إن هذا كان لكم جَزاءً وكان سَعْيُكُم مَشْكُوراً ؛ فيه : إنه كان لآياتِنا عَنِيداً ؛ وفيه : كان مِزاجُها زَنْجبيلاً . ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أَن تأْتي بمعنى صار كقوله سبحانه : كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ ؛ وقوله تعالى : فإذا انْشَقَّتِ السماءُ فكانت وَرْدَةً كالدِّهانِ ؛ وفيه : فكانت هَبَاءً مُنْبَثّاً ؛ وفيه : وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً ؛ وفيه : كيف نُكَلِّمُ من كانَ في المَهْدِ صَبِيّاً ؛ وفيه : وما جَعَلْنا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عليها ؛ أَي صِرْتَ إليها ؛ وقال ابن أَحمر : بتَيْهاءَ قَفْرٍ ، والمَطِيُّ كأَنَّها قَطا الحَزْنِ ، قد كانَتْ فِراخاً بُيوضُها وقال شَمْعَلَةُ بن الأَخْضَر يصف قَتْلَ بِسْطامِ ابن قَيْسٍ : فَخَرَّ على الأَلاءَة لم يُوَسَّدْ ، وقد كانَ الدِّماءُ له خِمارَا ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أن يكون فيها ضميرُ الشأْن والقِصَّة ، وتفارقها من اثني عشر وجهاً لأَن اسمها لا يكون إلا مضمراً غير ظاهر ، ولا يرجع إلى مذكور ، ولا يقصد به شيء بعينه ، ولا يؤَكد به ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه ، ولا يستعمل إلا في التفخيم ، ولا يخبر عنه إلا بجملة ، ولا يكون في الجملة ضمير ، ولا يتقدَّم على كان ؛ ومن شواهد كان الزائدة قول الشاعر : باللهِ قُولُوا بأَجْمَعِكُمْ : يا لَيْتَ ما كانَ لم يَكُنِ وكان الزائدةُ لا تُزادُ أَوَّلاً ، وإنما تُزادُ حَشْواً ، ولا يكون لها اسم ولا خبر ، ولا عمل لها ؛ ومن شواهدها بمعنى يكون للمستقبل من الزمان قول الطِّرمَّاح بن حَكِيمٍ : وإني لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى من الأَمْرِ ، واسْتِنْجازَ ما كانَ في غَدِ وقال سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ : وكُنْتُ أَرَى كالمَوْتِ من بَيْنِ سَاعَةٍ ، فكيفَ بِبَيْنٍ كانَ مِيعادُه الحَشْرَا ؟ وقد تأْتي تكون بمعنى كان كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ : وانْضَخْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بدِمائها ، ولَقَدْ يَكُونُ أَخا دَمٍ وذَبائِح ومنه قول جَرِير : ولقد يَكُونُ على الشَّبابِ بَصِيرَ ؟
قال : وقد يجيء خبر كان فعلاً ماضياً كقول حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ : وكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرِينَا وكقول الفرزدق : وكُنَّا وَرِثْناه على عَهْدِ تُبَّعٍ ، طَوِيلاً سَوارِيه ، شَديداً دَعائِمُهْ وقال عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ : وكانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ، فَلا هُوَ أَبْداها ولم يَتَجَمْجَمِ وهذا البيت أَنشده في ترجمة كنن ونسبه لزهير ، قال : ونقول كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً ، شبهوه بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة من ذوات الياء ، ، قال : ولم يجيء من الواو على هذا إلا أَحرف : كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة ، وأَصله كَيْنُونة ، بتشديد الياء ، فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيُِّتٍ ، ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول ، وأَما الحيدودة فأَصله فَعَلُولة بفتح العين فسكنت . قال ابن بري : أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة ، ووزنها فَيْعَلُولة ، ثم قلبت الواو ياء فصار كَيّنُونة ، ثم حذفت الياء تخفيفاً فصار كَيْنُونة ، وقد جاءت بالتشديد على الأَصل ؛ قال أَبو العباس أَنشدني النَّهْشَلِيُّ : قد فارَقَتْ قَرِينَها القَرِينَه ، وشَحَطَتْ عن دارِها الظَّعِينه يا ليتَ أَنَّا ضَمَّنَا سَفِينه ، حَتَّى يَعُودَ الوَصْل كَيّنُون ؟
قال : والحَيْدُودَة أَصل وزنها فَيْعَلُولة ، وهو حَيْوَدُودَة ، ثم فعل بها ما فعل بكَيْنونة . قال ابن بري : واعلم أَنه يلحق بباب كان وأَخواتها كل فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ على الحَدَث ، وجُرِّدَ للزمان وجاز في الخبر عنه أَن يكون معرفة ونكرة ، ولا يتم الكلام دونه ، وذلك مثل عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وجاء وأَشباهها كقول الله عز وجل : يَأْتِ بَصيراً ؛ وكقول الخوارج لابن عباس : ما جاءت حاجَتُك أَي ما صارت ؛ يقال لكل طالب أَمر يجوز أَن يَبْلُغَه وأَن لا يبلغه . وتقول : جاء زيدٌ الشريفَ أَي صار زيدٌ الشريفَ ؛ ومنها : طَفِق يفعل ، وأَخَذ يَكْتُب ، وأَنشأَ يقول ، وجَعَلَ يقول . وفي حديث تَوْبةِ كَعْبٍ : رأَى رجلاً لا يَزُول به السَّرابُ فقال كُنْ أَبا خَيْثَمة أَي صِرْهُ . يقال للرجل يُرَى من بُعْدٍ : كُن فلاناً أَي أَنت فلان أَو هو فلان . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أَنه دخل المسجد فرأَى رجلاً بَذَّ الهيئة ، فقال : كُنْ أَبا مسلم ، يعني الخَوْلانِيَّ . ورجل كُنْتِيٌّ : كبير ، نسب إلى كُنْتُ . وقد ، قالوا كُنْتُنِيٌّ ، نسب إلى كُنْتُ أَيضاً ، والنون الأَخيرة زائدة ؛ قال : وما أَنا كُنْتِيٌّ ، ولا أَنا عاجِنُ ، وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ وزعم سيبويه أَن إخراجه على الأَصل أَقيس فتقول كُونِيٌّ ، على حَدِّ ما يُوجِبُ النَّسَبَ إلى الحكاية . الجوهري : يقال للرجل إذا شاخ هو كُنْتِيٌّ ، كأَنه نسب إلى قوله كُنْتُ في شبابي كذا ؛
قال ابن بري : ومنه قول الشاعر : إذا ما كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ ، فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبِيرِ فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شيئاً بَسَعْيِ ، ولا سَمْعٍ ، ولا نَظَرٍ بَصِيرِ وفي الحديث : أَنه دخل المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ ؛ هم الشُّيوخُ الذين يقولون كُنَّا كذا ، وكانَ كذا ، وكنت كذا ، فكأَنه منسوب إلى كُنْتُ . يقال : كأَنك والله قد كُنْتَ وصِرْتَ إلى كانَ أَي صرتَ إلى أَن يقال عنك : كانَ فلان ، أَو يقال لك في حال الهَرَم : كُنْتَ مَرَّةً كذا ، وكنت مرة كذا . الأَزهري في ترجمة كَنَتَ : ابن الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ في خَلْقِه وكان في خَلْقِه ، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيُّ . ابن بُزُرْج : الكُنْتِيُّ القوي الشديد ؛
وأَنشد : قد كُنْتُ كُنْتِيّاً ، فأَصْبَحْتُ عاجِناً ، وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ يقول : إذا قام اعْتَجَن أَي عَمَدَ على كُرْسُوعه ، وقال أَبو زيد : الكُنْتِيُّ الكبير ؛
وأَنشد : فلا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبير وقال عَدِيُّ بن زيد : فاكتَنِتْ ، لا تَكُ عَبْداً طائِراً ، واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَر ؟
قال أَبو نصر : اكْتَنِتْ ارْضَ بما أَنت فيه ، وقال غيره : الاكْتناتُ الخضوع ؛ قال أَبو زُبَيْدٍ : مُسْتَضْرِعٌ ما دنا منهنَّ مُكْتَنِتٌ للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ ما فوقه فَنَع ؟
قال الأَزهري : وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه ، قال لا يقال فَعَلْتُني إلا من الفعل الذي يتعدَّى إلى مفعولين ، مثل ظَنَنْتُني ورأَيْتُني ، ومُحالٌ أَن تقول ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يشبه إضافة الفعل إلى ني ، ولكن تقول صَبَرْتُ نفسي وضَرَبْتُ نَفْسِي ، وليس يضاف من الفعل إلى ني إلاّ حرف واحد وهو قولهم كُنْتي وكُنْتُني ؛
وأَنشد : وما كُنْتُ كُنْتِيّاً ، وما كُنْت عاجِناً ، وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ فجمع كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً في البيت . ثعلب عن ابن الأَعرابي : قيل لصَبِيَّةٍ من العرب ما بَلَغَ الكِبَرُ من أَبيك ؟، قالت : قد عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ . قال أَبو العباس : وأَخبرني سلمة عن الفراء ، قال : الكُنْتُنِيُّ في الجسم ، والكَانِيُّ في الخُلُقِ . قال : وقال ابن الأَعرابي إذا ، قال كُنْتُ شابّاً وشجاعاً فهو كُنْتِيٌّ ، وإذا ، قال كانَ لي مال فكُنْتُ أُعطي منه فهو كانِيٌّ . وقال ابن هانئ في باب المجموع مُثَلَّثاً : رجل كِنْتَأْوٌ ورجلان كِنْتَأْوان ورجال كِنْتَأْوُونَ ، وهو الكثير شعر اللحية الكَثُّها ؛ ومنه : جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ ، وهو الفسيح من الإبل في مِشْيَتِه ، ورجل قَنْدَأْوٌ ورجلان قِنْدَأْوان ورجال قَنْدَأْوُون ، مهموزات . وفي الحديث : دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ وعامة أَهله الكُنْتِيُّون ، فقلتُ : ما الكُنْتِيُّون ؟ فقال : الشُّيُوخُ الذين يقولون كانَ كذا وكذا وكُنْتُ ، فقال عبد الله : دارَتْ رَحَى الإسلام عليَّْ خمسةً وثَلاثين ، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ من عِدَّتِهم من الذِّبَّان والجِعْلانِ . قال شمر :، قال الفراء تقول كأَنَّك والله قد مُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ ، وكأَنكما مُتُّمَا وصرتما إلى كانا ، والثلاثة كانوا ؛ المعنى صِرْتَ إلى أَن يقال كانَ وأَنت ميت لا وأَنت حَيٌّ ، قال : والمعنى له الحكاية على كُنْت مَرَّةً للمُواجهة ومرة للغائب ، كما ، قال عز من قائلٍ : قل للذين كفروا ستُغْلَبُون وسَيُغْلَبُون ؛ هذا على معنى كُنْتَ وكُنْتَ ؛ ومنه قوله : وكُلُّ أَمْرٍ يوماً يَصِيرُ كان . وتقول للرجل : كأَنِّي بك وقد صِرْتَ كانِيّاً أَي يقال كان وللمرأَة كانِيَّة ، وإن أَردت أَنك صرت من الهَرَم إلى أَن يقال كُنْت مرة وكُنْت مرة ، قيل : أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً ، وإنما ، قال كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نوناً مع الياء في النسبة ليتبين الرفع ، كما أَرادوا تَبين النَّصبِ في ضَرَبني ، ولا يكون من حروف الاستثناء ، تقول : جاء القوم لا يكون زيداً ، ولا تستعمل إلى مضمراً فيها ، وكأَنه ، قال لا يكون الآتي زيداً ؛ وتجيء كان زائدة كقوله : سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَوْا على كانَ المُسَوَّمةَِ العِرابِ أَي على المُسوَّمة العِراب . وروى الكسائي عن العرب : نزل فلان على كان خَتَنِه أَي نزَل على خَتَنِه ؛
وأَنشد الفراء : جادَتْ بكَفَّيْ كانَ من أَرمى البَشَرْ أَي جادت بكفَّي من هو من أَرمى البشر ؛ قال : والعرب تدخل كان في الكلام لغواً فتقول مُرَّ على كان زيدٍ ؛ يريدون مُرَّ فأَدخل كان لغواً ؛ وأَما قول الفرزدق : فكيفَ ولو مَرَرْت بدارِِ قومٍ ، وجِيرانٍ لنا كانوا كِرامِ ؟ ابن سيده : فزعم سيبويه أَن كان هنا زائدة ، وقال أَبو العباس : إن تقديره وجِيرانٍ كِرامٍ كانوا لنا ، قال ابن سيده : وهذا أَسوغ لأَن كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفي موضع لنا ، فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أَنها زائدة هنا ، وكان عليه كَوْناً وكِياناً واكْتانَ : وهو من الكَفالة . قال أَبو عبيد :، قال أَبو زيد اكْتَنْتُ به اكْتِياناً والاسم منه الكِيانةُ ، وكنتُ عليهم أَكُون كَوْناً مثله من الكفالة أَيضاً ابن الأَعرابي : كان إذا كَفَل . والكِيانةُ : الكَفالة ، كُنْتُ على فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ به . وتقول : كُنْتُكَ وكُنْتُ إياك كما تقول ظننتك زيداً وظَنْنتُ زيداً إِياك ، تَضَعُ المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر ، لأَنهما منفصلان في الأَصل ، لأَنهما مبتدأ وخبر ؛ قال أَبو الأَسود الدؤلي : دَعِ الخمرَ تَشربْها الغُواةُ ، فإنني رأيتُ أَخاها مُجْزِياً لمَكانِها فإن لا يَكُنها أَو تَكُنْه ، فإنه أَخوها ، غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها يعني الزبيب . والكَوْنُ : واحد الأَكْوان . وسَمْعُ الكيان : كتابٌ للعجم ؛ قال ابن بري : سَمْعُ الكيان بمعنى سَماعِ الكِيان ، وسَمْعُ بمعنى ذِكْرُِ الكيان ، وهو كتاب أَلفه أَرَسْطو . وكِيوانُ زُحَلُ : القولُ فيه كالقول في خَيْوان ، وهو مذكور في موضعه ، والمانع له من الصرف العجمة ، كما أَن المانع لخَيْوان من الصرف إنما هو التأْنيث وإرادة البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية . والكانونُ : إن جعلته من الكِنِّ فهو فاعُول ، وإن جعلته فَعَلُولاً على تقدير قَرَبُوس فالأَلف فيه أَصلية ، وهي من الواو ، سمي به مَوْقِِدُ النار . "
المعجم: لسان العرب
سأل
" سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلاً وسَأَلَةً (* قوله « وسأله » ضبط في الأصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه ؛
وقوله ، قال أبو ذؤيب : أساءلت ، كذا في الأصل ، وفي شرح القاموس : وساءله مساءلة ، قال أبو ذؤيب إلخ )، قال أَبو ذؤيب : أَساءَلْتَ رَسْمَ الدَّار ، أَم لم تُسائِل عن السَّكْنِ ، أَم عن عَهْده بالأَوائِل ؟ وسَأَلْتُ أَسْأَل وسَلْتُ أَسَلُ ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلانِ ويَتَسايَلانِ ، وجمع المَسْأَلة مَسائِلُ بالهمز ، فإِذا حذفوا الهمزة ، قالوا مَسَلَةٌ . وتَساءلوا : سَأَل بعضُهم بعضاً . وفي التنزيل العزيز : واتَّقُوا الله الذي تَسَّاءََلون به والأَرحام ، وقرئ : تَساءَلُون به ، فمن قرأَ تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قلبت التاء سيناً لقرب هذه من هذه ثم أُذغمت فيها ، قال : ومن قرأَ تَسَاءَلون فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حذفت التاء الثانية كراهية للإِعادة ، ومعناه تَطْلُبون حقوقَكم به . وقوله تعالى : كان على ربك وَعْداً مَسْؤولاً ؛ أَراد قولَ الملائكة : رَبَّنا وأَدْخِلْهُم جَنَّات عَدْنٍ التي وعَدْتَهم (* قوله « وجمع السائل إلخ » عبارة شرح القاموس : وجمع السائل سألة ككاتب وكتبة وسؤال كرمّان ) الفقير سُؤّال . وفي الحديث : للسائِل حَقٌّ وإِن جاء على فَرَس ؛ السائل : الطالب ، معناه الأَمر بحُسْن الظن بالسائل إِذا تَعَرَّض لك ، وأَن لا تجيبه (* قوله « وأن لا تجيبه » هكذا في الأصل ، وفي النهاية : وأن لا تجيبه ) بالتكذيب والردِّ مع إِمكان الصدق أَي لا تُخَيِّب السائلَ وإِن رابَك مَنْظَرُه وجاء راكباً على فرس ، فإِنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أَو دَيْن يجوز معه أَخذ الصَّدَقة ، أَو يكون من الغُزاة أَو من الغارمين وله في الصدقة سَهْم . "
المعجم: لسان العرب
نعم
" النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة ، كله : الخَفْض والدَّعةُ والمالُ ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى . وقوله عز وجل : ومَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته ؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقوله تعالى : ثم لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم ؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا ، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ ؛ حكاه سيبويه ؛ وقال النابغة : فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ ، فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما والنُّعْم ، بالضم : خلافُ البُؤْس . يقال : يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ ، والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ . ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً ، وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر ، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما : نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ ، ولغة رابعة : نَعِمَ يَنْعِم ، بالكسر فيهما ، وهو شاذ . والتنَعُّم : الترفُّه ، والاسم النِّعْمة . ونَعِمَ الرجل يَنْعَم نَعْمةً ، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم ، ويجوز تَنَعَّم ، فهو ناعِمٌ ، ونَعِمَ يَنْعُم ؛ قال ابن جني : نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ ، ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم ، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُم ، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة ، فإن قلت : فكان يجب ، على هذا ، أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة وهي نَعُم يَنْعَم ، قيل : منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً ، وليس كذلك نَعِمَ ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم ، فاحتمل خِلاف مضارعِه ، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ ، فإن قلت : فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل ؟ قيل : هذا طريقُه غير طريق ما قبله ، فإما أن يكون يَنْعِم ، بكسر العين ، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم ، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَرَ ووَدَعَ ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل ، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل ، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه . ونَعَّمَ أَولادَه : رَفَّهَهم . والنَّعْمةُ ، بالفتح : التَّنْعِيمُ . يقال : نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم . وفي الحديث : كيف أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه ؟ أي كيف أَتَنَعَّم ، من النَّعْمة ، بالفتح ، وهي المسرّة والفرح والترفُّه . وفي حديث أَبي مريم : دخلتُ على معاوية فقال : ما أَنْعَمَنا بك ؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا ، وإنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه ، كأنه ، قال : ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك . والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ : الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ المُتْرَفةُ ؛ ومنه الحديث : إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ ؛ قال وقوله : ما أَنْعَمَ العَيْشَ ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ ، تنْبُو الحوادِثُ عنه ، وهو مَلْمومُ إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم ، قالوا نَعِم العيشُ ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم : هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب ، وإن لم يك منه فِعْلٌ ، فتَفهَّمْ . ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ . ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء ؛ قال الأَعشى : وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا ، كأَنه ذرى أُقْحُوانٍ ، نَبْتُه مُتناعِمُ والتَّنْعيمةُ : شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق ، ولا تنبت إلى على ماء ، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ . وثوبٌ ناعِمٌ : ليِّنٌ ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف : وعليهم الثيابُ الناعمةُ ؛
وقال : ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً ، عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك . والنِّعْمةُ : اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك . ونِعْمةُ الله ، بكسر النون : مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر ، والجمعُ منهما نِعَمٌ وأَنْعُمٌ ؛ قال ابن جني : جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع ، ومثله كثير ، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ ، الإتباعُ لأَهل الحجاز ، وحكاه اللحياني ، قال : وقرأَ بعضهم : أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله ، بفتح العين وكسرِها ، قال : ويجوز بِنِعْمات الله ، بإسكان العين ، فأَما الكسرُ (* قوله « فأما الكسر إلخ » عبارة التهذيب : فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات ، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع الكسرة كسات ومن قرأ إلخ ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات ، ومَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات ، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله ، بالكسر . وقوله عز وجل : وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً (* قوله « قرأها ابن عباس إلخ » كذا بالأصل ) نِعَمَه ، وهو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد ، قال شاكراً لأَنعُمِه ، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن نِعَمَه جائز ، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده ؛ هذا قول الزجاج ، وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه ؛ قال ابن عباس : النِّعمةُ الظاهرةُ الإسلامُ ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب . وقوله تعالى : وإذْ تقولُ للذي أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك ؛ قال الزجاج : معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام ، ومعنى إنْعام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ . وقوله تعالى : وأَمّا بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ ؛ فسره ثعلب فقال : اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك . وقوله تعالى : ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ ؛ يقول : ما أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون . وقوله تعالى : يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها ؛ قال الزجاج : معناه يعرفون أَن أمرَ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك . والنِّعمةُ ، بالكسر : اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً ، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإنْعام ، كقولك : أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى واحد . وأَنْعَم : أَفْضل وزاد . وفي الحديث : إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء ، وإنَّ أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا ، رضي الله عنهما . ويقال : قد أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ ، وقيل : معناه صارا إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ ، ومعنى قولهم : أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً . وتقول : أَنْعَم اللهُ عليك ، من النِّعْمة . وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك ، من النُّعُومةِ . وقولهُم : عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم ، بالكسر ، كما تقول : كُلْ من أَكلَ يأْكلُ ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً . ونَعِمَ اللهُ بك عَيْناً ، ونَعَم ، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَنْعَم اللهُ بك عَيْناً : أَقرَّ بك عينَ من تحبّه ، وفي الصحاح : أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه ؛
أَنشد ثعلب : أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ سِلِ ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا الرسولُ هنا : الرسالةُ ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد ، قال والحامل الرسالة ، وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ ، وهو عيب . قال الجوهري : ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً . وفي حديث مطرّف : لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً ، ولكن ، قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً ؛ قال الزمخشري : الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم ، وعَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف ، والباء للتعدية ، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم عينَك وأَقَرَّها ، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً ، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن ال همزة كافية في التعدية ، تقول : نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً ، ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء ، قال : ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه ، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً ، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً ، والباء للتعدية ، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك ، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى واحد ؛ عن ثعلب ، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه ، وزاد اللحياني : ويَنْعُمُهم عيناً ، وزاد الأَزهري : ويُنْعمُهم ، وقال أَربع لغات . ونُعْمةُ العين : قُرَّتُها ، والعرب تقول : نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما أَشبهه ؛ قال سيبويه : نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ . وفي الحديث : إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه ، فإن وافقَ قولٌ عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه ، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه ، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ ، وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك واتّباع أمرك . ونَعِمَ العُودُ : اخضرَّ ونَضَرَ ؛ أنشد سيبويه : واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ ، لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (* قوله « من لحو » في المحكم : من لحق ، واللحق الضمر ). وقال الفرزدق : وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً ، وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ ، فمن ، قال الأَضيافُ ، بالرفع ، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها ، ومن ، قال تَنْعَم الأَضيافَ ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً ، فحذفَ وأَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها ، لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة ، وقيل : إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان ، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر ، ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ والنحر . وحكى اللحياني : يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني ؛ وأَنشد عن الكسائي : صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ ، بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ ، قال : ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه ، والمذكر منه نَعْمٌ ، ويجمع أَنْعُماً . والنَّعامةُ : معروفةٌ ، هذا الطائرُ ، تكون للذكر والأُنثى ، والجمع نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد ؛ قال أبو كَثْوة : ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً ، لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا والنَّعامُ أَيضاً ، بغير هاء ، الذكرُ منها الظليمُ ، والنعامةُ الأُنثى . قال الأَزهري : وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء ، وقيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ ، والعرب تقول : أَصَمُّ مِن نَعامةٍ ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت ، ويقولون : أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح ؛ قال الراجز : أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ ويقولون : أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ ؛ ومُوقها : تركُها بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها ، ويقولون : أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من نَعامةٍ . ويقال : ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره . ويقال للمُنْهزِمين : أَضْحَوْا نَعاماً ؛ ومنه قول بشر : فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار فكانوا ، غَداةَ لَقُونا ، نَعامَا وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين : خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ نَعامَتُهم ، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ . ويقال للعَذارَى : كأنهن بَيْضُ نَعامٍ . ويقال للفَرَس : له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه ، وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها . ومن أَمثالهم : مَن يَجْمع بين الأَرْوَى والنَّعام ؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام السُّهولةُ ، فهما لا يجتمعان أَبداً . ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك : ما أَنت إلا نَعامةٌ ؛ يَعْنون قوله : ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً ، تُعاظِمُه إذا ما قيل : طِيري وإنْ قيل : احْمِلي ، قالت : فإنِّي من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور ويقولون للذي يَرْجِع خائباً : جاء كالنَّعامة ، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين ؛ وفي ذلك يقول بعضهم : أو كالنَّعامةِ ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها ، فانْتَهَتْ هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ ومن أَمثالهم : أنْتَ كصاحبة النَّعامة ، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة ، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ : من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ . والنَّعامة : الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة ، وهي البَكَرة ، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ ؛ وقال أَبو الوليد الكِلابي : إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان ، قال : والمعترضة عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها ، قال الأزهري : وتكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأرض ، أحدهما من هذا الجانب ، والآخر من ذاك الجنب ، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين ، وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين ، والنَّعامتانِ : المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة ؛ وقال اللحياني : النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر ، الواحدة نَعامة ، وقيل : النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي . والنَّعامة : صخرة ناشزة في البئر . والنَّعامة : كلُّ بناء كالظُّلَّة ، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز ، وقيل : كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم ، والجمع نَعامٌ ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة : بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا لُ ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا (* قوله « بناها » هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا ، والذي في مادة نفض تذكيره ، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك ). وروى الجوهري عجزه : تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا ، قال : والنَّفائضُ من الإبل ؛ وقال آخر : لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها ، منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي والمشهور من شعره : لا ظِلَّ في رَيْدِها وشرحه ابن بري فقال : النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة ، والهَزيم : المتكسر ؛ وبعد هذا البيت : بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي ، وما كَسِلوا حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق والنَّعامة : الجِلْدة التي تغطي الدماغ ، والنَّعامة من الفرس : دماغُه . والنَّعامة : باطن القدم . والنَّعامة : الطريق . والنَّعامة : جماعة القوم . وشالَتْ نَعامَتُهم : تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم وولَّوْا ، وقيل : تَحَوَّلوا عن دارهم ، وقيل : قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ أُمورُهم ؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ : أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا ، فخالني دونه بل خِلْتُه دوني ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا : قد شالت نعامتهم . وفي حديث ابن ذي يَزَنَ : أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم : النعامة الجماعة أَي تفرقوا ؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ : اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم ، وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا وأَنشد لآخر : إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ ، لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه ، وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ والنَّعامة : الظُّلْمة . والنَّعامة : الجهل ، يقال : سكَنَتْ نَعامتُه ؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ : ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ نَعامتُه ، وأَبْغَضَ ما أَقولُ اللحياني : يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل . وأَراكةٌ نَعامةٌ : طويلة . وابن النعامة : الطريق ، وقيل : عِرْقٌ في الرِّجْل ؛ قال الأَزهري :، قال الفراء سمعته من العرب ، وقيل : ابن النَّعامة عَظْم الساق ، وقيل : صدر القدم ، وقيل : ما تحت القدم ؛ قال عنترة : فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه ، وابنُ النَّعامةِ ، عند ذلك ، مَرْكَبِي فُسِّر بكل ذلك ، وقيل : ابن النَّعامة فَرَسُه ، وقيل : رِجْلاه ؛ قال الأزهري : زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله : وابن النعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبي وابن النَعامة : الساقي الذي يكون على البئر . والنعامة : الرجْل . والنعامة : الساق . والنَّعامة : الفَيْجُ المستعجِل . والنَّعامة : الفَرَح . والنَّعامة : الإكرام . والنَّعامة : المحَجَّة الواضحة . قال أَبو عبيدة في قوله : وابن النعامة ، عند ذلك ، مركبي ، قال : هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة ، وإنما ذلك كقولهم : به داء الظَّبْي ، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم ، وليس ثم داء ولا بَكرة . قال ابن بري : وهذا البيت ، أَعني فيكون مركبكِ ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ ؛ وقبله : كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ ، إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه ، فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي : هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ ، إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ ، وابنُ النَّعامة ، يوم ذلك ، مَرْكَبِي وقال : هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود ، وقال : ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي ، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد ، ، قال : وتروى الأبيات أَيضا لعنترة ، قال : والنَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل ، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه (* قوله « في كتابه » هو الأغاني كما بهامش الأصل )، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه ، قال : إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك ، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل والقَعود وأَسَروني أَنا ، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي أَنا ، وقال : ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه ، وهذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس ، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً ، وليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه ، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها راكباً أو راجلاً ؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله . والنَّعَم : واحد الأَنعْام وهي المال الراعية ؛ قال ابن سيده : النَّعَم الإبل والشاء ، يذكر ويؤنث ، والنَّعْم لغة فيه ؛ عن ثعلب ؛ وأَنشد : وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ ، وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول والجمع أَنعامٌ ، وأَناعيمُ جمع الجمع ؛ قال ذو الرمة : دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ وقال ابن الأَعرابي : النعم الإبل خاصة ، والأَنعام الإبل والبقر والغنم . وقوله تعالى : فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ منكم ؛ قال : ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها ؛ قال الأَزهري : دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم . وقوله عز وجل : والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ ؛ قال ثعلب : لا يذكرون الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك ، وأما قول الله عز وجَل : وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في بطونه ؛ فإن الفراء ، قال : الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم ، والنَّعَم تذكر وتؤنث ، ولذلك ، قال الله عز وجل : مما في بطونه ، وقال في موضع آخر : مما في بطونها ، وقال الفراء : النَّعَم ذكر لا يؤَنث ، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل وحُمْلانٍ ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل ، فإذا ، قالوا الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم ، قال الله عز وجل : ومن الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (* قوله « إذا ذكرت » الذي في التهذيب : كثرت ) الأَنعام والأَناعيم . والنُّعامى ، بالضم على فُعالى : من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح وأَرْطَبُها ؛ قال أَبو ذؤيب : مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ ، خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ ، ريحا وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان ، قال : هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا . والنَّعامُ والنَّعائمُ : من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ : أَربعة صادرٌ ، وأَربعة واردٌ ؛ قال الجوهري : كأنها سرير مُعْوجّ ؛ قال ابن سيده : أَربعةٌ في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ . قال الأَزهري : النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر ، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ ، وهي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة ، ويقال لها النَّعام ؛
أَنشد ثعلب : باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه ، إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ النَّعامُ ههنا : النَّعائمُ من النجوم ، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض . ونُعاماكَ : بمعنى قُصاراكَ . وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ : زاد . وأَنْعَم فيه : بالَغ ؛ قال : سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه ، لَيْلةً ، وأَنْعَمَ ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها الضَّواحي : ما بدا من جَسدِه ، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم وعُونُها ، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة ، وأَبكار الهموم : ما فجَأَك ، وعُونُها : ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها . وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد . وفي حديث صلاة الظهر : فأَبردَ بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة ؛ ومنه قولهم : أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه ؛ وقوله : فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع . ونِعْمَ : ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام ، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس . قال أَبو إسحق : إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ ، فقد قلتَ : استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه ، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ . وحكى سيبويه : أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل ، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً ، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر ، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر . وقال ثعلب حكايةً عن العرب : نِعْم بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً ، وحكى أَيضاً : مررْت بقومٍ نِعْم قوماً ، ونِعْمَ بهم قوماً ، ونَعِمُوا قوماً ، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين ، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً ؛ قال الأزهري : إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ أَبداً ، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً ، وذلك قولك نِعْم رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز ، ولا تَعْملُ نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على جنس ، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس . الجوهري : نِعْم وبئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي ، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ ، وفيهما أَربع لغات : نَعِمَ بفتح أَوله وكسر ثانيه ، ثم تقول : نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول : نِعْمَ بكسر النون وسكون العين ، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول : نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين ، وتقول : نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ ، وإن شئت قلت : نِعْمتِ المرأَةُ هند ، فالرجل فاعلُ نِعْمَ ، وزيدٌ يرتفع من وجهين : أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه ، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ ، وذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل ، قيل لك : مَنْ هو ؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت : هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ ، والخبر إذا عرف المحذوف هو زيد ، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً ، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام ، ويراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد ، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا يتصل بهما الضميرُ ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا ، وإن أَدخلت على نِعْم ما قلت : نِعْمَّا يَعِظكم به ، تجمع بين الساكنين ، وإن شئت حركت العين بالكسر ، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين ، وتقول غَسَلْت غَسْلاً نِعِمّا ، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته ، وقالوا : إن فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء تأْنيث ، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة . وفي الحديث : مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت ، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل ؛ قال ابن الأثير : أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي ، فحذف المخصوص بالمدح ، والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة ، يعني الوضوءَ ، يُنالُ الفضلُ ، وقيل : هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك . قال الجوهري : تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف ؛ قال ذو الرمة : أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة دَعائمَ الزَّوْرِ ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ وقالوا : نَعِم القومُ ، كقولك نِعْم القومُ ؛ قال طرفة : ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ هكذا أَنشدوه نَعِمَ ، بفتم النون وكسر العين ، جاؤوا به على الأَصل ولم يكثر استعماله عليه ، وقد روي نِعِمَ ، بكسرتين على الإتباع . ودقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ . قال الأَزهري : ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت وزِدت . ويقال : ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه . ويقال : إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ . وتَنَعَّمَه بالمكان : طلَبه . ويقال : أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني وأَقمتُ بها . وتَنَعَّمَ : مَشَى حافياً ، قيل : هو مشتق من النَّعامة التي هي الطريق وليس بقويّ . وقال اللحياني : تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما . وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم : أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة ؛ قال : تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ ، فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات . وقوله تعالى : إن تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي ، ومثلُه : إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به ؛ قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا ، بكسر النون وجزم العين وتشديد الميم ، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا ، بفتح النون وكسر العين ، وذكر أَبو عبيدة (* قوله « وذكر أَبو عبيدة » هكذا في الأصل بالتاء ، وفي التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها ) حديث النبي ، صلى عليه وسلم ، حين ، قال لعمرو بن العاص : نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح ، وأَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية ؛ قال ابن الأَثير : أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم وشدَّد ، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه ، قال نِعْمَ شيئاً المالُ ، والباء زائدة مثل زيادتها في : كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه الحديث : نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح ؛ قال ابن الأثير : وفي نِعْمَ لغاتٌ ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين ، ثم فتح النون وكسر العين ، ثم كسرُهما ؛ وقال الزجاج : النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة ، وروي عن عاصم أَنه قرأَ فنِعِمَّا ، بكسر النون والعين ، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة ، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات ، وما في تأْويل الشيء في نِعِمّا ، المعنى نِعْمَ الشيءُ ؛ قال الأزهري : إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل ، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل ، وكذلك قوله : إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به ؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به . والنُّعْمان : الدم ، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان . وشقائقُ النُّعْمانِ : نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم . ونُعْمانُ بنُ المنذر : مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه ؛ قال أَبو عبيدة : إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم . أَبو عمرو : من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ . الفراء :، قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها (* قوله « ونعمتها » كذا بالأصل بالتخفيف ، وفي الصاغاني بالتشديد ) ومَصَلْتها (* قوله « ومصلتها » كذا بالأصل والتهذيب ، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد والمصول ) أي كَنسْتها ، وهي المِحْوَقةُ . والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ : المِكْنَسة . وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ ، كلها : مواضع ؛ قال ابن بري : وقول الراعي : صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ ، وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ الأَنْعَمين : اسم موضع . قال ابن سيده : والأَنْعمان موضعٌ ؛ قال أَبو ذؤيب ، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي : صبا صبوةً بَلْ لجَّ ، وهو لجوجُ ، وزالت له بالأَنعمين حدوجُ وهما نَعْمانانِ : نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو وادي عرفة ، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ . ونَعْمانُ : اسم جبل بين مكة والطائف . وفي حديث ابن جبير : خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ ، عليه السلام ، بِنَعْمان السَّحابِ ؛ نَعْمانُ : جبل بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه . ونَعْمانُ ، بالفتح : وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ؛ قال عبد الله ابن نُمَير الثَّقَفِيّ : تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ ، أنْ مَشَتْ به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ ؛ وقال خُلَيْد : أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ ، ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ والتَّنْعيمُ : مكانٌ بين مكة والمدينة ، وفي التهذيب : بقرب من مكة . ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير : من شُعرائهم ؛ حكاه ابن الأَعرابي . وناعِمٌ ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ (* قوله « ومنعم » هكذا ضبط في الأصل والمحكم ، وقال القاموس كمحدّث ، وضبط في الصاغاني كمكرم . وقوله « وأنعم » ، قال في القاموس بضم العين ، وضبط في المحكم بفتحها . وقوله « ونعمى »، قال في القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي ) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ وتَنْعُمُ ، كلهن : أَسماءٌ . والتَّناعِمُ : بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك . وبَنو نَعامٍ : بطنٌ . ونَعامٌ : موضع . يقال : فلانٌ من أَهل بِرْكٍ ونَعامٍ ، وهما موضعان من أطراف اليَمن . والنَّعامةُ : فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد ؛ وفيها يقول : قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي ، لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ أي بَعْدَ حِيالٍ . والنَّعامةُ أَيضاً : فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى . وناعِمةُ : اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها ، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة . ويَنْعَمُ : حَيٌّ من اليمن . ونَعَمْ ونَعِمْ : كقولك بَلى ، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب ، وهي موقوفة الآخِر لأنها حرف جاء لمعنى ، وفي التنزيل : هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً ، قالوا نَعَمْ ؛ قال الأزهري : إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه ، ، قال : وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً ، وربما ناقَضَ بَلى إذا ، قال : ليس لك عندي ودِيعةٌ ، فتقول : نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ . وفي حديث قتادة عن رجل من خثْعَم ، قال : دَفَعتُ إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو بِمِنىً فقلت : أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ ؟ فقال : نَعِمْ ، وكسر العين ؛ هي لغة في نَعَمْ ، وكسر العين ؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب ، وقد قرئَ بهما . وقال أَبو عثمان النَّهْديّ : أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ ، رضي الله عنه ، بأمر فقلنا : نَعَمْ ، فقال : لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ ، بكسر العين . وقال بعضُ ولد الزبير : ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلاَّ نَعِمْ ، بكسر العين . وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد : كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ ، وعلى آخر لا ، وأَجالهما عند هُبَل ، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد ، فلما ، قال لِعُمر : أُعْلُ هُبَلُ ، وقال عمر : اللهُ أَعلى وأَجلُّ ، قال أَبو سفيان : أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها ، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ ؛ وقول الطائي : تقول إنْ قلتُمُ لا : لا مُسَلِّمةً لأَمرِكُمْ ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما ، قال ابن جني : لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية ، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها ، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً ، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية ، فيفتح للإطلاق ، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح ، فقال : قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة ، وذلك أن نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد ، ولا بضِدِّها ؛ ألا ترى إلى قوله : وإذا قلتَ نَعَمْ ، فاصْبِرْ لها بنَجاحِ الوَعْد ، إنَّ الخُلْف ذَمّْ وقول الآخر أَنشده الفارسي : أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله (* قوله « لا يمنع الجوع قاتله » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي المحكم : الجوس قاتله ، والجوس الجوع . والذي في مغني اللبيب : لا يمنع الجود قاتله ، وكتب عليه الدسوقي ما نصه : قوله لا يمنع الجود ، فاعل يمنع عائد على الممدوح ؛ والجود مفعول ثان ؛ وقاتله مفعول أول ، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله اهـ . تقرير دردير ). يروى بنصب البخل وجرِّه ، فمن نصبه فعلى ضربين : أحدهما أن يكون بدلاً من لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه ، قال أَبى جودُه البخلَ ، والآخر أن تكون لا زائدة ، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن ، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ ، ونَعمْ لا تزاد ، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة ، والوجه الآخر على الزيادة صحيح ، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه ، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً ، ألا ترى أَنه لو ، قال لك الإنسان : لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ ، فقلتَ أَنت : لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود ، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين . ونَعَّم الرجلَ :، قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً ، كما ، قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك ؛ حكاه ابن جني . وأَنعَم له أي ، قال له نعَمْ . ونَعامة : لَقَبُ بَيْهَسٍ ؛ والنعامةُ : اسم فرس في قول لبيد : تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها ، وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ (* قوله « وتحجل والخبال » هكذا في الأصل والصحاح ، وفي القاموس في مادة خبل بالموحدة ، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله : تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال فبالمثناة التحتية ، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل ). وأَبو نَعامة : كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً ؛ قال ابن بري : أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب ، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم . ونُعْم ، بالضم : اسم امرأَة . "
المعجم: لسان العرب
رسل
" الرَّسَل : القَطِيع من كل شيء ، والجمع أَرسال . والرَّسَل : الإِبل ، هكذا حكاه أَبو عبيد من غير أَن يصفها بشيء ؛ قال الأَعشى : يَسْقِي رياضاً لها قد أَصبحت غَرَضاً ، زَوْراً تَجانف عنها القَوْدُ والرَّسَل والرَّسَل : قَطِيع بعد قَطِيع . الجوهري : الرَّسَل ، بالتحريك ، القَطِيع من الإِبل والغنم ؛ قال الراجز : أَقول للذَّائد : خَوِّصْ برَسَل ، إِني أَخاف النائبات بالأُوَل وقال لبيد : وفِتْيةٍ كالرَّسَل القِمَاح والجمع الأَرْسال ؛ قال الراجز : يا ذائدَيْها خَوِّصا بأَرْسال ، ولا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلاَّل ورَسَلُ الحَوْض الأَدنى : ما بين عشر إِلى خمس وعشرين ، يذكر ويؤَنث . والرَّسَل : قَطيعٌ من الإِبِل قَدْر عشر يُرْسَل بعد قَطِيع . وأَرْسَلو إِبلهم إِلى الماء أَرسالاً أَي قِطَعاً . واسْتَرْسَل إِذ ؟
قال أَرْسِلْ إِليَّ الإِبل أَرسالاً . وجاؤوا رِسْلة رِسْلة أَي جماعة جماعة ؛ وإِذا أَورد الرجل إِبله متقطعة قيل أَوردها أَرسالاً ، فإِذا أَوردها جماعة قيل أَوردها عِراكاً . وفي الحديث : أَن الناس دخلوا عليه بعد موته أَرسالاً يُصَلُّون عليه أَي أَفواجاً وفِرَقاً متقطعة بعضهم يتلو بعضاً ، واحدهم رَسَلٌ ، بفتح الراء والسين . وفي حديث فيه ذكر السَّنَة : ووَقِير كثير الرَّسَل قليل الرِّسْل ؛ كثير الرَّسَل يعني الذي يُرْسَل منها إِلى المرعى كثير ، أَراد أَنها كثيرة العَدَد قليلة اللَّبن ، فهي فَعَلٌ بمعنى مُفْعَل أَي أَرسلها فهي مُرْسَلة ؛ قال ابن الأَثير : كذا فسره ابن قتيبة ، وقد فسره العُذْري فقال : كثير الرَّسَل أَي شديد التفرق في طلب المَرْعى ، قال : وهو أَشبه لأَنه قد ، قال في أَول الحديث مات الوَدِيُّ وهَلَك الهَدِيُّ ، يعني الإِبل ، فإِذا هلكت الإِبل مع صبرها وبقائها على الجَدْب كيف تسلم الغنم وتَنْمي حتى يكثر عددها ؟، قال : والوجه ما ، قاله العُذْري وأَن الغنم تتفرَّق وتنتشر في طلب المرعى لقلته . ابن السكيت : الرَّسَل من الإِبل والغنم ما بين عشر إِلى خمس وعشرين . وفي الحديث : إِني لكم فَرَطٌ على الحوض وإِنه سَيُؤتي بكم رَسَلاً رَسَلاً فتُرْهَقون عني ، أَي فِرَقاً . وجاءت الخيل أَرسالاً أَي قَطِيعاً قَطِيعاً . وراسَلَه مُراسَلة ، فهو مُراسِلٌ ورَسِيل . والرِّسْل والرِّسْلة : الرِّفْق والتُّؤَدة ؛ قال صخر الغَيِّ ويئس من أَصحابه أَن يَلْحَقوا به وأَحْدَق به أَعداؤه وأَيقن بالقتل فقال : لو أَنَّ حَوْلي من قُرَيْمٍ رَجْلا ، لمَنَعُوني نَجْدةً أَو رِسْلا أَي لمنعوني بقتال ، وهي النَّجْدة ، أَو بغير قتال ، وهي الرِّسْل . والتَّرسُّل كالرِّسْل . والتَّرسُّلُ في القراءة والترسيل واحد ؛
قال : وهو التحقيق بلا عَجَلة ، وقيل : بعضُه على أَثر بعض . وتَرَسَّل في قراءته : اتَّأَد فيها . وفي الحديث : كان في كلامه تَرْسِيلٌ أَي ترتيل ؛ يقال : تَرَسَّلَ الرجلُ في كلامه ومشيه إِذا لم يَعْجَل ، وهو والترسُّل سواء . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : إِذا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ أَي تَأَنَّ ولا تَعْجَل . وفي الحديث : أَن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : إِن الأَرض إِذا دُفِن (* قوله « ان الأرض إذا دفن إلخ » هكذا في الأصل وليس في هذا الحديث ما يناسب لفظ المادة ، وقد ذكره ابن الأثير في ترجمة فدد بغير هذا اللفظ ) فيها الإِنسان ، قالت له رُبَّما مَشَيت عليَّ فَدَّاداً ذا مالٍ وذا خُيَلاء . وفي حديث آخر : أَيُّما رجلٍ كانت له إِبل لم يُؤَدِّ زكاتها بُطِحَ لها بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخفافها إِلاَّ من أَعْطَى في نَجْدتها ورِسْلها ؛ يريد الشِّدَّة والرخاء ، يقول : يُعْطي وهي سِمانٌ حِسانٌ يشتدُّ على مالكها إِخراجُها ، فتلك نَجْدَتها ، ويُعْطِي في رِسْلِها وهي مَهازِيلُ مُقارِبة ، قال أَبو عبيد : معناه إِلاَّ من أَعْطى في إِبله ما يَشُقُّ عليه إِعطاؤه فيكون نَجْدة عليه أَي شدَّة ، أَو يُعْطي ما يَهُون عليه إِعطاؤُه منها فيعطي ما يعطي مستهيناً به على رِسْله ؛ وقال ابن الأَعرابي في قوله : إِلا من أَعْطى في رِسْلها ؛ أَي بطِيب نفس منه . والرِّسْلُ في غير هذا : اللَّبَنُ ؛ يقال : كثر الرِّسْل العامَ أَي كثر اللبن ، وقد تقدم تفسيره أَيضاً في نجد . قال ابن الأَثير : وقيل ليس للهُزال فيه معنى لأَنه ذكر الرِّسْل بعد النَّجْدة على جهة التفخيم للإِبل ، فجرى مجرى قولهم إِلا من أَعْطى في سِمَنها وحسنها ووفور لبنها ، قال : وهذا كله يرجع إِلى معنى واحد فلا معنى للهُزال ، لأَن من بَذَل حق الله من المضنون به كان إِلى إِخراجه مما يهون عليه أَسهل ، فليس لذكر الهُزال بعد السِّمَن معنى ؛ قال ابن الأَثير : والأَحسن ، والله أَعلم ، أَن يكون المراد بالنَّجْدة الشدة والجَدْب ، وبالرِّسْل الرَّخاء والخِصْب ، لأَن الرِّسْل اللبن ، وإِنما يكثر في حال الرخاء والخِصْب ، فيكون المعنى أَنه يُخْرج حق الله تعالى في حال الضيق والسعة والجَدْب والخِصْب ، لأَنه إِذا أَخرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقّاً عليه فإِنه إَجحاف به ، وإِذا أَخرج حقها في حال الرخاء كان ذلك سهلاً عليه ، ولذلك قيل في الحديث : يا رسول الله ، وما نَجْدتها ورِسْلها ؟، قال : عُسْرها ويسرها ، فسمى النَّجْدة عسراً والرِّسْل يسراً ، لأَن الجَدب عسر ، والخِصْب يسر ، فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق وهو المراد بالنجدة ، وفي حال الخِصب والسعة وهو المراد بالرسل . وقولهم : افعلْ كذا وكذا على رِسْلك ، بالكسر ، أَي اتَّئدْ فيه كما يقال على هِينتك . وفي حديث صَفِيَّة : فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : على رِسْلكما أَي اتَّئِدا ولا تَعْجَلا ؛ يقال لمن يتأَنى ويعمل الشيء على هينته . الليث : الرَّسْل ، بفتح الراء ، الذي فيه لين واسترخاء ، يقال : ناقة رَسْلة القوائم أَي سَلِسة لَيِّنة المفاصل ؛
وأَنشد : برَسْلة وُثّق ملتقاها ، موضع جُلْب الكُور من مَطاها وسَيْرٌ رَسْلٌ : سَهْل . واسترسل الشيءُ : سَلِس . وناقة رَسْلة : سهلة السير ، وجَمَل رَسْلٌ كذلك ، وقد رَسِل رَسَلاً ورَسالة . وشعر رَسْل : مُسْترسِل . واسْتَرْسَلَ الشعرُ أَي صار سَبْطاً . وناقة مِرْسال : رَسْلة القوائم كثيرة الشعر في ساقيها طويلته . والمِرْسال : الناقة السهلة السير ، وإِبِل مَراسيلُ ؛ وفي قصيد كعب بن زهير : أَضحت سُعادُ بأَرض ، لا يُبَلِّغها إِلا العِتاقُ النَّجيبات المَراسِيل المَراسِيل : جمع مِرْسال وهي السريعة السير . ورجل فيه رَسْلة أَي كَسَل . وهم في رَسْلة من العيش أَي لين . أَبو زيد : الرَّسْل ، بسكون السين ، الطويل المسترسِل ، وقد رَسِل رَسَلاً ورَسالة ؛ وقول الأَعشى : غُولَيْن فوق عُوَّجٍ رِسال أَي قوائم طِوال . الليث : الاسترسال إِلى الإِنسان كالاستئناس والطمأْنينة ، يقال : غَبْنُ المسترسِل إِليك رِباً . واستَرْسَل إِليه أَي انبسط واستأْنس . وفي الحديث : أَيُّما مسلمٍ اسْتَرْسَل إِلى مسلم فغَبَنه فهو كذا ؛ الاسترسال : الاستئناس والطمأْنينة إِلى الإِنسان والثِّقةُ به فيما يُحَدِّثه ، وأَصله السكون والثبات . قال : والتَّرسُّل من الرِّسْل في الأُمور والمنطق كالتَّمهُّل والتوقُّر والتَّثَبُّت ، وجمع الرِّسالة الرَّسائل . قال ابن جَنْبة : التَّرسُّل في الكلام التَّوقُّر والتفهمُ والترفق من غير أَن يرفع صوته شديداً . والترسُّل في الركوب : أَن يبسط رجليه على الدابة حتى يُرْخِي ثيابه على رجليه حتى يُغَشِّيَهما ، قال : والترسل في القعود أَن يتربَّع ويُرْخي ثيابه على رجليه حوله . والإِرْسال : التوجيه ، وقد أَرْسَل إِليه ، والاسم الرِّسالة والرَّسالة والرَّسُول والرَّسِيل ؛ الأَخيرة عن ثعلب ؛
وأَنشد : لقد كَذَب الواشُون ما بُحْتُ عندهم بلَيْلى ، ولا أَرْسَلْتُهم برَسِيل والرَّسول : بمعنى الرِّسالة ، يؤنث ويُذكَّر ، فمن أَنَّث جمعه أَرْسُلاً ؛ قال الشاعر : قد أَتَتْها أَرْسُلي
ويقال : هي رَسُولك . وتَراسَل القومُ : أَرْسَل بعضُهم إِلى بعض . والرَّسول . الرِّسالة والمُرْسَل ؛
وأَنشد الجوهري في الرسول الرِّسالة للأَسعر الجُعفي : أَلا أَبْلِغ أَبا عمرو رَسُولاً ، بأَني عن فُتاحتكم غَنِيُّ عن فُتاحتكم أَي حُكْمكم ؛ ومثله لعباس بن مِرْداس : أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عني خُفافاً رَسُولاً ، بَيْتُ أَهلك مُنْتهاها فأَنت الرَّسول حيث كان بمعنى الرِّسالة ؛ ومنه قول كثيِّر : لقد كَذَب الواشُون ما بُحتُ عندهم بسِرٍّ ، ولا أَرْسَلْتهم برَسُول وفي التنزيل العزيز : إِنَّا رَسُول رب العالمين ؛ ولم يقل رُسُل لأَن فَعُولاً وفَعِيلاً يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع مثل عَدُوٍّ وصَدِيق ؛ وقول أَبي ذؤيب : أَلِكْني إِليها ، وخَيْرُ الرَّسو ل أَعْلَمهُم بنواحي الخَبَر أَراد بالرَّسول الرُّسُل ، فوضع الواحد موضع الجمع كقولهم كثر الدينار والدرهم ، لا يريدون به الدينار بعينه والدرهم بعينه ، إِنما يريدون كثرة الدنانير والدراهم ، والجمع أَرْسُل ورُسُل ورُسْل ورُسَلاء ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ، وقد يكون للواحد والجمع والمؤنث بلفظ واحد ؛
وأَنشد ابن بري شاهداً على جمعه على أَرْسُل للهذلي : لو كان في قلبي كقَدْرِ قُلامة حُبًّا لغيرك ، ما أَتاها أَرْسُلي وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن : أَشهد أَن محمداً رسول الله ، أَعلم وأُبَيِّن أَن محمداً مُتابِعٌ للإِخبار عن الله عز وجل . والرَّسول : معناه في اللغة الذي يُتابِع أَخبار الذي بعثه أَخذاً من قولهم جاءت الإِبل رَسَلاً أَي متتابعة . وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله عز وجل حكاية عن موسى وأَخيه : فقُولا إِنَّا رسول رب العالمين ؛ معناه إِنا رِسالة رَبّ العالمين أَي ذَوَا رِسالة رب العالمين ؛
وأَنشد هو أَو غيره :. ما فُهْتُ عندهم بسِرٍّ ولا أَرسلتهم برَسول أَراد ولا أَرسلتهم برِسالة ؛ قال الأَزهري : وهذا قول الأَخفش . وسُمِّي الرَّسول رسولاً لأَنه ذو رَسُول أَي ذو رِسالة . والرَّسول : اسم من أَرسلت وكذلك الرِّسالة . ويقال : جاءت الإِبل أَرسالاً إِذا جاء منها رَسَلٌ بعد رَسَل . والإِبل إِذا وَرَدت الماء وهي كثيرة فإِن القَيِّم بها يوردها الحوض رَسَلاً بعد رَسَل ، ولا يوردها جملة فتزدحم على الحوض ولا تَرْوَى . وأَرسلت فلاناً في رِسالة ، فهو مُرْسَل ورَسول . وقوله عز وجل : وقومَ نوح لما كَذَّبوا الرُّسُل أَغرقناهم ؛ قال الزجاج : يَدُلُّ هذا اللفظ على أَن قوم نوح قد كَذَّبوا غير نوح ، عليه السلام ، بقوله الرُّسُل ، ويجوز أَن يُعْنى به نوح وحده لأَن من كَذَّب بنبيٍّ فقد كَذَّب بجميع الأَنبياء ، لأَنه مخالف للأَنبياء لأَن الأَنبياء ، عليهم السلام ، يؤمنون بالله وبجميع رسله ، ويجوز أَن يكون يعني به الواحد ويذكر لفظ الجنس كقولك : أَنت ممن يُنْفِق الدراهم أَي ممن نَفَقَتُه من هذا الجنس ؛ وقول الهذلي : حُبًّا لغيرك ما أَتاها أَرْسُلي ذهب ابن جني إِلى أَنه كَسَّر رسولاً على أَرْسُل ، وإِن كان الرسول هنا إِنما يراد به المرأَة لأَنها في غالب الأَمر مما يُسْتَخْدَم في هذا الباب . والرَّسِيل : المُوافِق لك في النِّضال ونحوه . والرَّسِيل : السَّهْل ؛ قال جُبَيْهاء الأَسدي : وقُمْتُ رَسِيلاً بالذي جاء يَبْتَغِي إِليه بَلِيجَ الوجه ، لست بِباسِ ؟
قال ابن الأَعرابي : العرب تسمي المُراسِل في الغِناء والعَمل المُتالي . وقوائم البعير : رِسالٌ . قال الأَزهري : سمعت العرب تقول للفحل العربي يُرْسَل في الشَّوْل ليضربها رَسِيل ؛ يقال : هذا رَسِيل بني فلان أَي فحل إِبلهم . وقد أَرْسَل بنو فلان رَسِيلَهم أَي فَحْلهم ، كأَنه فَعِيل بمعنى مُفْعَل ، من أَرْسَل ؛ قال : وهو كقوله عز وجل أَلم تلك آيات الكتاب الحكيم ؛ يريد ، والله أَعلم ، المُحْكَم ، دَلَّ على ذلك قوله : الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته ؛ ومما يشاكله قولهم للمُنْذَرِ نَذير ، وللمُسْمَع سَمِيع . وحديثٌ مُرْسَل إِذا كان غير متصل الأَسناد ، وجمعه مَراسيل . والمُراسِل من النساء : التي تُراسِل الخُطَّاب ، وقيل : هي التي فارقها زوجها بأَيِّ وجه كان ، مات أَو طلقها ، وقيل : المُراسِل التي قد أَسَنَّتْ وفيها بَقِيَّة شباب ، والاسم الرِّسال . وفي حديث أَبي هريرة : أَن رجلاً من الأَنصار تزوَّج امرأَة مُراسِلاً ، يعني ثَيِّباً ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : فهَلاَّ بِكْراً تُلاعِبُها وتلاعِبك وقيل : امرأَة مُراسِل هي التي يموت زوجها أَو أَحَسَّت منه أَنه يريد تطليقها فهي تَزَيَّنُ لآخر ؛
وأَنشد المازني لجرير : يَمْشِي هُبَيرةُ بعد مَقْتَل شيخه ، مَشْيَ المُراسِل أُوذِنَتْ بطلاق يقول : ليس يطلب بدم أَبيه ، قال : المُراسِل التي طُلِّقت مرات فقد بَسَأَتْ بالطلاق أَي لا تُباليه ، يقول : فهُبَيرة قد بَسَأَ بأَن يُقْتَل له قتيل ولا يطلب بثأْره مُعَوَّدٌ ذلك مثل هذه المرأَة التي قد بَسَأَتْ بالطلاق أَي أَنِسَتْ به ، والله أَعلم . ويقال : جارية رُسُل إِذا كانت صغيرة لا تَخْتَمر ؛ قال عديّ بن زيد : ولقد أَلْهُو بِبِكْرٍ رُسُلٍ ، مَسُّها أَليَنُ من مَسِّ الرَّدَن وأَرْسَل الشيءَ : أَطلقه وأَهْمَله . وقوله عز وجل : أَلم تر أَنا أَرسلنا الشياطين على الكافرين تَؤُزُّهم أَزًّا ؛ قال الزجاج في قوله أَرْسَلْنا وجهان : أَحدهما أَنَّا خَلَّينا الشياطين وإِياهم فلم نَعْصِمهم من القَبول منهم ، قال : والوجه الثاني ، وهو المختار ، أَنهم أُرْسِلوا عليهم وقُيِّضوا لهم بكفرهم كما ، قال تعالى : ومن يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقَيِّضْ له شيطاناً ؛ ومعنى الإِرسال هنا التسليط ؛ قال أَبو العباس : الفرق بين إِرسال الله عز وجل أَنبياءه وإِرْساله الشياطين علىأَعدائه في قوله تعالى : أَنا أَرسلنا الشياطين على الكافرين ، أَن إِرساله الأَنبياء إِنما هو وَحْيُه إِليهم أَن أَنذِروا عبادي ، وإِرساله الشياطينَ على الكافرين تَخْلِيَتُه وإِياهم كما تقول : كان لي طائر فأَرْسَلْته أَي خليته وأَطلقته . والمُرْسَلات ، في التنزيل : الرياح ، وقيل الخَيْل ، وقال ثعلب : الملائكة . والمُرْسَلة : قِلادة تقع على الصدر ، وقيل : المُرْسَلة القِلادة فيها الخَرَزُ وغيرها . والرِّسْل : اللَّبن ما كان . وأَرْسَل القومُ فهم مُرْسلون : كَثُر رِسْلُهم ، وصار لهم اللبن من مواشيهم ؛
وأَنشد ابن بري : دعانا المُرْسِلون إِلى بِلادٍ ، بها الحُولُ المَفارِقُ والحِقاق ورَجُلٌ مُرَسِّلٌ : كثير الرِّسْل واللبن والشِّرْب ؛ قال تأَبَّط شَرًّا : ولست براعي ثَلَّةٍ قام وَسْطَها ، طوِيل العصا غُرْنَيْقِ ضَحْلٍ مُرَسِّل مُرَسِّل : كثير اللبن فهو كالغُرْنَيْق ، وهو شبه الكُرْكِيّ في الماء أَبداً . والرَّسَلُ : ذوات اللبن . وفي حديث أَبي سعيد الخُدْري : أَنه ، قال رأَيت في عام كثر فيه الرِّسْل البياضَ أَكثر من السَّواد ، ثم رأَيت بعد ذلك في عام كثر فيه التمر السَّوادَ أَكثر من البياض ؛ الرِّسْل : اللبن وهو البياض إِذا كَثُر قَلَّ التَّمْر وهو السَّواد ، وأَهل البَدْو يقولون إِذا كثر البياض قَلَّ السواد ، وإِذا كثر السواد قَلَّ البياض . والرِّسْلان من الفرس : أَطراف العضدين . والراسِلان : الكَتِفان ، وقيل عِرْقان فيهما ، وقيل الوابِلَتان . وأَلقَى الكلامَ على رُسَيْلاته أَي تَهاوَن به . والرُّسَيْلي ، مقصور : دُوَيْبَّة . وأُمُّ رِسالة : الرَّخَمة . "
المعجم: لسان العرب
خرج
" الخُروج : نقيض الدخول . خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً ومَخْرَجاً ، فهو خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ ، وقد أَخْرَجَهُ وخَرَجَ به . الجوهري : قد يكون المَخْرَجُ موضعَ الخُرُوجِ . يقال : خَرَجَ مَخْرَجاً حَسَناً ، وهذا مَخْرَجُه . وأَما المُخْرَجُ فقد يكون مصدرَ قولك أَخْرَجَه ، والمفعولَ به واسمَ المكان والوقت ، تقول : أَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ ، وهذا مُخْرَجُه ، لأَن الفعل إِذا جاوز الثلاثة فالميم منه مضمومة ، مثل دَحْرَجَ ، وهذا مُدَحْرَجُنا ، فَشُبِّهَ مُخْرَجٌ ببنات الأَربعة . والاستخراجُ : كالاستنباط . وفي حديث بَدْرٍ : فاخْتَرَجَ تَمَراتٍ من قِرْبةٍ أَي أَخْرَجَها ، وهو افْتَعَلَ منه . والمُخارَجَةُ : المُناهَدَةُ بالأَصابع . والتَّخارُجُ : التَّناهُدُ ؛ فأَما قول الحسين بن مُطَيْرٍ : ما أَنْسَ ، لا أَنْسَ مِنْكُمْ نَظْرَةً شَغَفَتْ ، في يوم عيدٍ ، ويومُ العيدِ مَخْرُوجُ فإِنه أَراد مخروجٌ فيه ، فحذف ؛ كما ، قال في هذه القصيدة : والعينُ هاجِعَةٌ والرُّوح مَعْرُوجُ أَراد معروج به . وقوله عز وجل : ذلك يَوْمُ الخُروجِ ؛ أَي يوم يخرج الناس من الأَجداث . وقال أَبو عبيدة : يومُ الخُروجِ من أَسماء يوم القيامة ؛ واستشهدَ بقول العجاج : أَلَيسَ يَوْمٌ سُمِّيَ الخُرُوجا ، أَعْظَمَ يَوْمٍ رَجَّةً رَجُوجا ؟ أَبو إِسحق في قوله تعالى : يوم الخروج أَي يوم يبعثون فيخرجون من الأَرض . ومثله قوله تعالى : خُشَّعاً أَبصارُهُمُ يَخْرُجون من الأَجْداثِ . وفي حديث سُوَيْدِ بن عَفَلَةَ : دخل عليَّ عليٌّ ، رضي الله عنه ، في يوم الخُرُوج ، فإِذا بين يديه فاتُورٌ عليه خُبْزُ السَّمْراء وصحفةٌ فيها خَطِيفَةٌ . يَوْم الخُروجِ ؛ يريد يوم العيد ، ويقال له يوم الزينة ويوم المشرق . وخُبْزُ السَّمْراءِ : الخُشْكارُ ، كما قيل لِلُّبابِ الحُوَّارَى لبياضه . واخْتَرَجَهُ واسْتَخْرجَهُ : طلب إِليه أَن منه أَن يَخْرُجَ . وناقَةٌ مُخْتَرِجَةٌ إِذا خرجت على خِلْقَةِ الجَمَلِ البُخْتِيِّ . وفي حديث قصة : أَن الناقة التي أَرسلها الله ، عز وجل ، آيةً لقوم صالح ، عليه السلام ، وهم ثمود ، كانت مُخْتَرَجة ، قال : ومعنى المختَرَجة أَنها جُبلت على خلقة الجمل ، وهي أَكبر منه وأَعظم . واسْتُخْرِجَتِ الأَرضُ : أُصْلِحَتْ للزراعة أَو الغِراسَةِ ، وهو من ذلك عن أَبي حنيفة . وخارجُ كلِّ شيءٍ : ظاهرُه . قال سيبويه : لا يُستعمل ظرفاً إِلا بالحرف لأَنه مخصوص كاليد والرجل ؛ وقول الفرزدق : عَلى حِلْفَةٍ لا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً ، ولا خارِجاً مِن فِيِّ زُورُ كلامِ أَراد : ولا يخرج خروجاً ، فوضع الصفة موضع المصدر لأَنه حمله على عاهدت . والخُروجُ : خُروجُ الأَديب والسائق ونحوهما يُخَرَّجُ فيَخْرُجُ . وخَرَجَتْ خَوارجُ فلان إِذا ظهرتْ نَجابَتُهُ وتَوَجَّه لإِبرام الأُمورِ وإِحكامها ، وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بعد صباه . والخارِجِيُّ : الذي يَخْرُجُ ويَشْرُفُ بنفسه من غير أَن يكون له قديم ؛ قال كثير : أَبا مَرْوانَ لَسْتَ بِخارِجيٍّ ، وليس قَديمُ مَجْدِكَ بانْتِحال والخارِجِيَّةُ : خَيْل لا عِرْقَ لها في الجَوْدَة فَتُخَرَّجُ سوابقَ ، وهي مع ذلك جِيادٌ ؛ قال طفيل : وعارَضْتُها رَهْواً على مُتَتَابِعٍ ، شَديدِ القُصَيْرى ، خارِجِيٍّ مُجَنَّبِ وقيل : الخارِجِيُّ كل ما فاق جنسه ونظائره . قال أَبو عبيدة : من صفات الخيل الخَرُوجُ ، بفتح الخاء ، وكذلك الأُنثى ، بغير هاءٍ ، والجمع الخُرُجُ ، وهو الذي يَطول عُنُقُهُ فَيَغْتالُ بطولها كلَّ عِنانٍ جُعِلَ في لجامه ؛
وأَنشد : كلّ قَبَّاءَ كالهِراوةِ عَجْلى ، وخَروجٍ تَغْتالُ كلَّ عِنانِ الأَزهري : وأَما قول زهير يصف خيلاً : وخَرَّجَها صَوارِخَ كلِّ يَوْمٍ ، فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُها تَلِينُ فمعناه : أَن منها ما به طِرْقٌ ، ومنها ما لا طِرْقَ به ؛ وقال ابن الأَعرابي : معنى خَرَّجَها أَدَّبها كما يُخَرِّجُ المعلم تلميذه . وفلانٌ خَرِيجُ مالٍ وخِرِّيجُه ، بالتشديد ، مثل عِنِّينٍ ، بمعنى مفعول إِذا دَرَّبَهُ وعَلَّمَهُ . وقد خَرَّجَهُ في الأَدبِ فَتَخَرَّجَ . والخَرْجُ والخُرُوجُ : أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب . يقال : خَرَجَ لَهُ خُرُوجٌ حَسَنٌ ؛ وقيل : خُرُوجُ السَّحَاب اتِّساعُهُ وانْبِساطُه ؛ قال أَبو ذؤَيب : إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَبَّتْ له الصَّبا ، فَعَاقَبَ نَشْءٌ بعْدها وخُرُوجُ الأَخفش : يقال للماء الذي يخرج من السَّحاب : خَرْجٌ وخُرُوجٌ . الأَصمعي : يقال أَوَّل ما يَنْشَأُ السحابُ ، فهو نَشْءٌ . التهذيب : خَرَجَت السماء خُروجاً إِذا أَصْحَتْ بعد إِغامَتِها ؛ وقال هِمْيان يصف الإِبل وورودها : فَصَبَّحَتْ جابِيَةً صُهارِجَا ؛ تَحْسَبُه لَوْنَ السَّماءِ خارِجَا يريد مُصْحِياً ؛ والسحابةُ تُخْرِجُ السحابةَ كما تُخْرِجُ الظَّلْمَ . والخَرُوجُ من الإِبل : المِعْناقُ المتقدمة . والخُرَاجُ : ورَمٌ يَخْرُجُ بالبدن من ذاته ، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ . غيره : والخُرَاجُ ورَمُ قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان . الصحاح : والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ في البدن من القُرُوح . والخَوَارِجُ : الحَرُورِيَّةُ ؛ والخَارِجِيَّةُ : طائفة منهم لزمهم هذا الاسمُ لخروجهم عن الناس . التهذيب : والخَوَارِجُ قومٌ من أَهل الأَهواء لهم مَقالَةٌ على حِدَةٍ . وفي حديث ابن عباس أَنه ، قال : يَتَخَارَجُ الشَّريكانِ وأَهلُ الميراث ؛ قال أَبو عبيد : يقول إِذا كان المتاع بين ورثة لم يقتسموه أَو بين شركاء ، وهو في يد بعضهم دون بعض ، فلا بأْس أَن يتبايعوه ، وإِن لم يعرف كل واحد نصيبه بعينه ولم يقبضه ؛ قال : ولو أَراد رجل أَجنبي أَن يشتري نصيب بعضهم لم يجز حتى يقبضه البائع قبل ذلك ؛ قال أَبو منصور : وقد جاءَ هذا عن ابن عباس مفسَّراً على غير ما ذكر أَبو عبيد . وحدَّث الزهري بسنده عن ابن عباس ، قال : لا بأْس أَن يَتَخَارَج القومُ في الشركة تكون بينهم فيأْخذ هذا عشرة دنانير نقداً ، ويأْخذ هذا عشرة دنانير دَيْناً . والتَّخارُجُ : تَفاعُلٌ من الخُروج ، كأَنه يَخْرُجُ كلُّ واحد من شركته عن ملكه إِلى صاحبه بالبيع ؛ قال : ورواه الثوري بسنده على ابن عباس في شريكين : لا بأْس أَن يتخارجا ؛ يعني العَيْنَ والدَّيْنَ ؛ وقال عبد الرحمن بن مهدي : التخارج أَن يأْخذ بعضهم الدار وبعضهم الأَرض ؛ قال شمر : قلت لأَحمد : سئل سفيان عن أَخوين ورثا صكّاً من أَبيهما ، فذهبا إِلى الذي عليه الحق فتقاضياه ؛ فقال : عندي طعام ، فاشتريا مني طعاماً بما لكما عليَّ ، فقال أَحد الأَخوين : أَنا آخذ نصيبي طعاماً ؛ وقال الآخر : لا آخذ إِلاّ دراهم ، فأَخذ أَحدهما منه عشرة أَقفرة بخمسين درهماً بنصيبه ؛ قال : جائز ، ويتقاضاه الآخر ، فإِن تَوَى ما على الغريم ، رجع الأَخ على أَخيه بنصف الدراهم التي أَخذ ، ولا يرجع بالطعام . قال أَحمد : لا يرجع عليه بشيء إِذا كان قد رضي به ، والله أَعلم . وتَخَارَجَ السَّفْرُ : أَخْرَجُوا نفقاتهم . والخَرْجُ والخَرَاجُ ، واحدٌ : وهو شيء يُخْرِجُه القومُ في السَّنَةِ مِن مالهم بقَدَرٍ معلوم . وقال الزجاج : الخَرْجُ المصدر ، والخَرَاجُ : اسمٌ لما يُخْرَجُ . والخَرَاجُ : غَلَّةُ العبد والأَمة . والخَرْجُ والخَراج : الإِتاوَةُ تُؤْخذ من أَموال الناس ؛ الأَزهري : والخَرْجُ أَن يؤَدي إِليك العبدُ خَرَاجَه أَي غلته ، والرَّعِيَّةُ تُؤَدِّي الخَرْجَ إِلى الوُلاةِ . وروي في الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أَنه ، قال : الخَرَاجُ بالضمان ؛ قال أَبو عبيد وغيره من أَهل العلم : معنى الخراج في هذا الحديث غلة العبد يشتريه الرجلُ فيستغلُّه زماناً ، ثم يَعْثُرُ منه على عَيْبٍ دَلَّسَهُ البائعُ ولم يُطْلِعْهُ عليه ، فله رَدُّ العبد على البائع والرجوعُ عليه بجميع الثمن ، والغَّلةُ التي استغلها المشتري من العبد طَيِّبَةٌ له لأَنه كان في ضمانه ، ولو هلك هلك من ماله . وفسر ابن الأَثير قوله : الخراج بالضمان ؛ قال : يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة ، عبداً كان أَو أَمة أَو ملكاً ، وذلك أَن يشتريه فيستغله زماناً ، ثم يعثر فيه على عيب قديم ، فله رد العين المبيعة وأَخذ الثمن ، ويكون للمشتري ما استغله لأَن المبيع لو كان تلفَ في يده لكان من ضمانه ، ولم يكن له على البائع شيء ؛ وباء بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أَي بسببه ، وهذا معنى قول شريح لرجلين احتكما إِليه في مثل هذا ، فقال للمشتري : رُدَّ الداءَ بدائه ولك الغلةُ بالضمان . معناه : رُدَّ ذا العيب بعيبه ، وما حصل في يدك من غلته فهو لك . ويقال : خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقا على ضريبة يَرُدُّها العبدُ على سيده كلَّ شهر ويكون مُخَلًّى بينه وبين عمله ، فيقال : عبدٌ مُخَارَجٌ . ويُجْمَعُ الخَراجُ ، الإِتَاوَةُ ، على أَخْراجٍ وأَخَارِيجَ وأَخْرِجَةٍ . وفي التنزيل : أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ . قال الزجاج : الخَرَاجُ الفَيْءُ ، والخَرْجُ الضَّريبَةُ والجزية ؛ وقرئ : أَم تسأَلهم خَرَاجاً . وقال الفراء . معناه : أَمْ تسأَلهم أَجراً على ما جئت به ، فأَجر ربك وثوابه خيرٌ . وأَما الخَرَاجُ الذي وظفه عمرُ بن الخطاب ، رضي الله عنه ، على السواد وأَرضِ الفَيْء فإِن معناه الغلة أَيضاً ، لأَنه أَمر بِمَسَاحَةِ السَّوَادِ ودفعها إِلى الفلاحين الذين كانوا فيه على غلة يؤدونها كل سنة ، ولذلك سمي خَراجاً ، ثم قيل بعد ذلك للبلاد التي افتتحت صُلْحاً ووظف ما صولحوا عليه على أَراضيهم : خراجية لأَن تلك الوظيفة أَشبهت الخراج الذي أُلزم به الفلاَّحون ، وهو الغلة ، لأَن جملة معنى الخراج الغلة ؛ وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أَهل الذِّمَّة : خراج لأَنه كالغلة الواجبة عليهم . ابن الأَعرابي : الخَرْجُ على الرؤوس ، والخَرَاجُ على الأَرضين . وفي حديث أَبي موسى : مثلُ الأُتْرُجَّةِ طَيِّبٌ رِيحُها ، طَيِّبٌ خَرَاجُها أَي طَعْمُ ثمرها ، تشبيهاً بالخَرَاجِ الذي يقع على الأَرضين وغيرها . والخُرْجُ : من الأَوعية ، معروفٌ ، عربيٌّ ، وهو هذا الوعاء ، وهو جُوالِقٌ ذو أَوْنَيْنِ ، والجمع أَخْراجٌ وخِرَجَةٌ مثلُ جُحْرٍ وجِحَرَة . وأَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَي نَبْتُها في مكانٍ دون مكانٍ . وتَخْريجُ الراعية المَرْتَعَ : أَن تأْكل بعضَه وتترك بعضه . وخَرَّجَت الإِبلُ المَرْعَى : أَبقت بعضه وأَكلت بعضه . والخَرَجُ ، بالتحريك : لَوْنانِ سوادٌ وبياض ؛ نعامة خَرْجَاءُ ، وظَلِيمٌ أَخْرَجُ بَيِّنُ الخَرَجِ ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ . واخْرَجَّتِ النعامةُ اخْرِجاجاً ، واخْرَاجَّتْ اخْرِيجاجاً أَي صارت خَرْجاءَ . أَبو عمرو : الأَخْرَجُ من نَعْتِ الظَّلِيم في لونه ؛ قال الليث : هو الذي لون سواده أَكثر من بياضه كلون الرماد . التهذيب : أَخْرَجَ الرجلُ إِذا تزوج بِخِلاسِيَّةٍ . وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ ، وهي النعام ؛ الذَّكَرُ أَخْرَجُ والأُنثى خَرْجاءُ ، واستعاره العجاج للثوب فقال : إِنَّا ، مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا ، ولَبِسَتْ ، للْمَوتِ ، ثَوباً أَخْرَجا أَي لبست الحروب ثوباً فيه بياض وحمرة من لطخ الدم أَي شُهِّرَتْ وعُرِفَتْ كشهرة الأَبلق ؛ وهذا الرجز في الصحاح : ولبست للموت جُلاًّ أَخرجها وفسره فقال : لبست الحروب جُلاًّ فيه بياض وحمرة . وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ أَي خِصْبٌ وجَدْبٌ . وعامٌ أَخْرَجُ : فيه جَدْبٌ وخِصْبٌ ؛ وكذلك أَرض خَرْجَاءُ وفيها تَخرِيجٌ . وعامٌ فيه تَخْرِيجٌ إِذا أَنْبَتَ بعضُ المواضع ولم يُنْبِتْ بَعْضٌ . وأَخْرَجَ : مَرَّ به عامٌ نصفُه خِصبٌ ونصفه جَدْبٌ ؛ قال شمر : يقال مررت على أَرض مُخَرَّجة وفيها على ذلك أَرْتاعٌ . والأَرتاع : أَماكن أَصابها مطر فأَنبتت البقل ، وأَماكن لم يصبها مطر ، فتلك المُخَرَّجةُ . وقال بعضهم : تخريج الأَرض أَن يكون نبتها في مكان دون مكان ، فترى بياض الأَرض في خضرة النبات . الليث : يقال خَرَّجَ الغلامُ لَوْحَه تخْريجاً إِذا كتبه فترك فيه مواضع لم يكتبها ؛ والكتابٌ إِذا كُتب فترك منه مواضع لم تكتب ، فهو مُخَرَّجٌ . وخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً يخالف بعضه بعضاً . والخَرْجاءُ : قرية في طريق مكة ، سمِّيَت بذلك لأَن في أَرضها سواداً وبياضاً إِلى الحمرة . والأَخْرَجَةُ : مرحلة معروفة ، لونها ذلك . والنجوم تُخَرِّجُ اللَّوْنَ (* قوله « والنجوم تخرج اللون إلخ » كذا بالأصل ومثله في شرح القاموس والنجوم تخرج لون الليل فيتلون إلخ بدليل الشاهد المذكور .) فَتَلَوَّن بِلَوْنَيْنِ من سواده وبياضها ؛ قال : إِذا اللَّيْلُ غَشَّاها ، وخَرَّج لَوْنَهُ نُجُومٌ ، كأَمْثالِ المصابيحِ ، تَخْفِقُ وجَبَلٌ أَخْرَجُ ، كذلك . وقارَةٌ خَرْجَاءُ : ذاتُ لَوْنَيْنِ . ونَعْجَةٌ خَرْجاءٌ : وهي السوداء البيضاءُ إِحدى الرجلين أَو كلتيهما والخاصرتين ، وسائرُهما أَسودُ . التهذيب : وشاةٌ خَرْجاءُ بيضاء المُؤَخَّرِ ، نصفها أَبيض والنصف الآخر لا يضرك ما كان لونه . ويقال : الأَخْرَجُ الأَسْوَدُ في بياض ، والسوادُ الغالبُ . والأَخْرَجُ من المِعْزَى : الذي نصفه أَبيض ونصفه أَسود . الجوهري : الخَرْجاءُ من الشاء التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين ؛ عن أَبي زيد . والأَخْرَجُ : جَبَلٌ معروف للونه ، غلب ذلك عليه ، واسمه الأَحْوَلُ . وفرسٌ أَخْرَجُ : أَبيض البطن والجنبين إِلى منتهى الظهر ولم يصعد إِليه ، ولَوْنُ سائره ما كان . والأَخْرَجُ : المُكَّاءُ ، لِلَوْنِهِ . والأَخْرَجانِ : جبلان معروفان ، وأَخْرَجَةُ : بئر احتفرت في أَصل أَحدهما ؛ التهذيب : وللعرب بئر احتفرت في أَصل جبلٍ أَخْرَجَ يسمونها أَخْرَجَةَ ، وبئر أُخرى احتفرت في أَصل جبل أَسْوَدَ يسمونها أَسْوَدَةَ ، اشتقوا لهما اسمين من نعت الجبلين . الفراءُ : أَخْرَجَةُ اسم ماءٍ وكذلك أَسْوَدَةُ ؛ سميتا بجبلين ، يقال لأَحدهما أَسْوَدُ وللآخر أَخْرَجُ . ويقال : اخْترَجُوه ، بمعنى استخرجُوه . وخَرَاجِ والخَرَاجُ وخَرِيجٌ والتَّخْريجُ ، كلُّه : لُعْبةٌ لفتيان العرب . وقال أَبو حنيفة : الخَرِيجُ لعبة تسمى خَرَاجِ ، يقال فيها : خَراجِ خَرَاجِ مثل قَطامِ ؛ وقول أَبي ذؤَيب الهذلي : أَرِقْتُ له ذَاتَ العِشَاءِ ، كأَنَّهُ مَخَارِيقُ ، يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خَرِيجُ والهاء في له تعود على برق ذكره قبل البيت ، شبهه بالمخاريق وهي جمع مِخْرَاقٍ ، وهو المِنْديلُ يُلَفُّ ليُضْرَبَ به . وقوله : ذاتَ العِشاءِ أَراد به الساعة التي فيها العِشاء ، أَراد صوت اللاعبين ؛ شبه الرعد به ؛ قال أَبو علي : لا يقال خَرِيجٌ ، وإِنما المعروف خَراجِ ، غير أَن أَبا ذؤيب احتاج إِلى إِقامة القافية فأَبدل الياءَ مكان الأَلف . التهذيب : الخَرَاجُ والخَرِيجُ مُخَارجة : لعبة لفتيان الأَعراب . قال الفراء : خَرَاجِ اسم لعبة لهم معروفة ، وهو أَن يمسك أَحدهم شيئاً بيده ، ويقول لسائرهم : أَخْرِجُوا ما في يدي ؛ قال ابن السكيت : لعب الصبيان خَرَاجِ ، بكسر الجيم ، بمنزلة دَرَاكِ وقَطَامِ . والخَرْجُ : وادٍ لا مَنفذ فيه ، ودارَةُ الخَرْجِ هنالك . وبَنُو الخَارِجِيَّةِ : بَطْنٌ من العرب ينسبون إِلى أُمّهم ، والنسبة إِليهم خارِجِيٌّ ؛ قال ابن دريد : وأَحسبها من بني عمرو بن تميم . وخارُوجٌ : ضرب من النَّخل . قال الخليل بن أَحمد : الخُرُوجُ الأَلف التي بعد الصلة في القافية ، كقول لبيد : عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها فالقافية هي الميم ، والهاء بعد الميم هي الصلة ، لأَنها اتصلت بالقافية ، والأَلف التي بعد الهاء هي الخُرُوجُ ؛ قال الأَخفَش : تلزم القافية بعد الروي الخروج ، ولا يكون إِلا بحرف اللين ، وسبب ذلك أَن هاء الإِضمار لا تخلو من ضم أَو كسر أَو فتح نحو : ضربه ، ومررت به ، ولقيتها ، والحركات إِذا أُشبعت لم يلحقها أَبداً إِلا حروف اللين ، وليست الهاء حرف لين فيجوز أَن تتبع حركة هاء الضمير ؛ هذا أَحد قولي ابن جني ، جعل الخروج هو الوصل ، ثم جعل الخروج غير الوصل ، فقال : الفرق بين الخروج والوصل أَن الخروج أَشد بروزاً عن حرف الروي واكتنافاً من الوصل لأَنه بعده ، ولذلك سمي خروجاً لأَنه برز وخرج عن حرف الروي ، وكلما تراخى الحرف في القافية وجب له أَن يتمكن في السكون واللين ، لأَنه مقطع للوقف والاستراحة وفناء الصوت وحسور النفس ، وليست الهاء في لين الأَلف والياء والواو ، لأَنهن مستطيلات ممتدات . والإِخْرِيجُ : نَبْتٌ . وخَرَاجِ : فَرَسُ جُرَيْبَةَ بن الأَشْيَمِ الأَسدي . والخَرْجُ : اسم موضع باليمامة . والخَرْجُ : خِلافُ الدَّخْلِ . ورجل خُرَجَةٌ وُلَجَةٌ مثال هُمَزة أَي كثير الخروج والولوج . زيد بن كثوة : يقال فلانٌ خَرَّاجٌ وَلاّجٌ ؛ يقال ذلك عند تأْكيد الظَّرْفِ والاحتيال . وقيل : خَرّاجٌ وَلاّجٌ إِذا لم يسرع في أَمر لا يسهل له الخروج منه إِذا أَراد ذلك . وقولهم : أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجَةَ ، هي امرأَة من بَجِيلَةَ ، ولدت كثيراً في قبائلَ من العرب ، كانوا يقولون لها : خِطْبٌ فتقول : نِكْحٌ وخارجةُ ابنها ، ولا يُعْلَمُ ممن هو ؛ ويقال : هو خارجة بن بكر بن يَشْكُرَ بن عَدْوانَ بن عمرو بن قيس عَيْلانَ . وخَرْجاءُ : اسمُ رَكِيَّة بعينها . وخَرْجٌ : اسم موضع بعينه . "
المعجم: لسان العرب
علم
" من صفات الله عز وجل العَلِيم والعالِمُ والعَلاَّمُ ؛ قال الله عز وجل : وهو الخَلاَّقُ العَلِيمُ ، وقال : عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ ، وقال : عَلاَّم الغُيوب ، فهو اللهُ العالمُ بما كان وما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه ، وبِمَا يكونُ ولَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون ، لم يَزَل عالِماً ولا يَزالُ عالماً بما كان وما يكون ، ولا يخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى ، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأشياء باطِنِها وظاهرِها دقيقِها وجليلِها على أتمّ الإمْكان . وعَليمٌ ، فَعِيلٌ : من أبنية المبالغة . ويجوز أن يقال للإنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم ، كما ، قال يوسف للمَلِك : إني حفيظٌ عَلِيم . وقال الله عز وجل : إنَّما يَخْشَى اللهَ من عبادِه العُلَماءُ : فأَخبر عز وجل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه ، وأنهمَ هم العُلمَاء ، وكذلك صفة يوسف ، عليه السلام : كان عليماً بأَمْرِ رَبِّهِ وأَنه واحد ليس كمثله شيء إلى ما عَلَّمه الله من تأْويل الأَحاديث الذي كان يَقْضِي به على الغيب ، فكان عليماً بما عَلَّمه اللهُ . وروى الأزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى : وإنه لذُو عِلْمٍ لما عَلَّمْناه ، قال : لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن مِمَّن سمعت هذا ؟، قال : من ابن عُيَيْنةَ ، قلتُ : حَسْبي . وروي عن ابن مسعود أنه ، قال : ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العِلْم بالخَشْية ؛ قال الأزهري : ويؤيد ما ، قاله قولُ الله عز وجل : إنما يخشى اللهَ من عباده العُلَماءُ . وقال بعضهم : العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم ، قال : وهذا يؤيد قول ابن عيينة . والعِلْمُ : نقيضُ الجهل ، عَلِم عِلْماً وعَلُمَ هو نَفْسُه ، ورجل عالمٌ وعَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً . قال سيبويه : يقول عُلَماء من لا يقول إلاّ عالِماً . قال ابن جني : لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به بعدَ المُزاوَلة له وطُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ ، ولم يكن على أول دخوله فيه ، ولو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً ، فلما خرج بالغريزة إلى باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه ، ثم حملُوا عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء ، وصار عُلَماء كَحُلَماء لأن العِلمَ محْلَمةٌ لصاحبه ، وعلى ذلك جاء عنهم فاحشٌ وفُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ من ضروب الجهل ونقيضاً للحِلْم ، قال ابن بري : وجمعُ عالمٍ عُلماءُ ، ويقال عُلاّم أيضاً ؛ قال يزيد بن الحَكَم : ومُسْتَرِقُ القَصائدِ والمُضاهِي ، سَواءٌ عند عُلاّم الرِّجالِ وعَلاّمٌ وعَلاّمةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً ، والهاء للمبالغة ، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلاّمِين ، وعُلاّم من قوم عُلاّمين ؛ هذه عن اللحياني . وعَلِمْتُ الشيءَ أَعْلَمُه عِلْماً : عَرَفْتُه . قال ابن بري : وتقول عَلِمَ وفَقِهَ أَي تَعَلَّم وتَفَقَّه ، وعَلُم وفَقُه أي سادَ العلماءَ والفُقَهاءَ . والعَلاّمُ والعَلاّمةُ : النَّسَّابةُ وهو من العِلْم . قال ابن جني : رجل عَلاّمةٌ وامرأة عَلاّمة ، لم تلحق الهاء لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه ، وإنما لَحِقَتْ لإعْلام السامع أن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ والنهايةَ ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما أُريدَ من تأْنيث الغاية والمُبالغَةِ ، وسواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفةُ مُذَكَّراً أو مؤنثاً ، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة عَلاّمة وفَرُوقة ونحوه إنما لَحِقت لأن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ ، كما أن الهاء في قائمة وظَريفة لَمَّا لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم ، وهذا واضح . وقوله تعالى : إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلومِ الذي لا يَعْلَمُه إلا الله ، وهو يوم القيامة . وعَلَّمه العِلْم وأَعْلَمه إياه فتعلَّمه ، وفرق سيبويه بينهما فقال : عَلِمْتُ كأَذِنْت ، وأَعْلَمْت كآذَنْت ، وعَلَّمْته الشيءَ فتَعلَّم ، وليس التشديدُ هنا للتكثير . وفي حديث ابن مسعود : إنك غُلَيِّمٌ مُعَلَّم أي مُلْهَمٌ للصوابِ والخيرِ كقوله تعالى : مُعلَّم مَجنون أي له مَنْ يُعَلِّمُه . ويقالُ : تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ . وفي حديث الدجال : تَعَلَّمُوا أن رَبَّكم ليس بأَعور بمعنى اعْلَمُوا ، وكذلك الحديث الآخر : تَعَلَّمُوا أنه ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت ، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا ؛ وقال عمرو بن معد يكرب : تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلا ؟
قال ابن بري : البيت لمعد يكرِب بن الحرث بن عمرو ابن حُجْر آكل المُرار الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل ، وليس هو لعمرو بن معد يكرب الزُّبَيدي ؛ وبعده : تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ ، وأسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّبا ؟
قال : ولا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأمر ؛ قال : ومنه قول قيس بن زهير : تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً وقول الحرث بن وَعْلة : فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُم ؟
قال : واسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ . قال ابن السكيت : تَعَلَّمْتُ أن فلاناً خارج بمنزلة عَلِمْتُ . وتعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه . وعالَمَهُ فَعَلَمَه يَعْلُمُه ، بالضم : غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه . وحكى اللحياني : ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه ؛ قال الأزهري : وكذلك كل ما كان من هذا الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه فضربته أضْرُبُه . وعَلِمَ بالشيء : شَعَرَ . يقال : ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت . ويقال : اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان وأَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه ، واسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه . وعَلِمَ الأمرَ وتَعَلَّمَه : أَتقنه . وقال يعقوب : إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ ، وإذا قيل لك تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ ؛ وأنشد : تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلاّ عَلى مُتَطَيِّرٍ ، وهي الثُّبُور وعَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين ، ولذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما ، قالوا ظَنَنْتُني ورأَيْتُني وحسِبْتُني . تقول : عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلاً ، ويجوز أن تقول عَلِمْتُ الشيء بمعنى عَرَفْته وخَبَرْته . وعَلِمَ الرَّجُلَ : خَبَرَه ، وأَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه . وفي التنزيل : وآخَرِين مِنْ دونهم لا تَعْلَمُونَهم الله يَعْلَمُهم . وأحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ ما هو . وأما قوله عز وجل : وما يُعَلِّمانِ مِنْ أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة تَكْفُرْ . قال الأزهري : تكلم أهل التفسير في هذه الآية قديماً وحديثاً ، قال : وأبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ وغيرهم ما يُسْأَلانِ عنه ، ويأْمران باجتناب ما حرم عليهم وطاعةِ الله فيما أُمِروا به ونُهُوا عنه ، وفي ذلك حِكْمةٌ لأن سائلاً لو سأل : ما الزنا وما اللواط ؟ لوجب أن يُوقَف عليه ويعلم أنه حرام ، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ وأمْرِهِما السائلَ باجتنابه بعد الإعلام . وذكر عن ابن الأعرابي أنه ، قال : تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ ، قال : ومنه وقوله تعالى وما يُعَلِّمان من أحد ، قال : ومعناه أن الساحر يأتي الملكين فيقول : أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي ، فيقولان : نَهَى عن الزنا ، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول : وعمَّاذا ؟ فيقولان : وعن اللواط ، ثم يقول : وعَمَّاذا ؟ فيقولان : وعن السحر ، فيقول : وما السحر ؟ فيقولان : هو كذا ، فيحفظه وينصرف ، فيخالف فيكفر ، فهذا معنى يُعلِّمان إنما هو يُعْلِمان ، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً ، ولا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً ، كما أن من عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل . وقوله تعالى : الرحمن عَلَّم القرآن ؛ قيل في تفسيره : إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأن يُذْكَر ، وأما قوله عَلَّمَهُ البيانَ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه بَيانُ كل شيء ، ويكون معنى قوله عَلَّمَهُ البيانَ جعله مميَّزاً ، يعني الإنسان ، حتى انفصل من جميع الحيوان . والأَيَّامُ المَعْلُوماتُ : عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر ، وقد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات ، وأورده الجوهري منكراً فقال : والأيام المعلوماتُ عَشْرُ من ذي الحجة ولا يُعْجِبني . ولقِيَه أَدْنَى عِلْمٍ أي قبلَ كل شيء . والعَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة : الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا ، وقيل : في أحد جانبيها ، وقيل : هو أَن تنشقَّ فتَبينَ . عَلِمَ عَلَماً ، فهو أَعْلَمُ ، وعَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً ، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً : شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا ، وهو الأَعْلمُ . ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في مِشْفَرِه الأعلى ، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ ، وفي الأنف أَخْرَمُ ، وفي الأُذُن أَخْرَبُ ، وفي الجَفْن أَشْتَرُ ، ويقال فيه كلِّه أَشْرَم . وفي حديث سهيل بن عمرو : أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ ؛ قال ابن السكيت : العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً ، والشفة عَلْماء . والعَلَمُ : الشَّقُّ في الشفة العُلْيا ، والمرأَة عَلْماء . وعَلَمَه يَعْلُمُه ويَعْلِمُه عَلْماً : وَسَمَهُ . وعَلَّمَ نَفسَه وأَعْلَمَها : وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ . ورجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها ، وأَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر ؛ ومنه قوله : فَتَعَرَّفوني ، إنَّني أنا ذاكُمُ شاكٍ سِلاحِي ، في الحوادِثِ ، مُعلِمُ وأَعْلَمَ الفارِسُ : جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان ، فهو مُعْلِمٌ ؛ قال الأخطل : ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً ، وفي كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ والعارِ مُعْلِمَةً ، بكسر اللام . وأَعْلَم الفَرَسَ : عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر أو أبيض في الحرب . ويقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً ، وذلك إذا لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك ؛ قال الشاعر : ولُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً دُبَيْرِيَّةً ، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما وقَدَحٌ مُعْلَمٌ : فيه عَلامةٌ ؛ ومنه قول عنترة : رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ والعَلامةُ : السِّمَةُ ، والجمع عَلامٌ ، وهو من الجمع الذي لا يفارق واحده إلاَّ بإلقاء الهاء ؛ قال عامر بن الطفيل : عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما بِسَلْمَى ، أو عَرَفْت بها عَلاما والمَعْلَمُ مكانُها . وفي التنزيل في صفة عيسى ، صلوات الله على نبينا وعليه : وإنَّهُ لَعِلْمٌ للساعة ، وهي قراءة أكثر القرّاء ، وقرأَ بعضهم : وإنه لَعَلَمٌ للساعة ؛ المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض عَلامةٌ تدل على اقتراب الساعة . ويقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل بها على الطريق : أَعْلامٌ ، واحدها عَلَمٌ . والمَعْلَمُ : ما جُعِلَ عَلامةً وعَلَماً للطُّرُق والحدود مثل أَعلام الحَرَم ومعالِمِه المضروبة عليه . وفي الحديث : تكون الأرض يوم القيامة كقْرْصَة النَّقيِّ ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد ، هو من ذلك ، وقيل : المَعْلَمُ الأثر . والعَلَمُ : المَنارُ . قال ابن سيده : والعَلامةُ والعَلَم الفصلُ يكون بين الأرْضَيْنِ . والعَلامة والعَلَمُ : شيء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به الضالَّةُ . وبين القوم أُعْلُومةٌ : كعَلامةٍ ؛ عن أبي العَمَيْثَل الأَعرابي . وقوله تعالى : وله الجَوارِ المُنْشآتُ في البحر كالأَعلامِ ؛ قالوا : الأَعْلامُ الجِبال . والعَلَمُ : العَلامةُ . والعَلَمُ : الجبل الطويل . وقال اللحياني : العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ ؛ قال جرير : إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم ، حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم ، في ضِئْضِئِ المَجْدِ وبُؤْبُؤِ الكَرَم وفي الحديث : لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم ، والجمع أَعْلامٌ وعِلامٌ ؟
قال : قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ ، واللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوَِّض ؟
قال كراع : نظيره جَبَلٌ وأَجْبالٌ وجِبالٌ ، وجَمَلٌ وأَجْمال وجِمال ، وقَلَمٌ وأَقلام وقِلام . واعْتَلَمَ البَرْقُ : لَمَعَ في العَلَمِ ؛ قال : بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه ، بَلْ لا يُرى إلاَّ إذا اعْتَلَمَا خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني ؛ وحكمه : لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما والعَلَمُ : رَسْمُ الثوبِ ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه . وقد أَعْلَمَه : جَعَلَ فيه عَلامةً وجعَلَ له عَلَماً . وأَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ ، فهو مُعْلِمٌ ، والثوبُ مُعْلَمٌ . والعَلَمُ : الراية التي تجتمع إليها الجُنْدُ ، وقيل : هو الذي يُعْقَد على الرمح ؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي : يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً ، وأَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها فإن ابن جني ، قال فيه : ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها ، فأَشبع الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله : ومِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ يريد بمُنْتزَح . وأَعلامُ القومِ : ساداتهم ، على المثل ، الوحدُ كالواحد . ومَعْلَمُ الطريق : دَلالتُه ، وكذلك مَعْلَم الدِّين على المثل . ومَعْلَم كلِّ شيء : مظِنَّتُه ، وفلان مَعلَمٌ للخير كذلك ، وكله راجع إلى الوَسْم والعِلْم ، وأَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً . والمَعْلَمُ : الأثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق ، وجمعه المَعالِمُ . والعالَمُون : أصناف الخَلْق . والعالَمُ : الخَلْق كلُّه ، وقيل : هو ما احتواه بطنُ الفَلك ؛ قال العجاج : فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ جاء به مع قوله : يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي فأَسَّسَ هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس ، فعابَ رؤبةُ على أبيه ذلك ، فقيل له : قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه ، إن أَباك كان يهمز العالمَ والخاتمَ ، يذهب إلى أَن الهمز ههنا يخرجه من التأْسيس إذ لا يكون التأْسيس إلا بالألف الهوائية . وحكى اللحياني عنهم : بَأْزٌ ، بالهمز ، وهذا أَيضاً من ذلك . وقد حكى بعضهم : قَوْقَأَتِ الدجاجةُ وحَـَّلأْتُ السَّويقَ ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها ولَبَّأَ الرجلُ بالحج ، وهو كله شاذ لأنه لا أصل له في الهمز ، ولا واحد للعالَم من لفظه لأن عالَماً جمع أَشياء مختلفة ، فإن جُعل عالَمٌ اسماً منها صار جمعاً لأشياء متفقة ، والجمع عالَمُون ، ولا يجمع شيء على فاعَلٍ بالواو والنون إلا هذا ، وقيل : جمع العالَم الخَلقِ العَوالِم . وفي التنزيل : الحمد لله ربِّ العالمين ؛ قال ابن عباس : رَبِّ الجن والإنس ، وقال قتادة : رب الخلق كلهم . قال الأزهري : الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل : تبارك الذي نَزَّلَ الفُرْقانَ على عبده ليكون للعالمينَ نذيراً ؛ وليس النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نذيراً للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خَلق الله ، وإنما بُعث محمد ، صلى الله عليه وسلم ، نذيراً للجن والإنس . وروي عن وهب بن منبه أن ؟
قال : لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم ، الدنيا منها عالَمٌ واحد ، وما العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء ؛ وقال الزجاج : معنى العالمِينَ كل ما خَلق الله ، كما ، قال : وهو ربُّ كل شيء ، وهو جمع عالَمٍ ، قال : ولا واحد لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جمع أشياء مختلفة ، فإن جُعل عالَمٌ لواحد منها صار جمعاً لأَشياء متفقة . قال الأزهري : فهذه جملة ما قيل في تفسير العالَم ، وهو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما ، قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ . والعُلامُ : الباشِق ؛ قال الأزهري : وهو ضرب من الجوارح ، قال : وأما العُلاَّمُ ، بالتشديد ، فقد روي عن ابن الأعرابي أَنه الحِنَّاءُ ، وهو الصحيح ، وحكاهما جميعاً كراع بالتخفيف ؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا : حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها طارَتْ ، وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي ، قال : العُلام هنا الصَّقْر ، قال : وهذا من طَريف الرواية وغريب اللغة . قال ابن بري : ليس أَحد يقول إن العُلاَّمَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلاَّ الطائي ؛ قال :
. . . يَشْغَلُها * عن حاجةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحجِيلُ وأَورد ابن بري هذا البيت (* قوله « وأورد ابن بري هذا البيت » أي قول زهير : حتى إذا ما هوت إلخ ) مستشهداً به على الباشق بالتخفيف . والعُلامِيُّ : الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام . والعَيْلَمُ : البئر الكثيرة الماء ؛ قال الشاعر : من العَيالِمِ الخُسُف وفي حديث الحجاج :، قال لحافر البئر أَخَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ ؛ يقال : أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء وهو دون الخَسْفِ ، وقيل : العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا ، وقيل : هي الواسعة ، وربما سُبَّ الرجلُ فقيل : يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها . والعَيْلَم : البحر . والعَيْلَم : الماء الذي عليه الأرض ، وقيل : العَيْلَمُ الماء الذي عَلَتْه الأرضُ يعني المُنْدَفِن ؛ حكاه كراع . والعَيْلَمُ : التَّارُّ الناعِمْ . والعَيْلَمُ : الضِّفدَع ؛ عن الفارسي . والعَيْلامُ : الضِّبْعانُ وهو ذكر الضِّباع ، والياء والألف زائدتان . وفي خبر إبراهيم ، على نبينا وعليه السلام : أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ ؛ وهو ذكر الضِّباع . وعُلَيْمٌ : اسم رجل وهو أبو بطن ، وقيل : هو عُلَيم بن جَناب الكلبي . وعَلاَّمٌ وأَعلَمُ وعبد الأَعلم : أسماء ؛ قال ابن دريد : ولا أَدري إلى أي شيء نسب عبد الأعلم . وقولهم : عَلْماءِ بنو فلان ، يريدون على الماء فيحذفون اللام تخفيفاً . وقال شمر في كتاب السلاح : العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع ؟
قال : ولم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب : جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي ، وقِدْماً كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي وتَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْ وَعَ بَيْنَ العَلْماءِ والسِّرْبالِ يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجْجَةِ والعُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ وقد ذكر ذلك في ترجمة عله . "