" الحَصُّ والحُصاصُ : شِدّةُ العَدْوِ في سرعة ، وقد حَصَّ يَحُصُّ حَصّاً . والحُصاصُ أَيضاً : الضُّراطُ . وفي حديث أَبي هريرة : إِن الشيطان إِذا سَمِعَ الأَذانَ وَلَّى وله حُصاصٌ ؛ روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن أَبي النَّجُود ، قال حماد : فقلت لعاصم : ما الحُصاصُ ؟، قال : أَما رأَيتَ الحِمارَ إِذا صَرَّ بأُذُنيه ومَصَعَ بذَنبِه وعَدا ؟ فذلك الحُصاصُ ؛ قال الأَزهري : وهذا هو الصواب . وحَصَّ الجَلِيدُ النَّبْتَ يَحُصُّه : أَحْرَقَه ، لغة في حَسّه . والحَصُّ : حَلْقُ الشعر ، حَصَّه يَحُصُّه حَصّاً فَحَصَّ حصَصاً وانْحَصَّ والحَصَّ أَيضاً : ذهابُ الشعر سَحْجاً كما تَحُصُّ البَيْضةُ رأْسَ صاحبها ، والفِعل كالفعل . والحاصّةُ : الداءُ الذي يَتَناثَرُ منه الشعر ؛ وفي حديث ابن عمر : أَن امرأَة أَتته فقالت إِن ابْنتي عُريّسٌ وقد تمعّطَ شعرُها وأَمَرُوني أَن أُرَجِّلَها بالخَمْر ، فقال : إِنْ فعلتِ ذاك أَلْقَى اللّهُ في رأْسها الحاصّةَ ؛ الحاصّةُ : هي العِلّة ما تَحُصُّ الشعر وتُذْهِبه . وقال أَبو عبيد : الحاصّةُ ما تَحُصّ شعرها تَحْلِقه كله فتذهب به ، وقد حَصّت البَيْضةُ رأْسَه ؛ قال أَبو قيس بن الأَسْلت : قد حَصَّت البيضةُ رأْسي ، فما أَذُوقُ نوماً غيرَ تَهْجاع وحصَّ شعَرُهُ وانْحَصَّ : انْجَرَدَ وتناثَرَ . وانْحَصَّ ورَقُ الشجر وانْحَتّ إِذا تناثر . ورجل أَحَصُّ : مُنْحَصُّ الشعرِ . وذنَبٌ أَحَصُّ : لا شِعْرَ عليه ؛
أَنشد : وذنَب أَحَصّ كالمِسْواط ؟
قال أَبو عبيد : ومن أَمثالهم في إِفْلات الجبان من الهلاك بعد الإِشْفاء عليه : أُفْلِت وانْحَصَّ الذنَب ، قال : ويُرْوى المثل عن معاوية أَنه كان أَرسل رسولاً من غَسّان إِلى مَلكِ الروم وجعل له ثلاث دِيات على أَن يُبادِرَ بالأَذانِ إِذا دخل مجلسه ، ففعل الغسّانِيّ ذلك وعند الملِك بَطارِقتُه ، فوَثَبُوا لِيَقْتلوه فنهاهم الملك وقال : إِنَّما أَراد معاوية أَن أَقْتُلَ هذا غَدْراً ، وهو رسول ، فَيَفْعَل مثل ذلك مع كل مُسْتأْمَنٍ مِنّا ؛ فلم يَقْتله وجَهّزه وردّه ، فلما رآه معاوية ، قال : أُفْلِتَ وانحصّ الذنب أَي انقطع ، فقال : كلا إِنه لَبِهُلْبه أَي بشَعَره ، ثم حدَّثه الحديث ، فقال معاوية : لقد أَصابَ ما أَردْتُ ؛ يُضْرب مثلاً لمن أَشْفى على الهلاك ثم نَجا ؛
وأَنشد الكسائي : جاؤوا من المِصْرَينِ باللُّصوصِ ، كل يَتِيمٍ ذي قَفاً مَحْصوصِ
ويقال : طائر أَحَصُّ الجناحِ ؛ قال تأَبّط شرّاً : كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه ، أَو بِذي مِّ خَشْفٍ أُشَثٍّ وطُبّاقِ (* قوله « وحصحص إلخ » هكذا في الأصل ؛ وأنشده الصحاح هكذا : وحصحص في صم الصفا ثفناته وناء بسلمى نوأة ثم صمما .) وفي حديث علي : لأَنْ أُحَصْحِصَ في يَدَيّ جَمْرتَيْنِ أَحَبُّ إِليَّ من أَن أُحَصْحِصَ كَعْبَيْنِ ، هو من ذلك ، وقيل : الحَصْحَصَةُ التحريك والتقليبُ للشيء والترديدُ . وفي حديث سمرة بن جندب : أَنه أُتي برجلِ عِنِّينٍ فكتب فيه إليه معاوية ، فكتب إِليه أَن اشْتَرِ له جاريةً من بيت المال وأَدْخِلْها عليه ليلةً ثم سَلْها عنه ، ففَعَل سمرةُ فلما أَصبح ، قال له : ما صنعت ؟ فقال : فعلتُ حتى حَصْحَصَ فيها ، قال : فسأَل الجارية فقالت : لم يَصْنَعْ شيذاً ، فقال الرجل : خَلِّ سبِيلَها يا مُحَصْحِصُ ؛ قوله : حَصْحَصَ فيها أَي حَرّكتُه حتى تمكن واستقرّ ، قال الأَزهري : أَراد الرجل أَنّ ذَكَرَه انْشَامَ فيها وبالَغَ حتى قَرَّ في مَهْبِلِها . ويقال : حَصْحَصْتُ الترابَ وغيره إِذا حَرَّكْته وفحَصْتَه يميناً وشمالاً . ويقال : تَحَصْحَصَ وتحزحز أَي لَزِقَ بالأَرض واسْتَوى . وحَصْحَصَ فلان ودَهْمَجَ إِذا مَشَى مَشْيَ المُقَيَّدِ . وقال ابن شميل : ما تَحَصْحَصَ فلانٌ إِلاَّ حَوْلَ هذا الدرهمِ لِيأْخُذَهُ . قال : والحَصْحَصَةُ لُزوقُه بكَ وإِتْيانُه وإِلْحاحُه عليك . والحَصْحَصَةُ : بَيانُ الحَقِّ بعد كِتْمانِهِ ، وقد حَصْحَصَ . ولا يقال : حُصْحِصَ . وقوله عزّ وجلّ : الآن حَصْحَصَ الحقُّ ؛ لما دَعَا النِّسْوةَ فَبَرَّأْنَ يوسُفَ ، قالت : لم يَبْقَ إِلا أَن يُقْبِلْنَ عليّ بالتقرير فأَقَرّت وذلك قولُها : الآن حَصْحَصَ الحقُّ . تقول : صافَ الكذبُ وتبيَّن الحقُّ ، وهذا من قول امرأَة العزيز ؛ وقيل : حَصْحَصَ الحقُّ أَي ظَهَرَ وبرَزَ . وقال أَبو العباس : الحَصْحَصَةُ المبالغةُ . يقال : حَصْحصَ الرجلُ إِذا بالَغ في أَمره ، وقيل : اشتقاقُه من اللغة من الحِصَّة أَي بانت حِصّة الحقِّ من حِصَّةِ الباطل . والحِصْحِصُ ، بالكسر : الحجارةُ ، وقيل : الترابُ وهو أَيضاً الحَجر . وحكى اللحياني : الحِصْحِصَ لِفُلانٍ أَي الترابَ له ؛ قال : نُصبَ كأَنه دُعاءٌ ، يذهب إِلى أَنهم شبَّهوه بالمصدر وإِن كان اسماً كما ، قالوا الترابَ لك فنصَبُوا . والحِصْحِصُ والكِثْكِثُ ، كلاهما : الحجارة . بفيه الحِصْحِصُ أَي الترابُ . والحَصْحَصةُ : الإِسراعُ في السير . وقَرَبٌ حَصْحاصٌ : بَعِيدٌ . وقَرَبٌ حَصْحاصٌ مثل حَثْحاث : وهو الذي لا وتِيرةَ فيه ، وقيل : سيرٌ حَصْحاص أَي سريع ليس فيه فُتور . والحَصْحَاصُ : موضعٌ . وذو الحَصْحاص : موضعٌ ؛
وأَنشد أَبو الغَمْر الكلابي لرجل من أَهل الحجاز يعني نساء : أَلا ليت شِعْرِي ، هل تَغَيّر بَعْدَنا ظِباءٌ بِذي الحَصْحاصِ ، نُجْلٌ عُيونُها ؟"