بَخَعَ نَفْسَهُ كمَنَعَ : قَتَلَها غَمَّاً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وهو مَجَازٌ . وأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّةِ :
أَلا أَيُّهذا الباخِعُ الوَجْدُ نَفْسَه ... بِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْكَ المَقادِرُ وقَالَ غَيْرُه : بَخَعَها بَخْعاً وبُخُوعاً : قَتَلَهَا غَيْظاً أَوْ غَمَّاً
وبَخَعَ له بالحَقِّ بُخُوعاً : أَقَرَّب به وخَضَعَ له كبَخِعَ له بالكَسْرِ بَخَاعَةً وبُخُوعاً . ويُقَالُ : بَخَعْتُ له أَي تَذَلَّلْتُ وأَطَعْتُ وأَقْرَرْتُ . قالَ الكِسَائِيّ : بَخَعَ الرَّكِيَّةَ يَبْخَعُهَا بَخْعاً إِذا حَفَرَهَا حَتَّى ظَهَرَ ماؤُهَا . ومنه حَدِيثُ عائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرتْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فقالَتْ : بَخَعَ الأَرْضَ فقَاءَتْ أُكُلَها أَيْ قَهَرَ أَهْلَها وأَذَلَّهمْ واسْتَخْرَجَ ما فِيهَا من الكُنُوزِ وأَمْوالِ المُلُوكِ
ومن المَجَازِ بَخَعَ له نُصْحَهُ بَخْعاً إِذا أَخْلَصَهُ وبَالَغ . وقالَ الأَخْفَشُ : يُقَالُ : بَخَعْتُ لك نَفْسِي ونُصْحِي أَيْ جَهَدْتُهُما أَبْخَعُ بُخُوعاً ومِثْلُهُ في الأَسَاسِ . ومنه حَدِيثُ عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه - رَفَعَهُ - أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ هم أَرَقُّ قُلُوباً وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً وأَبْخَعُ طاعةً أَيْ أَنْصَحُ واَبْلَغُ في الطَّاعَةِ من غَيْرِهِم كأَنَّهُمْ بَالَغُوا في بَخْعِ أَنْفُسِهِم أَي قَهْرِهَا وإِذْلالِها بالطَّاعَة
وفي الأَسَاسِ : بَخَعَ أَيْ أَقَرَّ إِقْرَارَ مُذْعِنٍ يُبَالِغُ جَهْدَهُ في الإِذْعَانِ وهو مَجَازٌ
ومن المَجازِ أَيْضاً : بَخَعَ الأَرْضَ بالزِّرَاعَةِ بَخْعاً إِذا نَهَكَها وتَابَعَ حِراَثَتَها ولمْ يُجِمَّهَا عَاماً أَيْ لَمْ يُرِحْهَا سَنَةً كما في الدُّرِّ النَّثِيرِ للجَلالِ . يُقَالُ : بَخَعَ فُلاناً خَبَرَهُ : إِذا صَدَقَهُ
وبَخَعَ بالشَّاةِ إِذا بالَغَ في ذَبْحِهَا كَذَا في العُبَابِ . وقال الزَّمَخْشَرِيّ : بَخَعَ الذّبِيحَةَ إِذا بالَغَ في ذَبْحِهَا كَذا هو نَصُّ الفائقِ له
وفي الأَسَاسِ : بَخَعَ الشاةَ : بَلَغَ بذَبْحِهَا القَفَا وقولُهُ : حَتَّى بَلَغَ البِخَاعَ أَيْ هُوَ أَنْ يَقْطَعَ عَظْمَ رَقَبَتِهَا ويَبْلُغ بالذَّبْحِ البِخَاعَ . قالَ الزَّمَخْشَرِيّ : هذا أَصلُهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في كُلّ مُبَالَغَةٍ
وقولُه تَعالَى : " فَلَعَلَّكَ باخِعُ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهم " أَي مُخْرِجٌ نَفْسَكَ وقَاتِلُهَا . قالَهُ الفَرّاء . وفي العُبَابِ : أَيْ مُهْلِكُهَا مُبَالِغاً فِيهَا حِرْصَاً على إٍسْلامِهِم زادَ في البَصَائِرِ : وفيه حَثٌّ عَلَى تَرْكِ التَّأَسُّفِ نَحْو قَوْلِهِ تَعالَى : " فلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ " والبِخَاعُ ككِتَابٍ : عِرْقٌ في الصُّلْبِ مُسْتَبْطِنُ القَفَا كما في الكَشّافِ وقالَ البَيْضاوِيّ : هو عِرْقٌ مُسْتَبْطِنُ الفَقَارِ بتَقْدِيمِ الفاءِ على القافِ وزِيادَةِ الرّاءِ . وقَالَ قَوْمٌ هُوَ تَحْرِيفٌ والصَّوَاب القَفا كَما في الكَشّاف . وقَوْلُه : يَجْرِي في عَظْمِ الرَّقبَةِ هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ وهو غَلَطٌ فإِنَّ نَصَّ الفائقِ - بَعْدَ ما ذَكَرَ البِخَاعَ بالبَاءِ قالَ - : وهو العِرْقُ الَّذِي في الصُّلْبِ وهُوَ غَيْرُ النُّخَاعِ بالنُّونِ وهُوَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ الَّذِي يَجْرِي في الرَّقَبَةِ وهكَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ أَيْضاً وصَاحِبُ اللِّسَان وابنُ الأَثِيرِ ومِثْلُه في شَرْحِ السَّعْدِ على المِفْتَاحِ ونَصُّهُ : وأَمَّا بالنُّونِ فخَيْطٌ أَبْيَضُ في جَوْفِ عَظْمِ الرَّقَبَةِ يَمْتَدُّ إِلَى الصُّلْبِ وقَوْلُه فِيمَا زَعَمَ الزَّمَخْشَرِيّ أَي في فائقِهِ وكَشّافِهِ وقَدْ تَبِعَهُ المُطَرِّزِيّ في المُغْبِرِ . وقال ابنُ الأَثِيرِ في النِّهَايَة : ولَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِه . قالَ : وطَالَما بَحَثْتُ عَنْهُ في كُتُبِ اللُّغَةِ والطِّبِّ والتَّشْرِيحِ فَلَمْ أَجِد البِخَاعَ بالبَاءِ مَذْكُوراً في شَيْءٍ مِنْهَا . ولِذا قالَ الكواشيّ في تَفْسِيرِه : البِخَاعُ بالبَاءِ لَمْ يُوجَدْ وإِنَّمَا هُو بالنُّونِ . قال شَيْخُنَا : وقد تَعَقَّبَ ابنَ الأَثِيرِ قَوْمٌ بأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّّ ثَقَةٌ ثابِتٌ وَاسِعُ الاطِّلاعِ فهو مُقَدَّمٌ